بين حرقين لكتاب الله الكريم!

ومشروع التصدي للفتنة!

د. مؤيد الحسيني العابد

لقد أثارت مجزرة البحرين على أيدي آل خليفة مدعومة بدبابات آل سعود ومجاميع إرهابيي ما يسمى بدرع الجزيرة، جيش الردع الذي أسّس لغرض الدفاع عن دول الخليج من (التدخّل الخارجيّ!!)، أقول أثارت هذه القضية مّما أثارت أهمّ ما يتوقعه الآخر، وهو كشف للأوراق الإستخباريّة الضحلة للسي آي إيه والموساد الصهيونيّ بجعل القضيّة، حالة تسابق في سياستين أو فلسفتين في تطبيق مستوى المصالح بين تياري السعودية أو بين تياري السياسة الامريكية أو بالتالي بين تياري السياسة البحرينية! حيث أثارت القضية الكثير ولكنّ أهم شيء فيها هو هذا الكشف الواضح لمن هو طائفيّ يتغطى بعباءة العروبة مرة وبعباءة حقوق الانسان مرة أخرى أو حقوق الشعوب في تقرير مصيرها!!

لقد قرأت الكثير عن هذه التعليقات منذ بداية المجزرة الخليفيّة، عن أنّ العملية لا تتعدى التسابق بين التيارين على تطبيق سياسة الدخول الى حلبة السيطرة على المصالح بعيدا عن التاثير الايراني في البحرين كما يدعون! ومن مضحكات هذا الإدّعاء أن لا أحد منّا وربّما منكم! رأى في شوارع البحرين مدرّعة أو أي جنديّ إيراني أو عتاداً هنا أو هناك! إذن كيف يكون التدخّل من دولة أخرى؟! أم أنّ درع الجزيرة إيرانيّ التوجّه في الممارسات أو في الفكر!! لا نعلم وغباء سياسييهم يصل الى أن يقدّموا رسالة شكوى الى بان كي مون يقدمون فيها شكوى تدخّل ايران في شؤون البحرين، تصوّر!! القضيّة ليست في الدفاع عن ايران لكن كما يقول المثل العراقي (أگعد عوج وإحچي عدل!)!

لقد إمتلأت شوارع المدن البحرينيّة بآثار الرصاص(أمريكي وإسرائيليّ الصنع!) بالرغم من صرخات المتظاهرين الى الآن تنادي سلميّة، سلميّة!

ولا ندري هل حرق القرآن على أيدي جيش (خادم الحرمين ورعاع آل خليفة!) جاء بعد قراءة الآية المباركة{وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ{15} مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ{16} يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ17})سورة ابراهيم). أو ماذا؟! وقد ديس بالماكنات التي قامت بهدم المساجد.

لقد أقاموا الدنيا ولم يقعدوها بعد حرق الكتاب الكريم ممّن لم يقرأ القرآن ولو لمرّة واحدة! لكن إن تمّ الحرق بيد عربيّة مسلمة آثمة! فلا بأس!(ما لكم كيف تحكمون).

إن أريد أحدهم القول ربّما يكون هذا قرآن آخر؟!! وهل هو الذي بين أيدينا؟! فيأتيه الجواب مع صفعة على وجهه أنّ كلّ النسخ التي أحرقوها من طباعة السعودية!! وعلى الغلاف كتب ((هدية خادم الحرمين!!)).

 لقد لاحظنا كم كانت العملية محرجة الى درجة كبيرة للإيرانيين في مشاهداتهم للدبابات التي نفّذت الدخول الفعلي الى الساحة البحرينية؟ فهل يترك البحرينيون الى مصيرهم أمام المارد الامريكي الصهيوني السعودي الخليفيّ؟!! أم تدخل الجماعات الموجّهة الى الساحة لتشتبك مع هذه القوات المحتلة والتي لعبت دورا غير مسبوق في محاولة إستفزاز ايران. ففي دخول ايران الى الساحة يكون هو  المطلوب! لتتجه مجاميع التوريط الى مجلس الامن وأن تتخذ القرارات بضرب ايران بحجة تهديدها السلام في المنطقة!! وواقع الحال يقول، منذ فترة والتحضيرات على قدم وساق! لضرب ايران لكنّ المحاولات كلها فشلت في هذا الجانب!

