فساد الدول والمتاجرة بمحن الشعوب

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: الفساد كلمة مقيته لا يمكن وصفها الا بالفساد، فهي مرض لا شفاء منه، يستشري في كل مفاصل الدولة ويتعلمه صغار الموظفين من كبارهم ومن حكامهم ايض، اللذين لم يتورعوا عن نهب المال العام وهم يكافحون الفساد، وقد حجزوا في بنوك سويسرا وغيرها حسابات مصرفية ضمت المليارات من الدولارات والتي ربما كانت مخصصة للأطفال او للغذاء وربما للصحة او للخدمات.

ان العالم المتحضر قد انتبه في الآونة الاخيرة الى هذا الخطر المفسد الذي عاث في الارض فساداً وشجع ضعاف النفوس في اخذ الرشى وتدمير البلاد اقتصادياً وتأخير المشاريع وسرقة الاموال وابرام العقود سيئة الصيت، ويذكر ان هناك خطوات جادة واتفاقات دولية ومؤتمرات سنوية تكافح كلها من اجل القضاء على ظاهرة الفساد او الحد منه.

ان ما اعلن مؤخراً من مطالبات سياسية حول عدم توفير غطاء شرعي للأموال المنهوبة من الشعوب والتي يودع معظمها في حسابات مصرفية في بنوك سويسر، قد اتت اكله، حيث قامت الاخيرة بتجميد العديد من الارصدة للحكام المخلوعين امثال مبارك وبن على، في خطوة تنتظر مثيلاتها في قيام نظام مصرفي دولي يكشف التحركات المريبة لرؤوس الاموال وتنقلاتها ورصد وتجميد اي حركات تثير الريبة والشك واعادتها لأصحابها الشرعيين.

البنوك واموال الحكام الطغاة

فقد قال سياسيون سويسريون بعد أن جمدت الحكومة اصولاً للرئيس المصري المخلوع حسني مبارك انه يجب على سويسرا ان تشدد قوانين مكافحة غسل الاموال بما يجعل بنوكها لا تقبل اموالا نهبها حكام طغاة، وقالت سوزان لوتنجر اوبرهولتزر (نائبة برلمانية من الحزب الديمقراطي الاجتماعي) انها تريد دراسة مقترحات لتغيير القانون بحيث يتعين على الزعماء الاجانب الراغبين في استخدام الخدمات المصرفية في سويسرا اثبات ان اموالهم نظيفة، بينما تسعى بريجيت ويس (نائبة برلمانية عن حزب الخضر) الى توسيع نطاق قانون مكافحة غسل الاموال ليشمل العقارات، وقالت "منذ الازمة المالية يتدفق كثير من الاموال التي اكتسبت بطرق غير قانونية الى العقارات، يجب الزام وكلاء العقارات بالابلاغ عن التدفقات المريبة تماما مثل البنوك."

وبينما تطالب الاحزاب ذات التوجهات اليسارية بتشديد قوانين مكافحة غسل الاموال فان الاغلبية المحافظة في الائتلاف الحاكم في سويسرا من غير المرجح ان تتبنى تلك المطالب وألقت وزيرة المالية ايفلين فيدمر سشلومبت شكوكا على الفكرة، فيما قالت مجموعة من المنظمات غير الحكومية السويسرية بما في ذلك الفرع السويسري لمنظمة الشفافية الدولية في بيان مشترك الشهر الماضي ان نظام التنظيم الذاتي الذي يعتمد على قيام البنوك بالابلاغ عن عمليات مشبوهة لغسل الاموال باء بالفشل، وعملت سويسرا جاهدة في السنوات القليلة الماضية لتحسين صورتها المعروفة عنها بأنها ملاذ امن للاموال المكتسبة بطرق غير مشروعة بأن عمدت الي مصادرة اصول حكام طغاة كثيرين ووافقت في 2009 على تخفيف قواعد السرية المصرفية الصارمة لمساعدة دول اخرى على ضبط مخالفات الغش الضريبي.

من جهتها طالبت جماعتان تدعوان لمكافحة الفساد سلطات دولة الامارات العربية المتحدة باتخاذ اجراءات بشأن احتمال تحويل اموال الى الامارات من جانب الرئيسين السابقين التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك، حيث طلبت منظمة الشفافية الدولية ومجموعة شيربا الحقوقية هذا الشهر من وحدة غسل الاموال والحالات المشبوهة التابعة لمصرف الامارات المركزي تعقب اي اموال خاصة بالرئيس التونسي السابق واسرته، كما ابدت منظمة الشفافية الدولية قلقها بشان اصول الرئيس المصري السابق واسرته والمقربين منه في الامارات وهي احدى الوجهات التي يشتبه دعاة مكافحة الفساد بتحويل اموال اليها في الايام الاخيرة قبل الاطاحة بمبارك او في انها مودعة هناك منذ سنوات. بحسب رويترز.

