
شبكة النبأ: يوما بعد يوم تتجلى من
خلال الوثائق المصورة الهجمة الشرسة التي تعرض لها الشعب البحريني على
يد القوات الغازية وقوات آل خليفة خلال محاولات قمع الانتفاضة الشعبية
العارمة التي اجتاحت البلاد.
الا ان ذلك لم يثنى الشعب البحريني بالرغم من شراسة ما يتعرضون له
من مواصلة احتجاجاتهم، وهم يشيعون ضحايا الجيش السعودي، ممن سقطوا قتلى
خلال الايام الماضية.
ولا تزال تداعيات ما حصل ينعكس بشكل واضح في بعض دول الاقليم
والعالم، حيث تتواصل اصوات التنديد والاستنكار والتظاهرات الحاشدة في
العديد من البلدان، مطالبة بوقف عمليات الابادة التي ترتكبها قوات ما
تسمى درع الخليج، واعمالها الوحشية النابعة من كراهية وعداء طائفي مقيت.
فيما اطلقت بعض اطراف المعارضة دعوات لتهيئة الاجواء لبدء حوار على
الرغم من معارضة اغلبية الشعب البحريني لذلك، خصوصا بعد ما تم ارتكابه
بحقهم من جرائم شنيعة.
المعارضة تخفف من شروطها
فقد خففت الجماعات المعارضة في البحرين من شروطها لاجراء محادثات
بهدف انهاء أزمة استدرجت جيوش دول الخليج المجاورة وزادت من التوتر في
المنطقة.
وناشدت جماعات بقيادة جمعية الوفاق الوطني الاسلامية أكبر حزب
معارضة شيعي في البحرين في بيان قوات الامن الافراج عن كل المحتجزين
وانهاء حملتهم وطلب من قوات الخليج مغادرة البلاد حتى تبدأ المحادثات.
وطالبت المعارضة في البيان "تهيئة الاجواء الصحية والسليمة للبدء في
الحوار السياسي بين المعارضة والحكم على أسس يمكنها من وضع بلادنا على
سكة الدول التي تسير على خطى الديمقراطية الحقيقية وابعادها عن
الانزلاق نحو الهاوية."
وتراجعت جمعية الوفاق عن شروط أكثر طموحا حددتها الاسبوع الماضي
لاجراء محادثات مقررة بما في ذلك تشكيل حكومة جديدة لا يهيمن عليها
أفراد الاسرة الحاكمة واقامة مجلس خاص منتخب لاعادة صياغة دستور
البحرين. بحسب رويترز.
ومن شأن الشروط الجديدة - التي تشمل أيضا انهاء الخطاب الطائفي وسحب
القوات التي كانت تطوق مستشفى كبيرا في الايام القليلة الماضية - اعادة
العملية السياسية الى الوضع الذي كانت عليه قبل بدء الانتفاضة قبل شهر.
وتدخلت قوات الشرطة والجيش البحرينية لانهاء أسابيع من الاحتجاجات
التي يمثل الشيعة أغلب من يقومون بها والتي دفعت الملك الشيخ حمد بن
عيسي ال خليفة الى اعلان الاحكام العرفية وسمح لقوات من دول الخليج
المجاورة بدخول البلاد.
وتسببت الضراوة التي تعاملت بها القوات البحرينية والتي انتشرت في
أنحاء البحرين وفرضت حظرا للتجول وحظرا على كل التجمعات والمسيرات
العامة في ذهول السكان الشيعة الذين يمثلون الاغلبية في البلاد وأثارت
غضب العديد من بلدان العالم.
وشكت ايران لدى الامم المتحدة وطلبت من دول مجاورة أخرى الانضمام
اليها في حث المملكة العربية السعودية على سحب قواتها.
ويوم الاحد هو أول يوم عمل بعد أسبوع من اغلاق المدارس والجامعات
لمنع انتشار الاشتباكات الطائفية التي أصبحت أحداثا شبه يومية.
وفي محاولة لاعادة الاوضاع الى طبيعتها قلص الحكام العسكريون في
البحرين من مدة سريان حظر التجول أربع ساعات أمس من الفترة التي كانت
تمتد 12 ساعة في مناطق كبيرة من المنامة. وأصبح حظر التجول الان ساريا
من الساعة الثامنة ليلا الى الساعة الرابعة صباحا.
