الجوع... محنة تتربص لاجتياح العالم

شبكة النبأ: ان ازمة الغذاء العالمي اصبحت من الامور التي تقلق الحكومات والمنظمات والشعوب على حد سواء نتيجة التقارير والدراسات التي تشير وبشكل واضح الى تنامي هذه المشكلة وبروزها على سطح الاحداث، من خلال الارتفاع القياسي في اسعار المواد الغذائية وتنامي الطلب مع قلة المعروض، وكذلك التغيرات المناخية التي اثرت سلباً على المنتوجات مع استخدام كميات كبيرة من هذه المنتجات لاستخراج الوقود العضوي منه، كما ان الاحداث الاخيرة في منطقة الشرق الاوسط وقيام العديد من الثورات في تونس ومصر وليبيا واليمن وغيرها وارتفاع اسعار النفط الخام، كلها عوامل ادت الى تفاقم الازمة الغذائية العالمية.

وقد اكدت منظمة الاغذية والزراعة في تقاريرها ودراساتها الى ضرورة اتخاذ الدول الى العديد من التدابير الوقائية وبالسرعة الممكنة من اجل السيطرة على الوضع الذي بات ينذر بكارثة انسانية كبرى ودخول الملايين من البشر الى خط المجاعة، كما طرحت الولايات المتحدة الامريكية مبادرة الغذاء للمستقبل وفيها العديد من الحلول التي من شأنها ان تضع حداً لانحدار خط الغذاء العالمي الى مستويات متدنية.

أزمة غذاء جديدة

فقد قال رئيس منظمة الامم المتحدة للاغذية والزراعة ( الفاو) ان ارتفاع أسعار الغذاء العالمية يزيد مخاطر حدوث أزمة غذاء جديدة مثل التي عصفت بالدول النامية في 2007 و2008، وقال جاك ضيوف المدير العام للمنظمة خلال زيارة الى الامارات العربية المتحدة ان ارتفاع أسعار النفط والتراجع السريع لمخزونات الحبوب العالمية في الاونة الاخيرة يثير شبح العودة الى أزمة معروض، وقال "الاسعار المرتفعة تبعث على القلق ونحن نسحب سريعا من المخزونات،  وقد حذرنا لسنوات من أن المطلوب هو زيادة الانتاجية والاستثمار في الزراعة."

كما عبرت الامم المتحدة عن قلقها البالغ بشأن تأثير الحرب في ليبيا على الامن الغذائي في شمال افريقيا وذلك لاعتماد المنطقة على استيراد الحبوب، وقالت منظمة الامم المتحدة للاغذية والزراعة (فاو) في بيان "من المرجح أن يكون للازمة المستمرة أثر كبير على الامن الغذائي في ليبيا وفي المناطق القريبة المتأثرة بالازمة"، وأضافت أن التعطيلات المحتملة في تدفق السلع والخدمات ونزوح السكان من بواعث القلق أيض، وأدت انتفاضة ضد الزعيم الليبي معمر القذافي الى تصاعد العنف بين المعارضة المسلحة وقوات الامن وارتفاع الخسائر البشرية وتهديدات بالجوع وأزمة لاجئين بعدما فر الالاف من البلاد، وقال دانيلي دوناتي رئيس ادارة عمليات الطوارئ لدى المنظمة "الوضع شديد التقلب وينذر بالتغير من يوم لاخر في الاسابيع والشهور القادمة."

واضاف أن ذلك يمكن أن يؤدي الى تعطل مفاجيء في الواردات وانهيار نظام توزيع الغذاء الداخلي، وقالت المنظمة ان التعطيلات في الاسواق التي يحصل المزارعون منها على البذور والاسمدة تهدد كذلك الانتاج الزراعي والامن الغذائي، ويرى دوناتي أنه ليس هناك خطر حال على توافر الغذاء في شمال افريقيا لكنه قال ان ذلك قد يتغير اذا طال أمد الصراع، ولا يتوقع دوناتي أن يكون للوضع اثر على اسواق الحبوب لكنه أشار الى تزايد التوتر بسبب ارتفاع أسعار الغذاء، وقال برنامج الاغذية العالمي التابع للامم المتحدة ان من المعتقد أن لدى ليبيا التي تعتمد على استيراد ما يزيد على 90 في المئة من احتياجاتها من الغذاء مخزونا يكفي لنحو أربعة شهور، وقالت ايميليا كاسيلا المتحدثة باسم البرنامج ان هذا التقدير يستند الى معلومات من السلطات الليبية. بحسب رويترز.

