
شبكة النبأ: ما حدث في البحرين وما
سوف يحدث لن يمر مرور الكرام على حكام الخليج او شعوبها ايضا، مهما
تكلفت الجهود في سبيل طوي صفحات ما وقع، خصوصا ان تلك المنطقة تعاني
شعوبها بشكل عام من غياب الديمقراطية وجزء كبير من الحقوق الفردية
والاجتماعية.
فالسلالات الحاكمة في دول الخليج التي مكنتها بريطانيا العظمى في
ذلك الوقت لبسط حكوماتها كإقطاعيات في سبيل تأمين امدادات النفط، تعاني
منذ فترة ليست بالقصيرة من صحوة شعبية ناقمة على التهميش وظاهرة
الاستعباد غير المباشرة التي تمارسها العوائل المالكة بشكل مستمر.
وعلى الرغم من محاولة السلطات الخليجية تشويه صورة انتفاضة الشعب
البحريني الاخيرة، واضفاء القلق من هاجس الطائفية التي تسعى الى نشرها
في صفوف شعوبها، الا ان ذلك لن يجدي نفعا في كبح تطلعات الحرية التي
سوف تتأثر بها تلك الدول لا محالة بمرور الوقت.
قنبلة موقوتة
فقد حذرت صحيفة "نيويورك بوست" الأمريكية من أن البحرين التي تشهد
احتجاجات منذ نحو شهر، أصبحت الآن قنبلة موقوتة يهدد انفجارها أكبر
ثاني مقر للقوات الأمريكية في منطقة الخليج، وكذلك جارتها السعودية
أكبر مصدر للنفط في العالم.
وقالت الصحيفة اليوم الاثنين إن:" تأجيل انفجار البحرين كان له ثمن،
فقد دفعت دول الخليج الغنية 10 مليارات دولار لحل المشاكل الاجتماعية
بالدولة الصغيرة، وبجانب ذلك وفرت السعودية والكويت والإمارات 4 آلاف
جندي ورجل شرطة لتعزيز الأمن في البلاد ونحو 700 ألف شخص".
وتضيف الصحيفة :إن" أساليب القمع التي لم يسبق لها مثيل التي ارتكبت
في البحرين لعبت دورا كبيرا في تأجيل الانفجار، فقد اعتقل أكثر من 800
شخص، في حين اختفى 150 آخرين".
وأشارت الصحيفة إلى أن الدراما البحرينية بدأت كإصدار مصغر من "الثورات
العربية" ضد الطغاة والتي اندلعت في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن
وسوريا.
وتوضح الصحيفة أن مطالب المتظاهرين البحرينيين كانت عادلة، وتتمثل
في تشكيل حكومة جديدة يرأسها رئيس وزراء يختاره البرلمان، وأعربوا عن
أملهم بأن تؤدي انتخابات حرة إلى تمثيل أكثر إنصافا للسكان في البرلمان،
ويمثل الشيعة 75 % من السكان، ولهم فقط 14 من 40 عضوا في البرلمان، كما
طالبوا بتحسين الخدمات الاجتماعية في جيوب الفقر التي توجد جنبا إلى
جنب مع بعض أغنى أحياء منطقة الخليج العربي.
وتتحدث الصحيفة عن أن هذه المطالب لا يمكن تجاهلها، فعند نقطة واحدة
تجمع نحو 100 ألف شخص في ساحة لؤلؤ التي أصبحت مفترق طرق وتحولت إلى
نقطة تجمع للمتظاهرين ومصدرا للسلطة الأخلاقية لهذا الارخبيل الذي
يتكون من 32 جزيرة.
وتقول الصحيفة إنه لفترة من الوقت، كان هناك فصيل معتدل داخل الأسرة
الحاكمة في البحرين حيث جرت مشاورات غير رسمية بين ولي العهد ووفد يمثل
المتظاهرين الذين يهدفون إلى تحريك الأمة نحو الديمقراطية، إلا أن هذا
الحوار تعطل تحت ضغوط السعودية وإيران.
وبحسب الصحيفة، فإن السعودية تخشى أن تقدم البحرين تنازلات لشيعتها
الأمر الذي قد يشجع شيعة السعودية على سلوك نفس المنهج، فغالبية سكان
المحافظة الغنية بالنفط في الشرق الشيعة، وشاركت المملكة في التخويف من
"الهلال الشيعي" الذي يمتد من إيران إلى البحر الأبيض المتوسط وتشمل
العراق والبحرين وسوريا بالإضافة إلى اليمن وأجزاء من شرق المملكة
العربية السعودية.
