اليمن... ثورة مصرية ام حرب ليبية؟

 

شبكة النبأ: ان المتتبع لسير الاحداث في اليمن وتداعيات الازمة الحالية جراء تمسك صالح بالسلطة ورفض المعارضة بقائه فيه، قد يجد حالة من التشابه بينها وبين ما يحدث في ليبي، فصالح حاله كحال القذافي في التمسك بالحكم وكذلك تحول الثورة فيها من الحالة السلمية الى المواجهات المسلحة مع انضمام الفرقة الاولى المدرعة الى المعارضة.

من جهة اخرى هدد الرئيس اليمني بحرب اهلية وتقسيم اليمن كما اشار القذافي الى ذلك، وكما فشلت الوساطة الافريقية في حل الازمة الليبية، فشلت كذلك او على وشك الفشل المبادرة والوساطة الخليجية لحل الازمة في اليمن، وقد تشابه الزعيمين في قمع الانتفاضات والمظاهرات السلمية التي خرجت ضدهما بكل وحشية وقسوة.

وفي كل الاحوال، فبالتأكيد ان لكل حالة خصوصيتها ويبقى العمل المشترك بينهما هو مطالبة الشعب برحيل الحكام الطغاة الذين احتكروا السلطة لعقود من الزمن، وهم يعتقدون انهم اصحاب الفضل ببقائهم في السلطة وان الشعوب سوف تضل طريقها من دونهم، وان الشرعية مازالت في صفهم حتى لو رفضهم الشعب.

صالح متمسك بالشرعية والسلطة

فقد قال الرئيس اليمني علي عبد الله صالح امام مجموعة من انصاره بأنه سيظل صامدا مواجهة التظاهرات الاحتجاجية المطالبة برحيله، ونقل عنه قوله انه متمسك بالشرعية الدستورية ولن يقبل مؤامرات أو انقلابات، ودعا صالح من وصفهم بأنهم يريدون السلطة أو الحصول على مقعد السلطة عليهم ان يفوزوا به عن طريق صناديق الاقتراع وان التغيير والخروج من السلطة سيكون من خلال انتخابات تجرى في الاطار القانوني للدستور، وقال صالح الذي كان يتحدث امام وفد نسائي في صنعاء نؤكد أننا سنظل صامدين كالجبال، ولن تهزنا الرياح على الاطلاق، متمسكين بالشرعية الدستورية، وغير قابلين بالتآمر والانقلابات، وتعهد صالح بألا يرشح نفسه في الانتخابات القادمة عندما تنتهي مدة ولايته الحالية في 2013، وكان مجلس الامن الدولي قد عقد جلسة لمناقشة الاوضاع في اليمن مؤخر، بيد انه فشل في الخروج ببيان نهائي بسبب الخلافات بين أعضائه في هذا الصدد.

واكتفى المجلس بدعوة الحكومة والمعارضة في اليمن إلى ضبط النفس وبدء حوار سياسي للتوصل إلى حل للأزمة التي تمر بها البلاد، كما لم تحقق المبادرة الخليجية أي تقدم في مساعيها لحل الازمة في اليمن، وذلك بعد اجتماع غير مثمر بين وزراء خارجية دول مجلس التعاون ووفد الحكومة اليمنية في ابوظبي، اذ عقد وزراء الخارجية الخليجيون اجتماعا مع وفد حكومي يمني رفيع، انتهى دون تسجيل تقدم ملموس بخصوص الاتفاق على نقل السلطة في البلاد، ويعد هذا الاجتماع الوساطة الثاني بعد اجتماع عقد في الرياض مع المعارضة، وكانت المعارضة اليمنية اكدت للوساطة الخليجية في الرياض انها مصرة على مطلب تنحي الرئيس اليمني ومتمسكة بصيغة اولى للمبادرة الخليجية تنص على تنحي صالح وترفض صيغة ثانية تنص على نقل صلاحياته لنائبه دون الاشارة بوضوح الى تنحيه. بحسب البي بي سي.

وتأتي تصريحات صالح الاخيرة بعد تصاعد حدة التوتر في الخلاف بين معارضي نظام صالح ومؤيديه، وتساقط المزيد الضحايا في اعمال العنف التي رافقت قمع الاحتجاجات، وكانت مصادر طبية افادت بمقتل خمسة متظاهرين واصابة 65 بالرصاص الحي واختناق وتسمم 1200 بالغاز في هجوم شنه مسلحون من أنصار الحزب الحاكم وقوات حكومية مؤخراً على مئات الآلآف من المتظاهرين بالقرب من بمنى وزارة الخارجية بالعاصمة صنعاء، كما سقط قتيلان في تعز والحديدة وعشرات الجرحى في هجومين مماثلين ليرتفع بذلك عددهم الى سبعة قتلى من المتظاهرين، وفي إب وسط اليمن التي تشهد عصيانا مدنيا جزئيا خرجت مسيرة حاشدة الاربعاء تندد باستمرار الهجوم على المتظاهرين وسقوط قتلى في صنعاء وتعز والحديدة وسقط 12 جريحا من المتظاهرين في هجوم نفذه أنصار الحزب الحاكم على المسيرة التي جابت شاورع مدينة إب، وفي عدن جنوبي البلاد قتل جندي في اشتباكات بين مسلحين مجهولين وقوات الأمن بعدما حاولت الأخيرة تفريق تجمع لمحتجين قطعوا الطريق المؤدي الى مطار عدن في حي خور مكسر وكانت قوات الأمن بدأت بإطلاق النار على المحتجين فأصابت أحدهم بجراح وتشهد عدن عصيانا مدنياً مستمر، يذكر أن أكثر من 100 شخص لقوا حتفهم في المظاهرات التي تشهدها اليمن منذ شهرين والمطالبة بتنحي صالح.

