جرائم الاغتصاب... ضحايا بأصوات مكتومة

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: حيثما انتشر في المجتمعات التخلف والفقر والمرض بسبب الحروب والسياسات الخاطئة التي يمارسها الحكام الجهلة لتنعكس ظلماً وعدواناً على واقع الشعوب المرير فتزيدهم بؤساً وشقاء، ومن هذا الواقع المرير تبرز جريمة ضد الانسانية فتكت بالألاف، ولم تفرق بين الابرياء من الاطفال والنساء، وبقى من ضحاياها الاطلال لتروي حكاية عن وحوش البشر اللذين تجردوا من انسانيتهم وسلبوا الاخرين عفافهم واحلامهم وهم ينتظرون غدهم الجميل.

والغريب في الامر ان هؤلاء المتنمرين اللذين يعملون في الظلام لا ينالهم في اغلب الامر اي عقاب لما ارتكبوه من جريمة، بل الأغرب حين يكون العقاب على الضحية نفسه، اذا افتضح امره، بعد ان تقع بين مطرقة الاعراف وسندان المجتمع.

ان حالات الاغتصاب وحسب التقارير التي تنشر من قبل الامم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني تشير الى ارتفاع وتيرة الاغتصاب وارتفاع اعدادها وسط جهود دولية ضعيفة وغياب الرقابة والتثقيف والقوانين الرادعة وضعف العامل الديني والاخلاقي، مما يدعوا الى وقفة جادة من قبل الجميع للقضاء على هذه الظاهرة.  

حالات اغتصاب مرتفعة

من جهته كشف تقرير صادر عن «صندوق الامم المتحدة للانشطة السكانية» عن ارتفاع خطر في معدلات التحرش الجنسي بالنساء في جنوب افريقيا وما يفضي عنه ذلك من ارتفاع وتيرة حالات الاغتصاب التي تتلقى شرطة جنوب افريقيا بلاغات به، وأشار التقرير إلى أن حالة اغتصاب جديدة تسجل كل 26 ثانية في جنوب افريقيا منذ بداية العام الحالي، الأمر الذي يشير إلى حالة من الخلل الاجتماعي الخطر في هذا البلد، رغم كونه أحد أكبر اقتصادات العالم العشرين، يذكر أن الدراسة من إعداد «مركز مكافحة الاغتصاب والجرائم الموجهة ضد المرأة» في كيب تاون بالتعاون مع خبراء من الأمم المتحدة، ووفق المركز فان الاغتصاب بات يشكل جريمة إنسانية في حق المرأة والطفل على حد سواء، كما يعد أكبر عامل مسبب للايدز في هذا البلد.

الى ذلك اعتقلت الشرطة السودانية 40 امرأة شاركن في تظاهرة تنادين اليها اثر اعلان ناشطة من المعارضة انها تعرضت للاغتصاب الشهر الفائت من قبل عناصر من القوى الامنية، وتجمعت حوالى 60 امرأة في مدينة ام درمان المجاورة للخرطوم، على الرغم من الانتشار الكثيف للشرطة، ورحن يهتفن "لا لاستغلال النساء، لا للاغتصاب"، واعتقلت الشرطة 30 متظاهرة بينهن رباح المهدي، ابنة رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي الذي اطاح بحكومته الرئيس عمر البشير في انقلاب قاده في 1989، واقتادتهن الى شاحنة وانهالت بالضرب على احداهن لاستمرارها في الهتاف، وبعد ذلك اعتقلت الشرطة حوالى عشر نساء اخريات. بحسب فرانس برس.

وتأتي هذه التظاهرة النسائية اثر الاتهامات التي ساقتها الشابة صفية اسحاق (25 عاما) بحق القوات الامنية، وهي فنانة تشكيلية معارضة حيث قالت إنها تعرضت للاغتصاب من قبل عناصر الأمن في قلب العاصمة الخرطوم، كما أشارت إلى أن عدداً من الناشطات اللائي شاركن في مظاهرات الثلاثين من يناير/كانون ثاني الماضي في الخرطوم واجهن نفس المصير إلا إنهن لم يتحدثن عن الأمر خوفاً من أسرهن والمجتمع، ونفى السفير السوداني في لندن عبدالله الأزرق نفياً قاطعاً أن تكون مثل هذه الاتهامات صحيحة، وقال إنها تأتي في سياق المحاولات التي تقومُ بها بعضُ الجهات والمنظمات التي يسيطر، عليها الشيوعيون لتشويه صورة السودان بعد أن فشلت جميع محاولاتهم السابقة على حد تعبيره.

