حكمة الهدوء الصيني ازاء اضطرابات الشرق الاوسط

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: بعد ان تحول هذا العالم المترامي الاطراف الى قرية كونية صغيرة بفضل ما شهدناه من تقدم علمي وتكنولوجي عبر المعقول كما عبر الحدود، بات الحدث مهما كان صغيراً او كبير وفي اي بقعة من العالم ينقل عبر الاثير وفي وقت قياسي، وهذا بالنتيجة انعكس على واقع الامم من خلال الثأثر المتبادل فيما بينها سلباً وايجاباً.

ولعل ما وقع مؤخراً من احداث هزت الشرق الاوسط وشمال افريقيا وانتقلت الى العالم  بأسره، خير مثال على ذلك، فالثورات التي وقعت في البلدان العربية سرعان ماوجد صداها في بلدان كثيرة ومنها الصين، حيث ان معاناتها لاتقل عن الاخرين برغم ان اقتصادها هو ثاني اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الامريكية.

ان سجل حقوق الانسان في الصين حافل بالانتهاكات المرصودة والمسجلة ضد الاقليات التي تعيش هناك خصوصاً المسلمين وما يعانيه من ظلم واضطهاد وملاحقات واعتقال على يد القوات الحكومية، اضف الى ذلك التضخم الذي اخذ يعصف بأقتصاده، والهوة الواسعة بين الاغنياء والفقراء، مما دفع الصينيين الى محاولات القيام بثورة شبية بالثورات العربية من اجل القيام بالتغيير المنشود فيها.

التحديات هائلة في الصين

حيث تواجه الصين تحديات "هائلة" ولا سيما بسبب تضخم يهدد بتفجير اوضاع هذا البلد، غير ان رئيس الوزراء وين جياباو نفى وجود اي "وجه شبه" مع الوضع في دول افريقيا والشرق الاوسط التي تشهد ثورات وتحركات شعبية.وجدد رئيس الوزراء دعوته الى "اصلاحات سياسية"، وهي دعوة اثارت بلبلة العام الماضي، بدون ان يوضح مضمون هذه الاصلاحات "التدريجية" التي يراها ضرورية في بلد يحكمه الحزب الشيوعي بقبضة من حديد، وذلك خلال مؤتمر صحافي ماراثوني استمر حوالى ثلاث ساعات، وشدد وين بصورة خاصة على مكافحة التضخم خلال هذا المؤتمر الصحافي الذي عقده في ختام الدورة السنوية للبرلمان الصيني بعد المصادقة على الخطة الخمسية الثانية عشرة لفترة 2011-2015 الرامية الى تحقيق نمو اكثر توازنا وتوزيعا افضل للثروات على 1،3 مليار صيني.

وقال وين "خلال السنوات الخمس المقبلة ولفترة طويلة، سنجعل من تحويل نموذج التنمية الاقتصادية الصينية اولوية"، في اشارة الى رغبة بكين في خفض اعتماد اقتصادها على الصادرات وتركيزه بشكل اكبر على الاستهلاك الداخلي، وقال "اننا نواجه مهاما هائلة ووضعا معقدا" محذرا "علينا ان نجهد ان اردنا تحقيق الاهداف المحددة" لثاني اقتصاد في العالم الذي حقق نسبة نمو بلغت 10،3% عام 2010، واكد عزمه على عدم ادخار اي جهد رغم اقتراب نهاية ولايته في عام 2013، وقال وين "ان التضخم يشبه النمر، ان اطلق العنان له، فمن الصعب اعادته الى قفصه"، وعمدت الصين خلال الاشهر الماضية الى زيادة معدلات الفائدة بشكل متعاقب، بدون ان تنجح في السيطرة على التضخم الذي وصل الى 4،9% في شباط/فبراير وكانون الثاني/يناير، مع تسجيل ارتفاع كبير في اسعار المواد الغذائية والعقارات، ما ينذر باضطرابات اجتماعية. بحسب فرانس برس.

