"إنه لمخجل حقاً أن شخصاً واحداً
كأديسون يقوم بثلاثة آلاف اختراع، وفي كل يوم يمر هناك اختراع أو
اكتشاف جديد في دول الغرب حيث العلم والتقدم والحرية، أما في بلاد
المسلمين فالاختراعات الجديدة هي التفنن في وسائل التعذيب، وفي بناء
السجون، وكم الأفواه، وكسر الأقلام، إنه حقاً لأمر مخجل (...) لذلك فإن
على الناهضين لإحداث التغيير والإصلاح والعمران فتح باب الفكر
التجديدي، والبحث العلمي، والحوار الهادف، والنقد الحر البنّاء، وذلك
لأنه بالفكر والحوار والبحث العلمي في إطار الحرية يظهر الصواب والخطأ،
ويتقدم الإنسان، وتبنى الحضارات، فإن كل شيء لم يعرض على المناقشة
والنقد والبحث يبقى متخلفاً".
الإمـام الشيرازي الراحل
تمهيد
أدناه: تمهيد لـ منهاج تطبيقي يوفر قدر حاجة الباحث لإنجاز بحثه
باقتدار كاف, مع الإلمام الكامل بالمنهجية العلمية التي لا غنى عن
درايتها لكل طالب علم أو باحث بهدف إيجاد قاعدة معلوماتية رصينة،
ومرجعية متكاملة, وخارطة طريق واضحة, لإنجاز البحوث العلمية المختلفة
حيث إن هناك الكثير من الطلبة والباحثين الذي يملكون الإمكانيات
العلمية والقدرات الإبداعية لكنهم لم يطلعوا على المنهجية التي تجعل
خطواتهم البحثية على الطريق الصحيح الذي يضمن لهم الإحاطة والأمانة
والنجاح، وما سنقدمه – في كل سبت – حلقات متسلسلة من منهجية بحث وباحث
عبر دراسة أكاديمية تحليلية في المناهج والمنهجية وطرائق جمع القاعدة
المعلوماتية في البحث العلمي يحتاجها الكاتب والباحث، وطالب الحوزة
والجامعة، وكل من يبحث عن الحقيقة بمنهجية علمية.
التفاصيل
يحتل البحث العلمي مكاناً بارزاً في تقدم النهضة العلمية حيث تعتبر
المؤسسات الأكاديمية العمود الفقري لهذا النشاط العلمي والإنساني
الحيوي، بما لها من وظيفة أساسية في تشجيع البحث العلمي وإثارة حوافز
إبداع الطالب والدارس، وتعمل الجامعات والحوزات على إظهار قدرة الطلاب
في البحث العلمي عن طريق جمع وتقويم المعلومات وعرضها بطريقة علمية
سليمة في إطار واضح المعالم، يبرهن على قدرة الطالب على اتباع الأساليب
الصحيحة للبحث، وإصدار الأحكام النقدية التي تكشف عن مستواه العلمي
ونضجه الفكري التي تمثل الميزة الأساسية للدراسة الأكاديمية. وتكمن
أهمية البحث العلمي أنه عملية فكرية منظمة يقوم بها شخص يسمى الباحث من
أجل تقصي الحقائق في شأن مسألة أو مشكلة معينة باتباع طريقة علمية
منظمة تسمى منهج البحث، بغية الوصول إلى حلول ملائمة للعلاج أو إلى
نتائج صالحة للتعميم على المشاكل المماثلة تسمى نتائج البحث، كما تتجلى
أهمية البحث العلمي في الحياة الإنسانية من خلال كون البحث العلمي
العامل الأساس في الارتقاء بمستوى الإنسان إيمانياً وفكرياً وثقافياً
واقتصادياً واجتماعياً وأخلاقياً، وبذلك يحقق الإنسان وجوده الحقيقي في
الأرض كـ(إنسان صالح).