وفر بن علي من تونس في 14 يناير كانون الثاني في مواجهة انتفاضة ضد الفساد والقمع السياسي مما حدا بدول الاتحاد الاوروبي الاعلان عن تجميد اي اصول تخصه لديه، ومنذ ذلك الحين طالبت تونس باسترداد تلك الاموال التي تعتبرها مسروقة، وبعد الاحتجاجات التي قادت لاستقالة مبارك في 11 فبراير شباط اتخذت السلطات المصرية اجراءات لتجميد امواله في الخارج، وذكرت اروى حسن كبيرة منسقي برنامج منظمة الشفافية الدولية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا ان المنظمة تحاول تشجيع الامارات ودول اخرى على اجراء تحقيق، وقالت "نحاول ان نمارس ضغوطا على جهات معنية للتحرك" مضيفة انه لا توجد اسباب محددة للشك في تحويل اموال للامارات في الايام الاخيرة من حكم كل من بن علي ومبارك.

ولم يعلق المسؤولون في الامارات على الامر، وفي يناير الماضي اصدرت سلطة دبي للخدمات المالية وهي جهاز الرقابة المالية في دبي تعليمات للشركات المالية للتأهب لاي تحويل محتمل لاموال من تونس مبدية قلقها من خروج اموال في اللحظات الاخيرة، وتسعى دبي وهي مركز للتجارة في الخليج لتغيير صورتها كملاذ لانشطة غسيل الاموال منذ ان وجهت هجمات 11/ سبتمبر ايلول بالولايات المتحدة الانظار للسهولة النسبية لتحويل الاموال عبر المدينة، وقال كارلو فدريجولي المحامي في شركة (دي.ال.ايه بايبر) التي تقدم الاستشارات ان دول الاتحاد الاوروبي كانت قاطعة بصورة أكبر في اعلان اجراءات لتعقب اموال بن علي.

وتابع "اتخذت سلطات اخرى تابعة لدول اخرى اجراءات فورية" مضيفا ان الامارات لم ترد بعد على الطلب المقدم لوحدة المصرف المركزي، وقال "لكن ثمة اجراءات موضوعة وربما يشعر مصرف الامارات المركزي بانه غير مطالب بالكشف عما يقوم به"، ولكن فدريجولي اشار لتحرك الامارات في العام الماصي ازاء جيمس ايبوري السياسي النيجيري المطلوب في بريطانيا في قضايا فساد والذي القت امارة دبي القبض عليه في مايو ايار الماضي.

ستيغليتز يتهم الغرب

في سياق متصل قال خبير الاقتصاد العالمي والحائز على جائزة نوبل جوزيف ستيغليتز إن الدول الصناعية تسهل للفساد في أفريقيا من خلال توفير ملاذ آمن لأموال المسؤولين الفاسدين، وعبر ستيغليتز عن تفاؤله بشأن آفاق الاقتصاد لأفريقيا، لكنه قال "يجب أن يكون هناك مزيد من النقاش حول الحسابات المصرفية التي لا يكشف عنها في الغرب، والتي يتم استخدامها لتسهيل الاحتيال والفساد على مستوى عال في أفريقيا."

وشغل ستيغليتز سابقا منصب كبير الاقتصاديين في البنك الدولي، وهو واحد من قليلين توقعوا حدوث الأزمة المالية العالمية، وتحدث علن الفساد في أفريقيا خلال القمة العالمي لمكافحة الفقر التي عقدت في جوهانسبرغ، وأضاف أن "البلدان الصناعية المتقدمة تتحمل بعض المسؤولية، وأحد الأشياء التي يبدو أنها أصبحت عادة، هي قيام الطغاة والفاسدين بسرقة الأموال ووضعها في حساب مصرفي في دولة صناعية متقدمة."

ومضى الحائز على جائزة نوبل يقول ""كان هناك الكثير من النقاش في مجموعة الـ20 حول الحسابات المصرفية السرية ووكلاء الضرائب، ولكن لم يكن هناك ما يكفي من المناقشة للاعتراف بأن ذلك يسهل الفساد"، وقال ستيغليتز إنه يمكن خفض منسوب الفساد عن طريق زيادة التدقيق في أعمال الحكومات الفاسدة، وذلك باستخدام آليات مثل قوانين حرية المعلومات وحرية الصحافة، لكنه أضاف أن الغرب أيضا كان له دور يجب أن يؤديه.

