خطورة التدخل الخليجي في البحرين

محمد الوادي

حدث المحذور في البحرين ودخلت قوات خليجية عربية الى البلد الذي يعاني من مشاكل مزمنة لم تتوفر لها حلول ايجابية منذ عقود طويلة ، خطورة الوضع الحالي في البحرين ومع تدخل هذه القوات تكمن في ان جوهر المشكلة الحقيقية ان جمهور الاحتجاج والاعتصام ينتمون في غالبيتهم العظمى الى شيعة البحرين الذي يمثلون الغالبية الساحقة من شعب البحرين.

وتنتمي العائلة الحاكمة وجيوش دول الخليج العربي الى السنة وهذه المعادلة المذهبية ستأخذ مداها الطائفي وستدخل في دهاليز التنابز والاستهداف الطائفي الخطير في بلد يعاني من غياب الحلول المنطقية الصائبة لمشكلة اصبحت مستعصية ولم يعد من الممكن تجاوزها او وضعها على خانة الانتظار الطويل.

 لذلك مسالة تدخل القوات الخليجية كانت مصدر استفزاز كبير لمشاعر شريحة واسعة ليس من اهل البحرين فحسب بل ستكون له انعكاسات سلبية على المستوى العربي وعلى المستوى الاقليمي وحتى الدولي في مرحلة لاحقة ولن ستكون بعيدة خاصة مع توارد الصور والاخبار عن حجم بعض الجرائم بحق المتظاهرين.

ان تدخل جيوش الدول العربية الخليجية بهذا الشكل الصارخ في البحرين في حقيقة الامر هي دعوة مفتوحة لتدخل الاخرين دفاعا عن مصالحهم الاقليمية اولا وفي جانب اخر كطرف في معادلة طائفية لايمكن تجاوزها في ظل التغيرات الجوهرية التي جرت في المنطقة منذ سقوط نظام الصنم الطائفي في العراق وحتى يومنا هذا والذي يزخر باحداث متتابعة يشير بلا شك الى علو كفة الشعوب على حساب انظمة الاستبداد والتطرف والاقصاء والتفرد.

لذلك كان الاجدر بقيادة هذه الدول ان تعمل على مبادرة سياسية للتواصل مع جميع الاطراف في البحرين كما يجري مع اليمن بدلا عن ارسال المدافع والدبابات والتي لم ولن تنطلق من فوهاتها الحلول السليمة والصائبة ، خاصة وان المحتجين من اهل البحرين لم يحملوا السلاح بل كانت اعتى ادواتهم الهتافات والتظاهر السلمي المطالب بالحقوق الانسانية والدستورية.

ان الاجراءات البحرينية الرسمية في استدعاء القوات الخليجية وفي هدم وازالة ميدان اللؤلؤ وفي التعامل العسكري مع المتظاهرين وفي طريقة التعامل الاعلامي مع الاحداث كل هذه الامور تشكل في حقيقة الامر حزمة مفارقات غير منطقية وتخلو من فهم الدورة التاريخية في حياة الشعوب المطالبة بحقوقها ، واي متابع دقيق لحركة الشعوب لن يرى امام عينيه الاصورة استباقية للاحداث الحتمية القادمة في البحرية ولو بعد حين وحتى ولو بدت الصورة في شوارع البحرين في الوقت الحاضر لاتعكس هذه الرؤية المنطقية للاحداث. فمناظر الدماء والقتل والبطش ومواقف الاستقواء بالخارج على الشعوب المعنية لن تغيب عن ذاكرة الشعوب وستزرع في النفوس مشاعر الغبن المتراكم وطلب الثار من الفاعلين والمشاركين ، ومثل هذه الامور لن تساعد في بناء الدول والمجتمعات بل هي الطريق الاسرع لتفتيت هذه المجتمعات.

اما الاستقواء بصمت الموقف الدولي ، فان هذا الموقف الغربي لن يكون مستمر على نفس الخط البارد خاصة مع التصاعد المتوقع للاحداث في البحرين ومع مرور الوقت سيتحول هذا الصمت الدولي المريب الى عبء كبير على الحكومات الغربية التي ستسارع حينها الى لبس وجه جديد تحت ضغط الاحداث وايضا تحت ضغط الاعلام الغربي الذي بدى يتناول الامور في البحرين بطريقة واضحة. اما موقف غالبية الاعلام العربي فهو موقف طائفي وانتهازي بامتياز فهذا الموقف الذي دافع عن الديكتاتوريات العربية الساقطة طيلة عقود سابقة وفي مرحلة لاحقة تحول الى اعلام " ثورجي " في تونس ومصر وليبيا واليمن فان هذا الاعلام اظهر عورته الطائفية المقيته في طريقة تناوله لثورة البحرين او طريقة تجاهله التام لهذه الاحداث الجوهرية والخطيرة في البحرين ، لذلك فان العتب مرفوع عن هذه الماكنات الطائفية المنافقة والتي تحاول ببهرجة الصورة وتقنيات الاتصالات الحديثة وبالصراخ والانتقاء ان تغطي على حقيقتها الطائفية والانتهازية المعيبة.

لذلك فان الصورة القادمة في البحرين خلال الايام القادمة لن تستطيع كل هذه المنابر وهذه العدسات الطائفية ان تتجاهلها فاللقطة الاخيرة في البحرين ستكون اكبر من هذه العدسات واكبر من فوهات المدافع التي حشرت في البحرين.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 21/نيسان/2011 - 17/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م