القرضاوي... يقرض من حين لآخر

ملح الارض اذا فسد

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: (وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يُردوا إلى عذاب عظيم. وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم) (التوبة 101-102).

لا ينقضي العجب من تصريحات وعاظ السلاطين ورافعي الوية الليبرالية العربية والعلمانية وحقوق الانسان. القرضاوي بفتاواه المثيرة للجدل يتحفنا برايه السديد من قطر حيث يعيش في هذه الامارة الغنية، وهو يتحدث عن ثورة البحرين، وهي الوحيدة التي لا تعجبه، من ثورات العرب، لان مصر وتونس واليمن وليبيا والاردن وسوريا لا توجد فيها اكثرية شيعية فمطالب الثوار عادلة والحالة هذه.

اقتبس بعضا مما نشر في وسائل اعلامنا العربية بدون تعليق، فالكلمات واضحة لا تحتاج الى تفسير معانيها ومراميها.

* أصبح وعاظ السلاطين كالحرباء، يغيرون لونهم حسب توجهات الملك. ففي عهد الملك خالد كانت الكرة مضيعة للوقت تصرف الشباب عن عبادة الله، وفيها تشبه بالكفار لأن اللاعبين يلبسون لبس الكفار ويتصرفون مثلهم. ثم جاء الملك عبد الله الذي شجع الانفتاح وشجب التشدد، وفجأة (وقف رجال الدين في السعودية مع الرياضة في شكل منقطع النظير، ويساندون المنتخب السعودي في المونديال العالمي لكرة القدم، في ظل وجود متدينين عدة لا تروق لهم ممارسة رياضة القدم معتبرينها مضيعة للوقت، لكن إشهار عدد من نجوم الرياضة العالمية إسلامهم جعلهم يعيدون النظر في ذلك، ولعل أخرهم إشهار المدرب العالمي الفرنسي فيليب تروسيه إسلامه أخيرا خير دليل، وبات عدد كبير من رجال الدين يؤكدون أن الرياضة رسالة سامية في ظل وجود التنافس الشريف) (أحمد عايض، إيلاف، 16 يونيو 2006).

* يذكر السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء أن هارون الرشيد شغف بجارية لأبيه المهدي وكان أبوه قد دخل بها، فراودها الرشيد فامتنعت عليه وقالت: «لا أصلح لك فإن أباك قد طاف بي»، لكن الرشيد زاد غرامه بها، فأرسل خلف الفقيه أبي يوسف القاضي فقال «أعندك شيء في هذا؟» فأفتى أبو يوسف بما خالف كتاب الله وسنة نبيه قائلاً: «يا أمير المؤمنين أو كلما ادعت أمة شيئاً ينبغي ان تصدق، لا تصدقها فإنها ليست بمأمونة»، فلما بلغ عبدالله بن المبارك القصة قال: «لم أدر مما اعجب من هذا الذي وضع يده في دماء المسلمين وأموالهم يتحرج عن حرمة أبيه، أم من فقيه الأرض وقاضيها الذي قال اهتك حرمة أبيك واقض شهوتك وصيره في رقبتي».

* (والواعظون لا يهتمون لو كان المغني يغني للخليفة فتهتز على صوته بطون الجواري , ولكنهم يهتمون كل الإهتمام إذا رأوا صعلوكا يغني لنفسه أو لأهل قريته من الفقراء والمساكين.

ويبدو لي أن هذا هو دأب الواعظين عندنا , فهم يتركون الطغاة والمترفين يفعلون ما يشاؤون , ويصبون جل إهتمامهم على الفقراء من الناس فيبحثون عن زلاتهم وينغصون عليهم عيشهم وينذرونهم بالويل والثبور في الدنيا والأخرة.

وسبب هذا التحيز في الوعظ فيما أعتقد راجع إلى أن الواعظين كانوا ولايزالون يعيشون على فضلات موائد الأغنياء والطغاة فكانت معائشهم متوقفة على رضى أولياء الأمر , وتراهم لذلك يغضون الطرف عما يقوم به هؤلاء من التعسف والنهب والترف ثم يدعون لهم فوق ذلك بطول العمر).