واضافت كاسيلا لرويترز في جنيف أن ليبيا كمستورد للغذاء "تحتاج الى أن تكون قادرة على جلب الغذاء وفي ضوء الوضع الامني الحالي لا يمكن لواردات الغذاء تلك أن تسلك الطريق الذي تتدفق عبره عادة"، ومن بين كبار مستوردي الحبوب الاخرين في المنطقة مصر والجزائر والمغرب وتونس، وقالت المنظمة انه بالنسبة لمصر ستتسبب الزيادة الكبير في أسعار الغذاء عالميا في ارتفاع كبير في تكلفة الواردات في عامي 2010 و 2011 وفي تكلفة البرنامج الحكومي لدعم الخبز والذي يساعد في حماية المستهلك من ارتفاع الاسعار، وذكرت المنظمة أنها ستنشيء شبكة مراقبة مع برنامج الاغذية العالمي تغطي ليبيا والدول المجاورة لتتمكن من تقديم النصح بشأن السياسات للمساعدة في تقليل مخاطر المشكلات المتعلقة بالغذاء.

عوامل تهدد الامن الغذائي

الى ذلك قالت الامم المتحدة ان التغيرات المناخية التي جاءت بالفيضانات والجفاف وزراعة الوقود العضوي والسياسات الوطنية لحماية الاسواق المحلية قد تدفع أسعار الغذاء للارتفاع وتهدد الامن الغذائي على المدى البعيد، وأصبح ارتفاع اسعار الغذاء وتقلباتها من أكبر المخاوف التي تحدق بالعالم خاصة فيما يتعلق باثارة الاحتجاجات التي أطاحت بالرئيسين التونسي والمصري، وشوهدت تأثيرات ذلك في شمال افريقيا والشرق الاوسط من الجزائر الى اليمن، وقالت منظمة الاغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة (فاو) ان فترات تقلبات الاسعار ليست جديدة على القطاع الزراعي لكن صدمات الاسعار في الفترة الاخيرة الناتجة عن أحوال مناخية بالغة الحدة أو افراط في زراعة الحبوب التي تنتج الطاقة أثارت قلقا كبيرا.

وقالت المنظمة في تقريرها عن حالة الغذاء والزراعة "هناك مخاوف من تفاقم تقلبات الاسعار"، وأضافت أن التأثير المتزايد لاسواق السلع "وسياسة وقف تصدير المنتجات الزراعية التي تسبب تأثيرا عكسيا والتي تأتي استجابة لارتفاع الاسعار، قد تفاقم من الاضطرابات في الاسواق العالمية وتهدد الامن الغذائي العالمي"، وحذرت المنظمة ومقرها روما بالفعل الدول المنتجة للغذاء من فرض قيود على التصدير لحماية اسواقها المحلية مع ارتفاع اسعار الغذاء بدرجة أكبر فوق مستوياتها التي أثارت احتجاجات دامية في عامي 2007-2008، وقال كوستاس ستاميوليس مدير التنمية الزراعية في الوحدة الاقتصادية للفاو ان تراجع معدل المخزونات الى الاستهلاك من الحبوب الرئيسية مثل القمح والذرة يثير القلق.وقال على هامش عرض التقرير "نحن نشعر بالقلق من ذلك."

