
شبكة النبأ: على مدى الأشهر الثلاثة
الماضية، شهد الائتلاف الحاكم بزعامة الرئيس صالح عدداً من الاستقالات
وتحولات الولاء. فقد تنازل ما لا يقل عن عشرين عضواً في البرلمان من
حزب المؤتمر الشعبي العام حزب الرئيس عن تأييد الحكومة جنباً إلى جنب
مع عدد من الوزراء والدبلوماسيين. ودعت الولايات المتحدة الامريكية ولو
بموقف غير رسمي إلى تنحي الرئيس اليمني علي عبد الله عن منصبه، وهناك
اشارات إلى تحول سياسة واشنطن تجاه حليف لها منذ فترة طويلة.
إزاء ذلك، ما الخيارات إذا التي ينبغي على الولايات المتحدة اتخاذها،
أو ما هو الدور الذي يجب أن تلعبه لضمان عدم تمزق اليمن بعد رحيل صالح.
يقول محللون سياسيون إن إدارة الرئيس باراك أوباما تعتقد الآن أن
صالح لا يستطيع تنفيذ إصلاحات وأن قبضته على السلطة أصبحت ضعيفة.
ولم ينتقد المسؤولون الأمريكيون الزعيم اليمني علانية حيث كان ينظر
إليه كحليف رئيسي في الجهود الأمريكية لمحاربة الإرهاب حتى مع تحول
الاحتجاجات المطالبة باستقالته إلى أعمال عنف. لكنهم بدأوا من وراء
الكواليس في الدفع لتشكيل حكومة انتقالية في اليمن.
الولايات المتحدة غيرت مواقفها بهدوء وتوصلت إلى أنه من غير المحتمل
أن يقوم صالح بإحداث الإصلاحات المطلوبة في اليمن، وأنه يجب تسهيل
خروجه من السلطة.
إن إدارة أوباما حافظت على تأييدها للرئيس علي عبد الله صالح سرا
وأحجمت عن انتقاده مباشرة في العلن، حتى بعد قيام مؤيديه بإطلاق النار
على المتظاهرين المسالمين لأنه كان يعتبر حليفا مهما في التصدي لفرع
تنظيم القاعدة الموجود في اليمن. وهذا الموقف أثار انتفادات للولايات
المتحدة في بعض الأماكن ووصف بالنفاق على خلفية ضغطها من أجل طرد حاكم
ليبيا المستبد بينما لم تفعل شيئا مع حلفائها الإستراتيجيين مثل اليمن
والبحرين.
لكن هذا الموقف بدأ في التغير الأسبوع الماضي كما قال مسؤولون
بالإدارة الأميركية. وفي حين أن المسؤولين الأميركيين لم يضغطوا علنا
من أجل رحيل صالح إلا أنهم أبلغوا الحلفاء بأنهم يرون الآن تمسكه
بالسلطة بات واهيا وأنه ينبغي أن يرحل.
وربما تتركز تلك المفاوضات الآن على مقترح لصالح بتسليم السلطة إلى
حكومة انتقالية يقودها نائبه حتى انعقاد انتخابات جديدة. وقال المسؤول
اليمني إن هذا المبدأ متفق عليه لكن الأمر يتوقف على التوقيت والآلية
التي سيرحل بها.
لكن الأمر يظل محل نزاع، كما يقول محللون سياسيون في صحيفة نييورك
تايمز بين المحتجين الذين رفضوا أي اقتراح يمنح سلطة لمسؤول قيادي في
حكومة صالح.
وأشارت معلومات إلى أنه من غير الواضح ما إن كانت الولايات المتحدة
تناقش حاليا خروجا آمنا لصالح وأسرته إلى بلد آخر؟ لكن يبدو أن هذا هو
توجه المباحثات في العاصمة صنعاء.
وبالنسبة لواشنطن فإن مفتاح رحيله سيكون بتنظيم نقل السلطة بطريقة
تمكن من استمرار عملية مكافحة الإرهاب في اليمن.
وأشار مسؤول في الإدراة الأميركية إلى هذا الأمر بقوله إن المواجهة
بين الرئيس صالح والمحتجين كان لها تأثير عكسي مباشر على الموقف الأمني
في أنحاء البلد.
وقال إن جماعات من أطياف مختلفة القاعدة والحوثيين وعناصر قبلية
وانفصاليين يستغلون الاضطراب السياسي الحالي والانشقاقات البارزة داخل
الجيش والأمن لتحقيق مآربهم. وإلى أن يتمكن الرئيس صالح من حل المأزق
السياسي الحالي بإعلانه كيف ومتى سيمضي في التزامه السابق باتخاذ خطوات
ملموسة لتلبية مطالب المعارضة فإن الموقف الأمني في اليمن يحفه خطر
المزيد من التدهور.