يقول المرجع الديني سماحة السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله):
"لو بحثنا في الأمور بحثاً علمياً دقيقاً لوجدنا أشياء كثيرة لم نكن
نعرفها, ولاكتشفنا مطالب جمة لم نكن نتصورها على هذه الصورة أو تلك
الكيفية، أي نكتشف أنّا كنا نجهل أموراً كثيرة, ولا نعذر في جهلنا هذا
ما دمنا كنا نحتمله". وفي نفس الإطار يقول الإمام المجدد السيد محمد
الحسيني الشيرازي (رضوان الله تعالى عليه): "حث الإسلام المسلم على أن
يتبع السبل، ويستكشف الأسباب، والطرق لكل شيء، فعليه أن يبحث عن أسباب
القدرة وطرق الثروة حيث لا يمكن للإنسان أن يدرك الرشد بالراحة، وإنما
بالسعي، والتعب، والجهد، وسلوك طرقه، والتي منها التدبر والتفكير
الدائم في مختلف جوانب الحياة".
في عام 1945م كتب أحد كبار الباحثين العسكريين الأميركيين بياناً
بعنوان (العلم: الجبهة الأبدية) مورداً فيه الفتوحات العلمية في مجال
تكنولوجيا المعلومات وعلوم الحياة والمنتجات الاستهلاكية في ثلاثينيات
القرن العشرين (الرادار والراديو، أدوية السلفا، الحرير الصناعي، مكيف
الهواء). ومتنبئاً بقدوم الكثير غيرها مع الزمن، حيث يقول: "وظائف
أكثر، أجور أعلى، ساعات عمل أقل، محاصيل أكثر وفرة... وقت فراغ أطول
للدراسة والراحة والاستجمام... تعلم كيفية الحياة دون عمل شاق كان
عبئاً على البشر منذ عصور مضت... السيطرة على أعدائنا من الحشرات...
وسائل دغاع ضد العدوان... وقاية أو علاج من الأمراض....". ويقترح
برنامج (الجبهة الأبدية) أن تقوم الدولة بالاستثمار في البحوث
الأساسية، وتقديم منح لطلاب العلوم والهندسة، وصياغة قوانين شفافة
لبراءات الاختراع، واستحداث رصيد ضريبي مخصص للبحث والتطوير، ويضيف
البيان تحذيراً قومياً مخففاً فيقول: "إن الأمة التي تعتمد على غيرها
في معرفتها العلمية الأساسية الجديدة ستكون متأخرة في تقدمها الصناعي
وضعيفة في موقعها التنافسي ضمن ميدان التجارة العالمية".
في القرن الواحد والعشرين الذي يشهد تسارعاً انفجارياً بالاكتشافات
والاختراعات والإنجازات لم يعد البحث العلمي رفاهية أكاديمية يمارسه
باحث يسكن بعيداً عن الناس إذ أصبح البحث العلمي هو محرك النظام
العالمي الجديد، وأصبح العالم في سباق محموم للوصول إلى أكبر قدر ممكن
من التقنية والمعرفة الدقيقة المثمرة التي تكفل الراحة والرفاهية
للشعوب. ولا يختلف اثنان في أهمية البحث العلمي لفتح مجالات الإبداع
والتميز لدى الأفراد والشعوب في المجتمعات مهما تعددت واختلفت
ثقافاتها، وفي الوقت نفسه، فإن البحث العلمي يسهم بإحياء التراث
الإنساني والأفكار والموضوعات القديمة وتحقيقها تحقيقاً علمياً دقيقاً،
وبالتالي تطويرها للوصول إلى اكتشافات ومبتكرات جديدة.. فهو ـ أي البحث
العلمي ـ يسمح بفهم جديد للماضي في سبيل انطلاقة جديدة للحاضر
والمستقبل.
لقد حمل المسلمون – في زمن مضى - شعلة حضارة فكرية إنسانية وقد
وضعوها في مكانها السليم، كان هذا إيذاناً ببدء عصر علمي جديد قائم على
المنهج السليم في البحث تجاوز فيه الفكر الإسلامي الحدود التقليدية
للتفكير اليوناني السائد آنذاك، وأضاف العلماء المسلمون إلى الفكر
الإنساني منهج البحث العلمي القائم على الملاحظة والتجريب، بجانب
التأمل العقلي، كما اهتموا بالتحديد الكمي واستعانوا بالأدوات العلمية
في القياس. وفي العصور الوسطى بينما كانت أوربا غارقة في ظلام الجهل
كان الفكر الإسلامي يفجر – في نقلة تاريخية – كبرى ينابيع المعرفة.
