الصحافة المصرية وديناميكية التحول مع التغيير!

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: ان مصر والصحافة صنوان لا يفترقان، فمنذ الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون في اواخر القرن التاسع عشر والتي ادخلت معها اجهزة الطباعة الحديثة آنذاك حدثت ثورة في عالم الصحافة والاعلام في مصر وطبعاً في العالم العربي.

لقد قدمت الصحافة والاعلام بصورة عامة منذ ذلك الوقت خدمات جليلة الى الشعب المصري فقد كانت نبض الشارع الحي والمعبر عن افكاره وطموحاته خصوصاً في الازمات التي عصفت في حروبه السابقة، لكن الصحافة حين تسيس وتحول لحزب او شخص او جهة واحدة فقد سلبت منها روحها وتحولت الى بوق للدعاية همها الوحيد ارضاء تلك الجهة على حساب مصلحة الشعب.

ان مصر بعد التغيير وشباب الثورة فيها فهموا الدرس جيداً وعرفوا ان الاعلام المصري تحول الى اعلام رسمي بعيداً كل البعد عن الشعب ومعاناته حتى انه وصف الشباب الثائر في اول ايام ثورته بأنهم اصحاب اجندة خارجية وان ولائهم لدول اخرى، حتى اذا انقلبت الطاولة على رؤوسهم عادوا ليلهثوا خلف الثورة علهم يكفرون اخطائهم او على الاقل يحتفظوا بأماكنهم.   

استفتاء في الاهرام

فقد اعلن عدد من صحفيي الاهرام عن مبادرة جديدة لاختيار رئيس تحرير الصحيفة عن طريق الانتخاب بدلا من التعيين كما يحدث منذ عشرات السنين، وقالت آمال عويضة ان مجموعتهم التي تطلق على نفسها اسم جبهة أنقاذ الأهرام علمت بشائعات ترددت حول قيام البعض بجمع أسماء وترشيحها لرئاسة تحرير الأهرام لتقديمها فيما بعد للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، ونفت الجبهة صحة هذه الانباء رغم تأكيدها على استحسان هذه الفكرة ورغبتها في تفعيله، وطالبت الجبهة العاملين بالاهرام التعاون بإيجابية مع هذه الفكرة من خلال ترشيح أسماء من داخل المؤسسة لعمل قائمة مختصرة وفقا لعدد الأصوات التي سيحصل كل صحفي عليها واعلانها فيما بعد.

وقالت انه سيتم تسليم هذه القائمة لزملاء من أعضاء الجمعية العمومية الذين طالبوا بتحديد موعد في خلال الأيام المقبلة لمقابلة د.يحى الجمل القائم بأعمال المجلس الأعلى للصحافة، لموافاته باقتراحاتهم لتجاوز الأزمة، وتعرف جبهة انقاذ الأهرام نفسها بأنهم مجموعة من الصحفيين الموجوع قلوبهم على ما يحدث في الأهرام وهو ما يشاركهم فيه كثير من الزملاء الذين ربما يضيق وقتهم عن المشاركة .

وأكدت الجبهة انها لا تفوض نفسها للتحدث باسم الأهرام، ولكن لا يستطيع أحد منعهم من الاهتمام بالشأن العام في الأهرام، وان مجهودات الزملاء الأخرين مطلوبة من كل اتجاهفيما يصب في مصلحة الأهرام.

في سياق متصل قام العاملون من غير الصحفيين بمؤسسة روزاليوسف شبه الرسمية بمحاصرة كرم جبر رئيس مجلس الإدارة داخل مكتبه مطالبين إياه بالرحيل عن المؤسسة، وحاول جبر الاتصال بعدد من المسئولين لمحاولة إنقاذه من هذا الموقف، إلا أن أحداً لم يعره اهتماماً، مما اضطره للموافقة على طلبات المحتجين، حيث طلب أن يقابل وفداً منهم، وقال لهم: 'انا موافق أخرج وأمشي من روزاليوسف لكن بشرط محدش يضربني'، وفي المقابل تعهد له الوفد بحمايته خلال خروجه.

