الحلم الامريكي وصراع الرئاسة القادم

 

شبكة النبأ: ان الولايات المتحدة الامريكية لا تحتاج للتعريف عن نفسه، فهي من بين دول قليلة في العالم جمعت بين جناحيها ما يؤهلها لتكون الاولى عالمي، منها ما كان طبيعي، كالأرض الواسعة والموقع الجغرافي المتميز والتنوع البيئي والموارد الطبيعية، اما الباقي فهو ما صنعته امريكا بنفسها وتجلى في سياستها من خلال استقطاب الكفاءات العلمية التي استطاعت النهوض بالبلاد في زمن قياسي.

وكذلك فأن استقرار نظامها السياسي ساعد كثيراً في ازدهار الحركة الاقتصادية والمالية التي توصف بالجبن وانها لا تعيش الا في ظل الاستقرار، وهذا بدوره وفر الكثير من الحريات العامة والتطور في مستوى التعليم والصحافة واحترام القوانين وفق منظومة متكاملة.

ان الاحزاب في الولايات المتحدة الامريكية وبرغم وجود اكثر من ثلاثين حزب فيه، الا انه من المعروف ان الذي ينافس على الساحة السياسية هما الحزبان الكبيران الجمهوري والديمقراطي، فهما الغريمان الاشد شكيمة في دور الاعب الاساسي والمحرك المؤثر في توجيه دفة السياسة الامريكية منذ تأسيسها ولغاية الان، وهما يتبادلان الادوار في عملية كر وفر تكون نتيجتها واحدة ومضمونها لا يتغير يكون هدفها تحقيق الحلم الامريكي في الحياة وتصديره الى بقية شعوب العالم.  

أوباما واول الغيث

فقد القى الرئيس الامريكي باراك أوباما خطابا حدد فيه القضايا التي ستدور حولها حملته في الانتخابات الرئاسية القادمة عام 2012 قائلا انه حقق الكثير من وعوده "لكننا لم ننته"، وفي محاولة لاشعال حماس أنصاره الديمقراطيين ألقى أوباما خطابا أمام حشد في فندق بواشنطن كان بمثابة نسخة مبكرة لخطبه الانتخابية العام القادم، ولم يطلق أوباما حملته الانتخابية رسميا بعد لكن من المتوقع ان يفعل خلال الاشهر القليلة القادمة، وصرح أوباما بأنه يريد ان يخلق مجددا حالة الافتتان التي أحاطت بحملته الانتخابية عام 2008 والتي وصفها بأنها كانت تشبه "البرق في زجاجة" حين أدى اقبال كبير على التصويت من جانب قاعدته الديمقراطية ومن الناخبين المستقلين الى تحقيقه النصر ودخوله البيت الابيض ليشغل مقعد الرئاسة.

وقال أوباما "حين تنظر الى سجل العمل الذي أنجزناه خلال العامين الماضيين أعتقد انه من الانصاف القول اننا أوفينا بالوعد الذي قطعناه للشعب الامريكي، لكننا لم ننته وأمامنا الكثير من العمل"، ويحقق أوباما في هذه المرحلة نسبة تأييد طيبة في استطلاعات الرأي امام مجموعة من المرشحين الجمهوريين المحتملين، لكنه يحتاج الى دعم الكثير من الناخبين المستقلين الذين حرموا الديمقراطيين من أصواتهم في انتخابات الكونجرس التي جرت في نوفمبر تشرين الثاني وساعدوا بذلك الجمهوريين على السيطرة على مجلس النواب وتقليص اغلبية الديمقراطيين في مجلس الشيوخ. بحسب رويترز.

من جهة اخرى دعا الرئيس الاميركي باراك اوباما خصومه الجمهوريين الى الانتظار حتى العام 2012 "للقيام بحملة" للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في هذا العام في الوقت الذي توعد هؤلاء ببذل كل ما في وسعهم لحرمان اوباما من ولاية ثانية، ومع وجود اغلبية جمهورية في مجلس النواب وتقلص الاغلبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ، سيكون على اوباما التعامل مع معارضة معادية بشراسة لبرنامجه السياسي، لكن اوباما اعرب في الطائرة التي اقلته من هاواي الى واشنطن عن الامل في ان يدرك رئيس مجلس النواب الجديد الجمهوري جون بونير وزعيم الاقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل ان "امامهما الوقت الكافي للقيام بحملة (للانتخابات الرئاسية) للعام 2012 في خلال هذا العام نفسه وان مهمتنا هذه السنة تتمثل في ضمان تعزيز الانتعاش" الاقتصادي.

