
شبكة النبأ: لا تزال قوات المعارضة
الليبية في خضم حرب حامية الوطيس مع كتائب ومرتزقة القذافي على الرغم
من التدخل الدولي المساند لها مؤخرا، وبين كر وفر تستمر حرب المدن بين
الاطراف المتقاتلة دون هوادة مما كلف الجميع خسائر فادحة دون تغيير
يذكر.
فيما تصاغ في بعض البلدان خطط سلمية لوقف الحرب تضمن في الوقت ذاته
تنحي القذافي عن السلطة، بعد ان استعصى خلعه عسكريا، وتجهد الدول
الاوربية التي وجدت نفسها في مأزق سياسي وعسكري واخلاقي ايضا، في ايجاد
حلا يرضي جميع الاطراف، مهما كانت التضحيات حسب ما ينقل المتابعون
للشأن الليبي.
مئات المرتزقة من بيلاروسيا
في سياق متصل كشفت صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الروسية، أن مئات
المرتزقة من بيلاروسيا يساعدون نظام الزعيم الليبي معمر القذافي على
مواجهة ضربات حلف شمال الأطلسي، وهو ما سارعت السلطات البيلاروسية الى
نفيه نفياً قاطعاً.
ونقلت الصحيفة الشعبية عن مصادر في رئاسة الاركان البيلاروسية، ان
جميع هؤلاء العسكريين، وهم بأغلبيتهم عناصر سابقون في الوحدة 334 لقوات
النخبة البيلاروسية، ابرموا عقودا فردية، وهم يتقاضون أجورا من النظام
الليبي.
ويعنى بعض من هؤلاء المرتزقة بصيانة المعدات العسكرية، ومنهم
مستشارون ومدربون ومندوبون عن الاستخبارات العسكرية البيلاروسية، كما
اضافت المصادر، والقسم الاكبر من العتاد العسكري الليبي روسي وسوفييتي
الصنع، لذلك يجيد العسكريون البيلاروس تشغيله. وقال احد هؤلاء المرتزقة،
الذي اتصلت به الصحيفة، ان راتبه يبلغ 3000 دولار شهرياً، واكد وجود
مئات الجنود البيلاروس في ليبيا.
وأضاف ان هؤلاء الاشخاص لا يشاركون في المعارك، لكنهم موجودون على
خط الجبهة، مضيفا ان العديد منهم قاتلوا في افغانستان إبان الحقبة
السوفييتية، او كانوا ينتمون الى قوات النخبة البيلاروسية.
ولم ينف الملحق العسكري البيلاروسي في طرابلس ايغور كاتشوغين وجود
عسكريين بيلاروس في ليبيا، لكنه اكد انهم لم يرسلوا من قبل الدولة.
وقال كاتشوغين للصحيفة، إن «بيلاروسيا لم ترسل الى ليبيا خبراء عسكريين،
من الممكن ان يكون افراد ابرموا عقوداً كأطباء أو اختصاصيين نفطيين،
وربما عسكريين».
وأضاف «انها عقود خاصة لا علاقة لها بالدولة، ليس لدينا معطيات
محددة حول هذه العقود». ونفت وزارتا الدفاع والخارجية في بيلاروسيا
نفياً قاطعاً وجود عسكريين بيلاروس في ليبيا. ووصف المتحدث باسم وزارة
الدفاع في مينسك فلاديمير ماركوف اقوال الصحيفة الروسية بأنها «استفزاز».
وقال «هذه الانباء استفزازية ولا علاقة لها بالواقع». من جهته اعلن
المتحدث باسم الخارجية البيلاروسية اندريه سافينيخ، انه «ليس هناك ولا
يمكن ان يكون هناك خبراء عسكريون بيلاروس في ليبيا. ومن السذاجة
الاعتقاد بان الامر عكس ذلك». وقال ان نشر هذه المعلومات «تحرك جديد
لنسف صدقية بيلاروسيا». وقال مسؤول في برنامج مراقبة تهريب الاسلحة في
المعهد الدولي للبحث عن السلام في ستوكهولم، ان عمليات سرقة يشتبه في
أنها مرتبطة بتهريب اسلحة بين بيلاروسيا وليبيا سجلت في فبراير الماضي.