بينما يصف أحد المفكرين أوضاع المسلمين بأنهم تجاوزوا الهوة السحيقة
بينهم وبين العالم المتقدم الى إنهم أصبحوا اليوم خارج منظومة التنافس
تماماً، يقول المرجع الشيرازي (دام ظله): "كلما أصبت بسيئة فابحث عن
السبب لأن الله عادل لا يظلم أحداً, بل هو مبعث الإحسان والكرم". وإذا
ألقينا نظرة سريعة على الإنفاق العلمي المخصصة للبحث العلمي في العالم
الإسلامي نجد أنه يختلف كثيراً عن المعدل العالمي، ويختلف كثيراً عاماً
بعد آخر، ورغم أن معدل الإنفاق الموجود على البحث العلمي في دول
المسلمين قد حقق "تقدماً" في الفترة (1400هـ - 1430هـ) إلا أن هذا "التقدم"
حدث بشكل نسبي وضئيل جداً مقارنة بمعدل الإنفاق العالمي.
بالتأكيد، البحث العلمي يعيش أزمة حقيقية في دول العالم الإسلامي
وهي أزمة في قائمة طويلة من الأزمات، وتكثف مراكز الدراسات على إن من
أهم معوقات البحث العلمي في العالم الإسلامي هي:
- تدني الاهتمام بالباحث في دول العالم الإسلامي، وعدم توفير جو
علمي بعيد عن البيروقراطية والروتين.
- غياب سياسات وإستراتيجيات علمية واضحة تتضمن تحديد الأهداف
والأولويات والمراكز البحثية اللازمة.
- تأثير النظام السياسي السائد على العلم ونموه واتجاهاته، وعلى
أنشطة المؤسسات العلمية المختلفة وتطويرها.. فالبحث العلمي يتطلب
ممارسة للحرية الأكاديمية في أجلى صورها، وإمكانية التعبير عن الاختلاف
حتى مع ممثلي السلطة السياسية.
- التخطيط المربك للبعثات العلمية، والمحسوبيات والمنسوبيات في
إيفاد الطلبة والباحثين إلى الخارج.
- عدم توافر المناخ العلمي الذي يحفز ويشجع على البحث العلمي
واستثمار القدرات الإبداعية والابتكار.
- غياب أو تغييب القطاع الخاص عن المساهمة إذ يعد القطاع الحكومي
الممول الرئيس لنظم البحث العلمي.
- تواضع عدد الباحثين والمختصين، وندرة وجود الفرق البحثية
المتكاملة، بسبب انشغال عدد كبير من أعضاء هيئة التدريس في العمل
الإضافي.. ولذلك تعد أنشطة البحث العلمي التي تجرى في مراكز وجامعات
دول العالم الإسلامي من أضعف الأنشطة البحثية في العالم.
- عدم إدراك المجتمعات المسلمة الحالي أهمية البحث العلمي من حيث
أولويته على كثير من الأنشطة والمجالات، فأصبح معظم الناس غير مدركين
لخطورة تدهور البحث العلمي، وتأخره عن ركب الحضارة.
ونتيجة لهذه المعوقات والمشكلات التي تواجه البحث العلمي في بلدان
العالم الإسلامي، كان من الطبيعي أن تؤدي إلى ظاهرة غاية في الخطورة،
وهي هجرة "الأدمغة" المسلمة إلى الغرب. وبسبب ذلك كله، يعاني العالم
الإسلامي - اليوم - من حالة وهن حضاري مزمن، استسلم لها الكثير على
إنها مرض عضال لا يرجى الشفاء منه، وهو فهم وواقع يتنافى مع منطق
القرآن الكريم الذي يرتب النتائج على الأعمال، قال (تبارك وتعالى) في
محكم كتابه الكريم: "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، وأن سعيه سوف يرى، ثم
يجزاه الجزاء الأوفى".