وقد اشار الجمهوريون اكثر من مرة الى عزمهم على تفنيد الاصلاح الرئيسي لولاية اوباما وهو قانون التامين الصحي الذي صدر في اذار/مارس الماضي، وقال اوباما "لقد حققنا تقدما كبيرا" في الاسابيع الاخيرة للولاية التشريعية السابقة، مضيفا "امل ان اتمكن بدوري من مواصلة البناء على هذه القاعدة". بحسب فرانس برس.

الجمهوريون يتوددون لليمين

في سياق متصل لا يعرف الجمهوريون من سيرشحون لخوض انتخابات الرئاسة الامريكية العام القادم أمام الرئيس الديمقراطي باراك أوباما لكن الطامحين الى المنصب يأملون الكشف عن اسمائهم، ويتحدث عدد من الجمهوريين الذين يفكرون في خوض انتخابات عام 2012 أمام حشد كبير من المحافظين في واشنطن وهي فرصة لاختبار خطابهم السياسي واحداث بعض الجدل، وقبل عام من أول انتخابات تمهيدية على مستوى الولايات لاختيار المرشح الجمهوري الذي سيخوض السباق أمام أوباما في نوفمبر تشرين الثاني عام 2012 لم يعلن أي مرشح جمهوري بارز عزمه الترشح بشكل رسمي كما لم يظهر اي مرشح محتمل تلتف حوله القلوب.

لكن عددا كبيرا من السياسيين يتصورون انفسهم قادرين على شغل مقعد الرئاسة في المكتب البيضاوي بالبيت الابيض وبدأ بالفعل حملات مستترة وزار الولايات التي تنطلق منها الانتخابات التمهيدية واتصل بالجهات المانحة والمنظمين، ومن المتوقع ان تظهر أول الترشيحات الرسمية في وقت قريب، ويستمع (المؤتمر المحافظ للعمل السياسي) الذي بدأ أعماله في واشنطن الى عدد من المرشحين المحتملين في الوقت الذي يحتفل فيه المحافظون بمرور مئة عام على مولد المحافظ الاكبر رونالد ريجان وهم يبحثون عمن يمكن ان يحمل رايته.

وقال رون بونجيان الاستراتيجي الجمهوري "عليهم ان يعرضوا مسوغاتهم الفعلية في الدوائر الانتخابية الهامة والترويج لانفسهم مبكرا قبل ان تدور العجلة"، ومن بين المتحدثين امام المؤتمر حاكما ولايتين سابقين هما ميت رومني من ماساتشوستس وتيم بولنتي من مينيسوتا وأيضا نوت جينجريتش رئيس مجلس النواب الاسبق وهالي باربور حاكم مسيسبي وميتش دانيل حاكم انديان، ويتحدث أمام المؤتمر اليوم جينجريتش والنائب ميتشيل باتشمان والسناتور السابق ريك سانتورم، وفي الغد يتحدث رومني وبولنتي وجون ثون وهو سناتور من ساوث داكوتا وريك بيري حاكم تكساس ودانيل بينما يتحدث باربور امام المؤتمر، وسيختار الحضور مرشحهم المفضل في استطلاع أولي أيضا. بحسب رويترز.

وغاب عن المؤتمر اثنان حققا نجاحا مع المحافظين من قبل هما سارة بيلن حاكمة الاسكا السابقة والمرشحة لمنصب نائبة الرئيس الجمهوري في الانتخابات الرئاسية السابقة ومايك هاكابي حاكم اركنسو السابق واللذان يفكران ما اذا كانا سيخوضان السباق، ولا يملك الجمهوريون مرشحا واضحا لانتخابات عام 2012 كما كانت عادتهم تاركين أنصار الحزب أمام حقل مزدحم بالاسماء من بينها رومني الذي حارب بقوة لكنه خسر في نهاية المطاف في الانتخابات التمهيدية امام جون مكين عام 2008 والذي خسر بدوره أمام الديمقراطي أوباما في انتخابات الرئاسة عام 2009، وقال خبير استطلاعات الرأي الجمهوري ويت ايراس ان الساحة " مفتوحة تماما" وان كان يرى رومني الان من الشخصيات المتقدمة في السباق.