وحثت البحرين الموظفين العاملين في القطاع العام وكلا من المدارس
العامة والخاصة والجامعات على العودة الى العمل والدراسة بعد أيام من
اغلاق المدارس والجامعات ومختلف المصالح أبوابها.
وكان التلفزيون الحكومي يهدف أيضا الى أن يظهر لمشاهديه أن البلاد
عادت لطبيعتها فعرض المسلسلات التلفزيونية والافلام الوثائقية ولقطات
لاجانب يعبرون عن ارتياحهم لاستعادة الشعور بالامن في البحرين.
وبدأ بعض المراكز التجارية الكبيرة اعادة فتح أبوابها بعد أيام من
الاغلاق وقلت أعداد نقاط التفتيش في الشوارع لكن طائرات هليكوبتر ما
زالت تحلق فوق المناطق الشيعية. لكن الانقسامات أصبحت أكبر من أي وقت
مضى منذ الاجراءات القمعية.
وشيع البحرينيون يوم الاحد ثالث محتج قتل خلال الحملة القمعية خلال
الايام القليلة الماضية. وأبدى المشيعون في جنازتين في الاسبوع الماضي
تحديهم للنظام.
ورددوا هتافات طالبوا فيها بسقوط الملك حمد وتجمع الالاف لدى دفن
فني الكمبيوتر أحمد عبد الله حسن في حي الديه الذي تسكنه أغلبية شيعية
يوم السبت.
وألقت الشرطة القبض على تسعة على الاقل من نشطاء المعارضة منهم
اثنان من الاطباء المعارضين.
وشددت الجمعيات التي وقعت البيان على "الافراج الفوري عن المعتقلين
السياسيين ومن بينهم قيادات الجمعيات السياسية المعارضة" و"الافصاح عن
مواقع احتجاز كل المفقودين والمختفين" و"السماح لمحاميهم الالتقاء بهم
وفق القوانين والاعراف والمواثيق المتبعة"، محملة "الحكومة مسؤولية
سلامتهم الشخصية وسلامة عائلاتهم".
كما طالبت ب"التوقف الفوري عن مهاجمة المستشفيات وفك الحصار عنها"
و"سحب" ما سمته "الميليشيات المسلحة من جميع مناطق البحرين واحيائها"
و"التوقف عن ممارسة الارهاب والترويع ضد المواطنين واعتقالهم على
الحواجز الامنية والعسكرية".
كذلك، طالبت "بوقف حملة الحقد والكراهية التي يمارسها الاعلام
الرسمي" و"بعض الصحف المحسوبة على بعض الجهات الرسمية" و"التوقف عن
استهداف مكون اساسي من مكونات المجتمع البحريني" و"التوقف عن محاولات
طأفنة الازمة السياسية وتصويرها بانها مطالب فئة من المواطنين".
وحملت الجمعيات السلطات البحرينية "مسؤولية سلامة مقار الجمعيات
السياسية" مشيرة الى تعرض مقرين لجمعية العمل الوطني الديموقراطي (وعد-يسار
قومي) الى "الاعتداء والحرق المتعمد". بحسب فرانس برس.
والجمعيات هي الوفاق الوطني الاسلامية (التيار الشيعي الرئيسي)،
العمل الوطني الديموقراطي (وعد - يسار قومي)، المنبر الديموقراطي
التقدمي (يسار)، العمل الاسلامي (شيعية)، التجمع القومي الديموقراطي (البعث)،
التجمع الوطني الديموقراطي (يسار قومي)، الاخاء الوطني (ليبراليون شيعة)
والائتلاف الوطني.
النفاق والجبن
من جهته كتب ويليام بتلر، وهو اسم مستعار لكاتب عاش في دول الخليج،
في صحيفة الأوبزرفر البريطانية، حول ارسال قوات درع الجزيرة للبحرين.
وقال لو كانت كلمة لتصف هذا التدخل فإنها النفاق ، والكلمة الأخرى
الجبن.
ويقول بتلر انه وعلى الرغم من الموقف الرسمي لكل من السعودية
والإمارات يقول أن قواتهما دخلت البحرين لحماية المنشآت الحساسة وإعادة
النظام للبلاد. ولكن الحقيقة، برأي بتلر، أن تلك القوات تهدف إلى قمع
ثورة غالبية سكان مملكة البحرين الشيعة المضطهدين.
