
شبكة النبأ: شهدت البحرين خلال
الساعات القليلة الماضية تطورات خطرة على صعيد الاضطرابات التي تشهدها
البلاد منذ ايام، حيث اضطرت حكومة ال خليفة الاستعانة بقوات اجنبية
لقمع حركة الاحتجاجات المطالبة بالإصلاح السياسي ووقف عمليات الفساد
والتغيير الديمغرافي الذي تمارسها الدولة.
وتشهد البحرين منذ 14 فبراير شباط حركة احتجاجية تقودها غالبية
شيعية مطالبة باسقاط الحكومة والاصلاح السياسي، فيما تدعو الاصوات
الاكثر تشددا بين المحتجين الى اسقاط النظام.
ويرى المتابعون للشأن البحريني ان التدخل السعودي العسكري بشكل
مباشر في البحرين ستكون له تداعيات في المستقبل القريب تتجاوز نطاق تلك
الدولة المضطربة لتشمل عموم منطقة الخليج، خصوصا ان القمع يمارس اتجاه
الاكثرية الشيعية الخاضعين الى هيمنة عائلة آل خليفة السنية.
فيما يذهب آخرون في رأيهم ان السلطة البحرينية باتت بحكم وضع
القذافي نظرا لاستعادة كلا النظامين بقوات اجنبية من خارج الحدود لبسط
هيمنتهما على الشعب الاعزل، وما سوف يترتب من مصير للعائلة المالكة
مسألة وقت لا اكثر.
فيما يقول بعض المحللين السياسيين إن القرار السعودي بالتدخل
العسكري في البحرين يعني ان الاسرة الحاكمة في المنامة قد تجاهلت
المناشدات الامريكية بالتحاور مع المحتجين.
فقد قالت مارينا اوتاواي، مديرة برنامج الشرق الاوسط في مؤسسة
كارنيجي للسلم العالمي بواشنطن إن "هذا يعني ان حكومة البحرين قد قررت
الجنوح نحو التشدد. فقد كان البحرينيون يتعرضون لضغطين: امريكي يدعوهم
للتحاور وسعودي يحثهم على التصرف بشدة مع المحتجين. يبدو ان البحرينيين
قد اقتنعوا بوجهة النظر السعودية."
وشهدت الساعات الماضية مواجهات شرسة بين المحتجين والقوات السعودية
في العديد من المناطق، اسفرت عن سقوط مئات الضحايا بين قتيل وجريح.
الجيش السعودي يحاصر القرى
فقد نقلت مراسلة شبكة النبأ المعلوماتية في المنامة عم وقوع
اشتباكات عنيفة بين المعتصمين في دوار اللؤلؤة وقوات الجيش والامن
التابعة لما يسمى درع الجزيرة.
حيث شاهدت مراسلة النبأ القوات السعودية واجهزة الامن البحرينية وهي
تفتح النار على التواجدين في دوار اللؤلؤة لفك الاعتصام، وفتح الشوارع
المغلقة من قبل المحتجين.
كما قال شهود عيان ان عدة قرى بحرينية شيعية تحاصرها تلك القوات بعد
ان اشتبكت مع الشبان الشيعة، فيما طوقت الدبابات الشوارع الرئيسية لمنع
نقل الجرحى الى المستشفيات.
واكد العديد من سكان القرى على دخول عناصر مسلحة من بلطجية النظام
الى الازقة والاسواق، فيما هاجمت مجموعات منهم بالأسلحة البيضاء عدد من
المسعفين وسيارات الاسعاف ايضا، بغطاء من قبل القوات الامنية المنتشرة.
واعلن وزير الداخلية عزم السلطات على "فض كل المخالفات التي اطلقت
شرارة الفتنة" فيما بدأت الشرطة فتح الطرقات التي يغلقها المحتجون
المطالبون باسقاط الحكومة بحسب مصدر امني.
من جهتها ادانت قوى المعارضة البحرينية تدخل القوات السعودية
والامارتية وقمعها للمحتجين، مطلقة في الوقت ذاته نداء استغاثة للأمم
المتحدة والمنظمات الانسانية.
اعلان حالة الطوارئ
وغداة وصول القوات الخليجية السعودية والاماراتية الى البحرين
للمساعدة في ارساء الاستقرار، اعلن ملك البحرين حمد بن عيسى ال خليفة
حالة "السلامة الوطنية"، اي الطوارئ لمدة ثلاثة اشهر، بحسب مرسوم مكلي
نشرته وكالة انباء البحرين.
