النظام السعودي... هل يعيد بالمال هيبته؟

تعدد جبهات المواجهة داخليا وخارجيا

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يرى بعض المحللين للشؤون السياسية ان السلطات السعودية نجحت الى حد ما في التقليل من الاحتقان الشعبي الذي يسود تك المملكة الغنية، مستخدمة (مال المعز وسيفه) لكبح تطلعات المجتمع السعودي الذي يرزح منذ تولي آل سعود للسلطة تحت اوضاع معاشية واجتماعية تصادر معظم حقوق المواطنة وحقوق الانسان الطبيعية.

الا ان ذلك الاحتواء كما يذهب في رأيهم بعض المتابعين لن يجدي نفعا على المدى البعيد، مع استمرار السلطة القوانين التي تحظر حرية الرأي والمشاركة والتعبير، بالإضافة الى هيمنة العائلة المالكة على جميع مرافق الدولة المدنية والعسكرية، وغياب واضح للحريات العامة والخاصة ايضا.

وهو أمر تجلى مؤخرا في الاضطرابات التي شهدتها المملكة، عقب اندلاع الثورات الاخيرة في بعض دول المنطقة التي انتفضت شعوبها على الانظمة الديكتاتورية الشبيه بالنظام السعودي. فيما اعبر البعض ايضا في خطوات السعودية القمعية في البحرين وامداد النظام اليمني بالاسلحة الى قمع المحتجين محاولة استباقية لاحباط اي حراك داخلي يهدف الى التغيير، فهل سيكتب لها النجاح في ذلك ام سيؤول مسعاها الى الفشل اسوة بدعمها الضائع لنظام مبارك المخلوع؟

المال سلاح لإجهاض الثورة

فقد قالت مجلة "فورين آفيرز" الأميركية أن النظام السعودي ينجح عبر استخدامه لسلاح المال في تقويض حالة السخط ضده وضد ممارساته بالشكل الذي يجعله يبدو مختلفا وسط تصاعد موجة الثورات العربية.

وأشارت المجلة في تقرير تحت عنوان "حالة اللاغضب في الرياض" إلى أنه بفضل هذا السلاح خرجت الصحف السعودية تسخر من دعوات البعض إلى ما اعتبروه يوما للغضب في السعودية.

وأشار الكاتب إلى أنه لدى الحكومة السعودية الكثير من المال الذي يمكنها أن تنفقه لتقويض التعبئة السياسية في مواجهتها، الأمر الذي لا يتوافر لأي نظام عربي بشكل يمكنه من كسب رضاء جماهيره كما هو الحال بالنسبة للسعودية.

وأشار الكاتب إلى ما أعلنته السعودية منذ ثلاثة أسابيع عن زيادة الرواتب ومزايا للعاطلين عن العمل ودعم للسلع وإجراءات أخرى في حزمة إقتصادية تقدر بنحو 36 مليار دولار.

وأوضح أن هذه الحزمة وإن كانت لن تحل مشاكل الإقتصاد السعودي طويلة الأمد إلا أنها بالطبع تمثل وسيلة لامتصاص حدة الإستياء الشعبي حيث تحد من مستوى التضخم وعدم توفر المساكن وانتشار البطالة بين الشباب.

كما أشار التقرير إلى أنه مما يدعم النهج السعودي تركيبة قوات الأمن السعودية والتي تتشكل من القبائل في وسط وغرب السعودية من قلب منطقة آل سعود الأمر الذي يجعل أفرادها يلتزمون طاعة الأوامر بقمع المتظاهرين دون تردد، على خلاف الموقف بالنسبة للجيشين المصري والتونسي حيث يشعر أفراده برابطة مع المتظاهرين.

وأضاف التقرير أنه مما يحد من تأثير المعارضة السعودية أنها ما زالت منقسمة بالشكل الذي لا يجعلها تمثل تهديدا كبيرا، على خلاف ما حدث في مصر وتونس حيث اتحد أفراد الشعب من مختلف الطبقات والطوائف والأيديولوجيات على هدف واحد هو عزل مبارك وبن علي.

1.5 مليون نسخة من فتوى تحريم التظاهر

في السياق ذاته قالت وكالة الانباء السعودية ان المملكة العربية السعودية تطبع 1.5 مليون نسخة من بيان أصدرته هيئة كبار العلماء يحرم التظاهر في المملكة. وتمكنت السعودية من قمع محاولة لتنظيم مظاهرة حاشدة يوم 11 مارس اذار الجاري بوجود أمني كثيف في الشوارع. وأصدرت هيئة كبار العلماء الفتوى وأصدر أمراء بارزون تحذيرات قبل الموعد المقرر.