ولفت إلى أن "أحد البلدان التي استضافت اجتماعات مجموعة الـ20 ويتحدث في كل وقت عن الفساد الضريبي، ذلك البلد نفسه هو ملاذ آمن لأموال الفاسدين ويرفض إعادة الأموال التي سرقت من أفريقيا"، وأضاف الخبير الاقتصادي العالمي "علينا أن لا نمكن الفساد ونحن نفعل ذلك في الغرب عندما نسمح لهم في أن يكون لهم (الفاسدين) حسابات المصرفية السرية"، وفي شأن آخر، قال ستيغليتز ان هناك سببا للتفاؤل بشأن النمو الاقتصادي في أفريقيا، مع التغيير في السياسات الاقتصادية في السنوات الأخيرة والذي بدأ يؤتي ثماره، لكنه شدد على الحاجة للبدء في التصنيع وإنتاج الخدمات الزراعية. بحسب السي ان ان.

الفساد في افريقيا

من جهة اخرى رفع ناشطون فرنسيون ضد الفساد دعوى قضائية ضد ثلاثة زعماء أفارقة  يتهمونهم فيها بشراء عقارات في فرنسا لا يمكنهم تمويلها بدخولهم الرسمية، وكان عمر بونجو رئيس (دولة الجابون) ودينيس ساسو نجيسو رئيس (جمهورية الكونجو)  واوبيانج نجويما مباسوجو رئيس (غينيا الاستوائية) الذين تصدر بلادهم النفط قد رفضوا اتهامات سابقة بالفساد من جانب العديد من المنظمات غير الحكومية، ورفعت الوحدة الفرنسية لمنظمة الشفافية الدولية المستقلة ومقرها الرئيسي برلين دعوى قضائية ضد الزعماء الثلاثة لحمل النظام القضائي الفرنسي على فحص كيف أمكنهم شراء عقارات غالية.

وقالت المنظمة في بيان "لا شك في أن هذه الاصول لا يمكن شراؤها بالرواتب الرسمية والمزايا التي يحصل عليها هؤلاء الزعماء"، وبونجو الذي تولى السلطة عام 1967 من أقدم زعماء افريقيا الذين مازالوا في الحكم وتولى ساسو نجيسو واوبيانج السلطة في انقلابين في بلديهما عام 1979، وحكم اوبيانج البلاد بشكل متصل منذ ذلك الحين لكن ساسو نجيسو خسر انتخابات عام 1992 وعاد للحكم في عام 1997 بعد حرب أهلية، وأشار النشطاء الى تحقيق للشرطة الفرنسية في عام 2007 تسربت تفاصيله للاعلام في وقت سابق هذا العام عن طريق مصادر قضائية وكشفت عن أن بونجو وأقاربه يملكون 39 عقارا في فرنسا أغلبها في الحي السادس عشر الراقي في باريس فضلا عن 70 حسابا مصرفيا وتسع سيارات، وتشمل العقارات كذلك فيلات فاخرة على الريفيير، وقالت الشرطة الفرنسية كذلك أن ساسو نجيسو وأسرته يملكون 24 شقة ولديهم 112 حسابا مصرفيا في البلاد في حين يملك أوبيانج واقاربه شقة واحدة وثماني سيارات، وغينيا الاستوائية التي يرأسها أوبيانج كانت مستعمرة اسبانية سابقة في حين كانت الجابون والكونجون مستعمرتان فرنسيتان وأقام زعماء فرنسا علاقات وثيقة مع كل من يونجو وساسو نجيسو، وليس هناك ما يضمن ان تقبل الهيئة القضائية الفرنسية الدعوى وتتابعه، فقد فشلت محاولات مماثلة في السابق. 

على صعيد متصل وافقت شركة "هاليبيرتون" النفطية العملاقة على دفع مبلغ يصل إلى 35 مليون دولار لنيجيريا لتسوية قضية رشى أدت إلى مقاضاة نائب الرئيس الأمريكي السابق، ديك تشيني، وعدد آخر من المسؤولين التنفيذيين، وكان تشيني، الذي شغل منصب الرئيس التنفيذي لهاليبيرتون خلال عقد التسعينيات من القرن العشرين، وتسعة مسؤولين آخرين، قد اتهموا بالتآمر و"إرسال هدايا إرضاء لمسؤولين حكوميين"، وذلك في القضية التي تورطت بها كل من الشركة الأمريكية، وأخرى تابعة لها، وهي (كيلوغ براون آند رووت)، واتهم مسؤولون نيجيريون الشركة بدفع رشى من أجل تأمين عقود تصل قيمتها إلى 6 مليارات دولار في مشروع لتسييل الغاز الطبيعي في دلتا النيجر. بحسب السي ان ان.

