شبكة النبأ: الامر اصبح حقيقة وليس من
ضرب الخيال، فالعلماء طرقوا ناقوس الخطر واشارو الى انقراض بعض
الحيوانات التي كانت موجودة بيننا قبل عقود قليلة وقرب انقراض الاخرى
التي اصبحت على شفير الهاوية.
الغريب في الامر ان الانقراض للاجناس السابقة حصل نتيجة لعوامل
طبيعية وبيئية معينة او على الاقل هكذا ماتوقعه العلماء الذين بحثوا في
هذا المجال، اما مايحدث اليوم فالسبب المباشر فيه هو الانسان نفسه الذي
لم يراعي الكائنات الاخرى التي تعيش معه وتشاركه الحياة على هذا الكوكب
الجميل، والاسباب في ذلك يطول ذكرها وتعليلها وشرحها ولعل التقدم
العلمي واستغلال الارض والمياه والطلب الكبير على بعض اجزاء من
الحيوانات والصيد غير الشرعي لها ادى الى هذه المأساة.
ان العديد من الاصوات الصادقة قد انطلقت في مختلف انحاء العالم من
اجل انقاذ مايمكن انقاذه وحفض البقية الباقية من الاجناس المهدده
بالانقراض وهي امانة في اعناقنا فالذي يفقد لايمكن تعويضه ابدا.
ازمة الانقراض
الازمة الكثيفة السادسة لانقراض الاجناس بدأت فعلا على ما يؤكد
علماء اميركيون معتبرين انه بالوتيرة الراهنة ستندثر ثلاثة ارباع
الاجناس في غضون قرون قليلة، فمنذ اولى اثار الحياة الاحفورية اي قبل
حوالى 540 مليون سنة، لم تعرف الاجناس الا خمس ازمات انقراض كثيفة
اندثرت خلالها اكثر من 75 % من الاجناس على وجه الارض، لكن حتى الان
كانت كوارث او ظواهر طبيعية سببا في ذلك.
لكن هذه المرة التهديد مرتبط مباشرة بنشاط الانسان واللائحة تطول في
هذا المجال من تدمير الانظمة البيئية والافراط في استغلال الموارد ونشر
الميكروبات والفيروسات وادخال انواع في وسط جديد بطريقة عرضية او غير
مدروسة فضلا عن الاحترار المناخي، وللتعبير عن هذا الخطر قام علماء
احياء واحاثة من جامعة كاليفورنيا في بيركلي بدراسة التنوع الحيوي
الحالي مستخدمين في ذلك مرجعا هي الثدييات الفصيلة التي تتوافر فيها
ادق الوثائق حتى الان، فخلال السنوات الخمسمئة الاخيرة اندثر ما لا يقل
عن 80 نوعا من اصل 5570 الثدييات المرصودة حتى الان في مقابل اقل من
اندثارين لكل مليون سنة قبل ذلك على ما جاء في حسابات العلماء. بحسب
فرانس برس.
ويلخص انطوني بارنوسكي المشرف الرئيسي على الدراسة الوضع بقوله ان "وتيرة
الانقراض الحالية تشبه كثيرا تلك التي سيطرت في ازمات الانقراض الكثيفة
في الماضي"، وهذه حصيلة سلبية جدا تدعمها لائحة الاجناس المهددة المدرة
على "اللائحة الحمراء" للاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة، واشارت
الدراسة الى انه في حال انقرضت كل هذه الاجناس في القرن الحادي
والعشرين وتواصلت عمليات الاندثار بالوتيرة ذاتها فان اكثر من ثلاثة
ارباع الثدييات ستختفي بعد 334 عاما واقل من 250 البرمائيات، والامات
الخمس الرئيسة التي يطلق عليها بالانكليزية "بيغ فايف" (الخمس الكبرى)
تمت على سلم زمني جيولوحي (مئات الاف لا بل ملايين السنوات) طويل جدا
مقارنة بتاريخ البشرية.