وفيما يشير بتلر إلى عدم قدرة القوات البحرينية، المكونة من أفراد
سنة من باكستان، وسورية، وغيرهما ضبط المحتجين و المتظاهرين، فهو يقول
أن هناك حالة من الوسواس والخوف لدى السنة العرب من الشيعة. ويضيف بأنه
حتى المتعلمين في العالم العربي يعيشون هذا الخوف.
ويرى بتلر بأن الخوف مضاعف لدى السعوديين، بحكم وجود أقلية شيعية في
المنطقة الشرقية من البلاد الغنية بالنفط، ولذا فإن المحتجين أو
المتظاهرين في البحرين المطالبين بالإصلاح، يوصفون بأنهم طابور خامس
لإيران.
وتحدث الكاتب ويليام بتلر فى مقاله عن التدخل العسكرى من جانب
السعودية فى البحرين والأسباب الحقيقية له والتى يحددها فى خوف السنة
العرب من صعود الشيعة، ويقول إنه على الرغم من أن الموقف الرسمى المعلن
هو أن تدخل السعوديين هدفه استعادة النظام، إلا أن الهدف الحقيقى هو
سحق المحتجين.
ويشير الكاتب إلى نقطة أخرى وهى أن كلا من السعودية والبحرين من
الدول التى وافقت على فرض حظر جوى على ليبيا، وربما تستعدان لتقديم
مساعدة للدول الغربية التى ستقوم بضرب الدفاعات الجوية الليبية. وسيكون
ذلك التدخل العسكرى الثانى من جانب دول الخليج فى غضون أيام قليلة، لكن
الأول كان على مستوى أكثر بدائية ما بين إطلاق قنابل مسيلة للدموع فى
وجه متظاهرين غير مسلحين أو معاقبة بالضرب للمحتجين المصابين على أسرة
المستشفيات والعنف والترهيب لزوجات وأطفال المعارضين فى منازلهم
القروية. بحسب رويترز.
ويوضح باتلر أن مخاوف السعودية تتركز حول احتمال تمرد الأقلية
الشيعية فى المناطق الشرقية الغنية بالنفط غير أن تدخلها العسكرى فى
البحرين قد أدى إلى رفع سقف المطالب المعتدلة، وبدا الاتجاه نحو رفض
الحوار دون تقديم تنازلات من قبل النظام الحاكم فى البحرين، وأول هذه
التنازلات هو إقالة رئيس الحكومة الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة.
القبض على ناشط بمجال حقوق الانسان
في سياق متصل قال ناشط ان قوات الامن البحرينية ألقت القبض على رئيس
مركز البحرين لحقوق الانسان نبيل رجب. وقال يوسف الذي اكتفى بذكر
المقطع الاول من اسمه من مركز البحرين لحقوق الانسان وهو الجماعة
الرئيسية المعنية بالدفاع عن حقوق الانسان بالمملكة في رسالة بالبريد
الالكتروني أرسلت ليل السبت انه تم القاء القبض على رجب في الواحدة
والنصف صباحا وان شرطة مكافحة الشغب ذهبت الى منزل يوسف وانه ليس في
منزله الان.
وكان رجب قد تحدث الى وسائل الاعلام عن الحملة وأصدر مركز البحرين
لحقوق الانسان بيانات هذا الاسبوع اتهم فيها القوات البحرينية والقوات
السعودية والاماراتية المتحالفة معها بارتكاب "مذابح" استخدمت في بعضها
طائرات هليكوبتر من طراز اباتشي.
وبالقاء القبض على رجب يرتفع عدد من يعتقد أنهم اعتقلوا منذ بدء
الحملة يوم الاربعاء الى عشرة. ويضم المعتقلون الاخرون زعماء للمعارضة
دعوا الى اسقاط الملكية وأطباء اشتكوا من الافراط في استخدام القوة ضد
المحتجين.
ملك البحرين
من جانب آخر علن العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خلفية المضي
في تنفيذ مشروعه "للاصلاح" بينما تتصاعد الضغوط الدولية على النظام
الحاكم.
وقال العاهل البحريني خلال استقباله اعضاء مجلس الشورى مساء الجمعة
ان "مشروع الاصلاح الذي بداناه منذ تولينا مقاليد الحكم لن نسمح له بان
يتوقف".
