تراجع غولستون هل يسقط عن اسرائيل الادانة

شبكة النبأ: على الرغم من اعلان المسؤولين الاسرائيليين عدم اكتراثهم بنتائج تقرير غولستون حول الهجوم على غزة، الا ان واقع الحال يعكس غير ما هو معلن، حيث سعت تل أبيب من اليوم الاول لإجراء التحقيق على التأثير في سير عملياته ومحاولة تحريف الحقائق قدر استطاعتها، وهو امر نجحت وان بشكل ضئيل في التخفيف من لهجته، الا ان نتائجه جاءت بما لا يشتهي ساستها.

مسعى سحب التقرير

فقد نشر ثلاثة اعضاء في لجنة تحقيق للامم المتحدة في حرب غزة مقالا رفضوا فيه مطالب اسرائيل لسحب تقرير يقول ان جرائم حرب ربما تكون ارتكبت ضد مدنيين.

ووجه التقرير الذي أصدره القاضي ريتشارد جولدستون في 2009 بتفويض من مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة اتهامات لاسرائيل وحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة بشأن الحرب التي دارت رحاها في ذلك العام وقتل فيها 1400 فلسطيني و13 اسرائيليا.

وبعد اشهر من تعرضه للانتقاد من قبل اسرائيل بشأن تلك الاتهامات نشر جولدستون مقالا في صحيفة واشنطن بوست في وقت سابق هذا الشهر عدل فيه اتهاما رئيسيا كان وجهه لاسرائيل.

لكن الاعضاء الثلاثة الاخرين في لجنة جولدستون ردوا في مقالهم في صحيفة الجارديان بالقول "لا يوجد مبرر لاي مطلب او توقع لاعادة النظر في التقرير" وان أكثر من ثلث الاحداث التي اشير اليها فيما يتعلق بالحرب التي استمرت 20 يوما لم تحل بعد أو لم يتم التحقيق فيها.

وقال اعضاء اللجنة وهم هينا جيلاني وكريستين تشينكنج وديزموند ترافرز ان اسرائيل وحماس "لم يقدما حتى الان أساسا مقنعا لاي مزاعم تتناقض مع تقرير اللجنة."

ورفض نبيل ابو ردينة مساعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس اي حديث عن تخفيف نتائج التقرير قائلا ان السلطة الفلسطينية "ستواصل جهودها لمحاسبة اولئك الذين ارتكبوا جرائم حرب اثناء العدوان الاسرائيلي في غزة."

وذكرت وسائل اعلام اسرائيلية ان الامين العام للامم المتحدة بان جي مون رفض صراحة طلبا من الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس لسحب التقرير. وقال مسؤول بالامم المتحدة ان اي تعديل للتقرير هو من اختصاص مجلس حقوق الانسان الذي عين لجنة جولدستون قبل عامين. بحسب رويترز.

واتهمت اسرائيل مرارا مجلس حقوق الانسان الذي مقره جنيف بالانحياز ورفضت التعاون مع لجنة جولدستون وهو موقف اشار اليه في مقاله الاخير بأن قال ان النتائج التي توصل اليها ربما انها ستكون مختلفة لو ان اسرائيل أبدت تعاونا اكبر.

في مزبلة التاريخ

من جهته دعا رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الامم المتحدة الى "الالغاء الفوري" لتقرير غولدستون حول الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة نهاية العام 2008 بعد "الاسف" الذي عبر عنه معد التقرير القاضي الجنوب افريقي ريتشارد غولدستون.

وقال نتانياهو في تصريح مقتضب على التلفزيون "ادعو الامم المتحدة الى الالغاء الفوري لتقرير غولدستون. يجب رمي هذا التقرير في مزبلة التاريخ". واضاف "اليوم اكد غولدستون ما كنا نعلمه منذ البداية: اسرائيل قالت الحقيقة، لم نهاجم يوما بطريقة متعمدة مدنيين واجهزة المراقبة لدينا هي في مستوى ارفع المعايير الدولية في وقت لم تقم حماس بالتثبت من اي شيء مع الاستمرار في طلاق (صواريخ) لقتل مدنيين".

واعتبر ان "الامر الاكثر عبثية ان مجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة والذي يضم بين اعضائه البارزين ليبيا (معمر) القذافي كان وراء هذا التقرير".

وفي مقال نشرته صحيفة الواشنطن بوست، كتب القاضي غولدستون، معد تقرير للامم المتحدة حول الاتهامات بارتكاب جرائم حرب خلال عملية "الرصاص المصبوب" الاسرائيلية في غزة بين 27 كانون الاول/ديسمبر 2008 و18 كانون الثاني/يناير 2009 ان تقريره كان ليصدر بطريقة مختلفة اليوم.

وكتب القاضي "لدينا معلومات اليوم حول ما حصل خلال حرب غزة اوفى بكثير مما كنا نملك خلال ترؤسي لجنة التحقيق". وتابع "على الرغم من ان اسرائيل لا تنكر، منذ نشر تقريرنا، الخسارة المأساوية لارواح مدنيين، اشعر بالاسف لان لجنة التحقيق لم تستطع الاطلاع على الظروف التي نعتبر ان مدنيين استهدفوا خلالها في غزة". واضاف "هذا كان ليغير على الارجح الخلاصات التي توصلنا اليها حول الطابع المتعمد لارتكاب جرائم ووجود جرائم حرب".