وقالت الوكالة "وجه المفتي العام بالاذن لعدد من المؤسسات الحكومية والاهلية بطباعة أكثر من مليون نسخة وتوزيعها." وأضافت أنه تم طبع 500 الف نسخة بالفعل.

وتابعت الوكالة أن الهيئة دعت في بيانها "الى بذل كل الاسباب التي تقوي اللحمة وتؤدي الى الالفة." والشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد ال الشيخ هو المفتي العام للمملكة وهو أيضا رئيس هيئة كبار العلماء. وتهيمن الاسرة الحاكمة في السعودية على السياسية لكنها تترك لرجال الدين سلطات واسعة للسيطرة على المجتمع. ويبلغ عدد سكان المملكة من السعوديين 18 مليونا.

وانتشرت الاحتجاجات الحاشدة التي أسفرت عن الاطاحة برئيسي مصر وتونس الى شبه الجزيرة العربية فامتدت الى البحرين واليمن وبدرجة أقل الى سلطنة عمان والكويت. بحسب رويترز.

وكان نشطاء على الانترنت حددوا يوم 11 مارس لبدء احتجاجات حاشدة في السعودية تطالب الاصلاح وتوزيع أكثر عدالة للثروة وبملكية دستورية.

انتخاب أعضاء مجلس الشورى

من جهته دعا أحد أفراد الأسرة الحاكمة في السعودية إلى انتخاب أعضاء مجلس الشورى الذي يقوم الملك بتعيينهم والبالغ عدد اعضائه 150. ودعا الأمير تركي الفيصل بن عبد العزيز رئيس مجلس إدارة معهد الملك فيصل للدراسات الإسلامية 'إلى انتخاب أعضاء مجلس الشورى السعودي'.

وشهد عدد أعضاء المجلس الذي أنشىء في عهد العاهل الراحل الملك فهد بن عبد العزيز سنة 1993 زيادة عدد أعضائه من 60 إلى 90 سنة 1997 ثم 120 سنة 2001، وقد زاد العدد إلى 150 في عام 2005.

وأكد الفيصل، وهو سفير سابق لدى الولايات المتحدة الأمريكية ، خلال كلمته في منتدى جدة الاقتصادي امس الأحد التي تناولت (المواطنة المزدهرة) 'أن هناك خللا كبيرا في سوق العمل بالمملكة سمح بوجود أكثر من 8 ملايين عامل غير سعودي (اجنبي)'.

وأوضح 'أن المواطنة المزدهرة تعني الاعتماد بشكل كبير على أبناء وبنات الوطن المؤهلين لتحقيق النهضة الشاملة، خصوصاً أن السعودية تملك إمكانات بشرية كبيرة'. بحسب يونايتد برس.

واستغرب الفيصل وجود أكثر من 8 ملايين عامل غير سعودي في سوق العمل، وقال 'لا شك أن ذلك يعني أن هناك خللا في التخطيط والتنظيم، ولا بد من وجود سياسات أكثر دقة من أجل تحقيق التوازن وتوطين الوظائف بما يسمح باستيعاب كل الشباب والفتيات خصوصاً أن الأرقام الرسمية تؤكد وجود آلاف الوظائف الشاغرة'.

وكان نائب وزير العمل الدكتور عبد الواحد بن خالد الحميد كشف مؤخرا أن الوزارة فشلت في سعودة الوظائف بسبب الصعوبات التي واجهتها 'العمل' من القطاع الخاص لتوظيف الشباب السعودي. وقال الحميد إن نسبة البطالة بين السعوديين بلغت 10 في المائة، مضيفا أن 'لدينا أكثر من 416 ألف سعودي وسعودية عاطلون عن العمل يبلغ الذكور منهم 68 في المائة'.

الإصلاحيون يشعرون بالإحباط

فيما ساد شعور بالإحباط شريحة كبيرة من المثقفين والمفكرين السعوديين بعد صدور أوامر الملك عبد الله بن عبد العزيز التي تلخصت في تقديم منح بمليارات الدولارات للمواطنين السعوديين والإعلان عن مشاريع صحية وتخصيص 60 ألف وظيفة لوزارة الداخلية ومنع وسائل الإعلام من نقد رجال الدين وإلا واجهت عقوبات.