واضاف بحسب ما نقلت عنه وكالة الانباء البحرينية الرسمية "لا يمكن
له (مشروع الاصلاح) ان ينتهي، فجميع الابواب مفتوحة لجميع المواضيع
التي يراد بها الخير لجميع ابناء هذا البلد" الذي تسكنه غالبية شيعية.
واعتبر ان "مظاهر الاحتقان الطائفي غريبة على هذا الوطن الذي عرف
بتسامحه وتعايش الجميع فوق ارضه وتحت سمائه، فالمسلمون جميعا ولقرون
طويلة تعايشوا على تنوع مذاهبهم في البحرين التي تعددت فيها المذاهب
والاديان".
واعرب كذلك عن "خالص شكره وتقديره للاشقاء قادة دول مجلس التعاون
الخليجي على إرسال قوات درع الجزيرة المشتركة"، في اشارة الى انتشار
قوات سعودية واماراتية وقطرية في البحرين.
في هذا الوقت اكد نائب بحريني معارض لوكالة فرانس برس وفاة متظاهر
بحريني فقد اثره منذ مهاجمة القوات الامنية الاعتصام عند دوار اللؤلؤة
في المنامة، ما يرفع عدد قتلى هجوم الاربعاء الى اربعة.
وقال النائب المستقيل مطر مطر المنتمي الى جمعية الوفاق الشيعية ان
"السلطات ابلغت عائلة عيسى عبد علي راضي انه توفي"، مشيرا الى ان راضي
"هو واحد ممن فقد اثرهم منذ الاربعاء وعددهم 60". بحسب فرانس برس.
وقتل 17 شخصا على الاقل من المتظاهرين ورجال الامن منذ بدء التحرك
الاحتجاجي الذي تقوده الغالبية الشيعية في منتصف شباط/فبراير في
المنامة.
واثارت التطورات الميدانية في البحرين ردود فعل دولية منددة، اذ دعت
الولايات المتحدة السلطات البحرينية الى عدم استخدام العنف ضد
المتظاهرين واعربت عن "قلقها العميق" ازاء اعتقال ناشطين معارضين.
وعبرت وزارة الخارجية الاميركية في بيان عن قلق خاص حيال اعتقال
ابراهيم شريف احد ابرز رموز جمعية العمل الوطني الديموقراطي (وعد)
اضافة الى "الاعتقال المفترض" لعلي العكري الطبيب البارز في اكبر
مستشفى حكومي في البحرين.
واكدت المعارضة ان العكري اوقف الخميس في مكان عمله بعد اتهامه على
التلفزيون الحكومي بنشر "اكاذيب" حول وضع المستشفى.
وطالبت واشنطن "القوات الامنية بممارسة اقصى درجات ضبط النفس"
و"بوقف العنف خاصة الموجه ضد الاطباء والمنشآت الطبية".
وتنتشر قوات الامن البحرينية خارج مجمع السليمانية الطبي في البحرين
حيث وردت مزاعم عن مهاجمة اطباء كانون يحاولون اسعاف الجرحى من
المتظاهرين. الا ان الحكومة نفت هذه المزاعم.
وكان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون اكد لعاهل البحرين في
اتصال هاتفي ان الاستخدام المفرط للعنف ضد المتظاهرين قد يشكل انتهاكا
للقانون الدولي.
وتحدى آلاف البحرينيين الشيعة الجمعة قرار منع التظاهر وحالة
الطوارئ المعلنة في البلاد وتظاهروا في قرى شيعية بالقرب من المنامة،
فيما ابقت القوات الامنية البحرينية قبضتها الحديدية على البلاد.
وحاول وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن احمد ال خليفة التخفيف من
اهمية الانتقادات الاميركية والدولية لبلاده قائلا في مؤتمر صحافي
الجمعة "لسنا قلقين من خسارة اصدقاء او حلفاء".
وتابع "الصورة ما تزال غير واضحة للخارج ونتطلع لتوضيح الامور اكثر
ونحن نتحدث مع حلفائنا كل يوم".
مقاطعة البضائع السعودية
الى ذلك دعت صحيفة عراقية الى مقاطعة البضائع السعودية والخليجية "مساهمة
بنصرة الشعب البحريني" قائلة ان شراء هذه البضائع يعد "مساهمة في ذبح
الشعب البحريني".