وبالفعل خرج كرم جبر من مكتبه وهو منكسر ويبكي، وسط حماية بعض العاملين، وأثناء خروجه حاول البعض الاعتداء عليه إلا أن أخرون دافعوا عنه حتى أوصلوه إلى باب روزاليوسف، حيث استقل سيارته مغادراً إلى بيته.

الاعلام الرسمي

الى ذلك واكبت الثورة في شوارع مصر ثورة في وسائل الاعلام التي كانت احدى ركائز نظام الحكم الاستبدادي للرئيس حسني مبارك، وبمجرد تخليه عن منصب رئيس الجمهورية انقلبت الصحف اليومية الرئيسية المملوكة للدولة على مبارك وأعلنت انتصار الثورة وبدأت في الاعتذار عن تغطيتها للانتفاضة التي بدأت في 25 يناير كانون الثاني، وكان العنوان الرئيسي لصحيفة الجمهورية التي كانت أكثر الصحف المملوكة للدولة في خدمة نظام مبارك "سطعت شمس الحرية"، وأعلنت صحيفة الاهرام اليومية الرئيسية المملوكة للدولة "الشعب أسقط النظام" ووصف أحد كتاب الاهرام مبارك "بالفرعون الاخير".

ولم يكن التغيير في التلفزيون المملوك للدولة أقل قوة واستبدلت الاغاني الوطنية التي تعود الى حقبة الستينات بلقطات لشبان مفعمون بالنشاط في مسيرة من اجل الحرية في اغنية للمغني المصري محمد منير، واستبدلت بعض الوجوه التي ارتبطت بسنوات مبارك الصارمة بمقدمي برامج لم يشملهم عهد تعبئة وسائل الاعلام الجماهيرية. بحسب رويترز.

وقالت شهيرة أمين وهي مذيعة مخضرمة في التلفزيون المصري "انهم غيروا تغطيتهم." واستقالت أمين بسبب التغطية التي صورت المحتجين على أنهم مخربون تدعمهم جهات اجنبية وأنهم قلة.

واضافت قائلة "أرجو ألا يكون تغيير النبرة مجرد مسألة شكلية ما أخشاه حيث أنني عملت هناك لفترة طويلة جدا أن يكون الفساد مستشر في مؤسسات الاعلام المملوكة للدولة بحيث انها في حاجة حقيقية لاعادة ترتيب البيت."

واستخدم المجلس الاعلى للقوات المسلحة التلفزيون الرسمي لاذاعة خمسة بيانات لشرح خططه لاعادة السلطة الي المدنيين من خلال تعديلات دستورية وانتخابات وتحذير الشعب من الاستمرار في الاضراب والعودة الى العمل من أجل مصر، واجتمع الجيش مع كبار الصحفيين في اطار جهوده في الايام القليلة الماضية لاقناع وسائل الاعلام بعرض الاحداث الجديدة بطريقة ايجابية وتحرير وسائل الاعلام هو أحد مطالب المحتجين وجماعات المعارضة.

ونشرت الصحف موضوعات عن جماعة الاخوان المسلمين التي تعامل معها مبارك بعداء كما أتاح التلفزيون مساحة من البث لاعضاء في الجماعة لعرض ارائهم، وقال احمد موسى مدير تحرير صحيفة الاهرام ان مجالا واسعا انفتح أمام الاعلام وان "سقف الحرية أصبح الان عاليا جدا ولا يقتصر فقط على الصحافة"،  واضاف قائلا "اليوم80 مليون مصري أصبحوا محللين سياسيين وكل شخص يقول ما يشاء، في مثل هذا المناخ يمكننا ان نقول ان السقف لن ينخفض ابدا مرة اخرى نحن جميع احرار الان الاهرام لن يعود صوتا للحكومة مرة أخرى.