وفي نفس الإطار، تعاني جامعات العالم الإسلامي وحوزاته أزمة تسبق
أزمة البحث العلمي الذي يخوض غماره طلبة العلوم الدينية (بعد مرحلة
البحث الخارج) وطلبة الجامعات (ما بعد البكالوريوس أو الليسانس)، حيث
تعاني الحوزة العلمية من قصور في استيعاب جميع المواد العلمية التي
ينبغي على الطالب الإلمام بها، حيث دعا الإمام الشيرازي الراحل الى إن
"الدروس التي تقرر في المناهج الدراسية، يجب أن تبحث في دنيا المسلم
وفي آخرته معاً، لتفي بمتطلبات الإنسان والمجتمع وتسد كلتا حاجتيه
المادية والمعنوية، وتبعده عن طريق الانحراف وحتى يأخذ الشباب المسلم
الدور اللائق به في المجتمع". فضلاً عن دعوته طلبة العلوم الدينية الى
الاطلاع على علوم السياسة والاجتماع والاقتصاد حيث يقول (أعلى الله
مقامه): "الدين والدنيا يتقدمان بالثقافة، لذا يلزم على العالم أن يهتم
برفع مستوى الثقافة في البلد، من غير فرقٍ بين الثقافة الدينية، أو
الثقافة الدنيوية (...) ومن اللازم دراسة السياسة دراسة واعية ثم
مباحثتها ومواصلة مطالعتها بدقة، وحيث لا يمكن تجريد السياسة عن علمي
الاجتماع والاقتصاد فاللازم دراستها أيضاً"، كما أن هناك من يشير الى
إن الإبقاء على القديم وعدم تطوير المناهج، سيتسبب في انغلاق طلبة
العلوم الدينية، وانكفائهم على أنفسهم، وعدم قدرتهم على التجاوب مع
الأحداث المعاصرة، الأمر الذي يجعلهم في عزلة عن الناس فلا يستطيعون حل
مشكلاتهم من الوجهة الدينية. يقول (قدس سره الشريف): "من الضروري تغيير
طريقة التدريس في الحوزات الدينية والاستعانة بالتطور التكنولوجي في
تدريس مادة الفقه والأصول، لإيصال تلك المعلومات بشكل أفضل وأدق (...)
وإن هناك علوماً معاصرة من الضروري إدخالها في الحوزات العلمية والقيام
بتدريسها، كالسياسة والاقتصاد، فلابد من إدراج هذه العلوم في مناهج
الحوزة حتى لا يتأخر طالب العلم عن ركب الحضارة المعاصرة (...) وإن
تطوير الفقه يشتمل على المضمون والأسلوب معاً، فالمضمون يأخذ بالتّقدّم
العلمي والتطوّر الاجتماعي والسّياسي والاقتصادي في الاعتبار مع الحفاظ
على الأطر الشرعية الثابتة, والأسلوب يعمل على تدوين المسائل الفقهيّة
كما تدوّن القوانين".
وبموازاة ذلك، وفي إطار القراءة الناقدة والتي تنشد التطوير
والارتقاء بالمستوى العلمي والأخلاقي في الحوزات الدينية يقول المرجع
الشيرازي: "نلاحظ بالواقع الخارجي إن أكثر من ٦٠ ٪ ممن بدأوا طريق
العلم والدراسة بإصرار وصدق وإيمان لم يواصلوا الشوط حتى نهايته، وإن
أقل من ٤٠ ٪ هم الذين استطاعوا التغلب على المشكلات الكثيرة الموجودة
في طريق طلب العلم... لقد عبأنا كل طاقاتنا ولم يصل أغلبنا الى الغاية
المرجوة, فكيف بالوضع اليوم,المدرسين أنه أحصى كل الأيام التي درس فيها
خلال إحدى السنوات الأخيرة فوجدها لا تزيد على التسعين!".
وفي الوقت الذي يشار الى إن الباحث في موضوع مناهج دراسات الحوزة
العلمية يواجه إشكاليات عديدة على مستوى التأصيل والتاريخ والنقد
بالرغم من ضخامة الجهود الموسوعية في تراجم الفقهاء والعلماء، وكأن
مقولة (نظام الحوزة هو اللا نظام) تبدو حتى الآن أقرب إلى الواقع من
أية مقولة أو تنظير بين هذا الواقع اللا نظامي الذي ينتج بدوره
إيجابيات هنا وسلبيات هناك. بالمقابل، يعاني طالب الجامعة في دول
العالم الإسلامي من تدهور في المستوى العلمي على مستوى التدريس
والمناهج فقد خلت لائحة أفضل 200 جامعة في العام 1430هـ - 2010م من أي
جامعات إسلامية، بينما ضمت جامعتين إسرائيليتين، في التصنيف الذي أكدت
فيه الجامعات الأمريكية والبريطانية أنها الأفضل بلا منازع، حيث واصلت
احتكار مراتبه العشر الأوائل.