وبموجب التسوية، تتوقف الملاحقات القضائية لشركتي هاليبيرتون وKBR والشخصيات المعنية، ووافق المسؤولون النيجيريون بالمقابل على عدم توجيه أي اتهامات جنائية أو مدنية مستقبلاً بحق الشركتين والمسؤولين السابقين فيه، ويتضمن مبلغ التسوية البالغ 35 مليون دولار، 2.5 مليون دولار كرسوم قانونية ونفقات قضائية للحكومة النيجيرية، هذا ولم يصدر أي تعليق عن المسؤولين النيجيريين حول هذه التسوية، كذلك وافقت هاليبيرتون على مساعدة نيجيريا في استعادة الأموال من أحد الحسابات في مصرف سويسري لأحد العملاء السابقين في شركة       (TSKJ) النيجيرية، ويقول مسؤولون نيجيريون إنه تم اختلاس مبالغ وصلت إلى 130 مليون دولار، جرى تهريبها إلى سويسر، وقدرت قيمة الرشى التي دفعت بين عامي 1994 و2004 بحوالي 180 مليون دولار، غير أن مبلغ التسوية يقل كثيراً عن التسوية التي طالبت بها لجنة الجرائم الاقتصادية والمالية النيجيرية، والتي بلغت 120 مليون دولار، وقال محامي الدفاع عن تشيني، الذي غادر منصبه في العام 2009، أنه لا يوجد أي سبب للاشتباه باحتمال إدانة نائب الرئيس الأمريكي السابق أو ارتكابه أي أخطاء.

الى ذلك افادت مصادر مطلعة ان احزابا فرنسية قد تكون استفادت من نحو ثلاثين مليون يورو حولها الرئيس الغابوني الراحل عمر بونغو لحسابه من بنك (دول) وسط افريقيا، حسب برقيات دبلوماسية اميركية سربها موقع ويكيليكس، واوضحت ان موظفا كبيرا في البنك المذكور بعث الخبر الى دبلوماسي في السفارة الاميركية في الكاميرون بعد اربعة ايام من وفاة عمر بونغو في حزيران/يونيو 2009، واضاف المصدر ان "القادة الغابونيين استفادوا من الاموال المحولة لتحقيق ثرائهم الشخصي وامتثالا لتعليمات بونغو سلموا جزءا منها الى احزاب سياسية فرنسية بما فيها دعم للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي".

واضاف المصدر ان الاموال على ما يبدو كانت لفائدة "الطرفين (اليمين واليسار)، وخصوصا اليمين ولا سيما (الرئيس السابق جاك) شيراك وكذلك ساركوزي" وان "بونغو كان الرئيس الافريقي المفضل لدى فرنسا"، ويجمع بنك (دول) وسط افريقيا احتياطي الدول الاعضاء في المجموعة الاقتصادية والنقدية لدول وسط افريقيا الغابون والكاميرون (حيث مقره) وجمهورية الكونغو وجمهورية افريقيا الوسطى وتشاد وغينيا الاستوائية، وافادت البرقية بتاريخ تموز/يوليو 2009 ان حاكم البنك، الغابوني فيليب اندزمبي اودع سرا 500 مليون يورو في استثمار عالي المخاطر في المصرف الفرنسي سوسييتي جنرال، واكد الموظف انه بعد نشر خبر هذا التحويل غير المرخص له، اجري تحقيق في بنك دول وسط افريقيا "افاد عن احتيال اكبر واكثر جراة تقف وراءه شخصيات غابونية رسمية". بحسب فرانس برس.

واضاف ان "التحقيق الداخلي اثبت انه تم تحويل 36 مليون دولار (حوالى 29 مليون يورو) عبر صكوك الى مسؤولين كبار في الغابون"، وافادت الوثيقة ان حكام الغابون "بمن فيهم الرئيس الراحل عمر بونغو وابنه علي وزير الدفاع والمرشح الى الرئاسة (الذي انتخب من حينها رئيسا للبلاد) استفادوا من تحويل تلك الاموال"، وختمت السفيرة الاميركية في الكاميرون جانيت غارفي البرقية بقولها ان "هذه السفارة لا تستطيع التحقق من صحة الاتهام القائل بان رجالا سياسيين فرنسيين استفادوا من تحويل اموال".

