الحركات الاسلامية في مصر... بين ريبة المجتمع وحاجز السلطة

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: بعد انتصار الثورة المباركة في مصر والتي اسقطت نظام مبارك الفرعوني على يد الشباب الطامح الى الحرية تغيرت الكثير من الامور وعادت مرة اخرى الحياة السياسية الى الكثير من الحركات والاحزاب والتيارات التي حرمت لعقود طويلة من ممارسة ايه نشاطات قد تفسر كتهديد للنظام القائم.

ان الحركات الاسلامية وفي مقدمتها الاخوان المسلمين من اكثر المستفيدين من انتصار الثورة، فبعد حرمان طويل عادت هذه الاحزاب الى الساحة وسط تحشيد جماهيري وتنظيم متميز من اجل المشاركة الفعالة التي تضمن لهم صعود هرم السلطة في مصر بيسر وسهولة خصوصاً وان الانتخابات باتت تطرق الابواب.

ان الاجراءات التي قام بها المجلس الاعلى للقوات المسلحة الحاكم في مصر من خلال اطلاق حرية الاحزاب الدينية المحظورة والافراج عن رموزهم الدينية المعتقلة منذ اكثر من ثلاثين عام وطموحهم العالي في الفوز بنسب عالية في الانتخابات المقبلة بعد ان غيرت سياستها القديمة والمعلنة في حمل السلاح الى السياسة الجديدة من خلال الحرية وصناديق الاقتراع، جعل من هذه الاحزاب قوة لا يستهان بها ومنافساً لدود للأحزاب الاخرى خصوصاً العلمانية منه، ومن الممكن جداً ان تكون لها صولة بارزة اذا ما حدثت الانتخابات في الموعد المقرر لها.  

طموحات الاخوان المسلمون

لا تعتزم جماعة الاخوان المسلمين السعي الى السلطة في انتخابات مصر هذا العام لكنها تقول انها لن تقيد طموحاتها السياسية الى الابد وتريد من الاحزاب العلمانية تنظيم نفسها لتعزيز المنافسة الحقيقية، وقال محمد البلتاجي القيادي بجماعة الاخوان "يجب على الجميع أن يتحرك لنصل الى وقت نصبح كباقي دول العالم فيها 3 او 4 أحزاب قوية"، وأضاف "هناك بطء في حركة الاحزاب" مشيرا الى النشطاء العلمانيين الذين وحدت جماعة الاخوان صفوفها معهم في احتجاجات حاشدة أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك مما ساعد في اشعال انتفاضات في دول عربية أخرى تراقب الان وتيرة الاصلاح في مصر.

يذكر ان جماعة الاخوان المسلمين تأسست عام 1928 وبزغت من عقود من القمع كأكثر جماعة سياسية مصرية تنظيما مما أثار مخاوف بين العلمانيين بشأن الدور السياسي للاسلاميين في واحدة من أكثر الدول العربية تأثير، وتحرص جماعة الاخوان على طمأنة المصريين وفي هذا الاطار قالت انها لن تقدم مرشحا للرئاسة ولن تسعى الى الحصول على الاغلبية في البرلمان في الانتخابات التي حدد المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي سلمه مبارك سلطاته موعدا مبدئيا لها في سبتمبر ايلول المقبل. بحسب رويترز.

لكن البلتاجي قال "لن نبقى طول الدهر لا نسعى الى الحكم ولا نسعى لاغلبية ولا نسعى الى الرئاسة، هذا موقف مؤقت لحين أن تصبح هناك قوى قادرة على التنافس وقتها سنشارك في هذا التنافس"، ويعد التلاعب بالانتخابات على مدى سنوات لا توجد وسيلة دقيقة لقياس شعبية جماعة الاخوان التي كانت محظورة في عهد مبارك غير أنه سمح لها بممارسة نشاطها في حدود، ومنذ اسقاط النظام تحركت الجماعة لتصبح في قلب الحياة العامة وكانت تمثل دائما التحدي الرئيسي من جانب المعارضة في الانتخابات غير أن قلة من المصريين كانت تشارك في الانتخابات لانه كان يتم التلاعب بها لصالح مبارك، ومن المتوقع أن تستقطب الانتخابات هذا العام ملايين الناخبين الذين لم تسبق لهم المشاركة.