تعطيل برنامج أوباما

الى ذلك قال مساعد كبير في الحزب الجمهوري الامريكي ان النواب الجمهوريين في مجلس النواب يعتزمون تمرير قانون لابطال الاصلاحات التي ادخلها الرئيس الديمقراطي باراك أوباما على برنامج الرعاية الصحية، ويتوقع محللون ان تفشل هذه المحاولة في مجلس الشيوخ الامريكي الذي مازال الديمقراطيون يشكلون أغلبية فيه، ويجتمع الكونجرس الامريكي الجديد لاول مرة ويسيطر فيه الجمهوريون على مجلس النواب بعد انتخابات التجديد النصفي التي جرت في نوفمبر تشرين الثاني، ومن المتوقع ان يتحرك الجمهوريون للوفاء بما وعدوا به في الحملة الانتخابية بشأن محاولة ابطال قانون الرعاية الصحية الجديد وهو من الانتصارات التشريعية البارزة التي حققها أوباما في الكونجرس المنتهية ولايته.

وقال براد دايسبرينج المتحدث باسم اريك كانتور الزعيم الجمهوري الجديد في مجلس النواب ان المجلس يعتزم الاقتراع على تشريع يبطل قانون الرعاية الصحية، واستطرد "سيمر (التشريع) في مجلس النواب"، وعلى الرغم من سيطرة الجمهوريين على مجلس النواب بأغلبية 242 مقعدا مقابل 193 مقعدا للديمقراطيين الا ان الحزب الديمقراطي الذي ينتمي اليه أوباما احتفظ بالاغلبية في مجلس الشيوخ حيث يشغل 53 مقعدا بينما يشغل الحزب الجمهوري 47 مقعدا ومن المرجح ان يعطل الديمقراطيون اي محاولة لابطال قانون الرعاية الصحية الجديد، وقال دايسبرينج "أوباما يقضي على فرص العمل في المشاريع الصغرى والكبرى والاولوية القصوى لمجلس النواب ستكون خفض الانفاق ونمو الاقتصاد وفرص العمل". بحسب رويترز.

من جهة اخرى فقد اختار ناخبون جمهوريون للسنة الثانية على التوالي رون بول ليكون مرشح حزبهم للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في 2012 في الولايات المتحدة، وفاز البرلماني المحافظ رون بول الذي ترشح في انتخابات 1988 و2008 باصوات الجمهوريين المجتمعين في مؤتمر سنوي عقد في واشنطن، وقد شارك اربعة آلاف منهم  في هذا "التصويت الاختباري"، حسبما ذكر المنظمون، ويشارك اليمين الاميركي في هذا التصويت غير الرسمي الذي يعد اول استطلاع واسع للمحافظين في السباق على الرئاسة في 2012، وهو يسمى "تصويت القشة" في اشارة الى قشة تترك في الهواء لمعرفة اتجاه الريح.

وفاز رون بول بثلاثين بالمئة من الاصوات متقدما على الحاكم السابق لماساتشوسيتس ميت رومني (23 بالمئة) الذي ترشح ايضا في انتخابات 2008، وحضر التصويت هذه السنة التيار المحافظ المتشدد الممثل بحزب الشاي الذي سمح نشاطه بفوز الجمهوريين في الانتخابات التشريعية التي جرت في تشرين الثاني/نوفمبر 2010، الا ان اول مرشحة لهذا الحزب ميشال باشمان جاءت في المرتبة السابعة وحصلت على اربعة بالمئة فقط من الاصوات، اما اهم شخصياته سارة بايلن التي لم ترغب في القاء خطاب في المؤتمر، فلم تحصل على اكثر من ثلاثة بالمئة من الاصوات، ويطالب اعضاء وممثلو حزب الشاي الذي يشكل يمين الجمهوريين التقليديين، بحكومة اقل حضورا في الحياة العامة وخفض الضرائب، ويختلف رون بول عن المحافظين الآخرين بمن فيهم ممثلو حزب الشاي، بمافقه الحاسمة من مسألة دور الولايات المتحدة في العالم، وكان بول احد الخطباء النادرين الذين تحدثوا عن مصر في مؤتمر المحافظين، وهو يدعو الى العودة الى الانطوائية، وقال في خطابه "علينا ان نفعل اقل من ذلك بكثير، ليس في مصر وحدها بل في العالم". بحسب فرانس برس.