وتوضح الصحيفة، أن السعوديين يعتبرون البحرين امتدادا للمملكة في كل
شيء فيما عدا الاسم، وكانت الرسالة التي وصلت من الرياض إلى البحرين
مفادها أن السعودية لن تتسامح مع حكومة يهيمن عليها الشيعة في المنامة.
إيران هي الأخرى، سعت لتخريب هذا الحوار، فبعد فشلها في فرض حلفائها
كحكام للعراق ما بعد صدام، طهران تأمل الآن لتشكيل حكومة لها في
البحرين، فمنذ أيامها الأولى، ونظام الخميني تعهد بـ "تحرير" البحرين،
وفي عام 1971 ندد آية الله روح الله الخميني الشاه لأنه تخلى عن مطالبة
إيران بالسيادة على البحرين، والسماح لها لتصبح مستقلة.
وفي عام 1979، أنشأ لآية الله المتطوعين للجيش لتحرير البحرين
وإغلاق قاعدة البحرية الأمريكية، وكذلك "جيش تحرير البحرين" سعى لدخول
الارخبيل عام 1980 خلال الحرب الإيرانية العراقية.
وبحسب الصحيفة، فقد هربت طهران أشخاصا إلى البحرين الشهر الماضي
للمساعدة على تأجيج الثورة، وبعضهم من المنفيين الذين يعيشون في إيران
أو أوروبا ، والذين ينتمون إلى فرع حزب الله البحريني، وطالبت السلطات
البحرينية حزب الله اللبناني بوقف تهريب الأسلحة إلى المنامة والتحريض
على مهاجمة مراكز الشرطة غرب العاصمة.
وتختتم الصحيفة تحليلها بالقول إن ما بدأ كحركة مطالبة بالديمقراطية
في البحرين، أصبحت غطاء لصراع بين السعودية وإيران على شكل الشرق
الأوسط الجديد الناشئ عن "الثورات العربية" وتراجع الولايات المتحدة في
عهد الرئيس أوباما، وقد فازت السعودية في البحرين، ولكن لا تزال
القنبلة موقوتة.
وفاة احد موقوفي الاحتجاجات
ميدانيا، اعلنت وزارة الداخلية البحرينية ان احد الموقوفين على
خلفية الاحتجاجات الاخيرة التي شهدتها البحرين توفي الاحد في السجن
بسبب المرض، فيما اعلنت جمعية الوفاق المعارضة انه توفي في "ظروف غامضة".
وقال اللواء ابراهيم حبيب الغيث (اكرر الغيث) المفتش العام بوزارة
الداخلية في بيان نشرته الوزارة على موقعها على الانترنت ان "حسن جاسم
مكي (39 عاما) قد وافته المنية صباح اليوم بمركز التوقيف" مضيفا "ان
المذكور كان يعاني من مرض السكلر (فقر الدم المنجلي)".
واضاف الغيث "قام الطبيب المختص في تمام الساعة التاسعة من صباح
اليوم الاحد بتوقيع الكشف الطبي الدوري واعطاه الدواء اللازم لمرض
السكلر"، متابعا "الا انه في حوالي الساعة العاشرة والنصف فوجىء زملاء
المذكور بسقوطه بينهم مغشيا عليه حيث تم على الفور استدعاء سيارة اسعاف
لنقله الى المستشفى حيث اتضح انه قد فارق الحياة".
واشار المسؤول الامني البحريني الى ان المتوفي "قد تم توقيفه في 28
اذار/مارس على ذمة اتهامه بالتحريض والمشاركة في اعمال الشغب والتخريب
التي وقعت اخيرا في المملكة" مضيفا انه "قد تم ابلاغ النيابة العامة
بالواقعة التي بدأت على الفور اجراءاتها القانونية". بحسب فرانس برس.
ومن جهتها، قالت جمعية الوفاق الوطني الاسلامية (التيار الشيعي
الرئيسي) ان مكي وهو من قرية كرزكان (حنوب العاصمة المنامة) توفي "في
ظروف غامضة بعد خمسة ايام من توقيفه" مضيفة ان الوفاة "تكشف عن ممارسات
خطيرة" و"تجاوز كل الاعراف والقيم الانسانية والمواثيق الدولية في
معاملة الموقوفين" حسب بيان اصدرته الجمعية.