*(إن مشكلة الوعاظ عندنا أنهم يأخذون جانب الحاكم ويحاربون المحكوم، فتجدهم يعترفون بنقائص الطبيعة البشرية حين يستعرضون أعمال الحاكم، فإذا ظلم الحاكم رعيته أو ألقى بها في مهاوي السوء قالوا: أنه أجتهد فأخطأ، وكل إنسان يخطئ والعصمة لله وحده، أما حين يستعرضون أعمال المحكومين فتراهم يرعدون ويزمجرون وينذرونهم بعقاب الله، الذي لا مرد له وينسبون إليهم سبب كل بلاء ينزل بهم).

* هناك مطالب عادلة للمتظاهرين في البحرين، غير أنني أجد أنهم أعداء أنفسهم، فرفع سقف المطالب الى درجة الاستحالة يعني رفضها، وقد سمعت في ميدان اللؤلؤة هتافات بإسقاط النظام، ما يعني حتماً أن يحاول النظام إسقاط الهاتفِين. ولعل المأساة أن غالبية الشيعة في البحرين من المعتدلين، وجمعية الوفاق كان لها نصف البرلمان تقريباً، غير ان الأقلية المتطرفة صوتها أعلى، ومع وجود تحريض إيراني، أشعر بخوف من المستقبل في بلد محدود الموارد جداً، ودخله من الخدمات كمركز مصرفي إقليمي وعالمي، وأخشى أن تهجره الشركات الأجنبية إذا طالت الأزمة.

* في دول أخرى، كالسعودية والبحرين، الآلية المستعملة في اعتراض الثورات هي الطائفية الدينية (سنة – شيعة) التي يجري تصعيد وتيرتها لتكون عقبة كأداء خاصة في السعودية. ولقد كان من الطريف حقا أن توصي السعودية البحرين بالتحاور مع المحتجين ودراسة مطالبهم بينما تقوم هي باعتقال الناشطين والزج بعشرات الآلاف من المعارضين في السجون بلا رحمة.

ما من حريات تذكر في السعودية، ولا حتى على مستوى الفتوى التي يجري تلقينها لمفتي المملكة، عبد العزيز آل الشيخ، كلمة كلمة من قبل وزارة الداخلية!!! لذا ليس عجيبا أن تعج السجون السعودية بعشرات الآلاف من العلماء وطلبة العلم والمعارضين السياسيين وممن لا ذنب لهم، وبدون محاكمات لمجرد أنهم أصدروا فتوى أو عبروا عن رأيهم في مسألة من المسائل.

* مؤسف أن تسقط ضحايا من النسيج الاجتماعي في البحرين، من المعارضة أو من قوى الأمن، فهو نسيج واحد، ومؤسف أيضا أن ضحية أخرى تسقط، مع من سقط في أتون الاختلاف الحاد، وهي غير ظاهرة للعيان، وأعني بها «الحقيقة». المطالب التي رفعتها المعارضة، وإن كانت مفاجئة في توقيتها، حيث كانت تلك المعارضة في مجملها ممثلة في مجلس منتخب لم يجف بعد حبر صناديق اقتراعه، وكان يمكن لها طرح مرأياتها هناك، فإن المفاجأة، يمكن تبريرها تجاوزا، على أنها محاولة استنساخ ما يحدث في أماكن أخرى من بلاد العرب، وحتمت الأحداث على المعارضة تكييف التوقيت، على أنه الأصح، لرفع سقف المطالب.. التي قوبلت في البداية من أهل الحكم بعرض حوار مشترك وشامل للوصول إلى حلول سياسية، مع ضبط النفس وتقديم مبادرات كإطلاق المسجونين قيد المحاكمة وتغير بعض الوزراء، إلا أن التصعيد والعناد كان سيد الموقف. اعتقد البعض أن ذلك التصعيد يمكن أن يحقق السقف العالي من المطالب، وتحول شيئا فشيئا من مطالب وطنية إلى مطالب فئوية، ثم انتقل إلى مطالب بها شبهة الانقلاب كليا على النظام القائم، وهو ما أوصل الأحداث إلى ما وصلت إليه.

القضية باختصار وراءها تمن بالتوسع الإيراني بعد نفوذ شبه مطلق في العراق وتحالف واسع مع غيرها ولا تهتم هناك بالسؤال من هم الأقلية ومن هم الأغلبية.