مبعوث خليجي الى اليمن

الى ذلك قررت دول الخليج العربية التي تقوم بوساطة من أجل انتقال منظم للسلطة في اليمن إيفاد وزير خارجية الامارات الى صنعاء في غضون أيام، لكن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح رفض مجددا التخلي بسرعة عن السلطة، واستمرت اراقة الدماء وذكرت تقارير أن أربعة آخرين على الاقل من المحتجين المناهضين للحكومة قتلوا بعد تعهد صالح بأنه سيظل صامدا ولن يقبل "مؤامرات أو انقلابات" يدبرها خصومه في أحدث تكرار للتحدي في مواجهة الاحتجاجات الحاشدة، وباءت بالفشل الى الآن محاولات حلفاء عرب وغربيين للتفاوض على انتقال منظم للسلطة مع الرئيس وبدأ صبر المعارضة ينفد مع اشتعال مزيد من أعمال العنف، وقال مسؤول يمني، ان وزير خارجية الامارات "عبد الله بن زايد سيصل الى صنعاء في غضون أيام لنقل وجهة نظر دول الخليج بعد أن يسمع الى وجهات نظر الحكومة والمعارضة".

ويخشى حلفاء صنعاء الذين ساندوا صالح طويلا كحائط صد ضد جناح تنظيم القاعدة في اليمن أن يؤدي تصعيد الاشتباكات الى حالة من الفوضى قد تستغلها الجماعة المتشددة، وحذر صالح الذي تنتهي مدة ولايته الحالية في 2013 من حرب أهلية وتقسيم اليمن اذا أجبر على التنحي، وقال وزراء خارجية من دول الخليج وأوروبا اجتمعوا في أبوظبي انهم يشعرون بقلق بالغ من الوضع في اليمن وحثوا الطرفين على التوصل الى اتفاق من خلال الحوار، وقال الوزراء في بيان ان الجمود الحالي بين الاطراف المختلفة قد يؤدي بسرعة الى مواجهة وصراع أكثر خطورة، ونقل عن صالح قوله "التغيير والرحيل يكون من خلال صناديق الاقتراع وفي اطار الشرعية الدستورية"، وتعهد صالح بألا يرشح نفسه في الانتخابات القادمة عندما تنتهي مدة ولايته الحالية في 2013 وقال انه مستعد لنقل الصلاحيات "لايد أمينة"، ولكنه يواجه موجة لم يسبق لها مثيل من الاحتجاجات الداعية لاستقالته على الفور. بحسب رويترز.

وقالت دول الخليج العربية التي تجري مشاورات داخلية بشأن الازمة في اليمن انها استمعت الان الى وجهات نظر كل من المعارضة والحكومة في اليمن بعد محادثات منفصلة، وقال الشيخ عبد الله بن زايد وزير خارجية الامارات في مؤتمر صحفي في أبو ظبي "استمعنا الى كافة الاطراف اليمنية سواء من الحزب الحاكم او المعارضة ونحن في دول مجلس التعاون في مرحلة تشاور حاليا لبحث الخطوة القادمة التي سيتخذها المجلس" لكن لم يدل بمزيد من التفاصيل، وفي أحدث أعمال عنف في اليمن قال شهود ان مسلحا على دراجة نارية فتح النار على مخيم احتجاج مناهض للحكومة اليمنية  مما أسفر عن مقتل شخص كان يحرس المحتجين، وقال عبد الحافظ محمد وهو أحد الحراس "الشبان كانوا يصلون الفجر وكان الحراس يتفقدون مشارف الميدان حين مرت دراجة نارية وفتحت النار عليهم."

وقال أطباء ان ثلاثة محتجين اخرين توفوا أثناء الليل جراء جروح أصيبوا بها في اشتباكات في العاصمة صنعاء ليرتفع عدد الذين قتلتهم الشرطة التي فتحت النار على المحتجين في صنعاء وتعز الى ستة، وقتل أكثر من 123 محتجا في اشتباكات مع قوات الامن منذ خرج نشطاء الى الشوارع في يناير كانون الثاني، وفي صنعاء انتهت سلميا مظاهرة احتجاج مرت أمام عدة وزارات بينها وزارة الدفاع، كذلك انتهت مسيرة في الحديدة دون وقوع حوادث ولكن أطباء قالوا ان طالبة في مدرسة عليا أصيبت بالرصاص توفيت متأثرة بجروحه، وفي مدينة عدن الساحلية الجنوبية أطلق مسلحون الرصاص فقتلوا جنديا في احتجاج شارك فيه عدة مئات، وقال مصدر أمني ان الجندي قتل في اشتباكات مع محتجين ولكن النشطاء قالوا ان المسلحين لا يرتبطون بحركتهم وأصروا على أن المظاهرة كانت سلمية، وأفادت تقارير بأن اطلاق نار متقطع سمع في المدينة طوال اليوم، وتخشى الدول الغربية ودول عربية مجاورة من أن تؤدي مواجهة طويلة الى اندلاع اشتباكات بين وحدات عسكرية متناحرة في صنعاء وغيرها من المدن في البلاد التي فقد صالح السيطرة على عدة محافظات بها بالفعل.

