شبكة النبأ: يحتفل العالم كل عام في
الأول من مايس/ أيار باليوم العالمي للعمال أو كما يطلق عليه عيد
العمال العالمي.. أمريكا تشذ عن هذا الموعد حيث يتم الاحتفال به في أول
يوم اثنين في سبتمبر / أيلول..
يأتي أصل الاحتفال بهذا اليوم من كندا حيث النزاعات العمالية و(حركة
التسع ساعات) في هاميلتون، ثم في تورونتو في 1870، مما أدى إلى ظهور
قانون الاتحاد التجاري، الذي أضفى الصفة القانونية، وقام بحماية نشاط
الاتحاد في عام 1872 في كندا. وتمت المسيرات كدعم لحركة التسع ساعات،
كما أن إضراب عاملي الطباعة أدى إلى الاحتفال السنوي في كندا. في عام
1882، شهد زعيم العمال الأمريكي بيتر ج. ماكغواير إحدى الاحتفالات بعيد
العمال في تورونتو. واستلهاماً من أحداث الاحتفالات الكندية في تورونتو
الكندية، فقد عاد إلى نيويورك ليقوم بتنظيم أول عيد للعمال يحتفل به في
نفس اليوم، في الخامس من سبتمبر من كل عام.
أول عيدً للعمال في الولايات المتحدة الأمريكية تم الاحتفال به في
الخامس من سبتمبر، عام 1882 في مدينة نيويورك. وفي أعقاب وفاة عدد من
العمال على أيدي الجيش الأمريكي ومارشالات الولايات المتحدة خلال
بولمان سترايك أو إضراب بولمان عام 1894، وضع الرئيس جروفر كليفلاند
تسويات مصالحة مع حزب العمل باعتباره أولوية سياسية عليا. وخوفاً من
المزيد من الصراعات، تم تشريع عيد العمال وجعله عطلة وطنية من خلال
تمريره إلى الكونجرس والموافقة عليه بالإجماع، فقط بعد ستة أيام من
انتهاء الإضراب. وكان كليفلاند يشعر بالقلق لتوائم عطلة عيد العمال مع
الاحتفالات بيوم مايو الدولي، والذي قد يثير مشاعر سلبية مرتبطة بقضايا
هايماركت عام 1886، عندما أطلق أفراد شرطة شيكاغو النار على عدد من
العمال أثناء إضراب عام مطالبين بحد أقصى لعدد ساعات اليوم الواحد لا
يزيد عن ثماني ساعات، وقد راح ضحية تلك الحادثة العشرات من أولئك
العمال. وقامت الخمسون ولاية أمريكية بالاحتفال بعيد العمال كعطلة
رسمية.
يوم مايو يمكن أن يشير إلى العديد من الاحتفالات العمالية المختلفة
التي أدت إلى الأول من مايو كذكرى لإحياء النضال من أجل ثمان ساعات في
اليوم. وفي هذا الصدد يسمى الأول من مايو بالعطلة الدولية لعيد العمال،
أو عيد العمال. بدأت فكرة "يوم العمال" في أستراليا، عام 1856. ومع
انتشار الفكرة في جميع أنحاء العالم، تم اختيار الأول من أيار / مايو
ليصبح ذكرى للاحتفال بحلول الدولية الثانية للأشخاص المشتركين في قضية
هايماركت 1886. أصبح الأول من مايو احتفالاً دولياً للانجازات
الاجتماعية والاقتصادية للحركة العمالية. وعلى الرغم من أن الأول من
أيار / مايو، هو يوم تلقى وحيه من الولايات المتحدة، فإن الكونجرس
الأميركي قد خصص الأول من مايو كيوم للوفاء عام 1958، نظراً للتقدير
الذي حظي به هذا اليوم من قبل الاتحاد السوفييتي.
ووفقاً للتقاليد، فإن عيد العمال يحتفل به في الولايات المتحدة أول
يوم اثنين في أيلول / سبتمبر. وفي كثير من الأحيان يتخذ الناس هذا
اليوم كيوم للاحتجاج السياسي، مثل احتجاج مليون شخص في فرنسا وتظاهرهم
ضد مرشح اليمين المتطرف جان ماري لوبان، أو كيوم للاحتجاج على بعض
الإجراءات الحكومية، مثل مسيرات الدعم للعمال الذين لا يحملون وثائق في
جميع أنحاء الولايات المتحدة.
