حرب في الخليج... تداعيات الثورة البحرينية

شبكة النبأ: تعد الخطوة السعودية في تدخلها العسكري المباشر في البحرين تجاوزا غير محسوب قد يدخل المنطقة في منعطف حرج لا يحمد عقباه في المستقبل، خصوصا ان تلك القوات جائت لقمع الحركة الاحتجاجية ذات الطابع الشيعي، سيما ان البحرين التي تهيمن على مقاليد السلطة فيها عائلة آل خليفة، يغلب على شعبها اكثرية شيعية مطلقة.

فقد تدفع الخطوة السعودية بالعراق الشيعي الذي يسعى الى لعب دورا متزنا في المنطقة، وهو اول واكبر الدول العربية الشيعية في المنطقة، الى اتباع سياسة اكثر عدائية للرياض، سيما انه يعتبر نفسه امتداد لشيعة الخليج. فضلا عن جمهورية ايران الاسلامية وهي في الوقت ذاته مصدر غير مريح للملكة السعودية ذات الطابع الوهابي المعادي للشيعة.

فيما يرى اغلب المحللين ان المنطقة سوف تدخل نفقا جديدا في صراع طائفي مباشر، ستكون دول الخليج اكبر الخاسرين، خصوصا ان انظمتها تتصف بالاستبداد، وتعاني من غضب شعبي مكبوت قد يثير اضطرابات داخلية في المستقبل.

المال والقوة

حيث تعتمد دول الخليج العربية تقودها السعودية على المال والقوة العسكرية في الوقت الحالي لقمع احتجاجات في المنطقة المصدرة للنفط ولكن من المستبعد ان تنجح في وقف الاضطرابات دون تقديم تنازلات سياسية هامة.

وحتى الآن لم يبد حكام الخليج مؤشرا يذكر على استعدادهم آخذ خطوات نحو الديمقراطية تغير قواعد اللعبة ناهيك عن مشاركة مواطنيهم السلطات شبه المطلقة التي يتمتعون بها.

وارسلت السعودية قوات للبحرين يوم الاثنين في اطار قوة خليجية تشمل قوات شرطة من الامارات للمساعدة في كبح اسابيع من الاحتجاجات للأغلبية الشيعية بصفة اساسية. ووصفت المعارضة البحرينية هذا التحرك بانه اعلان حرب.

ويأتي هذا التحرك بعد ايام من تعهد دول الخليج بتقديم 20 مليار دولار لمساعدة البحرين وسلطنة عمان التي شهدت ايضا موجة من الاحتجاجات لمواطنيها للمطالبة بوظائف ومشاركة أكبر في الحكومة في السلطنة الهادئة عادة.

وقال تيودور كاراسيك المحلل الامني في دبي "انها المرة الاولى التي تهدد فيها هذه الانتفاضة الشعبية ككل نظاما ملكيا بشكل فعلي ... اذا سقط نظام ملكي ستتعرض جميع الانظمة الملكية لذلك النوع من الضغط." وأضاف "هذا يبين ان السلطات لن تتحمل مثل هذا السلوك الذي شهدناه في البحرين." بحسب رويترز.

ولكن التحرك فيه مقامرة. فحتى اذا نجح المزج بين الاغراء بالجزرة والتلويح بالعصا في قمع الاحتجاجات في البحرين في الوقت الحالي فان الحكومات في منطقة الخليج مهددة بشكل أكبر مع اكتساب دعوات الديمقراطية في العالم العربي زخما.

والى جانب البحرين وعمان فان ذلك ربما ينطبق ايضا على السعودية أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم واقوى دولة خليجية التي تخشى ان تشجع تنازلات تقدم للمتظاهرين في البحرين واغلبهم من الشيعة الاقلية الشيعية على اراضيها.

ونظم الشيعة في السعودية بالفعل احتجاجات محدودة على مدار الاسابيع الثلاثة الماضية في شرق البلاد وهو مركز صناعة النفط في السعودية للمطالبة بالافراج عن معتقلين منذ فترة طويلة. وشهدت الكويت وبها ايضا اقلية شيعية كبيرة نسبيا احتجاجات. وتبدو الامارات وقطر وحدهما محصنتان حتى الان.

