فجر اوديسا... يدك معاقل القذافي

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: بعد طول انتظار وحبس شاق للأنفاس، بادرت القوات الدولية الى مناصرة الثوار الليبيين في مواجهتهم الساخنة مع الديكتاتور معمر القذافي، حيث لاحت تباشير الحراك الدولي في طلعات الطيران الفرنسي والامريكي التي قامت بدك بعض قطعات الكتائب الامنية التي كانت تحاصر كل من بنغازي ومصراته.

واعلن عن توجيه اكثر من 110 صواريخ خلال الساعات القليلة الماضية، مما تسبب في تقهقر تلك قوات القذافي واستعادة الثوار لزمام المبادرة حسبما نقلت وسائل الاعلام.

ويعول المجتمع الدولي الى جانب الشعب الليبي في تلك الاجراءات العسكرية الاطاحة بالنظام الاستبدادي الذي حكم ليبيا بالنار والحديد طيلة اربعون عام.

مقاتلات فرنسية وسفن أمريكية وبريطانية

فقد بدأت في وقت متأخر من مساء السبت، عملية عسكرية جوية تستهدف تدمير منظومة الدفاع الجوي التابعة للزعيم الليبي معمر القذافي، حيث بدأت مقاتلات فرنسية في فرض سيطرتها على الأجواء الليبية، فيما أطلقت سفن حربية أمريكية وبريطانية، ترابض في البحر المتوسط، زخات من صواريخ "توماهوك"، على أهداف بالقرب من العاصمة الليبية طرابلس. وأكد مسؤول عسكري أمريكي رفيع أن السفن الحربية الأمريكية والبريطانية، وجاء القصف الجوي والصاروخي بعد قليل من إعلان الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، بدء العمليات العسكرية ضد نظام القذافي، في الوقت الذي بدأت فيه مقاتلات فرنسية التحليق في الأجواء الليبية، قائلاً إن هذه العملية تهدف إلى منع الزعيم الليبي، معمر القذافي، استخدام سلاحه الجوي في قصف المدنيين المناوئين لنظامه، والذين يطالبون برحيله.

وألقى ساركوزي كلمة مقتضبة، في أعقاب اجتماع دولي شهدته العاصمة الفرنسية باريس ظهر السبت، بمشاركة الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، وعدد من الزعماء العرب والأفارقة، لمناقشة سبل التحرك قدماً نحو "حماية الشعب الليبي"، بما يتفق وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973، بفرض حظر جوي على ليبيا.

وقال الرئيس الفرنسي: "إن قواتنا الجوية سوف تعارض أي أعمال عنف قد يقوم بها العقيد القذافي ضد سكان بنغازي"، وتابع قائلاً: "من الآن، تقوم طائراتنا بمنع أي طائرات من قصف المدينة"، كما أشار إلى أن الطائرات الفرنسية "جاهزة" أيضاً للتدخل ضد دبابات القذافي.

وبعد قليل من إدلاء ساركوزي بكلمته، أعلنت وزارة الدفاع الفرنسية إن مقاتلات فرنسة قصفت إحدى المركبات العسكرية التابعة لكتائب القذافي، دون أن تكشف عن مزيد من التفاصيل، وفي مدينة بنغازي، أن الوضع أصبح هادئاً بالمدينة، التي كانت قوات القذافي ترابض على مشارفها في وقت مبكر السبت. بحسب السي ان ان.

وكانت مصادر عسكرية فرنسية قد أكدت في وقت سابق السبت، أن طائرات عسكرية من نوع "رافال" بدأت التحليق في الأجواء الليبية، في خطوة يُعتقد أنها تهدف إلى تحديد الأهداف التي قد يتم توجيه ضربات جوية إليها، تمهيداً لبدء تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي.

