الشباب العربي بين مشاريع التنمية وواقع البطالة المستحكم

 

شبكة النبأ: مازالت الدول العربية يعاني من ويلات التخلف بشتى الميدان الاقتصادية والصناعية والعلمية وغيره، ومازال يعتمد على غيره حتى في لباسه ومأكله دون الاعتماد على نفسه والنهوض بمستوى يليق بالشعوب العربية التي حباها الله بخيرات وفيرة.

ولقد تحول الشاب العربي الى مثال لسوء الادارة والتخطيط التي تعاني منه الشعوب العربية نتيجة للحكومات المتعاقبة التي لم تكلف نفسها في تنمية الموارد المتاحة لها سواء أكانت بشرية او غيره، مما ادى الى ارتفاع نسب البطالة بكل اشكالها في الوطن العربي بشكل كبير واصبحت الوظيفة حتى ذات الدخل المحدود حلم لملايين الشباب العاطل عن العمل.

ان الاحباط الذي عانى منه الشباب العربي هو احد الاسباب الرئيسية التي ادت الى حدوث التغيرات الاخيرة في الشرق الاوسط وعلى الحكام الجدد ان يراعو مسائلة التنمية وتوفير فرص العمل وان يضعوها في اولويات سلم منجزاتهم والا فسوف يلحقون بمن سبقهم.

الشباب والتغيير

نشرت مجموعة من التقارير والتغطيات الاخبارية لتطورات الأحداث في منطقة الشرق الأوسط، وركزت فيها على دور الشباب العربي في إحداث التغيرات السياسية والاجتماعية، واكدت التقارير إن جيل الشباب العربي صار يائسا من الحصول على وظيفة مرضية والبدء في تكوين عائلة، وتضيف التقارير أن اولئك الشباب الذين قادوا تلك المظاهرات كانوا يعبرون عن غضبهم، حيث أن المحظوظين منهم "يتمسكون في بوظيفة قليلة العائد"، أما غير المحظوظين فلم يحصلوا على اية وظيفة.

وتشير إلى إحصائيات تفيد بأن أكثر من نصف مواطني الدول العربية، البالغ عددهم 350 مليون، هم دون سن الثلاثين، ويضيف التقرير أن معدل البطالة وسط الشباب يصل في بعض المناطق إلى حوالي 80 في المئة، وفي لمحة احصائية سريعة لمعدلات البطالة بين الشباب في عدد من الدول العربية، حيث حلت الجزائر في المرتبة الأولى بمعدل بطالة نسبته 45.6 في المئة بين شبابه، وجاءت في المراكز الثاني والثالث والرابع كل من ليبيا وتونس والأردن بنسب متقاربة: 27.4 و27.3 و27 في المئة على التوالي، ووفقا للاحصائيات التي نقلت عن وكالة المخابرات الأمريكية ومنظمة العمل الدولية وجهات دولية أخري، فقد حلت المغرب في المركز الخامس بنسبة 21.9 في المئة. بحسب السي ان ان.

البطالة

في سياق متصل اعلن متحدث باسم صندوق النقد الدولي ان اعمال العنف التي شهدتها تونس وارغمت رئيسها زين العابدين بن علي على الفرار من البلاد تظهر اهمية ايجاد حلول سريعة للبطالة في الدول العربية، وقال ديفيد هاولاي خلال لقاء مع الصحافيين في واشنطن "من المبكر جدا وضع حصيلة نهائية للتداعيات الاقتصادية التي نتجت عن اعمال العنف الحالية ولكن من الواضح ان هذا الامر ادى الى انخفاض في النشاط الاقتصادي"، واعتبر ان الدول المجاورة لتونس يجب ان تفكر في الاضطرابات الاخيرة، واضاف "نرى ضغوطا اقتصادية تتراكم في المنطقة".

واوضح ان "تسوية مسألة البطالة المرتفعة هو تحد اقتصادي معروف منذ زمن طويل ولكنه اصبح اكثر الحاحا"، وبالنسبة لصندوق النقد الدولي فان البطالة هي احد ابرز نقاط الضعف في الاقتصاد التونسي وقد وصلت الى 14 بالمئة، ونصح صندوق النقد الدولي الحكومة التونسية في تقريره السنوي الاخير عن تونس في سبتمبر ايلول بتحسين سوق العمل من اجل تقديم المزيد من الوظائف لخريجي الجامعات، كمت دعا البنك الدولي الدول العربية خلق 100 مليون فرصة عمل لغاية العام 2020"

عل صعيد متصل قال جون ليبسكي كبير خبراء الاقتصاد لدى صندوق النقد الدولي، إن معالجة مشكلة البطالة في مصر والدول العربية الأخرى لن يتم بسهولة، مضيفاً أن الحلول يجب أن تستند إلى إصلاحات هيكلية في البنية الاقتصادية، وأضاف أن بإمكان القاهرة التوفيق بين استمرار دعم السلع وتحقيق النمو في الوقت عينه، وقال ليبسكي على هامش منتدى دافوس في سويسراً: "لقد قلنا إنه ما من حل سريع لمشاكل البطالة عموماً وبطالة الشباب خصوصاً دون معالجة هيكلية، وكذلك هناك مشكلة أساسية في مصر، تتعلق بدعم السلع الرئيسية." بحسب السي ان ان.

