
شبكة النبأ: لعقود طويلة هيمن الطغاة
خصوصا في منطقة الشرق الاوسط على منابع النفط، بعد ان ارتهنوا سلطات
الدول بشكل قسري مباشر، وتلاعبوا بمقدرات بلدانهم ليضمنوا لانفسهم
وحاشيتهم ايضا التنعم والرفاهية على حساب الفقراء والمعوزين.
الا ان ما حدث مؤخرا في ليبيا يؤشر على اكثر من مدلول لتغير الواقع
الذي كان سائدا، ودرس بليغ للحكام العرب في المنطقة.
حيث قالت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية إن ليبيا كشفت عن حقيقة
مزعجة لكل من الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز ورئيس أذربيجان
إلهام عالييف وأمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح وبقية الحكام
المستبدين في العالم، مفادها أن "واشنطن ستساعد، اذا كان هذا يخدم
مصلحتها سياسياً، في الإطاحة بكم من السلطة".
وكتب ستيف ليفين: "يبدو هذا واضحا، ولكن ليس هو ما يفترض أن يكون.
فقد تحالفت الولايات المتحدة مع زعماء كثيرين في نطاق بسط السلام على
الطريقة الاميركية. وفي معظم الحالات لم يكن ذلك مثيرا للسخرية، وإنما
واقعيا- ومن ناحية عملية- تحتاج الولايات المتحدة وبقية دول الغرب
والعالم إلى النفط، وبالتالي هناك مهام دبلوماسية لا يستطيع القيام بها
إلا ملك أو شيخ عربي، وهكذا فان توازن القوى يتضمن دعم الحكام
المستبدين.
وحتى السلام مع معمر القذافي كان صادراً عن حسن نية- صحيح أن يديه
ملطختان بكثير من الدماء، ولكن كان هناك أمل في العام 2003 بأنه اختار
طريق الإصلاح، وكان الصوت الأكثر فعالية يقول إن نظامه قد يكون إطارا
لاحتمالات جديدة قد تطرأ في هذا العصر.
وقد تغيرت جوانب كثيرة من هذه الصورة الآن بسبب الربيع العربي، تحت
متطلبات الاستبدال التي تقتضيها مجموعة لم تتبلور بعد من القواعد
الجديدة. وهناك فهم في الولايات المتحدة لحقيقة أن السياسات الواقعية
البترولية يجب أن تتغير لأن أحدا لا يمكنه أن يكون متأكدا من أن الأمير
الجالس بثقة أمامك سيظل في مكانه العام المقبل، أو حتى الأسبوع المقبل.
وفي دول البترول هناك إدراك بأن تحالف المصالح الطويل الأمد
العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز وامير
الكويت الشيخ جابر الاحمد الصباح
الذي يسند علاقة كل منها بالولايات المتحدة يمكن ان يكون أمده اقصر
مما كان يُعتقد في الأصل.
ومن هنا، ينبغي الا يستغرب أحد عندما يسمع عن حدوث شرخ في العلاقة
بين الولايات المتحدة والسعودية- ووفقا لما ناقشناه، لعب السعوديون
دورا بناء جدا لمصلحة الولايات المتحدة اقتصاديا وسياسيا في أرجاء
العالم، لكن الحقيقة هي أنه، ببساطة، ليست هناك مساندة كبيرة من جانب
الولايات المتحدة للعائلات التي تتعامل مع ثروات الشعب وكأنها غنائم أو
كنز شخصي. اما من الجانب السعودي، فان السؤال هو: لماذا يبذل المرء
قصارى جهده لمصلحة قوة عظمى سرعان ما تتخلى عن أصدقائها؟.
لكن هناك سببا آخر للتحول يتمثل في الساسات المحلية. فدبلوماسية
الحياة الواقعية تحاول تحديد الفوارق الدقيقة في العلاقات. ويحاول
الدبلوماسيون تعزيز المصالح الاستراتيجية لدولهم- مثل الحاجة إلى
البترول- ويتخلون عن التعبير عن آرائهم الشخصية في الميول السياسة
للزعماء الآخرين. ولكن بالنسبة الى الدبلوماسيين الأميركيين، فإن هذه
الممارسة أصبح من الصعب الدفاع عنها من وجهة نظر السياسات الحزبية، حيث
يقوم جناح من القادة المنتخبين بتجنب الأسلوب المنافق ويفضل الوقوف
بجانب الثوار- دون أن نغفل تجاهل الطبيعة المحلية للربيع العربي-
ويطالب هؤلاء بأن تقوم الولايات المتحدة نفسها بالإطاحة بالقذافي.