ونص المرسوم ايضا على تكليف القائد العام لقوة دفاع البحرين "بسلطة
اتخاذ التدابير والاجراءات الضرورية اللازمة للمحافظة على سلامة الوطن
والمواطنين" مشيرا الى ان "تنفذ هذه التدابير من قبل قوة دفاع البحرين
وقوات الامن العام والحرس الوطني واي قوات اخرى اذا اقتضت الضرورة ذلك".
وتعد "حالة السلامة الوطنية" اقل حدة ومساسا بحقوق الافراد وحرياتهم
من حالة الاحكام العرفية، وهي درجة اكثر ارتفاعا من الطوارئ. بحسب
فرانس برس.
واعلنت وزارة الداخلية البحرينية على صفحتها في موقع تويتر ان احد
افراد القوى الامنية قتل الثلاثاء في المعامير جنوب البلاد بعد ان دهس
"عمدا" بسيارة احد المحتجين. واشارت ايضا الى قيام متظاهرين مسلحين
باطلاق النار على الامن في قرية بوري.
من جهتها، اكدت ناشطة معارضة ان اشتباكات شديدة حصلت في سترة بين
القوى الامنية والمتظاهرين وفي "عدة قرى شيعية". بحسب فرانس برس.
واعلن مصدر امني ان الشرطة البحرينية بدأت الثلاثاء في فتح الطرقات
العامة المغلقة من قبل متظاهرين لكنه اشار الى ان الشرطة لن تقترب من
دوار اللؤلؤة.
وقال المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته ان الشرطة "بدأت تتعامل مع
اي مظهر من مظاهر الاخلال بالامن خصوصا قطع الطرقات العامة".
واشار خصوصا الى "مناطق سترة والمعامير وعالي" وهي قرى شيعية تقع
جنوب المنامة، مضيفا انه "لا يوجد اي قرار حتى الان حيال الوضع في دوار
اللؤلؤة" حيث يعتصم الاف منذ 19 فبراير شباط.
وقال الكولونيل ديف لابان المتحدث باسم البنتاجون في بيان "لقد
أبلغنا جميع الاطراف بمخاوفنا فيما يتعلق بتصرفات قد تكون استفزازية أو
تؤجج توترات طائفية ."
وقال البنتاجون ان وزير الدفاع الامريكي روبرت غيتس -الذي زار
المنطقة الاسبوع الماضي- والاميرال مايك مولن رئيس هيئة الاركان
المشتركة لم يكن لديهما علم مسبق عن نية السعودية نشر قواتها في
البحرين.
ازمة مع ايران
وفي المنامة، تظاهر الالاف باتجاه السفارة السعودية في المنامة
احتجاجا على ارسال قوات خليجية لا سيما سعودية. وحمل المتظاهرون الذين
انطلقوا من دوار المنامة الاعلام البحرينية فيما لبس بعضهم الاكفان
البيضاء، ورددوا "نحن عشاق الشهادة" رافعين شعارات منها "سني وشيعي
وقفا موحدين كفا بكف".
وقال المتظاهر غازي "نتظاهر لانهم اتوا بقوات غازية من الخارج،
ونعتبر ذلك احتلالا" مضيفا ان "درع الجزيرة لحماية بلدان الخليج وليس
للاستخدام ضد الشعوب". من جانبه، قال المتظاهر محمد (28 عاما) "هذا
استنكار لدخول القوات الخليجية". وانفضت التظاهرة بهدوء دون تسجيل اي
مواجهات.
الى ذلك، دانت البحرين الثلاثاء موقف ايران من ارسال قوات خليجية
اليها معتبرة انه "تدخل سافر" في شؤونها و"تهديد لامن المنطقة". وقد
استدعت سفيرها لدى طهران للتشاور، بحسب وكالة انباء البحرين.
ونقلت الوكالة عن وكيل وزارة الخارجية البحرينية حمد العامر قوله ان
الموقف الايراني "يعد تدخلا سافرا في الشأن الداخلي البحريني ومن دولة
يفترض انها ترتبط مع المملكة بعلاقات حسن الجوار". وقال المسؤول
البحريني ان البحرين "تدين بشده هذا التصريح الايراني الذي يعد تدخلا
في شؤونها الداخلية" و"ترفضه رفضا باتا وقاطعا باعتباره تهديدا لامن
المنطقة واخلالا بالسلم والامن الدوليين". بحسب فرانس برس.