"في هذه المرحلة الاهرام يدخل مرحلة جديدة في هذه المرحلة الاهرام سيكون جورنالا (صحيفة) قوميا وليس جريدة حزبية أو حكومية ووسائل الاعلام المملوكة للدولة التي يعمل في مقارها الرئيسية في القاهرة فقط 46 ألفا لديها انتشار كبير جدا وتضم أكثر من قناة تلفزيونية أرضية وفضائية وعددا كبيرا من محطات الاذاعة وحوالي 24 صحيفة ومجلة مملوكة للدولة، وتملك مصر شركة كبيرة للاقمار الصناعية للبث الفضائي هي نايل سات وتملك حصة في شركة عرب سات وقطعت الحكومة المصرية بث قناة الجزيرة الفضائية ومقرها قطر من عبر النايل سات في الايام الاولى من الاضطرابات، لكن في مصر الجديدة جرى بث الجزيرة من قمر اخر رغم تحرش قوات الامن المصرية بمراسليها وأفراد طاقمها أثناء التصوير في شوارع الاسكندرية.

وفي عهد مبارك وسعت أجهزة الامن العديدة نفوذها ليشمل كل جانب من جوانب الحياة بما في ذلك الاعلام، وقال هشام قاسم وهو ناشط حقوقي وناشر "لم تعد رقابة أمن الدولة هي المشكلة كان ذلك قبل أسابيع قليلة ولن يجرؤ ضابط أمن دولة على تهديد الصحافة."

وأضاف قائلا "الكل في وزارة الداخلية يدور ويخشون على أوضاعهم نتوقع المزيد من التغطية الاكثر انفتاحا في وسائل الاعلام المستقلة ومعدلات أعلى للقراء نتيجة لذلك هذا واضح بالفعل الان"، ويقول صحفيون ان رؤساء القنوات التلفزيونية ومحطات الاذاعة وروساء تحرير الصحف الذين سهلوا تجسس الدولة عليهم ما زالوا في مواقعهم لكن الضغوط من أجل تغييرهم تأتي من العاملين في المؤسسات الاعلامية.

وقال كارم يحيى وهو صحفي في الاهرام ان رؤساء تحرير الصحف المنتمين للحزب الوطني الديمقراطي الذي تزعمه مبارك يتعرضون لضغوط كي يرحلو، وأطاح أعضاء في نقابة الصحفيين فعليا بنقيبهم المدعوم من مبارك، ووصف يحيى هؤلاء بأن ضميرهم ميت وقال انهم تآمروا على الشعب لعشرات السنين، واضاف انه لا بد من رحيلهم والامر لا يتعلق بالوجوه فقط وانما بالسياسة التحريرية ولا بد أن يتخذ الصحفيون موقفا الان.

قائمة سوداء

على صعيد متصل طالب مئات العاملين بمؤسسة دار التحرير من صحفيين وإداريين وعمال بمحاسبة قيادات المؤسسة من رئيس مجلس الإدارة وعدد كبير من رؤساء التحرير، واعد أبناء المؤسسة قائمة بأسماء القيادات التى يطالبون بالتحقيق معها ومحاسبتها على ما أسموه فقدان المصداقية لدى الشارع المصرى والاستيلاء على أموال المؤسسة بدون وجه حق، وقرر أبناء دار التحرير الاعتصام والمبيت أمام مبنى المؤسسة، وهددوا بمنع على هاشم رئيس مجلس الإدارة من الدخول، وهو ما أكده جمال عبد الرحيم، عضو مجلس الإدارة، كما اتفقوا على منع أى من سيارات المؤسسة من استخدام السيارات الخاصة بها والخروج منها على قدميهم.

من جانبه، طالب مجدى سالم، رئيس تحرير مجلة عقيدتى والذى انضم للمحتجين، بتغيير شكل ملكية المؤسسات القومية بما فيها دار التحرير بحيث يمتلك العاملون بها نسبة 51 % من الأسهم، على أن تطرح النسبة الباقية من الأسهم للبورصة حتى توفر سيولة مالية تساعده على العمل.

وطالب المحتجون تشكيل مجلس تحرير وإدارة جديد ينتخب من بين أبناء المؤسسة بإدارتها خلال الفترة القادمة، بحيث يشمل المجلس وجوه جديدة قادرة على كسب ثقة الشعب المصرى فى الفترة القادمة لإصدارات دار التحرير التى كانت موالية للسلطة، وأكد محمد الشرقاوى، رئيس قطاع التكنولوجيا، أن إبعاد قيادات المؤسسة سيساعد على إعادتها لتصبح معبرة عن مطالب الشعب، وقال 'إعادة إحياء جريدة ميتة أصعب من إصدار جريدة جديدة، لكن يستطيع أبناء المؤسسة إجراء ذلك بسرعة'، وقال شوقى الشرقاوى، رئيس قسم الأخبار بجريدة المساء، إنهم اتفقوا على تشكيل لجنة لإدارة الجريدة وتجميد مهام خالد إمام، رئيس التحرير، ومصممين من استكمال مطالبهم.