الامال تتضاءل
من جهتها قالت المعارضة المسلحة في ليبيا انها صدت هجوما للقوات
الحكومية على مدينة مصراتة المحاصرة لكن الامال تضاءلت في نجاح العمل
العسكري في الاطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي. واقر قادة حلف شمال
الاطلسي بالقيود المفروضة على الضربات الجوية التي يشنها الحلف والتي
لم تؤد الا الى جمود عسكري فيما يتوقع المحللون حربا طويلة قد تنتهي
بتقسيم ليبيا. وأعرب مسؤولون بحلف شمال الاطلسي عن استيائهم من لجوء
القذافي الى خطط تتضمن اختباء قواته في مناطق مدنية وهو ما ضيق من أثر
التفوق الجوي كما اعتذروا عن حادث "النيران الصديقة" الذي وقع يوم
الخميس الذي قالت المعارضة ان خمسة من مقاتليها راحوا ضحيته.
وما زالت مدينة مصراتة اخر معاقل المعارضة المسلحة في الغرب الليبي
محاصرة منذ اسابيع. وقالت قوات المعارضة انها صدت هجوما على الجانب
الشرقي من المدينة بعد معارك شوارع عنيفة. وقال حسن المصراتي المتحدث
باسم المعارضة انه جرى التصدي للهجوم من ناحية الشرق وان القوات
الحكومية الموالية للقذافي دحرت. بحسب رويترز.
ويدور القتال في الجبهة الوحيدة النشطة على طول الساحل الليبي على
البحر المتوسط في بلدتي البريقة واجدابيا فقط مع اتجاه الموقف العسكري
الى الجمود حيث يحقق كل طرف تقدما ما يلبث ان يتراجع عنه الى وراء
خطوطه الامنة.
وفرت قوات المعارضة في المنطقة الغربية من اجدابيا امام القصف
المدفعي لقوات القذافي لكن ليست هناك اي مؤشرات على تقدم القوات
الحكومية. وقال احمد اقناشي وهو طبيب بمستشفى باجدابيا ان نحو ستة من
قوات المعارضة اصيبوا في مناوشات على بعد 20 كيلومترا ناحية الغرب.
وقال الجنرال كارتر هام رئيس قيادة القوات الامريكية في افريقيا ان
الصراع دخل حيز الجمود ومن غير المحتمل أن تتمكن المعارضة المسلحة من
الزحف نحو طرابلس. وتبخرت الامال بأن تساعد الضربات الجوية التي يشنها
حلف الاطلسي على قوات القذافي المعارضة في زحفها مع تركيز القادة
الغربيين الان على التوصل الى حل سياسي.
واتخذ الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فو راسموسن موقفا
مشابها لموقف هام وقال لقناة الجزيرة "لا يوجد حل عسكري يكفي وحده.
نحتاج الى حل سياسي."
قيادة لها كاريزما
وبعد مرور قرابة شهرين على بدء صراعهم للاطاحة بالزعيم معمر القذافي
يفتقر المعارضون الليبيون الى قائد سياسي او عسكري صاحب كاريزما يستطيع
التعبير عن قضيتهم ولعب دور الزعيم الشعبي. وأنشأت الحركة الثورية
المجلس الوطني الانتقالي الذي يرأسه مصطفى عبد الجليل و "لجنة أزمة"
يقودها محمود جبريل. لكنهما والمسؤولين الاخرين لا يكثرون من الظهور
ونادرا ما يتحدثون الى وسائل الاعلام ناهيك عن الخروج الى الشوارع
للاندماج مع الناس الذين يطالبون يوميا برحيل القذافي.
وليس هناك من يشبه فيدل كاسترو العقل المدبر للثورة الكوبية او حتى
كورازون اكينو التي كانت رمز الثورة الشعبية الفلبينية عام 1986 رغم
افتقارها للخبرة السياسية. وكان اول ظهور لمسؤول كبير امام وسائل
الاعلام بعد أسابيع لرجل ارتبط بالقذافي عن كثب لسنوات وهو وزير
الداخلية السابق عبد الفتاح يونس.
