
شبكة النبأ: يخيم التوتر والاحتقان
الطائفي الذي تسببت به السلطات البحرينية على البلاد منذ دخول القوات
السعودية والخليجية اليها، والقمع البربري الذي مورس في وقف حركة
الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالإصلاح.
فيما يرى اغلب المتابعين ان شرخا عميقا بات يهدد استقرار البحرين
بعد تسيد المتشددون على المشهد السياسي والامني في معالجة الازمة،
والتي بدورها انتقلت لتكون ازمة اقليمية بين عدة دول، مهددة استقرار
المنطقة الغنية بالنفط.
ويعاني شيعة البحرين الذين يمثلون اكثر من 80 بالمئة من سكان البلاد
حسب الاحصائيات غير الرسمية من تهميش وتمييز عنصري متواصل، من قبل
العائلة السنية التي تحكم البلاد بدعم من قبل حكام اسرة آل سعود
الوهابية المعادية للشيعة.
من جهة أخرى بات البعض يرى جزيرة البحرين بالمستعمرة اقرب مما هي
دولة، سيما بحسب المحللين اصبحت عبارة عن شعب مقهور يرزح تحت براثن جيش
اجنبي تسانده سلطة منزوعة الشرعية.
مواصلة الحملات ضد المعارضين
فقد اتهمت منظمة العفو الدولية السلطات البحرينية بمواصلة حملتها
الامنية ضد المعارضين. وذكرت المنظمة في بيان ان "القمع ضد الناشطين
والاطباء مستمر"، مشيرة الى اعتقال ستة اشخاص يعملون في المجال الطبي.
واوضحت المنظمة الحقوقية ان هؤلاء الاشخاص جرى توقيفهم بسبب
انتقادهم للنظام البحريني الذي تقوده عائلة آل خليفة السنية منذ حوالى
مئتي عام، واصفة اياهم بانهم "سجناء راي". واشار البيان تحديدا الى
اعتقال الطبيب علي العكري في 17 آذار/مارس. بحسب فرانس برس.
وكانت المتحدثة باسم هيئة شؤون الاعلام في البحرين ميسون سبكار بررت
هذه الخطوات وخصوصا هجوم قوات الامن على مجمع السليمانية الطبي في
المنامة بالقول ان المجمع "استخدم من قبل المعتصمين كمركز تنسيق
النشاطات السياسية والطائفية"!
الانقسام الطائفي
وفي أعقاب الحملة الشرسة التي شنتها القوات السعودية على احتجاجات
بدأت قبل شهر بات الشارع الرئيسي الذي يقسم ضاحية عراد الهادئة في
المنامة وبشكل مفاجيء محور انقسام كبير.
وقال مسن شيعي طلب عدم نشر اسمه "كان يبدو دائما مجرد طريق معظم من
يعيشون على أحد جانبيه من السنة وكل من يعيشون على جانبه الاخر من
الشيعة. الان يبدو اكثر من هذا. جميعنا متوترون بسبب جيراننا."
وتحرص أسرة ال خليفة الحاكمة المدعومة من الولايات المتحدة والتي
تنتمي للاقلية السنية على اعلان انتهاء الاضطرابات. ويعرض التلفزيون
الحكومي لقطات لاشخاص يجلسون مسترخين في المقاهي قائلا انهم يشعرون
بالامان في الشوارع التي تحرسها الان دبابات وجنود ملثمون.
لكن بالنسبة لكثيرين فان المملكة الصغيرة التي تراقبها السعودية
وايران عن كثب تراجعت من على شفا الفوضى لتجد أن النسيج الدقيق الذي
كان يحافظ على تماسك المجتمع قد انحل.
وقال محمد العراضي وهو شيعي كان يجلس على مقعد متهالك في كوخ معدني
يسترخي فيه مع أصدقائه في فترة العصر "لا يمكن أن تعود الامور الى ما
كانت عليه قبل 14 فبراير مستحيل. توجد شروخ الان."
وخرج محتجون معظمهم من الشيعة الى الشوارع في 14 فبراير شباط
مستغلين زخم الانتفاضات التي اجتاحت الشرق الاوسط واعتصموا في دوار (ساحة)
اللؤلؤة لاسابيع مما أدى الى أسوأ اضطرابات تشهدها المملكة منذ
احتجاجات الشيعة في التسعينات.