وكان الملك ألقى بيانا مقتضبا في وقت سابق، حيا فيه ولاء السعوديين ووحدتهم الوطنية ومواجهة أعداء الدين، قبل أن تتلى مراسيمه على شاشات التلفزيون السعودي في بث حي والتي بلغت عشرين قراراً، سبعة منها كانت من نصيب التيار الديني في السعودية .

وهذا الخطاب هو الأول الذي يوجهه الملك عبد الله إلى الشعب السعودي منذ عودته إلى الرياض في الثالث والعشرين من شباط/ فبراير الماضي من رحلة علاجية إلى الولايات المتحدة وما تبعها من فترة نقاهة واستشفاء في المغرب.

واجمع عدد من السعوديين على أن الأوامر الملكية "محبطة لأنها عبارة عن حزم اقتصادية من باب رد الجميل للمواطنين على عدم تظاهرهم الجمعة الماضي والمشاركة" في ما اتفق على تسميته ب"ثورة حنين"، مؤكدين "أن المال لم يكن ولن يكون حلا بمفرده وسينتهي تأثيره بمجرد صرفه". وشددوا على أن القرارات الملكية السعودية" حملت الكثير من المال والقليل من الحرية".

وتساءل المدون السعودي أحمد الشريف عن السبب وراء عدم الإشارة إلى الإصلاحات السياسية "مثل حق حرية التعبير والإعلان ولو جزئيا عن انتخاب مجلس الشورى وإطلاق سراح المعتقلين الذين انتهت مدة محكوميتهم ومحاكمة المشتبهين منهم ورفع حظر السفر عن الآلاف من السعوديين الذين تحولت بلادهم إلى سجن كبير لهم".

وأوضح الشريف في اتصال هاتفي مع يونايتد برس انترناشونال "أن السلطة أرادت بذلك أن تقول للنخبة "مطالبكم وبياناتكم عرفناها.أما الشعب فنحن أعرف به منكم".

وعلم من مصدر من داخل الأسرة المالكة السعودية، طلب عدم الإشارة إلى اسمه، أن عدم الإعلان عن التشكيل الوزاري رغم انتهاء مدة الحكومة الحالية منذ السادس من فبراير/شباط الماضي "يعود إلى خلافات بين صناع القرار السعودي حول توزيع المناصب الوزارية واختيار الوزراء الجدد ومحاولة بعضهم فرض أبنائهم أو المحسوبين عليهم على طاولة مجلس الوزراء رغم عدم كفاءتهم" ،مؤكدا "أن استمرار الخلاف دون التوصل إلى اتفاق في القريب العاجل أمر ليس في صالح البلاد أو العباد".  وأشار المصدر في اتصال هاتفي مع يونايتد برس انترناشونال إلى أن بقاء عدد من الوزراء "المغضوب عليهم شعبيا لا يخدم الصالح العام".

ويتفق هذا الرأي مع الطروحات التي طغت مؤخرا على الساحة السعودية حول أهمية "تأمين الوطن من أي صراع مستقبلي على السلطة وأهمية فصل السلطات عن بعضها".

ويرى نشطاء أن المطالب الخاصة بالإصلاحات السياسية والاقتصادية هي حاجة ملحة، وهم قاموا على مدى الفترة الماضية بإعداد عرائض سياسية وقعت عليها نخب سياسية وثقافية وشبابية.  وكان وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل أشار في وقت سابق من هذا الشهر الى إن الحوار هو الذي يقود إلى التغيير وليس الاحتجاجات .

وتفادت السعودية حتى الآن موجة الاحتجاجات الشعبية التي تجتاح العالم العربي لكن مشاعر السخط تتزايد مع انتشار الاضطرابات في الدول المجاورة مثل اليمن والبحرين والأردن وسلطنة عمان .

واستغرب إعلامي سعودي قرار منع انتقاد العلماء وأفكارهم أو فتاويهم وقال ليونايتد برس انترناشونال، طالبا عدم الكشف عن اسمه، أن القرار"وضع رجال الدين وكأنهم آلهة، بينما كان أصحاب النبي محمد لا يترددون في مناقشته ولا يتردد هو في مشاورتهم".

وأضاف الإعلامي ان رجال الدين السعوديين "ليسوا أفضل من الخليفة عمر الذي قال قولته المشهورة على المنبر 'أخطأ عمر وأصابت امرأة'، حين أمر بتحديد مهر الزواج" .

