شبكة النبأ: في ظل التطورات السياسية
الاخيرة في العالم، الى جانب الكوارث التي اجتاحت بعض بلدانه، غض الطرف
بشكل غير مقصود عن حرب شرسة لا تزال أتونها تستعر في افغانستان دون
هوادة.
فعلى الرغم من مرور ما يوازي العقد على بدء الحرب هناك لا تزال تلك
الدولة تعاني ازمة مفتوحة على اكثر من صعيد، امنيا واقتصاديا
واجتماعيا، بشكل يؤرق المجتمع الدولي باستمرار، في ظل التهديدات
الارهابية التي يمثلها تنظيم القاعدة هناك.
وتشكل التحديات الاقتصادية والحرب معضلة لاستقرار تلك الدولة
الكبيرة، فيما يشكل الفساد الاداري والسياسي ابرز وجوه المحنة التي تمر
بها افغانستان.
العنف أودى بحياة الالاف
فقد قالت الحكومة الافغانية ان عدد أفراد الشرطة الذين قتلوا خلال
عام 2010 انخفض بنحو سبعة في المئة الى 1292 على الرغم من انتشار أعمال
العنف في أنحاء البلاد مع دخول الحرب عامها العاشر.
وبلغت الخسائر البشرية في صفوف القوات الاجنبية والمدنيين مستويات
قياسية على الرغم من وجود القوات التي يقودها حلف شمال الاطلسي البالغ
قوامها 150 الف فرد. ويوصف عام 2010 بأنه الاكثر دموية منذ أسقطت
القوات الافغانية المدعومة من الولايات المتحدة حكومة طالبان في أواخر
عام 2001 .
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية زيماري بشاري ان 2447 من أفراد
الشرطة الافغانية أصيبوا في حين قتل 5225 من المسلحين وأصيب 949 .
وأضاف أن الحكومة لا يتوافر لديها عدد الخسائر البشرية بين المقاتلين
لعام 2009 .
وتابع بشاري قائلا ان مجمل الحوادث الامنية في عام 2010 بلغ 6716
مثل الاكمنة وانفجار القنابل المزروعة على الطرق والتفجيرات الانتحارية
والهجمات الصاروخية.
وتعتبر حركة طالبان في أقوى حالاتها منذ اسقاطها بعد أن رفضت تسليم
متشددي تنظيم القاعدة بمن فيهم أسامة بن لادن عقب هجمات 11 سبتمبر
ايلول 2001 على الولايات المتحدة.
وامتدت العمليات المسلحة من معاقلها التقليدية في الجنوب والشرق على
مدى العامين الماضيين الى الشمال والغرب اللذين كان الهدوء يسودهما.
وأصبح الشمال على وجه الخصوص جبهة جديدة مميتة في الحرب. بحسب رويترز.
وقالت وزارة الداخلية ان 2043 مدنيا قتلوا وأصيب 3570 لكنها لم
يتوفر لديها ايضا عددهم لعام 2009 . وكانت الامم المتحدة قد قالت ان
2412 مدنيا قتلوا وأصيب 3803 بين يناير كانون الثاني واكتوبر تشرين
الاول العام الماضي في ارتفاع بنسبة 20 في المئة عن عام 2009 .
وقالت وزارة الدفاع ان 821 جنديا أفغانيا قتلوا العام الماضي. وذكرت
ايضا أنها ليس لديها عددهم لعام 2009 . وقال البريجادير جنرال جوزيف
بلوتز المتحدث باسم قوة المعاونة الامنية الدولية ( ايساف) التي يقودها
حلف شمال الاطلسي ان عدد الخسائر البشرية الكبير في صفوف قوات الامن
الافغانية "شهادة على تضحيتهم وجهودهم والتزامهم. انهم يقاتلون من أجل
بلدهم." كما أشار الى العدد الكبير في الخسائر في صفوف المدنيين.
وقال بلوتز ان الزيادة في أعداد القوات الاجنبية التي تقاتل في
أفغانستان العام الماضي أدى الى زيادة غير متوقعة في أعمال العنف "لكن
من الواضح أن هذه خطوة ضرورية ومرحلة لازمة للاستراتيجية العامة."
وأضاف "قبل أن تتحسن الامور للاسف لابد أن تسوء وهذا هو ما شهدناه في
نهاية عام 2010."