والى الفساد في كيني، حيث قال محامي وزير التصنيع الكيني هنري كوسجي ان الوزير استقال من منصبه بعد يوم من مطالبة لجنة مكافحة الفساد في البلاد بالقبض عليه لاساءته استغلال منصبه، واستجوبت لجنة مكافحة الفساد الكينية كوسجي في نوفمبر تشرين الثاني الماضي بشأن استيراد سيارات مستعملة، وقال جوليوس كيمبوي محامي الوزير "نعم صحيح ان موكلي استقال"، يذكر ان كوسجي ثاني وزير يستقيل في الاشهر الاخيرة بسبب اتهامات فساد، واعلنت المحكمة الجنائية الدولية اسم كوسجي ضمن ستة وصفتهم بالعقل المدبر لاعمال العنف التي اجتاحت كينيا عقب انتخابات اثارت جدل، وارغم البرلمان وزير الخارجية موسى ويتانجولا على الاستقالة بسبب فساد في عمليات شراء ارض للسفارات الكينية في الخارج. بحسب رويترز.

وكان باتريك لومومبا رئيس اللجنة الذي وعد بملاحقة "شخصيات مهمة" قد ذكر انه سيجري القاء القبض على كوسجي في غضون 24 ساعة، ولم يسبق ادانه اي وزير بالفساد في كيني، وقد وتولي الرئيس مواي كيباكي السلطة في عام 2002 ودعا برنامجه الانتخابي لمكافحة الفساد ولكن سجله في مكافحة الفساد لم يترك انطباعا قويا لدى منتقديه كما حفلت وسائل الاعلام الكينية بفضائح الفساد، وقد اكد رئيس جهاز مكافحة الكسب غير المشروع في كينيا بلو لومومبا، إنه لا يمكن معاملة المسؤولين الكبار في البلاد على أنهم "أبقار مقدسة" إذا كانت الحكومة عازمة على اقتلاع جذور الفساد.

ودعا لومومبا إلى وضع حد للإفلات من العقاب على الفساد على مستوى عال، وقال "المشكلة التي كانت لدينا في هذا البلد هي الإفلات من العقاب، فقد كان لدينا نظام قضائي كان لسنوات عدة يقدس بعض الأشخاص"، رغم أن كينيا، هي أكبر اقتصاد في شرق أفريقيا، وتعد طريقا تجاريا رئيسيا لبقية القارة، إلا أنها ابتليت بالفساد الذي تخلل كل مستويات المجتمع، ووفقا لمجموعة الشفافية الدولية فإن كينيا تقبع في آخر القائمة من حيث الدول الأكثر فسادا، تتبعها 19 دولة فقط، وقال لومومبا إن الفساد مصدر قلق للجميع، مضيفا "أعتقد أن هناك إجماعا في الحكومة وخارجها، بأن الحالة الصحية على المدى الطويل لبلدنا تتطلب منا التصدي لقضية الفساد بكل حزم"، وأضاف "نحن كمؤسسة نرى أن الحل في القضاء على الفساد المتجذر في المجتمع يتأتى عن طريق التعليم، والوقاية، والحزم، وهي عوامل من شانها أن تقودنا في الاتجاه الصحيح، فنحن لا نستطيع تحمل كلفة التفاؤل"، واعترف لومومبا أن القضاء على الفساد في كينيا غاية في الصعوبة، لكنه قال إنه ليس مستحيلا، وتابع " يجب أن نعترف أنه لا يمكنك أن تكلف شرطيا ليلاحق الفرد الذي يزور المستشفى، والشاب الذي يذهب إلى المدرسة، ورجل الأعمال الذي يسعى للحصول على تصريح، وهؤلاء كلهم يدفعون أموالا غير شرعية للحصول على تلك الخدمات". بحسب السي ان ان.

اسرائيليون يتلقون رشاوي

من جهة اخرى أظهرت برقية دبلوماسية أمريكية ان موزعين أمريكيين اتهموا اسرائيل في عام 2006 بفرض رسوم باهظة للسماح بدخول بضائعهم الى قطاع غزة وان جنرالا اسرائيليا اعترف بوجود فساد في معبر حدودي كبير، واوضحت البرقية التي حصل عليها موقع ويكيليكس، ان الاغلاق المتكرر لمعبر المنطار (كارني) "فاقم من مشكلة دخول (البضائع) وفرض على الارجح زيادة حجم الرشاوي" التي دفعت للاسرائيليين، وجاء الاغلاق قبيل الاستيلاء المسلح لحركة المقاومة الاسلامية (حماس) على قطاع غزه الذي يقطنه 1.5 مليون فلسطيني، واستندت اسرائيل الى تهديدات حماس لتبرير حصار مثير للجدل فرضته على غزة.