وقال البلتاجي "شراكة بمعنى أن التيار الاسلامي في قلب الاحداث دون أن يكون متصدرا لها"، وهو يتوقع أن تكون الحركات الاسلامية في المستقبل بالمنطقة جزءا من الحياة السياسية لا أن تهيمن عليه، وقال البلتاجي انه يجب أن يظهر القوميون واليساريون والليبراليون، وأضاف "اذا سعى التيار الاسلامي أن يكون العنصر السائد في مواقع المسؤولية ربما ندخل في اشكالية كبيرة، واذا سعت القوى الاخرى الى أن تحجم أو أن تقصي التيار الاسلامي فسندخل في اشكالية اكبر" مذكرا بالصراع الذي شهدته الجزائر عام 1991 حين ألغيت الانتخابات التي كان من المرجح أن تسفر عن فوز الاسلاميين.

والبلتاجي (47 عاما) طبيب ويتفق مع نمط قيادات جماعة الاخوان بمصر والتي تكون عادة من المهنيين الذين ينتمون للطبقة المتوسطة، وانضم للجماعة حين كان في السادسة عشرة من عمره، وكانت قيادات جماعة الاخوان قد قالت ان الجماعة ستخوض الانتخابات على نحو ثلث مقاعد البرلمان أو أكثر ولن تخوض انتخابات الرئاسة التي ستجري في ديسمبر كانون الاول أو ربما بعد ذلك، وقال البلتاجي ان أولويات الجماعة ستكون الاصلاح السياسي وضمان الحريات العامة والسياسية والعدالة الاجتماعية واستعادة النفوذ الاقليمي لمصر، وأضاف أن جماعة الاخوان تؤيد تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية بدرجة كبيرة.

ولدى سؤاله عن دور الشريعة الاسلامية في تشكيل البرنامج السياسي للجماعة أجاب "هذا كله متوافق مع الشريعة غير متعارض لكنها ليست قضية شريعة، وعن الانتخابات التشريعية قال البلتاجي ان الجماعة تبحث فكرة تشكيل قائمة واحدة على مستوى البلاد بالتعاون مع اصلاحيين، وأضاف أن الاقتراح يهدف الى أن تكون هناك "أغلبية وطنية ثورية"، لكن في الاسابيع الاخيرة وجدت جماعة الاخوان نفسها على خلاف مع اخرين بشكل متزايد خاصة القطاعات العلمانية من الحركة الاصلاحية المصرية التي اتحدت على موقف واحد للاطاحة بمبارك، وتركز الخلاف على الانتقال السياسي الذي حدد المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير البلاد خطواته ودب خلاف بين الجماعات بشأن الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي وافقت عليها اغلبية كبيرة، واتهمت جماعة الاخوان باستخدام الدين لدعم حملتها للتصويت لصالح اقرار التعديلات. وتنفي الجماعة هذا لكن البلتاجي قال ان جماعات وشخصيات اسلامية أخرى استغلت الدين في الحملة لصالح التعديلات، وقال "من وجهة نظرنا هذه مسألة سياسية ولا علاقة لها بالجنة والنار"،

التعديلات الدستورية 

الى ذلك دعا ائتلاف شباب الثورة الذي يضم حركات احتجاجية شبابية كان لها فضل في تفجير "ثورة 25 يناير"، بعد اعلان نتائج الاستفتاء الى "احترام إرادة الشعب واختياره من خلال هذه العملية الديموقراطية والتي اعتبرناها تاريخية في الحياة السياسية المصرية" بعد نجح الاستفتاء حول التعديلات الدستورية كأول اختبار للديموقراطية في عهد ما بعد حسني مبارك وستفتح الموافقة على هذه التعديلات الباب لتطبيق الجدول الزمني الذي وضعه الجيش للمرحلة الانتقالية ولكن هناك مخاوف من ان يكون الاسلاميون هم المستفيدون الرئيسيون حيث ايد 77،2% من الناخبين الذين شاركوا في الاستفتاء والتي بلغت نسبتهم 41% التعديلات المحدودة التي اعدتها لجنة قانونية شكلها المجلس الاعلى للقوات المسلحة الممسك بالسلطة في مصر منذ اطاحة مبارك في 11 شباط/فبراير الماضي.