ازمة الانقراض الاكثر شراسة هي الاخيرة وقد وقعت في العصر الطباشيري
قبل حوالى 65 مليون سنة على الارجح جراء سقوط مذنب او نيزك من 15
كيلومترا تقريبا على الارض في شبه جزيرة يوكوتان الحالية (المكسيك)،
وادى الاصطدام الذي توازي قوته مليار قنبلة ذرية الى نثر غيوم من
الرماد في الاجواء ادت فجأة الى تغير الظروف المناخية، وادت هذه
الكارثة الى انقراض 76 % من الاجناس لا سيما الديناصورات.
ويفيد علماء الاحاثة في كاليفورنيا ان التحرك السريع ضروري للجم
ازمة الانقراض السادسة هذه مشددين على ان "اعادة تكوين التنوع الحيوي
لن يحصل على سلم زمني بشري، فان تطور الاجناس يتطلب ما لا يقل عن مئات
الاف السنين"، الا ان المعركة ليست خاسرة، ويقول انطوني بارنوسكي "حتى
الان 1 الى 2% من كل الاجناس اندثرت في المجموعات التي نعرفها. ولا
يزال بامكاننا انقاذ الكثير منها".
الشعب المرجانية والاسماك في خطر
في سياق متصل حذر تقرير حديث أن النشاط البشري بالإضافة إلى تغييرات
المناخ تهدد 75 في المائة من الشعب المرجانية في العالم ما يعرض عدد من
البلدان التي تعتمد على النظم الإيكولوجية في المحيطات للخطر، ولفت "معهد
الموارد العالمية" في تقرير بعنوان "الشعب المرجانية في خطر" أن
تهديدات مثل الصيد الجائر وتطوير المناطق الساحلية وتلوث مستجمعات
المياه والمناطق البحرية مسؤولة عن تهديد فوري ومباشر لأكثر من 60 في
المائة من الشعاب المرجانية في العالم إضافة إلى الإجهاد الحراري
الناجم عن ارتفاع درجات حرارة المحيطات وقفزة في عدد الشعب المرجانية
المهددة إلى 75 في المائة.
وقالت جين لوشينكو من المعهد المذكور " كما يشير التقرير بوضوح،
هناك تهديدات محلية ودولية، منها التغييرات المناخية، التي التي لها
بالفعل تأثير كبير على الشعب المرجانية، ما يعرض مستقبل هذه النظم
الإيكولوجية الجميلة والقيمة للخطر"، وحسب التقرير، فأن الخطر الأعظم
يداهم الشعب المرجانية في جنوب شرق آسيا، ويهدد 95 في المائة منها
هناك، ويعود ذلك أساسا إلى الإفراط في الصيد واستخدام وسائل صيد مدمرة،
ويتدنى معدل الخطر إلى 40 في المائة فقط في أستراليا، موطن أضخم نظام
للشعب المرجانية في العالم، وتعرف بــ" حاجز الشعب المرجانية الكبير.
بحسب السي ان ان.
وتلعب التغييرات المناخية دوراً متزايداً في تهديد الشعب المرجانية،
إذ يؤدي ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي إلى ارتفاع درجات حرارة
المحيطات، كما حذر علماء من تباطؤ "حاد ومفاجئ" منذ 1990، وبشكل غير
مسبوق منذ أربعة قرون في معدل نمو الشعب المرجانية بـ"حاجز الشعب
المرجانية الكبير" في أسترالي، وقال العلماء إن معدل النمو، هو الأدنى
خلال 400 عام، الأمر الذي يثير القلق بشأن الكائنات البحرية في محيطات
العالم، وحلل الباحثون معدل نمو 328 مستوطنة مرجانية، قي 69 من سلاسل
الشعب المرجانية، تمتد على مساحة 1250 ميلاً في منطقة "حاجز الشعب
المرجانية الكبيرة" قبالة شمال شرقي أسترالي، ووجد الدكتور غلين ديس،
من "معهد العلوم البحرية" في أستراليا وفريقه العلمي أن معدل التكلس (ترسبات
كربونات الكالسيوم) في هياكل الشعب المرجانية، تراجع بنسبة 13.3 في
المائة، منذ 1990.