وأكد السفير السوداني أيضاً أن السلطات السودانية لن تجرى تحقيقاً فقط لورود مثل هذه الاتهامات على الانترنت و طالب من تعرض لأي اعتداء التوجه للقضاء السوداني، وتعهد كممثل للسودان في المملكة المتحدة بضمان حماية أي مشتك، وبدأت صفيه بالفعل إجراءات الاتهام في نيابة الخرطوم بحري إلا إنها لم تلمس اي دعم لها في مسعاها على حد قولها بل أن المسؤولين نصحوها بوضع حد لهذه الإجراءات حيث إنها لن تأتي بأي ثمار، ولكنها الآن لن تستطيع إكمال هذه الإجراءات بعد مغادرتها للسودان إلا أن الأمر يبقى في يد السلطات السودانية لكي تحقق في هذا الاتهام الذي بين يديها.

في سياق متصل فأن ريحانة ياسمين (19 عاما) وثقت بالنساء اللواتي اتين لمساعدة سكان بلدتها الباكستانية التي دمرتها الفيضانات الصيف الماضي الا انها سلمت الى رجلين وتعرضت للاغتصاب تحت تهديد السلاح، وقد تعرضت ريحانة شأنها في ذلك شأن نحو الف امرأة اخرى للاغتصاب في باكستان خلال العام 2010 وهو رقم مستقر مقارنة بالعام 2009، فيما تم خطف اكثر من 2200 واغتيال 1500 وفق مؤسة "اورات" التي تحاول حمايتهن، وقد أقدمت اكثر من 600 على الانتحار فيما اشتكت 500 اخريات من عنف منزلي، ريحانة التي تسكن بلدة في اقليم راجنبور في وسط البلاد، صدقت النساء الثلاث اللواتي اتين لاصطحابها واعدات اياها بمساعدة لضحايا الفيضانات، وتقول الشابة باكية وقد غطى وشاح اسود وجهها "الا انهن اقتدنني الى منزل بعيد عن دياري وسلمنني الى نجلي احداهن"، وقد ارغمت على توقيع وثائق تجعل زواجها رسميا واغتصبت مرتين.

وتشدد مؤسسة "اورات" في تقريرها السنوي ان "الارقام لا تعكس الا صورة جزئية عن واقع العنف الذي تتعرض له النساء في هذا البلد"، وتقول ربيعة هادي المنسقة الوطنية للمؤسسة "المشكلة الرئيسية في باكستان هي سوء تطبيق القانون، فلا دولة قانون والناس يتلاعبون بالقانون"، وتندد هادي خصوصا بتقليد "كاروكاري"، وهو بمثابة جريمة الشرف، في ولاية السند (جنوب) خطفت غوشان بيبي واغتصبت بعدما رفض والدها الاذعان لاحد الوجهاء المحليين، وكان احد اقاربها اتهم غولشان بتأثير من الزعيم القبلي، خطأ باقامة علاقة مع احد افراد قبيلة ثانية في حين كانت تزوجت قبل اشهر قليلة، ورفض والدها تسليمها فنقلها الى منطقة اخرى، الا ان الزعيم القبلي عثر علها وخطفها واحتجزها قبل ان يغتصبها على مدى سنة، وقد افرج عنها في نهاية المطاف وقد انجبت بعدها طفلة من مغتصبه، وتقول غولشان التي لجأت الى مكان آمن حيث يتم الاهتمام بها "حتى زوجي لم يدعمني ودعم موقف الزعيم القبلي"، وتضيف "لقد كنت متحجزة مع نساء اخريات كثيرات ورأيت بعضهن يقتلن". بحسب فرانس برس.