وعانت القوات الاجنبية من أعداد قياسية للقتلى في عام 2010 اذ قتل
711 جنديا نحو ثلثيهم من الامريكيين وفقا لما ذكره موقع اي كاجوالتيز
دوت أورج الذي يتابع أعداد القتلى في ارتفاع عن 521 قتيلا عام 2009
الذي كان سابقا أسوأ أعوام الحرب.
الحرب قتلت طفلين كل يوم
في سياق متصل قالت جماعة افغانية مستقلة مدافعة عن حقوق الانسان ان
طفلين في المتوسط قتلا يوميا في أفغانستان العام الماضي مع تحول مناطق
كانت امنة في شمال البلاد لتصبح من أخطر المناطق.
وقالت الجماعة الافغانية لمراقبة الحقوق في تقرير ان 2421 مدنيا
قتلوا في حوادث امن متعلقة بالصراع عام 2010 من بينهم 739 تحت سن 18
عاما.
وألقت مسؤولية قتل ثلثي الاطفال الذين قتلوا على الجماعات المتمردة
التي وصفتها بأنها جماعات معارضة مسلحة بينما حملت القوات الامريكية
والقوات التي يقودها حلف شمال الاطلسي مسؤولية 17 في المئة من القتلى.
وجاء في التقرير ان عددا كبيرا من الاطفال القتلى وقع في اقليمي
قندهار وهلمند المضطربين في الجنوب وهما من معاقل طالبان. لكن التقرير
ذكر أيضا ان اقليم كونار في الشرق وقندوز في الشمال كانا من أخطر
الاماكن على الاطفال في ابراز لانتشار العنف من الجنوب والشرق حيث
معاقل طالبان الى مناطق كانت امنة من قبل في أفغانستان. بحسب رويترز.
ووصلت الخسائر في الارواح بين المدنيين والعسكريين مستويات قياسية
عام 2010 مع تفاقم العنف ووصوله الى مستويات غير مسبوقة منذ ان اطاحت
القوات الامريكية والقوات الافغانية بحكومة طالبان اواخر عام 2001.
القوات الافغانية تمارس التعذيب
من جهة اخرى اشارت شهادات عديدة لجنود الى ممارسة التعذيب بشكل واسع
من قبل الجيش والشرطة الافغانيين غير ان مدربيهم الاطلسيين ورغم علمهم
بالامر يغضون الطرف فضلا عن تورط بعضهم في هذه الممارسات.
وجمع مراسل وكالة فرانس برس في 11 قاعدة عسكرية اميركية افغانية في
ولاية قندهار الجنوبية 23 شهادة لعسكريين افغان واميركيين ضمنهم جنود
وضباط، تشير الى علمهم باستخدام قوات الامن الافغانية التعذيب بشكل
واسع ان لم يكن منهجيا بحق سجنائها.
وقال رقيب اميركي في القوة الدولية للمساعدة في ارساء الامن
بافغانستان (ايساف) التابعة للاطلسي "شاهدت كيف يعامل الجيش الوطني
الافغاني طالبان، انه يشبعهم ضربا واحيانا يقتلهم".
وقال جندي افغاني وهو يضحك لوكالة فرانس برس انه قبض على اثنين من
عناصر طالبان وتولى تعذيبهما واقتادهما الى امام منزليهما حيث قتلهما
تحت انظار اسرتيهما.
وفي اقليم ارغنداب بولاية قندهار، اكد الضابطان الاميركيان ديفيد
فلين ورودجر ليمونز انهما لا يملكان معلومات عن حالات تعذيب في الاقليم.
غير انهما يقولان بهذا الشان "نحن لا نولي ببساطة الاهمية ذاتها
للحياة البشرية مقارنة بالافغان" الذين باتوا بعد ثلاثة عقود من الحرب
لا يبالون بالحياة البشرية براي فلين.
ويؤكد ليمونز ان التعذيب "ليس معمما كما في العراق".
وفي قاعدة في ولاية قندهار جرى حوار بين لفتانت افغاني وكابتن
اميركي بشأن عنصر مفترض في طالبان سيتم الافراج عنه قريبا بسبب نقص
الادلة ضده.
وقال الافغاني متحفزا وهو يمسك عصا بيزبول "اعطونا اياه سنوسعه ضربا
وسيعترف"، فتعالت الضحكات. ورد الاميركي متذكرا وجود صحافي في المكان "اذا
ما اقدمتم على هذا الفعل قولوا للجنود الاميركيين ان يرحلوا من المكان،
لا يمكنني السماح بهذا اذا كنت على علم به" واضاف مساعده "للاسف".
