
شبكة النبأ: من السهل إدراك الخطوات
الخاطئة التي اتخذتها البحرين. ولكن الأمر الأكثر صعوبة بكثير هو معرفة
الكيفية التي تجعلها تسير في الاتجاه الصحيح.
إن عدد سكان البلاد الأصليين من المسلمين الشيعة يفوق عدد مواطنيها
من السنة بنسبة اثنين إلى واحد. بيد، يعاني الشيعة من التمييز
الاجتماعي والاقتصادي من قبل الأسرة السنية الحاكمة. وعلى الرغم من
وجود القليل من الثروة النفطية، تطورت عائلة آل خليفة تدريجياً على مدى
السنوات العشر الماضية من "دكتاتورية حميدة" إلى نظام حكومي مؤسسي فاسد
بصورة مستفحلة كما يبدو في كثير من الأحيان. يقول سايمون هيدرسون
سايمون هندرسون مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن، إن
الجزيرة الصغيرة في الخليج العربي، التي تقع بين أراضي المملكة العربية
السعودية وشبه جزيرة قطر، هي آخر دولة عربية اجتاحتها رياح التغيير
السياسي هذا الشتاء. ولكنها ليست كمصر أو تونس، حيث أن جرف الرياح
للدكتاتور المسن وأسرته المباشرة يسمح بانطلاق بداية جديدة.
من الناحية الديموغرافية، يمكن تشبيه البحرين بعراق صدام حسين.
فغالبية سكان العراق أثناء فترة حكمه كانت أيضاً [وما زالت] تتكون من
المسلمين الشيعة. كما أن حزب البعث -- العلماني من الناحية النظرية --
الذي ترأسه كان بمثابة ورقة توت تغطي على سيطرة المسلمين السنة.
ويشير سايمون، بيد، إن الملك حمد بن عيسى آل خليفة ليس صدام حسين،
وابنه ولي العهد الأمير سلمان ليس عُدي. ولكن توجد للأسرة الحاكمة نفس
أزمة عدم الثقة تجاه الشيعة كتلك التي كانت قائمة بين أعضاء "مجلس
قيادة الثورة" برئاسة الدكتاتور العراقي. وكان زائر أميركي قد فوجئ بما
سمعه – عندما استُضيف ذات مرة على حفلة عشاء دبلوماسية -- من أحد أعضاء
أسرة آل خليفة وهو يقول: "الشيعة هم كالسجاد [الإيراني]، كلما تم الدوس
عليه كلما إزداد عطاءً وتألقاً".
ويتابع، قد يحكم المؤرخون بأن تدهور وانحدار [نظام] صدام حسين بدأ
في الوقت الذي لم تعد عائلته الكبيرة تشكل أساس نظامه وأصبحت عائقاً
أمام ترسيخه، حيث أصبح التنافس بين أبناء العمومة يعني أنه كان لا بد
من القضاء على فروع كاملة من تلك العائلة دون أي رحمة. وكان الزواج
يعني تحدي الأصهار لتسلسل هيكل السلطة.
ولم يكن لأسرة آل خليفة انشقاقات ذات أبعاد بابلية. وبدلاً من ذلك،
توسعت العائلة أفقياً بينما بقيت مقاليد السلطة السياسية بصورة راسخة
في أيدي الملك، ومجموعة متنوعة من أبناء عمومته، وكذلك عم الملك الشيخ
خليفة الذي يشغل منصب رئيس الوزراء لفترة دامت أكثر من 40 عاماً.
فهؤلاء وغيرهم من أبناء العشيرة، قد استفادوا من التوسع التجاري الهائل
في البحرين. بيد، استفاد المواطنون العاديون -- الذين يحتمل أن يصل
عددهم إلى حوالي 600000 شخص -- بقليل من الوشل، إلا أن الطائفة الشيعية
قد انتفعت بأقل من ذلك.
وينوه، لم تعد البحرين دولة منتجة للنفط ذات أهمية، ولكنها مع ذلك
استفادت من ارتفاع أسعار النفط في السنوات الأخيرة. فقد أثبتت مصارفها
كفاءتها وحازت على سمعة جيدة. كما اجتذبت فنادقها وحاناتها ومطاعمها
العديد من الزوار، بما في ذلك السعوديين الذين يستطيعون السياقة عبر
الجسر بين البلدين الذي يبلغ طوله 16 ميلاً والذي اكتمل بناؤه في
الثمانينات من القرن الماضي.
