مساجد الله والقرآن في البحرين يرعبان طغاة الجزيرة

صالح الطائي

(ذكر الحقائق لا يعني التعنصر، والدعوة إلى التوازن لا تعني الطائفية، ونهجي التسامحي يمنعني دائما من الخوض في مواضيع تبدو وكأنها طائفية، ولكن كتابة هذا الموضوع جاءت للرد على أفعال طائفية)*

 

رغم أن الثورة الشبابية البحرينية جاءت متزامنة ومتجايلة ومتناسقة ومتساوقة مع موجة الغضب العربي العارم الذي هز عروش الحكام الطغاة، وزلزل الأرض تحت أقدامهم، إلا أن خصوصية التكوين المجتمعي البحريني، أعطت لثورتها تفردا من نوع خاص، تمت صناعته في دهاليز الطائفية، والرجعية العربية، والماسونية العالمية، وغرف التحجر الفكري الديني الطائفية، بعناية ومكر شيطاني، ودهاء صهيوني.

هذه الخصوصية لم تأت لكون الثورة البحرينية استخدمت السلاح والمواجهة العنفية.

ولا لأنها دعت القوات الأجنبية للتدخل لنصرتها وتدمير قوة البلد العسكرية وبنيته التحتية، وموارده الاقتصادية.

ولا لأن عناصر أجنبية أو عربية دخلت إلى البحرين لنصرة اهلها المتظاهرين.

ولا لأن الثورة كانت تدعو إلى الطائفية، أو الكراهية.

ولم تكن الثورة الوحيدة في العالم العربي، فقد سبقتها ثورات تونس ومصر وليبيا واليمن، بشكل علني، وثورة الجزائر والمغرب والكويت والمنطقة الشرقية في السعودية، بشكل سري.

ولا، ولا، ولا ، إلى أن تنتهي لاءات العالم كلها.

شعار الثورة البحرينية كان واضحا مسموعا مدويا يشق عنان السماء: (سلمية، سلمية) وهو شعار لم ترفعه قبل البحرينيين، أية حركة شبابية عربية أخرى، ومن أهل البحرين الوطنيين النجباء، تعلم الثوار العرب هذا الشعار ورددوه!

ونهج الثورة البحرينية كان أوضحا وجليا وصريحا: (أخوان سنة وشيعة، هذا الوطن ما نبيعه) مرفوعا قبالة الدعوات الطائفية، وثقافة القطيعة والتحيز والعنف.

ووطنية الثوار البحرينيين ترجمتها الأعلام والرايات البحرينية التي كانوا يرفعونها رفرافة فوق رؤوسهم باحترام وتبجيل، وكانوا يلفون بها شهداءهم للدلالة على أن الضحية مات من أجل الوطن.**

إذا، من أين جاءتها الخصوصية التي دفعت العالم كله بما فيه دول الاستكبار العالمي المجرم، أمريكا وبريطانيا وفرنسا، للسكوت بهذا الشكل المريب والمخزي، عما جرى ويجري من مجازر، يندى لها جبين الشرف.

ودفعت القنوات الفضائية العربية التي بح صوتها مثل الجزيرة مباشر، والعربية، وهي التي صرفت ملايين الدولارات لحث شباب العرب على الثورة في بعض البلدان العربية، وتغطية أخبارهم، للسكوت بهذا الشكل المخزي والحقير.

وأخرجت وعاظ السلاطين والمعممين التقليديين من حشمتهم الزائفة ووقارهم الخادع الذي تجلى من خلال دعمهم اللامحدود للشباب الليبي، وإصدارهم الفتاوى النارية التي تحث على قتل القذافي المجرم كفرض وجوب على كل أهل ليبيا، وفتواهم بأن من يسقط قتيلا من الشباب في هذه المنازلة يعتبر شهيدا. أخرجتهم من وقارهم فحرفوا العقيدة، وخالفوا الشريعة، فأفتوا بحرمة الثورة في البحرين، ومن يخالف فتواهم، من أهل البحرين، يعتبر كافرا ومرتدا، يجوز قتله وقتاله، والمثلة به، وهتك عرضه، ومصادرة ماله، وهدم مسجده وحسينيته وبيته، وحرق قرآنه؟

لقد جاءت خصوصية الثورة البحرينية لأن غالبية الشعب البحريني هم من الشيعة المظلومين المضطهدين، الذين يعاملون كمواطنين من الدرجة العاشرة!( يمثل الشيعة 60% في الأقل من مجموع السكان البالغ عددهم نحو 600 ألف نسمة( [***] أي أن الثورة كانت شيعية الطابع، فاعتقد الطائفيون الحاقدون، أنها إذا نجحت، فهي إما أن تنصب حاكما شيعيا يحنو على الشيعة ويرفع ظلامتهم، أو أن الحاكم السني الذي ستأتي به عبر صناديق الاقتراع والانتخاب الديمقراطي، يعطي الشيعة حقوقهم ويعاملهم بالمثل مع الأقلية الآخرين.