وتقول مختار ماي التي انشأت ملجأ لاستقبال هذه الضحايا "ثمة عشرات الحالات مثل ياسمين وبيبي"، وتضيف "لا يمكننا ان نحارب هذه الظاهرة طالما ان النظام القضائي ليس عادلا ولا تتمكن الضحايا من الحصول على حقهن"، وقد تعرضت مختران هي ايضا للاغتصاب العام 2002 من قبل اربعة رجال امام "جيرغا" وهو مجلس قبلي، وهي تناضل منذ ذلك الحين من اجل احقاق الحق، وتجري المحكمة العليا مداولات بشأن الحكم في قضيتها منذ الشهر الماضي، لكن طاهرة عبدالله المدافعة الرئيسية عن حقوق المرأة في باكستان ترى ان حركات الدفاع تشك في ارادة السلطات على تسهيل شكاوى الضحايا علما ان "85% من النساء يتعرضن للعنف المنزلي مرة واحدة على الاقل في حياتهن"، وتقول طاهرة "الزعماء القبليون يدفعون المال لعناصر الشرطة. فعندما تخطف امرأة وتغتصب من قبل نجل احد هؤلاء الزعماء او اصدقائه اين عساها تلجأ؟"

اغتصاب النساء مستمر

على صعيد اخر قالت مبعوثة للامم المتحدة ان النساء والفتيات الكونجوليات اللاتي يقعن في عمليات طرد واسعة من انجولا الى جمهورية الكونجو الديمقراطية يتعرضن لعنف جنسي منظم، واضافت مارجوت وولستورم ان زعماء محليين سجلوا 182 حالة اغتصاب جرى الابلاغ عنها في سبع قرى على طول الحدود في يناير كانون الثاني وحده بينما أكدت بعثة تقييم ارسلتها الامم المتحدة وقوع 1357 حالة اغتصاب جرى الابلاغ عنها في قرية واحدة خلال فترة من ستة الي ثمانية أشهر في العام الماضي، وقالت وولستورم التي زارت المنطقة مؤخراً "النتائج التي توصلت اليها تشير بقوة الى أن العنف الجنسي يمارس بشكل منظم ضد النساء والفتيات الكونجوليات في اطار عمليات الطرد من انجولا (الى الكونجو)."

واضافت قائلة في بيان "العديد من الناجيات اللاتي تحدثت اليهن أكدن ان هذه الانتهاكات تحدث في منشآت احتجاز في انجولا كما تحدث في الجانب الكونجولي من الحدود"، وقالت "روت نساء انهن تعرضن للاغتصاب من جنود يرتدون زي قوات الامن اثناء طردهن من انجولا" مضيفة ان الارقام المعلنة هي لحالات تم الابلاغ عنها وهي على الارجح اقل من الواقع، وتسلط الضوء على حالات الاغتصاب في نوفمبر تشرين الثاني الماضي عندما قال تقرير لصندق الامم المتحدة لرعاية الاطفال (يونيسيف) ان اكثر من 650 امرأة وفتاة تعرضن لعنف جنسي اثناء عمليات الطرد من انجولا الي الكونجو في الشهرين السابقين، وبلغ عدد الاشخاص التي شملتهم عمليات الطرد الانتقامية بين انجولا والكونجو الي حوالي 211 ألفا في 2009. بحسب فرانس برس.

كما مثل (11) عسكريا اتهموا باغتصاب أكثر من (60) امرأة في شرق الكونجو أمام محكمة عسكرية، ويزعم ان المتهمين نفذوا هجماتهم في أول يوم من السنة الجديدة ببلدة فيزي باقليم كيفو الجنوبي المضطرب حيث تنتشر الانتهاكات والاشتباكات بين الجيش ومتمردين محليين وأجانب ومقاتلي ميليشيات، ووصفت الامم المتحدة الكونجو التي ترتفع بها وتيرة العنف بعد ثماني سنوات من النهاية الرسمية لاخر حرب في البلاد وقبل انتخابات رئاسية هذا العام بأنها عاصمة الاغتصاب في العالم اذ ان حوادث الاغتصاب الجماعي متكررة كما نادرا ما يجري محاسبة المسلحين، وقال شاهد عيان ان اتهامات وجهت للعسكريين بارتكاب جرائم ضد الانسانية منها الاغتصاب والسجن، وينظر للمحاكمة التي تعقد في بلدة باراكا ومن المتوقع أن تستمر 10 أيام باعتبارها اختبارا رئيسيا لمدى جدية السلطات بشأن انهاء الافلات من العقاب وتحقيق العدالة، وتشير تقديرات الامم المتحدة الى أن أكثر من 160 امرأة يتعرضن للاغتصاب في شرق الكونجو أسبوعي، ويقول عمال اغاثة ان أغلبية حوادث الاغتصاب التي يرتبكها مسلحون لا تقدم بلاغات بشأنها قط. بحسب رويترز.