المعارضة ترفض وصالح يرحب

الى ذلك فقد رفضت المعارضة اليمنية عرضا بالمشاركة في محادثات بوساطة خليجية تجري في السعودية لنقل السلطة وحددت مهلة أسبوعين لتنحي الرئيس علي عبد الله صالح، كان وزراء خارجية دول الخليج قد قالوا انهم سيوجهون الدعوة لصالح الذي يواجه احتجاجات مستمرة منذ شهرين تطالب باستقالته والى معارضيه لحضور محادثات الوساطة بشأن نقل السلطة، غير أن المعارضة كانت مترددة بشأن العرض، وقال محمد المتوكل وهو أحد زعماء المعارضة البارزين ان المعارضة تؤكد مجددا على الحاجة للاسراع بعملية تنحي صالح في غضون أسبوعين ولذا فانها لن تذهب للرياض، وكانت المعارضة اليمنية قد رفضت في البداية بيانا من مجلس التعاون الخليجي بشأن اطار العمل للمحادثات التي كان من المقرر أن تعقد في الرياض لانه ينطوي فيما يبدو على تفادي صالح المحاكمة مستقبلا كما لم يدع البيان الى نقل فوري للسلطة.

وفي وقت لاحق اجتمع زعماء المعارضة بسفراء السعودية وعمان والكويت سعيا الى الحصول على توضيح من مجلس التعاون الخليجي عن مفهومه "لنقل السلطة" الذي لم يحدد جدولا زمنيا لتنحي صالح، وصرح المتوكل بأن الايضاحات التي قدمها سفراء دول الخليج غير كافية، وقال المتوكل ان المعارضة لم تجد في الايضاحات التي طرحها السفراء اي شيء يلبي طلبها بتنحي صالح فور، وكان صالح قد قبل اطار عمل المحادثات في حين رحب اللواء علي محسن وهو لاعب رئيسي اخر وقريب للرئيس اليمني تحمي وحداته المحتجين في صنعاء بخطة مجلس التعاون الخليجي، ومن الناحية الفنية يمكن أن يستمر نقل السلطة في اليمن حتى حلول انتخابات الرئاسة القادمة المقرر اجراؤها عام 2013 وهو احتمال غير مقبول بالنسبة للمعارضة.

من جهتها اعلنت الرئاسة اليمنية ان الرئيس علي عبدالله صالح يرحب بالجهود الخليجية لحل الازمة في بلاده وهو مستعد لنقل السلطة سلميا و"في اطار الدستور"، فيما اكدت المعارضة انها تنظر بعين الحذر الى المبادرة الخليجية مشيرة الى حصول تبدل في صيغتها لمصلحة صالح، وفي المقابل، تظاهر مئات الالاف في صنعاء وتعز (جنوب) والحديدة (غرب) رفضا للحوار مع نظام صالح وللمطالبة بمحاكمته، ولم يشر بيان الرئاسة اليمنية الى قبول صالح بتسليم سلطاته الى نائبه، الامر الذي تنص عليه المبادرة الخليجية لحل الازمة في اليمن، واكد "مصدر مسؤول في مكتب رئاسة الجمهورية" ان الرئاسة اطلعت على بيان وزراء خارجية دول مجلس التعاون الذين اجتمعوا في الرياض وهي "تؤكد مجددا ترحيبها بجهود ومساعي الاشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي من اجل الاسهام في حل الازمة الراهنة" في اليمن.

وشدد البيان على انه "ليس لدى الرئيس اي تحفظ على نقل السلطة سلميا وبشكل سلس في اطار الدستور"، وذكر البيان ان اليمن "ستتعامل بايجابية مع هذا البيان (دول مجلس التعاون) كاساس للحوار وبما يجنب اليمن ويلات الفوضى والتخريب واقلاق الامن والسكينة العامة والسلم الاجتماعي"، وكان الامين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني اعلن الاحد ان دول المجلس طلبت من الرئيس اليمني علي عبد الله صالح تسليم صلاحياته لنائبه لحل الازمة في بلاده، وعقب اجتماع لوزراء خارجية الدول الست في مجلس التعاون الخليجي في الرياض، دعت دول الخليج العربية حكومة صالح والمعارضة الى عقد اجتماع في المملكة العربية السعودية بهدف الاعداد لانتقال سلمي للسلطة في اليمن، واوضح الزياني معددا الخطوات المطلوبة لحل الازمة هي ان "يعلن رئيس الجمهورية نقل صلاحياته الى نائب رئيس الجمهورية" عبد ربه منصور هادي، وان يتم "تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة المعارضة ولها الحق في تشكيل اللجان والمجالس المختصة لتسيير الامور سياسيا وامنيا واقتصاديا ووضع دستور واجراء انتخابات". بحسب فرانس برس.

من جهتها، اعلنت المعارضة اليمنية انها تنظر بعين الحذر ازاء المبادرة الخليجية، مشيرة الى ادخال تغيير على صيغتها لمصلحة الرئيس اليمني، والى ان هناك فارقا بين ما طرح من معها في صنعاء وما اعلنه وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي في الرياض، وقال محمد قحطان المتحدث باسم اللقاء المشترك الذي تنضوي تحت لوائه احزاب المعارضة البرلمانية "ما زلنا ننتظر ان نتسلم المبادرة الخليجية الجديدة بشكل رسمي، ولدينا بعض الاستفسارات وسنطرحها على السفراء" مؤكدا ان اللقاء "المشترك لم يحدد موقفه حتى الآن"، واقر قحطان بوجود فارق في صيغة المبادرة بين ما طرح مع المعارضة من قبل السفراء الخليجيين في صنعاء وما اعلن في اعقاب اجتماع المجلس الوزاري الخليجي في الرياض، وقال قحطان "سنستفسر حول هذا الفرق في الصيغة، قد يكون الفرق اتخذ لاسباب دبلوماسية، وقد يكون هناك اختلاف في الموقف، سنستفسر حول ذلك".وكانت مصادر معارضة ودبلوماسية وخليجية اكدت ان المبادرة الخليجية التي طرحها السفراء الخليجيون في صنعاء تنص بوضوح على تنحي صالح ونقل السلطة الى نائبه.