وأخلت القوات البحرينية المنطقة الاسبوع الماضي بعد أن أنهت
الاحتجاجات والاشتباكات المتفرقة التي أودت بحياة نحو 20 شخصا.
وقال العراضي "تحملنا حكم ال خليفة لسنوات والسنة لم يلاحظوا...
هناك قدر من الغضب لكننا نكبته." بحسب رويترز.
في الجانب الذي يسكنه السنة وبعض الشيعة الاثرياء من ضاحية عراد
المنازل مطلية حديثا والشوارع نظيفة. على الجانب الشيعي الكثير من
الازقة المتداعية والمباني الباهتة الملطخة بطلاء ابيض يخفي الشعارات
المناهضة للحكومة التي كتبت عليها.
ويمثل الشيعة نحو 80 في المئة من سكان البحرين لكن السنة يشغلون
الجزء الاكبر من المناصب السياسية المهمة ويقول الشيعة انه تتم محاباة
السنة في الوظائف والخدمات.
وبعد ان أصبحت المملكة مركزا ماليا مهما تزايد غضبهم لان الكثير من
السنة والاجانب الذين يمثلون اكثر من نصف سكان البحرين البالغ عددهم
1.2 مليون نسمة ازدادوا ثراء.
وقال عدد من الرجال السنة في عراد جلسوا في غرفة معيشة يحتسون
القهوة انهم متعاطفون مع جيرانهم الشيعة لكن الدعوات الى اقامة ملكية
دستورية تشعرهم بعدم الارتياح. وأضافوا أن الديمقراطية في الدول
العربية الطائفية فشلت.
وقال عدنان البدر (47 عاما) وهو سني "أنظروا الى ما يحدث في العراق..
كيف أوافق على جدول أعمالهم وقد رأيت مثلا حيا.. كيف أثق فيهم بهذه
الافكار التي يطرحونها.." واتفق بقية أصدقائه السنة مع ما قاله.
ويقول محمد بوخلف (23 عاما) وهو موظف سني بوزارة الداخلية كان يتنزه
مع أصدقائه انه بعد أسابيع من الاضطرابات تتجاوز المشاعر عدم الثقة.
واستطرد قائلا "تتساءل عما اذا كنت تستطيع أن تعيش معهم بعد ما فعلوه.
فاض الكيل اذا تمادوا اكثر من هذا فسنرد."
ويقول بعض المحللين ان الحكومة ربما هي التي صنعت كابوس الطائفية
بيديها. ففي الايام الاخيرة قالت البحرين ان قواتها مدعومة بقوات من
دول خليجية سنية مجاورة أحبطت محاولة أجنبية لقلب نظام الحكم. ويرى
كثيرون أن المقصودة هي ايران على الجانب الاخر من الخليج.
ويقول باراك بارفي من مؤسسة نيو امريكا "السنة مشغولون بالرسالة
التي تفيد بأن ايران قادمة على الرغم من أنه لا توجد أدلة على أن شيعة
البحرين لهم صلات كهذه." وأضاف "صنعوا شبحا حتى يظل المؤيدون خائفين."
ويسارع الشيعة الى التقليل من شأن الولاء لجهات خارجية. ويقولون ان
صور الزعماء الدينيين العراقيين الشيعة او صور حسن نصر الله زعيم حزب
الله اللبناني التي يعلقونها على جدرانهم تتعلق بالانتماء الديني وحسب.
لكن حتى اللفتات الصغيرة باتت في الاونة الاخيرة تكتسب معنى اكبر.
واثناء العودة الى منزلها على الجانب الذي يسكنه الشيعة من ضاحية عراد
تغفل معلمة متوسطة العمر عن تحية صديقاتها السنيات. وتتساءل الصديقات
لماذا لم تلوح لهن بالتحية وهل كانت هذه رسالة صامتة.. وتنفي المعلمة
هذا. وقالت المعلمة التي طلبت عدم نشر اسمها "ذهني كان مشغولا جدا بكل
جنازات هؤلاء المحتجين... يجب أن يتوقف الحكام عن الاعتماد على قصة
السنة والشيعة فهذا لن يؤدي الا لاراقة الدماء."
