هل فقدت مصر علمانيتها؟

اسلاميو مصر... بوادر التأسيس للدولة الدينية

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تثير التحركات التي تقوم بها الحركات الاسلامية في مصر، وسيما جماعة الاخوان والمجاميع السلفية الى بوادر خطيرة قد تطيح بشكل وبآخر بمدنية الدولة المصرية والتأسيس بشكل تدريجي الى نظام اسلامي صارم يصادر معظم الحريات العامة والخاصة في المستقبل القريب.

ويبرز دور تلك الجماعات في الالتفاف على مطالب الشباب المصري صانع الثورة الحقيقي عبر اساليب ملتوية سبق وان حذر منها الكثير من المحللين، فيما يرى آخرون ان الحراك الاسلامي يعتمد طرق براغماتية تهدف الى الوصول لمبتغاها بشكل وآخر، تارة عن طريق ما يعرف باتفاقات تحت الطاولة سيما مع الجيش، وتارة اخرى عبر الترهيب والترغيب تجاه الشعب المصري التواق للاستقرار.

الا ان ذلك لم يشكل عند بعض المحللين مصدر قلق جدي، معتبرين ان الشعب المصري الذي اسقط شبابه اعتى ديكتاتوريات المنطقة قادر على تجاوز الازمة، والخروج بمصر عبر عنق الزجاجة باقل نسبة من الخسائر المحتملة.

قلق متنامي

فقد قالت صحيفة الديلى تليجراف، غن الانتشار السريع للأحزاب السياسية الإسلامية قبيل الانتخابات البرلمانية المقبلة يزيد المخاوف بشأن هيمنة الحركات الإسلامية الراديكالية على العملية الديمقراطية فى مصر.

وتشير الصحيفة فى التقرير الذى ترفقه بصورة لمرشد الإخوان محمد بديع تحت عنوان الجماعات الإسلامية المتشددة تستحوذ على مساحات واسعة فى مصر، إلى أن جماعة الإخوان المسلمين أسست شبكة من الأحزاب السياسية فى جميع أنحاء البلاد للتغلب على نشطاء الطبقة المتوسطة الذين أطاحوا بنظام مبارك.

وتضيف أنه بالنسبة للجانب المتطرف من الإخوان المسلمين، فإن الجماعات الإسلامية المرتبطة بتنظيم القاعدة آخذة فى تنظيم صفوفها من المساجد لملء الفراغ الذى خلفه إنهيار الديكتاتورية. حيث بدأت الفصائل الأصولية فى الظهور كأحزاب. ولأول مرة منذ السبعينيات تستخدم الجماعة الإسلامية، التابعة للقاعدة، مساجدها كقاعدة سياسية.

وأشارت الصحيفة البريطانية إلى تأثير حملة التخويف التى شنها الإخوان والجماعات السلفية التابعة للقاعدة خلال الأستفتاء على التعديلات الدستورية وتهديدهم بأن رفض التعديلات من شأنه أن يقضى على حكم الشريعة الإسلامية فى البلاد.

وتنتقد التليجراف موقف الحركات السياسية الليبرالية التى قادت الاحتجاجات ضد نظام مبارك، مشيرة إلى حركة 6 أبريل والتى لا يوجد لديها خطة واضحة لسياسات حزب حتى الآن. وحذر دبلوماسيون من عدم استعداد تلك الحركات، التى أطاحت بمبارك، للانتخابات.

ونقلت عن مسئول أمريكى شارك فى المظاهرات أن قيادة الاحتجاجات ركزت بشكل أساسى على الشارع، وليس لديهم أدنى فكرة عما يجب القيام به فى الانتخابات الوطنية. فالمتظاهرون من الحركات الاحتجاجية الليبرالية يعرفون كل شارع فى القاهرة لعب دورا فى الثورة لكنهم

لا يعرفون كيفية السيطرة على السلطة فى مصر".

