تونس... من ازاحة ديكتاتور الى ترسيخ الديمقراطية

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: توقع الكثير ان يهدا حال التونسيين وتنتهي مظاهراتهم بعد تحقيق مطلبهم برحيل بن علي عن سدة الحكم التي تفرد بها هو واعوانه ولعقود خلت من الزمن، لكن رحيل بن علي كان البداية فقط والقضية استمرت والمطالب اتت تباعاً.

وهنا اثبتت الشعوب العربية عامة والشعب التونسي خاصة ان لها ادراكاً واسعاً وبعداً في النظر لا يقتصر على تحقيق مطالب انية قصيرة المدى تتجلى بإزاحة دكتاتور وربما استبداله بأخر لكن بوجه جديد، بل انها تطمح الى التغيير الشامل وعلى كافة المستويات فالقضية اكبر من ذلك بكثير (فالشعب يريد الحياة) والاجيال القادمة تريد الاستمرار لكن على طريق الديمقراطية والحرية التي اساسها العدل والمساواة.

ان الشعوب التي لها القدرة على التغيير هي شعوب حيه والشعوب التي لا ترضى بالذل والهوان هي شعوب كريمة، وهكذا هو الشعب التونسي صاحب الكلمة والتغيير والموقف الذي لم يقبل القليل واصر على مطالبه العادلة بعد رحيل الدكتاتور ورفض الحكومات التي تفرض عليه واعلن انه هو صاحب القرار ولا احد صاحب فضل عليه. 

بقايا بن علي

حيث تتجه تونس الى التخلص مما تبقي من أطلال حقبة الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي والتي شملت الى جانب دستور منحه كافة السلطات أسماء شوارع خلدت حكمه الذي امتد 23 عام، ودعا الرئيس التونسي المؤقت لإجراء انتخابات في 24 يوليو تموز لاختيار جمعية تأسيسية وطنية تتولى مهمة إعادة صياغة دستور قال عنه انه لم يعد يعبر عن تطلعات الشعب بعد الثورة، حيث تم بالفعل حل البرلمان الذي هيمن عليه أنصار بن علي وأجبر ضغط شعبي وزراء في الحكومة المؤقتة اعتبروا مقربين من النظام السابق على الاستقالة واحدا تلو الآخر، ولوحظ تغير جذري في شوارع العاصمة الساحلية تونس التي شهدت احتجاجات عارمة اجبرت بن علي على الفرار في 14 يناير كانون الثاني.

فقد أطلق اسم ساحة 14 جانفي 2011  على ساحة 7 نوفمبر تاريخ الانقلاب الابيض الذي جاء ببن علي الى السلطة وهي الساحة الرئيسية في المدينة، وكذلك أُطلق اسم شارع محمد بوعزيزي على أكبر شارع بالمدينة تكريما لبائع الخضر الذي فجر الانتفاضة الشعبية باضرامه النار في نفسه عقب مصادرة الشرطة لبضاعته، وفي المكتبات حلت الكتب التي كانت محظورة منذ وقت طويل لتناولها تفشي الفساد وانتهاكات حقوق الانسان في ظل حكم الرئيس المخلوع محل الكتب التي كانت تشيد به. بحسب رويترز.

وانتشرت شعارات من قبيل "تحيا الثورة والموت للتجمع الوطني الديمقراطي" وعبارات بالانجليزية تطالب بالتخلص من الحزب الحاكم السابق على جدران لم تمسسها رتوش في الماضي، وتم تعليق نشاط الحزب بعد رحيل بن علي، وعلى النقيض سمح لثمانية جماعات جديدة أو محظورة في السابق بنزول الساحة السياسية.