وتؤكد راشيل ريد الناشطة في منظمة هيومن رايتس ووتش "ان التعذيب
يمارس خصوصا من الشرطة الوطنية الافغانية ووكالة المخابرات الافغانية"
مضيفة ان "التعذيب ممارسة شائعة لدى المخابرات".
وتابعت راشيل "ان اعلى سلطة قضائية في بريطانيا اقرت بان التعذيب
ممارسة شائعة في افغانستان" وكذلك القضاء الكندي وتقارير منظمات غير
حكومية واللجنة الافغانية لحقوق الانسان.
وتهمة ممارسة التعذيب ليست حكرا على القوات الافغانية. وكما هو
الحال في العراق فان الجيش الاميركي ووكالة الاستخبارات المركزية
الاميركية (سي اي ايه) متهمان ايضا بممارسة التعذيب ما يغذي الغضب
الشعبي ضد التدخل العسكري الاجنبي.
وتنص قواعد ايساف على اعتقال السجناء 96 ساعة ثم نقلهم الى قوات
الامن الافغانية او الافراج عنهم.
بيد ان العسكريين الذين التقتهم فرانس برس يدركون ان المعتقلين
الذين يتم تحويلهم الى القوات الافغانية سيتعرضون للتعذيب وحتى الاعدام
الفوري احيانا. وتسليمهم الى القوات الافغانية يشكل في هذه الحالة
انتهاكا لاتفاقية جنيف.
وتندد راشيل ريد ب"تعمد (ايساف) عدم التدقيق في الحالات". وتقول انه
كان "يتعين على الاميركيين ان يتخذوا القرارات بانفسهم" بدلا من ترك
الامر للافغان منددة ب"فشل المجتمع الدولي".
ومع اقراره بوجود مشكلة اوضح متحدث باسم ايساف ان "قادة ايساف (..)
قاموا بجهود كبيرة للتاكد من ان المكلفين بالمعتقلين يدركون اهمية"
معاملتهم بشكل جيد.
بيد انه يضيف "ان معاملة المعتقلين الموجودين في حراسة قوات الامن
الافغانية تصبح من مسؤولية وزارة العدل" الافغانية. ومن المقرر ان
تستلم القوات الافغانية الامن من ايساف في مجمل البلاد بحلول نهاية
2014.
خطاب مناهض للغرب
الى ذلك عناية الله بليغ استاذ بجامعة كابول ويلقي خطبة الجمعة في
أكبر مسجد بوسط العاصمة الافغانية حيث يدعو الى الجهاد ضد الاجانب
الذين ينتهكون قدسية الاسلام.
وبعد أن أشرف قس أمريكي متشدد على احراق نسخة من المصحف الشهر
الماضي تنامى الاعتقاد بين المواطنين بأن الكثير من الاجانب في
أفغانستان ينتمون الى فئة واحدة وحسب هي فئة الكفار.
وقال بليغ لرويترز في مسجد حضرة علي "المجتمع الدولي والحكومة
الامريكية مسؤولان عن هذه الاهانة البشعة للمسلمين." وأضاف "أقول
لتلاميذي جاهدوا ضد كل الاجانب الذين ينتهكون قدسية قيمنا الدينية. فاض
بنا الكيل."
ولم تتحول الاحتجاجات في كابول على احراق نسخة من المصحف الى أعمال
عنف لكن هناك الكثير من الائمة الاخرين في العاصمة المزدحمة الذين تزخر
خطبهم بالانتقادات للاجانب الذين يعملون ويقاتلون في أفغانستان.
في شمال غرب كابول يحذر حبيب الله عصام مستمعيه من أن أي اتصال مع
غير المسلمين خطر. وقال خلال خطبة الجمعة "اليهود والصليبيون لا يمكن
أن يكونوا أصدقاء المسلمين فهم من ينهبون مجتمعنا وثقافتنا." ويرد
المصلون بالتكبير.
وقال "من يريدون وجودهم هنا مسلمون جبناء. النساء يتجنبن ارتداء
الحجاب والرجال يتابعون أحدث الصيحات ويستعرضون وكل هذا بسبب الاجانب."
وبما أن أغلب الاجانب لا يتحدثون لهجة الداري او الباشتو في البلاد
فان الرسائل التي تنبعث من مكبرات الصوت بالمساجد تمر في الغالب دون أن
يلحظها من تندد بهم.