وكانت المعارضة البحرينية قد اعلنت ان حوالي 300 شخص اوقفتهم
السلطات على خلفية الاحتجاجات الاخيرة من بينهم 11 امرأة وطالبت الاحد
مجددا باطلاق سراحهم.
تغيير رؤساء الصحف
من جانب آخر استأنفت صحيفة المعارضة الرئيسية في البحرين اصدارها
بعد أن حل كاتب عمود غير مشهور وعضو في مجلس ادارة الصحيفة محل رئيس
تحريرها الصحفي البارز.
وعلقت السلطات البحرينية اصدار صحيفة الوسط يوم الاحد متهمة اياها
بتلفيق الاخبار المتعلقة بالاضطرابات الطائفية والحملة التي تشنها
الحكومة لانهائها. وقالت ان الصحيفة شكلت تهديدا لامن المملكة الخليجية
الصغيرة.
وذكرت وكالة انباء البحرين الرسمية يوم الاثنين ان عبيدلي العبيدلي
عين رئيسا لتحرير الوسط بدلا من منصور الجمري نجل زعيم المعارضة الشيعي
السابق عبد الامير الجمري.
واضافت الوكالة "كان مجلس ادارة صحيفة الوسط قد اصدر في وقت سابق من
اليوم قراراً باقالة رئيس التحرير منصور الجمري ووليد نويهض مدير
التحرير وعقيل ميرزا رئيس قسم المحليات بالصحيفة واجراء انتخابات جديدة
لعضوية مجلس الادارة خلال الشهر المقبل."
وقال محلل ان العبيدلي ذي خبرة سياسية اقل من سلفه الجمري الذي قاد
والده المعارضة الشيعية في البحرين في التسعينات. وعاد الجمري من
المنفى قبل عشر سنوات بعد ان وعد الملك الشيخ حمد بن عيسي ال خليفة
باجراء اصلاحات سياسية.
وقال الجمري يوم الاحد انه استقال من منصبه حماية للصحيفة مضيفا ان
العاملين فيها تعرضوا لتهديدات واعتداءات. بحسب رويترز.
وتعرضت مطبعة الوسط لاضرار خلال الاضطرابات واحاطت مجموعة رجال
مسلحين يرتدون ملابس مدنية بمقرها يوم 17 مارس اذار مما ادى الى توقف
العمل. ولا توجد محطات تلفزيون خاصة في البحرين وتتهم المعارضة الشيعية
التلفزيون البحريني باثارة الانقسام الطائفي بما تقول انها تغطية
متحيزة.
ويقول محللون ان اغلب وسائل الاعلام البحرينية المملوكة للدولة
خاضعة لسيطرة الاسرة الحاكمة. وتشير الاحصاءات الرسمية الى ان ما لا
يقل عن 13 محتجا وسبعة أجانب وأربعة من قوات الشرطة قتلوا في
الاشتباكات التي دفعت البحرين الى اعلان الاحكام العرفية واستدعاء قوات
من جيرانها في الخليج الذين يخشون من التأثير الاقليمي لايران.
ونددت دول الخليج يوم الاحد بما وصفته بالتدخل الايراني في شؤونها
بعد اعتراض ايران على ارسال قوات سعودية الى البحرين. ويقوم مجلس
التعاون الخليجي الذي يضم الامارات والبحرين والسعودية وعمان وقطر
والكويت بتنسيق السياسات العسكرية والاقتصادية في اكبر منطقة مصدرة
للنفط في العالم. والقوات التي ارسلتها السعودية والامارات ضمن قوات "درع
الجزيرة" التابعة للمجلس.
تصعيد الاعتقالات
من جهتها قالت مصادر بالمعارضة في البحرين ان السلطات أفرجت عن مدون
بارز لكنها اعتقلت اخرين بينهم طبيب مناصر للمعارضة في أحدث حملة
للاعتقالات منذ ان تحركت المملكة لفض احتجاجات بالشوارع.
وصعدت سلطات البحرين التي تحكمها أسرة ال خليفة السنية اعتقالها
لنشطاء على الانترنت وشيعة وألقت القبض على أكثر من 300 شخص وفقد
العشرات منذ بدء حملة ضد الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في المملكة.
وفرضت البحرين الاحكام العرفية في البلاد واستدعت قوات من دول
مجاورة يحكمها سنة بينها السعودية لاخماد حركة الاحتجاجات التي تقودها
الاغلبية الشيعية في البحرين. ويشكل الشيعة أكثر من 80 في المئة من
سكان البحرين الذين يطالب غالبيتهم بملكية دستورية.