وكتبت صحيفة البينة بخط عريض على صفحتها الاولى "شراؤكم لبضائع
سعودية وخليجية يعد مساهمة في ذبح الشعب البحريني ومقاطعتها واجب شرعي."
واضافت في تقريرها "اننا وباسم ابناء الشعب العراقي والشعب البحريني
المظلوم نلتمس من مراجع الدين العظام وخاصة خيمة العراق المفدى الامام
السيد علي السيستاني بالافتاء لمحاربة هذه الانظمة المستكبرة بمحاربتها
اقتصاديا ومقاطعة بضائعها المستوردة للعراق." ويعتبر السيستاني المرجع
الديني الاعلى للشيعة في العراق.
ووصفت الصحيفة الطريقة التي تتعامل بها السعودية مع الاحداث الجارية
حاليا في البحرين بأنها "لاانسانية". وتظاهر الاف العراقيين الشيعة
الاسبوع الماضي في عدة محافظات منددين بما وصفوه بالتدخل السعودي في
البحرين.
وكانت احداث البحرين قد سلطت الضوء من جديد على المشهد العراقي
القلق الذي ما زال حتى الان يشهد صراعا وانقساما طائفيا كان للغزو
الامريكي للعراق في العام 2003 الاثر الكبير في احداثه.
ويعتبر الوضع العراقي مشابها الى حد بعيد للوضع البحريني حيث يطالب
الشيعة في البلدين باحقيتهما في الحكم باعتبار انهما يشكلان اغلبية
سكانية.
وكان رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي وائتلافه الشيعي الحاكم قد
انتقدا قبل ايام التدخل السعودي في البحرين.
وابدى المالكي خلال استقباله الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي
اكمل الدين احسان اوغلو في بغداد قلقه بشأن الاحداث في البحرين قائلا "انها
ستسهم في تعقيد الاوضاع في المنطقة بصورة كبيرة بدل حلها وقد تؤدي الى
تأجيج العنف الطائفي."
وشهدت العلاقات الرسمية بين العراق والسعودية تراجعا ملحوظا في
الفترة الاخيرة وخاصة بعد الغزو الامريكي وتشكيل حكومة يقودها الشيعة
حيث عبرت السعودية عن قلقها من تنامي النفوذ الشيعي في المنطقة.
تظاهرات جديدة في العراق
في السياق ذاته تظاهر الاف العراقيين من الاحزاب الشيعية مجددا في
البصرة وبغداد السبت للتنديد بتفريق المحتجين في المنامة بالقوة،
وبحكام السعودية والبحرين.
ففي البصرة (550 كلم جنوب بغداد)، تظاهر حوالى سبعة الاف شخص من
احزاب "الدعوة الاسلامية" و"منظمة بدر" و"المجلس الاعلى الاسلامي
العراقي" و"الفضيلة الاسلامي"، وسط المدينة.
ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "حكام الخليج عبيد الامريكان"
و"حكام البحرين سفكوا دماء الابرياء". كما حملوا اعلاما عراقية
وبحرينية مرددين شعار "ابن سعود شيل ايدك، هذا الجيش ما يفيدك".
ورفعوا دمية تمثل العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز علقت
عليها احذية ومثلها لملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة.
وشارك في التظاهرة التي انطلقت من ساحة الاحتفالات الى مبنى مجلس
المحافظة عدد كبير من النساء. وقال محمد حسن (35 عاما) وهو يحمل لافتة
"اننا مستعدون للرد ومساعدة اخوتنا البحرينيين".
وفي بغداد، نظم حزب "الدعوة الاسلامية" تظاهرة شارك فيها اكثر من
مئتي شخص بينهم عدد كبير من النساء، في ساحة الفردوس (وسط) حاملين
اعلاما عراقية واخرى للبحرين.
كما حملوا لافتات كتب على احدها "نطالب بفتح باب التطوع للدفاع عن
شعب البحرين" و"سيهزم آل السعود".
ورفع البعص صورا لملكي البحرين والسعودية وسط هتافات "بحرين حرة حرة،
درع الجزيرة بره" و "كلا كلا آل سعود، كلا للطغيان".
وقال زيدان الفريجي (57 عاما) ان "مجلس التعاون الخليجي ناصر
انتفاضات الشعوب لكنه غير موقفه مع شعبنا في البحرين". واعتبر ان موقف
السعودية "كشف النوايا الطائفية" للمملكة.