محمد الرميحي

* فمن حقِّ المسلمين- كغيرهم من سائر البشر- أن يسيِّروا المسيرات ويُنشئوا المظاهرات؛ تعبيرًا عن مطالبهم المشروعة، وتبليغًا بحاجاتهم إلى أولي الأمر وصنّاع القرار، بصوتٍ مسموعٍ لا يمكن تجاهله؛ فإنَّ صوتَ الفرد قد لا يُسمع، ولكنَّ صوت المجموع أقوى من أن يُتجاهل، وكلما تكاثر المتظاهرون وكان معهم شخصيات لها وزنها كان صوتهم أكثرَ إسماعًا وأشدَّ تأثيرًا؛ لأن إرادة الجماعة أقوى من إرادة الفرد، والمرء ضعيف بمفرده قويٌّ بجماعته؛ ولهذا قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى﴾ (المائدة: من الآية 2)، وقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشدُّ بعضه بعضًا"، وشبَّك بين أصابعه.

 *أصدر رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي فتوى بقتل العقيد معمر القذافي واهاب بالعسكريين الليبيين عدم اطاعة اوامره باطلاق النار على المتظاهرين الليبيين.

وقال الشيخ القرضاوي "وانا هنا افتي .. من يستطيع من الجيش الليبي ان يطلق رصاصة على القذافي ان يقتله ويريح الناس من شره". واهاب القرضاوي بالجيش والعسكريين الليبيين عدم اطاعة اوامر القذافي بقتل المدنيين "لانها معصية"، ودعا الشعب الليبي الى ان "يثبت ويصبر في وجه الظلم".

واستنكر القرضاوي صمت العالم على ما يجري في ليبيا. وقال "لقد قتل المئات في ساعات قلائل والعالم ساكت، لو حدث هذا في اسرائيل واوروبا لكان العالم قام ولم يقعد .. العالم صامت. لماذا لا يتحرك العالم ويفعل شيئا". ودعا القرضاوي السفراء الليبيين في الخارج الى التنصل من نظام القذافي.

* نفى رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي، أن يكون ما يحدث في البحرين حاليا هو «ثورة شعب.. بل ثورة طائفية»، واصفا ما حدث بأنه «استقواء بالخارج، وليست مطالب شعب بأكمله، وإنما خروج فئة عن فئة لفرض مصالحها بالقوة وتمادت إلى أن أصبحت ثورة طائفية وهذه مشكلتها». وتحدث الشيخ القرضاوي خلال خطبة الجمعة في العاصمة القطرية الدوحة 18 / 3/ 2011، قائلا: «سؤال سئلت عنه من أكثر من شخص ومن أكثر من جهة ومن أكثر من فرد، يقولون لي تحدثت عن الثورة التونسية، وتحدثت عن الثورة المصرية، وتحدثت عن الثورة الليبية، وتحدثت عن الثورة اليمنية، ولكنك لم تتحدث عن ثورة واحدة؟! قلت: ما هي؟ قالوا: ثورة البحرين، لماذا لم تتحدث عن ثورة البحرين؟! قلت لهم: دعوني أجبكم بصراحة، إن ثورة البحرين ثورة غير هذه الثورات».

وأكد الشيخ القرضاوي أن ما يحدث في البحرين «ثورة طائفية»، وأن باقي الثورات الأربع «كلها ثورة شعب ضد حاكمه الظالم»، وقال إن الشعب المصري خرج بكل فئاته وطوائفه، مسلمين ومسيحيين، شبابا وشيوخا، رجالا ونساء، «تقدميين ورجعيين، أهل الدين وأهل الدنيا، يعني الشعب المصري كله، وكذلك الشعب التونسي، كذلك الشعب الليبي، وكذلك الشعب اليمني، ولكن الثورة البحرينية ثورة طائفية».

واعتبر أن مشكلة ما حدث في البحرين أنه حدث من الشيعة ضد السنة، وأضاف: «أنا متهم بطبيعتي بأني ضد الشيعة، وأنا لست ضد الشيعة، أنا ضد التعصب وضد الطائفية وضد التفريق بين الناس بعضهم وبعض على أساس المذهب أو الفرقة، ولهذا ليست الثورة البحرينية مثل الثورات الأخرى».

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 20/آذار/2011 - 14/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م