من جهته حكم على مدير سابق لوكالة الاستخبارات الأميركية المركزية «سي آي اي» في الجزائر، بالسجن 65 شهراً إثر اعترافه بأنه قام بتخدير امرأة والاعتداء عليها جنسياً في مبنى السفارة الأميركية في العاصمة الجزائرية، كما حكم على اندرو وارن (43 سنة) بالحرية المشروطة لعشر سنوات بعد انتهاء عقوبته، وقالت وزارة العدل الأميركية في بيان إنه اعترف بالاعتداء جنسياً على امرأة في شباط (فبراير) 2008 «بعدما أفقدها الوعي» عبر تخديره، ودين أيضاً بتعاطي الكوكايين في 26 نيسان (أبريل) 2010 وهو يحمل مسدساً نصف آلي من عيار 9 ملم، وكشفت القضية في كانون الثاني (يناير) 2009 عندما أعلنت وسائل الإعلام الأميركية فتح تحقيق قضائي في سلوك وارن الذي كان يعمل في الجزائر منذ أيلول (سبتمبر) 2007.

وأكدت السفارة الأميركية في الجزائر أنه طلب من هذا الموظف ترك مهماته والعودة إلى الولايات المتحدة، وكانت شبكة التلفزيون الأميركية «ايه بي سي» تحدثت عن إفادتي امرأتين تحت القسم في أيلول (سبتمبر) 2008 أكدتا أن وارن قام بتخديرهما واغتصابهم، وأضافت الشبكة أن «العثور على 12 شريط فيديو يظهر فيها العميل وهو يمارس الجنس مع نساء أخريات شجع وزارة العدل على توسيع تحقيقها ليشمل بلداً عربياً آخر على الأقل هو مصر حيث عمل من قبل»، وذكرت قناة «سي ان ان» من جهتها أن المحققين عثروا في منزله على «حبوب» تؤكد شهادة الضحيتين.

ظاهرة اغتصاب الأطفال

الى ذلك يبدو ان المجتمع الجزائري عاجز عن التعامل مع ظاهرة الاعتداءات الجنسية على الأطفال، لكون الموضوع من المحرمات، سجلت مصالح الأمن الجزائرية، سبعة آلاف حالة اغتصاب وتعد جنسي في حق الأطفال، من قبل أحد أفراد عائلتهم، وقائمة المعتدين، تشمل الأب والأخ و العم والخال، في تطور سلبي لم يعرفه الجزائريون من قبل، يعالج الأطباء النفسيون في مستشفى فرانس فانون بمدينة البليدة 50 كلم غرب العاصمة، أكثر من عشرين طفلا و طفلة، من بينهم سمير الذي اعتدى عليه ابن عمه جنسيا وهو لم يتجاوز السابعة، لقد استغل ابن عمه فراغ البيت، فاعتدى على الطفل سمير، الذي كان واعيا بسوء ما فعله به ابن عمه فأبلغ أباه عند عودته إلى البيت، فأبلغ الأب بدوره الشرطة التي اعتقلت المعتدي وهو الآن في سجن مدينة البليدة، ينتظر محاكمته.

من جهته يقول والد سمير " المشكلة في حالة ابني النفسية، أنه كان يعلم ويعي شناعة فعلة ابن عمه، بسبب المحيط الخارجي الذي يعلم الصبيان في سن مبكرة الألفاظ القبيحة و الأفعال المخلة بالحياء ومن بينها الجنس المثلي والاعتداء الجنسي الذي ترفضه المجتمعات الإسلامية"، ويضيف والد سمير الذي رفض بشكل قاطع أخذ صورة له أو لابنه "إن ابني الآن تحت صدمة شديدة وهو الآن في حالة ضعف نفسي كبير ويسأل دائما كيف يمكنني أن أقابل أصدقائي في الحي أو في المدرسة؟"، وتعيش عائلة سمير في حي يضم الطبقة المتوسطة في مدينة البليدة، ولا تعاني عائلته العوز الماي بل وحتى عائلة ابن عمه الذي اعتدى عليه، تمارس التجارة منذ ستينات القرن الماضي وليست لديها أي علاقة بما يسمى الحرمان الذي يؤدي إلى الانحراف. بحسب فرانس برس.

