
شبكة النبأ: في 11 نيسان/أبريل، أوفد
الرئيس الأمريكي باراك أوباما مستشاره لشؤون الأمن القومي، توم
دونيلون، في رحلة تستغرق ثلاثة ايام إلى المملكة العربية السعودية
والإمارات العربية المتحدة. ومن المرجح أن تناقش الولايات المتحدة خلال
هذه الرحلة الأزمات في مصر وليبيا واليمن وسوريا، فضلاً عن الوضع في
البحرين، حيث كانت كل من السعودية والإمارات قد تصرفت ضد رغبات
الولايات المتحدة في الشهر الماضي بإرسالها قوات لدعم حكومة الملك حمد
بن عيسى آل خليفة. وسيركز زعماء دول الخليج على التهديد المتزايد الذي
تشكله إيران. وتؤدي هذه القضية إلى توتر علاقات الأمن الإقليمي، التي
هي خلاف ذلك علاقات ممتازة. بحسب ما يطرحه سايمون هندرسون في تحليله
الاخير المنشور لصالح معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.
حالة الطوارئ في البحرين
فيقول هندرسون، إن توقيت الزيارة يسلط الضوء -الذي لا يدعو إلى
الفخر إلى حد كبير- على القيادة في البحرين، حيث أعلنت السلطات حالة
الطوارئ قبل شهر، بعد أسابيع من قيام أعمال شغب أثارها مواطنون من
الطائفة الشيعية التي تشكل الأغلبية في الجزيرة، والتي ركزت احتجاجاتها
على انعدام الفرص الاقتصادية والحريات السياسية في ظل النظام الملكي
السني الذي يحكم البلاد. وفي ذلك الحين، وحالما غادر دونيلون واشنطن،
أعلنت السلطات البحرينية عن وفاة اثنين من المتظاهرين في السجن بعد أن
كانوا قد اعتقلوا في أعقاب الاحتجاجات. وزعم ناشطون شيعة بأن الرجلين
قد تعرضا للضرب والتعذيب، وهي ادعاءات تُدعم على ما يبدو بما رواه شهود
عيان من ملاحظة الجثة المرضوضة لأحد الضحيتين.
ويتابع، مؤخرا، قام أيضاً وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس بزيارة
السعودية والإمارات، واجتمع مع نفس المسؤولين الذين سيتحدث إليهم
دونيلون في رحلته وهم: ملك السعودية عبد الله وولي عهد أبوظبي محمد بن
زايد آل نهيان. وقد توقع مسؤولون كانوا قد رافقوا غيتس بأن تكون إيران
المحور الرئيسي للمحادثات التي جرت في الرياض، وبعد ذلك اعترف وزير
الدفاع الأمريكي بأن لدى الولايات المتحدة "أدلة تشير إلى أن
الإيرانيين يحاولون استغلال الوضع في البحرين".
وينوه هندرسون في تحليله الى، إلا أن اعتراف إدارة أوباما حول ميل
إيران إلى إفساد الأوضاع، لا يعادل تحميل الجمهورية الاسلامية مسؤولية
الاضطرابات التي تجتاح الآن هذه الدولة الخليجية. وفي الواقع، يبدو أن
جذور المشكلة تكمن في الإحباط الذي يشعر به شيعة الجزيرة (الذين
يشاركون نفس المذهب الديني الذي يتبعه غالبية سكان إيران) من الإصلاحات
التي اقترحها الملك حمد عام 2002 والتي وضعت إطار مؤسسي لوضعهم
كمواطنين من الدرجة الثانية بدلاً من عملها على إزالته. وعلاوة على ذلك،
كان الغش يعني فوز المرشحين الشيعة في الانتخابات البرلمانية التي جرت
في تشرين الأول/أكتوبر الماضي - كما هو الحال في الانتخابات السابقة -
بأقل من نصف المقاعد على الرغم من أنهم يشكلون نحو 70 في المائة من
مواطني البلاد. وفي شباط/فبراير، فزع البيت الأبيض - كما ارتاع مشاهدو
التلفزيون في جميع أنحاء العالم - عندما تمت مواجهة المتظاهرين، الذين
استلهموا أفكارهم من الثورات الشعبية التي اندلعت هذا العام في تونس
ومصر، بإطلاق عليهم النار الحية من مركبات عسكرية ومن الجنود.