لكن أثر المشاعر المناهضة للغرب تجلى الاسبوع الماضي حين انتهى
احتجاج في مدينة مزار الشريف بالشمال بقتل سبعة موظفين أجانب بالامم
المتحدة.
وقضى المتظاهرون ساعات يستمعون الى خطب مثيرة من رجال دين مفوهين
مثل عبد الرؤوف طوانة الذي قال للمصلين "يجب أن ننتقم لحرق المصحف."
وبعد الهجوم حث حاكم الاقليم الائمة على تجنب الحديث عن السياسة
وأمر الشرطة بجمع الشرائط الصوتية التي تحمل خطبا تنطوي على "كراهية."
وفي دولة ينتشر فيها التدين ويؤدي معظم الرجال صلاة الجمعة كل أسبوع
تمثل الخطب جزءا مهما من جهود مكافحة المتشددين الذين أفرزتهم المدارس
الدينية والمساجد.
ومع غياب تسلسل هرمي مثل الموجود في الكنائس المسيحية فان الحكومة
لها بعض النفوذ على الائمة. وتدفع الحكومة رواتب الكثيرين منهم كما أن
العديد من رجال الدين ضمن كبار مسؤولي ومستشاري الرئيس حامد كرزاي -وطوانة
عضو في مجلس كبار العلماء - كما توجه وزارة الشؤون الدينية ملاحظات
لبعض الائمة على خطبهم.
وقال اصرار الحق وكيل الوزارة لشؤون المساجد والمواقع المقدسة
الاخرى لرويترز " بعض الملالي يلقون خطبا تتجاوز ما نريده لكن لا توجد
موارد للسيطرة على كل المساجد في البلاد." وأضاف أن هناك 160 ألف مسجد
في البلاد ثلاثة الاف منها فقط هي المسجلة عند الحكومة. ومضى يقول ان
المساجد الاخرى بناها المواطنون وان الاحياء هي التي تدعم هؤلاء الائمة.
وقال اصرار الحق "الملالي لديهم مشاكلهم. اذا انتقدوا سياسات
الحكومة اما يتم التعدي عليهم أو تعتقلهم قوات الامن... اذا تحدثوا
بالخير عن الحكومية يقتلهم المتشددون."
ويبدو أن كرزاي ليست لديه الرغبة أو النفوذ لمواجهة رجال الدين
الاقوياء ومن الصعب متابعة محتوى الخطب في الاف المساجد الصغيرة
المنتشرة بالبلدات والقرى النائية في أنحاء البلاد.
في المناطق الريفية التي تشهد أكبر نشاط لحركة طالبان تكون خطب
الجمعة عادة مؤيدة للمتشددين.
وقال خان محمد وهو شيخ له نفوذ في اقليم هلمند بجنوب افغانستان ان
المتشددين يأمرون الائمة بالتنديد بقوات حلف شمال الاطلسي بوصفهم "غزاة
أجانب" وبالحكومة بوصفها دمية يحركونها.
وكان هناك الكثيرون من بين من كانوا بعيدين أو من انضموا الى أعمال
الشغب في مزار الشريف لكن لم يشاركوا في القتل ممن لم ينددوا بأعمال
العنف. وعلى الرغم من أن المتشددين لعبوا دورا رئيسيا فان المحتجين هم
الذين تغلبوا على أفراد الامن في مجمع الامم المتحدة بمزار الشريف
وساعدوا في العثور على الضحايا.
وبعد انفاق مليارات الدولارات ومرور قرابة عشر سنوات على بدء الحرب
واذ يشير دبلوماسيون الى المدارس والعيادات والجيش الذي أعيد بناؤه
بمساعدة غربية فان الغضب الذي يمكن أن يحرك هذه النوعية من جرائم القتل
او يغفرها أمر لا يريد الكثير من الغربيين بحثه.
والمشاعر المناهضة للغرب قوية في أفغانستان المحافظة تقليديا والتي
ينتشر فيها التدين والتشكك في الغرباء. واستقبلت القوات الاجنبية
بالترحاب عام 2001 في أجزاء كثيرة من البلاد لكن هذا تبدد تدريجيا.
وكتب توماس راتيج مدير شبكة محللي أفغانستان في مقال عن قتل موظفي
الامم المتحدة "هناك الكثير من الغضب بعد سنوات أسفرت فيها العمليات
العسكرية الغربية عن تراكم الخسائر البشرية بين المدنيين."