لن تنسى عائلة آل سعود الخسارة الكبرى التي واجهتهم بعد الحرب الصهيونيّة على لبنان عام 2006 والخسارة الكبرى التي رافقت أذيالهم في لبنان من جماعات التكفير وآل الحريري الإبن وجعجع وغيرهمّ بالرغم من الدفع الذي فاق المشكلة بتمامها!! مما رافق ذلك من قيام السعودية بإدانة حزب الله إدانة صريحة والتعبئة الإعلاميّة التي رافقت هذا العمل الصهيوني على لبنان والهجوم غير المسبوق والحادّ على شخص السيد حسن نصر الله أمين عام الحزب. حيث كان هجوم السعودية الاعلامي وفي كلّ الفضائيات المملوكة من العربية والشرقية والاخبارية وغيرها بالاضافة الى اعلاميات مجموعة 14 آذار! قد أثار الكثير من المراقبين! لا بل كان التعاطف مع كيان إسرائيل واضحاً من قبل الاعلام السعودي وال14آذاري!! بل أثارت هذه التعبئة الاعلامية استغراب الكثير من المراقبين والمحللين بل وحتى في غرف القرارات الامريكية!

أقول أنّ السعودية لن تنسى ما جرى من خسارات كبرى بالاضافة الى دور سوريا في الدفاع عن المقاومة ومساندتها وإيران المساندة التي حققت نصراً عظيما بكلّ ما للكلمة من معنى!

ومما أثار الوضع الجديد هو الخوف المتكرر من هذه التغييرات في المنطقة والتوجّس السعودي الامريكي الصهيوني من تغيير قادم لا محال في دول الانظمة المتهالكة أصلا والعميلة للمارد الامريكيّ ! والتي ستؤدي حتماً الى تغيير في وضع النظام السعودي بلا شكّ! لابل وصل القلق السعودي الامريكي الصهيوني من تغيير في وضع المنطقة بعيدا عن سيطرة الولايات المتحدة الامريكية وربيبتها! فلتتقدم هي وتسبق التغيير القادم! خاصة مع بداية التغيير في البحرين التي تعتبرها الولايات المتحدة من قواعدها المهمة ضدّ ايران!

لقد بات واضحاً الاندفاع السعودي الكبير إلى ساحة البحرين، والخوف المستمر من إمتدادات ايران الى الساحة كما يدّعون! خاصة وأن الحكومة السعودية هي الحكومة الوحيدة في العالم التي ترعى الإرهاب السلفي والمتطرف وبشكل مباشر، والذي يمثل خطراً على العالم وليس على إسرائيل. إذن العمليّة هي حالة الصراع والإندفاع الواضح لقوى عديدة في المنطقة وذلك لخلط أوراق عديدة لتضييع إتّجاه البوصلة الذي يكون إتّجاهها الحقيقيّ، هو التصدّي لقوى الظلم في العالم وعلى رأسها قوى الشرّ في الرأسماليّة المقيتة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكيّة، التي كانت وما زالت تغذّي دويلة إسرائيل لاستمرارها في نشر الظلم في منطقتنا!

لقد كانت ومازالت قوى التحرّر في العالم تتضامن مع خط الحريّة والتحرّر اينما كان وكيفما كان، ونحن كنّا ومازلنا نقف مع الشعوب المضطهَدَة والتي تعاني منذ فترة طويلة من جبروت متعدّد الطرق وموحّد الهدف، فالشعب التونسي والمصري واليمني والليبيّ والبحرينيّ وكذلك شعوب أخرى كشعب الجزيرة العربيّة والاردن وغيرها، تعاني من إضطهاد كبير على كافة المستويات، وليس أقل من ذلك هذا الجبروت الذي يندفع من خلال زمرة آل خليفة وأل سعود لتدمير المنطقة وتعليق الامر في رقاب الآخرين! فلا يمكن لهذه القوى المستبدّة من الداخل والخارج إلا أن تكون مطية للمشروع الاستعماري الصهيونيّ في المنطقة.