وأضاف "مع ارتفاع الاسعار تحاول الحكومات وغيرها للسحب من مخزوناتها للتخفيف من أثر نقص الامدادات، وهذا من العوامل التي تؤدي الى ارتفاع الاسعار، وإذا حدثت صدمة سعرية اخرى في وقت قريب للغاية في الصين مثلا فان الصدمة ستقع في حين تكون المخزونات منخفضة"، وبلغت أسعار الغذاء ارتفاعات قياسية في فبراير شباط الماضي وقالت الفاو ان أي ارتفاعات أخرى في أسعار النفط وتكديس المخزونات من جانب المستوردين الحريصين على التحسب لاي اضطرابات ستضر باسواق الحبوب المضطربة بالفعل، ومن المتوقع ان ترتفع أسعار الغذاء على مدى السنوات العشر المقبلة وأن تظل عند مستويات فوق ما كانت عليه في العقد الماضي. بحسب رويترز.

المواد الغذائية الى مستويات قياسية 

في سياق متصل بلغت الاسعار العالمية للمواد الغذائية مستويات قياسية في شباط/فبرايرالماضي  بينما يمكن ان يؤدي ارتفاع اسعار النفط بسبب الازمة الليبية الى جعل الوضع اكثر صعوبة، وكشف مؤشر منظمة الاغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة (فاو) في روما ان الاسعار العالمية للمواد الغذائية سجلت رقما قياسيا جديدا في شباط/فبراير للشهر الثامن على التوالي، وقالت المنظمة في بيان ان الاسعار ارتفعت بنسبة 2،2 بالمئة على ما كانت في كانون الثاني/يناير وبلغت 236 نقطة في المؤشر الذي وضعته الفاو التي اوضحت انه "اعلى مستوى منذ ان بدأت قياس اسعار المواد الغذائية في 1990"، وصرح مدير ادارة التجارة والاسواق في الفاو ديفيد هالام ان "الارتفاع غير المتوقع في اسعار النفط يمكن ان يفاقم الوضع الهش اصلا في اسواق المواد الغذائية".

واضاف المسؤول نفسه ان "هذا يعزز القلق من آفاق اسعار المواد الغذائية بينما موسم البذار على وشك ان يبدأ في بعض المناطق الزراعية"، وبحسب مؤشر الفاو ارتفعت اسعار كل المنتجات في شباط/فبراير "وخصوصا منتجات الالبان والحبوب"، باستثناء السكر، وارتفع مؤشر الفاو للحبوب الذي يشمل اسعار المواد الغذائية الاساسية الرئيسية وخصوصا القمح والارز والشعير، 3،7 بالمئة في شباط/فبراير الى 254 نقطة وهو اعلى مستوى منذ تموز/يوليو 2008، ويثير ارتفاع اسعار المواد الغذائية الذي بدأ صيف 2010 مخاوف من "ثورات جوع" مثل تلك التي شهدتها دول افريقية عدة في 2008 وكذلك هايتي والفيليبين بعدما سجلت اسعار الحبوب مستويات تاريخية، وقالت الفاو انها تتوقع "حدوث فارق بين العرض والطلب العالمي للحبوب في 2010-2011".

وحذرت المنظمة الدولية من انه "في مواجهة زيادة الطلب وتراجع انتاج الحبوب العالمي في 2010، نتوقع انخفاضا كبيرا في مخزونات الحبوب العالمية بسبب تراجع كميات القمح والحبوب الثانوية"، وذكرت بان "الاسعار العالمية للحبوب شدت ارتفاعا كبيرا وزادت سبعين بالمئة على الاقل منذ شباط/فبراير 2010"، وتفيد التقديرات للفاو ان "انتاج الحبوب العالمي في 2010 اكبر بثمانية ملايين طن مما كان متوقعا في كانون الاول/ديسمبر الماضي لكنه اقل من انتاج 2009"، وقالت المنظمة ان التقديرات المتعلقة "باستهلاك الحبوب في 2010-2011 رفعت 18 مليون طن منذ كانون الاول/ديسمبر"، خصوصا بسبب "الاستخدام المتزايد للشعير من اجل انتاج الايتانول في الولايات المتحدة"، ويمكن ذكر اهم الارتفاعات وكما جاء في التقرير الشهري للمنظمة وكالاتي :

*ارتفع مؤشر أسعار الحبوب، الذي يتضمن أسعار المواد الغذائية الرئيسية مثل الأرز والقمح والذرة، بنسبة 3.7 بالمئة في شباط/فبراير، وهو أعلى مستوى له منذ تموز/يوليو 2008.