وتزيد الحياة المترفة التي يعيشها الكثيرون من الغربيين والمسؤولين
الذين يعتبرون فاسدين ألامر سوءا. ولا يشعر المواطنون باستفادة تذكر من
المساعدات التي تقدر بمليارات الدولارات ويعانون من انتهاكات لحقوق
الانسان مما يزيد غضبهم.
وقال تواب رستمي (24 عاما) وهو طالب جامعي "وكأن الغارات الجوية على
المدنيين وأعمال العنف واراقة الدماء لم تكن كافية والان أحرقوا نسخة
من المصحف." وأضاف "الصراع بسبب الاجانب. الافضل لهم أن يرحلوا قبل أن
تزداد الامور سوءا."
سبعة ملايين جائع
من جهتها حذرت الامم المتحدة من ان نقصا في المساعدات الغذائية يلوح
في الافق في افغانستان يمكن ان يخلف أكثر من سبعة ملايين شخص جوعى ما
لم تتلق تبرعات مالية عاجلة بأكثر من 250 مليون دولار لشراء المزيد من
الامدادات.
وقال برنامج الغذاء العالمي التابع للامم المتحدة ان اغلب هؤلاء
الذين سيعانون من نقص الغذاء هم النساء والاطفال لكن بشكل عام فان
المعرضين للخطر يشكلون نحو ربع سكان البلاد التي يبلغ تعداد سكانها نحو
30 مليونا. واضاف انه تم ضمان نصف المخزون اللازم لهذا العام فقط مع
توقع بدء توقف امدادات القمح بحلول يونيو حزيران عند بداية اشهر الصيف.
ويحتدم القتال في أكثر مناطق التمرد بالبلاد خلال اشهر الصيف ايضا مما
يعقد عملية الحصول على الغذاء.
وقال لويس ايمبلو مدير برنامج الغذاء العالمي في افغانستان في بيان
"نطلق هذه المناشدة لنعطي انفسنا افضل فرصة ممكنة لسد فجوات الامدادات
التي تلوح في الافق."
والقمح هو محصول الغذاء الرئيسي وتحتاج افغانستان نحو 5.2 مليون طن
سنويا للوفاء بالطلب في بلد لا يحصل فيه اثنان من بين كل ثلاثة اشخاص
على غذاء كاف.
وقالت الحكومة الافغانية في وقت سابق من هذا العام انها قد تواجه
نقصا قدره 1.2 مليون طن قمح وقد تضطر الى البحث في الاسواق العالمية
للمساعدة في سد الفجوة.
وقال برنامج الغذاء العالمي ان امدادات الزيوت النباتية والبقول
يمكن ان تبدأ في التناقص في يوليو تموز واغسطس اب وانه بدون تمويل
اضافي قد يضطر الى تقليص برامج التغذية المدرسية الى النصف في يونيو
حزيران مما سيؤثر على أكثر من مليون طفل.
وتصنف افغانستان - التي دخلت أزمتها عامها العاشر منذ الاطاحة بحركة
طالبان في 2001 - كاحدى افقر دول العالم من حيث الامن الغذائي.
مهرجون افغان
وفيما يقف رجلا شرطة افغانيان مشلولي الحركة امام كوب بلاستيكي، هذا
المشهد لا يعكس احدى المواجهات مع حركة طالبان بل انه جزء من عرض
مهرجين جديد تشهده العاصمة كابول.
قد يبدو العرض الذي يؤديه تسعة من افراد فرقة "ازدار" غريبا في بلد
يشهد مواجهة عنيفة منذ تسع سنوات بين القوات التابعة لحلف شمال الاطلسي
والناشطين الاسلاميين.
الا انه يندرج في اطار الجهود المتزايدة لاحياء المسرح الافغاني
الذي عرف عصره الذهبي في الستينات والسبعينات من القرن الماضي قبل ان
تقضي عليه الحروب واقفال المسارح في عهد حركة طالبان التي تولت الحكم
في منتصف التسعينات.
انشأ غيلدا شاهوردي نائب مدير المركز الثقافي الفرنسي في كابول
واستاذ المسرح في جامعة العاصمة فرقة "ازدار" مع مجموعة من طلابه
السابقين.