واضاف ان واشنطن اعطت مبارك على مدى سنوات سبعين مليار دولار، مثيرا هتافات منددة بين الحضور، وقال بول "هناك ثورة في هذا البلد"، مؤكدا تأييده "لتغيير في الموقف وتغيير في الافكار"، لكن الفائز في هذا التصويت الرمزي ليس بالضروري هو من يمثل الحزب في الاقتراع الرئاسي، فقد فاز ميت رومني في التصويت المماثل في 2007 و2008 و2009 لكنه لم يتمكن من الفوز على السناتور جون ماكين في الانتخابات الاخيرة للحزب الجمهوري لاختيار ممثل للاقتراع الرئاسي.

جيري براون خلفاً لشوارزنيجر

وأدى جيري براون اليمين حاكما لكاليفورنيا ليعود الى منصب كان قد شغله قبل حوالي قرابة ثلاثة عقود متعهدا "بميزانية صارمة" لتحسين احوال واحدة من أكثر الولايات الامريكية التي تعاني عجزا مالي، وتماشيا مع رسالته التقشفية والخيارات الصعبة اكتفى براون (الديمقراطي المخضرم الذي حكم الولاية لفترتين من 1975 الي 1983)  بتقديم النقانق على الغداء في حفل تنصيبه بعدما تولى المنصب خلفا للجمهوري ارنولد شوارزنيجر، ومع وراثته لعجز في ميزانية الولاية يقدر بحوالي 28 مليار دولار حتى منتصف 2012 طالب براون بمزيد من التخفيضات في الانفاق لموازنة ميزانية كاليفورنيا الولاية الامريكية الاكثر سكانا والاسوأ في التصنيف الائتماني.

ومن المتوقع على نطاق واسع ان يسعى براون ايضا الى انتخابات خاصة ستطلب من الناخبين تمديد زيادات مؤقتة في الضرائب للمساعدة في موازنة ميزانية الولاية، ويتعين على براون ان يقدم للهيئة التشريعية في الولاية التي يسيطر عليها الديمقراطيون خطة ميزانية للعام المالي الذي يبدأ في يوليو تموز القادم، وقال ان الخطة التي سيقدمها ستكون صعبة، وأبلغ براون الحضور في الحفل في سكرامنتو عاصمة الولاية بعد ادائه اليمين "في هذه المرحلة من حياتي لم احضر الى هنا لاعتناق التأخير والرفض"، كما تعهد بأن تتصدر القضايا البيئية أولوياته وقال انه يعتزم الوفاء بهدفه لجعل 20 ألف ميجاوات من الطاقة تأتي من مصادر متجددة بحلول 2012، ورفض الديمقراطيون في الولاية مؤخرا خطة شوارزنيجر لسد عجز يصل الى حوالي ستة مليارات دولار في ميزانية السنة المالية الحالية، وقالوا انهم سينتظرون للعمل في الميزانية مع براون.

يذكر ان ولاية ارنولد شوارزينجر والتي انتهت كحاكم لولاية كاليفورنيا من دون ان يفصح بطل العالم السابق هذا في كمال الاجسام عن مشاريعه للمستقبل بعد سبع سنوات على توليه مسؤولية اغنى الولايات الاميركية واكثرها اكتظاظ، وخلال زيارة رسمية الى روسيا في الاونة الاخيرة قال شوارزينغر البالغ من العمر 63 عاما "هناك الكثير من الاحتمالات، ان اعمل في السينما، او اضع كتبا"، ويرى عدد كبير من المراقبين ان ارنولد قد يواصل حياته السياسية بعد انتهاء ولايته كحاكم ولاية، ويتوقع البعض ان يشغل مقعدا في الكونغرس او منصبا في ادارة الرئيس باراك اوباما على صلة بالبيئة، لكن الاكيد انه لن يكون في مواجهة رئاسية مع اوباما في العام 2012، اذ ان منصب رئيس الولايات المتحدة حكر على الذين ولدوا اميركيين، بخلاف ارنولد الذي ولد نمساوياً. بحسب فرانس برس.