وكان الناخبون قد اصطفوا في طوابير طويلة وغير مسبوقة امام مكاتب الاقتراع في مشهد مناقض لعمليات الاقتراع في عصر مبارك التي كانت مزورة وتتسم بالمقاطعة الشعبية الواسعة له، وقالت صحيفة الاهرام الحكومية ان "الاستفتاء هو نجاح للديموقراطية" فيما اكدت صحيفة الجمهورية ان "النتيجة النهائية بالنسبة لكل الشعب المصري بصرف عن النظر عن نتيجة الاستفتاء هي لم يخسر احد". بحسب فرانس برس.

وباقرار هذه التعديلات الدستورية، يصبح الباب مفتوحا لتطبيق الجدول الزمني الذي اعلنه المجلس الاعلى للقوات المسلحة للمرحلة الانتقالية وهو اجراء انتخابات نيابية تليها انتخابات رئاسية خلال ستة اشهر، وحتى الان فان المسؤولين في المجلس الاعلى للقوات المسلحة يقولون ان الانتخابات التشريعية ستجرى في ايلول/سبتمبر المقبل ولكنهم لم يحددوا بعد موعدا رسميا له، ومن المقرر ان يصدر المجلس العسكري اعلانا دستوريا يتضمن التعديلات التي اقرت لتكون بمثابة بديل للدستور المعطل خلال المرحلة الانتقالية، وابدى معارضو التعديلات الذين كانوا يريدون دستورا جديدا بدلا من "ترقيع دستور مبارك" روحا ايجابية رغم خسارتهم، ولكن اصواتا ارتفعت تعبر عن مخاوف من ان يكون نجاح الدعوة الى التصويت ب "نعم" ليس راجعا فقط الى الطابع الديموقراطي للاقتراع وانما كذلك الى التعبئة الدينية التي قامت بها جماعة الاخوان المسلمين.

وقال الكاتب سلامة احمد سلامة "خلال الايام التي سبقت الاستفتاء ظهر انصار نعم وهم يحذرون الناس من عذاب يوم القيامة اذا لم يدلوا بأصواتهم بنعم"، وتحولت الحملات الدعائية خلال الايام الاخيرة التي سبقت الاستفتاء الى تعبئة على اساس ديني اذ سرت على نطاق واسع خصوصا في جميع انحاء مصر شائعات لقت صدى واسعا في الشارع المصري مفادها ان رفض التعديلات سيفتح الباب لتعديل المادة الثانية من الدستور التي نصت على ان "مبادىء الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع" وبالتالي لتولي مصري مسيحي الرئاسة في البلاد، ولكن القيادي في جماعة الاخوان المسلمين عصام العريان سعى الى تهدئة هذه المخاوف، وقال ان نتيجة الاستفتاء "انتصار للشعب المصري" مؤكدا انه "لا يوجد انقسام فهناك مسلمون قالوا نعم ومسلمون قالوا لا، والعكس صحيح، واضاف "كل شيء تم على ارضية وطنية وليست دينية، سنطوي هذه الصفحة ونبدأ مرحلة جديدة لمصر".