وتابع ليبسكي "نصحنا مصر بأنه إن كان لا بد من الاستمرار بسياسة الدعم، فيجب أن تحرص على توجيهها بشكل سليم وعدم تقديم المال للشرائح التي لا تحتاج إلى مساعدة فعلية"، ورفض ليبسكي الرد على سؤال يتعلق بتأخر الإصلاحات السياسية مقارنة بخطوات الإصلاح الاقتصادي بمصر، قائلاً إن صندوق النقد الدولي "لا يتدخل في السياسة، وإنما في السياسات الاقتصادية فقط"، وتابع "نريد حصول إصلاحات بشكل صحيح لتلبية حاجات الشعب."

وتطرق الخبير الاقتصادي الدولي إلى مسألة اللجوء الانتقائي إلى التكنولوجيا لاستخدامات صناعية في بعض الدول، ومن ثم حجب بعض الخدمات التقنية لأهداف سياسية مثل القيود على الانترنت والاتصالات، فقال إنه من وجهة نظر اقتصادية فإن استغلال التقنيات الحديثة يزيد من الإنتاجية ويضمن استمرار النمو لفترات طويلة.

من جهته حذر صندوق النقد الدولي من تداعيات أزمة البطالة في العالم العربي، قائلاً إن الكثير من دول المنطقة بحاجة لمواجهة هذه المشكلة التي أدت إلى ثورة شعبية عنيفة في تونس، أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي، وقال ديفيد هاولي، الناطق باسم صندوق النقد الدولي، إنه من المبكر التكهن حول التداعيات الاقتصادية الكاملة لما يجري في تونس، ولكن من الواضح أن النشاط الاقتصادي في حالة تراجع. بحسب السي ان ان.

وأضاف هاولي "لقد قدرت وزارة الخارجية التونسية وقوع خسائر تعادل 4.5 في المائة من الدخل الوطني، ولا يمكنني أن أتوسع في التقييم حالياً"، وتابع "وبالنسبة للمنطقة ككل، أقول إننا نرى تصاعداً في التوتر الاقتصادي، ففي الدول الشرق أوسطية غير المصدرة للنفط حصل تراجع للنمو خلال الفترة السابقة، وإن كان هذا التراجع أقل بكثير من دول أخرى في العالم"، وشرح هاولي أن النمو في دول المنطقة غير النفطية قارب 4.5 في المائة، وهي "نسبة تعد متدنية مقارنة بالاحتياجات الكبيرة لهذه الدول، على صعيد خلق وظائف وامتصاص اليد العاملة التي تدخل الأسواق كل سنة" بحسب تعبيره.

ولفت هاولي إلى أن مواجهة ظاهرة البطالة المرتفعة "مطلب قديم ولكنه شديد الأهمية في المنطقة"، يشار إلى أن معدلات البطالة في الدول العربية أكبر بمقدار الضعف من المعدلات العالمية، وتعاني شريحة الشباب وحملة الشهادات من ارتفاع كبير في البطالة.

في سياق متصل توقع المدير العام لمنظمة العمل العربية أحمد لقمان أمس أن يكون 2011 العام الأصعب لمعدل البطالة في سوق العمل العربي، موضحاً أن الاحتجاجات والانتفاضات الشعبية التي تشهدها المنطقة ستؤدي إلى تزايد معدل البطالة من 14.5 في المئة، بما يعادل 18 مليون عاطل عربي من العمل حالياً، إلى 16 في المئة، بما يعادل 20 مليون عاطل بنهاية 2011.

ورأى لقمان أن «لا بد من استغلال الموارد العربية في حل قضية التشغيل من خلال عمل مشاريع صغيرة ومتوسطة لاستيعاب 80 في المئة من نسبة البطالة، شرط أن تكون تلك المشاريع في الريف وغير مركزة بالعواصم، وذلك من أجل إيجاد فرص عمل غير مرتبطة بقطاعات الاستثمارات والسياحة والبورصة، كون تلك القطاعات تعتمد على التنمية الاقتصادية وتهمل التنمية الاجتماعية، ما قد ينذر بثورات اجتماعية جديدة مستقبلاً».