وثمة خطة معينة لعائلة آل خليفة تمثلت بالحصول على شريحة من الأرباح
من المنتجعات والمشاريع السكنية الفاخرة التي بنيت على جزر اصطناعية في
المياه الساحلية الضحلة. وعندما كان بعض هذا النشاط قد أدى إلى توقف
القرويين الشيعة عن حصول ثمرة جهدهم من أراضي الصيد التقليدية الخاصة
بهم، وقعت احتجاجات. وقد زاد غضب المحتجين هذا الأسبوع من [قيام] أدلة
وثائقية تدّعي أن رئيس الوزراء كان قد اشترى قطعة أرض مستصلحة في منطقة
الميناء المرموقة بسعر دينار بحريني واحد وباعها بعد ذلك بربح ضخم.
يفترض المرء أنه عندما استقل مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون
الشرق الأدنى جيفري فيلتمان أول طائرة إلى المنامة هذا الأسبوع بعد أن
قامت القوات السعودية بعبور الجسر الذي يربط السعودية بالبحرين، ستكون
الديمقراطية النقطة الأهم التي سيتحدث عنها. لكن من شبه المؤكد أن
إيران كانت هي الموضوع الأهم بالنسبة للجانب البحريني. فأسرة آل خليفة،
التي تتذكر فترة ما قبل السبعينات من القرن الماضي عندما طالبت طهران
بالجزيرة، تميل إلى رؤية "ملا ملتح تحت كل سرير".
ويشير سايمون ايضا، إن أعمال العنف التي وقعت هذا الأسبوع -- وخصوصاً
الحملة التي جرت في السادس عشر من آذار/مارس لقمع المتظاهرين الذين
اعتصموا في "دوار اللؤلؤة" الأيقوني، والتي قتل فيها ما لا يقل عن ستة
أشخاص -- لا تبشر بالخير من ناحية العودة إلى حوار سياسي مدني. وعلى
الرغم من أن ولي العهد الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة قد عرض
تقديم تنازلات، مثل التنافس في دوائر انتخابية نزيهة ومحاربة الفساد،
إلا أنه في 13 آذار/مارس، أي قبل وصول القوات السعودية بقليل، كان من
شبه المؤكد أن يكون أقربائه الأكثر تشدداً قد أيدوا إزالة هذه
الاقتراحات من على الطاولة. وفي الواقع، من المحتمل أنهم طالبوا إزالة
الطاولة نفسها.
لدى الولايات المتحدة أدوار تستطيع لعبها، لكنها تحرص على القيام
بذلك بحذر. عليها أن تضغط على الأسرة الحاكمة لكي تدخل إصلاحات، في حين
يجب أن تقول للمعارضة المنقسمة بأن عليها أن لا ترفض جميع التسويات.
وتحرص واشنطن ألا ينظر إليها، من قبل أي من الجانبين، بأنها جزء من
المشكلة. فمقر الأسطول الأمريكي الخامس، الذي يقع بالقرب من إحدى ضواحي
العاصمة المنامة، هو جزء حاسم من الجهود المبذولة لوقف طموحات ايران
النووية ومواجهة أي تدخل في تدفق النفط.
ويؤكد، إن الأمر الأسوأ تقريباً من الفوضى في المنامة، هو أن هذه
الأزمة تكشف أن الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية لم تعدا
تفكران بطريقة مشابهة. فالرياض ترى أن البيت الأبيض يطالب أصدقاء
واشنطن بإطلاق الحريات المعروفة على نطاق عالمي، ولكن لا يطالب بالشئ
نفسه من خصوم الولايات المتحدة مثل إيران. إن الشيعة في البحرين
يعتبرون أنفسهم "بحارنة" أي بحرينيين أصليين، وليس إيرانيين مفترضين.
ولكن الأحداث تدفعهم لأن يكونوا أقرب إلى طهران من أي وقت مضى، حيث من
المؤكد أنه سيتم الترحيب بهم هناك بأذرع مفتوحة.
نبذة عن معهد واشنطن
الجدير بالذكر ان معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بحسب موقعه
الالكتروني أسس عام 1985 لترقية فهم متوازن وواقعي للمصالح الأمريكية
في الشرق الأوسط. وبتوجيه من مجلس مستشارين بارز من كلا الحزبين من اجل
توفير العلوم والأبحاث للإسهام في صنع السياسة الأمريكية في هذه
المنطقة الحيوية من العالم.
وينقل موقع تقرير واشنطن الالكتروني إن الهدف من تأسيسه كان دعم
المواقف الإسرائيلية من خلال قطاع الأبحاث ومراكز البحوث وان لجنة
العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية المعروفة بإيباك كانت المؤسسة الأم
للمعهد حيث أن مديره المؤسس هو مارتن إنديك رئيس قسم الأبحاث السابق
باللجنة. وتزعم المنظمة أنها اختارت مصطلح "الشرق الأدنى" لتعريف
الهوية الذاتية للمعهد (بدلا من "الشرق الأوسط) لأنه المصطلح المعترف
به في الخارجية الأمريكي لوصف العالم العربي والدول المجاورة. |