شبكة النبأ: تتصاعد مشاعر القلق
والحيرة لدى معظم ابناء الشعب العراقي مع قرب نهاية موعد الانسحاب
الامريكي الكامل من العراق اواخر هذا العام، سيما ان العام القادم
سيمثل تحديا مصيريا امام هذا البلد الذي عاني لعقود طويلة من الحروب
الدامية، على الصعيد الخارجي والداخلي، وانقسام سياسي واجتماعي غير
مسبوق.
وبين مؤيد ومتخوف من الانسحاب تتعدد الرؤى حول المصير القادم للعراق،
وحسب العديد من الاعتبارات والتداعيات المتوقعة، فيما بدى التباين واضح
لدى القوى السياسية ازاء هذا الموقف، شمل في غموضه وذبذبته الحكومة
العراقية ذاتها، كاشفا في الوقت نفسه حاله من التخبط والارباك في
مؤسسات الدولة الحساسة.
كما تسعى بدورها الولايات المتحدة للتمديد زمنيا خوفا من وقع
اضطرابات حسب قول مسؤوليها، على الرغم من اقرارها للاتفاقية المبرمة مع
الحكومة العراقية في العام الماضي، فهل سوف تنجح في ذلك ام سيسري الامر
كما هو متفق عليه؟
ضغط امريكي
فقد قال وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس الذي كان يتحدث قبل
اجتماعات مع رئيس الوزراء نوري المالكي وزعماء عراقيين آخرين أثناء
زيارة لبغداد ان الولايات المتحدة ستكون مستعدة لبحث تمديد الوجود
العسكري الامريكي في العراق بعد نهاية هذا العام. وقال جيتس للقوات في
قاعدة امريكية بجوار مطار بغداد "اذا كان الناس هنا يريدون ان يكون لنا
وجود سنحتاج الى ان نفعل ذلك بسرعة من حيث التخطيط وقدرتنا على تحديد
من أين نأتي بالقوات ونوع القوات التي نحتاج اليها هنا وما هي المهمة
على وجه التحديد التي يريدون منا ان نقوم بها." وقال "أعتقد انه يوجد
اهتمام بأن يستمر وجودنا لكن السياسة تقتضي ان ننتظر لنرى لان المبادرة
يجب ان تأتي في نهاية الامر من العراقيين."
وبعد أكثر من ثماني سنوات من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة
للاطاحة بصدام حسين يكافح العراق لوقف العنف من تمرد اسلامي أصابه
الوهن لكنه قاتل ووضع نهاية لفترة طويلة من عدم الاستقرار السياسي بعد
انتخابات عامة اجريت قبل أكثر من عام.
وقال بيان نشر على الموقع الالكتروني للمالكي ان رئيس الوزراء أبلغ
جيتس بأن "قواتنا المسلحة من الجيش والشرطة أصبحت لديها القدرة للتصدي
لاي اعتداء وان قدراتها على بسط الامن والاستقرار تزداد يوما بعد آخر."
ولم يذكر الموقع ما اذا كان سيتم طلب تمديد الوجود الامريكي.
وقال مسؤولون امريكيون انهم يتوقعون الاسراع بنقل القوات الامريكية
الباقية التي تركز معظمها على تدريب الجنود العراقيين في أواخر الصيف
أو الخريف حتى -- اذا لم يتم تمديد الوجود الامريكي -- فان القوة
بالكامل يمكن سحبها بالكامل بحلول نهاية العام. وتقوم الولايات المتحدة
بتفكيك قواعد ونقل معدات وتسليم منشات الى القوات العراقية.
وقال الجنرال لويد اوستن الذي يتولى قيادة القوات الامريكية في
العراق للصحفيين انه لم يقدم حتى الان أي توصية الى البيت الابيض بشأن
عدد الجنود الذين سيبقون اذا تم التوصل الى مثل هذا الاتفاق. لكنه قال
ان هناك نقطة يصبح بعدها ابقاء قوات أو اعادتهم بمجرد ان يغادروا مسألة
باهظة التكاليف أو بالغة الصعوبة.