وكانت المرة الاولى التي يذهب فيها ارنولد الى الولايات المتحدة في العام 1968، وكان عمره آنذاك 21 عاما، وكان معدما وجل ما في بحوزته بضع القاب في كمال الاجسام، ثم حاز دبلوما في التجارة، واصبح مليونيرا بعدما توج بطل العالم في كمال الاجسام، وتحول الى السينما حيث قدم افلام القوة مثل "كونان ذي بارباريان" في العام 1982، و"كونان ذي ديستروير" في العام 1984، وفيلم "ترمينايتور" الذي يعد اشهر افلامه.

الحلم الامريكي

على صعيد اخر اظهر استطلاع جديد نشرت نتائجه مؤخراً ان الحلم الامريكي لمعظم الامريكيين أصبح يتمحور في منح اطفالهم حياة افضل أو ان يكون لديهم نشاط تجاري ناجح أو وظيفة، ووضع 53 بالمئة من الامريكيين الذين شملهم الاستطلاع سعادة ابنائهم على رأس اولوياتهم، وجاء هذا متقدما على الاحلام الخاصة بالعمل او الثراء السريع او امتلاك منزل او حياة افضل من حياة الابوين او نيل الشهرة وهو الحلم الذي اختاره ثلاثة بالمئة فقط رغم انتشار برامج تلفزيون الواقع.

وقال 56 بالمئة من الامريكيين -بحسب الاستطلاع الذي اجري بالهاتف وشارك فيه 11 الف شخص - انهم لم يحاولوا خفض وزنهم قط وقال 27 بالمئة انهم يحاولون ذلك مرة واحدة او مرتين كل عام، ورغم موجة الثورات المؤيدة للديمقراطية في منطقة الشرق الاوسط فان 26 بالمئة فقط من الامريكيين يعتقدون ان الدول التي تشهد تلك الثورات الان سيكون لديها ديمقراطيات حقيقية خلال العقد القادم.

وفي سياق الحلم الامريكي فقد قام زوجان في مدينة بوسطن الأمريكية بنشر إعلان على موقع إلكتروني، عرضا فيه بيع أي أجزاء من جسديهما إلى المحتاجين لقاء مبالغ مالية معينة، قالا إنهما يرغبان في استخدامها لدفع الديون المترتبة عليهما لمدارس أطفالهم، وحمل الإعلان عنوان "هي تريد جثة حية؟ خذ جسدي،" وجرى نشره قبل أيام على موقع "كريغلست" في بوسطن، ضمن قسم الباحثين عن عمل، وبموجب الإعلان، يتعهد الرجل وزوجته بتقديم أي جزء من جسميهما "لأهداف بحثية أو مشروعة قانوناً،" مقابل مبالغ مالية. بحسب السي ان ان.

وجاء في الإعلان "إذا تمكنت ومن تسديد الديون المستحقة علينا لمدارس أطفالنا، فنحن سنقدم لك حياتنا"،وشدد الإعلان على أن الزوجين بصحة ممتازة، وكل وظائفهما الحيوية تعمل بشكل طبيعي، مع معلومات إضافية حول طولهما ووزنهم، وختم الزوجان الإعلان بالقول "خذ كميات من دمائنا أو احفر في دماغينا أو أرجلنا وأيدينا، وقم باختبارات على قلبينا أو كبدين، إننا جديان للغاية"، ولفت الإعلان الذي لم يتضح هوية من نشره ومدى جديته إلى أن الديون المترتبة على العائلة للمدارس تبلغ 200 ألف دولار.

بيانات وأحصاءات

الى ذلك دلت النتائج الأوليّة لإحصاء العام 2010 على نمو بسيط في عدد السكان خلال فترة السنوات العشر الماضية مع استمرار تحول الكثافة السكانية إلى ولايات الجنوب والغرب، ويذكر أن هذه البيانات الإحصائية ستُعتمد لتقرير الكيفية التي يتم بها توزيع مقاعد مجلس النواب التي يبلغ عددها 435 مقعدا بعدد يتناسب مع عدد سكان الولايات الأميركية، وهي عملية دأبت الولايات المتحدة على إجرائها كل 10 سنوات منذ العام 1790، فقد أعلن مدير مكتب الإحصاء الأميركي في واشنطن روبرت غروفز في مؤتمر صحفي أن عدد السكان الأميركيين المقيمين في الولايات المتحدة في الأول من شهر نيسان/أبريل عام 2010 قد بلغ 308،745،538 نسمة، وتدل البيانات الإحصائية على أن عدد سكان البلاد قد زاد 27.3 مليون نسمة في السنوات العشر الماضية منذ العام 2000، أي بنسبة 9.7 بالمئة.