وحول ترحيبه في وقت سابق بالمبادرة الخليجية، قال قحطان "الاولى رحبنا بها، والثانية سنعلن موقفنا منه، ما زلنا متمسكين بالمبادرة الاولى"، كما نفى قحطان وجود اي خلافات بين مكونات اللقاء المشترك مشيرا الى انه قد يكون هناك "خلاف لفظي"، من جهته، انتقد القيادي في اللقاء المشترك محمد الصبري بشدة صيغة المبادرة الخليجية التي اعلنت في الرياض، كما اعتبر ان بيان الرئاسة اليمنية حول الترحيب بالجهود الخليجية "مفخخ" ويهدف الى "ربح الوقت"، وقال الصبري ان "الخليجيين اعلنوا ما يمكن تسميته مبادرة نوايا حسنة تجاه علي عبدالله صالح وليس تجاه الشعب اليمني" مشيرا الى ان "العرض الاول كان ينص على ان التنحي الفوري عن السلطة، بينما البيان الثاني ينص على نقل صلاحيات"، وقال "هذا جاء بلغط مثير للجدل، لا يوجد شيء في الدستور اسمه نقل الصلاحيات الى الى نائب الرئيس"، واضاف "نرفض الصيغة الاخيرة التي صدرت في الرياض، ونرفض الالتفاف على ما عرض سابقا ولا تفاوض على ذلك".وعن بيان الرئاسة الذي اكد استعداد صالح لنقل السلطة سلميا وبالسبل الدستورية، قال الصبري "هذا تلاعب وبيان مفخخ، الرئيس يحاول ربح الوقت، لكن اليوم في تعز وصنعاء والحديدة مئات الالاف في الطرقات غاضبون من موقف الرئاسة".

وعن الدعوة الى الالتقاء في السعودية قال الصبري "هذا كلام غير عملي وغير منطقي" مشيرا الى ان "ما طرح في الرياض مفخخ والتفاف على ما تم الاتفاق عليه مسبقا"، وهتف المتظاهرون في صنعاء "لا حوار لا حوار، الرحيل هو القرار"، بينما كانوا متوجهين من احدى كليات جامعة صنعاء نحو منزل نائب رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، ورفع المتظاهرون شعارات داعية الى محاكمة صالح، وهتفوا "الشعب يريد محاكمة الرئيس"، الى ذلك اكد متحدث باسم اللجنة المنظمة للاحتجاجات في محافظة الحديدة (غرب) ان عشرات الالاف خرجوا في شوارع المدينة الساحلية على البحر الاحمر مطالبين "بالرحيل الفوري للرئيس صالح وبمحاكمته"، ولم تسجل مواجهات مع قوى الامن بحسب شهود عيان.

الى ذلك قالت وزارة الخارجية الامريكية انها ترحب بجهود مجلس التعاون الخليجي لمعالجة الازمة السياسية في اليمن وقالت ان كل الاطراف يجب ان يشاركوا في هذا الجهد كي ينجح، وبدأ المجلس الذي يضم ست دول عربية خليجية جهدا لترتيب محادثات بين الرئيس اليمني علي عبد الله صالح والقوى المعارضة التي تريد انهاء حكمه الممتد منذ 32 عام، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية مارك تونر في بيان مكتوب "ترحب الولايات المتحدة بمبادرة مجلس التعاون الخليجي لمعالجة الوضع السياسي الصعب في اليمن، "واضاف "نشجع بقوة كل الاطراف على المشاركة في هذا الحوار الذي تشتد الحاجة اليه للتوصل لحل مدعوم من الشعب اليمني"، وتابع "عبر الرئيس اليمني علنا عن استعداده للمشاركة في انتقال سلمي للسلطة، توقيت وشكل هذا الانتقال يجب تحديدهما من خلال التفاوض وان يبدأ ذلك سريعا"، وتابع "من اجل النجاح يجب ان تشارك كل الاطراف في عملية تعالج المخاوف المشروعة للشعب اليمني بما في ذلك طموحاته السياسية والاقتصادية."

صالح بين المعارضة وخصومة

على الرغم من الاحتجاجات اليومية التي تطالب بتنحيه فان الرئيس علي عبد الله صالح متشبث بالسلطة وربما لايزال يعتقد أن بوسعه الخروج من هذه الازمة، ونجح رئيس أفقر دولة عربية في التعامل ببراعة مع الشبكات المعقدة للجيش والقبائل والساسة ليبقى في الحكم 32 عام، لكن قبل اكثر من شهرين بدأ شبان يمنيون يطالبون باسقاط صالح (69 عاما) مستلهمين انتفاضتي مصر وتونس وأنحوا باللائمة عليه في تفشي الفساد وسوء ادارة الاقتصاد الذي يعتمد على المساعدات والذي يعاني من جراء نمو سكاني سريع واحتياطيات نفط تتقلص بسرعة وأزمة مياه مروعة، وانشق الكثير من ضباط الجيش وشيوخ القبائل ورجال الدين وساسة الحزب الحاكم لينضموا الى المعارضة، وتجري مواجهات بين وحدات موالية لصالح ومناوئة له في العاصمة صنعاء ادت الى قتلى من كل جانب في تبادل لاطلاق النار.

