تعتبر ظاهرة العنف من الظواهر القديمة في المجتمعات الانسانية كافة
وخاصة العنف الاسري الذي يعتبر من الظواهر الاكثر انتشاراً والذي
يمكننا ان نعرفه بأنه انه السلوك يقوم به احد افراد الاسرة بدون مبرر
مقبول ويلحق ضرراً مادياً ومعنوياً او كليهما بفرد آخر من نفس الاسرة
ويعني ذلك بالضرب والتسبب في كسور جسدية او نفسية او معنوية وحبس
الحرية والحرمان من الحاجات الاساسية والارغام على القيام بفعل اشياء
ضد رغبة الفرد والطرد والشتم وغيرها من وسائل العنف الاخرى.
فالعنف يعتبر حالة غير مرغوب فيها فهو يصيب بالذعر والخوف لما يؤدي
اليه من نتائج سلبية على الاسرة التي من المفترض ان تكون المكان الاكثر
اماناً وسكينة ومحبة ومودة والاحترام المتبادل والاحسان.
فكيف اذا كان هذا العنف يمارسه احد الاركان الاساسية في الاسرة اي (الام
او الاب).
فعلى الرغم من تعالي الاصوات المنددة بالعنف ضد المرأة اصوات تخطت
كل الحدود الجغرافية وعلا صوتها في جميع المجتمعات العربية والعالمية,
وبالتأكيد لا يجود اي اعتراض على ذلك.
ولكن قد يغفل البعض عن العنف الموجه ضد الرجل من قبل المرأة، او قد
يستغرب البعض الآخر هكذا كلام وخصوصاً اذا كان العنف الذي يتعرض له
الرجل في مجتمعنا العربي على يد امرأة !
لكن في هذا المجتمع كل شيء ممكن او متوقع حدوثه، وقد يكون هذا العنف
في حالات استثنائية’ غير ان وجوده لا يمكن انكاره او تخطيه كي لا يظلم
احد (المرأة او الرجل).
وفي جميع الحالات فأن هذا العنف يعتبر وضعاً غير عادي في المجتمع
وان كان في حالات قليلة، لكن اثبتت الدراسات ان اكثر حالات العنف
متفشياً هو العنف المعنوي والنفسي وهو عنف تمارسه المرأة ضد الرجل
ويمكن ارجاعه الى عدة اسباب منها:
* قد يكون كردة فعل ضد عنف الرجل الذي يمارسه ضد المرأة فيقابله عنف
منها.
* او يمكن ان يعود للتركيبة النفسية للمرأة بحيث انها تعامل بعنف
وقسوة في طفولتها او يمارس ضدها حالة التمييز كما هو الحاصل في العديد
من الاسر في مجتمعنا العربي حيث تقوم بعض الاسر بالتفرقة بين البنت
والولد فتنشأ عندها هذه الحالة من العنف.
* وفي بعض الاحيان تكون المرأة متزوجة من رجل ضعيف الشخصية بحكم
انها تكون مسؤولة عن تربية الاطفال ومسؤولة عن البيت وادارة شؤونه
وخاصةً عندما يكون لديها وظيفة وراتب فتتمرد على الرجل واحياناً لا
تلبي حقوقه الزوجية وفي بعض الاحيان تقوم بالسخرية منه امام الاهل
والاقرباء والاولاد وفي هذه الحالة حدثت العديد من حالات الطلاق والتي
يقع ضحيتها دائماً الاطفال مما يحدث خللاً في نموهم النفسي والاجتماعي.
وطبعاً هذه حالات لا نقول انها موجودة مئة بالمئة في المجتمع ولكنها
متواجدة ولا يمكن انكارها
* او ربما الوضع الاقتصادي المتردي وحالات البطالة التي تفشيت في
العديد من العوائل ايضا تجعل من المرأة ان تفقد السيطرة على اعصابها
وتجعلها تمارس العنف وحتى اللفظي منه.
* ان اغرب حالات العنف التي تمارسها المرأة ضد الرجل وخاصة في
مجتمعاتنا العربية.. هو السحر والشعوذة فتلجأ الى المشعوذين وتستعمل
العديد من الوسائل لجلب محبة الرجل وأحكام السيطرة عليه.
هنالك العديد من الاسباب التي تجعل من المرأة ان تكون عنيفة لدرجة
انها قد تخرَي بيتها بأساليب العنف.
وبكل الاحوال فأن هذا العنف لا يشمل الفقير وحده بل يشمل حتى
العوائل الميسرة من الناحية المادية ايضاً، وبالتالي فأن النتيجة واحدة
( تعددت الاسباب والعنف واحد).
ومن المعروف ان الاسرة السليمة هي الاساس لمجتمع سليم.. وجيل سليم..
وان تعرض الاسرة لأي حالة من حالات العنف الاسري باعتبارها خلية من
خلايا المجتمع وكونها الحجر الاساس لتربية الطفل ورعايته, لذلك يتوجب
على المجتمع والمعنيين بذلك ان يقوموا بتقديم طرق معالجة هذا العنف على
اساس علمي ومنهجي وتأسيس جمعيات مدنية تهدف الى حماية الاسرة وتعمل على
تجاوز الخلل الحاصل في بعض الاسر وذلك عبر اعادة التأهيل الاجتماعي
وتكثيف الارشادات عبر محاضرات وندوات يقوم بها ذوي الاختصاص ونشر الوعي
الاسري واهميته من اجل خلق التوافق بين الوالدين واهمية دورهما في
قيادة الاسرة وسلامتها.
وان العنف ضد الرجل مهما كانت اسبابه ونتائجه واشكاله فأن الرجل
باستطاعته ان يتخطاه.. بحكم انه رجل وبالأخص في المجتمع العربي فأن
الرجل يكون دائماً هو الامر الناهي في كل شيء تقريباً، وان بمقدوره ان
يخرج من دائرة العنف الموجه اليه من قبل المرأة عن طريق مجموعة من
أساليب الود والاحترام وتقدير المرأة على مجهودها وتعبها الذي تبذله في
بيتها وعملها وتربية اطفالها، وباستخدام كل وسائل العاطفة والحنان
والرقة فيها والرفق كما قال رسول الله (ص) (الكلمة الطيبة صدقة) فهو
يكسب قلب المرأة وودها واحترامها بكلمة طيبة ولو حتى (بزهرة واحدة)
يقدمها لها وليس بالعنف فأن نتيجة مثل هكذا اساليب تنقلب ضده.
قال تعالى [ ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجاً لتسكنوا اليها
وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ] (الروم ا2).
zalshemary@yahoo.com |