وقال "الوقت يمضي... سنصل الى نقطة ... يصبح عندها من الصعب اعادة
الاشياء التي قمنا بتفكيكها." وأضاف "يمكنك ان تفعل أي شيء لكنه يكلف
أموالا أكثر وموارد أكثر وبصراحة تامة بلدنا في هذه اللحظة كما تعلمون
ليس مهتما بانفاق مزيد من الموارد لاننا أهدرنا فرصة."
وتبحث ادارة اوباما احتمال تعليق عمل الحكومة في وقت لاحق اذا لم
يتمكن الجمهوريون والديمقراطيون من الاتفاق على خفض الانفاق في
الكونجرس.
وقد يكون دافعو الضرائب الامريكيون أقل استعدادا لتقبل تمديد الوجود
الامريكي في العراق فيما تطلق الولايات المتحدة عملا عسكريا في ليبيا
وتكافح ضد قوات طالبان في افغانستان.
وقال اوستن ان المشاحنات السياسية التي سبقت تشكيل الحكومة الجديدة
للمالكي في ديسمبر كانون الاول والغياب المستمر لوجود وزير داخلية
ووزير دفاع اسهم في فشل العراق في اتخاذ قرار بشأن ان كان سيطلب تمديد
فترة وجود قوات.
الصدر يلوح بجيش المهدي
من جهته هدد الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في الذكرى الثامنة لسقوط
النظام السابق بالغاء تجميد جيش المهدي اذا لم تنسحب القوات الاميركية
من العراق في الموعد المحدد، اي نهاية العام الحالي. ونقل الشيخ صلاح
العبيدي الناطق باسم الصدر عنه قوله امام حشود كبيرة في ساحة
المستنصرية في شرق بغداد "اذا نقض المحتل الاتفاق مع الحكومة العراقية
بخروجه في الموعد المحدد فان هذا يعني تصعيد عمل المقاومة والرجوع عن
تجميد جيش المهدي".
وكان الزعيم الشيعي قرر تجميد انشطة جيش المهدي، الجناح المسلح
للتيار الصدري، اثر مواجهات دامية مع القوات الامنية في كربلاء في اب/اغسطس
2008.
وقال "ننتظر بندا واحد وهو خروجهم بعد اشهر وفقا لاتفاقية ظالمة
(...) عن بكرتهم الى اخر جندي وقاعدة من تلك الاراضي المقدسة". واضاف "لكن
يا شعب العراق ماذا لو لم تخرج القوات الغازية وبقيت ولو بثوب اخر؟
ماذا لو بقيت باراضينا؟ ماذا لو بقيت شركاتهم ومقرات سفاراتهم؟ فهل
انتم تسكتون وتتغاضون عن ذلك؟".
وتابع ان "الامر الثاني، تصعيد المقاومة السلمية وذلك بالاعتصامات،
وبهتاف الشعب يريد اخراج الاحتلال ولنكن يدا واحدة (...) لنثبت للجميع
اننا بلد ملتحم ونصرخ نريد اسقاط الغزاة".
ويشغل التيار الصدري سبع وزارات من اصل 43 في حكومة رئيس الوزراء
نوري المالكي اضافة الى اربعين مقعدا نيابيا من اصل 325، ومنصب النائب
الثاني لرئيس البرلمان.
وطالب الصدر انصاره باطلاق هتافات "الشعب يريد اسقاط الغزاة، الشعب
يريد اسقاط الفساد، الشعب يريد اخراج الاحتلال". ورددت الحشود بعدها "نعم
نعم مقتدى".
وشارك في التظاهرة في شارع فلسطين في شرق العاصمة وسط اجراءات امنية
مشددة، وزراء ونواب عن التيار اضافة لقادته ورجال دين ومئات الاف
المتظاهرين الذين وصلوا من مختلف المحافظات. وهتف الشيخ خالد الملا احد
رجال الدين من الطائفة السنية "الشيعة والسنة تريد اخراج المحتل".