الأول من مايو يعد إجازة رسمية في كل من الجزائر ، ألبانيا، أرمينيا،
الأرجنتين، هولندا، النمسا، بنغلادش، بيلاروسيا، بلجيكا، بوليفيا،
البوسنة، البرازيل، بلغاريا، الكاميرون، تشيلي، كولومبيا، كوستاريكا،
الصين، كرواتيا، كوبا، قبرص، جمهورية التشيك، جمهورية الدومينيك،
الإكوادور، مصر، السلفادور، فرنسا، ألمانيا، اليونان، جواتيمالا، هايتي،
هندوراس، هونغ كونغ، هنغاريا، آيسلندا، الهند، العراق، إيطاليا، ساحل
العاج، الأردن، كينيا، لاتفيا، لتوانيا، لبنان، لوكسمبورغ، مقدونيا،
ماليزيا، مالطا، موريشوس، المكسيك، المغرب، ميانمار (بورما)، نيبال،
نيجيريا، كوريا الشمالية، النرويج، باكستان، بنما، الباراغواي، بيرو،
بولندا، الفلبين، البرتغال، رومانيا، روسيا، سنغافورة، سلوفاكيا،
سلوفينيا، كوريا الجنوبية، جنوب أفريقيا، إسبانيا، سريلانكا، صربيا،
السويد، سوريا، تايلاند، تركيا، أوكرانيا، اليمن، الأوروغواي، فنزويلا،
فيتنام، زامبيا، زيمبابوي.و فلسطين
في كل عام تصدر بيانات التهنئة بهذه المناسبة من قبل الحكومات
والأحزاب والهيئات في مختلف أنحاء العالم.. وهي بيانات اصبحت تقليدية
من باب المشاركة التي لا تقدم او تؤخر في ما يتعلق بالعمال وحقوقهم او
توفير فرص العمل او تقليل ساعاته وخاصة في البلدان العربية..
فقد دعا تقرير دولي مشترك صدر عن مؤسسة التمويل الدولية التابعة
للبنك الدولي والبنك الإسلامي للتنمية، إلى سرعة معالجة تحديات البطالة
التي تواجه الشباب العربي. وقالت الدراسة إن الملايين من الشباب العرب
يعجزون عن الحصول على وظائف بسبب نوعية التعليم.
وقال التقرير إنه وعلى الرغم من أن العالم العربي حافظ على معدل نمو
الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تقارب 5 في المائة سنويا على مدى العقد
الأول من هذا القرن، وهو معدل أعلى بكثير من معدل منظمة التعاون
الاقتصادي والتنمية البالغ 1.5 في المائة، أو المتوسط العالمي البالغ
2.5 في المائة، فإن الأرقام المقلقة للبطالة قوضت الإنجازات.
وخلص التقرير إلى أن حل هذه المشكلة يقتضي معالجة شاملة ومشاركة
واسعة النطاق لكل الجهات المعنية والحكومات وأصحاب الأعمال الخاصة
ومقدمي خدمات التعليم والمجتمع المدني والطلاب، حيث يعاني 25 في المائة
من شباب المنطقة من البطالة، وذلك يكبد المنطقة تكلفة سنوية تعادل 50
مليار دولار.
ولفت التقرير إلى أن التحديات الأخرى تتمثل في الضغوط التي سيضيفها
سوق العمل على مدى الأعوام المقبلة، حيث إن ثلث مجموعة السكان تقريبا
تحت سن الخامسة عشرة في الوقت الحالي، والثلث الثاني يتراوح عمره بين
الخامسة عشرة والتاسعة والعشرين عاما، ونتيجة لذلك فإن عشرات الملايين
من الشباب سينضمون إلى القوى العاملة في المنطقة على مدار السنوات
العشر القادمة، وسيحتاجون إلى البحث عن وظائف سواء في وطنهم أو في
الدول الأخرى.
وتقدر نسبة البطالة الإجمالية في الدول العربية بنحو 15 في المائة
من إجمالي قوة العمل البالغة نحو 112 مليون عامل في 2004، أي أن نحو 17
مليون عامل يبحثون عن عمل ولا يجدون من يوفره لهم في القطاعين العام أو
الخاص. ويمكن تقدير الخسارة الناجمة من هذه البطالة بشكل تقريبي،
بافتراض أن كل عامل عاطل عن العمل كان يمكن ان ينتج ما يعادل متوسط
إنتاجية العامل في الدول العربية البالغة حوالي 10575 دولاراً في 1998،
أي أن الخسارة تبلغ نحو 180 بليون دولار. وتبلغ نسبة الخسارة إلى
اجمالي الناتج المحلي البالغ نحو 760 بليون دولار في 2004، نحو 23 في
المائة.