تعثر المحادثات
ولم يجتمع زعماء المعارضة مع فريق ولي العهد سوى مرة واحدة منذ
الدعوة لاجراء محادثات الشهر الماضي. وجرت أحدث اتصالات غير مباشرة قبل
يومين من الحملة على المحتجين يوم 16 مارس اذار الجاري.
ومع سيطرة الجيش على البلاد الان تجاهد الاصوات المعتدلة لتجد من
يسمعها. ويقول محللون ان الافتقار الى الثقة بين الاسرة الحاكمة السنية
والاغلبية الشيعية تعمق بشدة واصبح الامر يتطلب مبادرات كبيرة من أجل
وضع أسس الاصلاح.
وقالت جين كنينمونت الخبيرة في شؤون البحرين في مركز تشاتام هاوس
للابحاث في لندن "أعادوا أنفسهم عشر سنوات أو أكثر الى الوراء فيما
يتعلق باحراز تقدم سياسي."
وأضافت "ستحتاج الحكومة الان بعض الاصلاحات الجذرية لاستعادة
المعارضة الى الجانب الصحيح لكن قيل لانصارها أن المعارضة جزء من مخطط
خارجي ضد البحرين وربما لا يرغبون في الاصلاح."
واندلعت حرب اعلامية في الاسابيع القليلة الماضية أشعلت التوترات
الطائفية. فاتهمت قناة العالم التلفزيونية الايرانية الناطقة بالعربية
البحرين بمهاجمة المحتجين وأغلبهم من الشيعة بطائرات حربية. ووصف
التلفزيون البحريني الحكومي المحتجين بالمشاغبين والمخربين.
ويشعر السنة والشيعة بالقلق من أن تتحول البحرين الى ساحة حرب
بالوكالة لمواجهة قديمة بين الرياض وطهران. بحسب رويترز.
وقال حسين العريبي وهو شيعي علماني يعمل في مجال الاتصالات "
الانقسام بين الحكام والشعب في البحرين بلغ الان حدا لا يمكن اصلاحه
والوضع سيتفجر حتما سواء عاجلا أو اجلا كما كان يحدث على مدى مئة وعشرة
أعوام مضت." وأضاف "الوضع في البحرين تحول بارادة وتنفيذ سعوديين الى
وضع اقليمي."
وفي المعركة المتعلقة بكيفية التعامل مع الازمة في البحرين فاز
المتشددون من معسكري الاسرة الحاكمة والمعارضة على السواء. فقد خسرت
جمعية الوفاق الوطني الاسلامية أكبر تكتل شيعي معارض في البلاد
وحلفاؤها الستة -وكلها تطالب بملكية دستورية- لصالح متشددين يسعون الى
الاطاحة بالملكية.
وخوفا من أن يرى الناخبون الذين غضبوا لمقتل سبعة محتجين في حملة في
فبراير شباط الماضي اعتدالها ضعفا أعدت الجمعية قائمة بمطالب تريد
تنفيذها قبل الدخول في حوار مع ولي العهد.
وتشمل القائمة تشكيل مجلس منتخب لاعادة صياغة الدستور وتشكيل حكومة
جديدة لا تهيمن عليها الاسرة الحاكمة. وطالب المحتجون باقالة رئيس
الوزراء الذي يتولى المنصب منذ 40 عاما والذي يتهمه المنشقون بالفساد.
وعادة لا يرد رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان ال خليفة مثل غيره
من أفراد الاسرة الحاكمة في البحرين على مثل هذه المزاعم. ووعد ولي
العهد في أحدث عرض قدمه بالبحث في المزاعم المتعلقة بالفساد. ولم تتمكن
جمعية الوفاق من منع الشبان من تصعيد الاحتجاجات من دوار اللؤلؤة حيث
كانوا يعتصمون الى قطع الطريق الرئيسي الى المركز المالي وشل حركة
الاقتصاد.