ومن الانتاجات السابقة لهذه الفرقة عرض "الامير الصغير" لانطوان دو
سانت اكزوبيري في كابول. الا ان شاهوردي انتقل الى تهريج في عرضه
الاخير في محاولة لتوسيع نطاق مؤهلات الممثلين.
بيد ان الامور ليست بسهلة دائما ويصعب احيانا اقناع الافغان الشباب
بالصعود الى خشبة المسرح على ما يوضح شاهوردي. بحسب فرانس برس.
ويقول "افضل الطلاب يريدون متابعة دروس في الطب او في ادارة الاعمال
في حين يتابع الذين يمتلكون مؤهلات اقل دراسة الفنون" مشددا على ان بعض
الافغان يعتبرون التهريج "مخزيا".
البعض يشكو من ان التمويل محدود جدا للمشاريع المسرحية ويصعب الحصول
عليه بينما تخصص مبالغ هائلة لأي مجالات اخرى.
يضاف الى ذلك ان الكثير من الممثلين الافغان الموهوبين ينتقلون الى
الخارج لمواصلة حياتهم المهنية هربا من الحرب والصعوبات. وبعض الحضور
يواجه صعوبة في متابعة العروض.
ويقول سيلفان مالغوير وهو فرنسي عمل مع الفرقة لمساعدة افرادها على
اتقان فن التهريج "الناس يقولون: +عندما نذهب الى المسرح يصعب علينا
التركيز لان الحياة اليومية تضغط علينا كثيرا+".
الا ان بعض الممثلين يؤكدون ان قوة عروضهم اقنعت المقربين منهم بان
المسرح ليس مضيعة للوقت. ويقول غلاب البالغ 19 عاما "عائلتي كانت تمنعي
من التمثيل في المسرح حتى العام الماضي".
ويوضح "لكن عندما قدمنا +الامير الصغير+ في كابول في ايلول/سبتمبر
الماضي اتوا لرؤيتي للمرة الاولى. وقد ضحكوا وصفقوا مثل الجميع".
وكان العرض الاخير اقيم الشهر الماضي في مقر المركز الثقافي الفرنسي
امام نحو ستين شخصا. بعض الممثلين في فرقة ازدار يشاركون كذلك في فرقة
باراز للدمى المتحركة التي تقوم بجولات منتظمة في الولايات الافغانية
مع عروض تتناول القضايا الاجتماعية مثل الفساد.
ورغم الحماسة التي تتملكهم يؤكد الكثير من الممثلين انهم يدركون
انهم قد لا يقدرون على الاستمرار في نشاطهم هذا طويلا. ويقول الممثل
ناصر "اريد مواصلة التمثيل لكن اذا بات ذلك مستحيلا فسنعمل كمزارعين
كما كان اباؤنا".
الرئيس الافغاني مقموع في المنزل
من جهته قال الرئيس الافغاني حميد كرزاي مازحا انه يعاني من استبداد
المرأة، وذلك في معرض حديثه عن زوجته في كلمة القاها في كابول بمناسبة
اليوم العالمي للمرأة. وقال كرزاي "أنا مقموع في المنزل، ويمكنكم أن
تسألوا عن ذلك".
جاء كلامه هذا ردا على سؤال من الحضور ذي الغالبية النسائية، تغيبت
عنه زوجته زينات، وهي طبيبة نسائية وأم لطفل في الرابعة من عمره. وقال
عن غيابها عن الحفل "انها هي من تختار، كان لديها الخيار في أن تأتي أو
الا تأتي، لم يكن جيدا أن اجبرها على الحضور".
ودعا كرزاي، في خطابه، زعماء القبائل والقادة الروحيين الى تعزيز
مكافحة العنف ضد المرأة، وفقا لقواعد الاسلام والدستور الافغاني.
في الآونة الاخيرة تلقت افغانستان انتقادات من منظمة العفو الدولية
بعد اعلان كابول عزمها أن تتولى الحكومة الافغانية شؤون النساء
اللاجئات، اللواتي يحظين حتى الآن برعاية من منظمات غير حكومية.
وتقضي التقاليد في افغانستان بأن الرجال هم من يتخذون القرارات
العائلية، ومنها أمور الزواج دون رضى صاحبة الشأن، ووضع البرقع.
غير أن هذا الوضع شهدا نوعا من التحسن في آخر العام 2001، مع سقوط
نظام حركة طالبان الذين كانوا يحظرون على الاناث الذهاب الى المدارس او
الخروج من المنزل دون مرافقة رجل من عائلتها. |