انضم يونس الى المعارضة المسلحة ويقود قواتها الان. وعقد يونس
مؤتمرا صحفيا انتقد فيه حلف شمال الاطلسي بشدة لما اعتبره أداء متراخيا
في قصف قوات القذافي رغم أنه من شبه المؤكد أن الانتفاضة كانت ستسحق
تماما لولا هذا الدعم. ولم يقدم تقييما ملموسا عن حالة الحرب ومدى
واقعية حلم السيطرة على طرابلس. ولا يتردد كثيرا اسم رئيس لجنة الازمة
جبريل وهو رجل دمث الخلق.
ويقول بعض مقاتلي المعارضة ان عدم ظهور زعيم محدد ليست مشكلة ويظهر
السمة الشعبية للانتفاضة. قال طالب عمره 19 عاما كان يشارك في تجمع
حاشد في بنغازي مهد الثورة "لا يوجد من يقودنا. الشعب يقود هذه الثورة.
انها في أيدي الشعب."
ولدى سؤاله عمن يظن أنه يقود الحركة أجاب "أعتقد أنه مصطفى عبد
الجليل. نحتاج هذا من أجل العالم الخارجي."
وقال محمد المسماري (26 عاما) وهو مهندس ان الشعب الليبي هو الذي
يقود الانتفاضة. وأضاف "مصطفى ليس قائدنا. لكننا بحاجة الى قائد لتنظيم
الجيش على الخط الامامي."
وقال مسؤولون من المعارضة المسلحة ان عدم وجود قيادة واضحة ليس
بالضرورة مسألة سلبية.
وقال جلال الجلال عضو اللجنة الاعلامية بالمجلس الوطني الانتقالي ان
هذه انتفاضة شعبية ضد شر بالغ وان زعماءها سيظهرون بعد تحقيق هدف
المعارضة. ومضى يقول انه يجب الا يركز الغرب على أصحاب الاغراض
الدعائية لان الكثير من قيادات المعارضة يقتصر اهتمامها على الاطاحة
بالقذافي.
وغيرت القيادة مركز عملياتها الرئيسي من محكمة متهالكة تطل على
البحر في بنغازي وتعلوها لافتات وملصقات مناهضة للقذافي الى فندق
الفضيل المنعزل. هناك يستقبلون مبعوثين من الخارج يحرصون على أن يعرفوا
من يكون أعضاء المعارضة المسلحة بالفعل. واجتمع مبعوث الولايات المتحدة
كريس ستيفنز بأعضاء المجلس هناك. بحسب رويترز.
وقال عبد الحفيظ غوقة العضو البارز بالمجلس في مؤتمر صحفي ان هذه
الدول تريد ان تعرف المزيد عن المجلس مع رغبته في اعترافها به وأضاف أن
المناقشات دارت حول أعضاء المجلس وطبيعتهم. وكل من مصطفى عبد الجليل
ومحمود جبريل كان من رجال القذافي سابقا.
فعبد الجليل كان وزيرا للعدل لكنه استقال في فبراير شباط بسبب ما
اعتبره استخدام مفرط للعنف ضد المحتجين في بنغازي عند بداية الانتفاضة.
وكان في بعض الاحيان يميل الى التفاوض مع طرابلس وهي الفكرة التي رفضها
مسؤولون اخرون. أما جبريل فقضى معظم حياته العملية في الخارج. وكان
رئيسا لمؤسسة بحثية اقتصادية حكومية ليبية لكنه استقال بعد أن رفض
القذافي اقتراحه بتحرير الاقتصاد. وهو يقود حاليا الجهود الدبلوماسية
للمعارضة. ومعظم المسؤولين الاخرين رجال أعمال ومحامون وبعضهم متخصصون
درسوا في الولايات المتحدة او بريطانيا. وتزخر صفوف المعارضة المسلحة
وأنصارها بالطلاب والكثير من العاطلين. ويؤكد مسؤولون أن الثورة كانت
عفوية وغير مخططة وأن الهياكل والاستراتيجيات نشأت من نقطة الصفر.
