بعد ان شاخ طويلا... العالم يتخلى عن الدولار تدريجيا

 

شبكة النبأ: لم يعد الدولار عملة موثوقاً بها وينبغي استبدالها بنظام أكثر استقراراً وفقاً لما جاء في تقرير صادر عن إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة، وفي الأثناء يتجه العالم بسرعة نحو "الشيخوخة" مع بلوغ أكثر من ربع سكان الأرض الخامسة والستين من أعمارهم بحلول العام 2050.

وخضع استخدام الدولار في التجارة الدولية تحت قيود متزايدة عندما وقع الاقتصاد الأمريكي في مصيدة الركود الاقتصادي، و"ثبت أن قيمته غير مستقرة، بخلاف ما هو مطلوب للعملة الاحتياطية" بحسب التقرير.

بنوك العالم تقبل على عملات كندا واستراليا

فقد جزم محللون بأن الأرقام الواردة من المصارف المركزية حول العالم تتعارض مع ما يردده بعض المحللين عن ثبات دور الدولار الأمريكي كعملة احتياط أساسية، إذ تظهر الأرقام تراجع موجودات تلك المصارف من العملة الخضراء مقابل عملات أخرى.

والغريب بحسب المحللين أن المصارف المركزية لم تعمد - كما قد يتوقع البعض - إلى شراء العملات الصعبة الأخرى، مثل اليورو الأوروبي أو الجنيه الاسترليني، ولا إلى الاستحواذ على المعادن النفيسة مثل الذهب الذي قفزت أسعاره بشكل خيالي مؤخراً، بل قامت بزيادة حصتها من عملات غير منتظرة، مثل الدولار الكندي والاسترالي.

وأشارت أرقام لدراسة أعدتها المحللة إيما لوسون من مصرف "مورغان ستانلي" إلى أن المصارف المركزية لم تقبل على الذهب كسلعة تحوّط، رغم أسعاره المرتفعة، بل واصلت بيع ما تمتلكه من المعدن الأصفر لزيادة ما تحوز عليه من السيولة.

وأظهرت الدراسة أن نسبة الدولار في الاحتياطيات التي تمتلكها المصارف المركزية حول العالم تراجعت من 58.1 في المائة إلى 57.3 في المائة، واصفة هذا الأمر بأنه "غير منتظر نظراً للظروف الاقتصادية العالمية" وعودة الانتعاش لأسعار الدولار.

وقالت لوسون إن هذه الظاهرة قد لا تكون ظرفية، بل إنها قد تتزايد مع الوقت بحيث تقوم المصارف المركزية بخفض احتياطياتها من الدولار بشكل أكبر.

ولفتت لوسون إلى أن العملات التي تقبل عليها المصارف المركزية حالياً غير منتظرة مطلقاً، إذ أنها لا تشمل اليورو أو الين أو الجنيه، بل الدولار الاسترالي، ونظيره الكندي، وهي عملات تسجل عادة في خانة تحمل اسم "عملات أخرى" ضمن البيانات المالية للمصارف، وشهدت هذه الخانة زيادة تعادل نسبة تراجع الدولار.

وتأتي هذه الأرقام بعد أسبوع على إصدار الأمم المتحدة لدراسة قالت فيها إن الدولار لم يعد بوسعه لعب دور العملة الاحتياطية الوحيدة للعالم لأنه لا يتمتع بالاستقرار.

وتشعر المصارف المركزية بضرورة التحوط بسلة عملات متنوعة ضد كل ما قد يحصل في العالم من أزمات، خاصة وأن الدولار قد يواجه ظروفاً صعبة في المستقبل القريب بسبب ارتفاع الديون الحكومية وتزايد عجز الموازنة.

التخلي عن الدولار

الى ذلك ذهب محلل مالي أبعد من نظرائه الذين دعوا في السابق الدول النامية إلى تنويع احتياطياتها النقدية وتوفير تعدد في العملات الموجودة لديها عوض الاقتصار على الدولار الأمريكي الضعيف، وقال إن على واشنطن نفسها عن تتخلى عن الدولار وتبدأ في جمع احتياطيات متنوعة ضمن سلة عملات.

وقال مايكل بيتيس، إن سيطرة الدولار على الاحتياطيات الأمريكية والعالم وضع الاقتصاد الدولي في موقف خطير ومتزعزع، وسمح لدول مثل الصين بالتحكم في أسواق السلع والطلب العالمي من خلال اللعب على التناقضات وجمع مبالغ هائلة من العملة الأمريكية في احتياطياتها.

واعتبر بيتيس، وهو أستاذ لمادة اقتصاد، أن خروج رؤوس الأموال الأمريكية بالدولار إلى الأسواق النامية بسبب هذه السياسات تسبب بالأذى للاقتصاد الأمريكي الذي خسر الكثير من الوظائف وارتفعت فيه بوضوح مشكلة عجز الموازنة. وأضاف بيتيس إنه بسبب الظروف الحالية بات على الأمريكيين ببساطة الاختيار بين ارتفاع مديونيتهم أو تزايد البطالة. بحسب السي ان ان.