الإنعكاسات على سورية!

لقد لعبت ومازالت قوى الشرّ في المنطقة بقيادة آل سعود وزبانيتها دورا كردّ فعل على موقف سورية مع المقاومة العربية واللبنانية بالتحديد وخسارة تيار المستقبل الخسارة تلو الاخرى في لبنان(كما قلنا) وفي محيطه مما أدى الى نزول الممول العم! الى الساحة معززا بفتاوى شيخ النفاق القرضاوي ومحاولاتهم في تضييع البوصلة الى اتجاهات تخدم المشروع الصهيوني الامريكي الرجعي!

بعد إغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري في لبنان على أيدي تصبّ في خانة خدمة المشروع الفتنوي والصهيونيّ، كتبت في هذا المجال محذّرا من صعود قوى سلفيّة في سورية الى الواجهة بمدّ من آل سعود وتقويض الوضع في سورية! والان نقول بمدّ من أمراء النفط والذلّ في دولة آل سعود حيث إندفعت العديد من القوى العميلة بمالهم وبمال آل الحريري الابن الى محاولات نشر الاضطراب والفوضى بإتّجاه سورية بحجّة الثورة الشعبية كباقي الدول التي ارادت شعوبها التحرر من نير الحاكمية الظالمة في هذه الدول وبعد ظهور بوادر الانتفاضة في دولة آل سعود أنفسهم(كما أشرنا).

 فالى سورية شدّوا العزم لخلق الفوضى في دولة وقفت وتقف مع المشروع المقاوم في المنطقة ومع كلّ مظلوم في المنطقة بحلف غير مكتوب مع كلّ القوى التحرريّة. وقد بات واضحاً ليس الآن بل منذ زمن الى أنّ النصر المبين الذي حققته المقاومة منذ عام 2000 الى الآن يجب أن تدفع ثمنه قوى الممانعة التي تكون سوريا وإيران الدولتان اللتان تحتضنان هذا المشروع الذي يعتبر بحقّ مشروع ما تبقى من كرامة عربية وإسلاميّة.

 تسعى هاتان الدولتان وكلّ القوى المحبّة للسلام الحقّ والعزّة الى توسيعه لخير الشعوب. لكن بلا شكّ لن تقف القوى المعادية متفرجة على ما يحدث! لذا فلتدفع سوريا وايران الثمن بعد ان بدأ مشروع تشويه المقاومة الباسلة في لبنان من قبل مجموعة جعجع ـ الحريري!

إن واحداً من الخطوط التي يريد فيها تدمير مشروع المقاومة هو السلاح الجديد القديم، سلاح الطائفيّة الذي تتزعمه عصابات العم سام والتيارات السلفيّة الحاقدة التي تظهر مواقفها العجيبة المتناقضة والتي باتت مفضوحة للكثير! وبسلاح الطائفيّة تريد هذه العصابات أن تمهد الطريق الى وضع جديد تنقضّ به هذه القوى على اجهزة الدولة السورية ليكون مهداً جديداً لهم بعد ان بدأوا بخسارة جسيمة في قواعدهم التي تآكلت الواحدة تلو الاخرى في العراق. حيث تلاحظ بعض المساجد في سورية والاردن وبعض الاماكن الاخرى في المنطقة وقد امتلأت بالتكفيريين مع اعلام تكفيري على مستوى الشارع وغيره لتحشيد الوضع ودفعه بهذا الاتجاه.

لقد أشرت في المقال المشار اليه الى أنّ الهم الاكبر لدى هذه القوى الارهابية هو بناء القاعدة القوية من السوريين الذين ستستخدمهم في ضرب الحكومة نفسها!  بعدها تقوم هذه القوى الجديدة بزعزعة الوضع في لبنان الذي ابتدأته في السنتين الماضيتين مع بعض خلاياها هناك في طرابلس وشمال بيروت ومخيم عين الحلوة الفلسطيني الذي اصبح الوكر العنيف لهذه الخلايا الارهابية. وما اغتيال السيد الحريري الاّ ايذاناً بالانتقال الى مرحلة العمل العلني في سوريا ولبنان.