من جانبها، قالت امرأة فضلت التعريف عن نفسها باسم ام وسام (32 عاما)
"نصرة شعب البحرين امرا ضروريا فقد تدخلت الدول لوقف العمليات العسكرية
ضد ثوار ليبيا، لكنها تقف صامتة تجاه ما يحدث ضد شعب البحرين".
وكانت تظاهرات مماثلة جرت امس الجمعة لانصار التيار الصدري في بغداد
والمحافظات الشيعية .
حسن نصرالله يعلن دعمه
فيما اعلن الامين العام لحزب الله في لبنان حسن نصر الله دعمه
لمطالب المعارضة في البحرين وانتقد بشدة ارسال قوات درع الجزيرة لقمع
الشعب البحريني حسب تعبيره.
جاء ذلك في مهرجان اقامه حزب الله في ضاحية بيروت الجنوبية لدعم ما
وصفها بثورات الشعوب في كل من مصر وليبيا وتونس والبحرين واليمن.
وقال: "نداؤنا من لبنان المقاومة التي حررت الارض من الاحتلال
الاسرائيلي عام 2000 وانتصرت في حرب تموز- يوليو 2006، نقول لهذه
الشعوب ان الخيار الوحيد المتاح امامكم والمطلوب منكم ان تثبتوا
وتصبروا وتصابروا وان تكونوا على ثقة من نصر الله وعونه ان ثبتم وصبرتم
وبقيتم في ساحات المواجهة والجهاد".
وطالب نصر الله تلك الشعوب: "بالحذر من اللعب الامريكي على مصادرة
هذه الثورات ودماء شهدائها ومحاولة تحريف مسار الثورات ودفع الامور الى
تقسيم هنا، وحرب اهلية مفتوحة هناك، وهذا ما يخدم المشاريع الامريكية
البديلة في منطقتنا."
وانتقد نصر الله ما قال انها ازدواجية في المواقف تجاة الانتفاضات
في العالم العربي مضيفا :"ان لا فارق بين حكم آل خليفة في البحرين وحكم
آل مبارك في مصر وحكم آل القذافي في ليبيا."
وانتقد نصر الله ايضا تدخل قوات درع الجزيرة في البحرين وقال "لقد
تم ارسال الجيوش الى البحرين للدفاع عن نظام غير مهدد بالسقوط اذ ان
المعارضة هناك سلمية بحتة."
ورأى ان " ما يجري في البحرين ليس تحركا طائفيا ومذهبيا وانما القول
بذلك هو سلاح يستخدمه العاجز في مواجهة حق اي انسان له حق وهذا لن ينال
من ارادة الثائرين في البحرين".
وتوجه الى البحرينيين بـ "ألاّ يتاثروا باصوات الطائفيين وان يصبروا
ويصابروا ويثبتوا في الدفاع عن حقوقهم.. ودماؤكم وجراحكم ستهزم
الظالمين والطواغيت وتجبرهم على الاعتراف بحقوقكم المشروعة." بحسب البي
بي سي.
واشار الى ان "لديكم قيادة حكيمة وعاقلة وشجاعة في نفس الوقت
فاسمعوا لها وانسجموا معها."
وحول الوضع في ليبيا اعتبر الامين العام لحزب الله ان "ما يجري هي
حرب فرضها النظام على شعب كان يطالب بالتغيير دون استخدام السلاح واصبح
الشعب امام خيار الدفاع عن نفسه."
واضاف "ليس امام هؤلاء الثائرين سوى ان يصمدوا ويقاتلوا لكنه اشار
الى ان "الوضع اصبح معقدا جدا بفعل التدخل العسكري الغربي وهذا يحتاج
لوعي الثوار ووطنيتهم التي نثق بها."
وحسب وجهة نصر الله فان "الولايات المتحدة الامريكية والغرب اعطوا
الوقت الكافي للقذافي ليسحق الثورة لكن الشعب الليبي صمد واحرج العالم
بصموده وثباته ولو ان ثورة الشعب انهارت خلال اسبوع واسبوعين لعاد
العالم الغربي ليرتٍب اموره مع القذافي."
وحول سقوط النظام في كل من مصر وتونس قال الامين العام لحزب الله: "إن
الانتصار الكبير تحقق في تونس ومصر ورحل الطغاة بفعل ثبات الشعبين
وتضحياتهم الكبيرة وبفعل حياد المؤسسة العسكرية."