فيما تزامن تحليق الطائرات الفرنسية، ضمن الاستعدادات الجارية لتطبيق القرار 1973، بفرض حظر جوي على ليبيا، مع دخول دبابات موالية للزعيم الليبي، معمر القذافي، إلى مدينة بنغازي، أكبر معاقل الثوار، وهي المدينة الوحيدة التي مازالت خاضعة لسيطرة المعارضة، بعد دحر مقاتليها من مدن وبلدات أخرى على يد كتائب القذافي.

في المقابل، تحركت دبابات الثوار للتصدي لآليات كتائب القذافي، وسط دوي قصف مدفعي، وقذائف الهاون في أنحاء المدينة، التي شوهدت سحب الدخان وهي تتصاعد منها، فيما شوهدت طائرة قتالية وهي تهوى محترقة في إحدى ضواحي بنغازي، في وقت مبكر السبت.

فيما يعد انتهاكاً للهدنة التي أعلنها نظام طرابلس الجمعة، فقد أفادت مصادر المعارضة بأن الطائرة تابعة للثوار، كانت تحاول وقف تقدم قوات القذافي إلى بنغازي.

وسعى القذافي إلى إعادة فتح قنوات دبلوماسية مع الغرب، حيث وجه عدة رسائل إلى كل من الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، ونظيره الفرنسي، نيكولا ساركوزي، ورئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، والأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون.

وقال موسى إبراهيم، الناطق باسم الحكومة الليبية، في مؤتمر صحفي تلا خلاله رسائل القذافي، إن تلك الرسائل تنتقد تدخل أوباما وساركوزي "في الشأن الليبي الداخلي"، بحسب قوله.

وأكد القذافي في رسائله إن حكومته "لن تطلق مطلقاً رصاصة واحدة على أحد مواطنيها"، مجدداً إلقاء تبعة الأحداث التي تشهدها ليبيا منذ 17 فبراير/ شباط المنصرم، والداعية لرحيل القذافي، على عاتق تنظيم "القاعدة"، وفق المتحدث باسم الحكومة الليبية.

من جهته قال البنتاجون ان تحالفا من خمس دول هي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وكندا وايطاليا يشن هجمات على ليبيا بهدف شل دفاعات معمر القذافي.

وقال مسؤول في البنتاجون للصحفيين شريطة الا ينشر اسمه ان الهجمات الجوية سوف تستهدف اساسا الدفاعات الجوية حول مدينتي طرابلس ومصراتة وذلك في عملية مشتركة يطلق عليها "فجر اوديسا". واضاف قوله ان قوات وطائرات امريكية سوف تشارك.

وقال وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه يوم السبت ان العمليات العسكرية في ليبيا سوف تستمر حتى يذعن معمر القذافي لقرارات مجلس الامن التابع للامم المتحدة.

وقال جوبيه في مقابلة مع تلفزيون فرنسا-2 "العمليات سوف تستمر خلال الايام القليلة القادمة حتى يذعن النظام الليبي لقرار الامم المتحدة."

وقال مسؤول بوزارة الدفاع الفرنسية في وقت سابق يوم السبت ان طائرات للقوات الجوية الفرنسية دمرت بعض الدبابات والمركبات المدرعة خلال تدخل بتفويض من الامم المتحدة في ليبيا.

وقال المسؤول "نعم دمرنا عددا من الدبابات والمركبات المدرعة." واضاف قوله انه لا يمكنه تأكيد العدد على الفور. بحسب رويترز.

وكانت قناة الجزيرة التلفزيونية قالت في وقت سابق ان اربع دبابات ليبية دمرت الى الجنوب الغربي من بنغازي.

خطوات تدريجية

من جانبها قالت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون ان الجهود الدولية ضد الزعيم الليبي معمر القذافي تستهدف إسقاطه لكن التحرك سيكون "خطوة بخطوة" ويبدأ بوقف العنف ضد المدنيين.

وقالت للصحفيين "رفض العقيد القذافي الاستماع الى الدعوات المتكررة حتى الان بوقف العنف ضد شعبه لم يترك لنا خيارا سوى مواصلة العمل في هذا الاتجاه."