الى ذلك اعلن عضو مجلس نقابة الصحافيين المصريين الامين العام السابق لها يحيى قلاش ان بضعة مئات من الصحافيين المصريين تقدموا ببلاغ الى النائب العام مطالبين بفتح ملف الفساد في المؤسسات الصحافية المصرية وخاصة الصحافة القومية الى جانب الدعوة لعقد جمعية عامة لنقابة الصحفيين لاسقاط المجلس الحالي للنقابة. بحسب فرانس برس.

وطالب البيان النائب العام "بفتح ملف الفساد واهدار المال العام في الصحافة المصرية وخصوصا القومية منها والتي يتولى اعضاء الحزب الوطني الحاكم غالبية المواقع القيادية فيها مثل مؤسسة الاهرام والاخبار والجمهورية والهلال وروزا اليوسف و6 اكتوبر وغيرها".

وتابع البيان ان "الصحافيين الذين تقدموا في البلاغ لاحظوا مخالفة هذه الصحف نص القانون بالامتناع عن نشر ميزانيات الصحف والمؤسسات الصحفية خلال ستة اشهر من انتهاء السنة المالية"، واكد البيان على مجموعة من المخالفات القانونية الاخرى مثل "عمل بعض الصحافيين باحضار الاعلانات للصحف وتقاضي مبالغ ماليه عن هذا العمل الى جانب عمل صحافيين كمستشارين لوزراء ورجال اعمال وشركات ومصالح محلية واجنبية".

وطالب البيان بوضع حد لهذا المخالفات الى جانب "منع سفر رؤساء مجالس ادارة وتحرير الصحف القومية الحاليين والسابقين احترازيا ومنع تهريب والتخلص من اية وثائق او مستندات او ارشيفات او اموال او مقتنيات من المؤسسات الصحافية".

كذلك طلب الموقعون من النائب العام العمل على "الكشف عن ثروات القيادات الصحافية الحالية والسابقة ومصادرها خصوصا الذين تحوم حولهم شبهات فساد واهدار للمال العام ومدى قانونية وشرعية هذه الثروات"، واكد البلاغ على "رد الاموال التي حصل عليها رؤساء مجالس الادارة والتحرير كنسبة من الاعلانات بقرارات ادارية لا تقرها المادة 70 من قانون تنظيم الصحافة".

وكذلك اكد قلاش ان بضعة مئات من الصحافيين اتجهوا ظهر اليوم الى نقابة الصحافيين على مقربة من ميدان التحرير وتقدموا بعريضة تحمل تواقيع بضعة مئات من الصحافيين تتجاوز النسبة القانونية طلبوا فيها بعقد جمعية عمومية للنقابة تطالب باسقاط المجلس الحالي، وبرر المتقدمون بطلب عقد الجمعية العمومية طلبهم بان "مجلس النقابة ونقيب الصحافيين الحالي مكرم احمد لم يحرك ساكنا للدفاع عن الصحافيين الذين تعرضوا للاعتداء عليهم الى جانب الدفاع عمن استشهد منهم الى جانب تعمده تعطيل الخدمات الاساسية بالنقابة من انترنت واتصالات وكافتيريا وغيرها لعدة ايام"، واكد طلب عقد الجمعية العمومية على ان "الصحافيين يفقتدون في الظروف الدقيقة الحالية حماية نقابتهم ويفتقد الوطن كلمة حق تصدر من نقابة راي بمكانة نقابة الصحافيين".

وراى الصحافيون الموقعون على الطلب ان "قرار المحكمة الدستورية اقر بطلان القانون 100 للنقابات المهنية واستنادا على هذا القرار الى جانب الاحداث التي وقعت فاننا نطالب في سحب الثقة من النقيب ومحاسبة المجلس على ادائهم في ظروف الثورة والاعتداءات على الصحافيين".