ولم يعد بوسع صالح الاعتماد على الدعم من حليفتيه الولايات المتحدة والسعودية اللتين كانتا تعتبرانه حليفا ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ومقره اليمن، ودعت السعودية وشركاؤها في مجلس التعاون الخليجي هذا الاسبوع الى نقل السلطة في اليمن، غير أن الرئيس الصامد الذي يشغل أقاربه مناصب أمنية رفيعة مازال يقاوم الضغوط من أجل تنحيه بسرعة، تقول سارة فيليبس من جامعة سيدني والمتخصصة في شؤون اليمن " قراءتي لاساليب صالح هي أنه في كل يوم يستطيع فيه التشبث بالسلطة يمكنه محاولة تقويض من انشقوا فضلا عن المعارضة الرسمية وفي ذات الوقت يركز على حجته بأن اليمن سينزلق الى الفوضى بدونه."

وأضافت "بعض اليمنيين خاصة من هم اكثر تأثرا بالتذبذبات البسيطة في الاسواق المحلية ربما مازالوا يفضلون الوضع القائم على احتمال استمرار الاضطرابات لفترة طويلة"، واستطردت قائلة "غير أنني أعتقد أنه كلما حاول هذا لفترة أطول كلما خلق مزيدا من العداوة"، وبعيدا عن اثارة احتمال نشوب حرب أهلية او فوضى لا نهاية لها لزرع الخوف في نفوس المترددين فان الرئيس يستطيع ايضا الاعتماد على المال والسلاح والبراعة السياسية، وقال المحلل السياسي اليمني عبد الغني الارياني "مازالت الخزانة متاحة لصالح بلا قيود، فلديه الحرس الجمهوري والقوات الجوية والامن المركزي والحزب الحاكم الذي يملك ما يكفي من المال والدعاية لاشاعة الخوف من المجهول وكل هذا يمكن أن يحشد مئات الالاف من مؤيديه"، وأبرز المنشقين من الجيش اللواء علي محسن الذي نشر الفرقة الاولى المدرعة لحماية المحتجين في صنعاء.

وينظر الى اللواء القوي الذي ينفي السعي لرئاسة البلاد على أنه لاعب أساسي محتمل في حقبة ما بعد صالح، وقالت زينب العصام من مؤسسة (اكسكلوسيف أناليسيس) للاستشارات ومقرها لندن ان صالح "ارتبط ببعض اكبر فضائح الفساد في اليمن في الاعوام القليلة الماضية وله مصالح تجارية مهمة جد، "وأضافت "انه لاعب رئيسي في قطاع الطاقة فيما يتعلق باشتراكه في صفقات نفطية كبرى وبوصفه مستفيدا من عمليات تهريب الديزل المربحة"، وقال الارياني ان صالح حول خسارة أحد أوثق حلفائه لصالحه وتمكن من تصوير ثورة الشباب على أنها مؤامرة من محسن وحزب الاصلاح الاسلامي المعارض وحلفائه القبليين، وقتل اكثر من 116 محتجا على الاقل في المظاهرات التي يشهدها اليمن منذ 11 فبراير شباط، ويضمر كثيرون مشاعر مناهضة لصالح على الساحة السياسية والقبلية المتشرذمة من جراء نزعة انفصالية في الجنوب وتمرد يثور ويخمد في الشمال وهجمات يشنها متشددو القاعدة. بحسب رويترز.

وصور صالح نفسه للمانحين الغربيين القلقين وجيران اليمن من دول الخليج على أنه رجلهم في مكافحة تنظيم القاعدة لكنهم ربما ينظرون له الان كعبء، وحددت المعارضة مهلة أسبوعين لتنحي صالح، وقالت المعارضة ان عرض الوساطة الخليجي الذي يشمل اجراء محادثات في الرياض لم يكن واضحا بدرجة كافية بشأن سرعة انتقال السلطة المقترح حتى بعد طلب ايضاح من السفراء الخليجيين، ومن المؤكد أن الرئيسي سيبحث عن افضل صفقة لنفسه ولافراد أسرته المرجح أن يرغبوا في الاحتفاظ بثروتهم والحصول على حصانة تقيهم المحاكمة، ويقول جريجوري جونسن الباحث المتخصص في شؤون اليمن ان صالح يضع محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك نصب عينيه لذا فهو لا يريد الاستقالة ليواجه الاعتقال والسجن، وليس واضحا الى متى ستمتد المواجهة لكن جونسن يقول "كلما طالت كلما تدهور الاقتصاد والوضع الامني في اليمن، ويجب أن يحفز هذان العاملان الاطراف الخارجية لاعطاء الدعم لانتقال سريع."

وهو يرى أن الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي ومجلس التعاون الخليجي تفهم كل المخاطر لكن عليها اولا العثور على الية للانتقال مشيرا الى تضارب ردود الفعل اليمنية على مبادرة مجلس التعاون.وربما يكون صالح الذي تنتهي ولايته رسميا في عام 2013 يبحث لنفسه وبطانته عن اكثر من الحصانة من المحاكمة وهي فكرة تقبلها أحزاب المعارضة لكن لا يقبلها المحتجون الشبان، وقال الارياني "انه يريد ايضا اعادة هيكلة القوات المسلحة وأن يكون له رأي في من في الحزب الحاكم يحصل على الحقائب في حكومة الوحدة الوطنية"، وأضاف "علاوة على ذلك مازال يأمل في تبدل الاوضاع بما يسمح له بالخروج من هذا والاستمرار في الحكم."