وجاء في البرقية التي صنفها السفير الامريكي لدى اسرائيل انذاك ريتشارد جونز على انها "سرية" انه "اعتبارا من اواخر مايو انتظرت 34 شحنة بضائع أمريكية تعادل قيمتها 19 مليون دولار أمريكي تقريبا لمدة ثلاثة او اربعة شهور للعبور الى غزة"، وأضافت "يؤكد الموزعون الامريكيون انه طلب منهم دفع (رسوم خاصة) تعادل 75 مرة تقريبا الرسوم التي يحددها مسؤولو الحكومة الاسرائيلية"، ونقلت البرقية عن موزعين لعدة شركات أمريكية شكواهم من انه كان يطلب منهم دفع اموال للسماح بمرور شاحناتهم الى "نقطة قريبة من أول ما يسمى (الطابور الاسرائيلي") الذي يتقدم بشكل اسرع لمساعدة الاسرائيليين الذين يقومون بتوصيل امدادات للفلسطينيين.

وقالت البرقية "طبقا لاتصالات تجارية فان الاتهامات بحدوث فساد في المنطار لها تاريخ طويل"، وقالت ان يوسف ميشليف الجنرال المسؤول عن وحدة الاتصال بين اسرائيل والفلسطينيين انذاك "اعترف بالمشكلة (وبأن الفساد) كان السبب الرئيسي في وجود الشحنات المتراكمة التي كانت تنتظر العبور الى غزة من معبر المنطار"، ورفضت وحدة الاتصال التعليق على البرقية، ونفت سلطة المطارات الاسرائيلية التي استشهدت بها البرقية على انها المسؤولة بشكل كامل عن المنطار ارتكاب اي اخطاء. بحسب رويترز.

وقال مسؤول بالسلطة فضل عدم الكشف عن هويته "جرى تحقيق وقتها ولم توجه اي اتهامات ضد اي مسؤولين بالسلطة، هذه المشكلة قد تكون مرتبطة بسائقي الشاحنات في (معبر) المنطار"، وقال المسؤول ان المعبر يخضع حاليا لسيطرة الجيش الاسرائيلي بسبب المخاطر المتزايدة من تعرضه لهجوم فلسطيني، وتقول البرقية الدبلوماسية الامريكية بأن العاملين في معبر المنطار واجهوا اتهامات بتلقي رشاوي خلال اجتماع عقد في 26 مايو ايار 2006 حضره مسؤولون بالسفارة.

افة الفساد تصيب الجميع

حيث ان أكبر ضابط مسؤول في جمارك اسطنبول وثلاثة ضباط اخرين وضعوا في السجن انتظارا لمحاكمتهم عن تهم بالرشوة في تحقيق فساد كبير، وقالت الوكالة الحكومية ان 41 اخرين استجوبتهم الشرطة في اطار التحقيق في قضية كسب غير مشروع في سلطة الجمارك يواجهون ايضا المحاكمة ولكن اطلق سراحهم الى حين تحديد موعد لذلك، ويشكو الاتراك دائما من الفساد وتعهدت حكومة رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان بالقضاء عليه، ويقول ساسة معارضون ان الفساد تفشى في السنوات الثماني الماضية منذ تولي حزب العدالة والتنمية بزعامة اردوغان السلطة برغم ان الاتهامات نفسها اثيرت ضد حكومات سابقة. بحسب رويترز.

ونقل لطفي ايكنجي رئيس ادارة جمارك اسطنبول ورئيس جمارك مطار اتاتورك وهو المطار الرئيسي في اسطنبول ومسؤولون اخرون الى سجن في المدينة، حيث وجهت اليهم تهم تقديم وتلقي رشاوى وانتهاك قانون للتهريب، ورفض مسؤولو المحكمة في اسطنبول التعليق على التقرير، وتقول تقارير الاعلام ان الشرطة كانت تراقب الجمارك منذ ستة اشهر وتشتبه في ان المسؤولين تلقوا رشاوى مالية من شركات لمساعدتها في تجنب دفع الضريبة.

في حين حكم على ضابط برتبة كابتن في مشاة البحرية الاميركية (المارينز) بالسجن ست سنوات لادانته باختلاس حوالى 1،7 مليون دولار بالتعاون مع زوجته من عقود شراء مواد تموينية للقوات الاميركية في العراق، وقال مصدر قضائي اميركي ان اريك شميت (40 عاما) الذي ما زال يخدم في الفرقة الاولى للمارينز في كامب بندلتن في كاليفورنيا، اعترف بالاحتيال وبتقديم معلومات خاطئة الى مصلحة الضرائب ليخفي دخلا غير قانوني، كما اعترفت زوجته جانيت بمخالفة قانون الضرائب لامتناعها عن اعلان الدخل الذي تلقته من العقود غير القانونية. وقد يحكم عليها بالسجن ثلاث سنوات. بحسب فرانس برس.