وقال الناشط السعودي محمد القحطاني "سيكون من الصعب جدا الابقاء على الوضع القائم فيما ترى جارك يتغير" مضيفا انه لا يتوقع ان تتوقف الاحتجاجات رغم قرار السعودية وحلفائها رفع الرهان. وأضاف انهم سيدركون في لحظة ان عليهم تنفيذ تغييرات معينة بصفة اساسية.

وتبدو دول الخليج مستعدة لتنفيذ بعض الاصلاحات ولكن ليس تلك التي من شأنها تغيير قواعد اللعبة السياسية بشكل كبير. واغلب هذه الدول بها اعداد متزايدة من الشبان المولعين بشبكة الانترنت وتتزايد مطالبهم من اجل التغيير جرأة يوما بعد يوم.

ورغم ايرادات النفط والغاز الضخمة تحتاج دول الخليج لتوفير الاف الوظائف لمعالجة مشكلة البطالة. واعتادت الحكومات توظيف اعداد كبيرة من الاجانب وتجد صعوبة في توفير فرص عمل لمواطنيها.

ويعتقد ان نحو 60 في المئة من سكان السعودية البالغ عددهم 18 مليون نسمة دون الثلاثين ويوجد في المملكة نحو ثمانية ملايين مقيم اجنبي. وتصل نسبة البطالة بين من هم في مرحلة الشباب 39 في المئة حسب تقديرات جون سفاكياناكيس كبير الاقتصاديين بالبنك السعودي الفرنسي.

وفي البحرين حيث تطالب القاعدة العريضة من المحتجين بملكية دستورية اقالت الحكومة عددا من الوزراء غير الرئيسيين وعرضت حوارا وطنيا ومزيدا من الوظائف.

ولكنها لم تذعن لمطالب باقالة الحكومة باسرها أو رئيس الوزراء وهو من الاسرة الحاكمة ويتولى منصبه منذ 40 عاما.

واجرى السلطان قابوس سلطان عمان أيضا بعض التغييرات وعزل وزراء ووافق على التنازل عن بعض السلطات التشريعية لمجلس منتخب جزئيا. وقابل المحتجون الخطوة بأمل وتشكك ولم يتضح حجم التغيير.

وهناك توقعات بتعديل وزاري في السعودية يأتي ببعض الوجوه الاصغر سنا بينما وعد اعضاء البرلمان في الكويت بمناقشة منح مزيد من الحقوق للذين لا يحملون جنسية الكويت (البدون). ولكن ايا من هذه التحركات لن يجعل الحكومات أكثر ديمقراطية بشكل كبير او يهدد السلطات المطلقة للملوك والاسر الحاكمة.

وتحاول دول الخليج -وجميعها حليفة لواشنطن التي تدعو للاصلاح في المنطقة- استغلال ثروة النفط لاسكات المعارضة من خلال مقايضة الرخاء النسبي بالسكينة السياسية وساهمت المقايضة في بقاء الحكومات مستقرة لعقود.

وقال خالد المعينا رئيس تحرير صحيفة اراب نيوز السعودية اليومية مشيرا لمساعدات مجلس التعاون الخليجي المالية "اعتقد ان المال امر جيد لانه يخفف معاناة الناس. وهذه المرة يجب ان يجيء مع اشكال اخرى للاسترخاء."

وفي الشهر الماضي عاد العاهل السعودي الملك عبد الله للرياض بعد غياب لاسباب صحية واعلن عن برنامج بقيمة 37 مليار دولار يمنح مزايا للمواطنين في محاولة على ما يبدو لكبح المعارضة.

وعرضت دول اخرى مثل الامارات والكويت امتيازات مالية ولكن حرصت على عدم الربط بينها وبين اي احتجاجات معارضة في العالم العربي.

ويشكو المواطنون العرب في الخليج من حرمان اقتصادي ويشكو الشيعة في البحرين من التمييز في منح الوظائف بينما يقول عمانيون ان الكثير من الوظائف تذهب للاجانب ويشكو السعوديون من ان تطوير البنية التحتية لا يتماشى مع ثروة البلاد الضخمة.

وكتب المدون السعودي احمد العمران في مقال رأي في صحيفة ذا جارديان في الاونة الاخيرة "الفجوة العمرية الكبيرة بين طبقة الشباب والصفوة الحاكمة تجعل الاتصال بين الحكام والمحكومين والتفاهم بينهم شبه مستحيل. نحن نتحدث لغتين مختلفتين فعليا.