فالعرب أنفسهم لا يحبون القذافي، وصوتوا علنا لصالح منطقة الحظر الجوي.
لكن هذا يختلف عن مسألة الدعم المادي الفعلي للثوار الليبيين التي
تتم مناقشتها في العواصم الغربية. واللغة القوية العلنية التي يستخدمها
السياسون الأميركيون رفعت النقاب عن أسطورة أن الولايات المتحدة تفضل
القادة الجشعين المتعطشين للسلطة، المصابين بجنون العظمة والمتعلقين
بالأوهام. وقد أوجد هذا التوجه صعوبة أكبر في تقييم المصالح الأميركية
من خلال مساندة حكام دول البترول واستنادا إلى مجموعة الظروف التي
تختلف بين حاكم وآخر. وببساطة، فهذا ليس زمن القدرة على تحديد الفوارق.
فما الذي يعنيه ذلك؟ أحد المعاني هو أن الولايات المتحدة يُنظر
إليها الآن بقدر من التشكك من جانب حكام الدول البترولية في العالم.
وسيكون إقامة نظام الأمن مقابل النفط أكثر صعوبة، ما سيمنح مزيدا من
القوة لليد الصينية. وستستمر الحال لفترة طويلة بعض الشيء، لأن القادة
الممتدين كسلسلة لن يسقطوا جميعا دفعة واحدة.
لماذا قررت شركات النفط ان القذافي يجب ان
يذهب
فيما نشر موقع "كاونتر بنتش" الاميركي بالاتفاق مع نشرة "لوموند
ديبلوماتيك" الفرنسية بحثاً عنوانه "لماذا قررت شركات النفط ان القذافي
يجب ان يذهب" كتبه جان بيير سيريني هذا نصه: "الناس القلائل الذين
تعامل معهم العقيد معمر القذافي على صعيد الاعمال اعتبروه شخصاً لا
يمكن التنبؤ بما سيفعل، وغير متسق ومزاجي. وقد وصفه الرئيس (الاميركي)
رونالد ريغان في العام 1986 بأنه "كلب الشرق الاوسط المجنون"، وارسل
الاسطول السادس ليقصف بلاده وفرض حظراً نفطياً مشدداً. وكان القذافي
منبوذاً، ومع ذلك فقد تمكن، بعد 20 سنة، من وضع ليبيا مرةً اخرى بين
كبار مصدري النفط الخام، وكان معظم الفضل في ذلك لشركات النفط
الاميركية العملاقة.
من الواضح انه لا بد ان يكون قد تصرف بعقلانية في تعاملاته مع
القطاع النفطي اكثر من مبادراته في مجالي السياسة الداخلية والخارجية،
ربما لانه كان معنياً بدرجة اقل. وتعلمت شركات النفط الدولية ايضاً كيف
تعمل – وتجني ارباحاً كبيرة – في بيئة ليبيا التجارية غير المستقرة.
صارت ليبيا دولة مستقلة في العام 1951 نتيجة اقتران بين امبريالية
بريطانية اعتراها الضعف ونظام صحراوي مسلم، هو النظام السنوسي الذي
اصبح زعيمه ملك ليبيا. وكانت ليبيا تعرف لمدة طويلة بـ"المملكة الخاوية"
وكانت فقيرة معدمة بالنظر الى ان صادراتها الوحيدة كانت الحديد الخردة
الذي كان يجمع من ساحات معارك الحرب العالمية الثانية.
