
شبكة النبأ: تسود البحرين حالة من
الغليان، ويبدو أن رياح التغيير لن تتوقف، ولن تكون البحرين بمنأى عن
الأحداث في المنطقة، رغم محدودية قدرة البحرينيين، فإن الإعلام شبه
مشلول، والحركات السياسية لاتعمل كما هو مطلوب منها وبالتالي من الصعب
تكهن مدى تأثير الثورة، ولكن الأمل متعلق بشجاعة الشباب البحريني
واستمرار الاحتجاجات فلولا رفدهم العالم بمقاطع تصويرية تأرخ لانتهاكات،
لما كان هناك حراك سياسي واعلامي.
وعلى الرغم من أن الأوضاع لن تتغير بوقت قصير إلا ان نموذج الثورات
العربية سيؤثر تأثير بالغ على زعماء دول الخليج.
ويرى محللون سياسيون ان استمرار حركة الاحتجاجات السلمية والتحرك
على قوى المعارضة بمختلف توجهاتها لاقناعها بتغيير النظام الحاكم، ورفض
التدخل الخارجي السعودي- الايراني من قبل المحتجين عوامل تساعد في
اخضاع النظام الحاكم لمطالب المحتجين. وان وعي البحرينيين السياسي
بمختلف طوائفهم امر مطلوب من اجل النهوض بديمقراطية مطلوبة.
الاضطرابات السياسية والأمنية في البحرين ليست جديدة، لكن المثير
فيها هذه المرة انها شهدت ردة عنف من قبل أجهزة الأمن الحكومية،
واستدعاء قوات عسكرية من جارتها السعودية وآخرين من جنسيات أخرى، وهي
سابقة فريدة في المنطقة ربما تتبع في دول اخرى خليجية اذا ما حصلت اي
موجة احتجاجات ضد الانظمة الحاكمة.
البحرين دخلت مرحلة جديدة تقودها الحركات الشعبية فان الاحتجات نتجت
عن يقظة ووعي هذه المرة ربما لن يفلح النظام الحاكم في القضاء عليها،
الاحتجاجات في اطارها العام لا تجسد أي اجندة خارجية كما يقول البعض،
لان جيل دوار اللؤلؤة الذي قاد الثورة هو جيل من البحرينيين لاتقف خلفه
اجندات او أحزاب مؤدلجة، بل ان الحراك الشبابي اكثر واقعية من الجيل
الذي سبقه.
وما بين صور القتل والاعتقالات الناتجة عن قمع الاحتجاجات، فالوضع
صعب وبات اهل البحرين يعانون منه بسبب طلب الحكومة التدخل لقمع
المحتجين، يقول الكاتب روبن ويغلزوورث، إن البحرين طلبت دعم جيرانها
الخليجيين. ومن شأن أي تدخل من قبل دول الخليج في البحرين أن يثير
المخاوف من أن تتدخل إيران بدورها إذا ما أدََّى الأمر إلى وقوع قتلى
في صفوف الشيعة.
ويخشى مراقبون من أن البلاد تتجه نحو حرب أهلية تواجه فيها الشرطة
من المسلحين السنة والموالين للحكومة الغالبية الساحقة من المتظاهرين
الشيعة الذين يقولون انها احتجاجات سلمية.
وهناك رأي رسمي صرح به الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبد
الرحمن العطية، رفضه القوي لأي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية للبحرين،
والذي أكد فيه من أن أي أفعال ترمي إلى زعزعة استقرارها وزرع الشقاق
بين مواطنيها يمثِّل نهجا خطيرا على أمن واستقرار دول مجلس التعاون
الخليجي برمَّتها.
كما حذر محللون سياسيون من بسط السلطة البحرينية قوتها على المحتجين
وان محاولة استخدام القوة والسلاح ما هي إلا ممارسات وحشية.
ويرى محللون سياسيون أن لقادة البحرين حلفاء أقوياء في السعودية،
حيث تقول جين كنينمونت من وحدة المعلومات التابعة لمجلة اكونوميست إن
الحلفاء السعوديين لرئيس وزراء البحرين يعرفونه منذ وقت طويل ولا
يريدون أن تحدث سابقة بتقاعد فرد بارز في الاسرة الحاكمة بينما تواجه
السعودية نفسها مشاكل تتعلق بولاية العرش في ظل حكامها الطاعنين في
السن. كما أن الرياض لن تستسيغ ظهور ملكية لها دستور ديمقراطي في منطقة
الخليج خاصة في البحرين جارتها ذات الغالبية الشيعية التي قد تصل إلى
السلطة عن طريق الانتخابات.
ولا تُستبعد دول الغرب من الدفع نحو قمع المحتجين فقد اشارت معلومات
بان بريطانيا تدفع بملك البحرين بقمع المحتجين اما باقي الدول بقيت
متعثرة في مواجهة الأزمة وهي مدعوة الى اتخاذ موقف واضح من تلك
السياسات الوحشية تجاه المحتجين. والعمل بكل السبل من أجل ممارسة
الضغوط الدبلوماسية على حكومة البحرين من اجل وقف الانتهاكات.
ولاشك ان الرسالة موجهة الى قادة دول الخليج الذين تحاول حكومة
البحرين جرهم الى الساحة وتوريطهم بصناعة حرب داخلية بين البحرينيين،
وبالتالي فان دول شيعية اخرى ومرجعيات دينية كبيرة ربما ستتدخل لصالح
الشيعة هناك.
أن مآسي البحرينيين الحالية ليست قضية داخلية بل حرب يشنها النظام
بدعم سعودي على شعب مقيد، فان التدخل الإنساني لوقف حملة القمع موقف
مطلوب من جميع دول المنطقة والدول الكبرى التي وقفت من قبل بوجه
الأنظمة في تونس ومصر وليبيا. فحركة الاحتجاجات متشابهة وبرهن الشعب
البحريني بانها ضد الحكم الديكتاتوري فهناك اكثيرة مسحوقة سياسياً
ويمارس ضدها التمييز، كما هناك اجندات وخطة مرسومة من قبل قادة البحرين
لقمع الأكثيرة هناك.
أن البحرين كما يبدو أنها لم تستوعب درسي تونس ومصر، وهو أن قمع
المتظاهرين ليس في مصلحة أي نظام، وأن هذه الأحداث تشكل نقطة تحول.
وبعد ما حدث الآن من الصعب تخيل إمكانية إجراء مفاوضات.
فإن الملك حمد بن عيسي آل خليفة هو آخر الحكام المستبدين الذي اختار
الوحشية بدلاً من الإصلاح في محاولة لإسكات شعبه عن مطالبته بحكومة
أكثر عدالة، فان الإجراءات التي اتخذها الملك بأنها غير معقولة ولم
تستفد من درسي مصر وتونس، حيث لم يؤدِ العنف إلا إلي زيادة الغضب
الشعبي.
فيما تلخصت مطالبات المحتجين بامور عديدة منها:
- اجراء انتخابات جديدة وفق مايتناسب مع مبادىء الديمقراطية. وحل
دستور عام 2002. وانشاء لجنة خبراء تكتب مسودة دستور جديد.
- القضاء على التمييز والتهميش من قبل الأقلية الحاكمة تجاه
الأكثرية الشعبية، فانعدام خدمات السكن والصحة وحق التعيين في دوائر
الدولة كل ذلك كان محرم على الشيعة في البحرين.
- إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين والناشطين والتحقيق في عمليات
التعذيب والانتهاكات الأخرى. فضلا عن طلبات أخرى حقوقية.
A_alialtalkani@yahoo.com |