ويقول المحللون انه في معسكر الاسرة الحاكمة خسر ولي العهد الشيخ
سلمان بن حمد ال خليفة المعركة لصالح المتشددين من أفراد الاسرة الذين
يتوقعون ألا يرضى المحتجون عن أي تنازلات.
وتقول مصادر سياسية ان ولي العهد منح مهلة ثلاثة أسابيع لبدء
محادثات بعدها سيتم التفكير في التدخل العسكري. وتشتبه المصادر في أن
يكون المتشددون قد عملوا خلال هذه المهلة على تقويض جهود ولي العهد
لبدء الحوار.
وبالفعل بدأت الاشتباكات الطائفية تندلع في البحرين. فأقام شبان
ملثمون حواجز طرق متنقلة للاطلاع على هويات المارة. واتهم نشطاء
معارضون الجيش وقوات الامن بارسال بلطجية لاثارة العنف واشاعة الخوف.
وأصدر الشيخ سلمان -مدركا ضيق الوقت- تأكيدات يوم 13 مارس بأن
المحادثات ستتناول المطالب الرئيسية للمعارضة. وعندما رفع المعارضون
سقف مطالبهم طلب ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى ال خليفة من السعودية
ارسال قوات. وتقول مصادر انه عندما أعلنت الاحكام العرفية يوم 15 مارس
كانت السلطات قد نقلت بالفعل الى الشيخ خليفة بن أحمد ال خليفة القائد
العام لقوة دفاع البحرين.
وقالت كنينمونت "الفصائل المتشددة أصبحت هي الاقوى الان على
الجانبين... حدث استقطاب شديد في الوضع بسرعة كبيرة." ويقول بعض
البحرينيين ان الملك طلب قوات سعودية لانه شعر بأنه مهدد بعد أن طالب
المحتجون صراحة بالاطاحة به. ويقول اخرون ان رئيس الوزراء ذو الصلات
الوثيقة بالرياض كان يخشى أن يكون هو ضحية أي حل يتم التفاوض عليه.
وايا كانت الحقيقة يقول البعض ان الاحداث تجاوزت ما يمكن اجراء
محادثات بشأنه. فقبل أسبوعين كانت المعارضة في وضع قوي. واليوم هي في
وضع ضعيف بعد ان سجن العديد من زعماء المعارضة. ويقول كثيرون من الشيعة
ان الدولة يجب ان تتخذ خطوات لاثبات جديتها في الاصلاح. ويتذكر كثيرون
الميثاق الوطني الذي اتفق عليه في تصويت عام 2001 في اطار اصلاحات
جديدة ليلغى بعد ذلك.
وكتب المدون البحريني محمود اليوسف يقول "نريد المزيد من
الديمقراطية وضمانات لحقوق الانسان والحريات وهو ما سيقود الى فرصة أن
نعيش بكرامة. فهل نحتاج حقا الى أي حوار لتفعيل ذلك؟"
توترات تدفع الاقتصاد لطريق مسدود
في حين شلت الاضطرابات اقتصاد البحرين التي كانت يوما جزيرة هادئة
وصديقة للانشطة المالية تقبع على أطراف المملكة العربية السعودية. كما
دفعت التوترات الحكومة الى الاستعانة بقوات من دول مجلس التعاون
الخليجي وأدت الى فرار المستثمرين والمغتربين.
وأغلق فندق الخليج بعض أداوره وقلص ساعات عمل المطاعم بينما بدأ بعض
العاملين اجازة طوعية. وقال عقيل رئيس المدير التنفيذي لمجموعة فنادق
الخليج "انخفضت نسبة الاشغال مما يزيد عن 90 في المئة الى ما بين 25
و30 بالمئة تقريبا وبالتالي تأثر عملنا كثيرا في جميع المجالات. "الكل
في البحرين تأثر... الانتعاش سيحتاج الى وقت لان كل الانشطة المزمعة
والمؤتمرات والمعارض والاجتماعات تأجلت أو الغيت."
وخلت المراكز التسويقية الرئيسية الاربعة في البحرين من الزبائن
لمدة خمسة أيام وأغلقت المتاجر القريبة مع انتشار المخاوف. لكنها بدأت
تفتح أبوابها من جديد الا أن وتيرة العمل بطيئة.