ويقوم الباعة الجائلون الذين كانوا حتى وقت قريب يضطرون لدفع رشا للمسؤولين المحليين للحصول على رخصة اجبارية باقامة أكشاكهم بحرية الان في المدينة يبيعون فيها بضائع مختلفة تشمل الملابس والمكسرات المحمصة والبطاطين وزجاجات العطور وغيره، واختفت صور الرئيس السابق التي كانت تنتشر في كل مكان تقريبا من المحال والمباني ويمكن سماع الناس يناقشون القضايا السياسية علنا في المقاهي وهو الأمر الذي كان مستحيلا في دولة بن علي البوليسية، ويفخر التونسيون بأن ما سموه "ثورة الياسمين" لديهم ألهمت انتفاضات في مصر وفي بلدان عربية أخرى، لكن ربما يتطلب الامر بعض الوقت قبل أن يعود الاستقرار او تعالج الشكاوي المريرة من المواطنين من ارتفاع معدل الفقر والبطالة، فلا يزال شارع محمد البوعزيزي الرئيسي الذي تصطف على جانبيه الاشجار في قلب العاصمة يحمل آثارا للمعارك العنيفة بين الشرطة والمتظاهرين والتي قتل فيما ما يزيد على 100 شخص وكذا يلاحظ الوجود الواضح لقوات الأمن.

وتوقفت دبابات أمام مبنى وزارة الداخلية والسفارة الفرنسية وامتدت الاسلاك الشائكة لحماية المبنين، وانتشر الزجاج المهشم من المحال التجارية على الرصيف، وبحلول الليل تفرغ الشوارع من المارة وتغلق المطاعم أبوابها مُبكرا.

حكومة جديدة

من جهتها عينت السلطات المؤقتة في تونس مؤخراً حكومة جديدة وحلت جهاز امن الدولة الذي اشتهر بانتهاك حقوق الانسان في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وفي مسعى لتأكيد سلطتها ونيل الشرعية في عيون المحتجين الذي اجبروا بن علي على الهروب في 14 يناير كانون الثاني تهاجم السلطات المؤقتة فلول نظامه واحدا تلو الآخر، وكشف رئيس الوزراء الباجي قايد السبسي عن حكومة جديدة من التكنوقراط لا من الساسة ممن لم يخدموا في الحكومات السابقة في عهد بن علي الذي استمر 23 عاما.

وقال السبسي في مؤتمر صحفي ان الوزراء اختيروا بدافع من المصلحة العامة للاشراف على عملية تحول حساسة الى ان ينتخب التونسيون مجلسا تأسيسيا وطنيا في 24 يوليو تموز، واضاف ان هذه حكومة مؤقتة لمدة اربعة اشهر ونصف مهمتها انقاذ البلاد من الوضع الخطير الذي وجدت نفسها فيه. بحسب رويترز.

وبعد قليل من اعلان عن التشكيلة الوزارية قال متحدث باسم وزارة الداخلية ان جهازي امن الدولة والشرطة السياسية اللذين كانا تابعين لبن علي جرى حلهما وهو مطلب رئيسي للانتفاضة الشعبية، وأضاف انه يستطيع التأكيد على انه تقرر الغاء الجهازين وان الوزارة ستتخذ قرارات اخرى من شأنها ارضاء الناس.

وقد عمل هذان الجناحان الامنيان كوكالة تجسس محلية لها صلاحيات بقمع المعارضة، وراقب ضباط هذين الجناحين الساسة والصحفيين المعارضين وبمقدورهم اعتقال الناس متى أرادوا واتهمتهم الجماعات الحقوقية بتعذيب المحتجزين، كما قال كثير من المحتجين ان ضباط أمن الدولة اخترقوا الاحتجاجات لاثارة أعمال عنف لكي يكون هناك رد فعل ضد الاحتجاجات.

وقال علي العريض عضو حركة النهضة الاسلامية التي سمح لها للتو بالعودة الى الحياة السياسية بعد حظر نشاطها لمدة عقدين "هذا حلم تحقق للجميع"، وأضاف العريض الذي قضى 14 عاما كسجين سياسي أن الناس كانوا يعانون بسبب ضباط أمن الدولة الذين دمروا الحياة السياسية ووسائل الاعلام والقضاء في البلاد.