وجاء التحول نحو موقف امريكي اشد قوة لصالح العمل العسكري بعد جدل طال داخل إدارة الرئيس الامريكي باراك اوباما بشأن كيفية وقف قتل القذافي للمعارضين الذين يسعون لانهاء حكمه المستمر منذ اربعة عقود.

وهونت كلينتون من شأن اعلان ليبيا وقف اطلاق النار بعد صدور قرار لمجلس الامن التابع للامم المتحدة يوم الخميس يسمح باتخاذ اجراءات مشددة جديدة ضد قوات القذافي وقالت ان على القذافي ان يتنبه لحقيقة الوضع.

وقالت "سوف لن نستجيب او نقتنع بالكلمات. يجب ان نرى افعالا على الارض وهذا لم يتضح ابدا. "سوف نواصل العمل مع شركائنا في المجتمع الدولي للضغط على القذافي كي يرحل ولدعم الامال المشروعة للشعب الليبي."

وقالت "التصويت الساحق لمجلس الامن اعتقد انه يعكس تفهما واسعا بأنه أولا.. وقف العنف وثانيا.. نحن نؤمن بأن النتيجة النهائية لاي مفاوضات يجب ان تكون قرار العقيد القذافي بالرحيل."

مصر تسلح المعارضة الليبية

في سياق متصل قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن الجيش المصري بدأ يرسل أسلحة عبر الحدود إلى المعارضة الليبية المسلحة بعلم الولايات المتحدة.

وقالت الصحيفة نقلا عن مسؤولين أمريكيين ومن المعارضة الليبية إن معظم الشحنات كانت بنادق وذخيرة. وذكرت الصحيفة أن هذه فيما يبدو أول حالة تقدم فيها حكومة أجنبية اسلحة للمعارضة الليبية المسلحة.

وبدأت المعارضة المسلحة تخسر ارضا منذ أيام في مواجهة زحف القوات التابعة للزعيم الليبي معمر القذافي.

وقالت وول ستريت جورنال نقلا عن مسؤول أمريكي كبير ان نقل الاسلحة المصرية بدأ "منذ بضعة أيام" وانه مستمر. وأضاف المسؤول "لا توجد سياسة رسمية أمريكية او اعتراف بأن هذا يحدث." لكنه استطرد ان "هذا شيء نعرفه."

وقالت الصحيفة انه لا يوجد تأكيد رسمي مصري بشأن الشحنات. والولايات المتحدة هي حليف وثيق لمصر وموردها الاساسي للمساعدات العسكرية. وذكرت الصحيفة ان هاني سوفلاكيس وهو رجل اعمال ليبي في القاهرة قام بدور الوسيط بين المناهضين للقذافي والحكومة المصرية منذ بدء الانتفاضة "نعرف ان المجلس الاعلى للقوات المسلحة المصرية يساعدنا لكن لا يمكن ان يحدث هذا بشكل واضح. بحسب رويترز.

"الاسلحة تمرر. الامريكيون اعطوا الضوء الاخضر للمصريين ليساعدوا. الامريكيون لا يريدون التدخل بشكل مباشر لكن المصريين لن يفعلوا ذلك دون ضوء أخضر."

ونقلت الصحيفة عن متحدث باسم حكومة المعارضين في بنغازي قوله ان شحنات الاسلحة بدأت تصل الى المعارضة المسلحة لكنه احجم عن كشف الجهة التي تصل منها هذه الاسلحة.

القوات التي ستشارك

قال شوارتز متحدثا امام مجلس الشيوخ الامريكي امس ان هناك "دولا في جامعة الدول العربية لديها قوات جوية متمكنة يمكن الاستفادة منها اذا توفرت الظروف الملائمة."

وكان دبلوماسيون قد قالوا ان من بين أعضاء الجامعة العربية ربما تكون الامارات وقطر على استعداد للمشاركة في فرض منطقة الحظر الجوي.