وحظر القذافي كل اشكال التنظيمات السياسية او الاحتجاجات لهذا يقول
معارضون ان المسائل التنظيمية الاساسية مثل تدفق المعلومات التي يمكن
الاعتماد عليها تمثل مشكلة وذلك في معرض تفسيرهم للفوضى التي تحدث في
العمليات اليومية.
وتأمل الحركة في ليبيا جديدة تتمتع بدستور جديد وانتخابات وسيادة
القانون في مجتمع علماني رأسمالي موال للغرب. كما تأمل أن تستغل الثروة
النفطية التي لم تكن الجماهير تشعر بها في اعادة بناء البلاد.
ويشير عدم الحسم المتكرر بشأن اختيار المسؤولين الى توترات داخل
المجلس بين من يريدون الانتقال بسرعة الى تشكيل حكومة قوية وبين من
يعتقدون أنها لن تكون لها شرعية مادامت ليبيا منقسمة. ويقلل مسؤولون من
شأن الحديث عن الخلافات السياسية.
وقال الجلال ان هناك بعض الخلافات لكن هذا طبيعي وأضاف أن الجميع من
حيث المبدأ يسيرون في نفس الاتجاه. وتابع قائلا ان المعارضة المسلحة
تخوض حربا وتتفاوض على نظام وتحاول تسيير الامور على المستوى اليومي.
وظهر خلاف بشأن قيادة القوات المسلحة.
في البداية عين يونس قائدا لها ثم في 24 مارس اذار قيل ان خليفة
حفتر الضابط السابق في قوات القذافي الذي عاش في الولايات المتحدة
سنوات طويلة هو المسؤول عن قوات المعارضة.
بعد ذلك بأسبوع خرج حفتر من الصورة وأعلن أن يونس يقود العمليات
الميدانية. وحين سئل يونس عن مصير حفتر قال انه زميله وصديقه وليس له
منصب رسمي وان كان هناك مكان لكل من يساعد في تعزيز الثورة.
الخسائر بين المدنيين
من جهة اخرى أظهرت تقارير عن سقوط ضحايا من المدنيين في ليبيا
الحدود التي تقف عندها قدرة حلف شمال الاطلسي على تكثيف مشاركته
العسكرية لكسر المأزق الراهن بين المعارضة المسلحة والقوات الموالية
للزعيم الليبي معمر القذافي. ويواجه الحلف الذي تسلم قيادة حملة عسكرية
غربية ضد القذافي من تحالف قادته الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا
ضغوطا متزايدة لمعالجة شكاوى المعارضة المسلحة من انه لا يقدم المساعدة
الكافية لهم.
وساعدت قوة نيرانه في الحفاظ على التوازن في ليبيا حتى الان ومنعت
قوات القذافي من اجتياح انتفاضة مستمرة منذ سبعة أسابيع بدأت في مدينة
بنغازي الساحلية. ويقول خبراء عسكريون انه لامالة الميزان لصالح
الانتفاضة قد يضطر حلف شمال الاطلسي الى زيادة كبيرة لوجوده في ليبيا.
لكنهم يقولون ان العواقب السياسية على الحكومات المشاركة من زيادة
محتملة في عدد الضحايا -اما بين المدنيين او القوات الغربية- والمترتبة
على تغير في التكتيكات العسكرية قد تثبط الهمم في الوقت الراهن. وقالت
المعارضة المسلحة ان هجمات جوية لحلف شمال الاطلسي قتلت أكثر من عشرة
اشخاص من مقاتلي المعارضة في البريقة وواجهت قوات التحالف اتهامات يوم
الخميس بالتسبب في مقتل خمسة اخرين في المنطقة.
وقال شاشانك جوشي من معهد رويال يونايتد سرفيسيز وهو مؤسسة بحثية
عسكرية بريطانية "تصعيد الضغوط العسكرية لن يحدث نظرا للتكلفة. "سنرى
فقط توسعا كبيرا في تكتيكات (جديدة) اذا حدث نوع من الاخفاق الكبير -على
سبيل المثال تراجع المعارضة المسلحة الى ضواحي بنغازي- ولكن هذا لن
يحدث بسبب التوازن العسكري."