يقول كاتب الدراسة أن الغاية من الدراسة هو "عرض لمفهوم وتصنيف
البحوث العلمية, وتحليل طرائق ووسائل جمع المعلومات والمادة العلمية
لأغراض كتابتها، بدراسة مقارنة لخصائصها، ومزاياها ومحدداتها, مع
المقاربة العلمية التحليلية للمناهج البحثية, بقدر حاجة الطالب الباحث
إليها في إنجاز بحثه باقتدار كاف, وليس بهدف العرض الفلسفي لدواخلها,
مع الإلمام الكامل بالمنهجية العلمية, التي لا غنى عن درايتها لكل طالب
علم أو باحث. وثم بهدف إيجاد قاعدة معلوماتية رصينة، ومرجعية متكاملة,
وطرائق سالكة بخارطة طريق واضحة, لانجاز البحوث العلمية المختلفة،
وإلقاء الضوء على مراحل تشكيلها وبنائها على اختلاف حجمها وأغراضها
وغاياتها, من أجل تحقيق الغرض العلمي، البحثي والتوثيقي والمشوري منها,
وتقديم التوصيات بشأنها خدمة للمجتمع وانسجاماً مع أنسنة العلم".
وسيجري عرض المادة العلمية للدراسة بشكل حلقات "لفصول" متسلسلة,
رتبت حسب المفاصل البنيوية للدراسة, مع اعتماد التسلسل المرحلي في
استقراء التفاصيل المرسومة, بدءا من اختيار الموضوع للبحث وجمع وتشكيل
قاعدة المعلومات لمادته البحثية, حتى بلوغ قمة العمل العلمي في انجاز
البحث العلمي, والوصول الى استنتاجاته وتوصياته النظرية والعملية, في
مقاربة لتقديم الطريق السالكة للطالب الباحث أو مشروع الباحث, ليقتفيه
بوعي علمي حتى إنجاز البحث.
ختاماً، إيماناً بضرورة (إيمانية وإنسانية) قراءة الأحداث، واستثمار
التجارب، وتأمل الأمور، واستكشاف الخفايا، واستشراف المستقبل لغرض فهم
صحيح للماضي وتراثه، وبناء الحاضر وازدهاره، أملاً بمستقبل وضّاء
وواعد، وذلك كله يتأتى من انطلاقة علمية رصينة أساسها العقل حيث يقول
أمير المؤمنين ومولى الموحدين والمتقين وفخر العلماء والمتكلمين الإمام
علي بن أبي طالب (سلام الله عليه): "من لا عقل له لا دين له". وإن
التحريك "المنطقي" للعقل في فهم الدين والحياة والإنسان لا يكون إلا
بـ"البحث العلمي" الذي له تصنيفاته وطرائقه ومصادره ومفاهيمه ومناهجه
وهياكله وتنقيباته وأخلاقياته وقيمه ومعاييره، فضلاً عن إن بالبحث
العلمي استكشاف لحقيقة الأزمات وسبل حلها، إيماناً بذلك كله، وجدت أسرة
موقع الإمام الشيرازي أهمية تقديم دراسة أكاديمية تحليلية ومنهجية في
"المناهج والمنهجية وطرائق جمع القاعدة المعلوماتية في البحث العلمي",
ووجدت، أيضاً، أن يتحمل أعباء كتابة تلك الدراسة التحليلية والعمل
الأكاديمي وبمنهجية علمية رصينة د. هيثم الحسيني الحلي الأستاذ الباحث
في الدراسات الإستراتيجية والمتخصص في التراث العلمي لما له من قاعدة
علمية واسعة وأصول أكاديمية متنوعة وخبرة بحثية متجددة فضلاً عن أمانته
التي تتواضع أمام الحقيقة وتبحث عنها أينما كانت أو تكون، وهو ما سينشر
– تباعاً – في كل "يوم سبت" على مدى "أسابيع خمسة أشهر"، بشكل حلقات
دراسية متسلسلة, تشكل الفصول المنهجية لمباحثها العلمية... والله
(تبارك وتعالى) من وراء القصد، وهو (عز وجل) يتولى الصالحين ومنه (جل
في علاه) توفيق العاملين النافعين.
WWW.alshirazi.com |