وعين قائد السبسي (84 عاما) في 27 فبراير شباط الماضي بعد انهيار حكومتين لتسيير الاعمال لانهما تضمنتا أعضاء اعتبرهم المحتجون وثيقي الصلة بحرس بن علي القديم مثل رئيس الوزراء السابق محمد الغنوشي، وقال قايد السبسي ان أولويته هي الامن، وأضاف أنه من دون الامن لا يمكن أن تكون هناك تنمية اقتصادية أو برنامج سياسي، وتابع أنه يريد أن يزور الاجانب البلاد، وأشار الى أن الناس لا يريدون استثمار أموالهم في البلاد اذا لم يقتنعوا بأن الوضع هادئ، ولن يسمح لاعضاء الحكومة الجديدة وعددهم 22 وزيرا بالترشح في الانتخابات في المستقبل، وسئل قايد السبسي عما اذا كان المحتجون سيرضون بالتعديلات الاخيرة فقال ان ميدان تونس الذي نظم فيه المحتجون اعتصامات هو الان خال، واضاف أن المحتجين غير موجودين هناك وأنهم غادروا من تلقاء أنفسهم وهذا يثبت ثقتهم، وشدد على أنه لن يخون تلك الثقة.

هيبة الدولة التونسية

الى ذلك لم يمض على تشكيل ثالث حكومة انتقالية في تونس سوى اسابيع قليلة حتى بدأ فريق رئيس الوزراء الباجي قايد السبسي في تنفيذ تعهداته لاعادة هيبة الدولة بعد قرار بسجن ثلاثة من ابرز معاوني الرئيس السابق بن علي اضافة الى فرض حظر للتجوال في بلدة تشهد اشتباكات، وقال مصدر قضائي ان قاض تحقيق امر بسجن عبد العزيز بن ضياء المستشار الاول لبن علي وعبد الوهاب عبد الله مستشاره الاعلامي وعبد الله القلال وهو وزير داخلية اسبق بتهم فساد مالي.

وينظر الى سجن ثلاثة من ابرز معاوني بن علي على انه خطوة جريئة لم تتخذها حكومة الغنوشي الذي شغل ايضا منصب وزيرا اول في عهد بن علي، ويعتبر عبد الوهاب عبد الله مهندس السياسات الاعلامية في تونس والتحكم فيها لخدمة الرئيس السابق الذي فر في 14 يناير كانون الثاني بعد موجة احتجاجات شعبية، واشارت صحف محلية الى ان التحقيق في قضايا فساد مالي قد يشمل ايضا عدة وزراء اخرين من عهد بن علي من بينهم زهير المظفر وعبد الرحيم الزواري، وهي قرارت تؤكد نية الحكومة الانتقالية في تتبع فلول النظام السابق.

وكان رئيس الوزراء الباجي قايد السبسي تعهد عند تسلمه منصبه بان يعيد هيبة الدولة من خلال استعادة الامن وملاحقة كل المسؤولين المتورطين في قضايا فساد، وبالفعل بدأت الحكومة في فرض الانضباط بعد قرار محافظ قفصة فرض حظر للتجوال ببلدة المتلوي التي شهدت اشتباكات بين الاهالي انتهت بمقتل اثنين واصابة العشرات. بحسب رويترز.

وألقى كثيرون باللائمة على حكومة الغنوشي بسبب التردد والعجز عن فرض الامن بعد ان شهدت البلاد حالة من الانفلات الامني منذ هروب بن علي، وعاد رجال الامن الى مواقعهم بشكل طبيعي وعادت الحركة عادية في مدن عدة بعد ان تراجعت الاحتجاجات الاجتماعية وتقلصت معدلات الجريمة بشكل ملحوظ، وفي اشارة قوية لحزم الحكومة اعلنت وزارة الداخلية رفضها منح التاشيرة لثلاثة احزاب وصفت بأنها متشددة، وقالت الوزارة انها رفضت الترخيص لحزب التحرير وحزب السلام والحزب السني التونسي لمخالفتها فصول قانونية.