انقسام في العائلة البحرينية الحاكمة
من جانب آخر يسلط هندرسون الضور على فلك العائلة الحاكمة في البحرين
فيقول، يبدو أن هناك انقسام قائم داخل عائلة آل خليفة الحاكمة، بين
المتشددين وأولئك الذين يدعون إلى اتباع نهج أكثر توافقية. وقد جاء
تدخل القوات السعودية والإماراتية بعد يوم واحد من قيام نجل الملك حمد
وولي العهد الأمير سلمان بإلقاء بيان في 13 آذار/مارس تعهد فيه شخصياً
ببدء حوار وطني يهدف إلى وضع مبادئ تتضمن "انتخاب برلمان يتمتع بسلطة
كاملة، وتشكيل حكومة تمثل إرادة الشعب، والتصويت في دوائر انتخابية
عادلة". وتصر الحكومة البحرينية بأنه على الرغم من النكسات، لا يزال
الحوار مستمراً. بيد، تتعامل قوات الأمن بقسوة مع أي شكل من أشكال
الاحتجاجات؛ وبعد أيام قليلة من وصول القوات السعودية تم هدم نصب "دوار
اللؤلؤة" البارز - الذي تظهر صورته على عملة نصف الدينار البحريني (حوالي
1.35 دولار) - لأنه شكل نقطة تجمع للمتظاهرين.
ويضيف، في لفتة تصالحية في 8 نيسان/أبريل، ألقى ولي العهد البحريني
الأمير سلمان خطاباً إلى الأمة من محطة التلفزيون الحكومية، قال فيه: "نحن
جميعاً نتطلع إلى غد أفضل، تمثل فيه التنمية والتقدم واحترام سيادة
القانون والتعايش، أقصى هدف نسعى جميعاً إلى تحقيقه. وتثبت هذه المُثل
بأننا جميعاً موالين وديمقراطيين". ولكن يُعتقد أنه لا يزال هناك أعضاء
آخرين في العائلة الملكية الحاكمة يتبعون نهجاً أكثر صرامة، وأقل شمولاً.
إن موضعة الملك حمد نفسه، الذي لديه سمعة تتميز بالتردد، هي في مكان ما
في الوسط. وبالفعل، في اليوم نفسه الذي أدلى فيه ولي العهد ببيانه،
أوفد الملك حمد وزير الديوان الملكي الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة
المعروف كسياسي محافظ، إلى السعودية للتباحث مع الملك عبد الله - الذي
هو على نحو مماثل - سياسي متشدد. ووفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز"، في
أعقاب دخول القوات السعودية إلى البحرين في 14 آذار/مارس - عبر الجسر
الذي يربط بين البلدين والذي يبلغ طوله ستة عشر ميلاً - أخبر الملك عبد
الله الرئيس أوباما بأن السعودية لن تسمح أبداً بأن يحكم الشيعة دولة
البحرين.
ويشير ايضا، لا يبدو أن كلاً من السعودية - التي تمول الكثير [من
المشاريع] في البحرين، من بنود مدرجة في الميزانية الوطنية إلى الطائرة
الشخصية للملك حمد من طراز "بوينغ 747-400" - ودولة الإمارات تتقبل
الفكرة بأن تمثّل البحرين حالة اختبار لسياسة إدارة اوباما حول تعزيز
حريات التعبير السياسي المعروفة على نطاق العالم. وبدلاً من ذلك، تنظر
كلتيهما إلى البحرين باعتبارها خط أحمر في المواجهة الإقليمية مع إيران
التي يحتمل أن تصبح دولة مهيمنة ومسلحة نووياً. وعلاوة على ذلك، في
الوقت الذي يفكر هؤلاء الزعماء بتصرف واشنطن الذي تمثَّل بقيامها فجأة
بسحب دعمها من الرئيس المصري السابق حسني مبارك الذي كان حليفها لفترة
طويلة، يتساءلون أيضاً عما إذا كانوا هم الذين "سيُقذف بهم إلى البحر"
في المرحلة اللاحقة. ومن جانبها، تعتقد أنظمة الخليج بأنها تملك آليات
ذاتية للرد على ضغوط الرأي العام. وبالمثل، تعترض هذه الدول على ما
تعتبره رفض واشنطن ممارسة الضغط على النظام الإيراني منذ إجراء
الانتخابات المتنازع عليها عام 2009، وردود طهران الوحشية على
التظاهرات التي جرت في العاصمة ومدن أخرى.
