الاستثمار الاجتماعي في الوطن العربي

حسن ابراهيم

عرف الاقتصاديون الإستثمار بعده تعريفات مجملها يمكن تلخيصه بأنه التضحية المؤقتة بأموال حالية من اجل الحصول على أموال مستقبلية، أما الإستثمار الإجتماعي فهو يختلف من حيث الهدف والجوهر عن الاستثمار التقليدي فجوهر الاستثمار الإجتماعي هوتحقيق أهداف اجتماعية تعمل على تنمية أفراد المجتمع في النواحي الإقتصادية والتعليمية والصحية وغيرها من النواحي التي تخدم احتياجات الفئات ذوي الدخل المنخفض في المجتمع.

 ويوجد أيضا فرق كبير بين المؤسسات الإجتماعية والمؤسسات التجارية فالهدف الأساسي للمؤسسات التجارية هي تحقيق الربح أما المؤسسات التي تعمل في الاستثمار الإجتماعي فتقاس كفاءتها وأرباحها بمدي قدرتها على تحقيق رسالتها وأهدافها الإجتماعية فهي مؤسسات لا تعمل على تحقيق الربح المادي بقدر عملها للحصول على الربح الإجتماعي.

 ولكن مع ذلك فمؤسسات الإستثمار الإجتماعي يجب أن تعمل على تحقيق هامش ربح يؤهلها لإستدامة تقديم خدماتها كما يختلف مالكي المؤسسات التجارية عن مالكي المؤسسات التي تعمل في الاستثمار الاجتماعي فمالكي المؤسسات التجارية همهم الأكبر هو الحصول على أكبر قدر ممكن من الأرباح.

 أما مالكي المؤسسات التي تعمل في الاستثمار الاجتماعي فهمهم الأكبر هو وصول خدماتهم الاجتماعية لأكبر عدد ممكن من الفئات المستهدفة.

إن صور الإستثمار الإجتماعي ليست جديدة على وطننا العربي ولا عالمنا الإسلامي فمن أكثر صور الإستثمار الإجتماعي شيوعاً في الوطن العربي كانت الوقف والوقف هو ما يحبس من مال أو عقار أو غلال لتقديمه طوعية لأفراد المجتمع للعمل على تنميتهم في النواحي الاقتصادية والتعليمية والصحية وغيرها من النواحي التي تزيد من الخدمات المقدمة للشرائح الفقيرة في المجتمع ومن صور تلك الخدمات التي يقدمها الوقف رعاية الأيتام والمعاقين وإنشاء الملاجئ والمستشفيات ودور للمسنين وكفالة من يعجز بصفه مؤقتة أو عارضة ودفع الضرر عن الضعفاء كما يمكن إستخدام جزء من ريع الوقف للقيام بالنشاط الإئتماني للمحتاجين فيمكن تقديم قروض يستخدمها ذوي الدخول المنخفضة لتغطية حاجتهم الاستهلاكية والاجتماعية والإنتاجية.

 ومن ابرز ما قام به الوقف في العصور السابقة هي محاربة الأمية حيث عمل الوقف على انتشار العلم والثقافة بين أفراد المجتمع عن طريق إنشاء المدارس والكتاتيب ودعم من يريد التعليم، كل تلك الأمور هي نفسها التي تهدف مؤسسات الإستثمار الإجتماعي الحديثة إلي تحقيقها ولكنها مسميات مختلفة ففي السابق تم تسمية مؤسسة الإستثمار الإجتماعي بالوقف أما الآن فتسمى بمؤسسات الإستثمار الإجتماعي.

ومن الغريب إقتناع العديد من الأفراد في الوطن العربي أن فكرة الإستثمار الإجتماعي هي فكرة حديثه على عالمنا العربي إننا كأمة عظيمة لم نترك مجال للتكافل الإجتماعي فيما بيننا إلا طرقنا بابه ولكن يجب علينا البحث في الجذور لكي نعي مدي عظمة العقول والضمير والعطاء العربي فنحن في الوطن العربي لسنا في حاجه الي استيراد فكر البيزنس الإجتماعي من ذلك الرجل الذي أوقره وأحبه وهو محمد يونس فعندما قام البروفيسير محمد يونس بكتابة كتابه الأشهر عام 2008 بعنوان (بناء بيزنس اجتماعي) أحدث ضجة كبيرة في أوساط العمل الإجتماعي حيث قدم لنا محمد يونس فيه نموذج متكامل بإسم البيزنس الإجتماعي من خلال منظومة عمل تتكون من مفهوم نظري ونماذج تطبيقية له إن ما قام به محمد يونس ليس مخترعاً جديداً ولكنه هو كان يملك الإيمان بأفكاره والهمة في تنفيذها وهذا ما ينقصنا نحن العرب أن نؤمن بأفكارنا وأن نعمل على تحقيقها بنفس تلك الهمة التي نستخدمها في محاولات إستيراد الإفكار ممن لا يتحدثون العربية فالمحاولة خير من عمل لا شئ.

إن تحقيق فكر الإستثمار الإجتماعي ليس فقط مقصوراً على الأغنياء أو المؤسسات التي تعمل في المجال الاجتماعي فأنا أري أنه يمكن للفقراء أيضا أن يقوموا بدورهم في الاستثمار الإجتماعي في المجتمع فحفاظ الفقير على ممتلكات ومكتسبات الوطن هو جزء من الإستثمار الإجتماعي في المجتمع، إن فكر الإستثمار الإجتماعي هي خلق يجب أن يتخلق به جميع أفراد المجتمع فالفرد هو وحدة بناء المجتمع ولن تعلوا الأمه بدون وجود فرد ذات خلق بناء.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 21/نيسان/2011 - 17/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م