"سئمنا الوضع القائم. نريد تغييرا ونريده الآن. المطالب واضحة وبسيطة .. ملكية دستورية وحكم القانون والعدالة والمساواة والحرية وانتخابات واحترام حقوق الانسان. هل ما نطلبه كثيرا في هذا العصر؟"

خلاف بين السعودية وأمريكا

في سياق متصل كشف التدخل العسكري السعودي في البحرين عن خلاف دبلوماسي نتيجة تباين الحسابات الأمريكية والسعودية بشأن ازمة قد يكون لها تأثير بعيد المدى على العلاقات بين البلدين.

وتضمن العلاقات الوثيقة بين السعودية والولايات المتحدة الاستقرار في الخليج الغني بالنفط. وتوفر المملكة المحافظة 12 في المئة من واردات الولايات المتحدة من الخام. وتمثل المملكة السنية قوة اقليمية موازية لايران الشيعية الخصم العنيد للولايات المتحدة.

ولكن حين عبرت القوات السعودية جسرا الى مملكة البحرين المجاورة لدعم الاسرة السنية الحاكمة في مواجهة الاغلبية الشيعية في البلاد جاء رد الفعل الامريكي مرتبكا فيما بدا ان مناشداتها من اجل التفاوض نحيت جانبا.

وقال كينيث بولاك خبير شؤون الشرق الاوسط بمعهد بروكينجز في واشنطن "تسير الادارة (الامريكية) على حبل مشدود."

وأضاف "من ناحية تريد ان تتبنى هذا النوع من المطالب من اجل تغيير ديمقراطي ومن ناحية اخرى لا تريد ان ينتهي بها المطاف على الجانب الاخر في مواجهة من اي نوع مع السعوديين."

وجاء رد فعل البيت الابيض حذرا في طرح رؤية ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما تجاه التحرك السعودي واصرت الحكومة الامريكية على انه ليس "غزوا" بينما حثت السعودية ودول الخليج الاخرى التي تنشر قوات في البحرين التحلي بضبط النفس.

وقليلون هم من يتحدثون عن خطر يتهدد الثوابت الاساسية للعلاقات الامريكية السعودية التي تقوم على النفط والتعاون في مكافحة الارهاب وقلق مشترك تجاه إيران.

ولكن تدخل السعودية في البحرين يضيف عنصرا جديدا غير متوقع للمزيج الذي قد يأتي بنتائج عكسية اذا ما تصاعدت أعمال العنف السياسي في المملكة الصغيرة.

وقال فريدريك ويري المحلل السياسي في راند كوربريشين "لا زالت الركائز القديمة قوية. "اذا ساءت الامور حقا في البحرين وحدث انفجار خطير لاعمال العنف وربما رد فعل مبالغ فيه من جانب قوات الامن السعودية .. اعتقد ان الامر قد يتطور سريعا لمشكلة كبرى بين الجانبين."

وقال جاي كارني المتحدث باسم البيت الابيض ان الولايات المتحدة على دراية بطلب البحرين المساعدة من جيرانها وتعتبر السعودية "شريكا هاما".

وتأتي ازمة البحرين فيما تواجه واشنطن صعوبة في التعامل مع الاحتجاجات التي تجتاح ارجاء الشرق الاوسط واطاحت بحكومتين متحالفتين مع الولايات المتحدة في تونس ومصر وهزت دولة اخرى هي اليمن واججت صراعا دمويا ضد الزعيم الليبي معمر القذافي.

وتسبب التحرك السعودي في البحرين في خلق حالة من عدم اليقين فيما يتعلق بمسألتين تهمان المصالح الاساسية للولايات المتحدة .. سعر النفط ودور ايران وهي على خلاف مع قوى غربية اساسية بسبب برنامجها النووي كما تعتبرها واشنطن مثيرا خطيرا للمشاكل في المنطقة.

واثار ارتفاع أسعار النفط الذي يحوم حاليا حول مئة دولار للبرميل مخاوف بشأن الانتعاش الاقتصادي في الولايات المتحدة. ويقول مسؤولون ان اي تعطل اخر محتمل للامدادات في الخليج او اي مكان اخر قد يؤدي لتفاقم الوضع.

ورفعت السعودية انتاجها من النفط لتعويض الامدادات المفقودة بسبب الاضطرابات في ليبيا ولكن المنطقة الرئيسية المنتجة للنفط تقع قرب البحرين في المنطقة الشرقية السعودية حيث يمكن ان يتصاعد التوتر القائم بين السنة والشيعة نتيجة اي تصاعد لاعمال العنف عبر الحدود.