وسلط جنرال امريكي بارز الضوء على التحديات قائلا أن احتمال حدوث
حالة جمود أعلى الان بعد تولي الحلف لقيادة العمليات في ليبيا. ولكن
الجنرال كارتر هام الذي قاد الحملة الجوية للتحالف قبل تسليم القيادة
لحلف الاطلسي قال ان واشنطن يجب الا تسلح المعارضة دون معرفة المزيد
عنهم.
ويمثل تسليح المعارضة احد الخيارات التي يراها خبراء عسكريون حلا
للمأزق. ولكن هناك تحولات أخرى محتملة في الحملة التي تركز الان على
الضربات الجوية وتطبيق فرض حظر الطيران بتفويض من الامم المتحدة من أجل
حماية المدنيين.
وقال ماركو بابيتش من مؤسسة ستراتفور لاستشارات المخاطر السياسية "لكسر
الجمود لا يمكن أن يحدث ما هو أقل من الغزو ولكن هذا لن يحدث." وقال
بابيتش ان فرنسا احد أكبر المساهمين في قوة الحلف في ليبيا كانت تعد
الرأي العام لحملة تستغرق وقتا طويلا.
وكان وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه قد قال انه يجب على الغرب
العمل بجدية اكثر لايجاد حل سياسي. واضاف بابيتش "يمكننا ان نرى بالفعل
أن فرنسا تعد نفسها سياسيا لحالة من الجمود."
وقد تشمل الخيارات العسكرية الاخرى تغيير المعدات المستخدمة في
ليبيا من أجل قوة نيران أكثر دقة لمواجهة مخاوف الحلف المتزايدة من أن
تخفي قوات القذافي معداتها في المناطق الحضرية. ولكن ذلك قد ينطوي على
مزيد من المخاطر والخسائر البشرية في صفوف قوات التحالف.
وقال جوشي "طائرات الهليكوبتر الحربية تتحطم... هي اكثر عرضة
للنيران الارضية وبطيئة وتتعرض لكثير من الاخفاقات الميكانيكية. وقد
يقتل تحطم بسيط عشرة اشخاص (من القوات).
ويقول خبراء ان بديلا اخر سيكون ارسال قوات كوماندوس متخصصة لمساعدة
المعارضة ولكن لا توجد رغبة غربية قوية لارسال قوات برية الى ليبيا.
قوات القذافي تستخدم دروعا بشرية
في سياق متصل قال مسؤولون بحلف شمال الاطلسي إن معمر القذافي يستخدم
دروعا بشرية في صد الهجمات الجوية على قواته. كما اعربت المعارضة
الليبية المسلحة عن غضبها تجاه ما اعتبرته بطئا من جانب القوات الغربية
في دعم زحفها على الطريق الساحلي المهم.
وقالت كارمن روميرو المتحدثة باسم حلف شمال الاطلسي "الموقف على
الارض يتطور دائما. قوات القذافي تغير تكتيكاتها باستخدام مركبات مدنية
واخفاء الدبابات في مدن مثل مصراتة واستخدام دروع بشرية للاختباء
وراءها."
وقال الاميرال ادوار جيو قائد القوات الفرنسية المسلحة في حديث
لمحطة أوروبا 1 الاذاعية "أود أن تسير الامور بخطى أسرع لكن كما تعلمون
جميعا فان حماية المدنيين تعني عدم القصف بالقرب منهم." وأضاف "هذه
بالتحديد هي الصعوبة في الامر."
خطة سلام غير معقولة
الى ذلك لا تصلح مقترحات السلام التي طرحها الزعيم الليبي معمر
القذافي والتي يصر فيها على دور سياسي لأسرته في المستقبل كنقطة بداية
لاجراء مفاوضات بكل تأكيد ولكن ربما تمنح القذافي الوقت الذي يحتاجه
لبث الفرقة في صفوف المعارضة.