وسبق للتضخم والفساد اللذين ندد بهما وين جياباو، باعتبارهما "اكبر خطر" على البلاد، ان اثارا اضطرابات كبرى في الصين ولا سيما في (ايار/مايو وحزيران/يونيو) عام 1989، وحذر وين من انه "لن يكون من السهل تحقيق هذا النمو (المحدد في الخطة) بنسبة (7%) مع ضمان نوعية تنمية جيدة"، موضحا انه بخفض الهدف الذي كان حدد مؤخرا بـ(8%) فان الحكومة فضلت المخاطرة بخفض عدد الوظائف المستحدثة سعيا لوقف ارتفاع الاسعار، وكان رئيس الوزراء اقر لدى افتتاحه الدورة البرلمانية بوجود استياء شعبي في الصين ولا سيما بسبب التضخم، وقال "لقد تابعنا عن كثب الاضطرابات في بعض دول شمال افريقيا والشرق الاوسط" مؤكدا ان "ليس هناك اي اوجه شبه بين الصين وهذه الدول"، بعد ان انتشرت فيه دعوات عبر الانترنت لعقد تجمعات في مدن صينية تستلهم "ثورة الياسمين" التي شهدتها تونس.

ولم تجر اي تظاهرات اثر ورود هذه الدعوات التي بقي مطلقوها مجهولين، الا ان الشرطة انتشرت بكثافة لمنع اي تجمعات، ما يكشف عن توتر النظام ازاء مخاطر انتقال الاضطرابات الشعبية، لكن وين حذر من انه "بدون اصلاحات سياسية، فان الاصلاحات الاقتصادية لن تأتي بنتيجة والمكاسب التي حققناها قد تذهب هدرا"، وكان وين ادلى بتصريحات مماثلة في آب/اغسطس 2010 في مدينة شينزن الجنوبية وقد اثارت تصريحاته الكثير من التكهنات بشأن حصول انشقاقات داخل النظام وتعاظم نفوذ مؤيدي انفتاح سياسي في الخط الذي يتبعه وين، غير ان رئيس الوزراء لم يوضح طبيعة هذه "الاصلاحات السياسية" التي يدعو اليها.

دروس الشرق الاوسط

من جهته قال مسؤول بارز ان الصين ينبغي ان تطبق الدروس المستفادة من اضطرابات الشرق الاوسط على اقليم شينجيانغ في أقصى غرب البلاد الذي تقطته غالبية مسلمة واعرب عن ثقته بان المنطقة ستظل مستقرة، وقال تشانغ تشون شيان الذي عين رئيسا للحزب الشيوعي في شينجيانغ العام الماضي، أن الاستقرار يعتمد على ضمان ان يستفيد كل فرد من النمو الاقتصادي القوي في البلاد وهى استراتيجية حكومية مهمة لاستمالة الشعب، وقال تشانغ للصحفيين على هامش الاجتماع السنوي للبرلمان الصيني "لدي ثقة كاملة في هذه اللحظة في استقرار شينجيانغ، لا يساورني اي قلق، ولكن ينبغي ان اعي الدروس من الشرق الاوسط على المستوى التقني"، ولم يحدد هذه الدروس.

وفي الماضي قالت منظمة العفو الدولية ان الصين تواصل حملتها ضد المعارضين في شينجيانغ وتستهدف من يعارضون على الانترنت سياسات الحكومة او يكتبون عن انشطة سياسية سلمية من خلال محاكمات سرية، والقت الشرطة القبض على عشرات المعارضين من انحاء الصين بعد ان دعت رسائل خارجية بثت على الانترنت لتجمعات مطالبة بالديمقراطية مستلهمة الثوارت الشعبية في الشرق الاوسط، ويخضع اقليم شينجيانغ لسيطرة محكمة بالفعل ويوجد به اعداد كبيرة من رجال الشرطة بسبب حالة عدم الرضا المتنامية بين المسلمين من سكان المنطقة الذين يبدون غضبهم تجاه حكم بكين. بحسب رويترز.