تأتي الولايات المتحدة في المرتبة الثالثة بين بلدان العالم من حيث عدد السكان، وتفيد بيانات مكتب المرجع السكاني أن البلدان العشرة التي تضم أكبر عدد من السكان هي الصين (1.338 بليون نسمة) والهند (1.189 بليون نسمة) والولايات المتحدة (309 ملايين نسمة) وإندونيسيا (235 مليون نسمة) والبرازيل (193 مليون نسمة) وباكستان (185 مليون نسمة) وبنغلادش (164 مليون نسمة) ونيجيريا (158 مليون نسمة) وروسيا (142 مليون نسمة) واليابان (127 مليون نسمة).

للإحصاء في الولايات المتحدة مهمة أكثر من مجرد كونه إحصاء لعدد السكان. فهو يجمع معلومات أيضا عن أعمار المواطنين ومهنهم وأحجام أسرهم وأجناسهم وأعراقهم ومداخيلهم وطائفة أخرى من المعلومات، ومن شأن آخر البيانات أن تحدث تغييرا في خرائط الدوائر الانتخابية. فبموجب ما يعرف باسم "التسوية الكبرى" التي أسفر عنها المؤتمر الدستوري عام 1787 يتألف مجلس الشيوخ من عدد متساو من ممثلي الولايات (أي مندوبان عن كل ولاية) بينما يلبي مجلس النواب الأميركي رغبة الولايات الكبيرة في أن يكون لها تمثيل تشريعي نسبي طبقا لعدد سكانها.

وكان قد أقر في أوائل القرن العشرين تشريع ينص على تحديد عدد مقاعد مجلس النواب بـ 435 مقعدا. واستخدمت البيانات الإحصائية السكانية لكل إحصاء منذ ذلك الحين لإجراء توزيع منصف لتلك المقاعد الـ 435 على الولايات طبقا لأعداد السكان الأميركيين المقيمين فيه، وصرح مدير الإحصاء غروفز بأن البيانات الجديدة ستعيد تحصيص الدوائر الانتخابية بحيث يمثل كل نائب في مجلس النواب 710،767 شخصا من السكان الذين شملهم إحصاء العام 2010، ويعني هذا التخصيص أن 12 مقعدا من مقاعد المجلس ستتحول وتنتقل في الدورة 113 للمجلس التي تنعقد في كانون الثاني/يناير 2013 إلى ولايات أخرى غير الولايات التي تمثلها حاليا.

أما خريطة وحدود الدوائر الانتخابية المتأثرة بالتغيير في الولايات فسيقررها حكام الولايات ومجالسها التشريعية قبل موعد انتخابات العام 2012، وأوضح غروفز أن الولايات التي ستفيد من الإحصاء تشمل كلا من أريزونا وفلوريدا وجورجيا ونيفادا وساوث كارولينا وتكساس ويوتا وواشنطن، أما التي ستخسر فتشمل إلينوي وأيوا ولويزيانا ومساتشوستس وميزوري ونيوجيرزي ونيويورك وأوهايو وبنسلفانيا. ويبقى عدد المقاعد دون تغيير في 32 ولاية، وتعبر إعادة تحصيص المقاعد والبيانات الإحصائية الأخيرة عن اتجاه سكاني مستمر من 70 سنة نجم عنه طبقا لغروفز "نمو في عدد المقاعد في الولايات الغربية والجنوبية واتجاه إلى خسارة مقاعد في ولايات الغرب الأوسط والشمال الشرقي".

وقال غروفز "إن العدد الإجمالي للمقاعد التي انتقلت في الواقع إلى الجنوب والغرب منذ العام 1940 بلغ 79 مقعدا"، وأضاف غروفز أن "هذه الحركة إلى الجنوب والغرب هي في الواقع طريقة بسيطة للكيفية التي تغيرنا بها نحن كسكان وكيفية حركتنا على مر العقود"، وستفوز ولاية تكساس طبقا لإعادة التحصيص بأربعة مقاعد، بينما تحصل فلوريدا على أربعة، وستنال ست ولايات أخرى من ولايات الغرب والجنوب مقعدا واحدا لكل منه، وستفقد كل من أوهايو ونيويورك مقعدين، بينما تخسر ثماني ولايات أخرى أكثرها في الشمال الشرقي والغرب الأوسط مقعدا واحدا من كل منه، وقد أشار المراقبون إلى أن أسرع الولايات نموا في عدد السكان هي التي يقطنها أكبر عدد من السكان من أصل لاتيني.