الاخوان يخسرون المناظرة

على صعيد متصل خسر الاخوان المسلمون وحزب الوفد الليبرالي بفارق ساحق مناظرة دعوا فيها إلى عدم ارجاء العملية الانتخابية التي تعد لها مصر بعد الثورة الشعبية التي اطاحت بنظام مبارك الشهر الماضي لكنهم اكدوا ثقتهم في ان نتيجة المناظرة لن تتكرر في صناديق الاقتراع، وفي أول حلقة تنظم في القاهرة لبرنامج "مناظرات الدوحة" التابع لمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع صوت جمهور الحضور بأغلبية تجاوزت 80 بالمئة لصالح عدم الاسراع باجراء الانتخابات بعد الثورة التي ادت الى تنحي مبارك عن السلطة في 11 فبراير شباط الماضي وتكليفه الجيش بادارة شؤون البلاد، وقد عقدت المناظرة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة على بعد خطوات من ميدان التحرير الذي كان بؤرة الاحتجاجات اثناء الثورة المصرية، وناقش الحضور فكرة ان "على مصر ارجاء الانتخابات من اجل الديمقراطية".

ونجحت الناشطة النسائية مروى شرف الدين والناشط المؤيد للديمقراطية شهير جورج اللذان تحدثا دفاعا عن الفكرة في انتزاع التصفيق اكثر من مرة من الحضور الذي ضم بعضا من شباب الثورة المصرية بالاضافة الى مثقفين واعلاميين وسياسيين، ودعت مروى شرف الدين الى مد الفترة الانتقالية الى 2012 بما يسمح بوضع دستور جديد وارساء حقوق الانسان وحكم القانون وضمان تشكيل حكومة تمثيلية، واعتبرت ان اتخاذ هذه الخطوات يعني اقامة البنية الاساسية للديمقراطية، واشارت الى اهمية تحقيق المصالحة بين الشرطة والشعب بدلا من ان "يلتقي الاثنان فجأة عند صناديق الاقتراع"، وحذرت من ان التعجيل بالانتخابات يعني اجراؤها في اجواء عدم استقرار واتاحة الفرصة لممارسة البلطجة ضد الناخبين. بحسب رويترز.

من جهته اكد جورج (الناشط في حركة كفاية) ان الفترة المتاحة للاعداد للانتخابات قصيرة "والدستور الحالي غير ديمقراطي فكيف نطلب من الشعب التصويت تحت دستور غير ديمقراطي"، وعلى الجانب الاخر قال عصام العريان المتحدث باسم الاخوان المسلمين ان الانتخابات ستكون فرصة حقيقية لتعزيز وجود الاحزاب الجديدة باعتبار ان الاحزاب تبني نفسها في الشارع ومن خلال الحملات الانتخابية، وردا على المجادلات بأن جماعة الاخوان المسلمين تريد التعجيل بالانتخابات لان فرصتها ستكون اكبر بالنظر الى انها جماعة منظمة بالمقارنة بالقوى السياسية الجديدة استبعد العريان ان تكون الحركات والقوى السياسية التي شاركت في الثورة المصرية غير جاهزة للانتخابات وقال انها ليست حركات وقوى جديدة بل انها تعمل منذ ثلاث سنوات على الاقل، وقال إن العملية الانتقالية في مصر يمكن ان تستمر بعد الانتخابات وتمتد حتى خمس سنوات.

وقال شريف طاهر عضو المكتب التنفيذي لحزب الوفد (اكبر التنظيمات الليبرالية في مصر) ان الجيش يجب ان يعود الى الثكنات وان تقود حكومة منتخبة الفترة الانتقالية، واضاف انه لا خوف فيما يتعلق بالامن اثناء الانتخابات لان "الشعب سيحمي صناديق الاقتراع هذه المرة كما ان حكومة تصريف الاعمال في مصر لن يمكنها اتخاذ قرارات قوية اثناء المرحلة الانتقالية".