تزايد الاعتداءات الجنسية على الأطفال تقلق المجتمع بكل هيئاته، كما يحاول الأطباء النفسيون، في مستشفى فرانتس فانون مساعدة سمير وأطفال من أمثاله، للخروج من أزمتهم النفسية التي سترافقهم طيلة حياتهم، ويعلق المحامي في مجلس قضاء البليدة، عاطف دغنوش على الوضع بقوله "يعرف مجلس قضاء البليدة ارتفاعا رهيبا في حالات الاعتداءات الجنسية ضد القصر من قبل أقاربهم ومما يزيد الأمر سوءا هو أن المجتمع الجزائري قاس جدا تجاه هذه الجرائم، ولك أن تتخيل القاضي وهو يهدئ من غضب الحضور عند استدعاء المتهمين"، ويضيف المحامي عاطف دغنوش في تصريح خاص "أعتقد أن القانون الجزائري غير قاس تجاه هؤلاء المجرمين، كما أنه غير قاس تجاه من يرتكبون جريمة زنا المحارم، بالإضافة إلى وجود قصور اجتماعي كبير عند التعرض لهذه المسألة، ولا ندري إن كان السبب هو الهوس الجنسي أم المرض النفسي للمجرمين، أم هما معا؟  نحتاج إلى تحقيقات ودراسات لأن القضاء والتعامل الأمني لا يكفيان إطلاقا".

وحول موضوع التعامل الأمني، قال مصدر أمني في العاصمة الجزائرية "نحن نتلقى شكاوى المعنيين أو أحد أفراد عائلاتهم ونسجل الاتهامات في محضر ونستعمل الشرطة العلمية للتعرف على الجناة وننقلهم إلى المحاكمة، إلا أن المشكلة بالغة التعقيد لأنها وقعت داخل العائلة نفسها ونحن نعاني كثيرا عندما يتقابل الأب وابنه أو الأم التي كانت على علم باغتصاب والدها المستمر لابنتها ولم تبلغ مصالح الأمن"، ويضيف المصدر الأمني "نحن بشر وجزائريون ومسلمون، ونعيش في هذا المجتمع، وأحيانا يرفض بعض رجال الشرطة إجراء الاستجواب بسبب دراماتيكية الوضع، بل حتى ولو ألغينا فكرة أننا مسلمين، فإن كوننا بشرا فقط يصعب علينا قبول هذه المهمات، نحن أول من نواجه نتائج هذه الكارثة في المجتمع، و نراقب ارتفاع الأرقام عاجزين".

كما ان سبعة آلاف طفل يعتدى عليهم جنسيا كل سنة في الجزائر، ويقدر أن هناك آلاف أخرى لا يصرح به، من جهته يرى الشيخ محمد الضيفلي المكلف بتكوين الأئمة في نظارة الشؤون الدينية بولاية البليدة، أن المشكلة متعددة الأوجه، وأهمها حسب رأيه "انغلاق المجتمع الجزائري على نفسه، والفراغ الذي يعيشه الكثير من أفراده"، ويضيف الشيخ الضيفلي في تصريح خاص لدويتشه فيله "إن الحديث عن الجنس في الجزائر، من الطابوهات الممنوعة، رغم أن الدين يحث على الصراحة في كل شيء حتى لا تقع المشاكل، بل ويتعلم الشباب عن ممارسة الجنس في الشوارع  من خلال الحديث مع أقرانهم بأسلوب بذيء، وتستثار شهواتهم وهم في سن المراهقة دون وجود مكان ينفسون فيه عن رغباتهم"، إلا أن منطق الشيخ الضيفلي قد يسبب المشاكل، إذ كيف يتم التنفيس عن الرغبات الجنسية في الوسط العائلي وأحيانا يكون للمعتدي زوجة أو صديقة، يجيب الشيخ الضيفلي " أنا أقصد أن الجنس يقصد منه التمتع في إطار محترم هو العائلة واستثارته بشكل حيواني يؤدي إلى تصرفات شنيعة وإجرامية كالتي نراها، وفي رأيي فإن المسألة تحتاج إلى نقاش اجتماعي يتعدى الدور التربوي الذي يلعبه المسجد لأن تكامل الجهود بين الدولة والمختصين هو الكفيل وحده بالتعامل الإيجابي مع هذه المشكلة"، وتعتقد مصالح الأمن أن حوالي سبعة آلاف طفل يعتدى عليهم سنويا، وهو رقم يخفي خلفه آلافا أخرى من الحالات التي لا يصرح بها بسبب الخوف من الانتقام أو الحياء من المجتمع، غير أن التربية الجنسية التقليدية قد بدا بشكل واضح أنها لا تكفي للتعامل مع المستجدات الجديدة.