وعلى الرغم من أن المرشحين الرئيسيين لمنصب رئيس الجمهورية هم من المستقلين، إلا أن العديد منهم بدا التودد للكتل الإسلامية. وفد اعترف عمرو موسى، الأمين العام للجامعة العربية بأنه لا مفر من الفصائل الإسلامية كحجر الأساس فى النظام السياسى.

ولفتت الديلى تليجراف أنه فى الوقت الذى يتنافس فيه المتشددون على السيطرة على الشارع المصرى يهب الأقباط للهجرة بأعداد متزايدة وقد خرجت التقارير الصحفية التى تؤكد إغراق السفارة الكندية بطلبات تأشيرات هجرة من قبل الأقباط.

تنامي نفوذ التيار الاسلامي

فيما قال الجيش ان مصر لن تتحول الى ايران او غزة اخرى - اللتين تخضعان لحكم اسلاميين - بينما تتنافس قوى اخرى لكسب تأييد ملايين الناخبين الذين لم يحسموا مواقفهم فيما تواجه جماعة الاخوان المسلمين راسخة الاقدام تحديا من تيارات اسلامية جديدة.

وجماعة الاخوان المسلمين وهي أكبر جماعة اسلامية في البلاد منذ عقود متواضعة في طموحاتها حتى الان كي لا تثير فزع بقية المصريين والمجلس الاعلى للقوات المسلحة والحكومات الغربية التي كانت تدعم الرئيس المصري السابق حسنى مبارك.

وفي الوقت الحالي تقول الجماعة انها لن تسعى للمنافسة على منصب الرئيس الذي يتمتع بسلطات واسعة وشغله مبارك ثلاثين عاما. وعلى اقصى تقدير فقد تضم الحكومة الجديدة عددا من الوزراء ممن ينتمون للجماعة ومن المحتمل ان تظهر ككتلة عالية الصوت في البرلمان الجديد الذي يضع دستورا جديدا.

والاسلاميون في وضع أفضل من غيرهم يتيح لهم استثمار الحريات الجديدة ويحشدون صفوفهم من خلال شبكات قائمة منذ فترات طويلة لتتصدر اخبارهم العناوين الرئيسية محليا مما يثير مخاوف معارضيهم. وتفاقمت المخاوف نتيجة مجموعة من التصرفات اتى بها متشددون مما دفع الجيش لاعلان ان مصر لن تصبح دولة دينية على غرار ايران.

وقال مصطفى السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة "انهم قلقون للغاية ومترددون في السماح بهيمنة اسلاميين على النظام السياسي." وتابع "سيحاولون الحفاظ على النظام السياسي الذي يتمتع بدعم اغلبية واسعة من المواطنين."

ولكن لم تتضح بعد كيف تفكر الاغلبية في بلد كان حتى وقت قريب ينظر لفكرة اجراء انتخابات حرة كضرب من الخيال. ويتوقع بعض الاسلاميين المتشددين ان تصبح لحركتهم الهيمنة في غضون عشرة أعوام لكن الاسلاميين من اصحاب الخبرة في العملية الانتخابية في مصر يقولون انهم سيكونون مجرد جزء من اطياف متعددة وربما يفوزون بثلث الاصوات. وتحلت جماعة الاخوان المسلمين بضبط النفس منذ الاطاحة بمبارك في 11 فبراير شباط.

وتقول الجماعة انها تريد ان تمنح قوى اخرى فرصة لتنظيم صفوفها قبل ان تخوض المنافسة بكامل قوتها. ولكن لم يتضح بعد عدد المقاعد التي ستنافس عليها الجماعة في الانتخابات البرلمانية التي تجري في سبتمبر ايلول. وقال عضو بارز في جماعة الاخوان انها ستنافس على نسبة 49 بالمئة من المقاعد بينما صرح اخر بان النسبة ستكون أقل.

وتواجه الجماعة التي تأسست في عام 1928 تحديات جديدة في مصر الجديدة. من بين هذه التحديات المعارضة داخل صفوفها وظهور احزاب اسلامية جديدة يحتمل ان تكسب تأييد ناخبين كانوا سيصوتون لصالح الجماعة في غياب مثل هذه الاحزاب.