*ارتفع مؤشر أسعار مشتقات الألبان لمنظمة الأغذية والزراعة في شباط/فبراير بنسبة 4 بالمئة عما كان عليه في كانون الثاني/يناير، ولكنه كان أقل بكثير من ذروته في تشرين الثاني/نوفمبر 2007.

*ارتفع مؤشر أسعار الزيوت والدهون لمنظمة الأغذية والزراعة بشكل ضئيل في شباط/فبراير ووصل إلى مستوى اقل بقليل من الذروة المسجلة في حزيران/يونيو 2008.

*ارتفع مؤشر أسعار اللحوم لمنظمة الأغذية والزراعة في شباط/فبراير بنسبة 2 بالمئة عما كان عليه في كانون الثاني/يناير.

ولكن مؤشر أسعار السكر لمنظمة الأغذية والزراعة في شباط/فبراير كان أقل قليلاً من الشهر السابق ولكنه بقي مرتفعاً بنسبة 16 بالمئة عما كان عليه في شباط/فبراير 2010، ونبهت منظمة الأغذية والزراعة بان ارتفاع أسعار المواد الغذائية والركود الاقتصادي العالمي دفعا 115 مليون شخص إضافي إلى براثن الفقر والجوع، وأضافت المنظمة انه بحلول العام 2009 ، وصل مجموع عدد الجياع في العالم إلى بليون شخص، وان الأرقام العالمية الجديدة تشير إلى أن عدد الجياع قد انخفض قليلاً إلى 925 مليون شخص منذ ذلك الحين، وأوضحت المنظمة ان "كلفة المواد الغذائية الأساسية تبقى مرتفعة في العديد من البلدان النامية، مما يجعل الحياة صعبة بالنسبة للأشخاص الأكثر فقراً في العالم، الذين ينفقون ما بين 60 و80 بالمئة من دخلهم الضئيل على الغذاء".

وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان حقائق حول الأسعار الدولية للسلع الزراعية إن أسعار القمح العالمية قفزت بشكل حاد على مدى الشهور السبعة الماضية، وأضافت ان "الإنتاج العالمي للقمح ونوعيته قد تأثرا بالظروف المناخية السيئة في روسيا وكندا وأوروبا وأسترالي، وتعرضت إمدادات القمح لمزيد من القيود على الصادرات في روسيا وأوكرانيا"، ولاحظت وزارة الخارجية أن أسعار صادرات الذرة ارتفعت بنسبة 70 بالمئة منذ حزيران/يونيو 2010 نتيجة التنافس القوي بين الطلب المحلي والطلب الأجنبي على الإمدادات غير الكافية في الولايات المتحدة والأرجنتين والبرازيل، وعلى النقيض من ذلك، ارتفعت أسعار الأرز بنسبة متواضعة في الأشهر السبعة الماضية، أما منظمة الأغذية والزراعة فقد عبرت عن القلق من الزيادة الحادة في أسعار النفط العالمية، ذلك أن أسعار النفط قفزت إلى أكثر من 100 دولار للبرميل الواحد في الأسواق العالمية في شباط/فبراير نتيجة القلق بشأن تعطل الإمدادات في أعقاب ثورة الشعب في ليبيا.

وقال ديفيد هالام مدير التجارة والأسواق في منظمة فاو، "يمكن للارتفاع غير المتوقع في أسعار النفط ان يزيد من تفاقم الوضع الهش في أسواق المواد الغذائية، وهذا يضيف المزيد من الغموض بشأن توقعات الأسعار في الوقت الذي تبدأ فيه زراعة المحاصيل في بعض مناطق الزراعة الرئيسية"، وتوقعت وزارة الزراعة الأميركية أن تستمر أسعار الغذاء في الارتفاع على المدى الطويل، بسبب ارتفاع الطلب الناجم عن ازدياد المداخيل في البلدان النامية، ويأتي ذلك بعد عدة عقود من انخفاض أسعار السلع الأساسية الأمر الذي أدى إلى عدم تشجيع الاستثمار والابتكار في تكنولوجيا الإنتاج، وجاء في بيان الحقائق الذي أصدرته وزارة الخارجية انه الفترة 2007-2008، ساهم الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية العالمية في انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم وفي حصول اضطرابات مدنية في عدة دول، وفي اضطرار 36 دولة إلى توجيه نداءات للحصول على مساعدات غذائية.