وقال مطر ابراهيم مطر وهو عضو في جمعية الوفاق الوطني الاسلامية
أكبر جماعة معارضة في البحرين ان الجمعية أحصت اعتقال 329 شخصا بحلول
يوم الخميس ورجح أن يكون العدد الفعلي أكثر من 400. وأضاف أن 20 شخصا
على الاقل اعتقلوا امس الخميس وأن هناك 31 مفقودا.
وتحدثت تقارير عديدة عن فقد عدد من الناس يتكشف مقتلهم بعد ايام كما
يقول نشطاء وسياسيون ان عددا متزايدا من المنادين بالاصلاح يختبئون
تجنبا للاعتقال.
وأذهلت صرامة الحملة البحرينية - التي شملت حظر التجمهر ونشر قوات
أمن في نقاط تفتيش - شيعة البحرين وأغضبت ايران القوة الشيعية في
المنطقة.
وقالت لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الايراني في
بيان نشرته وكالة انباء الجهورية الاسلامية الرسمية "تعرف السعودية
اكثر من أي دولة أخرى ان اللعب بالنار في منطقة الخليج الفارسي الحساسة
ليس من مصلحتها." واستنكرت السعودية البيان الذي وصفته بأنه "غير مسؤول".
وقالت وكالة الانباء السعودية نقلا عن مسؤول سعودي لم تذكر اسمه "ليس
من حق ايران انتهاك سيادة مملكة البحرين أو اقحام أنفها في شؤونها أو
شؤون أي دولة خليجية."
وترى السعودية ودول عربية خليجية أخرى تخشى تزايد النفوذ الايراني
أن انتفاضة البحرين تمثل أكبر تهديد بين كل الانتفاضات الشعبية التي
تجتاح المنطقة منذ يناير كانون الثاني.
وقال النائب العراقي أحمد الجلبي في مؤتمر صحفي "نحن نطالب بانسحاب
القوات الاجنبية التي دخلت البحرين بذريعة حماية البحرين من التهديدات
الخارجية ونطالب بمحاسبة الذين قاموا بجرائم ضد الشعب البحريني." وأضاف
"المشكلة في البحرين هي انها قد تكون فتيلا لانفجار كبير في المنطقة."
واعتقل المدون البحريني البارز محمود اليوسف ثم أفرج عنه في ساعة
متأخرة من مساء الخميس. ويروج اليوسف منذ سنوات لحملة مناهضة للطائفية
بالبحرين تحت شعار "لا شيعي.. لا سني.. بس بحريني".
وقال في اتصال هاتفي "أنا في المنزل الان مع اسرتي. كل شيء على ما
يرام. عوملت معاملة حسنة. حققوا معي لكنهم لم يجدوا شيئا."
وذكرت مصادر المعارضة ان عبد الخالق العريبي وهو طبيب في مستشفى
السلمانية أكبر مستشفى في البحرين احتجز. وكان العريبي الذي يفكر في
ترشيح نفسه كنائب عن الوفاق قد انتقد علنا منع الاطباء من الوصول الى
المحتجين الجرحى.
وكانت المعارضة قالت الخميس ان السلطات البحرينية صعدت اعتقالها
لنشطاء على الانترنت وشيعة وانها ألقت القبض على أكثر من 300 شخص وفقد
العشرات منذ بدء حملة ضد الاحتجاجات التي تنادي بالديمقراطية في
المملكة.
وقال نبيل رجب رئيس مركز البحرين لحقوق الانسان ان الوضع خطير لان
تقريبا كل المدونين والنشطاء الذين لم يقبض عليهم مختبئون.
وأضاف أن السلطات داهمت 15 منزلا في الحي الذي يسكن فيه ليل يوم
الاربعاء لكنها لم تقبض سوى على اثنين وقال ان باقي النشطاء مختبئون.
وقال مطر ان جمعية الوفاق أحصت اعتقال 302 شخص حتى يوم الاربعاء
وأضاف أنه يعتقد أن العدد سيصل الى 400 معتقل قريبا.
امريكا تنتقد
فيما قالت وزارة الخارجية الامريكية ان اعتقال البحرين لمدون بارز
ونشطاء اخرين على شبكة الانترنت قد يزيد من صعوبة اجراء حوار سياسي بعد
الاضطرابات المناهضة للحكومة التي شهدتها المملكة في الاونة الاخيرة.
