تسليح ثوار ليبيا ومأزق رحيل الطغاة

كتب المحلل السياسي

 

شبكة النبأ: من البديهي بعد ان تجاوز النظام الليبي كل قواعد السلوك في مواجهة المحتجين بالعنف، دعا الرأي العام الدولي إلى حسم موقف الأنظمة العالمية تجاه ليبيا بدلا من التردد في موضوع تسليح الثوار أو عدم تسليحهم. حيث لا بد من إنهاء مسلسل الكر والفر الذي يميز المشهد الليبي بين قوات القذافي والمعارضة.

ودعا محللون سياسيون الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى عدم المغامرة بتسليح مقاتلين هواة وغير مدربين، فإنه إذا أقدم أوباما على تسليح الثوار الليبيين فعليه أن يكون مسؤولا عن تحمل قتالهم، لأن قبول مسؤولية تمكين طرف لهزيمة طرف آخر في حرب أهلية، يعني أن الولايات المتحدة مُجبرة على تحديد مسار الأمور في المرحلة التالية.

وحتى لو لم ترسل واشنطن جنودا إلى ليبيا، فسيكون هذا ثالث تورط للولايات المتحدة في حرب لإطاحة حكومة بلد مسلم في وقت واحد.

وقال محللون سياسيون في صحيفة بوسطن غلوب إن عدم الصبر هو المسيطر على الموقف الآن، فبينما تتفكك الدائرة المحيطة بالقذافي، سيكون ضعفاً لمقاتلي المعارضة لأن انشقاق وزير الخارجية موسى كوسا وأنباء إرسال سيف الإسلام القذافي مبعوثا إلى لندن للتفاوض، يوحي بأن القذافي وأبناءه أيقنوا أنهم لن يكسبوا المعركة.

من هنا وجهة الى الرئيس اوباما إلى الاستماع إلى وزيره دفاعه روبرت غيتس الذي قال في اجتماع اللجنة العسكرية بالكونغرس إنه إذا كان الثوار الليبيون يحتاجون السلاح فيمكن لأي طرف آخر أن يلبي طلبهم.

ويعتقد خبراء استعداد فرنسا ودول عربية لتسليح الثوار لأنها تريد التخلص من القذافي، فهو لن يحتاج لوقت طويل كي يتأكد من بدء التفاوض للبحث عن طريقة للخروج، وفي هذه المفاوضات يمكن إعطاؤه ملجأ آمنا في زيمبابوي أو أي بلد آخر يقبله، كما يجب أن تتضمن المفاوضات مرحلة انتقالية وانتخابات تحت مراقبة دولية تشارك فيها جميع الأطراف بعد أن تضع سلاحها وتتعهد بحفظ وحدة ليبيا، وتأسيس لجنة مصالحة وطنية.

فأنه مهما كان الشكل الذي تأخذه المرحلة الانتقالية، فيجب أن يكون مؤسسا على مبدأ رحيل القذافي.

ويعتقد خبراء إن نظام العقيد معمر القذافي أرسل أحد مبعوثيه الثقات إلى لندن لإجراء محادثات سرية مع المسؤولين البريطانيين.

وأكدت مصادر بريطانية أن محمد إسماعيل -رئيس مساعدي سيف الإسلام القذافي- وصل لندن مؤخرا. ويُعتقد أن الاتصال بإسماعيل إلى جانب اتصالات مع مسؤولين ليبيين آخرين دليل على أن النظام الليبي يبحث عن إستراتيجية خروج.

وجاء الإعلان عن زيارة إسماعيل عشية الانشقاق المثير لوزير الخارجية الليبي السابق موسى كوسا الذي كان قناة الاتصال الوحيدة بين بريطانيا ونظام القذافي.

ويقود الحديث مع كوسا فريق يتضمن السفير البريطاني في ليبيا ريتشارد نورذرن وضباط من جهاز (إم آي 6) لكنه قد يأخذ وقتا بسبب قلق كوسا على عائلته التي تركها في ليبيا.

ورفضت الخارجية البريطانية التعليق عن الاتصالات مع محمد إسماعيل أو أي مسؤولين ليبيين آخرين، لكن مصادر دبلوماسية غربية تتحدث عن أن أبناء القذافي -سيف الإسلام والساعدي ومعتصم- يبحثون عن طريق للخروج.