وكان النقد الموجه للولايات المتحدة على فشلها في تأييد المحتجين
علنا كان أوضح ما يكون بين المحتجين الذين يصرون على أن أميركا لا تهتم
إلا بمكافحة الإرهاب فقط. وهذا ما حدا بقائدة حركة الشباب المناوئة
للحكومة توكل كرمان بالتعبير عن الغضب الشديد للمحتجين بأن أميركا لم
تساعدهم حتى الآن مثلما قال أوباما بأن على مبارك أن يرحل الآن.
يقول الكاتب الومحلل السياسي في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى
دانييل غرين مع اشتداد الأزمة في اليمن، ينبغي على واشنطن أن تزن
خطواتها المقبلة بعناية بدلاً من أن تساند صالح بصورة انعكاسية. وقد
ظهرت خيارات مختلفة، وبعضها يمكن اتباعه بالترادف:
- دعم رحيل صالح. منذ بدء الاحتجاجات في اليمن، تركز السياسة
الأمريكية بصورة أساسية على تشجيع الحوار السلمي بين الرئيس صالح وقادة
المعارضة من أجل إصلاح الحكومة على أسس دستورية.
- ينبغي على الولايات المتحدة أن تدعو بقوة إلى استقالة صالح ودعم
قيام انتقال سياسي سلمي للسلطة. وعلى الرغم من أنه كان على واشنطن أن
تحافظ سابقاً على علاقات ايجابية مع النظام لتسهيل الجهود ضد "تنظيم
القاعدة في شبه الجزيرة العربية، إلا أن الوضع قد وصل إلى نقطة بحيث
يُنظر إلى الولايات المتحدة بصورة متزايدة على أنها تقف إلى جانب صالح
على حساب الشعب اليمني.
- التشاور مع المملكة العربية السعودية. لدى الرياض مصلحة
استراتيجية في استقرار اليمن، وأن أية تغييرات في السياسة الأمريكية
يجب أن تأخذ في الاعتبار المصالح السعودية. وتاريخياً، استخدمت المملكة
دبلوماسية الدولار للحفاظ على علاقات إيجابية مع زعماء القبائل
والتأثير على الأحداث في اليمن. وفي الثمانينات من القرن الماضي،
استخدمت الرياض النفوذ التي تمنحها تلك العلاقات لمحاربة الحكومة
الماركسية في جنوب اليمن. ونظراً لتدخلها العسكري الأخير في البحرين،
من الواضح أن الرياض معنية بالاضطلاع بدور نشط لتحقيق الاستقرار في
البلدان المجاورة.
على الرغم من أنه كانت للمملكة علاقات متوترة مع صالح لفترة طويلة،
إلا أنها من المرجح أن تسانده عندما لا يكون البديل واضحاً. وبناء على
ذلك، يجب على واشنطن أن تتشاور مع السعوديين حول الخطوات التي يمكن
اتخاذها نحو انتقال سلس للسلطة، وطمأنتهم بأن الاستقرار في اليمن
ودعوات الولايات المتحدة إلى استقالة صالح لا تتعارضان مع بعضهما
البعض.
- التعاطي بصورة نشطة مع المعارضة السياسية. يجب على الولايات
المتحدة أن تعمل بصورة متزايدة على الوصول إلى جماعات المعارضة
الرئيسية، بمن فيها زعماء القبائل والأحزاب السياسية، وذلك لتطوير فهم
أكبر لقلقهم ومطالبهم في اليمن ما بعد صالح. ويشمل ذلك، الوصول إلى ما
هو أبعد من العاصمة والاجتماع مع قادة في المحافظات، بما في ذلك
المناطق التي يتواجد فيها تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
- يجب على واشنطن أن تستمر في الضغط من أجل قيام تحول سلمي بدلاً من
ثورة عنيفة، وتقدم نفسها كضامن لقيام تعديلات دستورية من شأنها أن تجعل
الحكومة أكثر شمولاً. وعلى الرغم من أن اليمنيين أنفسهم يجب أن يقرروا
زعامة بلدهم إذا ما رحل صالح، يجب على الولايات المتحدة أن تلعب دوراً
نشطاً وراء الكواليس لضمان عدم تمزق الحكومة على طول خطوط إقليمية أو
عرقية أو طائفية أو قبلية.
ولتحقيق هذه الغاية، ينبغي على السفارة الأمريكية أن تعمل على
الوصول بصورة نشطة إلى أعضاء أحزاب اللقاء المشترك، وحزب الإصلاح،
وحركة الحراك الجنوبي، بالإضافة إلى الحوثيين وزعماء القبائل.
- توسيع المعركة ضد تنظيم القاعدة. اعتمدت الولايات المتحدة بصورة
قوية على أجهزة الأمن اليمنية في جهودها لهزيمة تنظيم القاعدة في شبه
الجزيرة العربية. |