وأكد لقمان أن عام 2011 يشهد توتراً في العمل العربي الذي يعتمد في غالبيته على الاستثمارات والبورصة وإيرادات السياحة، وكلها تراجعت في شكل ملحوظ في ظل ما يشهده بعض الدول العربية من اضطرابات. وأكد «أن تلك التوترات والثورات سببها الأساسي هو تدني مستوى المعيشة وتزايد معدلات البطالة والفقر، وكذلك تدني الحوار الاجتماعي بين الحكومات والمعارضة، متوقعاً أن تأخذ الحكومات والأنظمة الجديدة على المستوى البعيد قضية تشغيل الشباب في الاعتبار، ومضيفاً أن الأزمات الحالية ستكون نقطة انطلاق للسنوات المقبلة».

أما عن الشأن المصري، فيقول لقمان إن عودة العمال المصريين من بعض الأسواق العربية، خصوصاً من ليبيا، «ستشكل ضغطاً على سوق العمل، في ظل الأجواء المتوترة التي تشهدها مصر حالياً، والتي أدت إلى تراجع إيرادات السياحة ومعدلات الاستثمار وخسائر البورصة، وهي مصادر وأركان مهمة في هذا الاقتصاد»، لافتاً إلى أن هذا الاضطراب سيأخذ بعض الوقت وسرعان ما سيعود إلى طبيعته بعد أن تقوم مصر بترميم البيت وتعود بقوة إلى الساحة العربية، ويعود تدفق الاستثمارات والسياحة إلى مصر من جديد.

وشدد على أن آن الأوان للبدء في تعريب التوظيف، وأن يكون هناك تعاون عربي حقيقي في هذا الشأن، مشيراً إلى أن أصعب مشكلة تواجه صاحب القرار في قضية التشغيل والبطالة في الدول العربية كلها من دون استثناء هي عدم وجود إحصاءات عمل حقيقية، وهذا هو الركن الغائب والأهم في اتخاذ قرارات صحيحة في قضية التشغيل، وقال: «هناك بعض الدول العربية التي تحاول عمل إحصاءات عمل جادة، ولكن لا تزال تلك المحاولات محدودة».

فقراء العرب عام 2011

الى ذلك تبدو سنة 2010 كواحدة من السنوات العجاف التي لا يرغب الفقراء العرب في رؤيتها تتكرر، فقد خسر عشرات الآلاف وظائفهم، واندلعت "أزمات الخبز" من القاهرة إلى تونس، وجرى رفع الدعم عن الكثير من السلع الرئيسية، وباتت أحلام البسطاء بوظيفة وشقة متواضعة خيالات بعيدة المنال، ولم توفر الأزمة سكان الدول العربية الفقيرة أو الغنية، فبعد اعتناق المنطقة لـ"مبادئ السوق،" جاءت الأزمة لتوجه ضربة للطبقات الفقيرة التي كان يجب أن تحظى بالحماية خلال "المراحل الانتقالية." وفي الدول الثرية وجد الملايين ثرواتهم التي ادخروها بأسواق المال وهي تتبدد مع اللون الأحمر الذي غمر المؤشرات. بحسب السي ان ان.

ويتطلع الفقراء العرب للعام المقبل بمشاعر متضاربة، فهو أول من عانى من آثار الأزمات الاقتصادية، ولكنهم يشكّون بأن يكونوا أول من يستفيد من الانتعاش المرتقب، خاصة وأنهم اعتادوا على دفع فواتير التقلبات الاقتصادية وتعثر الخطط الحكومية، ولا يخفي خالد أبو إسماعيل، مستشار الحد من الفقر والسياسة الاقتصادية في مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الإقليمي بالقاهرة، قلقه حيال قدرة العديد من الدول العربية على تجاوز آثار الأزمة وتحقيق "أهداف الألفية" التي وضعتها الأمم المتحدة لخفض عدد الفقراء إلى النصف بحلول عام 2015، ونشر التعليم وتمكين المرأة.

وقال أبو إسماعيل "لقد أنجزنا تقريراً خاصاً حول الدول العربية ووضعها بالنسبة لتطبيق أهداف الألفية والأزمات المتلاحقة التي مرت بها المنطقة والعالم، لأننا واجهنا في الواقع أكثر من أزمة، وخلص التقرير إلى أن تأثير أزمة الغذاء والوقود على الفقراء كان أكبر من تأثير الأزمة المالية."

وأعاد أبو إسماعيل السبب إلى أن معظم الدول التي تأثرت بارتفاع أسعار الوقود فيها الكثير من الفقراء وأصحاب الدخل المحدود وهي تتأثر أكثر من سواها مثل سوريا واليمن ومصرو المغرب.