واعتبر آخرون أن اعتماد 60 ألف وظيفة لوزارة الداخلية وليس لوزارة الدفاع دليل على أن الأسرة الحاكمة في السعودية تشعر بالقلق من الداخل أكثر من خشيتها من أعداء الخارج.

إلا أن هناك إجماع بين السعوديين على أهمية قرار إنشاء هيئة لمكافحة الفساد مرتبطة بالملك رغم أن السعودية لم تصدق على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، حسب قول الإصلاحي محمد العلي، هو "مدى قدرة رئيسها وهو من أبناء الشعب على مواجهة ووقف فساد يستشري في وزارات أو هيئات ومصالح وشركات يقف خلفها أمراء سعوديين متنفذون قد يتحاشى حتى الملك نفسه الاصطدام بهم".

وتضمن أمر ملكي اليوم إنشاء "الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد" ترتبط مباشرة بالملك نفسه ،وتعيين رئيس لها برتبة وزير، مشيرا الى أن مهامها تشمل كافة القطاعات الحكومية "ولا يستثنى منها كائنا من كان". كما دعا الأمر جميع الوزارات والمؤسسات والمصالح الحكومية إلى التعاون وتقديم كافة عقودها للهيئة.

بدوره استغرب المحلل الاقتصادي سعد المهنا عدم صدور قرار يتعلق بدعم سوق الأسهم "الذي كان تدهوره ولا يزال سببا رئيسا في إفلاس غالبية السعوديين واتساع مساحة الفقر في البلاد"، مشيرا إلى انه "في استطاعة الدولة ضخ المزيد من الأموال إلى السوق ورفع النسبة القصوى لارتفاعات أرباح الأسهم وتخفيض نسبة الخسائر والسماح للشركات بشراء أسهمهما وهي كلها إجراءات في متناول الدولة".

وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز في جدة الدكتور وديع كابلي أن حل أزمة السوق يتمثل في الدعم الحكومي لسوق المال السعودية،وأضاف "لابد أن تتدخل الحكومة باستمرار من خلال صناديقها واستثماراتها في السوق بشراء كميات كبيرة من الأسهم بهدف إنقاذ السوق من حالة الانهيار". "يو بي اي"

احتجاز المعارضين دون اتهامات

من جانبها قالت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومة السعودية أن تُفرج فوراً عن المتظاهرين والمعارضين الذين أوقفتهم واحتجزتهم دون نسب اتهامات إليهم خلال الأسابيع الماضية. تم القبض على أكثر من مائة شخص في القطيف، وحوالي 45 آخرين في الإحسا، وهما من مناطق تركز السكان الشيعة في المنطقة الشرقية بالمملكة. كما تم القبض على عدد أقل من الأفراد في الرياض والقصيم.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن هذه الاعتقالات تنتهك حقوق الأفراد في التعبير عن الرأي والتجمع.  وقال كريستوف ويلكى، باحث أول في هيومن رايتس ووتش معني بمنطقة الشرق الأوسط: "بينما أعلن الملك عبد الله عن منح مالية للمواطنين السعوديين، تلجأ شرطته إلى القبض على من يعبرون عن الرغبة في تغييرات أعمق. معدل الاعتقالات ارتفع كثيراً على مدار الأسبوعين الماضيين".

طالب السعوديون بالتغيير السياسي في أعقاب الحركات الشعبية التي أدت لخلع رئيسي تونس ومصر، لكن الحكومة لم تستجب لمطالب إعداد دستور وإدخال برلمان مُنتخب، أو الإفراج عن السجناء السياسيين.

وفي مطلع مارس/آذار أكدت وزارة الداخلية وهيئة كبار العلماء علناً على حظر الحكومة للتظاهرات، قبيل "يوم الغضب" السعودي الذي كان من المخطط له يوم 11 مارس/آذار. في ذلك اليوم، تظاهر مئات الأشخاص في شوارع القطيف والإحسا، مطالبين بالإفراج عن تسعة رجال دين شيعة محتجزين منذ 13 عاماً دون نسب اتهامات إليهم أو محاكمتهم، وتظاهر العشرات في الرياض مطالبين بالإفراج عن آلاف المشتبهين الأمنيين السنة الذين جرى احتجازهم دون اتهامات أو محاكمة، بعضهم منذ أكثر من سبعة أعوام. وقعت تظاهرات مماثلة في المنطقة الشرقية يومي 17 و18 مارس/آذار، وفي الرياض يوم 20 مارس/آذار.

