هل تبحث فرنسا عن مجد في ليبيا؟

كتب المحلل السياسي

 

شبكة النبأ: بالرغم من الأزمة الانسانية الناتجة عن الاقتتال الدامي في ليبيا، يبقى الوضع العسكري هو الرهان الوحيد، بعد ان لقي الالاف مصرعهم من جهة واستباق ما قد يتسبب بتمزيق النسيج الاجتماعي في تلك الدولة الغنية بالنفط.

لكن بالنسبة لأوروبا التي تعتمد على استقرار تدفق النفط الليبي ودولارات معمر القذافي، فإن تدمير ما يمكن أن يسمى بشركة ليبيا، سيكون ضربة قاصمة.

فالحلفاء باتوا يدرسون تسليح مناوئي القذافي، خصوصا الولايات المتحدة وبعض دول حلف الناتو الذي يقود الهجمات على معاقل القذافي، بعد أن عجزت ضرباتهم الجوية في إبعاد القوات الليبية النظامية عن المدن المتنازع عليها.

وتشير معلومات أن فرنسا متحمسة لتسليح وتدريب المقاتلين المناوئين للقذافي، ويرى الرئيس الأميركي باراك أوباما بحسب المتحدث باسمه، أن قرار الأمم المتحدة الذي أجاز استخدام القوة ضد نظام القذافي (رقم 1973) يحمل في طياته قدرا كافيا من المرونة للقيام بمثل هذه الخطوة.

جيني كريتز - السفير الأميركي الذي تم سحبه مؤخرا من ليبيا- قال إن المسؤولين في الإدارة الأميركية منخرطون في سلسلة كاملة من المباحثات بشأن المساعدات التي من الممكن أن نقدمها على الصعيدين القتالي وغير القتالي، إلا أن كريتز أشار إلى أنه لم يتم التوصل إلى قرار بعد.

وحسب خبراء ومحللون عسكريون فإن الحلفاء صعدوا من مستوى اتصالاتهم بالمقاتلين الليبيين، ودعوا أحد رموزهم إلى اجتماع رفيع المستوى في العاصمة البريطانية لندن الثلاثاء المقبل، لتقرير الإستراتيجية المستقبلية في ليبيا. وتأتي زيادة تسليط الأضواء على المناوئين للقذافي بعد أن تسلم الناتو قيادة العمليات العسكرية للحلفاء ضد ليبيا.

ولا يغفل الخبراء عن حقيقة مواجهة أسئلة متكررة من الداخل، عن هدف الولايات المتحدة من الاشتراك في الحرب على ليبيا؟ فالمشرعون الأميركيون سألوا أوباما يوم الجمعة الماضي، وأجابهم بأن أساس المهمة إنساني، وأن الولايات المتحدة تخطط لتخفيض حجم مشاركتها كلما زاد الآخرون من مستوى مشاركتهم.

ويقول محللون عسكريون إن رد أوباما أقنع البعض ولم يفلح في إقناع البعض الآخر من المشرعين.السيناتور كارل ليفين وصف مداخلات أوباما بأنها كانت واضحة جدا، وقوية جدا وأنه يعتقد بأن أوباما سيحصل على دعم الحزبين الديمقراطي والجمهوري في ذلك. أما رئيس مجلس النواب جون بوينر فقد قال على لسان متحدث بأنه يقدر لأوباما تقديمه لآخر المستجدات، ولكنه أراد المزيد من الوضوح بشأن الهدف العسكري في ليبيا، ودور أميركا، وكيف أن الذهاب إلى ليبيا يتوافق مع الأهداف السياسية للولايات المتحدة؟.

مدير الأركان المشتركة بيل غورتني قال إن الحلفاء قاموا بـ153 عملية وأطلقوا 16 صاروخ توماهوك إضافيا على المواقع الليبية في الأربع والعشرين ساعة الماضية، لكنه أقر بأن تلك العمليات لم تحد من قدرة قوات القذافي في مهاجمة المدن.

غورتني أضاف أنه لا يوجد في الوقت الحاضر أي تفكير باللجوء إلى استخدام قوات أرضية، إلا أنهم أوضحوا أن الحلفاء قد يلجؤون في حالة عدم التوصل إلى حل قريب إلى بدائل أخرى مثل القاصفات الثقيلة، وطائرات التجسس المسلحة بدون طيار، والتي تتمتع بقدرات أعلى لمهاجمة أهداف منتقاة في داخل المدن والتجمعات السكانية.