ونوه البيان بأنه بعد الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية في تلك الفترة، تعهد الرئيس أوباما بتقديم 3.5 بليون دولار لمساعدة الدول الفقيرة في محاربة الجوع من خلال الاستثمار في التنمية الزراعية، وما نشأ عن ذلك كانت المبادرة الأميركية للغذاء مستقبلا، التي تستخدم الابتكار والابحاث والتطوير لتحسين الإنتاجية الزراعية ولربط المزارعين مع الأسواق المحلية والإقليمية، ولتعزيز التغذية وبناء شبكات الأمان، وأشار بيان الحقائق حول هذه المبادرة أن "هذه الاستثمارات ستزيد من إمداد المواد الغذائية إلى الأماكن التي تحتاج إليها وستساعد الناس على تحمل صدمات الأسعار بشكل أفضل"، ثم خلصت وزارة الخارجية الأميركية إلى القول إن من بين مواقف حكومة أوباما ان الولايات المتحدة ستستمر في تقديم المساعدات الغذائية خلال الأزمات، ولكنها ستساعد الدول في إيجاد حل دائم لإنهاء الجوع مع التزام طويل الأجل بالنمو الزراعي.

دول آسيا تهدئ شعوبها

من جهة اخرى تكثف الدول الاسيوية تقديم معونات لتهدئة الاستياء الشعبي من الارتفاع الكبير لاسعار المواد الغذائية والنفطية، لكن هذه الخطوات قد تؤدي الى تفاقم المشكلة برأي الخبراء، فالاقتصادات الاسيوية عانت القليل نسبيا من الازمة المالية وهي مرشحة لمواجهة توتر شديد بسبب ضعف معدلات الفائدة وارتفاع شديد للطلب لدى الطبقة المتوسطة التي هي في اوج توسعها وتدفق رؤوس الاموال الاتية من الدول الغربية، فمن الصين الى الهند مرورا بفيتنام واندونيسيا تسعى الحكومات الى احتواء الصدمة، من خلال منح اعانات وتوزيع مبالغ من المال الى الاسر وتحديد بعض الاسعار بشكل صارم.

في مجمل الاحوال فان العوامل التي تسببت بالثورات في الشرق الاوسط غائبة في آسيا حيث تسجل الاقتصادات نموا قوي، لكن الحكومات تنظر بريبة وحذر الى الاضطرابات في القاهرة او في طرابلس وتريد ضمان دعم الشعوب من اجل انتخابات مقبلة، وقال غلين ماغاير الخبير الاقتصادي لدى سوسيتيه جنرال "ان التوترات السياسية والاجتماعية وارتفاع اسعار المواد الغذائية تسيران معا بوجه عام في هذه المنطقة"، واضاف "ان حكومات في الهند خسرت السلطة بسبب اسعار البصل، ويتعين على المسؤول السياسي ان يراقب ما يجري بالنسبة لاسعار المواد الاساسية"، وفي الهند تحديدا تنص الميزانية التي كشفت مؤخرا على ابقاء الاعانات بالنسبة للمواد الغذائية والوقود فيما زادت النفقات الاجتماعية بنسبة 17%، وقررت الصين منح اعانات الى الاسر الاكثر فقرا وتسليمها مبالغ من المال في حال ارتفاع التضخم لتغطية النفقات الاضافية، وفي سنغافورة تتضمن الميزانية قبل بضعة اشهر من الانتخابات تدابير عدة ترمي الى تهدئة السكان ازاء ارتفاع الاسعار، منها اعانات للاسر الاكثر فقرا وتخفيضات او قروض للضرائب للطبقة المتوسطة، لكن المحللين يرون انه حتى وان كانت الحكومات الاسيوية تستطيع تحمل مثل هذا السخاء فان هذه التدابير قد تؤدي الى تفاقم ازمة التضخم على المدى الطويل، واعتبر ايليام ميهوف برفسور الاقتصاد في المعهد الاوروبي لادارة الاعمال (انسيد) في سنغافورة "انهم بذلك لا يحلون المشكلة بل يؤجلونها الى وقت لاحق. بحسب فرانس برس.