واستقال واحد على الاقل من قادة الجماعة وينوي تشكيل حزب مستقل كما ان هناك همهمات عدم رضا بين نشطاء من الشبان داخل صفوف الجماعة.

وهناك ايضا حزب الوسط الذي أسسه عضو سابق في جماعة الاخوان ويشبه ايديولوجيته بتلك الخاصة بحزب العدالة والتنمية التركي.

وقال عمرو موسى الدبلوماسي المحنك وهو من ابرز المرشحين لمنصب الرئيس ان الجماعات الاسلامية المتشددة اضعف من تتولى السلطة رغم ان "العنصر الاسلامي" سيلعب دورا.

واحكم مبارك قبضته على الساحة السياسية ولم يسمح سوى لحزبه الحاكم وحفنة من الاحزاب الاليفة بالعمل. وكان جماعة الاخوان المسلمين محظورة رسميا رغم السماح لها بالعمل في ظل قيود صارمة.

وقال دبلوماسي غربي "حين تتحدث الى الجيش في هذا الامر يقول لسنا قلقين نعتقد انهم (الاخوان المسلمين) جزء من مصر وسيحظون بفرصتهم في الانتخابات ولكن لن يهيمنوا على النتيجة." وأضاف "حين يفتح مجال الاختيار على مصراعيه لا يتوقع ( الجيش )ان يحققوا نتائج قوية. كثيرون في مصر أكثر قلقا."

ومنذ الاطاحة بمبارك ظهرت بعض المؤشرات التي تلقى ترحيبا من مناهضي التيار الاسلامي من بينها اداء غير قوي لمرشحي الاخوان في انتخابات اتحادات الطلبة التي جرت في الاونة الاخيرة في الجامعات.

ويتوقع خبراء في السياسة المصرية ان تشكل شخصيات محلية بارزة ارتبط الكثيرون منها بالحزب الوطني الحاكم السابق الذي كان يتزعمه مبارك في فترة سابقة كتلة قوية ومستقلة في البرلمان المقبل.

ويقول محمد حبيب النائب السابق للمرشد العام لجماعة الاخوان ان الجماعة لن تفوز باكثر من 25 في المئة من الاصوات في انتخابات حرة ونزيهة.

وكان حبيب مسؤولا عن الحملة الانتخابية للاخوان في عام 2005 حين نافست الجماعة على نحو ثلث مقاعد البرلمان. وكانت الانتخابات ابعد ما تكون عن المثالية لكن شهدت جولتان من جولاتها الثلاث حرية نسبية وفازت الجماعة بنسبة 20 في المئة من المقاعد.

وقال ان 2.8 مليون شخص اعطوا اصواتهم للاخوان في عام 2005 ويعتقد ان هذا العدد يشمل كثيرين اعطوا الاخوان اصواتهم احتجاجا على الحزب الوطني وليس اقتناعا بالتيار الاسلامي. ويعتقد الخبراء ان عدد الناخبين الذين سيشاركون في انتخابات العام الحالي سيقترب من 30 مليونا. وقال حبيب ان حجم الحركة الاسلامية بجميع اطيافها محدود جدا ولا يمثل نسبة كبيرة مقارنة بعموم المسلمين.

ثلاثة أرباع البرلمان

من جهته قال محمد بديع، المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين، كبرى جماعات المعارضة المصرية، ان جماعته قادرة على الفوز بنسبة 75 في المئة من مقاعد البرلمان في الانتخابات التشريعية المقررة في سبتمبر' أيلول المقبل. لكن بديع اكد، في أول حوار لمرشد للجماعة لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية منذ انشائها في العام 1956، ان الجماعة قررت المنافسة فقط على نحو ثلث مقاعد البرلمان.

وقال بديع "بفضل الله إذا قررنا أن نحصل على 75 في المئة من مقاعد مجلس الشعب فسوف نحصل عليها بإذن الله، وهذا ليس غرورا أو زهوا كما يقولون ولكنها الحقيقة التى يعرفها الجميع ولكننا سوف ننافس على نسبة الثلث من مقاعد مجلس الشعب أو حولها فقط".