واضاف "لامكان لوجود المحتل ولا للقوات الاميركية على ارض العراق بعد
نهاية العام الحالي، فالعراقيون قادرون على حماية انفسهم".
وتلا القيادي في التيار الصدري حازم الاعرجي بيانا للصدر يطالب
انصار التيار "القادرين الاعتصام التوجه الى مكاتب التيار للتسجيل"
مؤكدا بانها "دعوة مفتوحة للاعتصام".
من جهته، قال كامل السعدي النائب عن التيار الصدري لوكالة فرانس برس
ان "المقاومة السلمية التي امهلت المحتل ستنتهي وسيكون هناك مقاومة
عسكرية تحت جميع المسميات".
وحول احتمال مطالبة العراق بقاء قوات اميركية لفترة اطول، اضاف ان "المحتل
يبث هذه الامور لتهيئة الارضية للبقاء فترة اطول (...) حتى الاصوات
التي تطالب بالبقاء ضعيفة والصوت القوي العالي هو رفض جميع العراقيين
للاحتلال".
وقال كرار الشرع، من مدينة البصرة (550 كلم جنوب)، "جئت مع مئات من
ابناءالبصرة لرفض بقاء قوات الاحتلال الى ما بعد نهاية العام الحالي".
من جانبه، قال كاظم منخي (25 عاما) عامل بناء من الناصرية (365 كلم
جنوب) "جئنا للمطالبة بخروج الاحتلال". بدوره، قال نبيل حنون (26 عاما)
عاطل عن العمل متزوج وله ولدان، ان "كل مانطلبه هو اعادة سيادة بلادنا
بخروج المحتل من ارضنا".
وفي الرمادي، تظاهر الاف من في الذكرى الثامنة لسقوط النظام السابق
مطالبين بخروج "الاحتلال باسرع وقت ممكن" وطالبوا الحكومة بعدم "التمديد"
للقوات الاميركية. كما طالبوا ب"الاصلاح السياسي والقضاء على الفساد".
مشاكل ما بعد الانسحاب الاميركي
الا ان وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس عاد واعلن في تصريح آخر ان
القوات الاميركية ستنسحب من العراق في نهاية 2011 كما هو مقرر، محذرا
في الوقت نفسه من ان بغداد ستواجه "مشاكل" اثر هذا الانسحاب.
وقال غيتس امام لجنة الدفاع في مجلس النواب الاميركي "بالتأكيد هناك
من جانبنا مصلحة في الابقاء على وجود اضافي" يزيد عن ما تم الاتفاق
عليه في 2008 بين البلدين. واضاف "الحقيقة هي ان العراقيين سيواجهون
عددا من المشاكل التي سيتحتم عليهم حلها اذا لم نكن موجودين هناك
باعداد كبيرة". بحسب فرانس برس.
واشار الى ان العراقيين "لن يكونوا قادرين على حماية مجالهم الجوي"،
وسيواجهون تحديات في مجال الاستخبارات وسيجدون انفسهم امام "مشاكل
لوجستية ومشاكل صيانة". واضاف "ولكن هذا بلدهم. هذا بلد ذو سيادة، ونحن
سنحترم الاتفاق، الا اذا طلب منا العراقيون مزيدا من القوات".
العام الحاسم
الى ذلك توقع وزير الخارجية العراقي ان يكون العام الحالي "حاسما
جدا" للعراق وقال ان تحديات سياسية واقتصادية وامنية كبيرة تواجه
الحكومة العراقية حاليا مؤكدا ان الحكومة مطالبة بتنيفذ التزاماتها
وتعهداتها لكي تثبت انها قادرة على نقل العراق "الى حيث يكون".
وقال هوشيار زيباري في مقابلة مع رويترز "ان هذه السنة ستكون حاسمة
جدا في عبور العراق الى حيث يكون." واضاف ان التحديات التي تواجه
الحكومة العراقية عديدة "ويجب ان تنفذ الاتفاقيات التي اتفق عليها وان
تضعها محل التنفيذ".