وربما تتحسن فرص القذافي في اثارة اهتمام بتسوية سياسية مؤقتة اذا
استمرت حالة الجمود العسكري مما يجعل اماله بشأن مستقبل اولاده يبدو
أكثر واقعية. وربما يكون النشاط الدبلوماسي الذي أوجدته مقترحاته
اسلوبا للمماطلة يكسبه وقتا ليبني دفاعات في معاقله في الغرب وتعزيز
الولاء القبلي له وبث الفرقة في صفوف الائتلاف الدولي واضعافه.
ولكن ما من مؤشر على ان شروطه لانهاء حرب تهدد بزعزعة الاستقرار في
المنطقة الغنية بالغاز والنفط الواقعة جنوبي اوروبا اثارت اهتماما
كبيرا في الغرب. وقال محللون ان فكرة اضطلاع اسرة القذافي بدور في
الحكومة تتجاوز كثيرا ما يمكن ان يتحمله خصومه.
وتقول مصادر مطلعة على السيناريوهات الثلاثة التي طرحها القذافي من
أجل تسوية مؤقتة انها تجمع بين عنصرين غير مقبولين هما بقاء القذافي
كزعيم رمزي وان كان متقاعدا وأن يضطلع احد ابنائه بدور في حكومة وحدة
مع المعارضة ربما كرئيس لها. ويقول خبراء في الشؤون الليبية ان
المقترحات غير واقعية.
وقال اوليفر مايلز وهو سفير بريطاني سابق في ليبيا "لا يمكن تحقيق
ذلك. في اللحظة التي يتنحي فيها القذافي سينتهي اولاده سياسيا لان
القذافي هو صاحب القرار.
وقال دبلوماسي مطلع على المناقشات "تجري مناقشة السيناريوهات
المختلفة. الجميع يريد حلا سريعا. ورفضت ايطاليا التي كانت اوثق شريك
للقذافي في أوروبا في وقت سابق رسالة نقلها مبعوث للزعيم الليبي عن سبل
وقف القتال وقالت ان على القذافي ان يرحل عن السلطة.
وعقب اجتماعه مع علي الصاوي عضو المجلس الوطني الانتقالي ممثل
المعارضة في ليبيا قال وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني إن تقسيم
ليبيا غير مقبول وإن المجلس الانتقالي هو المحاور الشرعي الوحيد.
ووصف المقترحات التي نقلها نائب وزير الخارجية عبد العاطي العبيدي
الى اليونان يوم الأحد الماضي بانها "غير معقولة". وعين العبيدي بعد
ذلك وزيرا للخارجية خلفا لموسى كوسة الذي كان يوما من أقرب مستشاري
القذافي قبل أن ينشق عليه ويفر إلى بريطانيا الأسبوع الماضي.
وقال الصاوي ان فكرة حكومة انتقالية ما يرأسها أحد أبناء القذافي "ليست
خيارا."
وقال محلل سياسي في شمال افريقيا رفض نشر اسمه لحساسية الموضوع ان
احد المقترحات تنص على تولي سيف الاسلام ابن القذافي السلطة كزعيم مؤقت
لحين التفاوض مع المعارضة الليبية بشأن اصلاحات سياسية وان يتقاعد
القذافي.
وأيد سيف الاسلام أبرز أبناء القذافي اصلاحات في السابق تهدف لزيادة
الشفافية ومحاسبة الحكومة وحرية تكوين الشركات واحترام حقوق الانسان
ولكنه وجه كلمة تبعث على الانزعاج عبر شاشة التلفزيون في بداية
الانتفاضة حذر فيها الليبيين.
ووصف القذافي المعارضة "بعصابات مسلحة" يدعمها تنظيم القاعدة وقال
انها عازمة على ارهاب المواطنين الليبيين العاديين الذين قال انهم
يساندونه ويدعمون حكمه.