ونفى بديع، في الحوار الذي بثته الوكالة، وجود صفقة بين الجماعة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة بشأن المسار السياسي لمصر بعد ثورة 25 يناير 2011 وما يستتبعه من انتخابات برلمانية ورئاسية. وشدد على أهمية موقف القوات المسلحة المصرية فى نجاح ثورة 25 يناير واستمرارها.

وأكد أنه وأثناء اجتماع له مع قيادات المجلس العسكري طلب منهم ألا يستمروا في الحكم يومًا واحدًا بعد انتهاء المرحلة الانتقالية التي تعهدوا بالحفاظ على البلاد فيها لتسليمها إلى السلطة المدنية المنتخبة، متسائلاً هل يعقل أن يتحدث أحد مع المجلس بهذه الجرأة وهناك صفقة بينهما؟. وأضاف بديع ان الجماعة لن تتدخل في العمل السياسي لحزبها "العدالة والحرية"، لكنها ستكون مسؤولة مسؤولية أخلاقية عن أعضاء الحزب. واوضح ان الجماعة ستتدخل في حال ارتكاب اي عضو من اعضاء الحزب مخالفة اخلاقية. بحسب يونايتد برس.

وتابع بديع ان الجماعة لن تتدخل اذا اختار الحزب رئيساً له قبطيا او امرأة، قائلا "الحزب مستقل عن الجماعة وإذا اختار رئيسا له إمرأة أو مسيحيًا فاننى كجماعة لا شأن لى فى هذا الاختيار".

الأزهر مرجعية دينية

من جهة اخرى شهد الجامع الأزهر الشريف مؤتمرا للسلفية والإخوان والأزهريين للمطالبة باستقلال الأزهر وعودته كمرجعية للإسلام، وشهد المؤتمر مشادات بين عدد من الأئمة وأحد الأئمة الموقوفين بعد قطعه لحديث الشيخ جمال قطب ومطالبته بالتحدث فيما يفيد الأئمة وألا يتحدث فيما يفيده هو فقط، وتطور الأمر إلى قيام المنظمين بحمله خارج الجامع.

ومن جهته قال الشيخ جمال قطب إن الأزهر منذ 100 عام كان ينفرد فى العالم كله بإخراج الناس من الظلمات إلى النور، كما أن المسلمين ألحقوا جامع الأزهر بالمقدسات، مضيفا أن الكثير ظنوا أن التضييق على الأزهر وتحجيمه سيمكنهم من نشر الشرك والرذيلة، ولكن جاءت النتيجة عكسية بانتشار الإرهاب والتطرف والعلمانية وأناس يحكمون بالأحزاب، مؤكدا أن أول خطوات إصلاح مصر هو إصلاح الأزهر وعودته إلى رجاله وسيطرتهم على المنابر.

وبعد انتهاء المؤتمر انطلقت مسيرة تضم ما يزيد عن 1000 شخص بمشاركة النساء إلى مشيخة الأزهر للتأكيد على مطالبهم وهى استقلال الأزهر ماليا وإداريا وعودة هيئة كبار العلماء، مرددين هتافات 'الأزهر يريد وحدة واستقلال'، وشهد المؤتمر تواجد الدكتور صلاح سلطان القيادى الإخوانى، والدكتور هشام أبو النصر من الدعاة السلفيين بالإسكندرية، والشيخ جمال قطب رئيس لجنة الفتوى بالأزهر.

30% من المصريين يفضلون الأصولية الإسلامية

من جانبها ذكرت صحيفة 'نيويورك تايمز' الأمريكية، أن المصريين ينظرون للأمام ويمضون قدما وقد امتلأت قلوبهم بثقة استثنائية وحماسة كبيرة حيال إجراء أول انتخابات حرة ونزيهة هذا الخريف بعدما عرفت ثورتهم ماهية الربيع العربى، وفقا لأول استطلاع كبير منذ الإطاحة بحكم الرئيس، حسنى مبارك، غير أنهم لا يزالون منقسمون بشدة حيال دور الإسلام فى حياتهم العامة.