تكتل سياسي جديد في اليمن

من جهة اخرى اعلن في صنعاء عن تشكيل تكتل سياسي جديد تحت اسم العدالة والبناء يضم أبرز قيادات الحكومة والحزب الحاكم المستقيلين اخيرا احتجاجا على قمع المتظاهرين، والمنظمين الانتفاضة الحالية في البلاد، ويذكر ان الاعلان عن التكتل الجديد يأتي في في وقت تتواصل فيه استقالات عدد من المسؤولين الحكوميين من مناصبهم ومن عضوية الحزب الحاكم، ووصف رئيس الدائرة الاعلامية بالمؤتمر الشعبي العام الحاكم في اليمن طارق الشامي المستقيلين من الحزب بأنهم فاسدون ومتطرفون وانتهازيون، وكانت الانباء الواردة من اليمن قد افادت بان قوات حكومية ومسلحين من أنصار الحزب الحاكم اطلقوا الرصاص الحي وقنابل الغاز على مسيرة حاشدة في صنعاء مما ادى الى سقوط عدد من الجرحى ووقوع حالات من الاختناق بالغاز. بحسب البي بي سي.

واكدت مصادر طبية بالمستشفى الميداني بساحة التغيير ارتفاع عدد المصابين بالرصاص الحي الى 20 متظاهرا وحالات التسمم بالغاز الى 245 حالة، وفي صنعاء نقلا عن شهود عيان ان مسلحين يرتدون ثيابا مدنية حاصروا وهاجموا مئات الآلاف من المتظاهرين، وطوقت قوات حكومية وقوات مكافحة الشغب المتظاهرين من عدة اتجاهات وسط استمرار اطلاق الرصاص الحي والقنابل الغازية بشكل مباشر على المتظاهرين، وأفاد شهود عيان أن النقاط الأمنية المنتشرة على مداخل العاصمة صنعاء منعت آلاف القادمين من المناطق المجاورة للعاصمة من الدخول للمشاركة في ما سمي مسيرات الكرامة والشرف، وأضاف مراسلنا عبد الله غراب أن التظاهرات كانت تستهدف التنديد بتصريحات أدلى بها صالح وانتقد فيها وجود اختلاط بين الجنسين في الاحتجاجات.

ويذكر ان النساء اليمنيات بدأن بالمشاركة بالاحتجاجات منذ بداية شهر مارس/آذار، ويتمسك صالح بالسلطة بالرغم من انشقاق ضباط الجيش بشكل شبه يومي وتخلي شخصيات قبلية ذات نفوذ عنه واستقالات العديد من الدبلوماسيين اليمنيين في الخارج، وفي مدينة دمر الجنوبية جرح 18 شخصا على الأقل في اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن بعد أن أطلقت الغازات المسلة للدموع على المتظاهرين، حسب مسؤولين طبيين في المدينة، وقال أحد الناشطين في المدينة واسمه عبدالرحمن أحمد، "إن لعلعة الرصاص سمعت في الأجواء ولكن لم يتضح إن كانت قوات الأمن أطلقت رصاصا حيا أو مطاطيا"، وفي مدينة تعز شارك نحو 100 ألف شخص في الاحتجاجات، كما شهدت عدن مظاهرات كبيرة.

كما قال رجال دين وزعماء قبائل يمنيون انهم سيؤيدون مطالب ثورة الشباب ودعوا الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الى التنحي فور، وفي بيان صدر في العاصمة صنعاء قالوا انه يجب الاستجابة للمطالب السلمية للمحتجين وحثوا على التنحي الفوري لرئيس الجمهورية واقالة كل اقاربه من الجيش وأجهزة الامن، وكان وزراء خارجية دول الخليج الذين يسعون الى تخفيف حدة المخاطر التي يمكن ان يشكلها عدم استقرار اليمن على المنطقة قد وجهوا الدعوة لصالح والى معارضيه لحضور محادثات الوساطة بشأن نقل السلطة لانهاء المواجهة السياسية التي تنطوي على خطر وقوع أعمال عنف، لكن المعارضة اليمنية رفضت عرضا بالمشاركة في محادثات بوساطة خليجية تجري في السعودية لنقل السلطة، وقالت المعارضة ان عرض الوساطة الخليجي الذي يشمل اجراء محادثات في الرياض لم يكن واضحا بدرجة كافية بشأن سرعة انتقال السلطة المقترح حتى بعد طلب ايضاح من السفراء الخليجيين. بحسب رويترز.

وذكرت مصادر دبلوماسية ان المحادثات التي جرت خلال الاسابيع القليلة الماضية لحسم الازمة التي بدأت باحتجاجات حاشدة في صنعاء اوائل فبراير شباط للمطالبة باصلاحات سياسية تعثرت بسبب اصرار صالح على الحصول على حصانة لنفسه ولاسرته من اي محاكمة، ويبدو ان المبادرة الخليجية بقيادة السعودية التي طلبها صالح طوال اسابيع وفرت له هذا الامر، وتخشى السعودية وحلفاء اليمن الغربيون من أن تؤدي مواجهة مطولة في البلاد الى اندلاع اشتباكات بين وحدات متناحرة بالجيش في العاصمة وفي أماكن أخرى وتحدث فوضى مما سيكون في مصلحة تنظيم القاعدة، وتوجد مخاوف من ان العنف يمكن ان يتصاعد في البلاد التي يحوز أكثر من نصف سكانها البالغ عددهم 23 مليون نسمة أسلحة.

يمنيات يرفضن تصريحات صالح

في سياق متصل احتجت الاف النساء اليمنيات في صنعاء ومدن اخرى بعد ان أغضبتهن تصريحات للرئيس علي عبد الله صالح قال فيها ان انضمامهن الى الرجال في المظاهرات المطالبة بتنحيه يتنافى مع الاسلام، وقالت النساء اللاتي اتشح كثير منهن بالسواد وارتدين النقاب ان دورهن في الاحتجاجات سليم من الناحية الدينية وطالبن الرئيس بالتنحي استجابة لنحو ثلاثة أشهر من المظاهرات التي تطالب بالاطاحة به، وقالت سامية الاغبري زعيمة حركة الاحتجاج ان الرئيس صالح فشل فيما يبدو في كل جهوده لاستخدام القبائل والامن في ضرب الذين يسعون لرحيله ولذلك لجأ الى استخدام الدين وخاصة بعد ان شاهد الاف النساء يشاركن في الاحتجاجات.