وشهدت اورومتشي عاصمة الاقليم اعمال عنف عرقية عام 2009 اسفرت عن سقوط 200 قتيل وفي الفترة التالية حولت بكين اهتمامها للتنمية هناك واتاحة مزيد من فرص العمل، وقال تشانغ عن الاصلاحات التي بدأت قبل ثلاثة عقود ودفعت الصين لتصبح ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم "اذا اردنا استقرارا طويل الامد ينبغي ان نضمن ان ينعم المواطنون ويستفيدوا حقا من ثمار الاصلاح والانفتاح"، ولمح تشانغ الى ان سكان شينجيانغ ويبلغ تعدادهم (21،6) مليون نسمة (وثلثاهم من الاقليات) ينبغي ان يندمجوا أكثر في القاعدة العريضة للمجتمع الصيني.

من جهتها حذرت صحيفة رسمية تصدر في العاصمة الصينية السكان من المشاركة في تجمعات ضد الحكومة مستوحاة من الثورات التي تهز الشرق الاوسط، ونشرت صحيفة بكين اليومية (بكين ريباو) افتتاحيتها بينما اعترف رئيس الوزراء وين جياباو امام مندوبي الجمعية الوطنية الشعبية (البرلمان) بان بعض القضايا من بينها التضخم تثير استياء شعبي، وكتبت الصحيفة الناطقة باسم الحزب الشيوعي في بلدية بكين ان "الحوادث في الشرق الاوسط ادت الى محن لشعوب هذه المنطقة"، واضافت "من المناسب الاشارة الى ان بعض الاشخاص في الصين كما في الخارج يحاولون التسبب بفوضى في الصين واستخدموا الانترنت للتحريض على عقد تجمعات غير مشروعة"، ونشرت السلطات الصينية تعزيزات امنية في بكين وشنغهاي بعد دعوات على الانترنت الى "تجمعات ياسمين"، وضاعفت السلطات عمليات المراقبة في وسائل النقل العام وتفرض قيودا على السيارات القادمة من خارج بكين وعلى المجال الجوي، ودعت الصحيفة نفسها الصينيين الى ان "يحموا الانسجام والاستقرار" بدلا من السماح لمجموعة من الاشخاص خارج الصين وداخلها "باستغلال المشاكل في تطورنا والتسبب باضطرابات"، وقالت ان "الجميع يعرفون ان الاستقرار امر جيد والفوضى كارثة".

بكين تعترف

الى ذلك اعترف رئيس الوزراء الصيني وين جياباو امام البرلمان بوجود استياء شعبي في الصين مرتبطا بالتضخم مؤكدا ان هدفه هو تحقيق نمو يبلغ 8 بالمئة لثاني اقتصاد عالمي، وقال وين امام حوالى ثلاثة آلاف مندوب في الجمعية الوطنية الشعبية يعقدون اجتماعات تستمر عشرة ايام في العاصمة الصينية ان التضخم يجب الا يتجاوز الاربعة بالمئة هذه السنة، مؤكدا ان "بعض المشاكل التي تثير استياء كبيرا لدى السكان لم تحل بشكل كامل"، واضاف ان "ضغط ارتفاع الاسعار تعزز وعلينا ان نعتبر تثبيت الاسعار اولوية" في سياستنا الاقتصادية، وحدد هدف زيارة الاسعار الاستهلاكية الذي بلغ 4،9 بالمئة في كانون الثاني/يناير على مدى عام، "بحوالى اربعة بالمئة" ل2011 مقابل 3 بالمئة العام الماضي بينما ابقيت نسبة نمو اجمالي الناتج الداخلي عند 8 بالمئة. بحسب فرانس برس.

واصبح اجمالي الناتج الداخلي للصين في 2010 الثاني في العالم بعد الولايات المتحدة، متجاوزا اليابان، وبلغت نسبة التضخم العام الماضي 3،3 بالمئة ونمو اجمالي الناتج الداخلي 10،3 بالمئة، ووصف وين جياباو ارتفاع الاسعار والاجراءات التي تستبق التضخم بانها "مشاكل يرتبط بها بشكل وثيق مستوى معيشة السكان والوضع العام واستقرار البلاد"، وكان التضخم سبب حركات احتجاج شعبية في الصين في الماضي، ويؤثر ارتفاع الاسعار خصوصا على الفئات الاكثر فقرا لانه يطال المواد الغذائية اكثر من السلع الاخرى، وقال وين ان الحكومة الصينية تنوي هذه السنة "مواصلة تطبيق سياسة انتعاش" ولكن عن طريق خفض العجز في الميزانية الذي سيتم ابقاؤه "حوالى 2 بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي".