ويشكل تلوث السواحل، ودفء مياه البحار، والاستغلال الجائر، تهديداً
حاداً على الشعب المرجانية في أنحاء العالم، إلا أن التفسير الأكثر
ترجيحاً لظاهرة تراجع نمو الهياكل المتكلسة للشعب المرجانية، قد يعود
إلى زيادة نسبة حموضة المياه الناجم عن ارتفاع معدلات ثاني أكسيد
الكربون في الجو، ويشار إلى أن الشعب المرجانية تكوينات في قاع البحار
تشبه حدائق صخرية تصنعها حيوانات صغيرة تعرف باسم الحيوانات المرجانية،
وهي مواطن مهمة ومأوى للأسماك وغيرها من الكائنات البحرية.
من جهة اخرى حذر خبراء من ان الصيد المفرط ادى الى اختفاء ثلثي
اسماك التونة والقد والاخفس في المحيطات في غضون قرن، محدثا اضطرابات
في النظام البيئي ومهددا بالحد بشكل خطير من مصدر الغذاء البشري
الاساسي هذ، ويشرح فيلي كريستنسن، الاستاذ في جامعة بريتش كولومبيا في
كندا ان "الصيد المفرط اخل بالتوازن الحيواني في المحيطات في حين ان
الانخفاض الكبير في اعداد الحيوانات المفترسة الكبيرة ادى الى ارتفاع
كبير في اعداد الاسماك الصغيرة".
وقد حصل 54% من هذا الانخفاض في اعداد الاسماك الكبيرة خلال السنوات
الاربعين الاخيرة، وهي فترة تتزامن مع ازدياد الصيد الصناعي بشكل مستمر،
وفقا لدراسة نشرت نتائجها الجمعة في الولايات المتحدة، واشار كريستنسن
ايضا الى ان "عددا من الاسماك يتم تحويله حاليا الى دقيق وزيت
لاستعماله كغذاء في قطاع تربية الاحياء المائية التي تعتمد اكثر فاكثر
على هذا المصدر الغذائي"، وقدم كريستنسن نتائج هذه الدراسة خلال مؤتمر
الجمعية الاميركية للنهوض بالعلم الذي يعقد في واشنطن، وهو اكبر ندوة
عالمية للعلوم العامة وقد حضره هذه السنة نحو خمسة آلاف مشارك. بحسب
فرانس برس.
الى ذلك اكد ريغ واتسون، وهو عالم يعمل ايضا في جامعة بريتش
كولومبيا، بقولة ان البشرية قد وصلت الى عتبة مهمة في استغلال موارد
الصيد على الكوكب، واضاف "يبدو اننا نكرس المزيد من الطاقة والموارد
لصيد الكمية نفسها من الاسماك أو اقل، وهذا يشير الى حال المحيط"،
واوضح "قد نكون بلغنا الذروة في ما يتعلق بالاسماك في الوقت الذي نشهد
فيه الوضع نفسه في ما يتعلق بمخزون النفط".
ولقياس نطاق الصيد الصناعي في العالم، احتسب هؤلاء الباحثون الطاقة
الاجمالية الضرورية لعمل سفن الصيد في العام 2006، واشار ريغ واتسون "احتسبنا
انه توجب استعمال 1،7 مليار واط من الطاقة أو نحو 22،6 مليون حصان
لقطاع الصيد العالمي في تلك السنة"، هذا الصيد المفرط يأتي تلبية لطلب
"ديناميكي جدا ومتزايد"، كما قال سيوا مسانغي، الباحث في معهد ابحاث
السياسات الغذائية الدولي في واشنطن.
وتشكل الاسماك اليوم 12% من السعرات الحرارية المستهلكة للفرد
الواحد في العالم مقارنة بنحو 20% في ما يتعلق باللحوم، كما اضاف، ولفت
الى ان حوالى 50% من "الازدياد في استهلاك الاسماك مصدره منطقة آسيا
والمحيط الهادئ، و42% منه متأت من الصين وحدها. الصين هي التي تحدد
العرض والطلب على الاسماك"، ونظرا الى القيود العديدة المفروضة على
الصيد الصناعي وتربية الاحياء المائية، اصبحت ادارة موارد الصيد "شديدة
الاهمية في ما يتعلق بالاسماك ومعرفة كيف سنتغذى في المستقبل"، وبرأيه،
فإن "الحل يكمن في اللجوء الى ممارسات علمية جيدة، مثل الحد من استعمال
المضادات الحيوية، وممارسات ادارية جيدة".