وأمام وزارة الداخلية بالرياض، احتجزت الشرطة بهية ودانا وبدرية الرشودي وتم التحفظ عليهن لمدة يوم، حسب قول اثنين من النشطاء الحقوقيين لـ هيومن رايتس وتش. المذكورات هُن بنات سليمان الرشودي، القاضي السابق البالغ من العمر 76 عاماً والمطالب بالإصلاح، الذي تم القبض عليه في فبراير/شباط 2007 واحتجز لسنوات قبل أن يتهمه الادعاء مؤخراً، على حد قول محامي لرجل آخر تم القبض عليه واحتجازه مع الرشودي. الرشودي ممنوع من الاتصال بمحاميه. وكانت بناته قد خرجن للمطالبة بالإفراج عنه.

ليلة 20 مارس/آذار قبضت السلطات على محمد بجادي من بيته في منطقة القصيم، بحسب بيان صادر عن الجمعية السعودية للحقوق السياسية والمدنية، وبعد تأكيد ناشط آخر لهذا الخبر. البجادي، أحد أعضاء الجمعية - التي رفضت الحكومة منحها رخصة للعمل - كان يدعم الأهالي المتظاهرين أمام وزارة الداخلية الذين راحوا يطالبون بالإفراج عن أقاربهم. مبارك بن زعير، المحامي وابن سعيد بن زعير وشقيق سعد بن سعيد بن زعير، محتجز دون نسب اتهامات إليه من قبل المباحث، التي احتجزت أيضاً عبد العزيز القفري، الذي تظاهر للمطالبة بالإفراج عن أخيه.

وقال الدكتور عبد الكريم الخضر لـ هيومن رايتس ووتش إنه يوم 20 مارس/آذار خرج من بيته في القصيم إلى وزارة الداخلية بالرياض للسؤال عن ابنه، ثامر، الناشط الحقوقي المحتجز دون اتهامات منذ مارس/آذار 2010. قامت الشرطة هناك بالقبض على ابنه الآخر، جهاد البالغ من العمر 17 عاماً، ولم يسمع الخضر أي شيء عن جهاد حتى مطلع 25 مارس/آذار، عندما رآه للحظة في مركز شرطة المعذر. أخبره المسؤولون هناك بأن رؤسائهم حظروا أي اتصالات بالمقبوض عليهم.

المباحث - وهي هيئة الاستخبارات الداخلية السعودية - وتدير سجون خاصة بها، قبضت أيضاً على مواطنين سوريين على مدار الشهر الماضي، على ما يبدو على خلفية انتقاداتهم السلمية للأوضاع السياسية. في 26 فبراير/شباط قامت المباحث بتوقيف بشار محرز عبود من مكتبه بالرياض، حيث كان قد بدأ العمل مؤخراً محرراً لمجلة موبايلي، وهي مجلة لشركة هواتف نقالة تحمل الاسم نفسه، على حد قول ناشط يعمل من جدة، لـ هيومن رايتس ووتش.

كان عبود يعمل منذ ثمانية أعوام في صحيفة عكاظ اليومية الشهيرة، واستمر في الكتابة لهذه المطبوعة. مقاله الأخير الذي كتبه قبل توقيفه بقليل، وصف فيه تفصيلاً حياة المخرج السوري عمر أميرالاي، الذي مات في الخامس من فبراير/شباط. كان أميرالاي ناشطاً بارزاً يدفع بالتغيير السياسي في سوريا، وقام بتوقيع طلبات في 2000 و2005 للدعوة لوضع حد لحُكم الطوارئ والإفراج عن السجناء السياسيين. زوجة عبود - وهي في سوريا حالياً - قالت لـ هيومن رايتس ووتش إنها تلقت مكالمة من زوجها في 19 مارس/آذار يقول إنه في سجن الحائر جنوبي الرياض، وأن المحققين انتهوا من تحقيقهم في مقاله.

وفي 21 مارس/آذار - في الرياض أيضاً - أوقفت المباحث د. علاء الراشي، صاحب "بيت النقد الثقافي" وهي شركة نشر سورية. وزارة الثقافة والإعلام السعودية دعت الراشي إلى معرض الكتاب الدولي في شهر فبراير/شباط، حيث عرض كتب دار النشر. وقال د. عبد الله الحامد - الإصلاحي السياسي السعودي الذي تعتبر كتبه ممنوعة في المملكة - لـ هيومن رايتس ووتش، إن كتبه عن القيم الإسلامية والحكم الدستوري قد عرضها الراشي في معرض الكتاب. زوجة الراشي أكدت هذه الرواية لـ هيومن رايتس ووتش وقالت إن الرقابة الحكومية صادرت هذه الكتب من معرض الكتاب، لكنها لم تُشر إلى تحركات قانونية ضد الراشي.