وتخفي هذه الأرقام الإجمالية التفاوت في معدلات البطالة، ومتوسطات
إنتاجية العمل بين الدول العربية. ففي مطلع الألفية الثالثة تراوحت
معدلات البطالة العربية، خارج دول مجلس التعاون الست، بين حد أدنى بلغ
7.2 في المائة في تونس، وحد أعلى بلغ نحو 26 في المائة في الجزائر. أما
البطالة في مجلس التعاون فهي آخذة في التفاقم في السعودية والبحرين
وسلطنة عمان، على رغم وجود نحو سبعة ملايين عامل من غير المواطنين (أجانب).
وبالنسبة الى متوسط إنتاجية العامل خارج دول مجلس التعاون وليبيا،
تراوحت بين حد أدنى بلغ 882 دولار في السودان، وحد أعلى بلغ نحو 9761
دولاراً في الأردن.
وبافتراض استمرار معدل نمو العمالة العربية البالغ ثلاثة في المائة،
نقدر أن تبلغ قوة العمل العربية نحو 155 مليون عامل في 2015. وهذا يعني
أن على الدول العربية إيجاد نحو60 مليون فرصة عمل عام 2015...
يتطلب توفير فرص عمل جديدة زيادة في النشاط الاقتصادي ورفع معدلات
النمو. أن استيعاب الداخلين الجدد إلى سوق العمل، يتطلب نمواً في
اجمالي الناتج المحلي بمعدل سبعة في المائة سنوياً، خلال الفترة 1998-
2015، ليستوعب الزيادة في قوة العمل العربية. وتحقيق معدل النمو هذا
يستوجب استثماراً نسبته 31.5 في المائة من اجمالي الناتج المحلي، على
أساس أن متوسط المعامل الحدي لرأس المال للاقتصاديات العربية (نسبة
الاستثمار مقسومة على معدل نمو اجمالي الناتج المحلي) يساوي 4.5. وبما
أن نسبة الادخار العربي تقدر بنحو 22.6 في المائة، فإن فجوة الموارد
بين الادخار والاستثمار، تقدر بنحو 8.9 في المائة من اجمالي الناتج
المحلي.
وتشير دراسة للبنك الدولي في 2004 بعنوان " فتح إمكانات التشغيل في
الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: نحو عقد اجتماعي جديد"، أن القطاع العام
لن يكون مصدراً رئيساً لخلق الوظائف، لأن أي توسع في التوظيف في القطاع
العام، سيؤدي إلى كلفة مالية حكومية متزايدة بسبب القيود المالية
العامة، وتدني إنتاجية العامل، وبذلك لن يتمكن القطاع العام من امتصاص
طوابير العاطلين من العمل الساعين للحصول على وظائف حكومية.
وإذا كان القطاع العام لن يتمكن من حل مشكلة البطالة، كما كانت
الحال في عقدي الستينات والسبعينات من القرن العشرين، فإن البديل هو
القطاع الخاص، بافتراض أنه سيقوم بالاستثمارات المطلوبة. فكيف يستطيع
القطاع الخاص أن يحقق هدف إيجاد فرص عمل كافية لامتصاص العاطلين عن
العمل واستيعاب الداخلين الجدد إلى سوق العمل؟ أي ان السؤال هو: ما هي
السياسات والمؤسسات القادرة على إقامة نموذج إنمائي جديد قادر على
تعبئة الموارد مستقبلاً لإيجاد فرص عمل ونمو اقتصادي؟
تشير مقترحات حديثة من داخل الوطن العربي ومن خارجه، إلى ضرورة تبني
الدول العربية منهجية شاملة للإصلاح الاقتصادي والسياسي، ترتكز على
تقوية المصادر التي تقود عمليات إيجاد فرص العمل ونمو الاقتصاد،
والمتمثلة في طاقة أقوى وأوسع في تنظيم المشروعات وتطوير القطاع الخاص،
والتحول من اقتصاد يهيمن عليه القطاع العام، إلى اقتصاد يهيمن عليه
القطاع الخاص. ومثل هذا التحول المطلوب والمنتظر، يستوجب إحراز تقدم
ملموس وعاجل في إصلاح النظم التعليمية، وتطبيق ممارسات إدارة الحكم (
الحوكمة) الجيد بما تشمله من مساءلة عن التقصير في الأداء والفساد. |