ويدعو المحلل المالي المعروف المسؤولين في واشنطن إلى قيادة عملية التحول بعيداً عن الدولار في العالم، ويقول إن العملية لن تكون سهلة، ولكن العملة الأوروبية الموحدة "يورو" موجودة، ويمكنها أن تلعب دوراً مؤثراً خلال العقد المقبل.

غير أنه يقر بأن قادة الاتحاد الأوروبي لا يرغبون في توريط عملتهم بعملية قد تؤثر عليها كما تؤثر اليوم على الدولار.

ومن المتوقع أن يتطرق المسؤولون الماليون في مجموعة العشرين إلى هذه القضية خلال أيام، على هامش اجتماعهم الدوري في واشنطن، إذ من المتوقع أن يتطرق النقاش مع المسؤولين في البنك الدولي وصندوق النقد، ويمكن للأخير عرض تجربته مع وحدته النقدية الخاصة التي يتم تقييم سعرها بناء على سلة عملات.

العالم يشيخ

فيما لجأت العديد من دول العالم، وتحديداً في آسيا، إلى بناء احتياطي كبير من الدولار بوصفه عملة صعبة، ونتيجة لذلك، فقد فقدت هذه الأموال الكثير من قيمتها، وقلت قدرتها على استيراد السلع من الخارج.

ويدعم مسح اقتصادي واجتماعي عالمي عام 2010 اقتراحاً لطالما دافع عنه صندوق النقد الدولي بضرورة إنشاء نظام دولي معياري لتحويل السيولة النقدية.

وبموجب الاقتراح، فإن الدول لن تكون مضطرة لشراء العملات الأجنبية، كما فعلت الصين مع الدولار الأمريكي منذ بعض الوقت، وبدلاً من ذلك، فإنها ستعمل على مراكمة حق طلب العملات الأجنبية، أو حق السحب الخاص من هذه العملات بدلاً من جمعها ومراكمتها لديها.

وسيحظى حق السحب الخاص SDR بدعم سلة من العملات، بحيث يجعلها أقل عرضة لتلقي الضربات كتلك التي تتعرض لها العملات الأجنبية بين الحين والآخر.

ونظراً لأن "قيمة" حق السحب الخاص تحظى بدعم صندوق النقد الدولي، فإن التغير في سعر صرف أي عملة أو قيمتها يمكن أن يصبح "مضبوطاً."

هذه المبادرات، التي تحظى بدعم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، يقصد منها المساعدة في ضمان استقرار الأنظمة المالية والتجارية الدولية والتي ستسمح للدول الأقل نمواً بالمشاركة والتكامل في الاقتصاد العالمي.

ويكشف المسح أن "عدد الفقراء في العالم ممن يعيشون بأقل من 1.25 دولاراً، انخفض من 1.8 مليار نسمة عام 1990 إلى 1.4 مليار نسمة عام 2005، ولكن معظم هذا التطور حدث في الصين."

أما في جنوبي الصحراء الكبرى وجنوب آسيا، فقد ارتفع عدد الفقراء خلال الفترة نفسها، في حين أن فارق الدخل بين طبقات المجتمع في الدول ازداد كثيراً في أوائل عقد الثمانينيات من القرن الماضي، مع بعض الاستثناءات.

ويتوقع المسح أن يرفع عدد سكان العالم في العام 2050 إلى 9 مليارات نسمة، يتركز 85 في المائة منهم في الدول النامية، فيما ينبغي على الاقتصاد العالمي أن يحافظ على نظام يسمح لهم بـ"العيش الكريم."

وبحلول العام 2050، سيكون عمر واحد من كل أربعة مواطنين في العالم المتقدم وواحد من كل سبعة مواطنين في الدول النامية فوق 65 عاماً، وتقتضي سرعة "شيخوخة" العالم العمل على إيجاد نظام تقاعد ورعاية صحية دائم لهؤلاء.

صندوق النقد الدولي

من جانبها دعا صندوق النقد الدولي حكومات العالم الى الحد من اعتمادها على الدولار الامر الذي يشكل خطرا على النظام المالي الدولي في ظل الازمة التي تضعفه، وادخال عملات اخرى كاليورو والين في احتياطياتها من القطع.

وقال المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس-كان الثلاثاء في ختام مؤتمر لحكام المصارف المركزية في زوريخ "يمكن اتخاذ بعض الاجراءات لتعزيز الانظمة النقدية الدولية".

وذكر من هذه الاجراءات تشديد المراقبة على حركات دفق الرساميل واقرار شبكات امان مالية اكثر متانة وتوسيع استخدام حقوق السحب الخاصة.