واضاف في خطابه الذي يحدد التوجهات الرسمية العريضة لبلده خلال السنة الجارية ان الاولوية ستعطى للنفقات المخصصة "لتطوير المناطق الريفية" و"تحسين مستوى السكان وتطوير قطاعات اجتماعية"، وتابع رئيس الحكومة ان "الموارد التعليمية والطبية ذات النوعية الجيدة ناقصة وتوزعها غير متساو"، واضاف "لم نجد حلا جذريا لعدد من المسائل التي يشعر بها بقوة الشعب"، وتحدث خصوصا عن "الفارق الكبير في المداخيل" بين الاغنياء والفقراء والاسعار المرتفعة للشقق في المدن الكبرى فضلا عن "استملاك الاراضي بطريقة غير مشروعة وتدمير المنازل" والفساد، وقال "اننا مدركون تماما لواقع ان نمونا ليس متوازنا بشكل جيد ومنسقا ومستديما بعد"، وعلى الرغم من هذه المشاكل اكد رئيس الوزراء على "المسيرة الثابتة والصامدة للشعب الصيني" الذي "يملك كل الاسباب للشعور بالفخر بمنجزاته".

وعلى الصعيد الدولي، قالت الصين انها "تواجه وضعا اشكاليا"، مرتبطا "بالسياسة النقدية المتساهلة" للدول النامية وتدفق رؤوس الاموال الى الاسواق الناشئة مما يفاقم التضخم، واكد وين ان الصين تسعى الى "اكمال اصلاح الية تحديد سعر صرف اليوان" الذي يعتبره الشركاء التجاريون الاساسيون لبكين اقل من قيمته الفعلية، والجمعية الشعبية التي تضم نحو ثلاثة الاف مندوب، تعتبر اكبر برلمان في العالم، وتستمر دورتها العامة السنوية عشرة ايام وتكتفي في الجزء الاكبر منها بالموافقة على المشاريع التي يقدمها الحزب الشيوعي والحكومة.

الصين ترفع ميزانية الدفاع

من جهة اخرى اعلنت الحكومة الصينية الجمعة عن زيادة ميزانية الدفاع بنسبة 12،7% للعام الحالي لتصل الى 601،1 مليار يوان (91،7 مليار دولار) في وقت يهدد التحديث السريع لجيش التحرير الشعبي الصيني باعادة اطلاق سباق التسلح في اسي، واعلن المتحدث باسم البرلمان لي تشاوكسينغ هذه الارقام عشية افتتاح الدورة العامة للجمعية الوطنية الشعبية (البرلمن الصيني)، وقال لي "ان الصين لطالما حرصت على ابقاء قيمة نفقاتها الدفاعية تحت السيطرة" معتبرا ان ميزانية الدفاع "متواضعة نسبيا" بالمقارنة مع باقي دول العالم، واضاف لي الذي تولى في السابق وزارة الخارجية ان ميزانية الدفاع تمثل 6% من مجمل الموازنة الوطنية الصينية مضيفا ان "هذا لا يشكل اي تهديد لاي بلد"، غير ان هذه الزيادة تشكل عودة الى نسبة برقمين بعدما اقتصرت الزيادة العام الماضي على 7،5%.