واسهب زيباري في بيان هذه التحديات وقال ان الجانب السياسي منها
يتمثل في ان الحكومة الحالية يجب ان يكتمل تشكيلها وان العديد من الدول
تراقب الاستقرار السياسي "النسبي" الذي يشهده العراق حاليا بعد تشكيل
الحكومة "وهل هو حقيقة ام لا" اضافة الى الاستحقاقات السياسية الدولية
التي تنتظر العراق وخاصة فيما يتعلق بخروجه من طائلة البند السابع
والعقوبات الدولية التي كانت مفروضة عليه من قبل مجلس الامن الدولي.
وقال زيباري ان التحدي الامني يتمثل في ان هذا العام سيشهد نهاية
التواجد العسكري الاجنبي (الامريكي) بحسب الاتفاقية الامنية الموقعة
بين العراق والولايات المتحدة. واضاف ان التحدي الاقتصادي سيتمثل بقدرة
الحكومة على اظهار انها " قادرة على تطوير ثروات العراق النفطية
والغازية من خلال عقود التراخيص" التي وقعها العراق العام الماضي مع
عدد من الشركات الاجنبية العالمية. لكن زيباري قال "ارى ان الافاق
مشرقة لكن لابد من عمل وجهد مستمر في هذا الاتجاه."
وتشكلت الحكومة العراقية نهاية العام الماضي لكن عددا من الحقائب
الوزارية وخاصة الامنية مازالت شاغرة ولم يتم تعيين وزارء لها بعد
اضافة الى حقائب أخرى مهمة اخرى مثل وزارة التجارة ووزارة الكهرباء.
وتوقع زيباري ان تشهد القمة العربية المتوقع عقدها نهاية مارس اذار
مشاركة عربية كبيرة واوضح ان اتصالات واسعة جرت مع القادة العرب في قمة
شرم الشيخ الاقتصادية التي عقدت في مصر مؤخرا وقال "تلقينا تعهدات
صريحة وواضحة من عدد (من القادة العرب) واستطيع القول ان الحضور سيكون
بمستوى جيد جدا لحضور هذه القمة."
وتحدث زيباري عن اهمية عقد القمة في بغداد وقال انها ستكون مهمة
للعراق مثلما هي مهمة للعرب. وقال ان الرسالة السياسية لعقد القمة في
العراق "هو ان هناك استعدادا عربيا لتقبل العراق الجديد بنظامه السياسي
وبخيارات ابنائه." واضاف ان الاستعدادات العراقية والتحضيرات "قائمة
وتجري على قدم وساق من اجل اقامة القمة في مواعيدها المحددة" وان
الحكومة العراقية خصصت مئات الملايين من الدولارات من اجل اعادة تاهيل
عدد من الفنادق الكبيرة في بغداد اضافة الى تاهيل "فلل وقصور رئاسية"
داخل المنطقة الخضراء.
وتحدث زيباري عن الاستعدادات الامنية العراقية لهذا القمة وقال "
لدينا حساباتنا من اجل منع اي عمل من شأنه تعكير جو الامن.. لدينا خطط
طواريء وخطط بديلة من اجل التحوط من اي شيء غير منظور."
وتحدث زيباري عن طبيعة وشكل التواجد الامريكي في العراق وخاصة بعد
انتهاء التواجد العسكري بحسب الاتفاقية الامنية الموقعة بين الجانبين.
واشار زيباري ان التواجد الامريكي في العراق سيستمر لكن بترتيبات جديدة
تحددها الحكومة العراقية وسيغلب عليها الصبغة الدبلوماسية وليس
العسكرية. وقال "ليس هناك اي استعداد من الجانب العراقي وحتى الامريكي
لتمديد (الاتفاقية الامنية)... لكن طبيعة التواجد والعمل ستختلف كليا
من علاقة عسكرية امنية الى علاقة سياسية دبلوماسية طبيعية."
واشار زيباري ان طبيعة هذا التواجد ستحددها وتحكمها حاجة الحكومة
العراقية آنذاك. ورفض زيباري الحديث بشكل مفصل عن هذا الموضوع لكنه قال
"ان طبيعة مشاوراتنا ومباحثاتنا التي ستتكثف في المستقبل القريب هو
البحث في تنظيم وتأطير العلاقة مع امريكا وفق اسس جديدة غير التواجد
العسكري الامريكي الحالي."