محكمة إسرائيلية تدين رئيس الدولة

من جهة اخرى تعتبر إدانة موشيه كاتساف الأولى بحق رئيس إسرائيلي في تاريخ البلادفي سابقة من نوعها في إسرائيل أدين رئيس سابق للدولة بالاغتصاب والتحرش الجنسي، بعد أن رفعت ثلاث من مساعدات الرئيس السابق موشيه كاتساف قضايا عليه بهذه التهم، إبان فترة توليه للوزارة والرئاسة(2000-2007). أفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن محكمة إسرائيلية أدانت موشيه كاتساف، الرئيس السابق لإسرائيل بين الأعوام 2000 و2007، بتهمتي اغتصاب وعدة تهم تحرش ومضايقة جنسية، وأعلنت أن روايته للأحداث "مليئة بالأكاذيب"، وذكرت الصحف الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني أن قرار المحكمة جاء عقب أربع سنوات من المداولات، بعد أن رفعت ثلاث من مساعدات كاتساف ضده قضايا بالاغتصاب والتحرش الجنسي، أثناء توليه كل من منصب وزير للسياحة ورئيس الدولة، وتمت إدانة الرئيس الإسرائيلي السابق بتهم الاغتصاب والتحرش الجنسي بموظفة سابقة في وزارة السياحة، إضافة إلى التحرش الجنسي بموظفتين في مقر الرئيس الإسرائيلي، وعرقلة سير التحقيقات في هذه التهم، وتمت تبرئته من تهمة التحرش بأحد الشهود في القضية.

وقد أجبر موشيه كاتساف عام 2007 على التنحي عن منصبه كرئيس للدولة بعد قيام موظفات سابقات في مكتبه برفع دعاوى قضائية ضده بتهم الاغتصاب والتحرش الجنسي، وأشارت الصحف إلى أن مداولات المحكمة جرت طوال الوقت خلف أبواب مغلقة، وكان موشيه كاتساف قد رفض عرض تسوية قضائي قبل سنتين اعتبره الكثيرون متساهلاً للغاية، إذ استثنى جزءاً كبيراً من التهم الخطيرة ووعد بعقوبة مع وقف التنفيذ في أسوإ الحالات، إلا أن الرئيس السابق أصرّ على إثبات براءته من خلال المحكمة وطبقاً للائحة الاتهام التي تلاها القاضي جورج كارا، فإن الرئيس السابق كاتساف قد حاول "إغواء إحدى الموظفات، وعندما لم تستجب لمحاولاته، قام بالتحرش بها بحجة أنه يحبها، الأمر الذي خلف لديها شعوراً بالإهانة."

ويذكر أن زوجة الرئيس الإسرائيلي السابق، غيلا، تغيبت عن حضور جلسة قراءة الحكم، الذي قرر القضاة قراءة محتواه المركزي في جلسة علنية، هذا وسيتم النظر في إمكانية طرح القرار بجميع حيثياته على الملأ بعد أن تقدم الدولة وجهة نظرها في هذا الشأن، يشار إلى أن إدانة كاتساف تعتبر الأولى من نوعها بحق رئيس دولة في تاريخ إسرائيل، ومن المحتمل أن يستأنف الرئيس السابق الحكم الصادر بحقه في المحكمة الإسرائيلية العليا، خصوصاً وأنه ينطوي على عقوبة سجن طويلة.