ويلزم الجيش الصيني، الاكبر بين جيوش العالم، اقصى قدر من السرية حول برامجه العسكرية التي تشدد على انها محض دفاعية، وقال ويلي لام المحلل في الجامعة الصينية في هونغ كونغ ان ميزانية الدفاع والتي رجح ان تكون ثلث او نصف النفقات العامة، ستخصص لتجهيزات من الجيل الجديد، وقال لام ان "العودة الى زيادة برقمين في ميزانية الجيش الصيني تشير الى تزايد قوة جيش التحرير الشعبي"، واضاف "انهم يحاولون ردم الهوة مع روسيا والولايات المتحدة"، ويرى خبراء ان الزيادة في النفقات تعكس رغبة في ابقاء الضغوط على واشنطن وطوكيو ودول اخرى في المنطقة، وقال ريك فيشر من مركز "انترناشونال اسيسمانت اند ستراتيجي" للدراسات الدولية في الولايات المتحدة ان "القيادة الشيوعية الصينية بحاجة لزيادة قدرتها الرادعة للولايات المتحدة وتايوان ودول مجاورة مثل اليابان والهند". بحسب فرانس برس.

واضاف "زيادة النفقات تساعد في بلوغ الهدف من خلال ضمان البدء دون تأخر في تطبيق البرامج التي دخلت مرحلة التزود بالمعدات مثل حاملات الطائرات والغواصات النووية"، وتشكك طوكيو غالبا في النوايا العسكرية للصين خصوصا بعد حوادث اصطدام في مياه متنازع عليها في ايلول/سبتمبر بين قاربين تابعين لخفر السواحل اليابانيين وسفينة صيد صينية مما اثار خلافا حادا بين البلدين، وقد عبرت عن قلقها بعد اعلان بكين، وقال وزير الخارجية الياباني سيجي مايهارا في مؤتمر صحافي انه "ارتفاع كبير جدا لميزانية دفاع"، واضاف "لا يمكننا الا ان نكون قلقين من توظيف هذه النفقات"، مؤكدا ان السلطات اليابانية "ستواصل الضغط على الصين لتبذل مزيدا من الجهود لضمان الشفافية"، وكان يوكيو ايدانو المتحدث باسم الحكومة اليابانية صرح "ننظر بقلق الى تطوير القدرات العسكرية للصين ونشاطاتها المتزايدة"، واضاف "سنواصل مراقبة التحركات العسكرية الصينية عن كثب".

واعلنت اليابان عن نيتها ارسال المزيد من القوات الى جزرها الجنوبية المتناثرة وبعيدا عن مواقع تعود لعهد الحرب الباردة في الشمال بالقرب من روسيا، مبررة ذلك بتزايد التحركات الصينية في بحر الشرق وبحر جنوب الصين، وكان وزير الدفاع الهندي اعرب "عن قلقه الشديد" الشهر الماضي ازاء تزايد القوة العسكرية للصين معلنا تعزيز قوات بلاده، ويقوم خلاف طويل الامد بين البلدين حول سلسلة جبال الهيمالاي، واعلنت الهند زيادة بنسبة 12% تقريبا في نفقاتها الدفاعية لتبلغ 36% مليارا في موازتها السنوية، بعد ان تلك الزيادة بنسبة 4% العام الماضي، وفي كانون الثاني/يناير قام وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس بزيارة بكين في محاولة لتحسين العلاقات العسكرية بين البلدين الا ان الصين استقبلته بعرض الجيل الاول من المقاتلات الصينية الخفية، وقال غيتس بعد زيارته الى الصين ان "التقدم في القدرات العسكرية الصينية الالكترونية والمضادة للاقمار الاصطناعية تشكل تحديا محتملا لقدرة قواتنا على العمل والتواصل في هذا الجزء من البحر الهادئ"، الا انه اضاف ان واشنطن وطوكيو قادرتان على مواجهة التهديد من خلال تكنولوجياتهم المتطورة وانه ليس من المؤكد ان الصين ستصبح منافسا عسكريا.

مليارديرات الصين يتضاعفون

في سياق متصل ربما كانت الصين تعاني من اختلافات واسعة في الدخول، لكن هذا لم يقف حائلا دون حدوث قفزة كبيرة في عدد أثريائه، وبفضل اقتصادها المزدهر (الذي هو الآن ثاني أكبر اقتصاد في العالم) تضاعف تقريبا عدد المليارديرات ليصل إلى 115 مليارديرا بحسب ما ذكرته القائمة السنوية لمجلة فوربز لاغنى أغنياء العالم، من جهته قال وانغ فو (23 عاما) الذي يعمل في توصيل الطعام في شنغهاي العاصمة التجارية للصين "اعتقد ان هذا امر جيد، انه يظهر ان الصين تزداد ثراء وان عدد الفقراء سينخفض"، واصبح هذا الامر حديث الساعة في موقع ويبو على الانترنت (Weibo) وهو موقع صيني يقدم خدمة للتدوين الصغير بما يشبه موقع تويتر.