ان رجال السياسة يريدون ان يعاد انتخابهم ويتخذون مثل هذه التدابير وهي حكما ليست جيدة للمجتمع"، وقد تؤدي الاعانات ومراقبة الاسعار على المدى المتوسط الى تغذية التضخم لانها تشجع على الاستهلاك لكنها لا تشجع في الوقت نفسه ارتفاع الانتاج، واضاف خبراء الاقتصاد انه في حال اسيء التخطيط لها فان هذه الاعانات يمكن ان تفيد خصوصا اولئك الذين لا يحتاجون اليه، وقال ويليان ويرانتو الخبير الاقتصادي في مصرف (اتش اس بي سي) ان هذه السلة من التدابير ستسمح باحتواء التضخم طالما هي نافذة، لكنه حذر في الوقت نفسه من ان "هذا السد قد يتحطم عندما لا تعود الحكومات قادرة على ان تتحمل ماليا" هذه الترسانة من التدابير "وستكون عندها التصحيحات المطلوبة اكثر حدة".

مبادرة الغذاء للمستقبل

الى ذلك فأن مبادرة الغذاء للمستقبل للحكومة الأميركية قد تساعد البلدان على مواجهة غلاء أسعار المواد الغذائية ردا على طفرة الزيادة في أسعار المواد الغذائية عالميا خلال العامين 2007 و2008، وتعهد الرئيس أوباما بتقديم مبلغ قدره 3.5 بلايين دولار لمساعدة البلدان الفقيرة في مكافحة الجوع من خلال الاستثمار في التنمية الزراعية، وتستخدم مبادرة الغذاء للحكومة الأميركية الابتكار والأبحاث والتنمية لتحسين الإنتاجية الزراعية وربط المزارعين بالأسواق المحلية والإقليمية وتعزيز المغذيات وإنشاء شبكات أمان، ومن شأن هذه الاستثمارات أن تزيد الإمدادات الغذائية حيث تمس الحاجة إليها، ومساعدة الناس المعرضين للخطر على تحمل صدمة صعود الأسعار بشكل أفضل حيث تتجلى حقائق هذه المبادرة بالنقاط التالية:

*سوف تستمر الولايات المتحدة في تقديم المساعدة الغذائية أثناء الأزمات، ولكن الحل الدائم لمشكلة الجوع يتطلب التزاما طويل الأمد بالتنمية الزراعية.

*النمو الزراعي يؤدي إلى نمو اقتصادي وإلى تخفيف الفقر وتحسين الصحة، وهو ضروري لتلبية احتياجات تزايد السكان مع تغيّر المناخ وغير ذلك من التغيرات البيئية.

*تعالج الغذاء للمستقبل للحكومة الأميركية الأسباب الأساسية للجوع والتي تضعف إمكانيات ملايين الناس، وتستخدم مزيجا من البرامج الثنائية والآليات المتعددة الأطراف.

*تعزز الغذاء للمستقبل نمو القطاع الزراعي وتيسّر التجارة المحلية والإقليمية وتستثمر في ابتكارات وتكنولوجيات تغيير الخطط دعما لزيادة الإنتاجية بحيث تصبح البلدان أكثر قدرة على مكافحة الجوع وإطعام شعوبها والمساهمة في استقرار الإمدادات الغذائية العالمية.