وكان مسؤولون في حزب التحرير قد اشاروا الى انهم يسعون الى اقامة دولة قانونها الشريعة الاسلامية وانهم يرفضون فكرة ما يسمى بالديمقراطية، وينظر الى هذه الخطوة على نطاق واسع على انها اشارة قوية لرفض احزاب دينية متشددة في البلاد الذي ظل لعقود يفصل بين الدين والسياسية، وكانت وزارة الداخلية اعطت ترخيصا لحركة النهضة الاسلامية المعتدلة بالنشاط القانوني بعد 23 من الحظر في عهد الرئيس السابق.

 في سياق متصل قال رئيس الحكومة المؤقتة الباجي قايد السبسي انه واثق من النجاح في المرحلة المقبلة بعد استعادة ثقة كانت مفقودة منذ تنحي الرئيس السابق زين العابدين بن علي في 14 يناير كانون الثاني، واضاف السبسي في مقابلة تلفزيونية "لو لم نكن واثقين اننا على الطريق السوي لما دخلت في هذه التجربة، اسباب النجاح متوفرة اذا رجعت الثقة بين المواطن والمسؤول".

واعرب السبسي الذي لقي تعيينه اجماعا واسعا في الشارع التونسي عن تفاؤله بامكانية تجاوز الوضعية الامنية الهشة قائلا "اعتقد ان كل شيء ممكن وفي ايام قلائل رجعت بوادر الثقة وسننطلق من جديد"، واشار رئيس الوزراء المكلف ان قوى المعارضة اعطت اشارات ايجابية وفي محاولة منه لابراز جدية حكومته في محاسبة كل المسؤولين مثلما يطالب بذلك محتجين، وقال انه سيتم محاسبة كل مسؤولي النظام السابق ممن تورطوا في قضايا فساد، واضاف " هناك كثير من المسؤولين لم يقع استدعائهم وهذا سنتداركه وسنعتني بهذا الموضوع وكل من ارتكب خطأ سيجد العقاب المناسب والقانون فيصل بين الجميع"

تونس فريسة للاضطراب

فيما ترى الناشطة التونسية على الانترنت والمدرسة المساعدة في جامعة تونس لينا بن مهني أن تونس بعد فرار زين العابدين بن علي ما زالت "فريسة للاضطراب" وتقدم في مدونتها حصيلة قاسية وتشير إلى "العنف الذي تلجأ إليه القوى المناهضة للثورة"، وتتقاسم بن مهني شعورها هذا مع تونسيين آخرين، ويتحدث الناشط في سيدي بوزيد سليمان الرويسي عن محاولة "التفاف على الثورة" ويصف الذين يتظاهرون لمطالب اجتماعية بالبسطاء الذين يحرضهم عناصر من حزب "التجمع الدستوري الديمقراطي" الحاكم سابقا.

من جهته المخرج المسرحي المعروف فاضل الجعايبي بدوره يتحدث عن "غموض كبير ومخاوف كثيرة من المستقبل، فعناصر النظام البائد ما زالوا هنا ومن الصعب اختفائهم بين ليلة وضحاها، صحيح أنهم لا يمسكون بزمام السلطة ولكنهم غير بعيدين عن ذلك".

وكان موظفو "تونس تلكوم" أعلنوا إضرابا مفتوح، كما تظاهر عدد من موظفي وزارة الدفاع     وتجمع مئات القضاة والمحامين للمطالبة باستقلال القضاء، ويعترف الاتحاد التونسي العام للشغل، وهو الجهة النقابية الرئيسية في البلاد بضخامة حجم الحراك الاجتماعي.