امل كبير
من جانبه صرح نائب الرئيس الاميركي جو بايدن انه يشعر "بامل كبير"
في رؤية العراق يتولى الحفاظ على امنه، الا انه تساءل حول جدوى اجتياح
البلاد عام 2003 بقرار من ادارة الرئيس الاميركي السابق الجمهوري جورج
بوش.
واكد بايدن المكلف ملف العراق من جانب الرئيس باراك اوباما "لدي امل
كبير. امل في ان تسمح الثروات الطبيعية للعراقيين بتمويل امنهم بالكامل".
واضاف نائب الرئيس الاميركي متحدثا امام الاعضاء الديموقراطيين في
الكونغرس المجتمعين في منتدى في كامبريدج في ولاية ماريلاند (شرق) "عندما
لن تعود المؤسسات المدنية بحاجة لدعمنا، سيصبح العراق في موقع جيد،
اعتقد ان هناك على الاقل نسبة خمسين في المئة ان شاء الله".
الا ان بايدن الذي صوت نهاية العام 2002 بصفته سناتور لصالح استخدام
القوة للاطاحة بنظام صدام حسين، اطلق جملة تساؤلات بشان اجتياح العراق
في اذار/مارس 2003 متحدثا بتاثر عن الضحايا الاميركيين في هذا النزاع.
وقال "سؤال يطرحه البعض من بينكم، ولا تظنوا انني لا اطرحه على نفسي
ايضا، هل كان الامر يستحق 4439" قتيلا في صفوف الجنود الاميركيين؟، "وهل
كان يستحق جرح 32 الف شخص من بينهم 16 الفا سيحتاجون للرعاية الدائمة؟
(...) وحده التاريخ يحمل الجواب. لكن فيما لو قدر لنا العودة الى
الوراء، لربما ما كنا لنفعل ذلك".
من جهة اخرى، نددت الولايات المتحدة الجمعة بالاعتداءات التي شهدها
العراق في الايام الاخيرة، مستنكرة بشكل خاص تلك التي استهدفت الحجاج
الشيعة الخميس قرب كربلاء.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية فيليب كراولي ان "الولايات
المتحدة تندد بشدة بالاعتداءات الاخيرة في الانبار وديالى وكربلاء التي
استهدفت شرطيين متدربين وحجاجا ومدنيين ابرياء". واضاف "الاعتداءات (الخميس)
في كربلاء كانت محط استنكار بشكل خاص لانها استهدفت حجاجا شيعة كانوا
يمارسون شعائرهم الدينية". واكد ان واشنطن "متضامنة مع الشعب العراقي
في رفضه للتطرف"، وتبقى "ملتزمة التزاما عميقا بمساعدة القوات الامنية
العراقية في مواجهة هذا التهديد".
وقتل 50 شخصا على الاقل مؤخرا في سلسلة اعتداءات في العراق، من
بينها اعتداءان انتحاريان اسفرا عن مقتل 45 شخصا قرب كربلاء التي يؤمها
الاف المؤمنين لاحياء ذكرى اربعين الامام الحسين. وهذه الاعتداءات ترفع
الى اكثر من 110 عدد الاشخاص الذين قتلوا خلال ثلاثة ايام في اعتداءات
عدة ضد قوات الامن والشيعة.
واكد ان واشنطن "متضامنة مع الشعب العراقي في رفضه للتطرف"، وتبقى "ملتزمة
التزاما عميقا بمساعدة القوات الامنية العراقية في مواجهة هذا التهديد".