وكان المتحدث باسم الخارجية الايرانية قال الثلاثاء ان دخول قوات
تابعة لدول مجلس التعاون الخليجي الى البحرين "غير مقبول" وسيؤدي الى "جعل
الوضع اكثر تعقيدا وصعوبة". كما طلب وزير الخارجية الايراني علي اكبر
صالحي من السلطات البحرينية الاثنين عدم استخدام "العنف" ضد المتظاهرين
المناهضين للحكومة، على ما نقلت وكالة انباء فارس.
وحذر البيت الابيض الثلاثاء من ان "لا حل عسكريا" للمشاكل القائمة
حاليا في البحرين، وذلك بعد دخول قوات تابعة لدول مجلس التعاون الخليجي
الى هذا البلد الذي يشهد تظاهرات احتجاجية منذ اسابيع.
كما اعرب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون عن "قلقه" للعنف
وانتشار قوات خليجية في البحرين حسب ما اعلن متحدث. وقال فرقان حق ان
بان "قلق" لاعمال العنف في البحرين و"يلاحظ بقلق ان قوات من المملكة
العربية السعودية والامارات العربية المتحدة باشراف مجلس التعاون
الخليجي دخلت الاراضي البحرينية".
ودعا الاتحاد الاوروبي الثلاثاء القوات الخليجية المنتشرة في
البحرين الى احترام "الحريات الاساسية" للشعب وخصوصا الحق في التظاهر
السلمي. وقالت المتحدثة باسم وزيرة الخارجية الاوروبية كاثرين اشتون، "نحن
قلقون جدا للمعلومات التي تتحدث عن اعمال عنف خطيرة في الشوارع
بالبحرين".
المبعوث الامريكي
الى ذلك قال متحدث باسم البيت الابيض يوم الثلاثاء ان الولايات
المتحدة أوفدت دبلوماسيا كبيرا الى البحرين لمحاولة دفع المحادثات بين
الحكومة والمعارضة.
ووصل مساعد وزيرة الخارجية جيفري فيلتمان الى البحرين يوم الاثنين
قبل يوم من إعلان البحرين الأحكام العرفية في أعقاب أسابيع من
الاحتجاجات من جانب الأغلبية الشيعية.
وقال المتحدث باسم البيت الابيض تومي فيتور ان فيلتمان سيحث جميع
الاطراف على التصرف بمسؤولية والسماح باجراء حوار يتسم بالمصداقية.
وكان فيلتمان قد قام بزيارة اخرى الى البحرين في وقت سابق من الشهر
الجاري.
وردا على سؤال عن اعلان البحرين الاحكام العرفية قال فيتور "هناك
شيء واضح.. لا حل عسكريا للمشاكل في البحرين. الحل السياسي ضروري وعلى
كل الاطراف أن تعمل الان على بدء حوار يتناول احتياجات جميع المواطنين
البحرينيين."
واضاف فيتور "نحث جميع الاطراف على التصرف بمسؤولية والسماح
بالمساحة اللازمة لاجراء حوار يتسم بالمصداقية....لدينا مسؤول كبير
بوزارة الخارجية - مساعد وزيرة الخارجية فيلتمان - يعمل على المسألة
بقوة على الارض بينما نحن نتحدث الان."
وتلزم الولايات المتحدة وهي حليف وثيق لكل من البحرين والسعودية
الحذر في ردها على نشر السعودية قوات في البحرين.
وكرر البيت الابيض مناشدته كل الاطراف الهدوء وضبط النفس. وقال
فيتور "نحن قلقون بشكل خاص من التقارير المتزايدة عن الاعمال
الاستفزازية والعنف الطائفي من جميع الاطراف. استخدام القوة والعنف من
اي مصدر لن يؤدي الا لتفاقم الوضع."
ويرى محللون ان تحريك السعودية لقواتها علامة على القلق في الرياض
من ان التنازلات التي تقدمها حكومة البحرين قد تلهم الاقلية الشيعية في
السعودية باثارة اضطرابات.
كما عبر مسؤولون امريكيون عن قلقهم من ان الاضطرابات قد تخدم ايران
القوة الشيعية على الجانب الآخر من الخليج.
مصر تساند الثورة
من جهتها حثت مصر المحتجين البحرينيين يوم الثلاثاء على أن تظل
مظاهراتهم سلمية وان يتبعوا مثل النشطاء المصريين الذين اطاحوا بالرئيس
السابق حسني مبارك في ميدان التحرير بالقاهرة.
وقال وزير الخارجية نبيل العربي في اول تصريحات علنية منذ تعيينه ان
مصر تؤيد اي شعب يطالب بمزيد من الحرية.
واضاف في مؤتمر صحفي مع وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون في
القاهرة ان كل ما تطلبه مصر هو ان يحدث هذا سلميا كما فعل "شباب
التحرير". |