وكان اعضاء النقابة هتفوا ضد النقيب خلال تابين اول شهيد للصحافة المصرية في هذه الثورة الصحفي في جريدة التعاون الصادرة عن مؤسسة الاهرام الرسمية احمد محمد محمود واعتبروا في هتافاتهم النقيب جزءا من النظام الفاسد مما اضطره لترك حفل

يحتجون على تغطيتها للثورة

من جهتهم تجمع عشرات الصحفيين بوكالة أنباء الشرق الاوسط المصرية الرسمية بمبنى الوكالة في وسط القاهرة احتجاجا على أسلوبها في تغطية الثورة الشعبية التي أطاحت بحكم الرئيس حسني مبارك وطالبوا بسحب الثقة من رئيس التحرير، لكن رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير عبد الله حسن الذي غادر المبنى في حماية ضباط من الجيش اتهم المحتجين بمحاولة المزايدة على موقف الوكالة لتحقيق مطالب شخصية من خلال استغلال الاوضاع التي تمر بها مصر.

وقال اشرف الليثي مدير التحرير بالوكالة ان عشرات الصحفيين وقعوا على بيان يستنكر "الموقف المشين" الذي اتخذته الوكالة من تغطية أحداث الثورة التي استمرت 18 يوما حتى اعلان تنحي مبارك عن السلطة بعد 30 عاما أمضاها في المنصب.

واتهم البيان الوكالة "بتزييفها لثورة الشارع المصري مما أدى لاهانتنا وتشويه موقفنا كصحفيين وافقاد الوكالة لمصداقيتها المهنية داخلية وخارجيا."

وطالب البيان بسحب الثقة من رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير "وعدم الاعتداد بقراراته والغاء مجلس التحرير التابع له وتشكيل لجنة من قدامى وكبار الصحفيين لرسم السياسة التحريرية للوكالة للتواكب مع المرحلة الجديدة التي يعيشها الشعب"، وطالب المحتجون أيضا النائب العام "بفحص الذمة المالية لرئيس الوكالة وأفراد أسرته ومنعه من التصرف في أي أصول للوكالة."

واستنكر المحتجون على حكم مبارك تغطية أحداث الثورة في وسائل الاعلام الرسمية وحاصر الاف المحتجين مبنى التلفزيون الرسمي ومنعوا العاملين في التلفزيون من الوصول للمبنى الذي أحاط به جنود ودبابات من الجيش بعد انهيار قوات الشرطة عقب اشتباكات دامية مع المحتجين في الايام الاولى للثورة وبدلت الصحف الحكومية موقفها من الثورة وتبنت خطا مؤيدا لها غداة تنحي مبارك. بحسب رويترز.

وقال الليثي ان اكثر من 100 صحفي اعتصموا امام مكتب رئيس التحرير بالطابق الثاني ومنعوه من الخروج الا بعد الموافقة على تفويض مسؤولين في الادارة سلطة اتخاذ القرارات المالية واضاف انه جرت مفاوضات بين الجانبين توسط فيها محمد عبد الجواد رئيس مجلس الادارة الاسبق للوكالة، وقال انه تمت الدعوة لعقد مؤتمر عام ظهر للاعداد لعقد جمعية عمومية تسحب الثقة من رئيس مجلس الادارة.

واضاف ان ارسال الوكالة لم ينقطع خلال الاحداث "وكان الاداء على مستوى جيد ويوم تنحي الرئيس امليت بنفسي وصفا لحالة الارتياح في مصر كلها" وقال مشيرا للصحفيين المحتجين "لا أدري بأي صفة يزايدون علينا"، وتابع ان دعوة المحتجين لعقد جمعية عمومية امر "غير قانوني وغير دستوري" لان هذه مسألة من اختصاص رئيس مجلس الادارة.

وشاهد مراسل لرويترز نحو 100 صحفي وعامل بالوكالة وهم يهتفون "ارحل ارحل " و "ارحل يعني امشي" اثناء خروج حسن من مبنى الوكالة تحت حماية الجيش.