ودعا نصر الله الشعبين التونسي والمصري الى "التوحد والإنسجام لأن
الانقسام قد يؤدي الى ثورة مضادة او الى اعادة انتاج المجموعات التي
كانت حاكمة."
وعن الوضع في اليمن اعتبر امين عام حزب الله ان "هناك تعقيدات كبيرة
في هذا البلد لكن ما يجري من قتل واضطهاد لا يمكن السكوت عنه على
الاطلاق."
ولفت الى ان "كلاً من النظام اليمني والبحريني وضعا البلدين على
حافة الحرب الاهلية ولولا إصرار الشعوب على سلمية التحرك لكنا اليوم في
حرب أهلية بائسة بسبب أداء الانظمة."
هروب الاموال
من جهة اخرى بدأ هروب رؤوس الأموال من البحرين يشكل ضغطا على عملتها
ويهدد وضعها كمركز مالي خليجي لكنها لن تواجه على الأرجح أزمة عملة في
الوقت الراهن.
والبحرين -المنتج الصغير للنفط خارج منظمة أوبك والتي لديها صناديق
استثمار بلغت قيمتها عشرة مليارات دولار العام الماضي- هي أول مركز
مصرفي عربي يتضرر مباشرة من الاضطراب السياسي الذي يجتاح الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا.
وتواجه البحرين صعوبات في احتواء أسوأ اضطرابات تشهدها منذ
التسعينات بعد أن خرج محتجون من الغالبية الشيعية في الجزيرة الى
الشوارع وهو ما دفع السعودية لارسال قوات في محاولة لاستعادة النظام.
وقتل نحو ستة أشخاص يوم الاربعاء.
ومن غير المرجح أن تضطر البحرين في المستقبل المنظور الى فك ارتباط
عملتها الدينار بالدولار الامريكي نظرا لسيطرة مصرف البحرين المركزي
القوية على سوق العملة وإمكانية حصولها على مساعدة مالية من دول خليجية
أخرى للحيلولة دون انتشار اضطرابات السوق.
وقال كوبيلاي أوزترك الاقتصادي المتخصص في منطقة أوروبا والشرق
الاوسط وافريقيا لدى دويتشه بنك في لندن "رد الفعل الطبيعي لخفض
التصنيفات المستمر من جانب وكالات التصنيف الائتماني هو هروب رؤوس
الاموال قصيرة الاجل من البلاد. لكن خلافا لأمثلة أخرى فان الدعم
المالي المحتمل من دول مجلس التعاون الخليجي الاخرى يشكل عاملا مهدئا."
لكن مصرفيين قالوا ان هناك تدفقا ملحوظا للاموال من البحرين الى الخارج
هذا الاسبوع.
وأغلقت البنوك في الحي المالي بالعاصمة المنامة أبوابها يوم
الاربعاء وعمل المصرف المركزي من موقع بديل وأوقفت البورصة التداول.
بحسب رويترز.
وواجهت البحرين -التي توجد فيها صناعة تمويل اسلامي حجمها 66 مليار
دولار- تخفيضات عديدة من وكالات التصنيف الائتماني منذ اندلاع
الاحتجاجات في فبراير شباط وارتفعت تكلفة التأمين على دينها السيادي
الى أعلى مستوى في 20 شهرا.
وخفضت وكالة فيتش يوم الثلاثاء تصنيفها للدين السيادي للبحرين -التي
أرجأت اصدار سندات حكومية بقيمة مليار دولار- درجتين الى (BBB) مشيرة
الى المخاطر السياسية.
ومن الصعب تقدير حجم الاموال التي تهرب من البحرين أصغر اقتصاد في
منطقة الخليج والتي يبلغ عدد سكانها 1.2 مليون نسمة نظرا لعدم توافر
بيانات آنية.
وما حدث في مصر يُعد مُشجعا الى حد ما للبحرين. فحينما استأنفت
البنوك التجارية المصرية عملها في فبراير بعد الاضطرابات السياسية كان
البنك المركزي مهيأ لتحويلات فورية الى الخارج تترواح بين ثمانية وعشرة
مليارات دولار لكن تم تحويل نحو 1.7 مليار دولار فقط في اليوم الاول ثم
حوالي مليار دولار يوميا في اليومين التاليين.