وورد في وثائق المحكمة ان الضابط البالغ من العمر اربعين عاما تولى ادارة عقود لشركة عراقية خلال تمركزه في العراق لمدة سنة في 2008، وبعد منح العقد للشركة، استخدمت جانيت الاموال التي دفعتها الشركة لشراء مواد بكميات اقل او نوعية ادنى مما ينص عليه العقد وسلمتها الى المارينز في العراق، وشهد زوجها زورا ان الشركة العراقية قدمت المواد بالكمية والنوعية المدرجتين في العقد، وفي جلسة النطق بالحكم، قالت القاضية فرجينيا فيليبس ان شميث وزوجته تسببا ايضا بحصول العسكريين على كمية اقل من مواد الاسعاف الاولي واجهزة كشف العبوات الناسفة، واضافت ان الزوجين تسببا لوزارة الدفاع بخسارة 1،69 مليون دولار ولمصلحة الضرائب بخسارة تقارب 460 الف دولار، وقد حكم عليهما بدفع المبلغين كاملين.

وخلال التحقيقات، صادرت السلطات من شميت وزوجته عقارين في كاليفورنيا وسيارتين فخمتين وحوالى اربعين الف دولار نقد، وقال المفتش العام لاعادة اعمار العراق ستيوارت باون ان الزوجين "تخربا من دفع الضرائب وخدعا الشعب العراقي وخانا الثقة التي منحت لهما"، واضاف انهما "سيدفعان الآن ثمن عملهما الاجرامي"، وقال كريس هندريكسن الوكيل الخاص المكلف مكتب التحقيقات الجنائية في وزارة الدفاعية ان هذا الاحتيال نموذج للفساد الذي كان له تأثير مباشر على القدرات العسكرية للمارينز في العراق.

الى ذلك جلس شرطي سير روسي قبض عليه بالجرم المشهود وهو يتلقى رشوة في سيارته وراح يبتلع الاوراق النقدية بحوزته بعدما مزقها على ما ذكرت لجنة التحقيقات المكلفة هذه القضية، وجرى الحادث في التاسع من اذار/مارس في بلدة بتيتشتيفو في منطقة ساراتوف (720 كيلومترا جنوب شرق موسكو)، وكان مفتش السير زاخاروف ضرب موعدا لرجل واعدا اياه باعادة رخصة قيادة السيارة الخاصة به اليه مقابل مبلغ 15 الف روبل (375 يورو)، وكان قد سحبها منه اثر مخالفة مرور. بحسب فرانس برس.

الا ان مفتشين في اطار مكافحة الفساد كانوا يراقبونه، وبعدما ادرك ذلك "صعد الى سيارته واقفل الابواب ومزق الاوراق النقدية واكلها" على ما اوضحت لجنة التحقيق، وهو يخضع حاليا للتحقيق بتهمة الفساد وهي جنحة يواجه من خلالها احتمال الحكم عليه بالسجن سبع سنوات، وينتشر الفساد بشكل كبير في روسيا لاسيما في صفوف الشرطة، وجعل الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف من مكافحة الفساد احدى اولويات حكمه منذ انتخابه رئيسا في العام 2008، الا انه اسف لقلة النتائج المسجلة في هذا المجال واعلن تشديد التشريعات في هذا المجال، فثلث عمليات الفساد في روسيا يرتكبها عناصر في الشرطة على ما تظهر الارقام الرسمية.

كما القي القبض على نور الله ديلاوري المستشار الاقتصادي الرئيسي للرئيس الافغاني حميد كرزاي والحاكم السابق للمصرف المركزي في كابول لاتهامه باختلاس اموال عامة ،كما اعلن مدعي عام افغانستان امان الله ايمان، وقال امان ان "ديلاوري اوقف في منزله في كابول على اساس اتهامات باختلاس اموال وفساد"، وذكر مصدر قضائي طلب عدم كشف هويته ان ديلاوري متهم باختلاس 300 الف دولار عندما كان على رأس البنك المركزي الافغاني، وقال الناطق باسم الرئاسة الافغانية سياماك هراوي لوكالة فرانس برس ان ديلاوري هو مستشار للرئيس الافغاني لكن اكد عدم علمه بتوقيفه.