وقال أحمد سند رئيس الجمعية البحرينية للفنادق والمطاعم "لم تضر
التوترات بنا وحسب لكن بالاقتصاد برمته. "نسبة الاشغالات نزلت من 100
بالمئة تقريبا الى 30 بالمئة. ليس في ايدينا أي شيء... يريد الناس شيئا
وتريد الحكومة اخر.. والاعمال... محصورة في المنتصف وتتكبد خسائر."
بحسب رويترز.
واستطرد قائلا "اذا ما جذب كل طرف (الحبل) في اتجاه فسوف نعاني كلنا.
يجب أن نقدم جميعا تنازلات أو سنكون جميعا من الخاسرين."
وتلقت صناعة الفنادق في البحرين التي تعتمد على جدول منتظم من
المؤتمرات الاقتصادية والمالية لطمة موجعة. وتمثل الفترة من فبراير
شباط الى مايو ايار موسم ذروة في منطقة الخليج العربية حيث تحول درجات
الحرارة الحارقة دون ممارسة أي أنشطة في الهواء الطلق خلال فصل الصيف.
وألغي مهرجان ربيع الثقافة الذي كان مقررا هذا الشهر.
وقرر ولي العهد الشيخ سلمان ال خليفة الشهر الماضي تأجيل السباق
الافتتاحي لموسم بطولة العالم لسباقات فورمولا 1 للسيارات الذي يجتذب
أكثر من 40 ألف زائر سنويا وكان من المقرر تنظيمه هذا الشهر. وكان لهذا
التأجيل تداعيات خطيرة على مختلف قطاعات الاقتصاد.
يقول شادي سليمان المدير العام لمطعم كورال بيتش كلوب وهو يجلس في
شرفة المطعم فيما تتمايل اليخوت الراسية عند رصيف الميناء من خلفه انه
ليس بوسع المطعم أن يصمد أكثر من ذلك بعد ان تراجع نشاطه أكثر من 70
بالمئة والغاء سباق الفورمولا 1.
وأضاف "نقيم ثلاث حفلات للفورمولا رر1. كان يحضر كل منها 4000 شخص.
هذا النوع من الحفلات يحجز مقدما لذا فقد دفعنا بالفعل."
ويوم الاثنين وفي وقت الغداء كانت طاولتين أو ثلاثة فقط مشغولة.
وألغي البوفيه اليومي لقلة الطلب وفي أيام الاثنين المعتادة كان سليمان
يتوقع أن يصل عدد رواد المطعم في فترة الغداء ما بين 80 و100.
ويعتمد فينوس مثل كورال بيتش على الزوار الاجانب في أكثر من نصف
نشاطهما لكن هذا المصدر جف الان. وتوقف في الاسابيع الماضية تدفق
السائحين من السعودية الذين يستمتع 35 ألف منهم بالحياة الليلية الاكثر
تحررا في البحرين في عطلة نهاية الاسبوع وينفقون المال في مراكز
التسويق ودور السينما في المنامة.
والاسبوع الماضي لم تعبر سوى بضع سيارات جسر الملك فهد الذي يربط
البحرين بالسعودية في تباين صارخ مع الحال في السنوات القليلة الماضية
حيث كان يمكن ان ينتظر الزوار لساعات للعبور مع تكدس حركة مرور.
وحثت معظم الدول الغربية مواطنيها على مغادرة البحرين الاسبوع
الماضي. والرحلات الجوية من البحرين كاملة العدد مع اجلاء عائلات
الاجانب الذين يمثلون أكثر من نصف السكان البالغ عددهم 1.2 مليون نسمة.
وقال سائق سيارة أجرة أعاد أسرته الى الهند بعد 26 عاما في البحرين
"غادر معظم الناس بالفعل الاسبوع الماضي. كل المغتربين غادروا... في
المعتاد كنا نعمل دوما. الان ما من أحد يعمل. جميعنا نقف في منطقة
المرأب."