وحث صالح المعارضة على اعادة النظر في رفضها الانضمام الى المحادثات لحل الازمة في اليمن، وكان صالح قد حذر من حرب أهلية ومن تقسيم اليمن اذا اجبر على التنحي قبل اجراء انتقال منظم للسلطة، لكنه تحدث بلهجة بها تحد عندما وصف المعارضة بالكذب وبأنهم قطاع طرق وأشار الى حساسيات دينية في البلد المسلم المحافظ بانتقاد الاختلاط بين المحتجين في صنعاء، وتظاهرت نحو 5000 امرأة ضد صالح في صنعاء وبعدد مماثل في مدينة تعز جنوبي العاصمة، ولقيت الاحتجاجات المناهضة لصالح تأييد الائتلاف المعارض الرئيسي الذي يضم يساريين لكن حزب الاصلاح الاسلامي هو أكبر عضو في الائتلاف، ورددت النساء هتاف "ياللعار ياللعار يا علي الا الاعراض"، وأحضرت بعض النساء بناتهن معهن الى الاحتجاجات بينهن فتاة رسمت على وجهها صورة العلم اليمني يحيط به قلب على خديها وكلمة "ارحل" على جبهتها. بحسب رويترز.

وقالت محتجة اكتفت بقول ان اسمها ماجدة "لو ان صالح كان يقرأ القرآن لما وجه هذه الاتهامات"، وأضافت "نطالب بأن يحاكم وفقا للشريعة"، وتخشى السعودية وحلفاء اليمن الغربيون من أن تؤدي مواجهة مطولة في البلاد الى اشتباكات بين وحدات متناحرة بالجيش في العاصمة وأماكن أخرى وتحدث فوضى تصب في مصلحة تنظيم القاعدة، ودعا وزراء خارجية الدول العربية الخليجية صالح وخصومه الى محادثات بشأن نقل السلطة قالت مصادر دبلوماسية انها تعثرت في الاسابيع الاخيرة بسبب رغبة صالح في الحصول على حصانة من المحاكمة له ولاسرته، وتقدم خطة الدول العربية الخليجية وعدا فيما يبدو لصالح بالحصانة وقبلها في اليوم التالي، وعرض صالح اجراء انتخابات هذا العام لكنه يقول انه يجب أن يبقى في السلطة للاشراف على التغيير أو تسليم السلطة لما يصفه "بأيد أمينة".

وقال زعماء معارضة انهم بعثو وفد يرأسه وزير الخارجية الاسبق محمد باسندوه الذي اصبح الان سياسيا في صفوف المعارضة الى السعودية لشرح موقفهم من اقتراح المحادثات بوساطة خليجية، ورفض ائتلاف المعارضة في السابق الذهاب الى محادثات الرياض لانها ارادت التركيز على اجبار صالح على الرحيل خلال اسبوعين واقتراح الخليج لم يتضمن جدولا زمنيا سريعا لنقل السلطة.وقال مسؤول محلي انه في مدينة عدن الجنوبية حاول مسلحون اقتحام مركز للشرطة ثم خاضوا معركة مع قوات الامن لمدة نصف ساعة تقريبا قبل ان يعودوا أدراجهم بسبب نيران القناصة الذين انتشروا فوق اسطح مبان، وقال مسؤولون ان المحتجين في عدن حاولوا تعطيل حركة المرور في المدينة دعما لدعوة للاضراب لكن دوريات الامن كانت تزيل الحواجز المؤقتة، وكانت معظم المتاجر مغلقة، وفي محافظة أبين الجنوبية حيث ينشط متشددو القاعدة وانفصاليو الجنوب قتل مسلح يستقل دراجة نارية جنديا بالرصاص أثناء سيره في الشارع حسبما ذكرت مصادر طبية، وقال مسؤول محلي ان مسلحين هاجموا دورية أمن ليلاً في محافظة لحج الجنوبية مما ادى الى اصابة جنديين بجروح في هجوم نسب الى انفصاليين، وقال مسؤول محلي في محافظة عمران شمالي صنعاء إن مسلحين هاجموا سجناً وقتلوا ثلاثة حراس واطلقوا سراح 20 سجينا محكوما عليهم بالاعدام، وقال ان السلطات تمكنت من القاء القبض عليهم مرة أخرى باستثناء سجين واحد وهو اسلامي أدين بقتل أحد أعضاء الطائفة اليهودية الصغيرة في عام 2008

مستقبل مجهول في اليمن

على صعيد متصل كتب عيسى بلومي استاذ التاريخ المساعد في جامعة ولاية جورجيا الأميركية ومؤلف كتاب "فوضى في اليمن" مقالا في صحيفة "هيرالد تريبيون" يقول فيه انه بالنظر الى طبيعة القوى المعارضة ورسوخ نظام الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في الحكم والسياسة الحالية للولايات المتحدة تجاه نظام حكمه فان مستقبل اليمن يبدو قاتماً مهما يحدث للرئيس صالح، واضاف"منذ وصول الرئيس علي عبد الله صالح إلى الحكم في انقلاب عام 1978، استخدم نظامه بشكل انتقائي العنف الحكومي للمحافظة على بقائه، وعمل في أحيان كثيرة من خلال ميليشياته والموالين الآخرين له، بمن في ذلك متعاطفون سنيون مع تنظيم "القاعدة"، وكما هو متوقع فقد كانت تكاليف العنف باهظة بالنسبة الى دولة تعاني من بطالة مرتفعة وفقر منتشر، ولم يتحد شمال اليمن وجنوبه الا في العام 1990، وانحدرا نحو حرب أهلية دامية وقصيرة عام 1994 عندما تمكن الشمال مدعوما من السلفية التي تمولها السعودية من تصفية النظام السياسي في الجنوب الذي هو بلد المواطنين الأكثر تعليما وتمدناً.

