العميل الثائر والعميل الهادئ

رضا البطاوى

من الظنون المؤكدة عندنا كشعب هو أن حكامنا في هذه الدول التي تسمى عربية معظمهم عملاء للغرب بصفة عامة وللولايات المتحدة بصفة خاصة.

وأنا لا أدرى كما لا يدرى الناس كيف تتم عملية العمالة والتجنيد ولكن الملاحظ هو أن العملاء على نوعين :

 الأول هم العملاء الهادئون وهم يمثلون الممالك والسلطنات وهم هادئون لأنهم لا يجاهرون بالعداء للغرب والولايات المتحدة وهم يقومون بالاعتماد في تقوية مراكزهم عند شعوبهم على عامل الدين أو المذهب وهم عملاء لأنهم جعلوا على أراضيهم قواعد عسكرية معلنة وسرية للولايات المتحدة ومعظمهم إن لم يكن كلهم كل نقودهم فى خزائن الغرب ولذا لا تقوم دول الغرب بضربهم أو احتلال بلادهم عنوة كما ان تسليحهم غربي.

 الثاني: هم العملاء الثائرون وهم يمثلون بعض الجمهوريات وهم ثائرون يجاهرون الغرب أو الولايات المتحدة بالعداء في الظاهر ونجد أن معظمهم قد قام الغرب والولايات المتحدة وإسرائيل بضربهم أو احتلال أراضي بلادهم ويتصف زعماء تلك الدول بالجعجعة - عداء إسرائيل وتوعدها بالحرب وعداء السياسات الأمريكية وأشهرهم صدام والقذافي - والعمل على محاربة الدين والمتدينين بحجة الإرهاب والمصيبة أن نقودهم هي الأخرى في خزائن الغرب والعجيب أن زعماء تلك الدول قتلوا أو أعدموا أو ضربوا بواسطة دول الغرب عن طريق العملاء الأخرين أو قوات الغرب الصريحة ومن الغريب أنهم كانوا موالين في الظاهر لروسيا وإن كانوا على الحياد من خلال منظمة دول عدم الانحياز ويتسلحون بأسلحة روسية.

ومن الحالات المعروفة في العالم الغربي مانويل نورييجا حاكم بنما صنيعة أمريكا وعميلها والذى جاهرها بالعداء وقبض عليه بتهمة ترويج المخدرات ولا أدرى إن كان تشافيز فى فنزويلا هو الأخر عميلا للولايات المتحدة أم لا ولكن نغمة العميل الثائر تجعلني أرجح هذا فالولايات المتحدة لا تجعل أحد يلعب في الفناء الخلفي لها إلا وقتلته أو ألقت القبض عليه كما فعلت من قبل مع رئيس تشيلي سلفادور الليندي الذى أطاح به انقلاب عميل أمريكي هو بينوشيه.

والعملاء الهادئون أحيانا يتمردون كما حدث مع فيصل ملك السعودية فكان العقاب هو قتله وكما حدث مع أمير قطر السابق خليفة فكان عقابه هو أن ولوا ابنه مكانه ومات خارج قطر وأصبحت قطر بها أكبر قاعدة أمريكية في الخليج وأصبح أميرها من أول المنضمين إلى أي مصيبة يقوم بها التحالف الغربي ضد العملاء الثائرين.

ونجد شيء مثير هو أن معظم من تولوا الحكم في بلادنا العربية المنكوبة بهم درسوا في بريطانيا والولايات المتحدة فهل الكليات التي درسوا بها هي كليات استخباراتية أو بها فرع للاستخبارات يعد هؤلاء ليكونوا رؤساء وعملاء في خدمة الغرب ؟

ونجد شيء أخر مثير وهو أن العميل الذى يطول عمره يعملون على بقاء الحكم في أسرته حافظ وبشار ،صدام وعدى وقصى ،مبارك وجمال وقبله علاء ،على صالح وولده أحمد ، القذافي وأولاده العشرة وكأنهم يريدون في النهاية أن تصير هذه البلاد كلها ممالك حتى يصبح العملاء كلهم من النوع الهادئ والغريب هو أن دراسة هؤلاء الأولاد معظمها في بريطانيا والولايات المتحدة أو فرنسا أو دولة من الممالك ذات العمالة الهادئة كالأردن.

ويجب أن نشير لنوع غريب من العملاء فهم عملاء بتصرفاتهم ولكنهم ليسوا عملاء في الحقيقة لأحد ، هذا النوع من العملاء الذين هم ليسوا بعملاء بطانتهم معظمها من العملاء وهم يشيرون على الرجل فينفذ ما يقولون دون أن يدرى أنه ينفذ سياسة في صالح الدول المعادية.

كما يجب أن نشير أن فرنسا تتبع أسلوب فريد في وضع العملاء في مناصب رؤساء الدول الأفريقية التي أكثريتها مسلمة فمعظم قادة الاستقلال في تلك الدول درسوا في فرنسا ومعظمهم كان مسيحيا ومنهم من كان مسلما فتنصر كليوبولد سنجور وبعد ذلك صارت تضع في طرق نوابهم المسلمين أو من ترى أنهم سيتولون الرئاسة نساء مسيحيات يكن زوجات لأولئك الرؤساء.

 وما زالت دول غرب افريقيا تعانى فيها الأكثرية المسلمة من حكم عملاء فرنسا المسيحيين رغم كونهم أقلية فدولة ساحل العاج منذ الاستقلال لم يحكمها مسلم، وكذلك غانا رغم أن المسلمين يمثلون أكثرمن60% من السكان وإن كان الحسن وتارا في ساحل العاج على مقربة من تولى رئاسة ساحل العاج فعليا ولكن ليس حبا في المسلمين وإنما لأنه أبرم اتفاقا مع الغرب فرنسا والولايات المتحدة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 7/نيسان/2011 - 3/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م