ورغم أنه وجه غير معروف سواء داخل ليبيا أو خارجها فإن تسريبات ويكيليكس قالت إن محمد إسماعيل معروف بين الدبلوماسيين على أنه ممثل لسيف الإسلام القذافي، كما أنه مثل الحكومة الليبية في مفاوضات شراء أسلحة.

وقال متحدث في الخارجية البريطانية إن الرسالة التي وُجهت له هي أنه على نظام القذافي أن يرحل وأنه ستكون هناك محاكمات في محكمة الجزاء الدولية.

كما تحدث بعض مساعدي أبناء القذافي أنه يمكن أن يتخلوا عن أبيهم من أجل منع انهيار ليبيا ووقوعها في براثن الفوضى.

وإحدى الأفكار التي طرحها محللون سياسيون هي أن يتخلى القذافي عن السلطة لابنه معتصم الذي يتولى رئاسة جهاز الأمن الليبي، وهذا ليصبح رئيسا لحكومة وحدة وطنية انتقالية تشمل المعارضة، ولا يُحتمل أن تلقى هذه الفكرة دعم الثوار ولا الغرب الذي يريد ذهاب القذافي.

وإنه نُقل أيضا عن علي عبد السلام التريكي رفضه الالتحاق بمنصبه في نيويورك بسبب الدماء التي سالت برصاص الأمن الليبي، وقال مسؤولون إنهم يتحققون من أنباء تحدثت عن انشقاق طارق خالد إبراهيم نائب رئيس البعثة الدبلوماسية الليبية في لندن.

وتقول الحكومة البريطانية إنها لم تمنح كوسا حصانة قضائية، لكن خبراء في صحيفة ذي غارديان اكدوا أن مصادر حكومية أشارت إلى أن بريطانيا لا تعتقد أن كوسا متورط في ممارسات القذافي، لأنه كان في قلب الاتصالات البريطانية مع نظام القذافي والتي بدأت بعد تخلي طرابلس عن دعم الجيش الجمهوري الإيرلندي في بداية تسعينيات القرن الماضي.

وقال مصدر بريطاني لم يقل أحد إن كوسا قديس، فهو أحد المقربين من القذافي وتم طرده من لندن في عام 1980 بعدما هدد باغتيال معارضين ليبيين، لكن لا ننسى أنه هو الذي أقنع القذافي بالتخلي عن برنامج أسلحة الدمار الشامل، وربما تكون لديه معلومات عن تفجير لوكربي.

وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إن لديه إحساسا أن كوسا لم يكن مرتاحا مع القذافي وأنه لمس هذا أثناء حديثهما الهاتفي يوم الجمعة الماضي، وقال هيغ "ما لمسته أثناء حوارنا هو أنه كان محبطا وغاضبا من الوضع في ليبيا.

ما الذي يمكن فعله

تساءل الكاتب الأميركي بروس تشابمان بشأن ما يمكن فعله مع العقيد الليبي معمر القذافي؟ وقال إن الدكتاتور مطلوب وهو لا يختلف عن بقية الحكام المستبدين العصبيين الذين يودون قتل الكثير من شعوبهم قبل أن يرحلوا، والذين يصعب إيجاد مكان لهم يلجؤون إليه.

وما العمل والحالة هذه مع القذافي؟ وما هي الخيارات المتاحة أمامه؟ خاصة وأنه لا توجد أي دولة ترغب في استقباله، بالرغم من محاولات إيطاليا تشجيع الاتحاد الأفريقي على إيجاد مكان يلجأ إليه العقيد، وربما يكون في أوغندا.

ولكن ماذا لو لم يتم إيجاد مكان يرحل إليه القذافي؟ أو أنه رفض القبول بذلك المكان؟ ويجيب الكاتب -في مقال نشرته له صحيفة واشنطن تايمز- أن القذافي وأولاده في هذه الحالة سيبقون يحاربون حتى النهاية.

وأما إذا تم العثور على ملجأ للدكتاتور وأعوانه خارج ليبيا، فيرى تشابمان أنه ليس من داع لأن تقوم المحكمة الجنائية الدولية بملاحقتهم.

ويعتقد محللون سياسيون إن الحكام المنتخبين لا يواجهون مشكلة عند تقاعدهم، ولكن غير المنتخبين والمستبدين، فيصعب التخلص منهم من جهة، ويصعب إيجاد مكان آمن لهم يلجؤون إليه من جهة أخرى؟

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 4/نيسان/2011 - 29/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م