وقبضت قوات الأمن بالمنطقة الشرقية على العديد من الأشخاص أثناء انعقاد الاحتجاجات هناك في 11 و17 و18 مارس/آذار. قبضوا على أربعة أشخاص في 25 مارس/آذار أثناء تظاهرات صغيرة في الربيعية والعوامية بمنطقة القطيف، حسب قول ناشط من المنطقة لـ هيومن رايتس ووتش.

قال أحد أعضاء لجنة من ثمانية أفراد يمثلون أهالي المحتجزين، لـ هيومن رايتس ووتش، إن في 23 مارس/آذار طلبوا الاجتماع بحاكم المنطقة الشرقية، الأمير محمد الفهد بن عبد العزيز آل سعود لطلب الإفراج عن أكثر من 110 شخصاً محتجزين في الاحتجاجات على مدار الأسابيع الماضية، منهم أكثر من 12 طفلاً. أفرجت قوات الأمن عن عشرة متظاهرين على مدار الأسبوع الماضي.

ورفض الأمير محمد عقد الاجتماع. نائبه الأمير جلوي بن عبد العزيز آل جلوي قابل الأهالي، لكنه رفض الإفراج عن المتظاهرين ما لم يهدئ القيادات احتجاجات الشوارع، حسب قول أحد الحاضرين في الاجتماع لـ هيومن رايتس ووتش. لم تتهم الحكومة أي من المتظاهرين المحتجزين، لكنها طلبت من المتظاهرين المُفرج عنهم مؤخراً من القطيف، بالتوقيع على تعهد بعدم المشاركة في أي تظاهرات في المستقبل.

تحدثت هيومن رايتس ووتش في 17 مارس/آذار إلى شخصين شاركا في المظاهرة ذلك اليوم. قالا إن التظاهرات كانت سلمية، لكن حوالي الساعة 8:25 مساءً، قام أحد أعوان الأمن، في ثوب مدني، بسحب مسدس وأطلق النار على اثنين من المتظاهرين، هما علي الزايد وعلي الصفار، فألحق بهما إصابات. كان الاثنان من بين مجموعة حاولت إبعاد كاميرا من يد شخص يُشتبه في أنه ضابط مباحث، راح يلتقط الصور للمتظاهرين. ثم قامت قوات الأمن بشن حملة اعتقالات واسعة ونقلت المصابين من المتظاهرين إلى مستشفى عسكري، بحسب أقوال متظاهرين ومصادر إخبارية محلية. طردت السعودية مراسل رويترز أولف لاسينغ، بسبب تغطيته للواقعة.

ويبدو أن بعض الاعتقالات تعسفية، واستهدفت بالخطأ أشخاص لم يشاركوا في التظاهرات. تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى شقيق عبد الله الزايد، الذي قال إن قوات الأمن قبضت على شقيقه بعد عودته بالسيارة من الكويت مباشرة، في 18 مارس/آذار، على اعتقاد أنه أحد المتظاهرين، رغم أنه كان خارج البلاد. قريب شخص آخر محتجز على خلفية التظاهر، هو حسين اليوسف، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن قبضت عليه وهو واقف بجوار متجره في أحد شوارع القطيف، وكانت المظاهرات تمر بالشارع، رغم أنه لم يشارك في الاحتجاجات.

ومن منطقة الإحسا جنوبي المنطقة الشرقية، تلقت هيومن رايتس ووتش قوائم محدثة بالمتظاهرين الموقوفين في تظاهرات صغيرة هناك أيام 11 و18 مارس/آذار. قبضت الشرطة على 27 شخصاً في 11 مارس/آذار، منهم سبعة أطفال، وأفرجت عن شخص واحد فقط، طبقاً لناشط من المنطقة. في 18 مارس/آذار، قبضت الشرطة على 18 شخصاً آخرين، على حد قول ناشط آخر، وثلاثة منهم تم الإفراج عنهم بعد ذلك. لم يتم نسب اتهامات لأي من الموقوفين.