وفي ختام المناظرة التي ادارها تيم سيباستيان وهو مراسل سابق لتلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية اسفرت نتيجة التصويت بين جمهور الحاضرين عن تأييد تأجيل الانتخابات بنسبة 84.4 بالمئة في حين وافق 15.6 بالمئة على اجرائها خلال شهور، وقال العريان بعد المناظرة ان التصويت جرى بين جمهور من المثقفين ولا يعبر عن رأي رجل الشارع الذي سيقول رأيا "مختلفا تماما" في صندوق الاقتراع، وقال سباستيان ان ابرز ما شهدته حلقة "مناظرات الدوحة" هي اتاحة حرية التعبير في الحوار بصورة لم يسبق لها مثيل في مصر

من وراء الفتن الطائفية

من جهة اخرى اتهمت جماعة الاخوان المسلمين، بقايا نظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك بالوقوف وراء احداث الفتنة الطائفية التي شهدتها البلاد مؤخر، وقالت الجماعة في بيان لها ان "فلول النظام البائد" تقف وراء محاولة إشعال الفتن وإحياء العصبيات والنعرات الطائفية، وغيرها من أجل تمزيق نسيج الشعب والوطن، وأكدت أن هذه الفلول استخدمت أسلوب "فرق تسد"، واستغلت حادثة كنيسة أطفيح وأثارت مجموعة من المتعصبين المسلمين للرد على المسيحيين بحادثة أخرى ليس هذا وقت إثارتها ولا أسلوب حلها.

يذكر ان اشتباكات عنيفة وقعت بين مئات من الأقباط والسلفيين بمنطقة الزرايب بحي المقطم، مما اسفر عن سقوط 10 قتلى و110 جرحى ، وكان الاقباط يحتجون على حادث اعتداء مسلمين غاضبين على كنيسة الشهيدين بقرية صول بمركز أطفيح بمحافظة حلوان، وتفجرت ازمة اطفيح على خلفية علاقة عاطفية بين شاب مسيحي وفتاة مسلمة، وطالب السلفيون ممن اشتبكوا مع الاقباط اطلاق سراح سيدات يعتقد انهن تحولن الى الاسلام وتحتجزهم الكنيسة حيث وطالبت الجماعة "العقلاء من أبناء الوطن الواحد تحكيم العقل وتقديم مصلحة البلاد على ما عداها من مصالح وتأخير المطالب الخاصة والفئوية"، كما طالبت "الجميع باليقظة تجاه مؤامرات فلول النظام البائد وأصحاب المصالح الخاصة التي أطاحت بها الثورة أو التي مازالت تهددها" وقالت "إن هذا وقت الوحدة". بحسب يونايتد برس.

من جانبه، التقى الامام الأكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب مع نيافة الأنبا ثيئوديسيوس الأسقف العام للجيزة في مصر، وأعرب عن أسفه لهدم الكنيسة واعتبر الطيب، في تصريح نقلته وسائل اعلام رسمية، ان حادث الاعتداء على الكنيسة «سابقة في التاريخ العربي والاسلامي، ويمثل أمرا غريبا وشاذا تتبرأ منه التعاليم الاسلامية التي تؤمن باحترام الديانات الأخرى وتكفل لهم حرية العبادة»، ودعا شيخ الأزهر مسلمي القرية الى اعادة بناء الكنيسة في القرية بأنفسهم، والبعد عن الفتن والمؤمرات التي تهدد سلامة الوطن.

في الوقت نفسه تظاهر مئات الاقباط المصريين أمام مبني اتحاد الاذاعة والتلفزيون في كورنيش النيل للتنديد بحادث حريق كنيسة الشهيدين ورفع المتظاهرون لافتات تندد بحالة الانفلات الأمني حيث طالب المتظاهرون بتوفير الحماية لهم كسائر المصريين.