واذا اختارت الولايات المتحدة عدم التدخل فربما تكون لدى بريطانيا وفرنسا القدرات العسكرية لفرض منطقة حظر جوي او بحري محدودة.

واي كانت الترتيبات فان دول حلف شمال الاطلسي قد تطلب استخدام القواعد الجوية في ايطاليا. وقال مصدر في الحكومة الايطالية ان ايطاليا مستعدة أن تسمح باستخدام قواعدها العسكرية لفرض منطقة حظر طيران.

ويعتقد مسؤولون أمريكيون أن البنتاجون بما يملك من امكانات جوية وبحرية هائلة سيتحمل الجزء الاكبر من المهمة.

ما هي المعدات التي قد يستخدمها البنتاجون؟

يقول مسؤولون انه اذا قررت الولايات المتحدة فرض منطقة حظر طيران فان هذا سيتطلب على الارجح سحب أصول جوية من اوروبا والولايات المتحدة وربما حتى من العراق وافغانستان.

ويخشى بعض القادة من أن هذا قد يرهق جيشا مثقلا بالفعل من جراء حربين ويشارك الان في جهود الاغاثة باليابان. وقال شوارتز "هناك امكانيات محدودة للمخابرات والمراقبة والاستطلاع."

وذكر ان الولايات المتحدة ستستخدم على الارجح قاذفات قنابل ومقاتلات ربما تشمل طائرات اف-16 واف-15 واف-22 لضرب أهداف على الارض.

كما ستنشر طائرات مراقبة وطائرات تزويد بالوقود الى جانب معدات اتصال بالقمر الصناعي وطائرات تستطيع التشويش على الاتصالات الليبية.

هل سيكون هذا فعالا في وقف القذافي؟

قال شوارتز ان فرض منطقة حظر طيران وحده لن يكفي لوقف قوات القذافي. سيكون فرض حظر للطيران فوق ليبيا بالكامل تحديا كبيرا لان مساحة الارض 35 ضعف مساحة البوسنة التي فرض الحلف حظرا للطيران فوقها في أوائل التسعينات.

وقد يختار المسؤولون فرض منطقة حظر طيران محدودة حول بنغازي معقل المعارضة المسلحة باستخدام عدد صغير من المقاتلات وطائرات الدعم.

ما هي المعدات التي يملكها القذافي؟

في الاسبوع الماضي قال جيمس كلابر مدير المخابرات الوطنية الامريكية ان القذافي لديه نحو 80 طائرة في الخدمة تتنوع بين طائرات الهليكوبتر وطائرات النقل والمقاتلات.

بينما قال شوارتز ان هناك "عدة عشرات من المقاتلات" وطائرات الهليكوبتر التي تقدر أعدادها "بالمئات" التي نفذت "عشرات" الطلعات في اليوم.

لكن الطائرات الليبية التي يقول كلابر انها تعتمد على الاستهداف البصري لا الاستهداف باستخدام الكمبيوتر أقل تطورا بكثير من الطائرات وطائرات الهليكوبتر التي يستخدمها الجيش الامريكي.

ويقدر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية وهو مؤسسة بحثية مقرها لندن أن القذافي لديه نحو 40 طائرة حربية وأن معظم معدات قواته الجوية عفى عليها الزمن بالمقاييس الغربية.

هل سيتعين على القوات الاجنبية ضرب الدفاعات الجوية؟

هناك نوع من الخلاف بهذا الشأن. يقول وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس ان ذلك سيكون ضروريا قبل أن تستطيع الطائرات الامريكية القيام بدوريات فوق ليبيا.

ويعتقد اخرون أن الهجمات الوقائية على الصواريخ أرض جو الليبية التي ترجع الى حقبة الاتحاد السوفيتي سابقا لن تكون لازمة وأن الطائرات الحربية لحلف الاطلسي يمكنها أن تنتظر الى أن تبدأ أجهزة الرادار الليبية تعقبها.