وقالت 'نيويورك تايمز': إن الاستطلاع الذى أجراه 'مركز بيو للأبحاث' مرتكزا على مقابلات أجريت مع قرابة الألف مصرى، يعد الأكثر مصداقية منذ اندلاع الثورة، تلك التى رفعت الكثير من القيود المتعلقة بحرية التعبير، وأضافت أنه الأول كذلك الذى يناقش مباشرة ما إذا كانت هذه الثورة سيكون مآلها التشدد الإسلامى.

ووجد الاستطلاع (30 % من المصريين)، يفضلون الأصولية الإسلامية، ومثلهم يتعاطفون مع خصوم الإسلاميين، وما يقرب من الربع لديهم وجهات نظر متباينة، ويظهر هذا جليا فى الموقف حيال جماعة 'الإخوان المسلمين'، التى كانت محظورة سياسيا من قبل.

اعتقد الكثير فى الغرب، أن أكثر جماعة منظمة غير حكومية فى المجتمع المصرى، وهى الإخوان سيكون لها اليد العليا فى الهيمنة على المشهد السياسى، مثلما كان يروج الرئيس مبارك، ويظهر الاستطلاع أن الجماعة بالفعل تحظى بشعبية كبيرة ويفضلها ثلاثة بين كل أربعة مصريين، وأعرب 37 ممن أجرى عليهم الاستطلاع عن قبولهم لها، غير أن هذا يضع 'الإخوان' فى موازاة مع حركة '6 أبريل'، وهى جماعة شباب علمانية نسبيا وتقدمية ولعبت دورا بارزا فى تنظيم ثورة 25 يناير، وأعرب سبعة من كل عشرة أشخاص خضعوا للاستطلاع عن تأييدهم للحركة، ويرى (38 %) أنها جيدة للغاية، بينما يرى (32%) أنها معقولة.

وقال (17%): إنهم يرغبون فى أن تقود جماعة الإخوان المسلمين الحكومة المقبلة، بينما رأى تقريبا نفس العدد أنه من الأفضل أن يتولى الحكومة زعيم حزب الغد، 'أيمن نور'، وأيد واحد بين كل خمسة مستطلعين حزب الوفد، ورأى ثلثى المصريين، أن القانون المدنى ينبغى أن يتبع أحكام القرآن الكريم.

الاحزاب العلمانية

من جانب آخر تسابق الجماعات السياسية ذات الرؤية العلمانية لمستقبل مصر الزمن لتشكيل ائتلاف ينافس الاسلاميين الاكثر تنظيما في الانتخابات البرلمانية التي تجري في سبتمبر ايلول القادم.

والتحدي الذي تواجهه هو تشكيل جبهة موحدة تمثل الثورة التي قادها شبان اعتمدوا على الانترنت والتي استثارت الكرامة الوطنية أكثر من الاعتبارات الدينية مما دفع مئات الالاف الى النزول الى الشوارع في فبراير شباط وانهاء حكم الرئيس السابق حسني مبارك الذي استمر نحو 30 عاما. وتواجه الجماعات العلمانية منافسين اقوياء من بينهم جماعة الاخوان المسلمين.

وقال عماد جاد العضو البارز في الحزب الديمقراطي الاجتماعي وهو حزب ليبرالي يحاول تنظيم صفوفه ان "التحدي الاكبر بالطبع هو الامية والجهل" وقدرة الجماعات التي تستغل الدين على تشويه صورة الاحزاب المدنية ووصمها بانها ملحدة أو ضد الدين.

وصرح في مقابلة ان الحزب يحاول تشكيل ائتلاف واسع وقوي قبل الانتخابات مضيفا ان الائتلاف ينبغي ان يوحد جميع القوى التي تدعم الدولة المدنية على اساس المواطنة والمساواة.