ويسترسل هندرسون، خلال المحادثات المقبلة، يجب على واشنطن أن تضع في
اعتباراتها الفوائد التي تجنيها من علاقاتها الوثيقة مع السعودية
والإمارات، والتي جنباً إلى جنب مع البحرين والكويت وقطر وعمان تشكل "مجلس
التعاون الخليجي". ففضلاً عن امتلاكها الكثير من احتياطيات النفط
والغاز في العالم، توفر دول "مجلس التعاون الخليجي" قواعد منشآت حاسمة
للقوات الأمريكية العاملة في المنطقة من أجل دعم العمليات في العراق
وافغانستان ولاحتواء إيران. وفي الأيام القليلة الماضية، قامت دول "مجلس
التعاون الخليجي" بالضغط على الرئيس اليمني علي عبد الله صالح لكي يقوم
بتسليم السلطة إلى خلف له، وهي أولوية تؤيدها واشنطن. وقد أرسلت قطر
والإمارات طائرات لكي تقوم بدوريات في منطقة الحظر الجوي على ليبيا.
لقد تطلعت جميع أعضاء دول "مجلس التعاون الخليجي" إلى الولايات المتحدة
باعتبارها المورد الرئيسي للمعدات العسكرية، مع قيام السعودية في العام
الماضي بالتوقيع بالأحرف الأولى على صفقة تبلغ قيمتها ما لا يقل عن 60
مليار دولار.
ويتابع، في حالة البحرين، تستضيف الجزيرة مقر "الأسطول الأمريكي
الخامس"، الذي يقع في إحدى ضواحي العاصمة المنامة. وحتى وقوع
الاضطرابات الأخيرة، غالباً ما كانت تقوم سفن أمريكية بزيارة الميناء.
وبالإضافة إلى ذلك، تستخدم طائرات عسكرية أمريكية قاعدة الشيخ عيسى
الجوية في جنوب الجزيرة. ولكن يجب أن تتم موازنة هذه الفائدة في
العلاقات، بالخطر الذي تشكله أساليب أجهزة الأمن التابعة للحكومة
البحرينية والتي قد تجعل هذه المنفعة أقل جاذبية من الناحية السياسية.
وبالفعل، إن الموقف المهدد الذي يشكله الجنود البحرينيين المتمركزين في
تقاطعات الطرق الرئيسية وخارج المباني الحكومية قد غيّر من سمعة
الجزيرة المعروفة بضيافتها الخيرية للعمال المغتربين والأجانب
ولعائلاتهم.
وينوه، خلال زيارة مستشار الأمن القومي للسعودية والإمارات، من
المرجح أن يحمل دونيلون رسالة من الرئيس أوباما نفسه. ويمكن أن تكون
هذه الرسالة بمثابة رد على التعليقات التي أدلى بها غيتس خلال زيارته
في الأسبوع الماضي، أو استجابة لطلب ما نقله معه وزير الدفاع الأمريكي
إلى واشنطن. إن الخبر السار هو أن الحلفاء يتحدثون مع بعضهم البعض.
وينص إعلان البيت الأبيض نفسه على أن "الزيارة تؤكد أهمية علاقاتنا مع
هؤلاء الشريكين الرئيسيين". وبالفعل، أدت هذه الشراكات إلى ظهور وجهات
نظر متشابهة حول كيفية التعامل مع ليبيا واليمن. والخبر السئ هو أن
الولايات المتحدة وحلفائها في الخليج هم على خلاف حول كيفية تحقيق تقدم
سياسي في البحرين. وإذا لا يتم إيجاد حل لهذه المسألة، ستكون علاقات
واشنطن مع المنامة أكثر إشكالية - وعرضة للاستغلال من جانب إيران.
نبذة عن معهد واشنطن
الجدير بالذكر ان معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بحسب موقعه
الالكتروني أسس عام 1985 لترقية فهم متوازن وواقعي للمصالح الأمريكية
في الشرق الأوسط. وبتوجيه من مجلس مستشارين بارز من كلا الحزبين من اجل
توفير العلوم والأبحاث للإسهام في صنع السياسة الأمريكية في هذه
المنطقة الحيوية من العالم.
وينقل موقع تقرير واشنطن الالكتروني إن الهدف من تأسيسه كان دعم
المواقف الإسرائيلية من خلال قطاع الأبحاث ومراكز البحوث وان لجنة
العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية المعروفة بإيباك كانت المؤسسة الأم
للمعهد حيث أن مديره المؤسس هو مارتن إنديك رئيس قسم الأبحاث السابق
باللجنة. وتزعم المنظمة أنها اختارت مصطلح "الشرق الأدنى" لتعريف
الهوية الذاتية للمعهد (بدلا من "الشرق الأوسط) لأنه المصطلح المعترف
به في الخارجية الأمريكي لوصف العالم العربي والدول المجاورة. |