وهناك حربان مستمرتان منذ فترة طويلة (تمرد في الشمال الغربي وحراك انفصالي في الجنوب الغني بالنفط والغاز) وقد نتج عنهما انقسامات اجتماعية، ان هذا التشظي الاجتماعي يجعل من الصعب بالنسبة الى لمعارضة أن تتحرك بعيدا عن شعارها البسيط والمضلل المطالب، ومن المؤكد أن البطالة والفقر يفسران السبب في مثابرتهم، غير أنه لا توجد معارضة موحدة، وأحد العوامل التي حالت دون تبني الولايات المتحدة وحلفائها علنا للمتظاهرين في الشوارع هو عدم تجانس معارضة تتكون من حوالي 100 مجموعة متمايزة، وفي حين طالبت الولايات المتحدة بغضب بتنحي الرئيس صالح، فان من المفهوم أنها لا تريد تعطيل استثمار الولايات المتحدة الطويل الأمد في النظام اليمني، وهذه السلبية من جانب واشنطن في الوقت الذي تتم فيه ملاحقة المعارضين وقتل المدنيين كلفت أميركا مصداقيتها، ولوحظ ذلك من خلال رد المحتجين الفاتر على دعوات الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي لفترة انتقال سلمية للرئاسة.

وهذه المقاربات- القليلة جدا، والمتأخرة جدا- تبدو فارغة في نظر قادة المعارضة، من أمثال الناشطة النسوية المعروفة توكل كمان، التي عارضت نظام صالح منذ العام 2007 من دون اي مساندة أميركية، هذا الغياب للاتصال مع الشعب اليمني لا يمكن تجاهله بسهولة من جانب أي شخص مهتم بالنفوذ الأميركي في المنطقة. وقد استغل الرئيس صالح لسنوات طويلة الحرب على الإرهاب على أهميتها، ولعب بمهارة على المخاوف الأمنية الأميركية والسعودية، واصفا معارضيه السياسيين بأنهم إرهابيون، من اجل الحصول على منافع اقتصادية وسياسية، كما أن ذلك حطم المعارضة خلال سنوات من القتل والتخويف، وأدى إلى فقدان المعارضة للقيادة والاستقلالية، وفي غضون ذلك، أجبرت حربان إقليميتان مئات الآلاف من اليمنيين على الهجرة إلى الأحياء العشوائية في العاصمة صنعاء ومدن مثل المكلا وتعز وعدن، وأصبح الكثيرون منهم مشاركين متحمسين في احتجاجات الشوارع.

ولسوء الحظ فإن الانشقاقات الأخيرة لضباط كبار في الجيش أضعفت، ولم تعزز، هذه الاحتجاجات.وأشهر مثال على هؤلاء المنشقين المزعومين هو اللواء علي محسن الأحمر، لكن انضمامه المفترض إلى المحتجين (الذين يشك الكثيرون منهم في دوافعه) قد أضعف إمكانية توحدهم، ذلك ان اللواء محسن كان ، بعد كل شيء، هو الذي قاد القوات ضد المتمردين في شمال غربي اليمن، وهو بالنسبة الى لكثيرين الوجه المكروه للنظام، وفي مصر، حيث يتمتع الجيش بشعبية واسعة النطاق، كان انشقاق ضباط حسني مبارك تعزيزا للمعارضة، اما في اليمن فإن عدم الثقة بالجنرالات، وخصوصا في منطقتي الحرب، يعني أن انشقاق الضباط له تأثير سلبي، والمفارقة أن استخدام الدولة للعنف من دون تمييز (اذ قتل 100 يمني تقريبا منذ أوائل شباط) كان الشيء الوحيد الذي جَسَر الهوة الإقليمية والطبقية والطائفية داخل المعارضة، ولكن المجموعات المتعددة داخل صفوف المحتجين تواجه في نهاية المطاف عقبات صعبة، انها تواجه طبقة حاكمة متمترسة تحميها قوات الحرس الجمهوري الشديدة الولاء والتي دربتها وحدات العمليات الخاصة الأميركية.

من المؤكد أن شباب اليمن الشجعان يدركون أن الحكومة- وربما ليس رئيسها الظاهر علي عبد الله صالح- محصّنة ضد تغيير النظام، سواء بالقوة أو غيرها. فموارد النظام- وهي مزيج من المساعدات العسكرية الغربية وإيرادات النفط- تجعل له القوة العليا.يتطلب التغيير الحقيقي في اليمن أن تتخلى واشنطن عن برامج المساعدة التي قدمتها لفترات طويلة للطبقة المستبدة الحاكمة، والتي تقدم تحت ستار مكافحة الإرهاب، وأن تدعم العميات الديموقراطية، مهما كانت نهاية مسارها.وبسبب عدم الثقة المتغلغل في المجتمع اليمني، فإن تغييرا غير شامل في المعارضة المفككة هو النتيجة الأكثر احتمالا. واولئك الذين يضعون أرواحهم على أكفهم في سبيل الكرامة والحرية والعدالة يمكن ان يندمجوا في فصائل العنف، ما سيقود لمرحلة من العداء للولايات المتحدة وحلفائها السعوديين. ومهما يحدث للرئيس صالح، فإن مستقبل اليمن يبدو قاتما".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 25/نيسان/2011 - 22/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م