يضمن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية حرية التعبير والتجمع في المادتين 19 و21. وليست السعودية دولة طرف في العهد، لكن في عام 2009 صدقت على الميثاق العربي لحقوق الإنسان، الذي يكفل بدوره هذه الحقوق. السعودية دولة طرف في اتفاقية حقوق الطفل، التي تكفل حرية التعبير والتجمع في المادتين 13 و15 منها. الاتفاقية تنص أيضاً في مادة 37 على أنه لا يتم احتجاز الأطفال إلا "وقفاً للقانون... كإجراء أخير ولأقصر فترة ممكنة" وأنه يجب "فصلهم عن البالغين داخل الحجز" وأن يتاح لهم الحق في الاتصال بأسرهم.

وقال كريستوف ويلكى: "بالقبض على المعارضين السلميين ورفض أي حديث عن الإصلاح السياسي، فإن حُكام السعودية يتحولون سريعاً لكونهم آخر معقل في المنطقة لمقاومة التغيير الديمقراطي".

انتخابات للمجالس البلدية

من جهة اخرى ذكر موقع حكومي سعودي الكتروني أن السعودية تعتزم بدء انتخابات للمجالس البلدية الشهر القادم في أول تنازل سياسي من المملكة الحليفة للولايات المتحدة منذ وصلت الاحتجاجات التي اجتاحت المنطقة الى السعودية.

ولم يذكر الاعلان الذي نشر على موقع وزارة الشؤون البلدية والقروية ما اذا كانت النساء ستتمكن من المشاركة ولم يكشف عن مزيد من التفاصيل. وقال ان الانتخابات "تنطلق أولى مراحلها يوم السبت 19/5/1432" وهو التاريخ وفقا للعام الهجري المرجح أن يوافق 23 ابريل نيسان.

وأجرت السعودية اكبر دولة مصدرة للنفط في العالم انتخابات لنصف مقاعد المجالس البلدية عام 2005 وذلك للمرة الاولى منذ 40 عاما. وأجريت على عدة مراحل ولم يسمح للنساء بالادلاء بأصواتهن او الترشح لها.

وكان من المقرر اجراء جولة أخرى عام 2009 لكن الحكومة أعلنت التأجيل لعامين. وقال البيان الذي نشر على الموقع الالكتروني ان الوزارة بدأت الاعداد للانتخابات الجديدة منذ عدة اشهر قبل حلول موعد نهائي لاجراء الانتخابات في اكتوبر تشرين الاول. بحسب رويترز.

وتحاول الحكومة تجنب موجة من الاضطرابات الشعبية أطاحت برئيسي مصر وتونس وامتدت الى اليمن والبحرين وسلطنة عمان.

فيما قالت اللجنة العامة للانتخابات ان النساء في السعودية لن يسمح لهن بالتصويت في الانتخابات البلدية التي تأخرت طويلا وتجرى في سبتمبر أيلول. وأضافت المفوضية في بيان أنه لا يوجد ما يحول دون مشاركة النساء ولكن ذلك بحاجة لبعض الترتيبات التي لا يمكن اتمامها في كل مناطق المملكة.

ينامون ببطون خاوية

الى ذلك كشفت سيدة سعودية ، في بلد يبلغ إنتاجه النفطي 9 ملايين برميل يوميا ويعتبر ثالث أغنى دولة في العالم من حيث الدخل ، أن أولادها ينامون ببطون خاوية ولا تجد ما تقوله لهم صباحاً لان زوجها عاطل عن العمل.

واشتكت مواطنة سعودية "35 عاماً" من سوء حياتها المعيشية والفقر الذي تعانيه هي وزوجها "40 عاماً"، مؤكدة أنها وزوجها لا يملكان أياً من مقومات الحياة؛ فلا توجد وظيفة لديهما، ولا سيارة تقلهما، ولا بيت يجمعهما، وذلك بعد أن تم فصل زوجها من الخدمة العسكرية بسبب غيابه عن العمل بسبب مرض والدته والانشغال بها.

وذكرت المواطنة لصحيفة "سبق" أن مدارس أبنائها أنذرتهم بالفصل بعد كثرة غيابهم عن المدرسة بسبب بُعد مدرستهم وعدم استطاعتهم دفع أجور المواصلات، وأن زوجها أُصيب بالوسواس القهري، وحالته أصبحت سيئة للغاية.

وقالت "عملتُ في كل مكان، ولكن الراتب لا يكفيني؛ لأنني لا أملك سوى شهادة سادس ابتدائي والراتب 600 ريال، وأنا مستأجرة شقة، وصاحبها يهددني بالطرد إنْ لم أدفع الإيجار".