أسد الجبال الشرقية
أعلنت وكالة حماية الأسماك والحياة البرية الأمريكية رسمياً، انقراض
أسد الجبال الشرقية الأمريكي، وذلك بعد مرور أكثر من سبعة عقود على
رؤية آخر حيوان من هذه الفصيلة التي كانت تعتبر أكبر السباع المفترسة
في تلك المنطقة التي غزاها الإنسان منذ قرون، وكان أسد الجبال الشرقية
يعيش في كل الولايات الواقعة على المحيط الأطلسي بالولايات المتحدة،
وقد شملت مناطق سكنه مختلف البيئات الطبيعية، مثل الجبال والغابات،
وصولاً إلى المناطق الساحلية، وفقاً للدكتور مارك ماكوليغ، الباحث
المتخصص في هذه الفصيلة.
أما آخر مشاهدة لهذا الحيوان فتعود إلى العام 1938، عندما قام
العالم بروس رايت باصطياد أسد في ولاية ماين، وقام بتصويره وعرضه، ورغم
غياب أسد الجبال الشرقية، إلا أن البراري الأمريكية ستظل تحتوي على
مجموعة من السباع المفترسة من فصيلة السنوريات، مثل القطط الوحشية،
وأسود الجبال العادية والفهود والبوم، وكان بعض من العلماء يأملون حتى
السنوات الأخيرة بالعثور على أسود جبل شرقية في مناطق برية قد لا تكون
يد الإنسان قد امتدت إليها، وعزز هذا الأمل ورود تقارير عن هجمات
لحيوانات مفترسة غامضة، لكن اتضح مع الوقت أن حيوانات أخرى مسؤولة عنه،
وشرح ماكوليغ ذلك بالقول "مازال لدينا في المنطقة الشرقية من الولايات
المتحدة مجموعات من أسود الجبال العادية التي يراها البعض، ويعتقدون
أنها من فصيلة أسود الجبال الشرقية، ولكن هذا غير صحيح، ويمكننا القول
أن تلك الفصيلة قد انقرضت منذ زمن". بحسب السي ان ان.
على صعيد متصل اكد مختصون من تراجع أعداد الأسود حول العالم في ما
قد يعد مؤشراً لاندثار تلك الفصيلة من القطط الكبيرة، ودعا ديريك
جوبارت، وهو صانع أفلام وثائقية، إلى تحرك جماعي، وفي غضون السنوات
القليلة الماضية، لحماية الأسود، وإلا فإن الأجيال الراهنة تشهد حقبة
زوال هذا الحيوان المفترس، ويرى خبراء أن مقتل أسد واحد له مترتبات
فادحة على قطيع بأكمله، فتولي أسد آخر القيادة والهيمنة على منطقة قد
يعني الفتك بكافة الأشبال وربما الإناث المدافعة عن صغاره، ويقدر أن ما
بين 20 إلى 30 أسدا تذهب ضحية مقتل واحد، كما أن اندثار تلك القطط
الكبيرة له تأثيرات مختلفة على الأنظمة الإيكولوجية وقد يؤدي لانهيار
كامل للبيئات وصولا لأنظمة المياه، فمع تحول الطرائد أو وقف هجرتها أو
تنامي تعدادها وتدمير سلامة النباتات الهامة في المنطقة، خصيصاً على
طول مجرى الأنهار.
ولفت المختصون إلى أهمية اقتصادية للحفاظ على الأسود، ففي أفريقيا
تحديداً، تمثل عائدات قطاع السياحة من محميات مفتوحة صديقة للبيئة،
وشركات الطيران، وصناعة التحف اليدوية، وتصل إلى 80 مليار دولار سنوياً،
جزءاً مهماً لاقتصادات القارة، وتراجعت أعداد "ملك الغابة" من 450 ألف
أسد قبيل نصف قرن إلى دون 20 ألف في وقتنا الراهن وفق جوبارت، ويعتبر
الأسد حيوان ضخم من فصيلة السنوريات، وتعيش معظم الأسود البرية
المتبقية اليوم في أفريقيا إلى جانب أعداد صغيرة مهددة بالإنقراض في
الهند، ورغم تصنيفه على أنه من أنواع الحيوانات المهددة بالانقراض
بدرجة دنيا، إلا أن التقرير يدق ناقوس الخطر بضرورة التحرك لحماية "القط
الكبير" من خطر الاندثار.