وقال مارك تونر المتحدث باسم وزارة الخارجية ان الولايات المتحدة
تشعر بقلق عميق لاعتقال المدون محمود اليوسف ولانباء اعتقال ناشطين
بارزين اخرين هذا الاسبوع.
وأضاف تونر في مؤتمر صحفي "نأمل ألا يعقد قرار الحكومة البحرينية
الخاص باعتقال المدونين ونشطاء الانترنت استئناف حوار وطني يجتذب وجهات
نظر واراء كل البحرينيين."
ودعت الولايات المتحدة التي لها قاعدة بحرية في البحرين الجانبين
لاجراء حوار سياسي موثوق. وقال تونر ان الولايات المتحدة تواصل الضغط
لاجراء محادثات سياسية. واضاف "ليس هناك حل أمني للوضع في البحرين.
هناك حاجة لحل سياسي.
حزب الله ينفي
من جهة أخرى نفت جماعة حزب الله اللبنانية أن تكون قد قدمت تدريبا
عسكريا لمحتجين شيعة من البحرين يطالبون باصلاحات في المملكة الخليجية
التي يحكمها سنة.
وقال وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد ال خليفة في مقابلة مع
صحيفة الحياة يوم الاربعاء ان حزب الله الذي وصفه بأنه منظمة ارهابية
درب عناصر بحرينية في لبنان.
وقدمت البحرين مذكرة رسمية للحكومة اللبنانية الاسبوع الماضي بسبب
عرض حزب الله المدعوم من ايران تقديم المساعدة للمحتجين مما ألقى الضوء
على توترات متنامية في أكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم بين دول عربية
يحكمها السنة وايران القوة الشيعية في المنطقة.
وفي كلمة نقلها التلفزيون في الاونة الاخيرة عرض السيد حسن نصر الله
زعيم حزب الله تقديم المساعدة للمحتجين في البحرين لكنه لم يحدد شكل
المساعدة.
وقال حزب الله في بيان انه لا يمكنه السكوت على الاتهام بتدريب
المحتجين ومحاولة اعطاء ما يحدث في البحرين بعدا عسكريا أو أمنيا.
وأضاف أن الاشقاء البحرينيين لم يطلبوا أي تدريب عسكري أو أمني من حزب
الله في أي يوم وأن حزب الله لم يقدم أي تدريب من هذا النوع لكنه قدم
دعما سياسيا وأخلاقيا فقط للمحتجين في البحرين.
ونفى حزب الله أن تكون أي كوادر له أو لبنانيين تابعين له يعملون في
المملكة الخليجية ونفى أن تكون له خلايا في البحرين سواء مكونة من
بحرينيين أو من أي جنسية أخرى.
وعلقت البحرين أيضا الرحلات الجوية الى لبنان وحذرت مواطنيها من
السفر الى هناك بعدما انتقد نصر الله في كلمته دولا عربية لانها تدعم
حكام البحرين بينما تؤيد في نفس الوقت المعارضة الليبية المسلحة.
وفرض الحكام السنة في البحرين الاحكام العرفية واستدعوا قوات من دول
خليجية مجاورة يحكمها سنة ومن بينها السعودية لقمع اضطرابات بدأت قبل
أسابيع في شكل مظاهرات تنادي بالديمقراطية وتنظمها الاغلبية الشيعية في
البحرين.
وجدد حزب الله ادانته لما وصفه باجراءات تعسفية وقمعية اتخذتها
الحكومة البحرينية ضد المحتجين.
جرائم السلطة الموثقة
وقالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن السلطات البحرينية تستهدف بشكل
منهجي المتظاهرين والمارة الجرحى جراء الاحتجاجات المناهضة للحكومة
بالمضايقة وسوء المعاملة، وتصل في بعض الحالات إلى حرمانهم من العناية
المركزة.