الإخوان أصبحوا أكثر قوة

على صعيد متصل قال محمد مهدي عاكف المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين أن مصر بعد ثورة 25 يناير أصبحت على أعتاب عهد جديد، مضيفاً "ولقد أصبح الإخوان أكثر قوة وأكثر ثباتاُ ونحتاج لمزيد من العمل الجاد والمضاعف لكي نصل بمصر إلى ما نريد"، وقال عاكف "منذ 15 سنة لم أذهب إلى المطار لأني كنت ممنوع"، موضحاً أنه اضطر للذهاب إلى المطار للسفر إلى تركيا وتقديم العزاء في نجم الدين أردوغان، واشار إلى قيام أحد الضباط بإعطائه تحية رسمية، وأضاف المرشد السابق لجماعة الإخوان أثناء ندوة الاحتفال بالإفراج عن خيرت الشاطر وحسن مالك القياديين بالجماعة، وذلك في نقابة الصحفيين أنه دائماً كان على ثقة من قوة المصريين وقدرتهم على إسقاط الطغاة كأوراق الشجر، متابعاً "ولكن لا يزال هناك ذيولاً للنظام موجودة في أماكنها وتعبث وتخطط، ولذلك لابد من طردهم".

ومن جانبه أبدى خيرت الشاطر سعادته بالإفراج عنه مؤكداً أن هذه السعادة كانت ستصبح بلا طعم لولا ثورة 25 يناير التي حررت الوطن بأكمله، "حيث لا يفيد شيئاً إذا خرج المرء من سجن صغير ليدخل سجن آخر كبير"، وشدد الشاطر على ضرورة الاستمرار في المطالبة بالإفراج عن كل معتقلي الرأي، موضحاً أن عددهم بالسجون يتجاوز الستمائة، كما دعا إلى وقفات احتجاجية أمام المجلس العسكري وعدم الاكتفاء بالإفراج الصحي وإنما المطالبة بإسقاط العقوبات من الأساس لأنها ظالمة وجائت أمام محاكم استثنائية.

من ناحيته قال حسن مالك، أنه كان على يقين من سقوط النظام المستبد الفاسد، إلا أن سيناريوهات الفوضى والدمار في بعض البلدان العربية مثل العراق والسودان كان الأمر الذي يخيف مالك ويجعله في قلقٍ دائم، وأضاف "اتهمونا بغسيل الأموال ومحاولة تدمير الوطن، وفي الحقيقة كانوا هم من يدمرون الوطن"، مشدداً على ضرورة تطهير كل مؤسسات الدولة من الأفراد الذين كانوا يعملون لحسابهم الخاص برعاية الحزب الوطني، فيما أكد محمد عبد القدوس، أمين لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، على مواصلة اللجنة في الدفاع عن جميع المعتقلين السياسيين والوقوف بجوارهم حتى ينعموا بشمس الحرية.

الأفراج عن الزمر

الى ذلك فأن عبود الزمر الذي دخل السجن قبل 30 عاما لدوره في قتل الرئيس المصري أنور السادات قد افرج عنه ويعتقد بعد أن صار حرا أن الديمقراطية ستمنع الاسلاميين من حمل السلاح مرة أخرى ضد الدولة، وظل الزمر سجينا طوال الفترة التي ظل فيها حسني مبارك الذي خلف السادات رئيسا لمصر، والافراج عنه الى جانب اسلاميين بارزين اخرين كانوا في السجن بتهمة التطرف علامة على التغير الكبير في مصر في الاسابيع الخمسة التي مرت منذ أطاحت احتجاجات جماهيرية بمبارك.

والزمر (64 عاما) عضو مؤسس في جماعة الجهاد الاسلامية التي اغتالت السادات أثناء عرض عسكري في عام 1981، وأطلق سراحه هو وطارق الزمر ابن عمه الذي أمضى كذلك 30 عاما في السجن بتهم مماثلة، وهو واحد من السجناء السياسيين الذين نالوا حريتهم بفضل الانتفاضة السلمية التي اطاحت بنظام مبارك.

وقال في مقابلة تلفزيونية "ان الثورة بالياتها الجديدة صنعت الية جديدة، الية التظاهرة السلمية القوية"، وتابع قائلا "الميادين اليوم في العالم العربي جاهزة لاستقبال ملايين الرجال وتستطيع أن توقف أي حاكم وتفضحه وهذا شكل جديد"، وبالنسبة لكثير من المصريين فان اسم الزمر يستدعي فصلا عنيفا في تاريخ بلد كان حاضنا للتطرف الاسلامي حيث أثار الافراج عنه انزعاج القلقين من انتقال الاسلاميين الى قلب الحياة العامة في مصر الجديدة حيث تستفيد جماعات بينها جماعة الاخوان المسلمين من الحريات الجديدة لتنظيم صفوفها والتعبير عن ارائها أكثر من أي جماعات أخرى. بحسب رويترز.