واظهرت اعمال التنقيب التي قام بها جيولوجيون ايطاليون في ثلاثينات
القرن العشرين، والتي واصلها خبراء الجيش الاميركي، انه قد يكون هناك
نفط في باطن اراضي هذا البلد الواسع الذي تبلغ مساحته 1,7 مليون
كيلومتر مربع. وجاء قانون النفط الليبي لعام 1955 مختلفاً عن العرف
الذي كان متبعاً عادة في الشرق الاوسط وهو منح امتيازات لشركة واحدة،
مثل الشركة الانغلو- اميركية في ايران، و"ارامكو" في المملكة العربية
السعودية" و"شركة نفط العراق" (آي بي سي) في العراق. وعرضت ليبيا بدلاً
من ذلك امتيازات كثيرة، محدودة النطاق جغرافياً، ومحدودة زمنياً بخمس
سنوات. وبمجرد استخراج النفط، ثبت ان ذلك القرار كان قراراً حكيماً.
شاركت عشر شركات تقريباً في الاندفاع الاولي للتنقيب عن النفط، وفي
1961 شحن النفط للمرة الاولى من مرسى البريقة. وفي اقل من خمس سنوات،
تجاوز الانتاج رقماً غير مسبوق هو مليون برميل يومياً، وكانت 19 شركة
من بينها "اكسون" و"شل" و"بريتيش بتروليوم" و"ايني" تعمل هناك. وبحلول
العام 1968 بلغ عدد الشركات هناك 39. وصار هذا النموذج لاستغلال النفط
عالمياً بصورة تدريجية.
وعندما تولى القذافي السلطة في انقلاب العام 1969، كان مصمما على ان
يحصل على اعلى سعر لنفطه الخام. وبناء على مشورة أول وزير نفط سعودي
عبد الله التريكي (الذي كان يعرف بـ"الشيخ الاحمر" وطرده الملك فيصل من
منصبه بالنظر لما اتسم به من صراحة) وجه شركات النفط بعضها ضد بعض،
والَب اكبرها وهي "إسو" ضد "اوكسيدنتال" وهي شركة صغيرة مستقلة. وخفض
انتاجهما اليومي الى النصف في محاولة لاجبارهما على دفع اسعار اعلى
لحكومته.
وتمكنت "إسو" من التعويض عن خسائرها بالانتاج في دول اخرى، اما "اوكسيدنتال"
فلم تكن تملك ابارا خارج ليبيا، وكانت في موقع ضعيف، خاصة وان الشركات
السبع الاكبر انتاجا ومنها شركة "غلف اويل" الاميركية و"شل" الهولندية
و"بريتيش بتروليوم" والشركات الاوروبية/البريطانية "رويال داتش شل" وبي
بي" رفضت ان تزودها بمجرد برميل واحد. وقال المفاوضون الليبيون وهم
يضحكون ضحكات مكتونة "لقد وضعت بيضها كله في سلة واحدة". وما كان عليها
الا ان تقبل رفع الاسعار.
ومع اغلاق قناة السويس، لم يلبث اتحاد المنتجين ان سار على هدي
الخطوات ذاتها في ايلول (سبتمبر) 1970، وفجأة ارتفعت الاسعار والضرائب
بنسبة 20 في المائة.
واستوعبت دول اخرى منتجة للنفط الدرس القائل بان الافضل بالنسبة
اليها ان تتعامل مع عدة شركات بدلا من شركة واحدة، وان توازن الشركات
الكبرى مقابل الشركات الاصغر التي لا تملك مصادر بديلة. وبعد ذلك دخلت
شركات نفط مستقلة واوروبية حكومية عالم المشهد النفطي.
وكان القذافي ومجلس قيادة الثورة في بلاده مصممين، بدعم من الرئيس
المصري جمال عبد الناصر، على تحويل بلادهم الى دولة ثرية. ولكن كان
عليهم ايضا ان يمعنوا النظر في الحالات السابقة السيئة مثل حكاية رئيس
الوزراء الايراني محمد مصدق الذي اطاحت به وكالة الاستخبارات المركزيه
الاميركية في العام 1953 لأنه جرؤ على تأميم شركة النفط الانغلو
ايرانية، والرئيس الجزائري العقيد هواري بومدين الذي اعلن تأميم آبار
النفط التي يملكها فرنسيون في العام 1971، وكنت النتيجة ان فرض عليه
حظر كثير التكلفة.