ووصفت ايران ارسال قوات سعودية للبحرين بانه غير مقبول وقال محللون سياسيون ان النزاع قد يتسع نطاقه ويسفر عن عواقب غير معلومة.

وقال توبي جونز خبير الشؤون السعودية بجامعة رتجرز ان السعودية ربما تستعرض عضلاتها امام طهران وواشنطن لاظهار انها سوف تتحرك حين ترى خطرا يتهدد مصالحها.

وقال "يعتقد السعوديون ان لديهم بعض النفوذ لدى الولايات المتحدة مما يمنحهم حرية أكبر. انها مقامرة."

وامسكت السعودية بزمام الامور بعدما راي قادة المنطقة الولايات المتحدة تتخلى عن حلفاء قدامى مثل الرئيس المصري السابق حسني مبارك لدعم احتجاجات مطالبة بالديمقراطية في خطوة وصفها أوباما انها تضع واشنطن "على الجانب الصحيح من التاريخ".

وقال روبرت دانين خبير الشرق الاوسط في مجلس العلاقات الخارجية "قلقهم يعكس مدى قوة الالتزام الامريكي ببقائهم."

والغى كل من وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس ووزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون خططهما لزيارة السعودية الشهر الجاري بسبب الحالة الصحية للعاهل السعودي الملك عبد الله. ولكن كلينتون التقت بوزير الخارجية السعودي في القاهرة يوم الثلاثاء وابلغته أمل الولايات المتحدة التوصل لحل سلمي في البحرين.

وقالت "نصيحتنا لكل الاطراف هي انهم ينبغي ان يتخذوا خطوات الان للتفاوض عملا على الوصول الى حل سياسي" واضافت ان الوضع الامني "مهم بشكل واضح".

وقال السناتور الديمقراطي جون كيري الذي يرأس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ ان الولايات المتحدة لا تزال على نفس الخط مع الحلفاء السعوديين. وتابع "اتفهم ما يفعلونه. اعتقد انهم يضغطون من أجل الحوار. يسعون للاصلاح. ليس احتلالا."

أزمة متوقعة

فيما وصفت صحيفة "الاندبندنت "البريطانية اليوم التدخل العسكرى السعودى فى البحرين بأنه الامر الذي يحدث للمرة الأولى ، حيث يتم انتداب قوات دولة عربية لتهدئة المتظاهرين فى دولة عربية أخرى، وذلك منذ موجة الاحتجاجات التى اجتاحت منطقة الشرق الأوسط.

ذكرت الصحيفة فى تقرير بثته على موقعها الالكترونى أن التدخل السعودى من المرجح أن يثير أزمة جديدة فى منطقة الخليج.

أشارت الصحيفة إلى أن الحكومة البحرينية قد دعت فى وقت سابق إلى الحصول على دعم من جيرانها، وذلك عقب وقوع اشتبكات بين المتظاهرين وشرطة مكافحة الشغب فى شوارع العاصمة البحرينية المنامة حيث قام المتظاهرون بضرب الشرطة.

أضافت الصحيفة أن السعودية لبت دعوة البحرين وأرسلت قوات إليها لمساعدتها على مواجهة الاحتجاجات التى يقوم بها الشيعة ضد السنة هناك. وتابعت أن حكام السعودية شعروا بالقلق من أن ينتقل التوتر من شيعة البحرين إلى الشيعة فى الإقليم الشرقى المجاور حيث تحاول القوات السعودية أن تمنع الاحتجاجات فى المملكة من اكتساب القوة.

أوضحت الصحيفة أن المتظاهرين فى البحرين سعوا فى البداية إلى الحد من الفروق الطائفية فى الجزيرة، قائلين إنهم استلهموا ذلك من مطالب الديمقراطية وحكم القانون والحقوق المدنية فى مصر وتونس. وكان مطلبهم فى البداية هو الملكية الدستورية ولكن بعد أن قامت الشرطة بقتل سبعة متظاهرين الشهر الماضى أشتدت مواقفهم مع المعارضة ويرغب البعض منهم الآن فى إنهاء الملكية.

تهديد الاستقرار الاقليمي

من جهتها انتقدت ايران الحملة التي شنتها البحرين على المحتجين وأبلغت السعودية بأن نشر قواتها هناك يمثل تهديدا للامن الاقليمي.