من جانبها رفضت المعارضة اي محادثات مع القذافي باستثناء مناقشة
كيفية رحيله بعد أن حكم البلاد لمدة تزيد عن أربعة عقود. وقال سعد جبار
المستشار القانوني السابق للحكومة الليبية ان من المحتمل ان تكون رسائل
جس النبض من طرابلس مجرد وسيلة يستغلها القذافي لكسب الوقت فحسب. ومضى
قائلا "ذكر أكثر من مرة على الملا خلال الأزمة انه لاعب طويل النفس في
حين أن خصومه قصار النفس. وهو يحتاج وقتا ويشعر ان بوسعه نيل مراده
بهذا الاسلوب." وقد يضر طول الصراع بطموحات الائتلاف بقدر ما سيضر
بالقذافي ان لم يكن أكثر.
وقال شاشانك جوشي من المعهد الملكي للدراسات الدفاعية والامنية انه
في ظل غياب دبلوماسية فعالة لانهاء الحرب فان كلمات القذافي التي تصور
أعضاء الائتلاف على أنهم صليبيون غربيون قد تجد صدى متزايدا لدى
المواطنين العرب رغم مشاركة بعض الدول العربية في الحملة الجوية الى
جانب القوى الغربية.
وكتب جوشي في مقال إن الحقيقة هي إن "الوجود العربي غطاء رقيق لحرب
اخرى عبر الاطلسي وسيبلى الغطاء اذ مر الوقت دون بذل جهد دبلوماسي كبير."
وفي المعركة على نيل بطاقة ضغط في أي مفاوضات مستقبلية لا يستخدم
الغرب بطاقاته ببراعة أحيانا. وقد حقق الائتلاف الدولي انتصارا على
مستوى العلاقات العامة بانشقاق كوسة في خطوة يعتقد ان تضعف معنويات
القذافي. ولكن قد لا يحذو حذوه انصار اخرون للقذافي لان بريطانيا صرحت
علنا ان كوسة لن يمنح حصانة من المحاكمة فيما يتعلق باعمال ارهابية ذات
صلة بليبيا.
وقال جبار ان معاملة بريطانيا لكوسة "هدية للقذافي. سيشير لها
القذافي ويقول لانصاره من الافصل لكم ان تبقوا معي." ويتفق مايلز على
إن معاملة كوسة لن تشجع من يريدون الانشقاق وقال "كان من الأفضل عدم
الادلاء بأي تصريح علني عن الحصانة من الأساس."
رفع العقوبات عن عائلة القذافي
فيما أفادت تقارير بأن مسؤولين أمريكيين وأوروبيين يعكفون على دراسة
اقتراح رفع حظر السفر وإلغاء تجميد أرصدة عائلة العقيد معمر القذافي
مقابل تخليهم عنه. وقالت وكالة أنباء أسوشييتدبرس إن مسؤولين في وزارة
الخزانة الأمريكية والخارجية البريطانية اعدوا تفاصيل الاقتراح الذي
قالت عنه مصادر دبلوماسية غربية إنه عرض لا يمكن رفضه .
وتجري مناقشات مكثفة لعرض التفاصيل النهائية على اجتماع وزراء
خارجية دول الاتحاد الأوروبي. كما ستجري مناقشات حول الموضوع بين الدول
الأعضاء في مجلس الأمن الدولي خاصة لتحديد موقف أي أسماء وردت في قائمة
العقوبات المفروضة على ليبيا.
ومن المعتقد أن أولاد القذافي السبعة وابنته وزوجته وابني عمه
وآخرين مقربين منه يساعدونه في تعزيز أركان حكمه منذ سنوات طويلة.
ويرى الغرب أنه يمكن منح هؤلاء الفرصة لرفع أسمائهم من القائمة
السوداء الدولية والحصول على مليارات الدولارات من الأرصدة المجمدة إذا
تخلوا عنه. لكن منتقدي هذا الاقتراح يرون أنه يمثل نموذجا سيئا
ويتسائلون عن مدى شرعية تقديم حوافز تشمل مليارات الدولارات لأشخاص قد
يكونوا متورطين في سلب هذه الأموال من الشعب الليبي. كما يشكك مراقبون
في إمكانية نجاح هذا الاقتراح في الإطاحة بالعقيد معمر القذافي. |