غير ان خطوات ليبيا كانت مدروسة. فقد احتل جنود شاه ايران جزر ابو
موسى وطنب في الخليج العام 1971، قبل قليل من انسحاب القوات البريطانية
من المنطقة. وعقابا لبريطانيا على سماحها باحتلال الجزر، قامت حكومة
ليبيا بتأميم ممتلكات شركة "بي بي". وكانت الحجة واهية، الا ان المخاطر
كانت كبيرة. فشركة "بي بي" تملك معظم حقل
سرير، وهو الاكبر في ليبيا. وبعد معركة قانونية شرسة، تم التوقيع عل
اتفاق يعيد السيطرة الكاملة للحقل الى ليبيا.
وبهذه النتيجة انتهت كل مواجهة لاحقة: فقد تعرض الفنيون الاجانب
للمضايقة، وتباطأ العمل على المنصات واصيب الانتاج بالضرر الشديد.
وتخلت شركات النفط "غلف"، "فيلبس"، "اموكو"، "تيكساس"، "سوكال" وغيرها
عن حقول النفط وعن ليبيا وهي تشعر بالاستياء. ولم تواجه شركة النفط
الوطنية الليبية، التي تشكلت على غرار مثيلتها في الولايات المتحدة، اي
مشكلة في تولي الاعمال من بعدها، وخلال عقد من الزمن تضاعفت عوائد
ليبيا الى خمسة امثالها، حتى حققت 10 آلاف دولار للفرد الواحد في العام
1979.
وكانت المشكلة تكمن في الجانب السياسي. فقد نشرت وزارة الخارجية
الاميركية اول قامة لها عن الدول الراعية للارهاب في العام 1979، وكانت
ليبيا تحتل مكانت مرموقة على القائمة بسبب دعمها للمجموعات الفلسطينية
"الراديكالية". ولم تلبث الولايات المتحدة ان اغلقت سفارتها في طرابلس،
وحظرت على المواطنين الاميركيين شراء الخام الليبي. وفي حزيران (يونيو)
1986 صٌنفت جميع الاعمال التجارية مع "الجماهيرية" على انها غير مشروعة.
وعندما جرى تفجير طائرة بان اميركان في الرحلة رقم 103 فوق قرية
لوكربي الاسكتلندية في 21 كانون الاول (ديسمبر) العام 1988، وتعرضت
طائرة "يو تي ايه" الفرنسية في الرحلة رقم 772 للهجوم في تشرين الثاني
(نوفمبر) 1989، فرضت عقوبات دولية على ليبيا، كان لها أثرها على صناعة
النفط. كل ذلك بالاضافة الى مشاكل من أمثال هبوط الاسعار الدولية للخام،
وتكاليف المشروعات الانشائية الضخمة وبعض الفوضى التي لحقت بالاقتصاد
المحلي. (وكان ذلك نتيجة محاولة اتباع توصيات الكتاب الاخضر الذي وضعه
القذافي دليلا للثورة مناديا بنظرية عالمية ثالثة، تتأرجح بين
الرأسمالية والماركسية).
ورغم ان شركة النفط الوطنية الليبية وجدت لنفسها اسواقا في اوروبا
وتركيا والبرازيل للتعويض عن خسارتها في المواقع الاميركية، فان الحظر
وضع نهاية لخططها لتطوير عمليات التنقيب عن النفط والبتروكيماويات
والغاز الطبيعي. وقد تأجلت هذه بسبب الحاجة الى رأسمال وتقنية وخبرة
ومعدات غربية. وكانت هناك شبكات للالتفاف حول الحظر عبر تونس ومصر، غير
ان دفع الاموال لمجرمين على جانبي البحر الابيض المتوسط كانت مكلفة.
وبدأت عوامل الزمن تترك اثارها على حقول النفط، واصبح ضروريا عودة
عمليات الاستكشاف والا فان الانتاج سيتوقف.