ورسخت البحرين أقدامها كمركز مالي للخليج خلال الثمانينات عندما
غادرت البنوك التي تدير ثروة المنطقة بيروت بسبب الحرب الاهلية. ويمثل
قطاعها المالي نحو ربع الناتج المحلي الاجمالي وهو لاعب رئيسي في جهود
الحكومة الرامية لتوفير وظائف وتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط.
وإلى جانب كوالالمبور قدمت المنامة نفسها كمركز رئيسي لصناعة
التمويل الاسلامي التي يبلغ حجمها تريليون دولار. لكن أكثر من شهر من
التوترات المتفاقمة دفعت مؤسستي فيتش وستاندرد اند بورز الى خفض
التصنيف الائتماني للديون السيادية للبحرين التي كانت يوما العاصمة
المالية للخليج.
وهبط الدينار البحريني الى أقل مستوى في سنوات في سوق العقود الاجلة
يوم الاربعاء عندما اتخذت الحكومة اجراءات صارمة لفض التظاهرات وأجبر
المصرف المركزي على الانتقال الى مقر بديل. وأغلقت بعض البنوك فروعها
لفترة قصيرة خوفا على سلامة العاملين.
وقال الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين انه سيواصل الاضراب العام
واشتكى من عرقلة وصول العمال الى أعمالهم بسبب نقاط التفتيش حول
المنامة.
وقال أكرم مكناس وهو رجل أعمال لبناني يمتلك 75 مكتبا في أرجاء
العالم العربي وتتخذ كل شركاته من البحرين مقرا لها ان الاضطرابات في
الخليج كانت مفاجأة كبيرة. وتعمل شركته للعلاقات العامة في العالم
العربي وتضررت في البداية بثورتي تونس ومصر.
واضاف "تضررت كل اعمالنا في البحرين وأثرت البحرين في باقي الخليج.
لدينا مكاتب في السعودية والامارات... نخشى على العاملين. يعمل في
شركاتي 4000 موظف وهذه مسؤولية كبرى. "أخشى من الوضع... اذا ما استمر
فاننا ندمر اقتصادا سيكون من الصعب جدا اعادة بنائه."
أعضاء الشورى يتراجعون عن استقالاتهم
الى ذلك تراجع ستة من أعضاء مجلس الشورى البحريني عن استقالاتهم
التي كانوا تقدموا بها احتجاجا على المواجهات التي شهدتها المملكة خلال
الأسابيع الأخيرة.
وذكرت وكالة أنباء البحرين الرسمية «بنا» ان الأمانة العامة لمجلس
الشورى أعلنت الأربعاء أنها وافقت على الغاء طلبات الأعضاء الذين
تقدموا باعفائهم من عضوية المجلس.
وأوضحت الأمانة العامة ان «عددا من أعضاء مجلس الشورى الذين تقدموا
بطلبات اعفائهم من عضوية المجلس وهم السيد حبيب مكي هاشم، ومحمد حسن
الشيخ منصور الستري، ومحمد حسن باقر رضي، ومحمد هادي أحمد الحلواجي،
والدكتور ناصر حميد المبارك قد تقدموا بطلبات تتضمن سحب طلباتهم
السابقة بالاعفاء».
وأضافت الأمانة العامة في بيان «انه تم استعراض هذه الطلبات في
اجتماع مكتب المجلس الذي انعقد الأربعاء وقرّر اعتبار طلبات الاعفاء
كأنها لم تكن».
في غضون ذلك اكدت الناطقة الرسمية باسم هيئة شؤون الاعلام البحرينية
ميسون سبكار ان الوضع الامني في المملكة مطمئن وان الحياة عادت الى
طبيعتها. وقالت سبكار في مؤتمر صحافي في المنامة أمس ان العمل في
الدوائر الحكومية عاد الى وضعه الطبيعي وان الدوائر باتت تقدم خدماتها
مضيفة ان نسبة الغياب عن العمل لم تتجاوز %15 وان معدل الالتزام
الدراسي للطلبة تحسن بدرجة كبيرة. بحسب يونايتد برس.
كما عينت البحرين وزيرين جديدين للاسكان والصحة بدلا من وزيرين
شيعيين قيل انهما قدما استقالتهما أو قاطعا مجلس الوزراء. وقال
التلفزيون الحكومي انه جرى تعيين باسم بن يعقوب الحمر وزيرا للاسكان.