وكتب هيبي جيد دراجون "المزيد من القوة للصينيين لصعودهم السريع الى المراتب العليا في قائمة الاثرياء"، وجاء روبين لي الرجل الذي يقف وراء محرك البحث بايدو في القائمة حيث بلغت ثروته 9.4 مليار دولار ليعتلي قائمة أغنى الصينيين وهو ما ولد الكثير من الحماسة لدى مستخدمي الانترنت في البلاد حيث كتب بعضهم على موقع ويبو يمتدح ثراءه ووسامته بينما كتب بعضهم عن احلامهم بأن يصبحوا مثله يوما م، لكن المسكوت عنه في الصين التي يحكمها الحزب الشيوعي هو ثروات المقربين من الدوائر العليا للحكم في البلاد، فالحديث في هذا الامر من المحرمات. بحسب رويترز.

وكتب شخص على نسخة الانترنت من نشرة جامعة تسينجوا الراقية في بكين في اشارة الى الدائرة العليا الحاكمة في الصين "ماذا عن اعضاء اللجنة الدائمة؟ هل أقاربهم من المصنفين ايضا؟"وكشفت قائمة فوربز عن زيادة عدد المليارديرات في تايوان التي تعتبرها الصين اقليما منشقا عنها من 18 الى 25 مليارديرا بفضل التقارب السياسي بينها وبين بكين في السنوات الاخيرة، وظل رأس القائمة في تايوان مقصورا على العائلات القديمة التي تسيطر على الشركات الكبرى في تايوان، لكن صرعة الهواتف الذكية التي اجتاحت العالم أفسحت المجال أمام ظهور شخصية جديدة على رأس قائمة الاثرياء اذ تصدرت القائمة رئيسة شركة (اتش.تي.سي) للهواتف الذكية تشير وانج وزوجها الذي يدير الشركة.

نساء الطبقة الوسطى

من جهة اخرى قد يكون الانتظار في صف طويل لحضور حفل موسيقي او افتتاح مسرحية جديدة امراً عادياً، الا ان غير المعتاد هو وقوف مئات الاشخاص في احد شوارع هونغ كونغ بانتظار دورهم لشراء سلع فاخرة، تقول الطالبة سيليست لو وهي تنتظر بصبر الى جانب صديقتها كارين لوه امام متجر شانيل على جادة كانتون رود في هونغ كونغ "نحن نبحث عن حقائب يد جديدة"، وتضع الطالبتان (20 عاما) من الان اكسسوارات فاخرة فسيليست تحمل حقيبة لوي فويتون في حين حقيبة يد صديقتها من دار شانيل، كلاهما تعملان بدوام جزئي وقد ادخرتا على مدى سنة لشراء الحقائب، تؤكد سيلست "نريدها بسبب الماركة الشهيرة، ماذا عساي اقول؟ فالناس سيركزون على حقيبة اليد الامر يتعلق بتعزيز الثقة بالنفس".

حتى في ايام العمل الاسبوعية يتهافت المتبضعون على كانتون رود وينفقون مبلغا مرموقا لشراء حقيبة كبيرة او حقيبة يد او حتى حقيبة يد صغيرة للسهرات والمناسبات في متاجر المصممين الكبار التي تنتشر في ارجاء هذه الجادة، الكثير منهم يأتون من الصين القارية ويدخلون المتجر حاملين حقيبة سفر لنقل مشترياتهم، سوق السلع الفاخرة لم تعد تقتصر على نادي اصحاب الملايين بالدولار الاميركية في الصين البالغ عددهم 900 الف مليونير، فقد باتت الطبقة المتوسطة المزدهرة في الصين تشكل قوة دفع لهذه السوق في حين ان الطبقة الثرية تذهب الى ابعد من ذلك وتنفق عشرات الاف الدولارات من اجل الحصول على حقيبة اليد المناسبة، حيث ان مبيعات حقائب اليد لدى دار برادا وحدها زادت بنسبة 80 % في الصين في العام 2010 على ما يقول سيباتيان سول المسؤول في مجموعة برادا. بحسب فرانس برس.