كانت السنوات بين 1992 و 1999 عجافا: اذ تباطأ النمو الاقتصادي الى
0.8 في المائة في السنة، وانخفض دخل الفرد بنسبة 20 في المائة. كما
تنامى الشعور بالاستياء، وخرجت انتفاضات في الجزء الشرقي من ليبيا
(منطقة برقة) كما جرت عدة محاولات للاطاحة بالنظام. ولم يجد القذافي
بُدا من التراجع. فقام بتسليم عميلي الاستخبارات الليبية المتهمين
بتفجير لوكربي الى المملكة المتحدة، ودفع بسخاء تعويضات الى عائلات 270
ضحية (وأقل قليلا لـ170 ضحية عن الهجوم على طائرة "يوتا"). وبعد الحادي
عشر من ايلول (سبتمبر) وقفت ليبيا الى جانب الولايات المتحدة في "الحرب
على الارهاب"، وفي العام 2003 بعد ايام قلائل من دخول الدبابات الى
بغداد، اعلن القذافي جهارا انه تخلى عن أطماعه لانتاج اسلحة نووية.
وفي 13 تشرين الثاني (نوفمبر) 2003، ازيلت اخر العقوبات الدولية،
وانتعشت صناعة النفط الليبية. واراد القذافي ان يضاعف الانتاج سريعا
الى اكثر من 3 ملايين برميل في اليوم (مثل ايران) وان يجعل ليبيا عضوا
نافذا في منظمة الـ "اوبيك" للدول المصدرة للنفط. وفي آب (اغسطس) 2004
اعلنت شركة النفط الوطنية الليبية عن عطاءات لـ15 عملية استكشاف، ما
فتح المجال لعمليات الهرولة النفطية.
وبلغ مجموع الدول التي اعربت عن رغبتها في الدخول في هذه العطاءات
120 شركة، من بينها عدة شركات نفط عملاقة اميركية وبريطانية كانت قد
هجرت ليبيا في العام 1986 من دون ان تتعرض للتأميم: ومنحت ليبيا 11 من
اصل 15 موقعا للشركات الاميركية (اوكسيدنتال، اميرادا، هيس، وشيفرون
تيكساس). وكانت استراتيجية القذافي تفضل الشركات الاميركية مرة اخرى
على الاوروبية مثل "توتال" رغم انها دعمت ليبيا خلال فترة العقوبات.
وكانت شركات النفط الدولية متلهفة على الدخول الى ليبيا رغم ان العقود
كانت متشددة: 133 مليون دولار تدفع لدى التوقيع، وما لا يقل عن 300
مليون دولار تصرف على عمليات التنقيب. وبالمقابل تحتفظ الشركات بما لا
يقل عن 38.9 في المائة الانتاج، اكثر قليلا من 10.8 في المائة.
اذن، ما الذي يدعو الى هذا الاهتمام الدائم والمشترك بين ليبيا
وشركات النفط، الكبيرة منها والصغيرة، بشروط صعبة؟ الخام الليبي يمتاز
بنوعيته، وحقول النفط فيه قريبة من مصافي النفط الاوروبية، التي تعتبر
الاكبر في العالم. كما ان النفط الليبي يمثل حاليا حوالي 15 في المائة
من الاستهلاك في فرنسا، وان كان اقل من 10 في المائة في الاتحاد
الاوروبي. غير ان السبب الرئيس هو ان ميزان القوى قد تغير. ففي العام
1960 كانت شركات النفط الكبرى البريطانية والاميركية تسيطر على معظم
الانتاج خارج العالم الشيوعي. وقد حلت محلها شركات وطنية في الدول
المنتجة. لكنها تملك الان مصادرها المعدنية، وتتحكم في دخول شركات
اخرى، حتى وان كانت تحتاج الى مزيد من الشركات الدولية للبحث عن حقول
نفط جديدة.
ان عملية البحث عن النفط عملية خطرة ومكلفة، ولذا فانها تتطلب
راسمال ضخماً وخبرة تقنية واسعة. وليس لدى الشركات الوطنية اي من هذا.
اذ ان معظم الاموال التي تحصل علها تصرف في ابواب اخرى (فعائلة
القذافي، وابناؤه الستة وابنته الوحيدة تحصل على اكثر من حصتها) كما
يقتصر اطار نشاطها ضمن حامر لا مفر منه سواء بقي القذافي أم لا". |