على خط النار
من جهتها أعربت منظمة الأمم المتحدة عن قلقها الكبير إزاء نسبة
النفوق المرتفعة للنحل في مناطق عدة من العالم، بعد وقوعه ضحية للتلوث
وللمبيدات الحشرية، وتسجل هذه الظاهرة خصوصا في البلدان الصناعية
الواقعة في النصف الشمالي للكرة الأرضية، على ما يشرح تقرير لبرنامج
الأمم المتحدة للبيئة، ومن بين العوامل التفسيرية التي أحصاها التقرير
والتي تبلغ حوالى 12 عاملا، هناك استخدام المبيدات الحشرية وتلوث
الهواء وانخفاض عدد النبتات المزهرة كما أعداد مربي النحل في أوروبا
بالإضافة إلى طفيلية قاتلة تقضي على النحل حصرا في النصف الشمالي من
الكرة الأرضية.
ترتفع نسبة نفوق النحل حتى تبلغ 85% في بعض المناطق، وقد تكون
آثارها خطيرة على الإنتاج الغذائي إذ أن غالبية النباتات سواء كانت
مزروعة أم برية تلقح بواسطة النحل، لكن العلماء لم يتوصلوا بعد إلى
قياس الأثر المباشر لنفوق النحل على زراعة الفاكهة والخضار، واعلن
المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة أشيم شتاينر في مؤتمر
صحافي أن "الطريقة التي تدير فيها البشرية نشاطها المرتبط بالطبيعة لا
سيما الملقحات، سوف تحدد جزءا من مستقبلنا الجماعي في القرن الحادي
والعشرين"، واضاف "في الواقع، من بين الأجناس النباتية البالغ عددها
مئة جنس والتي تؤمن 90 % من غذاء العالم، يلقح أكثر من 70 جنسا منها
بواسطة النحل". بحسب فرانس برس.
لكن عدد مستعمرات النحل انخفض خلال السنوات الأخيرة بنسبة تراوح بين
10 و 30 % في أوروبا و30 % في الولايات المتحدة وأكثر من 85 % في منطقة
الشرق الأوسط، على ما اوضح بيتر نومان أحد معدي تقرير الأمم المتحدة
الأول حول اختفاء النحل وهذه آفة تنجو منها أميركا اللاتينية وإفريقيا
وأسترالي، فدعا نومان إلى إنشاء شبكة عالمية لمقاربة المشكلة، مشددا
على أن "هذا الموضوع معقد جد، فعوامل عديدة تتفاعل في ما بينها، ولا
يستطيع بلد واحد حل المشكلة بمفرده"، واوضح هذا العالم الألماني الذي
يعمل في مركز الأبحاث حول النحل في سويسرا، أن أحد أسباب اختفاء النحل
في أوروبا وأميركا الشمالية هو "فاروا" الذي يصنف من القراديات
الطفيلية، ولفت نومان إلى أنه "من الفاضح ملاحظة قلة ما ندركه حول هذا
النوع من العنكبيات المؤذية الذي لا أثر له على النحل الإفريقي"، وكانت
بعض الدراسات قد بينت أن النحل الذي يتغذى من مزيج من غبار الطلع
الناجم عن نباتات مختلفة، يتمتع بصحة أكبر من النحل الذي يتغذى من نوع
واحد من غبار الطلع.