وقال كلابر ان ليبيا تملك ثاني اكبر نظام للدفاع الجوي في الشرق الاوسط وان بها نحو 31 موقعا لاطلاق الصواريخ ارض جو فضلا عن عدد كبير من الصواريخ ارض جو المحمولة.

المحكمة الجنائية الدولية

الى ذلك قال مدعي المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو انه اذا هاجم الزعيم الليبي معمر القذافي مدنيين فان هذه ستكون جرائم حرب.

ويحقق مورينو أوكامبو بالفعل في احتمال ارتكاب القذافي وابنائه ودائرته المقربة جرائم حرب بعد القتال بين قوات الامن التابعة للقذافي والمعارضة المسلحة.

وقال المدعي "يجري التحقيق في جرائم ارتكبت في الماضي ويجب أن يوقفوا اي جرائم جديدة" مضيفا أنه اذا نفذ القذافي تهديداته للمدنيين فان هذه ستمثل جرائم حرب اضافية وتعزز حجته ضد الزعيم الليبي.

وقال مورينو اوكامبو "أنا أبني قضيتي. أود اعلامهم بذلك. أقول لهم ما يجب الا يحدث. اذا استمروا في هذا فمن السهل جدا بالنسبة لي أن اكسب قضيتي امام المحكمة." وهدد القذافي يوم الخميس باقتحام بنغازي معقل المعارضة المسلحة قائلا انه لن يرحم.

وقال مورينو اوكامبو في بيان مقتضب تلاه على الصحفيين "أعضاء الحكومة الليبية وجهوا انذارا أخيرا لمواطني بنغازي بأن يغادر جميع المدنيين المناطق التي يعتزمون مهاجمتها."

وأضاف "أريد أن أكون واضحا كمدع. توجيه هذا التحذير ليس عذرا لمهاجمة المدنيين. يمكن في الواقع أن يبقى مدنيون في بنغازي ويجب أن تكون القوات التي تهاجمهم حذرة. اي هجوم عشوائي يؤثر على المدنيين قد يمثل جرائم حرب والقادة سيتحملون المسؤولية."

وقال "الحكومة يمكن أن تسيطر على العصيان لكنها لا يمكن أن تهاجم المدنيين. لا يحق لاحد أن يهاجم مدنيين."

وكان المدعي قد ذكر في وقت سابق أنه سيطلع مجلس الامن الدولي في الرابع من مايو ايار على التقدم الذي أحرزه في التحقيقات.

أعداد اللاجئين الليبيين تقفز

من جهة اخرى تحول تقاطر اللاجئين الليبين الى تدفق بعد دخول القوات لموالية للزعيم الليبي معمر القذافي معقل المعارضين المسلحين في مدينة أجدابيا الرئيسية في المنطقة الاخذة في التناقص التي تسيطر عليها القوات المناهضة للحكومة.

وعند المعبر الحدودي الشرقي بين ليبيا ومصر في السلوم قفز في اليومين الماضيين عدد الليبيين الذين انضموا الى الاف العمال الفارين من ليبيا ومعظمهم مصريون وأفارقة مع تقدم جيش القذافي شرقا.

واجتاحت قوات القذافي يوم الثلاثاء مدينة أجدابيا التي تبعد 150 كيلومترا جنوبي بنغازي على الطريق السريع الى العاصمة طرابلس.

وكدست عائلات أمتعتها وأطفالها في صناديق شاحنات صغيرة وفرت من قذائف المورتر والصواريخ لتي كانت تتسافط حولها.

وفي السلوم تدافع اباء متجهمون للبحث عن سائقين لنقلهم لمسافة أبعد داخل مصر بينما وقفت أمهات وأطفال بين أكداس أمتعتهم على جانب الطريق.

وقال رجل من سكان بنغازي يدعى فتحي رمضان بجوار شاحنته الصغيرة المكدسة بكل ما تملكه أسرته المكونة من خمسة أفراد ان الاسرة جاءت الى مصر في اجازة.