وأضاف أن عاهل البلاد عهد الى فاطمة بنت محمد البلوشي وزيرة التنمية
الاجتماعية بحقيبة الصحة أيضا. وكانت صحيفة معارضة قالت في 16 من مارس
اذار ان وزير الصحة السابق استقال في حين قاطع وزير الاسكان السابق
اجتماعات مجلس الوزراء.
ولم تذكر صحيفة الوسط على موقعها الالكتروني سببا لاستقالة نزار بن
صادق لكنها قالت انه شاهد أناسا يتعرضون لمعاملة سيئة في جناح بمستشفى
السلمانية. وقالت الصحيفة ان وزير الاسكان السابق مجيد بن محسن العلوي
وهو شيعي أيضا "قاطع" الحكومة.
وقدم 12 من قضاة المحاكم الشرعية الشيعية استقالاتهم أيضا في بيان
أرسل الى الوسط وذلك "نظرا للاوضاع المأساوية التي تمر بها البلاد وما
نتج عنها من أحداث دامية نتيجة استعمال القوة المفرطة والسلاح في
مواجهة المواطنين العزل."
الاخوان المسلمون
فيما طالبت جماعة الاخوان المسلمين في مصر السلطات البحرينية
بالاستماع إلى مطالب الشعب البحريني كما رفضت تحويل مطالب الاصلاح إلى
قضية طائفية. وعبرت الجماعة الجماعة في بيان اصدرته عن قلقها الشديد من
تصاعد الأحداث فى مملكة البحرين، وما أسفرت عنه من سقوط ضحايا، واصفة
هذا التصعيد بأنه 'ينذر بمخاطر جسيمة'.
ودعت الجماعة 'شعب البحرين بكل طوائفه إلى الاستعلاء على الخلافات
وتنحية العصبيات المذهبية والطائفية، واعتماد مبدأ الحوار لحل المشكلات
فى مناخ من الأخوة الإسلامية والوحدة الوطنية والمشاعر الأسرية،
باعتبار الشعب كله أسرة واحدة'. وقالت 'المطالب الشعبية ينبغي أن
تعبِّر عن الشعب، وعلى المسؤولين الاستماع إليها وتنفيذ ما يحقق
المصلحة العامة منها'. بحسب يونايتد برس.
واضافت 'نرفض تحويل القضية إلى قضية طائفية؛ لأن من شأن ذلك تأجيج
الفتنة، وتهديد الوحدة الوطنية، وتوفير الذرائع للتدخلات الأجنبية،
فنرجو من الجميع إيثار المصلحة العامة، واستعادة اللحمة، وتوحيد الصف'.
ولم يشر البيان الى استدعاء البحرين لقوات سعودية وخليجية اثر
المظاهرات المطالبة بالاصلاح في المملكة والتي يتهمها قادة الشيعة في
البحرين بانها استدعيت لمواجهة الاحتجاجات التي يقوم بها الشيعة.
مذكرة احتجاج رسمية
من جانب آخر قدمت البحرين مذكرة احتجاج رسمية الى الحكومة اللبنانية
بعد ان عرض حزب الله اللبناني تقديم الدعم لمحتجين بحرينيين. وقال وزير
خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد ال خليفة ان بلاده لن تتهاون مع
تهديدات من تنظيم وصفه بأنه "ارهابي" وانها من الممكن أن ترفع الموضوع
الى "جهات دولية" اذا لم يتمكن لبنان من التصرف. وقال خليفة لقناة
العربية التلفزيونية "نحن طبعا ما اتخذنا هذه الخطوة قبل أن نتشاور مع
جميع اخواننا في دول مجلس التعاون (الخليجي)." وأضاف "لكن الان أن يصل
هذا التهديد الى حجم أن تكون هناك مؤامرة لا تستهدف فقط البحرين بل
تستهدف عدة دول في المنطقة."
وعلقت البحرين الرحلات الجوية الى لبنان وحذرت مواطنيها من السفر
الى لبنان بعدما انتقد السيد حسن نصر الله زعيم حزب الله دولا عربية
لانها دعمت حكام البحرين على الرغم من تأييدها للمحتجين في ليبيا.
