صرخة الوعي وسبات حكام الخليج

محمد علي جواد تقي

لا يُلام الحكام الخليجيون على انزعاجهم واضطرابهم من صدور اصوات معارضة في البلاد العربية تهز اركان الحكم وتهدد الأنظمة السياسية، وكيف يقبلون بذلك؟ وقد خلت سنّت الآباء الأولين على أحقية القوي والمقتدر في الحكم؟

وإن كان لابد من مواجهة عاصفة التغيير، حرصوا على تطويق الحق الجماهيري بعباءاتهم! كما سوروا من قبل الأرض بمفهوم (القومية العربية)، فبدلاً من الوطن الاسلامي، اصبح لدينا (وطن عربي).

فالاستجابة للمطلب الجماهيري بالتغيير السياسي جائز في حالة بقائه ضمن هذا الطوق، وإلا فلا... ولا غرابة في الموضوع فـ (القوم أبناء القوم)، وكل واحد يعرف صاحبه ويتفهم مشاعره السلطوية. ولكن؛ ماذا عن ارادة الجماهير الغاضبة على قمع السلطة وظلمها وطغيانها؟ وهل عليها التسامح مع من أراق دماء شبابها في الشوارع ثم تقول للزعيم: تفضل سلّم السلطة بهدوء الى احد المقربين اليك، ونضمن لك السلامة من الملاحقة القانونية على من قتلته وما سرقته وما دمرته...؟!

الجواب أطلقته إحدى النساء المؤمنات في اليمن الثائر وهي تحثّ الخطى في موكب للمتظاهرين، ما مضونه: (ليسمع الخليجيون... اننا لن نتنازل عن التنحّي الفوري لصالح عن السلطة ولا عن ملاحقته قضائياً لكل ما اقترفه من جرائم).

والمثير في مسار الاحداث باليمن أن الزعيم المتشبث (علي عبد الله صالح)، قدم بالمقابل (لأشقائه) في مجلس التعاون الخليجي حزمة من المواقف المتضاربة والمتناقضة، بين القبول بالعرض الخليجي ثم رفضه ثم القبول به ثانية! وفي المرة التي رفض فيها العرض، هاجم قطر واصفاً إياها بانها تتدخل في شؤون بلاده الداخلية، ليفضح من حيث لا يريد الدور المناط بهذه الدولة الخليجية في أحداث التغيير في البلاد العربية وعلى اكثر من صعيد، ليس أقله الاعلام (الجزيرة) والمال.

 لكن مع ذلك يغفر (الاشقاء) لهذا الزعيم وذاك تنكره للجميل وحتى استهانته بجهودهم، ويذكرني هذا، بموقف طريف حصل مع سائق سيارة أجرة في احدى المناطق التي يسكنها ذوو الاصول العربية جنوب ايران، وكانت أيام الانتفاضة الشعبانية عام 1991، فتحدثت له عن ظلم وطغيان صدام وان هناك شعب يريد التغيير، فيما كان معارضاً لهذا الرأي بحجة انه (زعيم عربي ولا يجوز الاستعانة بغيره لتغييره...)، فقلت وما رأيك بغزوه الكويت وهو بلد عربي فقال: (وما المانع...؟! أخ كبير دخل الى صغير له يؤدبه...)!!

وإذن؛ على الشعب البحريني ارسال برقيات ورسائل الى الامانة العامة لمجلس التعاون الخليجي يطلبون فيها الإذن والموافقة على تغيير سياسي او تعديل اقتصادي في نظام حكمهم، فان حصلت الموافقة فخير على خير، وإلا عليهم الصبر والانتظار.

ويبدو من واقع حال هؤلاء، أنه كان يتعين على الشعب العراقي مراجعة هذا (المجلس) واستشارته بشأن الاطاحة بنظام صدام، حتى لا يواجه عقوبة قاسية ورهيبة كالتي تلقاها خلال السنوات السبع الماضية. فقد دفع الشعب العراقي مئات الآلاف من الشهداء من نساء ورجال وأطفال ومثلهم من المشردين، وجحافل من الايتام والأرامل، ثمناً لتجاهلهم (الأخ الكبير) في المنطقة والمضي قدماً في مشروع التغيير ذو الجذور العميقة الذي يستمد قوته من قيم ومبادئ الحضارة الاسلامية، والتي تقف عند فاصلة بعيدة جداً عن نمط حياتهم وتقاليد سنّوها لأنفسهم ما أنزل الله بها من سلطان، كالوراثة في الحكم وتحكيم السيف وتجاهل كرامة الانسان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 17/نيسان/2011 - 13/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م