منذ تولت قوة دفاع البحرين السيطرة على المنشأة الطبية الأهم في
البلاد في 16 مارس/آذار 2011؛ عملت قوات الأمن والقوات العسكرية على
طرد وتهديد وضرب واحتجاز المرضى المصابين بسبب الغاز المسيل للدموع
والرصاصات المطاطية وخراطيش بنادق صيد الطيور والذخيرة الحية، ويتم
إخراج هؤلاء المرضى أو نقلهم قسراً إلى مرافق طبية أخرى، وغالباً ما
يتم هذا في تعارض مع الرأي الطبي السليم. وثقت هيومن رايتس ووتش بعض
تلك الحالات.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال
أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "ليس هناك أي مبرر لاعتقال شخص ما لمجرد
أنه ربما أصيب في حادث مرتبط بالاحتجاجات. حرمان المرضى من تلقي العلاج
هو ضد كل القيم الإنسانية، وهو العلاج الذي يعتبر في بعض الأحيان
حاسماً لإنقاذ الحياة، وقد يسبب الحرمان منه معاناة جسمية وضرر لا يمكن
إصلاحه".
في 27 مارس/آذار أخرجت قوات الأمن قسراً مريضاً شاباً من منشأة طبية،
كان قد دخلها للعلاج من إصابات خطيرة ناجمة عن شظايا خراطيش البنادق،
وكان المريض يعاني من ألم جمّ وقال الأطباء إنه يحتاج لعملية جراحية
عاجلة لاستخراج أكثر من 100 شظية من خراطيش البنادق اخترقت منطقة حوضه
وتسببت في تلف عدد من الأعضاء الداخلية.
ذهب المريض ذو الـ 22 عاماً الذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه إلى مركز
طبي محلي يوم 26 مارس/آذار، وقال المريض لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات
الأمن أطلقت عليه خراطيش البنادق من على بعد متر واحد تقريباً يوم 25
مارس/آذار، بعدما دخلت قريته رداً على الاحتجاجات المناهضة للحكومة.
وقال إنه بدأ يعاني من آلام حادة في المعدة وتقيأ بعدها بعدة ساعات.
سرعان ما أصبح الألم لا يطاق، فاقتاده أخوته إلى مركز طبي قريب ليتلقى
العلاج.
أعطاه الأطباء مسكنات للألم وتعاملوا مع عدد من الجروح السطحية التي
أصيب بها، وأجريت عليه أشعة سينية في منطقة الحوض والأرداف. وأظهرت
الأشعة التي أطلعت عليها هيومن رايتس ووتش أكثر من شظية خرطوش داخل جسم
المريض. وقال الأطباء له ولأسرته إنهم لن يتمكنون من تقديم العلاج له
لأن هناك بعض شظايا الخراطيش اخترقت جسده بعمق وتحتاج لتدخل جراحي.
في صباح يوم 27 مارس/آذار فحص مركز طبي آخر المريض، حيث قال له
الأطباء إنه بحاجة لجراحة عاجلة، وقالوا إنهم سيحتاجون لطلب دم من مجمع
السلمانية الطبي، وهو بنك الدم الوحيد في البلاد بالإضافة إلى مستشفى
قوة دفاع البحرين، وأبلغوا المريض أنمه لا يمكنهم طلب الدم من دون
تقديم معلومات المريض الشخصية والتي تشمل اسمه ورقم الهوية الوطنية
الخاصة به وطبيعة جروحه.
بعد نحو ما يقرب من الساعة ونصف الساعة، شاهد أحد أفراد فريق عمل
هيومن رايتس ووتش حوالي عشرة أفراد أمن بينهم شخصين يرتديان ملابس
مدنية وما لا يقل عن أربعة من شرطة مكافحة الشغب يحملون أسلحة يدخلون
المنشأة الطبية. وقال أحد ضباط الشرطة لـ هيومن رايتس ووتش إنهم أتوا
من مركز شرطة مدينة عيسى، وأنهم جاءوا لأخذ المريض. دخلوا غرفته
وأرغموه على النهوض عن السرير والوقوف على قدميه لإخراجه معهم، ولكن
المريض كان يعاني من ألم ملحوظ وقال لهم إنه لا يستطيع المشي. فرد عليه
أحد ضباط مكافحة الشغب "يمكنك الهرب من الشرطة ولكن لا يمكنك المشي
الآن؟"، وأتاه أحد العاملين المستشفى بكرسي متحرك.
وسألت هيومن رايتس ووتش رجال الأمن إلى أين يأخذون المريض، وقالت
لهم إنه بحاجة إلى عملية جراحية ولابد من بقاءه في المنشأة الطبية
ليتلقى العلاج، وأوصل طاقم المستشفى المعلومات ذاتها إلى قوات الأمن،
وقال أحد عملاء الأمن المرتدين ملابس مدنية لـ هيومن رايتس ووتش إن
لديهم أوامر بنقل المريض إلى السلمانية، ولكنه رفض الإفصاح عن أية
معلومات إضافية.