وكان هذا التقرير تحدث عن امكانية ان تكون اسرائيل وحماس معا ارتكبتا جرائم حرب. واشار تقرير اصدرته لجنة انشأها مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة لمتابعة تقرير القاضي غولدستون الى ان اسرائيل خصصت "موارد مهمة للتحقيق حول اكثر من 400 ادعاء بارتكاب تجاوزات خلال العملية في غزة".

في المقابل، كتب غولدستون ان حماس "لم تجر تحقيقا حول شن هجمات واطلاق صواريخ وقذائف هاون على اسرائيل" وهو السبب الذي استخدمته اسرائيل لتبرير عمليتها العسكرية في قطاع غزة.

وادى الهجوم الاسرائيلي على غزة الذي شنته اسرائيل لوقف اطلاق الصواريخ على اراضيها، رسميا الى سقوط 1400 قتيل من الجانب الفلسطيني غالبيتهم من المدنيين بحسب مصادر محلية و13 قتيلا في الجانب الاسرائيلي.

وبحسب غولدستون، فإن "الجرائم" التي ارتكبتها حماس كانت متعمدة لان الصواريخ "استهدفت بشكل لا لبس فيه اهدافا مدنية". واضاف "الادعاءات بالطابع المتعمد" من جانب اسرائيل استندت الى سقوط قتلى وجرحى مدنيين "في ظروف لم تستطع لجنة التحقيق الدولية تحديدها". كما ابدى غولدستون قلقه لأن "قلة فقط من التحقيقات الاسرائيلية توصلت الى خلاصات" وتم عرض نتائجها على الملأ.

واكد وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك من جانبه في بيان انه من المفيد لو ان القاضي غولدستون "لا يكتفي بنشر مقالة بل بنشر خلاصاته الحالية امام المجتمع الدولي". وقال "بهذه الطريقة فقط سيمكنه تصحيح جزئيا الضرر الذي الحقه".

ومنذ صدور تقرير غولدستون نهاية العام 2009، وجهت السلطات الاسرائيلية التي رفضت التعاون مع تحقيق الامم المتحدة، انتقادات طالت القاضي الجنوب افريقي متهمة اياه بخدمة اهداف حماس.

التراجع عن التقرير

من جانبه قال وزير الداخلية الاسرائيلي ايلي يشاي إن ريتشارد غولدستون رئيس لجنة التحقيق الأممية حول الحرب على غزة ـ قد وعده باتخاذ إجراءات إضافية في مجال التراجع عما ذكره في التقرير.

وأضاف يشاي أن ذلك جاء في مكالمة هاتفية أجراها مع غولدستون ودعاه فيها لزيارة الأراضي جنوبي اسرائيل التي تعرضت لهجمات صاروخية فلسطينية على مدى عشرات السنين .

وقال يشاي لإذاعة الجيش الإسرائيلي إنه تحدث هاتفيا لغولدستون للتعبير عن التقدير لموقفه الشجاع بإعادة النظر في الاتهامات التي وجهها لإسرائيل، ولدعوته لزيارة التجمعات السكانية في الجنوب والتي عانت طويلا من الصواريخ الفلسطينية. وأضاف يشاي أن غولدستون كيهودي يتفهم تماما قصة معاناة الشعب اليهودي، ومن المهم جدا أن يأتي هنا ويشاهد ذلك . بحسب أسوشيتد برس.

من جهته قال داني جيلرمان السفير الإسرائيلي السابق في الأمم المتحدة والذي اشترك في نفس المكالة الهاتفية مع غولدستون إن الأخير وعده بالعمل على تغيير صفة التقرير، إلا أنه أراد أولا أن تهدأ الأمور قليلا ، عقب تقرير الواشنطن بوست. فيما نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن غولدستون تصريحه بأنه سيزور إسرائيل أوائل شهر يوليو/تموز كضيف على وزير الداخلية.

وكان غولدستون ـ وهو يهودي ـ قد ترأس لجنة لتقصي الحقائق حول حرب غزة خلصت في التقرير الذي نشرته عام 2009 الى ان اسرائيل وحركة حماس ارتكبتا جرائم حرب.

وشمل التحقيق جرائم الحرب التي ارتكبتها كل من اسرائيل وحركة حماس. وكانت اسرائيل قد طالبت بإلغاء التقرير الدولي. الا ان غولدستون قال في مقالته بصحيفة الواشنطن بوست يوم لو علمت آنئذ ما أعلمه الآن، لكان تقرير غولدستون وثيقة مختلفة عما هي عليه.

يذكر ان الحرب التي شنتها اسرائيل على القطاع تحت ذريعة منع الفلسطينيين من اطلاق الصواريخ على مدنها الجنوبية قد اودت بحياة 1400 فلسطيني، بمن فيهم المئات من المدنيين، و13 اسرائيليا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 23/نيسان/2011 - 20/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م