لهذا السبب ولهذه الخصوصية سكت العالم (الحر، المتمدن) من دعاة الديمقراطية الخرقاء عن مجازر وجرائم درع الجزيرة، وسكتت القنوات الفضائية عن الخروقات اللاأخلاقية، وتكلم الإفتائيون الطائفيون الفئويون كلاما يقطر طائفية وحقدا، ودخلت قوات درع الجزيرة المجرمة لتعيث في أرض البحرين الطيبة الفساد.

لهذه الخصوصية تقوم القوات المسلحة البحرينية وقوات درع الجزيرة بالمداهمات والاعتقال العشوائي للنساء والرجال والأطفال، للأطباء، وطلاب الجامعات، والموظفين الحكوميين الشيعة، وتغيبهم في سجونها، وفي مقابرها الجماعية. للإطلاع على معلومات أكثر، أرجو الدخول إلى الرابط أدناه وقراءة الموضوع والتعليقات التي كتبت عليه.

 http://news.maktoob.com/article/6206828

 ولم تكتفي بهذا الفعل الشنيع، والعمل الإجرامي القبيح، وإنما حركت جرافاتها وآلياتها الثقيلة المدعومة بالدبابات وعسكر درع الجزيرة، لتهديم الحسينيات، والجوامع الشيعية، بكامل محتوياتها، وموجوداتها، من نسخ القرآن الكريم، والكتب الفقهية، بحجة أنها مبنية دون ترخيص، مستخدمة نفس الأعذار القذرة التي تستخدمها القوات الصهيونية المجرمة المحتلة لأرض فلسطين البطلة في هدم بيوت أهلها الأصليين، وأصحابها الشرعيين.

ولا تكتفي بذلك الفعل الخسيس فقط، وإنما تقوم بحرق نسخ القرآن الكريم الموجودة في هذه الأماكن المقدسة، تماما كما فعل القس الأمريكي المجنون "تيري جونز" وربما بفعل أكثر حقارة من فعل القس، لأن القس لا يعرف قيمة وقدسية القرآن، أما هؤلاء فلأن الحقد الأسود هو الذي دعاهم إلى حرق كتاب الله، بعد أن صدرت فتوى شرعية من وعاظ السوء، الدعاة على أبواب جهنم تبيح لهم حرق القرآن إذا لامسته يد الشيعي!!!

ولمن لا يصدق هذا الحديث أضع الرابط التالي لمشاهدة هدم المساجد وحرق القرآن

http://www.youtube.com/watch?v=a4OIt2WCnk8

ما أدعو له وأتمناه من وراء كتاباتي، مجرد دعوة للتعامل فيما بيننا وفق موازين معيارية عادلة مع قضايا العرب والمسلمين، بعيدا عن الإكراهات الطائفية والمحفزات الفئوية، والدوافع العنصرية، التي تتحكم بطرائق تفكيرنا، فتظهرنا للعالم بأكثر من صورة، غالبيتها فاشية، سادية، دموية، خالية من الروح الإنسانية، وأقليتها بلا ملامح صادقة، ولا شبه آدمي، ولا تمت لروح الإسلام المحمدي بصلة تذكر.

* أنا لم أشأ أن اكتب مثل هذا الموضوع من قبل ولكن رسالة وصلتني على بريدي تتحدث عن الروابط التي نقلت صور هدم المساجد وحرق القرآن، جاء فيها: (هذا كذب وتدليس وافتراءات لمن لا يعيش في البحرين ولا يعرف الحقيقة، كما أنه اسلوب رخيص لإستعطاف الرأي العام العربي والإسلامي، كيف لكائن أن يصدق أن أهل البحرين أو الخليج العربي يقبلون بحرق المصحف؟، إن ما شاهدتموه في المقطع هو عبارة عن وحدة تتبع قوة دفاع البحرين، وهي مكلفة بإتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الأمن وهم يهدمون اي مبنى سواء كان مسجد أو مبنى أو حسينية غير قانونية أي غير مرخصة من السلطات المختصة، اي بوضع اليد غصبا، لذا فإن اكثرية شعب البحرين يؤيد هذه الإجراءات بل كان يطالب بها. ويظهر من التدليس الواضح بأن القوات تأتي وتهدم وترفع الأنقاض حتى لا ترفع المكيفات ويتهمونها الباطلون بالسرقة، إنما هذه مسرحية من مسرحيات الكذابين الإنقلابيين الذين كادو يفتكون بالبحرين وأهلها ومكتسباتها لصالح عدوة العرب والإسلام الاولى إيران.)

فأستفزني التدليس والكذب الرخيص فيها لأكتب، والذي أثار غضبي وحنقي أكثر تلك التعليقات التي كتبت على صفحة الشريط والتي قال أحدها ما معناه: (وما حاجة الشيعة للمساجد، ألم يقل الرسول [خلقت لي الأرض مسجدا وطهورا] الأرض واسعة وصلوا فيها!!)

** ماذا نقول عن اعتصام الموصل، والمعتصمون كانوا يرفعون الأعلام البعثية، وأعلام المملكة السعودية، ولا يوجد أي علم عراقي رسمي بيد المعتصمين؟؟

*** كان هناك بين الثوار مجاميع كبيرة من الأخوة السنة البحرينيين الشرفاء

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 25/نيسان/2011 - 22/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م