وفي تصعيد لانتقاداتها ضد حملة قمع الاغلبية الشيعية في البحرين قالت ايران القوة الشيعية الرئيسية في الخليج ان الازمة يمكن أن تقود الى صراع أوسع نطاقا وهو ما دفع محللين للتحذير من وجود خطر حقيقي في ظل النزاعات الاقليمية والتوترات الطائفية.

وقال الرئيس الايراني أحمدي نجاد في كلمة أذاعها التلفزيون الرسمي "نشاهد درجة الضغط الذي تمارس على أغلبية الشعب في البحرين وهم (الحكومة) يستخدمون البنادق والمدافع ... ما حدث أمر سيء وغير مبرر ويتعذر اصلاحه."

وقالت وكالة مهر شبه الرسمية للانباء ان ايران استدعت سفيرها من البحرين احتجاجا على مقتل متظاهرين شيعة.

وقال التلفزيون الرسمي ان السفير استدعي للتشاور فيما يبدو انه رد على تحرك مماثل من جانب البحرين التي سحبت سفيرها من طهران يوم الثلاثاء للتشاور احتجاجا على الانتقادات الايرانية للمنامة.

وكانت طهران قد أعلنت تأييدها لموجة من الانتفاضات في أنحاء المنطقة ووصفتها بأنها "صحوة اسلامية" في حين تواجه هي ذاتها محاولات من جانب المعارضة الايرانية لاحياء احتجاجات تم سحقها في الاشهر التي أعقبت اعادة انتخاب أحمدي نجاد عام 2009 . ونشرت السلطات الايرانية قوات أمنية ضخمة لمنع تجدد مثل هذه الاحتجاجات.

وقال وزير الدفاع الايراني أحمد وحيدي بشأن نشر قوات سعودية في البحرين "مثل هذه الاعمال ستزيد التوتر وتخرب الاستقرار والامن في المنطقة."

ولم يتحدث أحد في الحكومة الايرانية عن اتخاذ اي عمل عسكري لكن عضوا في المجلس المدير للبرلمان دعا الحكومة الى "اعطاء انذار للسعودية بمغادرة البحرين فورا."

ونقلت وكالة مهر عن محمد دقهان قوله "الجمهورية الاسلامية الايرانية لديها هذه الامكانية والقدرة على تهديد مصالح السعودية والامارات في كل مكان ولديها القدرة على جعل السعودية تندم على ما فعلته."

وتقول الامارات وقطر وعمان انها سترسل قوات أو وحدات الى البحرين في اطار قوة الدفاع المشترك لمجلس التعاون الخليجي.

وقال حسين نجفي عضو لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان لوكالة فارس "اذا لم يتم اخماد نيران السعوديين في البحرين فان طهران وبدافع الحفاظ على استقرار المنطقة ستتحرك سريعا لخنق الدول المعتدية."

ورغم ان القوات السعودية دخلت البحرين بدعوة من الحكومة الا أنه تم تصوير الامر في ايران وكأنه غزو عسكري.

وشبه أحمدي نجاد نشر القوات السعودية بغزو العراق للكويت عام 1990 تحت حكم صدام حسين.

وقال أحمدي نجاد "في السابق كان هناك ايضا بعض (قادة) الدول التي ارسلت قواتها الى دول مجاورة أين هم الان.. من الافضل لهم ان يتعلموا الدرس من مصير صدام."

تفاقم الانقسام الطائفي في العراق

من جهة أخرى تفاقم مواجهة اقليمية بشأن البحرين الانقسام بين الشيعة والسنة في العراق الذين ينظرون الى أحوال جيرانهم بأعين الانقسام الطائفي الذي أدى الى سنوات من الحرب في العراق.

وتتبنى الأغلبية الشيعية في العراق قضية المتظاهرين من الأغلبية الشيعية في البحرين الذين يحتجون على حكم الاسرة الملكية السنية التي استدعت قوات من السعودية للمساعدة في استعادة الامن. اما السنة في العراق فيشعرون بالقلق من احتمال تدخل ايران الشيعية في المواجهة.

وفي الوقت الراهن يقوم شيعة العراق بالشحن المعنوي حيث تضع قناة تلفزيون شيعية شريطا في أعلى الصورة مكتوب عليه "انقذوا البحرين". وتصف تقاريرها وصول القوات السعودية بأنه "احتلال".