لكن هناك دلالات على نزوح مبالغ كبيرة من البحرين التي تحوز بنوكها
أصولا بقيمة 200 مليار دولار.
وقال مصدر مصرفي طلب عدم الكشف عن هويته انه تم سحب ما بين 15 و20
في المئة من ودائع واستثمارات البحرينيين الاثرياء في البنوك الخاصة في
الايام القليلة الماضية.
وقال مصرفي آخر "سحب كثير من العملاء أموالهم. انهم يحولونها الى
لندن وأوروبا وغيرها. لا تتعلق المسألة بالضرائب وانما بامكانية الوصول
الى أموالهم.
"سحب أحد العملاء 30 مليون دولار خلال بضعة أيام. والتحويلات محدودة
في ظل اغلاق البنوك.. سنرى تهافتا عندما تستأنف عملها."
وبينما يمكن لقطر ودولة الامارات العربية المتحدة القريبتين تلقي
الاموال النازحة من البحرين نظرا لافلاتهما حتى الان من الاحتجاجات
السياسية لصغر عدد السكان ووفرة الايرادات النفطية يقول بعض المصرفيين
انهما سيشكلان فقط محطات مؤقتة لهذه الاموال.
وقال مصرفي "في بنكين أو ثلاثة بنوك على الاقل قام غالبية العملاء
بتحويل أموالهم الى الخارج.
"قام بعضهم بتحويلها عبر الامارات ثم الى مراكز أخرى حتى لا تتركز
الانظار على التحويلات فتحويل مبلغ ضخم من البحرين الى لندن مثلا سيلفت
الانظار اليه في هذا المناخ."
واذا طال أمد الازمة السياسية فان مستثمري الاجل الطويل قد يبدأون
أيضا في التفكير في تحويل أموالهم وهو ما قد يضر بشدة بوضع البحرين
كمركز مالي تبلغ فيه مطالبات الاجانب على بنوكها نحو 92 في المئة من
الناتج المحلي الاجمالي.
وقال جون سفاكياناكيس كبير الخبراء الاقتصاديين لدى البنك السعودي
الفرنسي "نوعية الاموال التي تتلقها البحرين هي استثمارات طويلة الامد.
اذا استمرت الاضطرابات لعدة أشهر وسحب الناس الكثير من الاموال فسيكون
لذلك تأثير سلبي كبير."
وتراجع الدينار لفترة قصيرة عن مستوى ربطه بالدولار البالغ 376 ر0
دينار أمس الاربعاء وهبط الى نحو 0.37716 دينار لكنه تعافي مجددا في
وقت قصي.
ورغم أن صافي الاصول الاجنبية لدى المصرف المركزي بلغ 4.7 مليار
دولار فقط في نهاية أكتوبر تشرين الاول 2010 قال كثير من المحللين ان
احتياطياته ستكون كافية لمواجهة أي تهديد لربط العملة خاصة وأن نظام
الربط يساعد المصرف المركزي على التأثير في تداول العملة.
وقال بارتوز باولوسكي الخبير لدى بي.ان.بي باريبا في لندن "لا نتوقع
فك الارتباط لانه سيخلق سابقة في منطقة تتفاخر فيها البنوك المركزية
والسلطات بالحفاظ على هذا الارتباط ."
وأضاف "لكي يكون هناك ضغط على الارتباط نحتاج الى سوق فاعلة حقا.
تبدو المخاطر حاليا عند حدها الادنى."
وقال محللون ان السعودية يمكن اذا اقتضت الضرورة أن تستخدم مواردها
لدعم البحرين ماليا. وقال فاروق سوسة كبير الخبراء الاقتصاديين لمنطقة
الشرق الاوسط لدى سيتي في دبي " البحرين لديها مصادر احتياطيات أجنبية
لدعم العملة حتى مع وجود ضغوط. من المرجح أن تتدخل السعودية ومجلس
التعاون لتهدئة الضغوط من خلال مزيد من المساعدات المالية."
ومن المنتظر أن تتلقى البحرين -التي تحتاج أن تظل أسعار النفط عند
97 دولارا للبرميل حتى تتمكن من تحقيق التوازن في الميزانية- عشرة
مليارات دولار من جيرانها الاغنياء في الخليج لتطوير مشروعات للاسكان
والبنية التحتية على مدى عشر سنوات. |