من جهتها لطالما شكل جنوب شرق آسيا مربى للفيلة يسد حاجة تجار العاج
التايلانديين غير الشرعيين، لكن هؤلاء ومنذ هلاك عدد كبير من تلك
الحيوانات في المنطقة، راحوا يتطلعون إلى مواطن الثروات في المحميات
الإفريقية الشاسعة، حيث ضبطت جمارك بانكوك 1600 ناب فيل منذ بداية
العام 2009، وهي تعود بالتالي إلى حوالى 800 فيل أجهز عليه، ويشرح كريس
شيفرد من منظمة "ترافيك" غير الحكومية أن "تايلاند تحتفظ دائما بموقعها
الأول" في قائمة الاتجار بالعاج، الذي حظرت تجارته عالميا منذ العام
1989. بحسب فرانس برس.
وعمليات الضبط التي تشهد ارتفاعا ملحوظا منذ خمس سنوات لا تشكل
بالنسبة إليه سوى "نسبة صغيرة" من الأنياب المتاجر بها من قبل شبكات
تأتي بالعاج من موزمبيق وتانزانيا وكيني، ويلفت المقدم أدتابون سودساي
من قسم مكافحة الجرائم ضد البيئة التابع للشرطة التايلاندية الى أن "تايلاند
هي بلد يصدر أوامر لقتل الفيلة الإفريقية".
تشكل السوق التايلاندية وجهة جزء كبير من العاج المستورد الذي يسلم
وهو لم ينظف بعد من دماء صاحبه المجهز عليه، أما الجزء الآخر فيصدر إلى
الصين واليابان اللتين لا تملكان فيلة.
ويحلو لبعض "رجال أعمال" المملكة وعدد من "مسؤوليها رفيعي المستوى"
تعليق أنياب هذه الثدييات الضخمة التي تعتبر رمزا للسلطة، بحسب ما يلفت
سيري تايجونغراك مدير مكتب التحقيقات التابع للجمارك، إلى ذلك يفتن
السياح المبذرون بالحلى والحيوانات الصغيرة التي نحتها حرفيون من منطقة
ناخون ساوان (الشمال) يشتغلون بشكل تقليدي أنياب الفيلة التايلاندية،
والحرفة اليدوية الجديدة الخاصة بشغل العاج في تايلاند، كانت قد انطلقت
بشكل فعلي في القرن التاسع عشر. لكن فيلة المملكة البالغ عددها تقريبا
مئة ألف حيوان قد اختفت بعدما أجهز عليها الصيد المحظور كما إزالة
الغابات.
أما آلاف الفيلة الناجية وغالبيتها من الحيوانات المدجنة التي
تستخدم في الحقول أو لتسلية السياح، فهي لا تكفي التجار غير الشرعيين
الذين استبدلوها ب"أنسبائها" الأفارقة وذلك لتلبية طلب آسيوي كبير،
مستغلة وضعا جغرافيا متميزا، تصدر تايلاند العاج الخام أو المنحوت
خصوصا إلى الصين التي تستخدمه أيضا في الطب التقليدي، وكذلك إلى
اليابان، بالنسبة إلى كريس شيفرد "هذه الجرائم التي تستهدف الحياة
البرية لا تشكل أولوية في هذه المنطقة من العالم".
ولا يخفي الخبراء تشاؤمهم إزاء الضعف الفاضح في الإمكانات والتعاون
غير الكافي بين بانكوك والسلطات الإفريقية، بالإضافة إلى التدريب غير
المناسب لجهازي الجمارك والشرطة، وعندما تتوفر الإمكانات المالية،
تستفيد منها الجهة الخاطئة، ويشدد جاستن غوسلينغ على أن "الإتجار بهذه
الكميات الكبيرة يفترض تورط مسؤولين فاسدين"، وكانت الصحافة المحلية قد
أعلنت مؤخرا عن اختفاء كميات من العاج، من مخزن تابع للجمارك وهذا ليس
حادثا معزول، وتقدر قيمة العاج الذي ضبطته الجمارك في مطار بانكوك منذ
العام 2009، بحوالى 250 مليون بات أي ما يقارب ستة ملايين يورو، ويشير
سيري تايجونغراك إلى أن الجمارك عززت المراقبة في المرافئ، في حال حول
التجار غير الشرعيين طريقهم.