ورغم أن المقاتلين المناوئين للقذافي يفتقرون إلى التدريب والتنظيم والأسلحة الثقيلة والبعيدة المدى، فإن هناك معارضين لفكرة تسليحهم، على اعتبار أن أهدافهم من القتال وهويتهم لا تزال غامضة. هذا بالإضافة إلى رأي يقول إن قرار الأمم المتحدة بفرض حظر على السلاح على ليبيا ينطبق على المناوئين للقذافي كما ينطبق على القذافي وأعوانه.

أحد الدبلوماسيين الغربيين الذين تحدث بشرط عدم الإفصاح عن هويته قال إن هناك انقساما داخل التحالف وجدالا قانونيا حول جواز أو عدم جواز تسليح الثوار، وإن القيام بمثل هذه الخطوة يعتبر أمرا بالغ الأهمية.

آرثر غولدهايمر أحد كبار الباحثين المختصين بمركز الدراسات الأوروبية بجامعة هارفارد الأميركية قال إن الثورة الليبية قدمت للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ما كان يطمح إليه منذ زمن بعيد وهو قيادة تحالف دولي يعيد لفرنسا أمجادها الغابرة اقتداء بالجنرال شارل ديغول مؤسس الجمهورية الخامسة.

واشار غولدهايمر إلى أن الأزمات كانت ولا تزال عنصرا هاما في إستراتيجية ساركوزي لتسويق نفسه كقيادي ناجح.

ويجد البعض أن لدى ساركوزي من الدوافع - غير الخيبة من تصرفات القذافي- للانضمام إلى عمل عسكري ضد العقيد أولها إصلاح الخطأ الذي ارتكبه مع انطلاق الثورة التونسية التي أطاحت بحكم زين العابدين بن علي، وما تردد من أنباء عن اقتراح وزيرة الدفاع الفرنسية السابقة ميشيل إليوت ماري حول استعداد باريس لتزويد الحكم التونسي بمعدات لمواجهة المظاهرات.

أما الدافع الثاني فهو الانتخابات الرئاسية التي ستجري العام المقبل حيث تشير استطلاعات الرأي الحالية إلى أن ساركوزي لا يتمتع بشعبية كبيرة مقارنة مع ماري لوبان الزعيمة الجديدة لحزب الجبهة الوطنية اليميني المتشدد، أو حتى مع مرشحين آخرين محتملين للحزب الاشتراكي.

وبعيدا عن الدوافع الداخلية، نسب غولدهايمر إلى مسؤولين حكوميين بفرنسا قولهم إن باريس تخشى أن تتحول ليبيا إلى دولة تحكمها الفوضى وبالتالي ستجد أوروبا نفسها أمام دفعات من موجات الهجرة غير الشرعية.

أما الهدف الأسمى في خيال ساركوزي فهو حلمه الساعي لتسجيل اسمه في التاريخ على قدم المساواة مع الجنرال شارل ديغول الذي حرر فرنسا من نير الاحتلال النازي وقدم نموذجا جديدا للجمهورية الفرنسية المستقلة القادرة على التأثير في أوروبا.

ويعتقد محللون سياسيون ان ذلك سيعطي باريس في حال نجاح الثوار بالإطاحة بالقذافي الفضل الكبير وربما القدرة على التنافس مع الدول الحليفة الأخرى في حجر موقع محترم في ليبيا ما بعد القذافي.

بيد ان خبراء حذروا من أن هذه اللعبة لا تبدو خالية من المخاطر أولها من يضمن تحقيق النصر السهل والسريع لقوات التحالف الدولي على القذافي وقواته ومرتزقته؟

ثانيا- وهو الأهم: من يضمن لساركوزي ألا ينظر إليه العالم العربي والإسلامي -في حال تعقدت الأمور على الأرض- كقوة احتلال لبلد عربي مسلم هناك الكثير من أبنائه بالانتماء مقيمون في فرنسا.

ثالثا- لم يكن ساركوزي متعقلا من الناحية السياسية على الأقل عندما سارع للاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي دون أن يعرف ماهية وطبيعة التوجهات المستقبلية لهذا الائتلاف الواسع من التيارات والانتماءات السياسي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 28/آذار/2011 - 22/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م