ويقول بعض اللبنانيين المقيمين في البحرين انه لم يسمح لهم بالعودة
الى البحرين بعدما خرجوا منها لقضاء عطلة أو في رحلات عمل. ويعيش نحو
1500 لبناني في البحرين وسعوا الى ان ينأوا بأنفسهم عن الكلمة التي
ألقاها نصر الله. وعرض نصر الله في كلمته التي نقلها التلفزيون تقديم
الدعم للمحتجين في البحرين لكنه لم يحدد شكل المساعدة.
وقال خليفة "ما سمعنا في الاونة الاخيرة من تهديدات ارهابية حقيقة
حتمت أن نتخذ هذه الاجراءات." وأضاف "هناك تدريبات وهناك تنظيم وهناك
أحد رموز الفتنة الذين قبض عليهم في الاونة الاخيرة جاء من لندن وتوقف
في لبنان يومين ونعلم جميعا أين ذهب وأين أتى."
وبدا أن وزير الخارجية البحريني يشير الى حسن مشيمع زعيم حركة حق
الشيعية الذي عاد من المنفى في لندن يوم 26 فبراير شباط عبر بيروت.
وبعد عودته الى البحرين صعد مشيمع سقف المطالب من إقامة ملكية دستورية
في البحرين للمطالبة بالاطاحة بحكم أسرة ال خليفة. واعتقل مشيمع بعدما
بعدما طردت المحتجين من الشوارع.
تعليق الرحلات الجوية من والى لبنان وايران
والعراق
كما علقت البحرين الرحلات الجوية من لبنان واليه بعد يوم من توجيه
تحذير لمواطنيها من السفر. كما ذكرت شركة طيران الخليج التي تديرها
الدولة في البحرين في بيان على موقعها على الانترنت أن كل الرحلات
الجوية الى العراق وايران أوقفت حتى 31 مارس اذار. ولم تذكر أسباب ذلك.
ويسلط القرار الضوء على تزايد التوتر في أكبر منطقة مصدرة للنفط في
العالم بين الدول العربية التي يحكمها السنة وايران الشيعية غير
العربية الواقعة في الجهة المقابلة من الخليج.
وانتقدت ايران التي تدعم جماعات شيعية في لبنان والعراق بشدة تدخل
دول عربية مجاورة يحكمها السنة في البحرين.
وخرجت مظاهرات الى الشوارع احتجاجا على هذا التدخل في كل من العراق
ولبنان وهما مع البحرين من الدول العربية القليلة التي يزيد عدد الشيعة
بين سكانها على عدد السنة.
ونقلت وكالة أنباء البحرين عن بيان دائرة شؤون الطيران المدني قوله
"هذا الاجراء اتخذ اثر التصريحات والمواقف غير المسؤولة الصادرة من
لبنان ضد البحرين وشعبها وقيادتها الكريمة."
وأضاف البيان أن رحلات شركتي طيران الخليج وطيران البحرين من لبنان
واليه علقت الى أجل غير مسمى. بحسب رويترز.
وعقد 20 من كبار رجال الاعمال اللبنانيين الذين يتخذون مقار لهم في
البحرين اجتماعا لمناقشة ردهم بعد أن شكا لبنانيون يقيمون في المملكة
من عدم السماح لهم بدخول البلاد في المطار لدى عودتهم من عطلات أو
رحلات للعمل.
وقال مقيمون لبنانيون انهم سيقدمون طلبا رسميا للمساعدة الى سفارة
بلدهم يوم السبت. كما يعكفون على اعداد بيان يندد بالتدخل الخارجي في
شؤون البحرين وينأون فيه بأنفسهم عن تصريحات حسن نصر الله الامين العام
لجماعة حزب الله.
وحذرت وزارة الخارجية البحرينية مواطنيها من السفر الى لبنان حفاظا
على سلامتهم مشيرة الى تهديدات وتدخلات في شؤون المملكة.
وشجب رجال دين شيعة وزعماء سياسيون في العراق نشر قوات من دول
خليجية سنية تقودها السعودية في البحرين. |