وكان وزير النقل السابق عناية الله قاسمي اوقف ايضاً ووضع في الحبس الاحتياطي بامر من النيابة العامة التي تتهمه باستغلال السلطة وسوء ادارة اموال عامة، وهو متهم بتوقيع عقد لشراء طائرتي بوينغ 757 لشركة الطيران الوطنية اريانا، "من جانب واحد"، وكبد هذا العقد الحكومة الافغانية خسارة تبلغ تسعة ملايين دولار ودفع الاتحاد الاوروبي الى منع تحليقها فوق الاراضي الافغانية، واكد المصدر القضائي ان احد التهم الموجهة لديلاوري ترتبط بقضية قاسمي، وعمل ديلاوري في مصارف الولايات المتحدة وعاد الى افغانستان في 2002، بعد سقوط نظام طالبان، ليؤسس ويدير وكالة دعم الاستثمارات الهيئة الاقتصادية الحكومية، قبل ان يصبح حاكما للبنك المركزي من تشرين الثاني/نوفمبر 2004 الى كانون الاول/ديسمبر 2007، وهو ما زال عضوا في المجلس الاعلى للبنك المركزي ورئيسا لهيئة دعم الاستثمار، وديلاوري وقاسمي هم ارفع مسؤولين او مسؤولين سابقين يتم توقيفهما بتهمة الاختلاس منذ سقوط نظام طالبان في نهاية 2001. بحسب فرانس برس.

والى بريطانيا حيث كشفت وثائق دبلوماسية أمريكية سرية نشرها موقع ويكيليكس أن مصرفياً بريطانياً أدى دور الوسيط في واحدة من أسوأ فضائح الفساد الأخيرة في الولايات المتحدة، وتم خلالها دفع رِشا ضخمة لمسؤولي النفط في كازاخستان مقابل الحصول على عقد قيمته 219 مليون دولار، ونقل عن الوثائق إن المصرفي وتاجر السلع الأساسية البريطاني روبرت كيسين كان الوسيط الرئيسي الذي سلّم دفعات نقدية سرية قيمتها 4 ملايين دولار، أي ما يعادل 5 .2 مليون جنيه استرليني، كما أن هذه الأموال تم نقلها عبر حساب مصرفي في مصرف باركليز في العاصمة البريطانية لندن باسم فرع تابع لشركة شل في الخارج مسجل بجزيرة مان البريطانية، حيث يسهل إخفاء الملكيات الحقيقية بهدف مساعدة شركة بيكر هيوز النفطية، ومقرها تكساس، على تقديم دفعات مالية “فاسدة” لمسؤولي شركة النفط المملوكة من قبل حكومة كازاخستان مقابل منحها عقداً قيمته 219 مليون دولار .

إن شركة بيكر هيوز دفعت غرامات مقدارها 44 مليون دولار إلى السلطات الأمريكية بموجب قانون الممارسات الأجنبية الفاسدة، بعد الكشف عن فضيحة الفساد، ونسب إلى كيسين مالك شركة لويس وبايت للنفط والغاز في لندن قوله “وظفتني شركة بيكر هيوز وشاركت في نشاطاتها في كازاخستان، لكن القصة قديمة وهناك عدد من الأخطاء في فصولها، ولا أريد أن أمضي أبعد من ذلك.

الفساد وتنظيم المونديال

حيث أكد رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" أن المال لم يكن له أي دور في قرار منح قطر وروسيا حق استضافة كأس العالم عامي 2022 و2018 على الترتيب، وقال "سيب بلاتر" في مؤتمر صحفي أقيم بجنوب إفريقيا "إن الهدف من منح قطر وروسيا استضافة كأس العالم هو نشر اللعبة حول العالم وليس لأسباب مادية"، وأضاف "يجب أن نذهب إلى أماكن جديدة، لا تتحدثوا عن المال، هذا الأمر لا يتعلق بالمال"، وسبق لبلاتر أن رفض ادعاءات بوجود فساد في الفيفا بعد انتقادات من وسائل إعلام أمريكية وبريطانية، ووصف فريق انجلترا المسؤول عن الملف بأنه "خاسر لا يتمتع بروح رياضية".

يذكر ان قطر ستكون أول دولة في الشرق الأوسط والعالم العربي تستضيف البطولة، كما ستكون أصغر دولة من حيث الحجم تنال هذا الشرف، بينما ستكون كأس العالم 2018 أول بطولة تقام في أوروبا الشرقية بعد إقامة النهائيات عشر مرات في النصف الغربي من القارة، ورداً على سؤال بشأن قلق البعض من حضور كأس العالم في قطر، قال بلاتر مؤكداً أن الفيفا لن يتسامح مع أي شكل من التمييز، وأنه متأكد أن بوسع الجميع الحضور والاستمتاع بإقامة كأس العالم في قطر.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 10/نيسان/2011 - 6/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م