بدورها تبدو الحكومة الانتقالية غارقة في بحر الملفات المفتوحة، ويقول الجعايبي "نحن على دراية بأن عمل الإدارة غير منتظم بعد، الناس يريدون الحصول على كل شيء بشكل فوري، وهناك مطالب أنانية، شخصية، لائحة لا نهاية لها"، ويضيف المثقف والفنان التونسي "ما زلنا نعيش حالة بسيكو-اجتماعية"، ويتخوف الخبراء أن يؤدي استمرار الإضرابات والمظاهرات وتفشي القلق إلى انهيار الاقتصاد، فالبطالة التي تضرب بشدة جيل المتخرجين الشباب لم تتراجع، والبنى التحتية في وسط البلاد في حالة يرثى له، ويشير الموسيقي خالد تبوربي في مقالة إلى "تخوف الخبراء في حال استمر الوضع على ما هو عليه في الأشهر الثلاثة المقبلة من دخول الميزان التجاري التونسي في اللون الأحمر".

ويطالب الاقتصادي التونسي منصف شيخ روحه القوى السياسية بعرض برامجها على الناخبين، مضيفا "من الجميل أن نعيش في تونس في جو الحرية ولكن الوقت لا يلعب لصالحنا، وعلينا إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في أسرع وقت ممكن".

ويرى سليمان الرويسي أن الوقت قد حان لتبادل الأدوار بين الشعبين التونسي والمصري، وعلى التونسيين الاقتياد بالمصريين وتعليق العمل بالدستور، ويتابع فاضل الجعايبي "على تونس أن تتقدم نحو نظام برلماني علماني"، ويضيف "المطلوب اليوم عودة الأمن والهدوء، وعودة الناس لعملهم وعودة الحياة الثقافية، والأمر غير محقق لغاية الآن، والناس خائفون ولن تتضح الصورة إلا في الأشهر المقبلة".

الداخلية والفيسبوك والسجناء

"سيدي الوزير رجاء لا تتركوا اصحاب العربات المتجولة ينتصبون بشكل فوضوي بقلب العاصمة انهم يشوهون الشارع الرئيسي الذي اصبح واجهة سياحية مهمة الرجاء نقلهم الى مكان اخر لكن دون عنف او خطايا مالية"، هذا نموذج لالاف الرسائل التي كتبت على موقع وزارة الداخلية على الفيسبوك الذي انشيء هذا الاسبوع، وفيما يبدو انها محاولة لكسب ود الشبان والتقرب منهم وتغيير نظرتهم لوزارة الداخلية انشأت الوزارة موقعا على الفيسبوك جذب بسرعة نحو 110 الاف مشترك، وحتى وقت قريب كانت وزارة الداخلية تشرف على مراقبة الانترنت وحجب عديد من المواقع ومراقبة تحركات بعض الناشطين على تويتر وفيسبوك، وقال موقع فيسبوك الشهر الماضي ان الحكومة التونسية كانت تصل الى كلمات سر عديد من المشتركين وتخرب مواقع بعض النشطاء. بحسب رويترز.

لكن وزير الداخلية في الحكومة المؤقتة فرحات الراجحي قال في وقت سابق ان وزارته تسعى لتوظيف التكنولوجيات الحديثة للاقتراب من الشبان والالتصاق بمشاغلهم ومواكبة التطورات التكنولوجية كي لا تكون معزولة عن الواقع، وبدأت حملة الاطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي عبر الفيسبوك حيث نظمت اول المظاهرات بعد دعوات اطلقها نشطاء على هذا الموقع

وتبادل المشتركون التونسيون على الفيسبوك مقاطع فيديو اثناء الاحتجاجات التي قتل خلالها العشرات وكان المتنفس الوحيد خلال المظاهرات التي انتهت بالاطاحة ببن علي يوم 14 يناير كانون الثاني الماضي.