وأظهر إحصاء السكان عام 2010 أن 6ر49% فقط من سكان نيويورك البالغ عددهم نحو 19 مليون نسمة ينحدرون من أصول أوروبية مقارنة بـ 3ر54% قبل عشر سنوات، وأشار إلى أن الجزء الأكبر من سكان نيويورك هم الآن من الأمريكيين السود والآسيويين والمهاجرين من أمريكا اللاتينية وذريتهم، وبذلك تصبح منطقة نيويورك هي أول حاضرة أمريكية خارج المناطق المعروفة بالأغلبية اللاتينية في جنوب أمريكا وغربها،يمثل فيها الأمريكيون البيض أقلية.

وحسب الاحصاء فإن عدد الأمريكيين البيض ارتفع قليلا في منطقة مانهاتن وبروكلين في نيويورك، كما تراجعت نسبة الأمريكيين ذوي الأصول الأفريقية في معظم مناطق المدينة في حين ارتفع عدد الأمريكيين ذوي الأصول الآسيوية في كل المناطق، ورجح محللون هذا التحول في التركيبة السكانية لنيويورك بتزايد عدد الوافدين من أمريكا اللاتينية الذين لم يشهد عددهم ارتفاعا في منطقة مانهاتن المعروفة بمستوى المعيشة المرتفع،وهي المنطقة الوحيدة من إجمالي 23 دائرة في منطقة نيويورك التي لم تشهد ارتفاعا في عدد الأمريكيين من أصول لاتينية.

 ومن بين الأسئلة التي طرحها مكتب الإحصاء على السكان في قسائم العام 2010 أن يدرجوا انتماءهم العرقي أو الإثني، وقال غروفز إن مكتب الإحصاء سينشر تلك المعلومات عن إحصاء السكان الأميركيين في العام 2011، والإحصاء الذي تم في العام 2010 هو الإحصاء الثالث والعشرون الذي جرى منذ فرضه الدستور الأميركي كل عشر سنوات من العام 1790. وكان عدد السكان المقيمين ضمن حدود الولايات المتحدة آنذاك 3.9 مليون نسمة، وصرحت نائبة وزير التجارة بالوكالة ربيكا بلانك التي اشتركت مع غروفز في حديثه إلى الصحفيين بأن مؤسسي الولايات المتحدة الأوائل عملوا بفرضهم إجراء إحصاء لتحديد التمثيل في الكونغرس على تغيير تاريخ العالم بانتزاعهم أداة من أدوات الحكم واستخدامها لتمكين المواطنين، وأضافت بلانك قولها إن "إحصاءات قد جرت من قبل، لكن الهدف منها كان جباية الضرائب ومصادرة الممتلكات أو لتجنيد السكان في الخدمة العسكرية، وهذا ليس غرض الإحصاءات الأميركية"، وقالت بلانك إن الحكومة كي تحافظ على كونها مؤسسة تمثيلية ينبغي أن يتم تعيين مجلس النواب "بأسلوب يعبر عن التغيرات التي طرأت على البلاد خلال القرنين الماضيين، وهذا يتطلب منا أن نعرف مَن يعيش أين."

من جهته تحدث مع غروفز وبلانك إلى الصحفيين وزير التجارة غاري لوك وقال إن نتائج الإحصاء لها تأثير يفوق مجرد التأثير على الدوائر الانتخابية، وأوضح لوك قائلا إن البيانات "ستقرر أيضا الكيفية التي ستخصص بها الحكومة الفدرالية أكثر من 400 بليون دولار سنويا على مدى السنوات العشر القادمة وتوزعها على المجتمعات الأهلية المحلية لكل الخدمات من تعليم ورعاية المسنين والإسكان وتطبيق القانون والنقل"، وأشار لوك إلى أن شركات الأعمال أيضا "ستفيد فائدة كبرى" من نتائج الإحصاء قائلا إن "هذه البيانات توفر معلومات حيوية يستخدمها الوسط التجاري للتعرف على أسواق جديدة ويقرر أين يضع استثمارات كبيرة من رأس المال ويخلق مزيدا من فرص العمل وينمي اقتصادنا في نهاية المطاف."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 10/نيسان/2011 - 6/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م