واوضح ان هذه الاجراءات تشمل بصورة خاصة "استخداما اوسع من اصول الاحتياطي البديلة، باليورو او الين او اليوان مثلا" ما يمكن ان يشكل "صمام امان".

وذكر من الخيارات الاخرى للحد من الاعتماد على الدولار امكانية توسيع استخدام حقوق السحب الخاصة التي تعتبر اكثر استقرارا.

وحقوق السحب الخاصة هي اداة احتياطي دولي انشأها صندوق النقد الدولي عام 1969 لاستكمال احتياطيات الدول الاعضاء وتحدد قيمتها بموجب سلة من اربع عملات كبرى ويمكن تبادلها بعملات اجنبية يتم التداول بها بحرية. بحسب فرانس برس.

الا ان المؤتمر الذي عقد حول موضوع النظام النقدي العالمي تحت اشراف صندوق النقد الدولي والبنك الوطني السويسري، جرى في ظل الازمة اليونانية وتراجع اليورو في بورصات العالم، الامر الذي حمل الاتحاد الاوروبي على اتخاذ اجراءات استثنائية والمصارف المركزية ومنها البنك المركزي الاوروبي على التدخل.

واقر الاتحاد الاوروبي ليل الاحد الاثنين خطة انقاذ تاريخية لدول منطقة اليورو بمساهمة صندوق النقد الدولي سعيا لطمأنة الاسواق حيال الوضع في اليونان والمخاوف من انتقال الازمة الى دول اخرى مثل اسبانيا والبرتغال.

وحذر ستروس-كان بهذا الصدد قائلا "لا بديل امام اوروبا برمتها، عن تعزيز المالية العامة وانعاش النمو، وهو ما يمكن تحقيقه بفضل الاصلاحات البنيوية".

100 دولار تهدف لردع المزورين

من جهة اخرى قال مسؤولون كبار بوزارة الخزانة الأمريكية ومجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي) يوم الاربعاء ان ورقة نقدية حديثة التصميم من فئة 100 دولار تهدف الي ردع المزورين باستحداث علامات تأمينية متطورة.

وستصدر الورقة النقدية الجديدة التي ستظل تحمل صورة بنجامين فرانكلين في فبراير شباط 2011 .

وقال وزير الخزانة تيموثي جايتنر وهو يكشف النقاب عن المئة دولار الجديدة في حفل في مقر وزارة الخزانة "كما هو الحال في عمليات إعادة التصميم السابقة للعملة الأمريكية فان هذه الورقة النقدية تتضمن أفضل التكنولوجيا المتاحة لضمان أن نبقى متفوقين على المزورين."

وورقة المئة دولار هي الأكثر تزويرا بين فئات العملة الأمريكية خارج الولايات المتحدة بسبب تداولها الواسع في الخارج. وهي أعلى فئات الأوراق النقدية التي يصدرها مجلس الاحتياطي الاتحادي. بحسب رويترز.

وستبقى الأوراق النقدية من فئة 100 دولار المتداولة حاليا والتي تبلغ حوالي 6.5 مليار دولار عملة قانونية بعد إصدار الأوراق النقدية الجديدة في العام القادم.

أوراق مالية معيبة

في سياق متصل أرغم خطأ مطبعي وزارة الخزانة الأمريكية على سحب أوراق مالية بقيمة 110 مليار دولار (69.78 مليار جنيه إسترليني) من التداول حتى يتمكن المسؤولون من فرز الأوراق المالية المعيبة ثم التخلص منها لاحقا.

وقالت شبكة سي إن بي سي الأمريكية إن مشكلة شابت عملية طبع الأوراق المالية جعلت ما يصل إلى 30 في المئة منها تحمل بقعا فارغة على أحد وجهيها.

ويعمل المسؤولون على إيجاد عملية ميكانيكية بهدف معالجة العيب الذي يشوب الأوراق المالية، مضيفين أن التصدي لهذه المشكلة بطريقة يدوية قد يستغرق ثلاثين سنة.

ومن المقرر بدء تداول هذه الأوراق المالية الجديدة التي تتسم بمواصفات أمنية عالية في شهر فبراير/شباط 2011.

وقالت ناطقة باسم الخزانة الأمريكية، دارلينج أندرسون، نحن واثقون من أن نسبة عالية جدا من هذه الأوراق المالية ستكون صالحة للتداول .

وتحتفظ وزارة الخزانة الأمريكية بهذه الأوراق المالية التي تمثل عشر قيمة العملة الأمريكية المتداولة في منشآت بالعاصمة واشنطن وفورت فور في ولاية تكساس.

وهذه الأوراق المالية الجديدة هي أحدث ما طبعته وزارة الخزانة في إطار جهودها لمحاربة تزوير الأوراق المالية.

وكذلك، فإن هذه الأوراق المالية هي أول أوراق مالية تحمل توقيع وزير الخزينة، تيموثي غايثنر، في إدارة الرئيس، باراك أوباما.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 25/نيسان/2011 - 22/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م