وتضمن موقع وزارة الداخلية على الفيسبوك العديد من النوافذ من بينها واحدة للنقاشات يبدي فيها المشتركون اراءهم بحرية وينتقدون فيها عمل أجهزة الوزارة على سبيل المثال كما يتضمن موقع الوزارة اخبارا ومناظرات مما زاد من ذروة الاقبال على هذه الصفحة، ويقول مشترك اسمه ماجد نصرواي "انها بادرة جيدة للغاية تمكننا من ان نعرف عن قرب هذه الوزارة التي ارهبتنا طيلة السنوات الماضية"، ويضيف "لكن ما أخشاه هي ان تكون هذه الصفحة مخصصة لمراقبتنا بشكل جديد"، اما ايمان بطوطة فتوجهت للوزير قائلة "نريدكم ان تحلوا جهاز البوليس السياسي وجهاز أمن الدولة"، وتعهدت الحكومة الانتقالية بدعم حرية التعبير والوصول الى الانترنت دون رقابة وتهيئة مناخ ديمقراطي في البلاد مما قد يفتح الباب أمام توقيع اتفاقية شريك متقدم مع الاتحاد الاوروبي سيمنح التجارة التونسية مزايا تفاضلية، وكان ملف حقوق الانسان من ابرز المشاكل التي تواجه مفاوضات تونس مع اوروبا لتوقيع هذا الاتفاق.

في سياق متصل اقامت الجمعية الدولية لمساندة السجناء السياسيين في قصر المؤتمرات وسط العاصمة تونس احتفالا كبيرا تكريما للسجناء السياسيين المفرج عنهم من بينهم اسلاميون بعد سنوات طويلة قضوها وراء القضبان، واوضح سمير بن عمر الكاتب العام للجمعية  "اليوم نحتفل بالمساجين الذين غادروا السجن وبالعفو التشريعي العام وتكريم عائلات الشهداء"، واضاف ان "اكثر ضحايا بن علي هم الاسلاميون الذين كانوا الاكثر استهدافا"، مشيرا الى ان "اكثر من 30 الف سجين سياسي تم القاء القبض عليهم خلال فترة حكمه".

واضاف "وجودنا اليوم في هذا الفضاء هو بمثابة بذرة من بذرات الانتصار بعد ان كان يتعذر علينا البقاء في بيوتنا وخارجها في امان"، غير انه اعتبر ان "المشوار لا يزال طويلا وينتظرنا عمل كبير لان اطراف الردة لا يزالون يتحركون سواء من خلال ترويع الشعب او اعادة تنظيم صفوفهم للعودة"، وقال عبد الفتاح مورو احد مؤسسي حركة النهضة الاسلامية في تونس لفرانس برس "هذا الحشد الكبير الذي كان حتى وقت قريب من المحظورات هو نتاج لثورة الشعب ضد الاستبداد"، في اشارة الى "ثورة الياسمين" التي اطاحت في 14 كانون الثاني/يناير بنظام زين العابدين بن علي بعد 23 عاما من الحكم. بحسب رويترز.

ووصف تلك السنوات بانها سنوات "القمع والملاحقات وكبت الحريات"، واكد ان "الحرية هي نتاج نضال وصبر ومثابرة وليس هنالك حرية بالمجان"، وهي المرة الاولى التي يحتضن فيها قصر المؤتمرات تجمعا سياسيا وسط غياب كلي لرجال الامن، وقد قاطع عدد كبير من الحاضرين الاجتماع الصاخب لاداء الصلاة في بهو القصر الذي زينت جدرانه بشعارات الانتصار وصور شهداء ثورة تونس.

وتم مطلع اذار/مارس الاعتراف قانونيا بحركة النهضة الاسلامية التي تعرضت للقمع في ظل نظام الرئيس المخلوع وذلك بعد 30 عاما من تاسيسه، وعاد راشد الغنوشي نهاية كانون الثاني/يناير الماضي الى تونس بعد ان ظل في المنفى ببريطانيا 20 عام، واعلن المحامي التونسي سمير بن عمر العضو في الجمعية الدولية لدعم المعتقلين السياسيين في 3 اذار/مارس انه تم الافراج عن كافة المعتقلين السياسيين في تونس مؤكدا ان "نحو 800 سجين سياسي استعادوا حريتهم"، وتم هذا الافراج بناء على عفو عام اعلنته الحكومة الانتقالية التونسية في العشرين من كانون الثاني/يناير.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 26/آذار/2011 - 20/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م