هنا وقد بانت خطوط العديد من خيوط العملية للقاصي والداني بات من المهم أن يكون وجوب الدخول الى الخطين الرئيسين في إيران وسورية البلدين الداعمين لجبهة الممانعة للمشروع الامريكي الصهيوني في المنطقة. وبالفعل قد بدأت الحركة متضامنة ما بين البحرين والداخل السوريّ. وهنا بدأ الوهم في إيقاع ايران في الاحراج الكبير لسحبها الى أمر بين الامرين اما التخلي عن ممانعة المشروع اللئيم وترك سورية والمقاومة في لبنان واما تحطيم الدولة ذاتها بشكل غير مباشر وإن إقتضى الامر بشكل مباشر!، وذلك المشروع قد عزّز هذه المرة بالاعلام الذي كان يعدّه الكثيرون اعلام الحقيقة واعلام الصدق(قناة الجزيرة التي لعبت الدور المكشوف لابراز دورها الحقيقي الذي رسم لها منذ سنوات! بعد استقطاب العديد من القوى الثورية وابراز حكومة(الجزيرة!) وامارة (الجزيرة!) على انها حكومة العروبة والوطنية الحقّة وقد سارت العديد من القوى في هذا الاتجاه!! ناهيك عن قنوات آل سعود من العربية والشرقية وغيرها. بينما كشفت مجزرة البحرين كم هي وضاعة هذا الاعلام الذي بطّن عمله لسنوات، وهو في الحقيقة لا أكثر من إعلام بغيض خبيث طائفيّ لعين، ساهم في العديد من برامج الدسّ والتفريق والتمييز والتصارع القومي والطائفي إبتداء من العراق الى فلسطين الى مصر وليبيا(ولا يفوتنا ان نشير الى شيخ الفتنة القرضاوي الذي لعب دورا كبيرا مع فتاوى التكفير والطائفية في السعودية وقطر والبحرين والامارات! ولا توصف هذه الفئة من المفتين التكفيريين أكثر من وصف الشاعر الكبير أحمد مطر للقرضاوي شيخ الفتنة ومن خلاله جوقة أصحاب الفتاوى المذكورين! وقد كان وصفه أفضل وصف!

عادَ لِيُفتي

هَتْكُ نِساءِ الأرضِ حَلالٌ

إلاّ الأَربعَ مِمّا يأتي

أُمّي، أُختي، امرأتي، بنتي

كُلُّ الإرهابِ (مُقاومَةٌ)

إلاّ إن قادَ إلى مَوتي

نَسْفُ بُيوتِ النّاسِ (جِهادٌ)

إن لَمْ يُنسَفْ مَعَها بَيتي

التقوى عِندي تَتلوّى

ما بينَ البَلوى والبَلوى

حَسَبَ البَخْتِ

وقد أشار الشاعر الكبير بعلو الصوت:

وَالقاتِلُ مَن يَضَعُ الفَتوى

بالقَتْلِ

وَليسَ المُستفتي

وَعَلَيهِ.. سَنَغدو أنعاماً

بَينَ سواطيرِ الأَحكامِ

وَبينَ بَساطيرِ الحُكّامْ

وَسَيكفُرُ حتّى الإسلامْ

إن لَمْ يُلجَمْ هذا المُفتي

أمّا الإدارة المخططة في غرف البيت الابيض بانت تخطيطاتها، ونفاق إدارة أوباما الذي زمّر له بعض العرب وكأنّه القادم المنقذ، أقول قد وضح هذا النفاق تجاه من يقتل في البحرين أمام صيحة واضحة المعالم . إنّ هذه الأدوار التي تقوم بها حاكميّة البحرين والسعودية وزمر الأذناب من آل الحريري الإبن ومجاميع السلفية الإرهابيّة التي تستند الى فتاوى زمر الارهاب لن تنال من مشروع المقاومة في كلّ دول المنطقة وستفشل كل هذه المخططات من عسكرة الى اعلام الى سياسة الى غير ذلك. وسنرى!

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 2/آيار/2011 - 29/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م