وقال الباحث السياسي عمار علي حسن وهو صحفي بالوكالة لرويتر "هذا الرجل تحولت الوكالة في عهده من نشرة اخبارية مهنية محترمة الى مجرد نشرة داخلية للحزب الحاكم ومؤسسات السلطة."

وأضاف انه "طيلة أيام الثورة ساهمت الوكالة في مد وسائل الاعلام الرسمية باخبار كاذبة استهدفت تشويه ارادة الشعب والدفاع عن نظام مبارك" وأشار الى أن حسن "قام بالتحريض على الثوار وطلب من عمر سليمان نائب الرئيس السابق التدخل ليأمر الجيش بأن يفض الثورة بالقوة خلال حوار اجراه سليمان مع رؤساء تحرير الصحف قبل ايام"، وتابع أن "ملفا شاملا مثقلا بالمخالفات المالية والادارية الخاصة بعبد الله حسن يعد الان ليقدم الى النائب العام يتهمه بنهب وسرقة المال العام، وقال الامين العام للمجلس الاعلى للصحافة جلال دويدار ان وكالة انباء الشرق الاوسط مملوكة لمجلس الشورى الذي عين رئيس مجلس ادارتها وشكك في قانونية عقد جمعية عمومية بدون دعوة من رئيس مجلس الادارة وفي سحب الثقة منه عبر الجمعية في هذه الحالة. بحسب رويترز.

واصدر شباب الصحفيين بالوكالة مساء بيانا وقعه 49 منهم دعوا فيه الى "التزام سياسة تحريرية محترمة" والى استقلالية الصحفي ووضع حد ادنى للاجور قدره 1200 جنيه فضلا عن تخصيص مكتبي غزة ورام الله التابعين للوكالة للمراسلين الشباب بصفة دورية، لكن بعض العاملين في الوكالة رفضوا الطريقة التي تم التعامل بها مع حسن، وقال عبد الرحمن البكري نائب رئيس تحرير الوكالة "الحوار افضل وسيلة لتحقيق اي مطالب وكان يمكن الوصول في ظل الادارة الحالية الى نتائج."

يلهثون للحاق بالثورة

في الصباح كان يجري مقابلات مع ضيوف ينددون بالمحتجين المعارضين للرئيس حسني مبارك ويصفونهم بأنهم عملاء لايران وفي المساء عرض ملصقا يدعو صراحة لسقوط النظام الحاكم، هذا التحول جاء من جانب التلفزيون الرسمي في يوم واحد في وقت سابق من الاحداث ليشير الى تحول أوسع بشأن الانتفاضة الشعبية.

ومع اكتساب الانتفاضة المناهضة للفقر والفساد والقمع الذي تميز به حكم مبارك على مدى 30 عاما قوة دفع رأى مسؤولو الاعلام المصري والعاملون به انه من الانسب تغيير لهجتهم، قد يفيدهم ذلك في ضمان مستقبلهم بعد ان سارت الثورة الديمقراطية بشكل سليم وأطاحت بمبارك وحاشيته التي استخدمت الاعلام كجزء من الياتها لبسط السيطرة لوقت طويل.

وقال أحد المحتجين ويدعى احمد عبد الباسط (25 عاما) ويقف أمام مبنى الاذاعة والتلفزيون الذي يخضع لحماية مشددة من قبل الجيش بوسط القاهرة "الاعلام الرسمي ربما يكون غير لهجته ولكن بعد فوات الاوان ولا افهم لماذا يعتقدون انهم هناك لحماية الرئيس وليس البلاد"، وادرك الجيش المصري أهمية الاعلام عندما استولى على السلطة في عام 1952 وكان الرئيس الراحل انور السادات هو من أعلن الثورة عبر الاذاعة. بحسب رويترز.

ومنذ بدأت الانتفاضة ضد مبارك يوم 25 يناير كانون الثاني حاول التلفزيون المصري خوض معركة خاسرة ضد رأي الجماهير، وأدانت وكالة أنباء الشرق الاوسط الرسمية المظاهرات في البداية ووصفت القائمين بها بالمخربين.