سيبقى دون غطاء جوي لمدة سنة
ميدانيا، قال ضابط اميركي رفيع المستوى ان العراق سيبقى دون غطاء
جوي لمدة سنة على الاقل بعد انسحاب القوات الاميركية اواخر العام 2011،
الامر الذي يعني انه معرض لضربات جوية. واضاف المتحدث باسم الجيش
الاميركي الجنرال جيفري بوكانن "ستكون هناك فجوة من حيث قدرة العراق
على امتلاك سلاح تقليدي (...) ويتعلق الامر بسيادته على اجوائه وطائرات
قتالية متعددة الادوار لا يملكها. ولهذا السبب طلب شراء مقاتلات من
طراز اف-16 لن تصل قبل العام 2013".
يذكر ان سلاح الجو العراقي كان بين الاقوى في المنطقة لكنه تعرض
للتدمير ابان حرب الخليج الاولى عام 1991 والاجتياح بقيادة الولايات
المتحدة ربيع العام 2003، وقد طلب شراء 18 مقاتلة من طراز اف -16
الاميركية.
وردا على سؤال حول وسائل تجنب ضربات جوية، اجاب بوكانن "يجب ان
تمتلك قوتك الخاصة او ان تتصرف بطريقة لكي لا يتحول التهديد الى حقيقة.
بعبارات اخرى، يجب ان تحاول بناء علاقات صداقة مع الذين قد يشكلون
تهديدا لك. والدبلوماسية تلعب دورا مهما في هذا المجال".
وقد ذكر تقرير لمجموعة الازمات الدولية اخر الشهر الماضي بعنوان "قوات
الامن العراقية بمواجهة خفض عديد الجنود الاميركيين وانسحابهم" ان
العراق "لن يكون قادرا على حماية مجاله الجوي قبل منتصف العام 2014 على
اقل تقدير نظرا لعدم وجود نظام دفاع جوي وقوة جوية حقيقية. ستظل القوات
العراقية تعتمد على الولايات المتحدة في مجال الاستطلاع والمراقبة
الجوية". بحسب فرانس برس.
وافاد تقرير للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، ومقره لندن، ان
لدى العراق 38 طائرة مخصصة للتدريب في حين تملك ايران 312 طائرة مقاتلة،
والاردن 102، والسعودية 280، وسوريا 555، وتركيا 426.
تعويضات قدرها مليار دولار
الى ذلك تطالب العاصمة العراقية بغداد الولايات المتحدة باعتذار
ودفع مليار دولار لتعويض المدينة عما لحق بها من أضرار ليس بسبب
التفجيرات وانما بسبب الحوائط الخرسانية المضادة للتفجيرات ومركبات
همفي العسكرية التي تجوب شوارع المدينة.
وأعلنت أمانة بغداد مطالبها في بيان قال ان الجبش الامريكي ألحق
أضرارا جسيمة بالبنية التحتية والمظهر الجمالي لبغداد. وجاء في البيان
"قامت القوات الامريكية بتحويل هذه المدينة الجميلة الى معسكر وبشكل
عشوائي ومدمر عكس التغافل المتعمد والاستهانة بأبسط أشكال وصيغ الذوق
العام." وأضاف البيان "نظرا للاضرار الجسيمة وحجم ما ترتب على ذلك من
خسائر لم يعد بمقدور أمانة بغداد تحملها فاننا...نطالب الجانب الامريكي
بالاعتذار لاهالي بغداد وتسديد هذه النفقات والتي قدرتها الجهات الفنية
في الامانة بمليار دولار." ولم يشر بيان أمانة بغداد الى الاضرار
الناجمة عن التفجيرات.
وتغلق حوائط خرسانية مضادة للتفجيرات وتمتد لاميال أحياء بغداد
وحولت المدينة الى متاهة متشابكة تتسبب في اختناقات مرورية شديدة. وقال
مسؤولون اته بالرغم من التراجع الحاد في العنف بشكل عام في السنوات
الاخيرة الا أن خمسة في المئة فقط من هذه الحوائط أزيل.
وقال حكيم عبد الزهرة المتحدث باسم أمانة بغداد ان الحوائط
الخرسانية الثقيلة أضرت بشبكات المياه والصرف الصحي وبالطرق الممهدة
والمتنزهات. وأضاف "امانة بغداد تشعر ان هذه الاضرار التي حدثت على مدى
عدة سنوات تسببت لنا حقيقة بضرر مادي وضرر معنوي."
