
شبكة النبأ: بشّرت المرحلة الجديدة
التي يمر بها الشرق الاوسط (مرحلة الانتفاضات الشعبية) بميلاد وعي شعبي
تحرري حديث، شمل معظم شعوب هذه المنطقة، وتنامت حالة الرفض للظلم
والطغيات الحكومي للانظمة الفردية التي تحكم معظم هذه الشعوب، وبدأت
تتهاوى العروش المستبدة إبتداءا من تونس فمصر ولا تزال قائمة العروشة
الآيلة للسقوط حافلة بالانظمة القمعية التي ستجد نفسها في حضيض السقوط
إن لم تستجب لاشتراطات الوعي الشعبي الجديد في المنطقة.
ردود الفعل حول هذه الانتفاضات عالميا واقليميا ومحليا، كانت مشجعة
في معظم المواقف، خاصة الشعبية منها، أما المواقف الحكومية فقد أعلن
الغرب بوضوح أنه مع حقوق الشعوب التي تطالب بإطلاق الحريات من أسر
الحكومات القمعية وهذا هو الموقف الرسمي الذي يطغي على غيره بشأن بعض
الانظمة التي عجّل في سقوطها التأييد الدولي للانتفاضات، فقد تم تجميد
أرصدة الرؤساء والوزراء والمسؤولين في كل من تونس ومصر وليبيا، على
خلفية الانتفاضات وتصاعدت الدعوات الدولية لمحاكمة القذافي وفعلا تمت
إحالته ومن يسانده من رموز النظام الليبي الى محكمة الجنايات الدولية
بعد ان ارتكبت كتائبه مذابح بحق المدنيين الابرياء.
رافق هذه المواقف الدولية الرسمية وغيرها، جهد إعلامي جيد عاون تلك
الشعوب المنتفضة في إمالة كفة الميزان لصالحها على حساب الحكومات التي
سقطت فعلا وكان للاعلام الدولي والعربي دوره الهام في هذا الجانب.
الشيء الذي يثير الاستغراب حقا، هو عدم إتخاذ المواقف الدولية
والاعلامية حيال ما حدث ولا يزال يحدث في البحرين، فعلى الرغم من
تجاوزات الحكومة الشنيعة في البحرين على المنتفضين والمحتجين ضدها، إلا
أننا لم نلحظ ذلك الموقف الذي اتخذته (الحكومات الغربية مثلا) تجاه
القذافي أو حتى مبارك، فلم نسمع تصريحات نارية لاوباما او كلنتون او
المسؤولين الفرنسيين والايطاليين وغيرهم كتلك التي اطلقوها بخصوص ضرورة
احترام الحكام لشعوبهم فيما يخص البحرين، كما أننا لم نلمس مواقف
إجرائية ملموسة على الارض، يرافق ذلك صمت إعلامي وتعتيم يثير الاستغراب
حقا، مع أننا سمعنا بتبريرات من هنا وهناك حول موقف ايران وتصريحاتها،
وحول تصريحات حكومات بعض دول الخليج بشأن التدخّل الايراني في البحرين
او دول الخليج، لكننا إذا آمنا جميعا بحقوق الانسان وتعاملنا (والكلام
موجَّه بالدرجة الاولى الى الحكومات الغربية والاعلام عموما) مع حرمة
الانسان وحقه في الاحتجاج ضد حكومته إذا تجاوزت على حرياته، فإن موقف
ايران وتصريحاتها أيا كان نوعها، لايمكن أن تكون مبررا للصمت ازاء
القتل العشوائي للابرياء المحتجين من الشعب البحريني، ولايمكن أن يكون
مبررا للسكوت على حملة الاعتقالات المتواصلة التي طالت قيادات المعارضة
في البحرين، ناهيك عمّا يتعرض له الابرياء من اعتقالات منظمة وقمع
ساهمت فية القوات الحكومية البحرينية، التي لم تكتف بقدراتها فاستدعت
قوات ما تسمى بـ (درع الجزيرة) بحجة حفظ أمن المملكة وكأنها داخلة في
حرب مع دولة أخرى، في حين تشير الوقائع كلها الى أن الشعب البحريني،
لايختلف عن غيره من شعوب المنطقة التي لاتزال مسرحا للاحتجاجات
والانتفاضات حتى تتحقق أهدافها في التحرر والقضاء على الحكومات الفردية
او تحقيق الاصلاحات السياسية التي تحقق لها حرياتها الفردية في الفكر
والقول والعمل وما شابه.
لهذا نؤكد أن التعامل الرسمي والاعلامي مع انتفاضة البحرين لم يكن
عادلا ولا منصفا ولا مبررا قط تحت الحجج التي يعلنها قادة البحرين أو
غيرهم من قادة دول الخليج، ومن هذا المنطلق لابد من أن يتعامل المجتمع
الدولي والاقليمي والعربي مع انتفاضة البحرين كما تعامل مع الانتفاضات
الشعبية في البلدان الاخرى، ولابد من الوقوف مع الشعب المنتفض في
البحرين من خلال:
- الاعلان الصريح والواضح لحكومات الغرب (أمريكا) وغيرها، عن رفضها
لقمع الانتفاضة الشعبية للبحرين، واتخاذ المواقف العملية الداعمة لهذا
الموقف.
- أن تقوم المنظمات الدولية المتخصصة بدورها في فضح الاجراءات
القمعية لحكومة البحرين ضد شعبها الذي لايطالب بأكثر من حقوقه
المشروعة.
- أن يتحرك المسلمون والعرب بالاتجاه نفسه في الوقوف الى جانب
الاخوة في البحرين.
- أن يقوم الاعلام المستقل (العربي وسواه) بدوره كما يجب، وأن لايتم
التعامل بمكيالين مع الانتفاضات الشعبية التي تحدث في الشرق الاوسط.
- الانتباه الى مسألة خلط الاوراق في ما يخص دمج السياسة بالدين
واعطاء الانتفاضة البحرينية طابعا مذهبيا من اجل إعطاء الشرعية لقمعها،
وهذا هو دور الاعلام والمؤسسات الانسانية التي تقف الى جانب الشعوب ضد
الحكام المستبدين.
- أن تنهض المؤسسات الاعلامية المستقلة بدورها الانساني المنصف حيال
الانتفاضة البحرينية وكل الانتفاضات الاخرى، وذلك من خلال تقديم الدعم
الاعلامي المطلوب، سواء الاعلام المرئي كالفضائيات، او الاذاعات، او
كتابة المقالات والآراء في الصحف الورقية وغيرها، لتوضيح المآرب
الحكومية المبيّتة تجاه المنتفضين في البحرين. |