واقتادوا المريض إلى موقف السيارات في الكرسي المتحرك وتم وضعه في
سيارة رياضية بيضاء لا تحمل لوحات أرقام، وجلس أحد أعوان الأمن الذين
يرتدون ملابس مدنية خلف عجلة القيادة في حين جلس الآخر مع المريض في
المقعد الخلفي وقاد السيارة في حراسة أربع سيارات جيب تابعة للشرطة.
وعلمت هيومن رايتس ووتش في اليوم التالي من خلال قنوات غير رسمية أن
السلطات نقلت المريض إلى مستشفى قوة دفاع البحرين التي تديرها المؤسسة
العسكرية وأنه خضع هناك للعملية الجراحية. ولا توجد أية معلومات رسمية
متوفرة حول حالة المريض.
وشهدت هيومن رايتس ووتش على حالة مماثلة في 28 مارس/آذار، عندما
أُجبر أطباء في مركز طبي أخر على نقل جريح يبلغ من العمر 19 عاماً لم
يرغب أيضاً في الإفصاح عن هويته، نقلوه إلى قوات الأمن في السلمانية؛
لأنه كان بحاجة للعناية المركزة. تعرض هذا المريض أيضا لشظايا خرطوش
البنادق من مسافة قريبة يوم 25 مارس/آذار، واخترقت أكثر من 100 شظية
خرطوش الجانب الأيمن من جسده وأحدثت أضراراً في كليته اليمنى والقولون
ورئته اليمنى وتسببت بعدد من التمزقات والتهتكات.
وسعى المريض للعلاج بأحد المراكز الطبية المحلية، ولكن الأطباء
قالوا له ولأسرته إنه بحاجة إلى رعاية عاجلة، وتدخل جراحي محتمل، وأنه
سيكون من الضروري نقله إلى السلمانية أو مستشفى قوة دفاع البحرين. سمحت
له السلطات في نهاية المطاف أن يتم تحويله إلى السلمانية في سيارة
إسعاف دون مرافقة الشرطة وضمان أنه سيلقى معاملة لائقة. لا تزال عائلته
قلقة للغاية على حالته الصحية، ولا تزال تخشى أن تنقله السلطات إلى
الطابق السادس في السلمانية الذي يحتجزون فيه عدد كبير من المرضى
المصابين بجروح متعلقة بالاحتجاجات.
وكانت هيومن رايتس ووتش قد وثقت في وقت سابق حالة أخرى مماثلة. إذ
تعرض هاني عبد العزيز جمعة لشظايا خرطوش البنادق من مسافة قريبة، وتلقى
العلاج في مركز طبي وبذل الأطباء جهدهم نحو الساعتين لتحقيق الاستقرار
للحالة بعدما فقد كميات هائلة من الدم، وكان والد جمعة قد قال لـ هيومن
رايتس ووتش إن ابنه بعدما وصل للمركز الطبي وصلت سيارة إسعاف من مستشفى
قوة دفاع البحرين برفقة اثنين من الضباط الملثمين ونقل الضباط ابنه إلى
ذلك المستشفى، وكانت تلك هي المرة الأخيرة التي رأته فيها عائلته على
قيد الحياة.
في 29 مارس/آذار أعلن وكيل وزارة الداخلية للشؤون القانونية عن وفاة
ما لا يقل عن مريض واحد وآخر في حالة حرجة بسبب خشية أسرهم أن يتم
احتجازهم وإساءة معاملتهم وتأخر قبولهم في المستشفيات، مما "أدى لتدهور
في حالة ]واحد من المحتجين[ ووفاة الأخر". تأكدت هيومن رايتس ووتس أن
الوفاة التي أشارت لها الوزارة هي حالة وفاة جمعة. لا تعرف هيومن رايتس
ووتش إن كانت السلطات قد أرسلت أي بلاغات رسمية لأسر المريضين الذين تم
اقتيادهما للسلمانية ومستشفى قوة دفاع البحرين في يومي 27 و28 مارس/آذار.
وقال جو ستورك: "بيان وزارة الداخلية يتجاهل تماماً حقيقة صعوبة
القرارات التي اتخذها المرضى المصابين بجروح خطيرة وأسرهم، وكونهابسبب
سلوك قوات الأمن غير الإنساني في السلمانية وغيرها من المراكز الطبية
خلال الأسبوع الماضي".