وبغداد في حاجة ماسة الى عملية تجميل. فأعمال الكهرباء وجمع القمامة
تتم بشكل متقطع وتمتلئ الشوارع بالحفر ولم يتم تجديد محطات معالجة
الصرف الصحي ولا أنابيب الصرف الصحي لسنوات. وشهد العراق في الاسابيع
القليلة الماضية احتجاجات بسبب سوء الخدمات الحكومية. بحسب رويترز.
وقال زهرة ان بيان أمانة بغداد سيكون مقدمة لاجراءات تستهدف دفع
الولايات المتحدة الى دفع تعويضات لكنه لم يكشف عن الخطوات الاخرى التي
قد تتخذ.
آخر عيد للميلاد
من جهة أخرى يتطلع الكولونيل لانس كيتلسون الى قضاء عطلة عيد
الميلاد مع اسرته العام المقبل عقب الانسحاب المقرر للقوات الامريكية
من العراق وذلك بعد سبعة اعوام ونصف العام من الغزو الذي اطاح بالرئيس
الراحل صدام حسين. ولا يطيق كثير من افراد القوات الامريكية الانتظار
للعودة الى البلاد.
وقال كيتلسون وهو قس خلال احتفال على ضوء الشموع مع الجنود بمناسبة
عيد الميلاد "بالعودة الى 2003 نجد انه جرى تمديد فترة خدمتنا مرارا
ولم نعرف ما اذا كنا سنعود الى وطننا على الاطلاق. الان نحن نعرف اننا
سنعود الى بلادنا في فترة زمنية معينة." واضاف "حان الوقت كي نعود
لبلادنا. لقد مكثنا هنا فترة طويلة بما فيه الكفاية. العراقيون يقومون
بمهمتهم."
وانهت الولايات المتحدة رسميا الاعمال القتالية في العراق بنهاية
اغسطس اب وتركت اقل قليلا من 50 الف جندي لدعم قوات الامن العراقية في
مهمة للمعاونة والارشاد. وسيتعين سحب جميع القوات بنهاية 2011 وفقا
لاتفاقية امنية بين البلدين.
وفي قاعدة بلد المشتركة بمحافظة صلاح الدين اضاف الجنود الامريكيون
لمسة احتفالية الى ملابسهم اذ ارتدوا قبعات سانتا كلوز وقرون الرنة
ليشاركوا المسيحيين في انحاء العالم الاحتفال بعيد الميلاد.
وفي حين من المتوقع ان تنخفض الاعداد اكثر من ذلك في الشهور المقبلة
قال الجنرال جاك شتولتز رئيس قوات الاحتياط بالجيش الامريكي انه يتوقع
ان تظل بعض قواته التى تعمل على سحب القوات حتى اللحظة الاخيرة.
وقال شتولتز الذي سافر من الولايات المتحدة لزيارة القوات في بلد
خلال عيد الميلاد "سنكون اخر من يغادر لانه يتعين علينا سحب جميع
القوات المقاتلة ثم ننهي جميع العمليات.
ويقول شتولتز الذي سبق له قضاء عيد الميلاد في العراق هو وجنود
اخرون مثل كيتلسون ان بوسعهم الاحتفال بالعطلة بشكل اكثر وضوحا هذا
العام عن الاعوام السابقة بسبب تراجع العنف.
وفي بلد شارك كثير من الجنود الامريكيين في الركض لمسافة خمسة
كيلومترات في الصباح الباكر قبل ان يتناولوا غداء عيد الميلاد
التقليدي.
وقال شتولتز "عندما كنت هنا في 2003 و2004 ثم عدت للزيارة في 2006
و2007 وجدت اجواء مختلفة تماما مع كثير من العنف." واضاف "في عيد
الميلاد في 2003 لم نكن نعرف حقا انه عيد الميلاد. فقد كنا في عمليات
وكنا نعمل بكامل قوتنا وكنا في حالة تأهب." |