الاغتصاب كابوس يؤرق مجتمع اليمن

في ظل ارتفاع حالات الاغتصاب في المجتمع اليمني، كُشف النقاب في العام الماضي عن حالات اغتصاب المحارم أغلب ضحاياها من الأطفال الذين يُجبرون على ممارسة الجنس مع ذويهم. وتزداد هذه الظاهرة مع غياب التشريعات القانونية الكفيلة، باتت قضية الاغتصاب في اليمن من القضايا التي  تكاد أن تتحول إلى ظاهرة تهدد المجتمع بكافة فئاته، ففي السنوات الأخيرة كُتشف النقاب عن حالات اغتصاب في عدد من المحافظات اليمنية، في مقدمتها محافظتا إب والحديدة، وضحايا حالات الاغتصاب هذه في الأغلب طفلات صغيرات، يليهن الذكور من الأطفال ثم النساء، ويعد اكتشاف مثل هذه القضايا والحديث عنها علناً من الأمور الصعبة بسبب العار الذي سيلحق بضحايا هذه الجرائم، والذي يتحول عادةً إلى وصمه تلاحقهم في مجتمع محافظ.

لكن ما يثير الخوف والفزع داخل المجتمع اليمني هو بروز قضية اغتصاب المحارم، وجزء من هذه الحالات يتم الكشف عنه عن طريق الضحايا أنفسه، عندما يذهبن لتقديم الشكاوى في المحاكم أو عبر منظمات المجتمع المدني مثل منتدى الشقائق العربي، الذي كلف محامين لتتبع مثل هذه القضايا داخل المحاكم أو عبر أقرباء لهن يتفهمون وضعهن، ومنهن من تظل قضيتها رهينة الصمت خوفاً من الفضيحة، التي ستنالهن من المجتمع في حالة علمه بما حدث له، كما أن قضايا الاغتصاب عموماً، واغتصاب المحارم بشكل خاص، تعد من الموضوعات ذات الحساسية التي يصعب التحدث عنها بشكل كبير عبر وسائل الإعلام، ان ضحايا حالات الاغتصاب هذه في الأغلب اطفال صغار تقدم منتدى الشقائق العربي نهاية عام 2010 بمقترح لتعديل المادة 269، معللاً بأن المادة الموجودة لم تُعَرِّف بشكل واضح وشامل جريمة الاغتصاب، ولتشديد العقوبة عند وقوعها من المقربين، وهو ما يصعب إثباته، كما تشترط هذه المادة الرضا بين الطرفين، حتى من الصغير، وينتقد المنتدى في تعليله لتغيير هذه المادة بأنها تهمل التطرق إلى علاقة السلطة الجبرية بين الصغير وولي أمره أو وصيه، وفي هذا الإطار يرى المحامي أمين الربيعي إن هناك عقوبة مشددة على المغتصب من المحارم في القانوني اليمني، إذ تساوي عقوبة جريمة القتل في الحد الأعلى منه، من جانبه يقول حسين المشدلي في حالة عدم توفر الشروط القانونية لاعتبار جريمة الزنا فإن العقوبة المقررة هي السجن، لمدة لا تزيد على عشر سنوات.

وأشار الربيعي إلى أن أخر قضية في جريمة من هذا النوع وصلت إلى مكتبته هي قضية اغتصاب امرأة من قبل والد زوجها المغترب في السعودية، والتي قُتلت من قبل أهلها بعد معرفتهم بحملها خلال غياب زوجه، وبحسب الدراسة التي قام بها منتدى الشقائق العربي بلغ عدد حالات الاغتصاب، التي تم التوصل لها عبر وحدة الاستماع في الفترة من (آذار/ مارس 2009 إلى تشرين الثاني/ نوفمبر 2010) بـ86 حالة، توزعت على أربع عشر محافظة، وتأتي الطفلات الصغيرات في المرتبة الأولى بين فئات الضحايا، حيث قُدرت بـ43 حالة، والذكور 30، أما عدد الجرائم التي كشف فيها المنتدى عن تعرض نساء للاغتصاب خلال هذه الفترة،  فقد بلغ 12 جريمة، وتذكر الدراسة أن أكثر الجرائم ترتكب، تكون في مناطق ريفية، وبحسب الدراسة وصل عددها خلال هذه الفترة إلى 45 حادثة ، مقارنة بالمدن، الذي وصلت إلى 40 حالة. بحسب رويترز.