وكان وزير الشؤون الاجتماعية السعودية يوسف العيثمين أكد أن عدد الفقراء في السعودية لا يمكن أن يتجاوز المليونين مشككاً في أرقام الصحف السعودية. بحسب يونايتد برس.

وكان أعضاء في مجلس الشورى اعلنوا مؤخرا أن 22 في المائة من سكان السعودية فقراء وذلك بناء على إحصائيات التقرير السنوي لوزارة الشؤون الاجتماعية ، رغم الإعلان عن إنشاء إستراتيجية وطنية لمكافحة الفقر منذ نحو ثلاثة أعوام تقريبا.

وكان التقرير قد تحدث عن وجود 3 ملايين سعودي تحت خط الفقر، وانتقد دور الحضانة التي يبلغ عددها 4 دور فقط على مستوى المملكة.

أزمة السكن

 على الصعيد ذاته ذكر تقرير للبنك السعودي الفرنسي أن شركات البناء الخاصة والعامة تحتاج لبناء 275 ألف وحدة سنويا حتى عام 2015 للوفاء بالطلب على نحو 65ر 1 مليون منزل جديد في البلاد.

وفي خطوة أخرى لمعالجة المشكلة انشأت المملكة وزارة للاسكان. لكن عدم وجود قانون تمويل عقاري واضح المعالم والذي يجري إعداده منذ نحو عقد ترك السعودية بدون إطار يحكم الملكية العقارية مما أثنى البنوك الاجنبية عن إقراض شركات البناء وحال دون دخول شركات بناء خاصة الى السوق. وقال خبراء بالقطاع ان معدل انتشار التمويل العقاري في السوق العقارية السعودية اثنين في المئة فقط.

كان وسيم سيفي رئيس الانشطة المصرفية العالمية في ستاندرد تشارترد قال في وقت سابق من هذا الشهر "30 في المئة فقط من السعوديين يملكون منازل فعليا وأقل من واحد في المئة من جميع المنازل المشتراه تتم بتمويل عقاري."

وتابع "معظم الزيادة حتى الان في الفئة العليا ... نحتاج لان نرى عددا كبيرا من الوحدات الاضافية في الفئة المتوسطة حيث يوجد الطلب الحقيقي في المجتمع السعودي."

وقال سيفي انه لا توجد سوق عقارية قوية في السعودية تجتذب المستثمرين وان أحد الاسباب الرئيسية لذلك عدم اقرار قانون التمويل العقاري بعد. وتابع "لذا معظم التمويل سيكون بمساعدة الدولة فضلا عن قروض شخصية او عائلية في بعض الاحيان لمحاولة تضييق الفجوة."

وتقدم البنوك قروضا لسعوديين اثرياء ولكن لا يوجد تشريع حاليا يحدد الخطوات المتخذة في حالة عجز المقترض عن السداد.

ويؤدي ذلك لإحجام البنوك عن التوسع في الاقراض ويدفع المواطن السعودي العادي الى الاعتماد على صندوق التنمية العقارية التابع للدولة الذي يقدم قروضا بدون فائدة.

ومع انتظار إقرار مشروع القانون يستمر قلق العاملين في الصناعة بشأن توقيت اقراره والتشكك بشأن تنفيذه بفعالية. وقال جون سفاكياناكيس كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي "ستتابع البنوك كيف سينفذ القانون أولا. لن تفتح الباب على مصراعيه وتقدم المال للجميع."

وحتي عند اقرار القانون فانه لن يحل مشكلة نقص المساكن كليا. وذكر سفاكياناكيس "ما يفعله القانون انه يتيح الحصول على تمويل ولكنه لا يحل بالضرورة مشكلة القدرة المالية ما لم يكن هناك ضغوط تدفع الاسعار للنزول."

وذكر البنك السعودي الفرنسي في تقريره أن متوسط سعر فيلا صغيرة في العاصمة الرياض زاد بنسبة 19 في المئة في النصف الثاني من عام 2010 بينما ارتفع السعر في جدة بنسبة 17 في المئة.

وتابع البنك ان الحد الادني للاجر اللازم للحصول على قرض لشراء فيلا أو شقة ليس في متناول عدد كبير من موظفي الدولة والقطاع الخاص الذين تقل اجور معظمهم عن ثمانية الاف ريال (2133 دولار) شهريا. وقال سفاكياناكيس "السبيل الاخر رفع الدخل وهو ليس حلا على المدي القصير الى المتوسط."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 30/آذار/2011 - 24/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م