المرأة والعنف.. صورة بالمقلوب

تقرير: حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: سألني اصغر ابنائي وكان قد سمع من اخته الكبرى انها تنوي شراء هدية لامها بمناسبة عيدها، سألني ببراءة طفولية لا تخفي شيئا في خطابها المضمر او المعلن كما تقول الدراسات السيميائية الحديثة: بابا متى سيكون عيدك؟ تحيرت في جوابه، لكني قلت له مسرعا: ليس للآباء عيد كالأمهات.. وتذكرت ان المرأة تستأثر بأكثر من مناسبة على مستوى الايام العالمية التي اقرتها الامم المتحدة مثل، يوم المرأة العالمي، واليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء، وعيد الام، ويوم الاسرة العربية، اليوم العالمي لصحة المرأة، اليوم العالمي لسن اليأس، اليوم العربي للمرشدة العربية .. اي ان هناك سبعة ايام خاصة بالمرأة ومتعلقة بها.

لا عزاء للرجال امام محنتهم... محنة التجاهل والنسيان رغم جميع الاعباء التي يتحملها الرجال خارج المنازل والتحديات والمخاطر في بيئة العمل وغيرها من صعوبات ومشاكل. لا عزاء لهم امام نون النسوة، والمضحك المبكي هذه الايام، انقلاب الصورة القديمة للعلاقة بين الرجل والمرأة من خلال تغير الادوار، حيث اصبحت المرأة هي الضارب والرجل هو المضروب .. المرأة هي اللاطمة والرجل هو الملطوم.. المرأة هي اللاكمة والرجل هو الملكوم والمكلوم.

هل ترى ان الثورة التونسية كان السبب فيها رفض التوانسة لانقلاب الادوار؟ وهل ترى من خرج في ثورة مصر هم الرافضين لهذا الانقلاب ضد تلك الصورة النمطية وان الرجال خرجوا ثائرين ضد ما يعانونه من تمييز من قبل النساء وطفح بهم الكيل؟ قد يكون ذلك صحيحا في الثورة التونسية وقد يكون ذلك اقرب الى الافتراض غير الواقعي للثورة المصرية. انه مجرد افتراض قابل للنقاش، العنف ضد الرجل يأخذ ثلاثة اشكال، لفظي وبدني ومادي.

فقد يكون هناك عنف لفظي عن طريق الشتائم والإهانات، وقد يكون العنف معنويا عن طريق إهمال الزوج وعدم الاكتراث به وعدم مبادلته المشاعر نفسها التي يكنها للزوجة، وهناك العنف المادي حيث تكبل الزوجة زوجها بالديون وقد تكون سببا في دخوله السجن لعجزه عن السداد، ويمكن أن يكون عنف الزوجة بالامتناع عن الرجل وعدم إعطائه حقوقه الشرعية.

ويمكن تقسيم انواع العنف الى التالي:

1 - العنف المدني المتمثل في التعدي بالقتل، الضرب، تعمد التشويه، الإيذاء وتشويه السمعة.

2 - عدم مشاركته الفراش كرهاً، إهمالاً، التمنع عنه كنوع من الإذلال.

3 - تأليب الأبناء عليه باختلاق الأكاذيب التي تشوه صورته أمامهم.

4 - محاولة تدمير معنوياته، مثل اتهامه بالفشل، ومعايرته إن كان فقيراً.

ذكرت دراسة مصرية أعدها الدكتور السيد عوض أستاذ علم الاجتماع في كلية الآداب جامعة قنا، أن أكثر من نصف الرجال المتزوجين في مصر معرضون للضرب، أو للقتل من زوجاتهم، ووصلت نسبة عنف الزوجات ضد أزواجهن وصلت إلى 50.6 % من إجمالي عدد المتزوجين في مصر.

وتشير الدراسة إلى أنه غالباً ما يسبق ممارسة العنف ضد الأزواج نشوب خلافات زوجية بين الطرفين، وأن أكثر حالات العنف عدداً تكون ضد الزوج الذي يتخطى سن الخمسين عاماً من عمره، وتكون في الحضر والريف معاً، وغالباً ما يكون الأزواج تجاراً أو يعملون خارج البلاد أو موظفين أو فلاحين في المزارع، بل إن بعضهم مدربون رياضيون.

وتكشف الدراسة عن أساليب العنف ضد الأزواج، حيث قالت الزوجات المتهمات بالعنف ضد أزواجهن في "الريف" إن الأساليب تبدأ بالشتائم ثم تتصاعد إلى التهديد بالضرب، ثم بالاعتداء البدني وربما القتل في بعض الأحيان، أما زوجات "الحضر" فقلن إنها تبدأ بالمناقشة والحوار ثم تتطور إلى الشتائم والتهديد بالضرب واللجوء إلى الشرطة وفي بعض الأحيان إلى القتل أيضاً.

وكانت الغيرة مبرراً لعنف النساء ضد أزواجهن في نتائج دراسة ميدانية قامت بها الخبيرة ناهد رمزي بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية.

فقد أشارت الدراسة إلى أن ‏(30%)‏ من الزوجات المصريات يضربن أزواجهن ويعاملنهم معاملة عنيفة‏،‏ واستندت الدراسة إلي البلاغات التي تلقتها الشرطة والمستشفيات والقضايا المنظورة أمام القضاء وضمت عينة البحث‏(600)‏ شخص يمثلون كافة المستويات في المجتمع المصري من أساتذة جامعات ورجال قضاء ومحامين وأعضاء بمجلس الشعب وباعة جائلين‏.