وقال مقتدى الصدر رجل الدين الشيعي الذي ناهض طويلا الوجود الامريكي في العراق ان اي تدخل ضد رغبة الاغلبية البحرينية يمثل ظلما.

وفي بيان قرأه متحدث باسمه وصف الصدر الوضع في البحرين بأنه "ثورة شعبية وثورة حق لا يجوز قمعها على الاطلاق". وتمنى ان يلهم الله شعب البحرين الصبر في محنته التي يمر بها وان تكون بداية النصر.

أما خالد الاسعدي وهو نائب شيعي من ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي فقال ان تدخل السعودية ودول اخرى سنية نيابة عن حكام البحرين لن يؤدي الا الى تفاقم الصراع الطائفي.

وفي المقابل يساور السنة القلق مما يرونه توسعا لنفوذ ايران التي نددت بنشر قوات سعودية في البحرين ووصفته بأنه غير مقبول.

وقال محام سني يدعى احمد يونس "اذا نظرنا الى الوضع الخطير في البحرين فسنكون ساذجين للغاية اذا تجاهلنا الاصابع الايرانية. وجود دولة خليجية تحكمها اغلبية شيعية سيجعل ايران اكثر فخرا من امتلاكها قنبلة نووية." بحسب رويترز.

والعراق مثل البحرين به اغلبية شيعية تشكو من عقود من القمع على يد حكام من طائفة السنة التي تمثل أغلبية في بقية العالم العربي.

وعندما اطاحت القوات الامريكية بالرئيس الراحل صدام حسين ونصبت مكانه حكومة يهيمن عليه الشيعة خاضت ميليشيات من الجانبين حربا استهدفت أساسا المدنيين مما اسفر عن مقتل عشرات الالاف ونزوح الملايين عن ديارهم.

وينحي سنة العراق باللائمة على ايران الشيعية في تسليح الميليشيات الشيعية في حين يقول شيعته ان الدول العربية القريبة تساند المتطرفين السنة لازاحة الاغلبية عن السلطة.

صفقة السلاح الاميركي جارية

الى ذلك اكد خالد بن سلطان بن عبد العزيز مساعد وزير الدفاع السعودي في تصريحات صحافية ان تنفيذ صفقة الاسلحة الاميركية الضخمة للسعودية تسير على ما يرام.

واوضح الامير خالد في تصريحات نقلتها صحيفة عكاظ "العمل جارٍ على اتمام صفقة التايفون لاكمال المجموعة في السنتين المقبلتين".

من جهتها نقلت صحيفة "سعودي غازيت" عن الامير خالد قوله "ان المباحثات مستمرة وفق الجدول المقرر (..) ولا يوجد شيء يمكن اضافته".

كما اشار الى ان المفاوضات جارية ايضا لانجاز صفقة شراء طائرات يوروفايتر وذلك بعد تعليقها اثر مقتل طيار سعودي في تحطم طائرة من هذا النوع في اسبانيا في آب/اغسطس 2010.

ويتدرب سعوديون في اسبانيا على قيادة المطاردة يوروفايتر المتعددة الاغراض التي اطلق برنامجها في 1985 من قبل بريطانيا والمانيا وايطاليا واسبانيا.

ولم يعارض الكونغرس الاميركي في 19 تشرين الثاني/نوفمبر صفقة بيع الاسلحة للسعودية بقيمة 60 مليار دولار. وابلغت ادارة الرئيس باراك اوباما الكونغرس في 20 تشرين الاول/اكتوبر بعزمها على المضي في هذه الصفقة التي تعد في حال ابرامها نهائيا اهم صفقة سلاح في تاريخ الولايات المتحدة.

وينص المخطط الذي عرض على الكونغرس على السماح ببيع 84 طائرة مطاردة قاذفة من طراز اف-15 وتحديث 70 طائرة اخرى. كما تشمل الصفقة 178 مروحية هجومية (70 اباتشي و72 بلاك هوك و36 ايه اتش-6اي) و12 مروحية خفيفة للتدريب من نوع ام دي-530اف، بحسب الخارجية الاميركية. ويمتد تسليم الطائرات على فترة تتراوح بين 15 و20 عاما. ويعد تنامي قوة ايران الدافع الرئيسي لهذه الصفقة حيث يثير قلق مجمل دول المنطقة ويغير التوازنات الجيوستراتيجية.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 19/آذار/2011 - 13/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م