وقدرت حالات اغتصاب المحارم من هذا العدد، بحسب الرصد المعد، بنحو إحدى عشر حالة، في مقدمتها الاغتصاب من قبل الأب، فقد تم الكشف عن سبع حالات، ويليه حالتان للأقارب من جهة إلام وحالتان للأقارب من جهة الأب، يُذكر أن حصيلة اغتصاب الاطفال من (آذار/ مارس 2009 إلى كانون الأول/ ديسمبر 2010) بلغت 43 حالة والأطفال الذكور30 والنساء12 حالة، وأغلب ضحايا الاغتصاب في اليمن يلزمن الصمت خوفاً من الفضيحة وترجع عفاف الحيمي، أستاذة علم الاجتماع تنامي هذه تلك الظاهرة إلى "خواء المجتمع من الهدف العام  لإشغال الشباب في القضايا المهمة في المجتمع"، مشيرة أن ترك الشباب بدون هدف في حياته هو سبب رئيسي في اقتراف مثل هذه الجرائم. كما أكدت أن عدم التشنيع على المغتصِب خوفاً على سمعة الضحية بحجة الشرف والعار، هو من أكثر العوامل المساعدة على انتشار جرائم الاغتصاب في المجتمع اليمني.

من جانبها تقول أسماء القلم، أخصائية نفسية في منتدى الشقائق العربي لحقوق الإنسان "نحن نعمل في المنتدى في مجال حقوق الإنسان ونعمل الآن في مشروع الحماية القانونية للنساء والأطفال وبالأخص ضحايا العنف الجنسي، حيث نقوم باستقبال بعض الحالات في المنتدى أو الاستماع لهن عبر خط الأمان"، وتصف أسماء طبيعة عمل المنتدى بأنه يقوم على أساس تقديم المساعدة القانونية، حيث تتم متابعة قضايا الاغتصاب وإحالتها للفريق القانوني المكون من 14 محامياً، ويتوزع هؤلاء في عدد من المحافظات، منها عمران والمحويت وصنعاء وعدن وحجة واب والحديدة وتعز، ويقوم المحامون بعد الحصول على توكيلات من المنتدى بمتابعة القضايا في المحاكم، وفي ظل غياب الوازع الإنساني والديني للأب واستغلال سلطته الأبوية كانت هناك حكاية أخرى لقضية ارتكبت في محافظة صنعاء، وفي هذا الإطار يؤكد ماجد المذحجي، من برنامج الحماية القانونية للنساء والأطفال ضحايا العنف، أن مجموعة من الشقيقات تعرضن للاغتصاب من قبل والدهن، كما تعرضن إلى تحرشات من قبل إخوتهن، ويشير المذحجي إلى أن الأمر وصل بأحد أشقائهن إلى إقدامه على محاولة إجبار أخته على مرافقته إلى احد الفنادق ليقدمها وجبة سهلة لأصحابه.

في حالة أخرى لا تقل بشاعة تروي هديل علي عن حادثة أشعرتها بالصدمة، وتقول "كنت في أحد الأيام متواجدة في عيادة لنساء والولادة ووجدت هناك فتاة كانت حاملاً في شهرها الثالث، لكن ما صعقني هو أن تلك الفتاة لم تكن متزوجة وإنما كانت ضحية لوالدها الذي دفع به ضعفه إلى اغتصاب فلذة كبده"، وتضيف عادل بالقول إن الوالد اصطحب ابنته إلى العيادة من التغطية على جريمته من خلال إسقاط جنين ابنته، وهكذا تبقى قضية اغتصاب المحارم في اليمن من القضايا التي لابد أن يجبر القضاء فيها على وضع تشريعات قانونية كفيلة بالحد من هذه الجرائم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 12/نيسان/2011 - 8/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م