*يشكل برنامج الزراعة والأمن الغذائي العالمي عنصرا هاما في مبادرة الغذاء للمستقبل في المستقبل، وقد حصل صندوق الائتمان متعدد الفرقاء هذا على التزامات بتقديم قرابة بليون دولار من سبعة من الشركاء في التنمية لتمويل استراتيجيات الأمن الغذائي في أفقر بلدان العالم، وقدم برنامج الزراعة والأمن الغذائي العالمي في العام 2010 منحا بلغت قيمتها 337 مليون دولار لثمانية بلدان لتمويل المشاريع التي من شأنها أن تعزز البنية التحتية الريفية وللحصول على بذور محسّنة وأسمدة وإدارة أفضل للمياه.

*أعلنت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مؤخرا دعمها لإطار العمل الجديد للمنتدى الاقتصادي العالمي المعروف باسم "تحقيق رؤية جديدة للزراعة" والذي يلقى دعما أيضا من 17 مؤسسة عالمية، ويهدف الإطار إلى تشجيع استثمارات القطاعات الخاصة التي تزيد النمو الزراعي كما تعزز مبادرات الغذاء والتغذية العالمية.

*تعمل الولايات المتحدة من خلال المنتديات متعددة الأطراف والثنائية مع أصحاب المصلحة في المجتمعات المدنية الأهلية ومع القطاع الخاص والحكومات من أجل تعزيز ودعم المبادرات التي تقودها البلدان، وفي ما يلي أمثلة على هذه الجهود:

- في تنزانيا ستعمل الاستثمارات في الغذاء للمستقبل على تحسين اتصالات المجتمعات الريفية بالأسواق من خلال تحسين الطرق، وسيعمل هذا على زيادة الإنتاج القائم على الزراعة والريف وتحسين حصول المجتمعات الريفية على أغذية معتدلة الأسعار وعلى تحفيز فرص أكبر للاستخدام في مجالات خارج المزارع.

- في رواندا، حيث تمارس نسبة 90 بالمئة من العائلات شكلا ما من أشكال الزراعة، تشترك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مع برنامج الأغذية العالمي في إيجاد فرص جديدة في الأسواق للذرة والمنتجات القرنية (كالفاصوليا واللوبيا)، وسوف تدعم مبادرة الغذاء للمستقبل إدارة المحاصيل بعد الحصاد والجني لتخفيض الخسائر، كما سيشتري برنامج الأغذية العالمي السلع من تعاونيات المزارعين لتقديمها مساعدات غذائية.

- ستساعد استثمارات مبادرة الغذاء للمستقبل بنغلادش في مواجهة وتحمل تأثيرات تغير المناخ وذلك بالاستثمار في تكنولوجيات جديدة لتحسين إنتاج الأرز، فالأرز يعتبر المحصول الأساسي  الرئيسي في بنغلادش.

من جهتها اعلنت منظمة الامم المتحدة للاغذية والزراعة (فاو) ان مؤشر الاسعار العالمية للمواد الغذائية سجل في آذار/مارس الماضي تراجعا للمرة الاولى بعد ارتفاع تواصل ثمانية اشهر، وقالت في بيان نشر على موقعها الالكتروني ان المؤشر اقترب من 230 نقطة في آذار/مارس متراجعا بنسبة 2،9 بالمئة عن الذروة التي بلغها في شباط/فبراير، لكنه ما زال اعلى ب37 بالمئة عن المستوى الذي كان عليه في آذار/مارس 2010، وقال ديفيد هالام مدير ادارة التجارة الدولية والاسواق في المنظمة ان "تراجع المؤشر العام هذا الشهر يوقف الى حد ما ارتفاعه المتواصل في الاشهر الثمانية السابقة".

لكنه اضاف في الوقت نفسه انه "سيكون من السابق لاوانه الحديث عن تغير في توجه" المؤشر الى الارتفاع، وتابع "ننتظر المعلومات عن المحاصيل في الاسابيع المقبلة لنكون فكرة عن مستويات الانتاج في المستقبل، لكن مستويات التخزين الضئيلة وانعكاسات الحوادث في الشرق الاوسط وشمال افريقيا على اسعار النفط وآثار الكارثة في اليابان كلها عوامل تساهم في تقلب الاسعار في الاشهر المقبلة". بحسب فرانس برس.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 19/نيسان/2011 - 15/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م