وفي محاولة لتهدئة المخاوف وصف الزمر الحركة الاسلامية بأنها "خط الدفاع الاول" عن المجتمع المصري، ويقول ان الاسلاميين يريدون فقط أن يتمتعوا فقط بالحريات التي يتمتع بها أي شخص اخر في مصر، وكان الزمر مسجونا مع أيمن الظواهري وهو الان الرجل الثاني في تنظيم القاعدة والذي أطلق سراحه في عام 1984 وتولى قيادة الجهاد الاسلامي كما أفرج عن محمد شقيق الظواهري بعد أن أمضى في السجن عشر سنوات، ويؤيد محمد ما يقول انه حرب الظواهري ضد الاحتلال الاجنبي في أفغانستان والعراق لكنه يعارض هجمات القاعدة على المدنيين في أي مكان.

من جهته ينفي الزمر الذي كان ضابطا في المخابرات الحربية وقت اغتيال السادات قصة أنه كان العقل المدبر للاغتيال، ويقلل من شأن دوره قائلا انه أمد منفذي الاغتيال بالذخيرة فقط، وقال اذا كان السادات موجودا في السلطة في مصر اليوم كان سيحاكم أمام القضاء، وأضاف أن اليات أخرى كانت ستطبق، ومضى يقول "أنا أرى أن المرحلة المقبلة باذن الله تعالى لا تحتاج اطلاقا الى نزاع مع الحاكم بطريقة مسلحة" وقال "العنف يولد العنف."

ولم يبديا الاسف على اغتيال السادات وهو اغتيال أدت اليه مظالم كثيرة من بينها تصعيد القمع ضد المعارضين ومن بينهم الاسلاميون ومعاهدة السلام التي أبرمها مع اسرائيل في عام 1979 ورأى مبارك الاسلاميين كخطر طوال فترة حكمه، وكان هو نفسه هدفا لمحاولة اغتيال من قبل الاسلاميين، وفي التسعينات تدهور العداء بين الدولة والاسلاميين الى حرب عصابات على مستوى متدن قتل خلالها المئات، وانتهى الصراع في عام 1997 عندما أعلن قادة الجماعة الاسلامية في السجن وقف العنف، وفي وقت لاحق من العام ذاته قتلت مجموعة منشقة عن الجماعة 62 شخصا معظمهم سياح في معبد فرعوني بمدينة الاقصر.

وقال عبود وطارق الزمر "أن شبح التطرف كان مناسبا لمبارك مما سمح له تبرير حكمه الاستبدادي وتقييد الحريات التي ازدهرت منذ أن سلم السلطة للجيش"، وقال طارق الزمر ان مناخ العمل المسلح انتهى الان والسبب الرئيسي في ذلك يعود الى جو الحرية الذي نؤسسه الان ولا يزال طارق شخصية مؤثرة في الجماعة الاسلامية، وتعيد الجماعة الاسلامية اليوم تنظيم صفوفه، ومن المتوقع أن تصبح جزءا من حركة اسلامية مصرية أكثر تنوعا تهيمن عليها في الوقت الحالي جماعة الاخوان المسلمين، وقال طارق الزمر الذي استكمل دراسته في السجن للحصول على درجة الدكتوراه في القانون "نعتقد أن هذه المرحلة أهم ما فيها هو ارساء نظام سياسي عادل يكفل الحريات ويضمن ويؤمن دولة قانون"، وأضاف "مشروع الدولة الاسلامية كنموذج سياسي يحسمه صندوق الانتخابات والذي يحسم بقاءها في الحكم اختيار الشعب."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 28/آذار/2011 - 22/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م