ولا يعطي الجدول الزمني المضغوط للانتخابات -الذي وضعه المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يحكم البلاد منذ تنحي مبارك- الاحزاب الجديدة وقتا كافيا لجمع المال أو حشد التأييد الشعبي لحملتها. وتقول الجماعات المدنية ان الجدول الزمني يقيد المنافسة.

وقال محمد البرادعي الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية ومرشح الرئاسة المصري في مقابلة مع صحيفة المصري اليوم "أخشى ما أخشاه ان يكون هناك برلمان في سبتمبر المقبل غير ممثل للشعب تمثيلا حقيقيا."

وفي الاستفتاء الذي أجري في مارس اذار وافق 77 في المئة من الناخبين على تعديلات دستورية تتيح للمجلس الاعلى للقوات المسلحة اجراء انتخابات برلمانية بسرعة في سبتمبر ايلول وانتخابات رئاسية قبل نهاية العام. بحسب رويترز.

ولكن هؤلاء الاصلاحيين بحاجة لتوحيد كلمتهم والتحدث بصوت واحد. وخلال المفاوضات بين الاحزاب الليبرالية لم يعارض احد فكرة الائتلاف وصرح جاد بأن المسألة الان هي "متى وكيف."

وقال ان حزبه الديمقراطي الاجتماعي يسعى لزيادة الوعي في القاهرة والاسكندرية وصعيد مصر ومناطق اخرى.

ولكن هذا الحزب وغيره من الجماعات المماثلة التي ظهرت في الاونة الاخيرة ليس لها الانتشار الواسع مثل جماعة الاخوان المسلمين التي تأسست قبل عشرات الاعوام. وكانت الجماعة هدفا لحملة قمع ابان حكم مبارك ولكنها التفت حول الحظر المفروض على ممارستها العمل السياسي من خلال التقدم بمرشحين مستقلين في الانتخابات البرلمانية. كما كونت قاعدة تأييد في النقابات المهنية ومن خلال انشطة خيرية ومجتمعية.

ويقول العلمانيون الذين يحاولون تشكيل احزاب انهم ليسوا ضد الدين ولكنهم يعارضون تسييسه. ويضيفون ان جماعة الاخوان المسلمين وغيرها من الجماعات الاسلامية استخدمت شعارات دينية مضللة لاستمالة الناخبين في استفتاء مارس.

وقال نبيل عبد الفتاح المحلل السياسي بمركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية ان مصطلح علماني تحول ليصبح مصطلحا مشوها ومذموما. واضاف انه جزء من استراتيجية لتشويه اللغة والمصطلحات يستغلها التيار الاسلامي ببراعة لافساد الوعي العام. وفي الشارع المصري غالبا ما تعادل كلمة علماني كلمة ملحد وهي من المحظورات.

وخلال الاستفتاء ظهرت ملصقات عليها شعار الاخوان المسلمين تصف اقرار التعديلات الدستورية والتصويت "بنعم" بانه واجب ديني. وجاء في منشورات اخرى وزعتها جماعات اسلامية ان الدولة العلمانية هي دولة لا دين لها.

ويخشى بعض الساسة العلمانيين ان يكون توقيت الانتخابات البرلمانية في سبتمبر لصالح الاسلاميين لانها تأتي في اعقاب شهر رمضان الذي يشهد تناميا للمشاعر الدينية. ويقولون ان التوقيت يلمح لان المجلس الاعلى يفضل الاخوان المسلمين لان العلمانيين ربما يكونون اكثر ميلا للتدقيق في شبكة المصالح وانشطة الجيش في قطاع الاعمال.

وتقول مروة فاروق مؤسسة حزب يساري جديد ان الجيش يريد حماية مصالحه وتضيف انه ما من تعارض بين مصالح الاخوان المسلمين ومصالح الجيش وان ثمة تحالفا بينهما.

وينفي المسؤولون العسكريون الانحياز لاي طرف ويقولون ان همهم الوحيد نقل السلطة للمدنيين في اقرب وقت ممكن. ويقول دبلوماسيون غربيون انه لا يوجد مؤشر على ان الجيش يرغب في الاحتفاظ بالسلطة رغم انه قد يظل في الخلفية "كحام" لمصر.