اما مبيعات مجموعة "ميو ميو" فقد زادت 500%، ويؤكد سول "هذا لا يشكل برأيي نسبة ضئيلة من قدرة السوق الصينية"، وتتوقع شركة الوساطة "سي ال اس ايه ايجيا باسيفيك ماركيتس" ان تتحول الصين الى اكبر سوق للسلع الفاخرة بحلول العام 2020 مع 44 % من المبيعات العالمية لتكون اكبر من حجم السوق برمتها الان، وتقول كريستينا كو التي تكتب مدونة لدى مجلة "هونغ كونغ فاشن جيك" ان شغف الاسيويين بالحقائب الفاخرة تحول الى "واقع ثقافي، فمثلما يفضل الاسيويون الارز على البطاطا فانهم يفضلون ايضا حقائب اليد الفاخرة على تلك التي لا تحمل اي ماركة معروفة"، ومع تطور ذوق المستهلكين فان الطلب يتغير حاملا معه اشخاصا كانوا ليشتروا سلعا مزورة، الى سوق المنتجات اصلية.

وتقول اماندا لي التي لديها مدونة "فاشنوغرافي" في هونغ كونغ "الطبقة المتوسطة باتت الان تشتري حقائب لوي فويتون بينما الاشخاص الذين كانوا يشترونها يسعون الان الى اشياء اخرى"، زوكي هو وهي مديرة مبيعات وربة منزل من ابناء الطبقة المتوسطة التي تدعم نمو هذا الطقاع، تمتلك 15 حقيبة يد فاخرة وقد انفقت في احدى المرات 40 الف دولار محلي (5135 دولارا اميركيا) اي "ضعف معاشي الشهري" على حقيبة يد، وتقول انها تعشق حقائب اليد "لاني استمتع عندما ينظر الي في الشارع وانا احمل الحقيبة" لكنها تؤكد انها لن تشتري يوما حقيبة مزورة موضحة "اخشى ان يكشف امري"، وقطاع التزوير يبقى نشاطا تجاريا كبيرا في الصين الا ان سوق السلع الفاخرة الاصلية باتت اكبر، وفي حين تشكل النساء قوة متزايدة في سوق الترف الصينية الا ان الرجال ليسوا بمنأى عن ذلك ويتنافسون للحصول على اجمل الحقائب الرجالية، في متجر "ميلان ستايشن" للسلع الفاخرة المستخدمة تباع الحقائب احيانا باكثر من سعرها الاصلي.

وتقول المشرفة على المتجر جاكي لو "الناس يبحثون دائما عن مجموعة محدودة او عن حقيبة اغلى، وهم لا يشعرون بالذنب حيال ذلك لانهم يعتبرون ان شراء حقيبة من ماركة معروفة هو بمثابة استثمار"، وثمة قائمة انتظار للحقائب المطلوبة جدا قد تصل احيانا الى عدة اشهر كما هي الحال راهنا بالنسبة لحقيبة "اليكسا" من مالبري، الا ان الحقيبة التي يتركز عليها الاهتمام هي حقيبة "بركين" من دار ايرميس التي تحتاج الى 18 ساعة من العمل اليدوي لانجازه، اما تلك المصنوعة من جلد التمساح فهي تستخدم افضل قطع الجلد من اربعة تماسيح، ويترواح سعر الحقيبة هذه بين تسعة الاف دولار و160 الف دولار لتلك المرصعة بالماس على ما قالت ناطقة باسم ايرميس، ويبدو ان الازمة الاقتصادية العالمية لم تبعد النساء الصينيات عن شراء السلع الفاخرة كما حصل مع نساء اخريات في مناطق اخرى من العالم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 28/نيسان/2011 - 25/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م