وبعد خطاب مبارك في الاول من فبراير شباط الماضي قالت الوكالة ان المسيرات الاحتجاجية جاءت بتوجيه خارجي وقالت ان حزب الله اللبناني وحركة المقاومة الاسلامية حماس لهما أشخاص داخل المشهد في مصر وكذا مصريون لهم "جداول أعمال خاصة".

في الوقت ذاته تم تصوير الذين شاركوا في الايام الاولي من المظاهرات بأنهم شرفاء ونبلاء لهم مطالب مشروعة تدعو للاصلاح فيما وصف بأنه "ثورة 25 يناير" على النقيض من هؤلاء الذين بقوا في الشوارع وطالبوا برحيل مبارك.

وفي مرحلة من المراحل حاول مقدمو البرامج بالتلفزيون الرسمي المصري السخرية من المتظاهرين وقالوا انهم حصلوا على وجبات من محال أطعمة سريعة شهيرة لها فروع في ميدان التحرير على الرغم من أن معظم تلك الفروع ان لم تكن جميعها كانت مغلقة.

وفي أجواء احتفالية بالميدان سخر المتظاهرون من الهجوم عليهم وفي بعض المشاهد سار بعض المحتجين حاملين مدونات كبيرة كتب عليها عبارة "صاحب أجندة" أو قضموا شطائر أمام كاميرات قنوات تلفزيونية عربية الشهيرة، وبنهاية الاسبوع ظهر على قنوات التلفزيون المصري محتجون من ميدان التحرير سمح لهم بالتعبير عن مطالبهم لمبارك بالتنحي لكنهم تعرضوا لضغوط لقبول تنازلاته والمساعدة في اعادة البلاد لطبيعتها.

وقال باسم فتحي وهو احد المحتجين الشبان في أحد تلك البرامج "نحن لا نريد أن نفكك الدولة مشكلتنا هو من يتولى الرئاسة لم نريد مزيدا من تلك العقلية التي تقول "هذا خطأ انتم مجرد عيال (صبية صغار) فهذه هي وسيلة لابقاء المستبدين في أماكنهم"، وشهدت الصحف القومية هذا الاسبوع تحولا كبيرا عندما بدأت في الاشادة بالثورة المستمرة التي يقوم بها الاف الشبان الذين احتشدوا في ميدان التحرير.

وقال أحمد موسى مدير تحرير صحيفة الاهرام انهم مهددون بفقدان المصداقية وأنه ليس من الخطأ اعادة النظر في الحسابات، وأضاف أنهم يحاولون تحاشي أن يسجل التاريخ أنهم كانوا يقولون شيئا وباقي الناس يقولون شيئا أخر، وامتنع كثير من مذيعي التلفزيون الرسمي المصري عن العمل وتمرد أعضاء من نقابة الصحفيين على رئيس نقابتهم مكرم محمد احمد المدعوم من مبارك والذي اعلن أنه "في اجازة مفتوحة".

في سياق متصل تقدم وزير الاعلام انس الفقي باستقالته من الحكومة المصرية التي طلب منها الجيش تسيير الاعمال حتى تشكيل حكومة جديدة، وقال الفقي "قدمت استقالتي لانني كنت اريد ان انسحب قبل ذلك ولكني كنت حريصا على الاستمرار حتى انتهاء الازمة، ولما انتهت رأيت ان اكون خارج العمل العام"، وكان النائب العام المصري اصدر قرار بمنع الفقي من السفر، اضافة الى رئيس الوزراء السابق احمد نظيف.

وتعرض التلفزيون المصري الرسمي لانتقادات شديدة من قبل المتظاهرين لتغطيته للانتفاضة التي انطلقت في الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير الماضي وانتهت الجمعة بتنحي مبارك وتسليمه السلطة للجيش. بحسب فرانس برس.

واكد المتظاهرون ان التلفزيون الرسمي كان يصف المحتجين بانهم يعملون لصالح جهات اجنبية ويخفي الحقيقة عن الشعب المصري، وطلب الجيش المصري الذي يتولى السلطة في البلاد بعد تنحي الرئيس السابق حسني مبارك من "الحكومة الحالية تسيير الاعمال حتى تشكيل حكومة جديدة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 16/آذار/2011 - 10/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م