عالم اليوم... عالم الحرية والانفتاح والتنوّع

قبسات من فكر المرجع الشيرازي

 

شبكة النبأ: يتغابى الحكام القمعيون دائما، عندما يتعلق الامر بإطلاق الحريات لشعوبهم، لأن هؤلاء الحكام، بسبب إستبدادهم وتفضيلهم لمصالحهم، يشعرون أن الحرية تشكل خطرا عليهم وعلى عروشهم، بل وعلى أهدافهم كافة، لهذا يكون القمع وتكميم الافواه وإقصاء المعارضين وتهميشهم وعزلهم عن ساحة الفعل والتأثير، من أهم الاساليب التي يحاربون بها شعوبهم.

وطالما أن العالم، يسير بخطوات حثيثة ومتسارعة، نحو الانفتاح، بسبب وسائل الاتصال الحديثة، والاحتكاك الدائم بالتجارب الديمقراطية الناجحة، فإن الشعور بالحاجة الى التحرر يتزايد لدى الشعوب المحكومة بالحديد والنار، ولهذا لم يعد هذا العصر مناسبا للدكتاتوريات القامعة لشعوبها.

نعم كل الدلائل والوقائع الساخنة والمتسارعة تشير الى انتهاء عصر الدكتاتوريات، وتواصل سقوط العروش السلطوية، لاسيما في منطقة الشرق الاوسط حيث بدأت الانظمة القمعية تتهاوى تباعا بفعل الانتفاضات الشبابية الشعبية التي اشتعل أوارها وبدا يتناقل كالنار في الهشيم من دولة الى أخرى، وذلك بسبب عصر الانفتاح.

يقول سماحة المرجع الديني، آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي، في كلمات توجيهية سديد، بمناسبة ما يجري من احداث متسارعة في الشرق الاوسط:

(إن عالم اليوم هو عالم الحرية والانفتاح، وإن ممارسات الاضطهاد والكبت من قبل الحكّام تجاه شعوبهم لا طائل لهم منها سوى الفضيحة والندم).

وهذا ما يتحقق فعلا على ارض الواقع السياسي، حيث تساقط الحكام الانفراديون من عروشهم واحدا تلو الآخر بسبب سياساتهم التي تحجر على شعوبهم وتحرمهم من ابسط الحريات في عالم سمته الانفتاح والتحرر، والمشكلة أن الحكام الذين تساقطوا ومن سيأتيه الدور لاحقا لايريدون فهم المعادلة الجديدة القائمة على الانفتاح والحرية، ولم يتأملوا بتجارب الماضي القريب ولا البعيد لكي يستفيدوا منها ويصححوا مساراتهم بما يحفظ حقوق الشعوب والسلطة معا، إذ يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا الصدد:

(لو أن الحكّام اليوم يتأمّلون في تاريخ من مضى من الحكّام أمثالهم لأعادوا النظر في تصرّفاتهم وأفعالهم مع شعوبهم، ولما أقدموا على حرق تاريخهم بأيديهم).

نعم إن هؤلاء الحكام يحرقون تأريخهم وحاضرهم ومستقبلهم بأيديهم بسبب سياساتهم الرعناء تجاه شعوبهم، ويبدو أنهم لم يفهموا حتى هذه اللحظة ولا يريدون أن يفهموا بأن سياسة الاستبداد هي التي تتسبب بإسقاطهم من عروشهم، كما يؤكد سماحة المرجع الشيرازي ذلك بقوله:

(إن الحكومة التي تبتني أساسها على الاستبداد وهضم حقوق الناس المشروعة هي حكومة زائلة وفانية لا محالة).

ويؤكد سماحته في هذا المجال أيضا: (إن استعانة الحكومات بالقمع والسلاح في تعاملها مع الناس الأبرياء والعزل ينبئ عن ضعف تلك الحكومات، وستكون العاقبة للمستضعفين).

ولهذا يقدم سماحة المرجع الشيرازي نصائحه لهؤلاء الحكام، ويؤكد مرارا على أن الظلم والقمع والاستبداد هو العدو الاول للحكام، كما يرد في إحدى توجيهاته السديدة: (على الحكّام أن يكفّوا عن ظلم الأبرياء، وأن لا يلطّخوا أيديهم بدماء المستضعفين، لأنهم سوف لا يجنون من هذه الأفعال إلاّ الغضب والسخط من الله تعالى).

ويؤكد سماحته على أن الحوار هو الاسلوب المناسب لتحقيق التوازن بين المطالب المشروعة للشعب وبين متطلبات السلطة الحاكمة، وكذلك المظاهرات السلمية التي تعتبر الاجدى من غيرها، كما يؤكد سماحته قائلا بهذا الخصوص: (إن اسلوب الحوار أولاً والمظاهرات السلمية ثانياً، هي الأجدى والأحمد عاقبة، في السعي إلى الإصلاح، وفي التاريخ البعيد، كما في التاريخ القريب، نماذج كثيرة تؤيّد ذلك).

لذا لابد أن تفهم الحكومات بأن عالم اليوم ليس هو عالم الامس، وأن سمة الانفتاح لم تعد تسمح للحاكم المستبد بالقدرة على مواصلة الظلم والقمع وعزل الشعب، بل لابد من توفير الحريات المطلوبة للشعوب، واذا ارادت الحكومة ان تستمر في حكمها، فعليها أن تحمي الحريات بنفسها وتطورها وتنميها كونها الحاضنة الصحية التي تساعد على حفظ العلاقة المتوازنة بين الشعب وحكومته، ولهذا السبب يؤكد سماحة المرجع الشيرازي في توجيهاته على: (ان عالم اليوم وجيل اليوم يبحث عن الحقيقة والسعادة، وهذا لا يتأتى إلاّ في ظل الحرية بما في الكلمة من معنى، وفي إطار العدل بما للكلمة من شمول، والممارسات الظالمة للحكّام ليست إلاّ سدّاً أمام طموح الشعوب في نيل الحرية المشروعة التي تنتهي إلى انتصار المظلوم على الظالم).

وما على الحكام والحكومات المستبدة أن تفهم هذا الدرس بصورة صحيحة ودقيقة لتجنب نفسها من السقوط الحتمي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 24/آذار/2011 - 18/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م