لكنه ذكر دافعا اخر عند طرح المزيد من الاسئلة عليه. وقال ان هناك الكثير من التوتر والقتال يقترب وان التوتر سوف ينفجر ويصبح مزيدا من العنف.

وذكر الطبيب نضال الحيسان الذي يعمل في مجال الاغاثة بالسلوم أن روايات من قبيل "جئنا الى مصر لفترة قصيرة للعلاج" شائعة بين القادمين الذين يخشون أن يعادوا الى ليبيا اذا اعتقدت السلطات المصرية أنهم لاجئون.

وقال ان السلطات المصرية لا تردهم بل تسمح لهم بالمرور وان عدد اللاجئين الليبيين قفز منذ الاحتجاجات الحاشدة التي انتزعت السيطرة على معظم أنحاء شرق ليبيا من حكم القذافي القمعي في منتصف فبراير شباط.

وذكر أن القادمين في البداية كان معظمهم عمال مهاجرون وبعض الليبيين على نحو متفرق لكن العدد الان اصبح كبيرا.

وذكر الحيسان أنه قبل نحو أسبوع كان زهاء 5000 شخص من مختلف الجنسيات يعبرون من السلوم يوميا نحو نصفهم مصريون والباقون من دول أخرى منها تشاد والسودان وبنجلادش.

وأضاف أن عدد اللاجئين تراجع بعد ذلك لكنه قفز مجددا في اليومين الماضيين وأصبح ثلث القادمين الان على الاقل ليبيون.

وروى لاجئون من أجدابيا في وقت متأخر يوم الاربعاء قصصا عن قتال وغارات جوية نفذتها طائرات الحكومة. وقال رجل ان قوات القذافي أعدمت جاره.

وكان معظم الليبيين الذين عبروا الحدود يوم الخميس من سكان بنغازي ثاني أكبر المدن الليبية وتحدثوا عن غارات قصف لمطار المدينة.

وقالت أم محمد التي تخشى أن تسيطر قوات القذافي على بنغازي شأنها في ذلك شأن الكثير من الليبيين "رحلنا لاننا مرتاعين. أي سبب اخر يمكن أن يدفع أحدا لترك دياره وكل شيء وراءه."

وأضافت بينما كانت تتدافع مع ليبيين اخرين أمام مكتب لتغيير العملات "اذا نجحوا (في السيطرة على بنغازي) فسيقتلون ويسجنون الناس ويغلقون الحدود."

وجلس موظف تغيير العملات يحصي رزما ضخمة من أوراق النقد الليبية التي قال ان قيمتها تتراجع بسرعة.

ويصر الليبيون الذين فروا الى مصر على أن المعارضين المسلحين يسيطرون على الشرق وأنهم سينتصرون. لكنهم في واقع الامر دفعوا للتقهقر من بني جواد وراس لانوف والبريقة خلال الاسبوعين الماضيين حيث لم تصمد أسلحتهم الخفيفة في معظمها في مواجهة طائرات القذافي ودباباته وجيشه.

وقالت مصادر في أجدابيا ان القتال ما زال يدور بين المعارضين وقوات القذافي. وتضعف قبضة المعارضين على شرق ليبيا باطراد على ما يبدو ويعكف العاملون في مجال الاغاثة في السلوم على توسيع نطاق عيادتهم الطبية والاستعداد لقدوم المزيد من اللاجئين.

وذكر الحيسان أن عشرات العراقيين والفلسطينيين القادمين تقطعت بهم السبل على الحدود حيث لم تسمح لهم سلطات الهجرة المصرية بالمرور.

وعند الحدود أيضا ينام مئات العمال الافارقة المهاجرين في العراء محاطين بأمتعتهم القليلة وسط القمامة والقذارة في انتظار أن تتولى سفاراتهم ترحيلهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 20/آذار/2011 - 14/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م