من جهة اخرى يستعين العلماء الاميركيون في منتزه ايفرغليدز الوطني
في فلوريدا بالتماسيح والقواطير في كفاحهم للحفاظ على الأراضي الرطبة
الهشة من خلال زرع رقائق متصلة بأقمار صناعية في أعناقها للمرة الأولى،
فيما تشق الحيوانات طريقها عبر أجزاء مختلفة من المنتزه الوطني الشاسع،
تبث معلومات حول التغييرات في النظام البيئي وتأثيرها على حجمها وأنماط
تحركاتها.
يقول فرانك مازوتي، وهو عالم بيئة وخبير في التماسيح الكبيرة في
جامعة فلوريدا "انها تزودنا بمعلومات مهمة انها تعمل لصالحنا"، وتنقل
المعلومات بواسطة الاقمار الصناعية إلى تطبيق حاسوبي يستعين بخرائط
غوغل لتعقب حركات الحيوانات التي يتم القبض عليها ثم إطلاق سراحها ضمن
مجموعات من حوالى 15 تمساح، واضاف "يستعين العلماء بعدة متغيرات
لمتابعة طريقة تأثر القواطير والتماسيح بالتغييرات في النظام البيئي،
بما في ذلك أعدادها ووزنها وحجمها ومواطنها"، ويتابع "كل هذه المعلومات
توفر بيانات مهمة ضرورية لتقييم سلامة النظام البيئي في منطقة
ايفرغليدز" ولمعرفة إن كانت الجهود السابقة للحفاظ على الموارد
الطبيعية قد نجحت ويقدر دعاة حفظ الطبيعة وجود ما بين 500 و1200 تمساح
في جنوب فلوريد، والتماسيح تختلف عن القواطير كون خطمها أضيق وأسنانها
مكشوفة. بحسب فرانس برس.
هذه الحيوانات التي يمكن أن يصل طولها إلى أربعة أمتار ونصف المتر
ووزنها إلى مئتي كيلوغرام تراجعت أعدادها في السنوات الأخيرة بعد
فقدانها موطنها الطبيعي وبسبب الصيد غير الشرعي وتلوث المياه وعلى غرار
أجناس الطيور الكثيرة التي تعيش في ايفرغليدز، فإن مصير القواطير
والتماسيح مرتبط بشكل وثيق بمستويات المياه التي تحدد امداداتها
الغذائية، كما يقول مازوتي، فتراجع مستوى المياه يؤدي الى انخفاض عدد
النباتات الضرورية لتعشيش الطيور والتي تشكل ملاذا للحيوانات، بالإضافة
الى تدني اعداد الاسماك الضرورية لتغذية الحيوانات الكبيرة مثل الطيور
والزواحف.
ويعشش ما بين 30 ألف و50 ألف طائر في ايفرغليدز كل سنة، وهو انخفاض
كبير مقارنة بأربعينات القرن الماضي عندما كان 500 الف طائر يعيش هناك،
كما يقول جيري لورنز من مجموعة اودوبون في فلوريد، يضيف "في غضون نصف
قرن تقريبا، تراجعت اعدادها بمعدل 90 في المئة تقريبا"، فقد أدت سلسلة
من الفيضانات والاعاصير والحرائق وفترات الجفاف إلى نظام بيئي فريد في
ايفرغليدز والى وفرة من النباتات والحيوانات النادرة، بما فيها
التماسيح وخراف البحر والسناجب الطائرة والثعالب الرمادية التي تتسلق
الأشجار، ويخشى دعاة حفظ الطبيعة أن تؤدي التخفيضات في الميزانية الى
اعاقة الجهود الهادفة الى الحفاظ على الاراضي الرطبة حيث يستقطب منتزه
ايفرغليدز الوطني مليون زائر سنويا.
وتساهم مجموعة لاكوست للملابس الفرنسية التي تمول برنامجا عالميا
لحماية التماسيح يحمل عنوان "انقاذ الشعار" (وتعني بذلك التمساح رمز
علامتها التجارية) في الجهود للحفاظ على التماسيح والقواطير في
ايفرغليدز، الشركة التي أسسها بطل التنس الفرنسي رينيه لاكوست تخصص نحو
150 الف دولار على مدى السنوات الثلاث المقبلة للمساعدة على إنقاذ
التماسيح في كل انحاء العالم. |