وقال اللواء اسماعيل عتمان احد اعضاء المجلس الاعلى للقوات المسلحة في مؤتمر صحفي في الشهر الجاري ان القوات المسلحة لا تساعد او تدعم أي فئة بعينها في البلاد.

ويقول بعض المصريين انه ينبغي على الجماعات ذات التوجه العلماني الاستعانة بشبكة سياسية قائمة بالفعل والاتصال بمرشحين على صلة بالحزب الوطني الديمقراطي الذي كان يتزعمه مبارك والذي اصدر القضاء حكما بحله.

ولا تزال الشبكة القديمة للحزب التي تضم شخصيات محلية معروفة وعصبيات ومصالح تجارية متماسكة. وقال جمال جميع (27 عاما) وهو محلل مالي "ينبغي ان تبدأ الاحزاب السياسية الجديدة في اختيار وضم مرشحين صالحين سابقين من الحزب الوطني الديمقراطي الذين يملكون بالفعل شبكة علاقات قوية في مختلف الدوائر الانتخابية." وتابع انه يجب على الاحزاب العلمانية القبول بهذا الخيار اذا ارادت منافسة الجماعات الاسلامية الصاعدة في مصر.

وربما يكون من الصعب على من خاطروا بكل شيء للاحتشاد في شوارع مصر احتجاجا على القمع والرأسمالية التي تقوم على المحاباة والفساد الجماعي لنظام مبارك قبول مثل هذا التحالف التكتيكي.

السلفيون يكفرون 'الوفد'

من ناحيته كشف الدكتور السيد البدوى، رئيس حزب الوفد، أن جماعة الإخوان المسلمين طلبت من حزب الوفد بشدة التآلف معهم انتخابياً فى انتخابات مجلس الشعب المقبلة، إلا أن الأمر لم يحسم داخل مؤسسات الحزب، وأكد أنه محل دراسة الآن. واتهم البدوى فى كلمته أثناء لقائه مع ديمترى دروتساس، وزير خارجية اليونان، التيارات السلفية بتكفير حزب الوفد.

وأكد البدوى أن الخط الأحمر الذى يهدد الثورة هو الفتنة الطائفية التى لم تعد أقباط ومسلمين، ولكن ظهرت تيارات إسلامية مختلفة فكرها بعيد عن الإسلام بل أصبح هناك صراع بين السلفيين والصوفيين والجماعات الإسلامية، حتى إن هذه التيارات عدا الإخوان المسلمين تتهم الوفد بأنه حزب كافر، وهذا تحدٍ كبير يواجهنا كأحزاب مدنية. بحسب صحيفة اليوم السابع.

واعتبر د. السيد البدوى أن حزب الوفد جاهز ولديه فرصة للمنافسة فى الانتخابات البرلمانية، لكن فيما يتعلق بالأحزاب الجديدة فالوقت لا يسمح لها حتى تتواصل مع الشعب المصرى.

وتوقع البدوى أن الانتخابات البرلمانية ربما لن تجرى فى سبتمبر القادم، وأن تؤجل بضعة أشهر، وهذا سيكون أفضل للأحزاب الحالية، وكذلك للأحزاب الجديدة ومصر بصفة عامة .

وأشار د. السيد البدوى إلى أن القوائم النسبية أفضل للأحزاب، وهى الوسيلة الوحيدة لتمثيل الأقباط فى البرلمان، مشيراً إلى أن حزب الوفد سيكون له مرشح فى الانتخابات الرئاسية .

وشدد البدوى على أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة لديه رغبة فى تسليم السلطة للمدنيين، مشيراً إلى أنه لمس ذلك من خلال لقاءات منفردة معهم، وأنه طلب منهم تطبيق النموذج التركى، وأن يكون الجيش له دوراً فى حماية الدستور، بحيث نضمن ألا تستخدم قوة إسلامية الديمقراطية فى الوصول للحكم ثم تنقلب على الديمقراطية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 28/نيسان/2011 - 25/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م