وأوضحت نتائج الدراسة حسب ما ورد بصحيفة "الأهرام" المصرية، أن‏(65%)‏ من الزوجات يرتكبن جرائم العنف ضد أزواجهن بسبب الغيرة الشديدة عليهم و‏(45%)‏ أرجعن ذلك للبخل والحرص الشديد علي الأموال.‏

والعنف ضد الرجال هو حالة غير عادية من طرف النساء كما ترى دراسات اخرى عديدة وارجعت اسبابه الى:

أولاً: أن يكون كرد فعل ضد عنف الرجل، وهذا غالبا ما يحصل، حيث يمارس الرجل عنفا قاسيا ضد المرأة مما يقابله عنفا في مستواه أو أقل منه، وهذا ما حدث لفتاة لجأت للجمعية مؤخرا قتلت والدها لتحرشه جنسيا بها.

ثانيا: يمكن أن يفسر العنف الصادر من النساء ضد الرجال، للتركيبة النفسية للمرأة، حيث أنها تعامل بقسوة في طفولتها وأثناء شبابها، فنشأت في هذه البيئة العنيفة، مما قد ينتج عنه عنفا صادرا من المرأة هذا التفسير نسبي لا ينطبق على جميع الحالات.

ثالثا: غالبا ما تكون المرأة العنيفة متزوجة برجل ضعيف الشخصية، وبحكم أنها تتحمل مسؤولية البيت والأولاد، قد تدفعها هذه المسؤولية إلى الطغيان واستعمال العنف؛ لأنها تقلدت مكانة الرجل.

رابعا: قد يرجع العنف الصادر من النساء، إلى حالات من الانحراف، وهي حالات النساء اللواتي يتعاطين الفساد وتناول المخدرات والمسكرات، وهذا سلوك يبدل طبيعتهن الأنثوية إلى طبيعة عنيفة.

خامسا: الفارق العمري الكبير بين الزوج والزوجة والطلاق والانفصال وما يتبعها من حرمان للأب من رؤية ابنائه وزواج المصلحة وعدم التوافق والتكافؤ الاجتماعي بين الزوج والزوجة

وفي جميع الحالات، فإن هذا العنف يعتبر وضعا شاذا في المجتمع، حتى وإن كانت حالات قليلة، ولكن العنف الذي أصبح متفشيا هو العنف المعنوي والنفسي، وهو عنف تمارسه النساء ضد الرجال ويأخذ صورا متعددة تتراوح ما بين الضرب والتعذيب بأكثر من وسيلة بل والقتل أيضا وقد شاع استخدام السم في هذه الجرائم وكانت أهم المواد المسممة هي تيتانوس، صبغة الشعر، المبيدات الحشرية، كما استُخدمت الأسلحة النارية كالمسدسات، علاوة على الاستعانة بالبنزين، والكيروسين، والأسلحة البيضاء كالسكاكين والسواطير، والمطاوي. ومن هذه الجرائم كذلك الحرمان من الحقوق من قبل الزوجات وجرائم قتل من قبل الأبناء .

وإحدى الآليات الشائعة التي تمارسها المرأة، أو الزوجة العربية في عنفها ضد الرجل، متمثلة في "السحر". فمعروف أن المجتمع العربي يعاني من مشاكل متعددة، منها السحر والالتجاء إلى المشعوذين، والذي يمكن أن نعتبره عنفا ضد الرجل إذا مارسته المرأة ضده، فهناك مجموعة من الوسائل التي تستعملها المرأة في السحر لجلب محبة الرجل وإحكام السيطرة عليه.

ومن أجل ذلك تذهب إلى المشعوذين، وتقتني مواد سامة تضعها في طعام زوجها ظنت أنها بذلك ستكسب محبته ومودته، غير أنها تنسى أن هذه المواد ستؤثر على حالته الصحية، وحتى إذا لم يحدث تسمم من هذا النوع فإنه في حال إصابة الرجل بالسحر فإن ذلك يؤدي إلى سلب إرادته، ويبدأ الرجل في تصرفات لا يرضى عنها.

و أحدث هذه الآليات هي هجر الزوجة لزوجها في المضجع وامتناعها عنه، على الرغم من أنه حل لها وهي حل له.

وفي كل الأحوال فإن العديد من الدراسات والبحوث في مجال العلوم الاجتماعية والتربية وعلم النفس تؤكد على خطورة العنف العائلي وانعكاساته السلبية على الأسرة واستقرارها وعلى المجتمع في نموه وتقدمه.

ففي منظومة الفصل التعسفي أو الفصل للصالح العام تجد أن نسبة العنف فيها ضد الرجل اكثر مما كانت ضد المرأة.

وفي حكاية التحرش بالمرأة يكون الإستهداف من أجل الحصول على متعة أو إشباع غريزة فقط.. أما التحرش بالرجل فيستهدف كرامته.. وعزته.. وتهديد مركزه.

أن من بين أسباب ممارسة المرأة للعنف ضد الرجل، والتي تشكل نتائج مستقبلية خطيرة، أن الأبناء ينشئون في بيت تكون الأم فيه هي المسيطرة، ويشهدون العنف الذي تمارسه ضد الأب، بينما هو لا حول له ولا قوة، فيكبر الأبناء وفي داخلهم هذا المشهد المؤلم.

والذي لا يعرفه الكثير من الآباء أن هذا المشهد يمكن أن يثمر في المستقبل العينة ذاتها.. يصبح الابن زوجا ضعيف الشخصية، وتتحول البنت إلى زوجة متنمرة تمارس العنف ضد زوجها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 5/نيسان/2011 - 30/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م