وثقت هيومن رايتس ووتش العديد من الحالات للمرضى الذين يعانون من
إصابات متعلقة بالاحتجاجات، ممن نقلوا أو تلقوا علاجا في السلمانية، ثم
تعرضوا لمضايقات شديدة أو ضرب. قال شهود عيان عديدين لـ هيومن رايتس
ووتش إن سلطات السلمانية تفصل تلقائيا الأشخاص الذين يعانون من إصابات
متعلقة بالاحتجاجات عن بقية المرضى، وتنقل معظم المصابين بجروح ناجمة
عن شظايا خراطيش البنادق أو الذخيرة الحية لعنابر في الطابق السادس،
وإن هذا الطابق السادس مغلق أمنياً.
ووصف أحد المرضى السابقين الذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه محنة استمرت
ستة أيام في السلمانية. ذهب إلى هناك لتلقي العلاج من جروح في وجهه
وعينه وإبهامه نتيجة شظايا خراطيش البنادق، بعدما هاجمت قوات الأمن
المتظاهرين المناهضين للحكومة في دوار اللؤلؤة يوم 16 مارس/آذار. وقال
لـ هيومن رايتس ووتش إنه في حوالي الثامنة والنصف مساء 17 مارس/آذار
استمع هو وزملاؤه الأربعة في غرفتهم الواقعة في الجناح 23 أناس يصرخون
وصوت إغلاق أبواب بقوة، واقتحمت مجموعة من الرجال المسلحين الملثمين
وبعضهم في ملابس مدنية وأخرون يرتدون زي الشرطة الغرفة وطلبوا منه
وزملائه أن يعرفوا أنفسهم ويعطوهم عناوينهم وأن يصفوا طبيعة إصاباتهم.
أجبره المسلحون هو وزملاءه على النهوض من أسرّتهم، ودفعوهم إلى
الأرض، وكبلوا أيديهم من وراء ظهورهم، ثم ضربوهم وجروهم خارج الغرفة،
واقتادهم الرجال إلى منطقة استقبال المستشفى، وأجبروهم على الاستلقاء
على وجوههم وأيديهم مكبلة لأربع ساعات مع عشرات المرضى الأخرين. وقال
الشاهد إن الرجال كانوا يركلون ويسبّون المرضى بينما هم يطالعون
سجلاتهم الطبية.
وقال الشاهد إنه في اليوم التالي ما بين الرابعة والخامسة مساء
نقلته المستشفى وعديد من الأخرين المصابين بجروح متعلقة بالاحتجاجات
إلى الجناح 62 في الطابق السادس، وقال إنه من هذا المساء إلى صباح
اليوم التالي كان يدخل مجموعات من الرجال بعضهم بالزي العسكري وأخرين
في ملابس مدنية ومعظمهم ملثمين واستجوبوهم مرارا مسجلين التحقيقات على
شرائط فيديو، مطالبين بمعرفة العلاقات المزعومة مع شخصيات معارضة
وإيران وحزب الله واعتادوا استخدام مصطلحات ضد الشيعة أمام المرضى.
وقال في إحدى المرات إن أحدهم طلب من أخرين أن يضربوهم بأحذيتهم لأنهم
"نجس" أو قذرين، وضرب الرجال المرضى على رؤوسهم وأيديهم وأعناقهم.
قال الشاهد إن على مدى اليومين التاليين والمرضى في عنبر الدور
السادس المغلق أمنياً يتعرضون للضرب والاستجوابات المتكررة، وقال
الشاهد لـ هيومن رايتس ووتش إنه منذ 19 مارس/آذار بدأت السلطات تأمر
الأطباء بتقييم أحوال المرضى المصابين بجروح أقل خطورة، ثم راحت تأمر
المستشفى بإطلاق سراحهم. وفي 21 مارس/آذار تم الإفراج عنه هو وآخرون.
وقدم عدد من الشهود الآخرين لـ هيومن رايتس ووتش روايات مماثلة.
وقال جو ستورك: "حولت حكومة البحرين المراكز الطبية التي كان من
المفترض أن تكون ملاذاً آمناً وشفاء للمرضى والجرحى إلى مقرات للاحتجاز
في أوضاع ترقى في بعض الأحيان لمستوى التعذيب. ويتوجب على السلطات
السماح فوراً لجميع المرضى الذين يعانون من إصابات متعلقة بالاحتجاجات
بالوصول غير المشروط إلى المراكز الطبية والمستشفيات". |