وتابع قائلاً "مصر كانت تدعم القمح وعدد من المواد الغذائية الأخرى، وارتفع الأسعار مع إنهاء الدعم يزيد من نسب الفقر، وقد أثبتت الدراسات التي عملنا عليها أن أثر ارتفاع أسعار الغذاء والوقود على الفقر هو مباشر أما الأزمة المالية فهي تتفاوت من حيث التأثير بحسب اندماج الدول العربية بالنظام المالي العالمي، لذلك نرى أن الأثر الأكبر للأزمة المالية في المنطقة ظهر بدول الخليج التي تضررت صناديقها السيادية وأسواق المال فيها."

ورغم أن أبو إسماعيل رأى أنه في عام 2010 سيكون مسار النمو في دول المنطقة أفضل، وستتمكن الحكومات من تجاوز المرحلة الصعبة من الأزمة، غير أنه لفت إلى وجود تفاوت لا يمكن إغفاله بين الدول العربية، وشرح قائلاً "تونس مثلاً مرتبطة بالأسواق الأوروبية، وتأثرت الصناعة والتصدير فيها بشكل مباشر، وامتد التأثير إلى دول أخرى في شمال أفريقيا، مثل المغرب التي باتت تعاني من مصاعب بسبب عدم قدرة الأسواق الأوروبية على استيعاب العمالة الزائدة التي كانت تهاجر إليها من المغرب، وعموماً أقول أن المشكلة ستكون أكبر في الدول الفقيرة العاجزة عن تمويل مشاريع تحفيز اقتصادية، مثل اليمن والسودان."

وبالنسبة لتأثير الأزمة على الشرائح العربية الفقيرة وعلى "أهداف الألفية" قال أبو إسماعيل: "كان هناك تفاوت بين الدول العربية في مكافحة الفقر وتحقيق أهداف الألفية حتى قبل الأزمة المالية العالمية، فهناك دول وصلت إلى مراحل متقدمة على هذا الصعيد، حتى قياساً للدول الكبرى، وهي بمعظمها دول خليجية، ويضاف إليها الأردن وتونس."

وتابع "وهناك مجموعة ثانية حققت نتائج جزئية على صعيد إنجاز هذه الأهداف، وبينها مصر وسوريا، والسبب يعود إلى قلة مواردها، وتبقى المجموعة الثالثة التي لم تتمكن من تحقيق معظم الأهداف، وهي ليست على المسار المرجو، والأزمة الحالية وآثارها ستعقد مسارها، خاصة إن استمر ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود."

من جهته، قال كمال حمدان، المحلل الاقتصادي اللبناني المتخصص في أوضاع أسواق العمل وصاحب الدراسات المتعددة حول الفقر والبطالة في المنطقة، إنه يمكن تقسيم الدول العربية إلى ثلاث مجموعات، تسهيلاً لدراسة الآثار الاجتماعية للأزمة فيه، وأضاف "هناك ثلاث مجموعات من الدول العربية، فهناك دول الخليج التي فيها ثروة كبيرة وقلة في الكثافة السكانية، وهي تستورد العمالة من الخارج، وهناك دول فيها موارد كبيرة وكثافة سكانية في آن، بما يغنيها عن استيراد العمالة، مثل العراق والجزائر، والمجموعة الثالثة هي دول فيها ثقل ديموغرافي وقلة موارد، وعلى رأسها مصر واليمن ولبنان وسوريا وتونس والمغرب."

ورأى حمدان أن معظم دول المنطقة "تسير بشكل ملزم لتوجيهات المنظمات الدولية لتحرير اقتصادها وزيادة دور القطاع الخاص وإعادة النظر بسياسة الدعم وتحرير الأسعار وتحرير تحويلات الأموال وخفض الجمارك، وهو ما تسميه المنظمات الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدولي بالتصحيح الهيكلي أو الشفافية وزيادة الحوكمة"و ولفت إلى أن كل دول المنطقة "قد ركبت هذه الموجة، حتى تلك التي كانت تعتمد أنظمة موجهة أو تدخلية مثل سوريا والعراق والجزائر،" ولفت إلى أن هذه السياسات "انعكست على صورة انتعاش للفئات فوق المتوسطة من حيث الدخل، وقد ازدادت ثروتها وفرص استثمارها، ولكن هذا الشريحة محدودة من حيث الحجم، بينما الشريحة الأكبر، وهي من الفقراء وأصحاب الدخول المحدودة تدهورت أوضاعها بسبب رفع الدعم وتراجع الدولة عن بعض وظائفها." بحسب السي ان ان.

وتناول حمدان، الذي عمل عدة مرات كمستشار لمهمات إقليمية أدارتها مؤسسات تابعة للأمم المتحدة، أوضاع الدول العربية بشكل إجمالي قائلاً: "القنبلتان الأكبر في المنطقة هما مصر واليمن، فاليمن فيها مخاطر كبيرة مع تراجع إنتاجها النفطي وتراجع الإصلاحات وتزايد الصراعات الداخلية ومخاطر الحرب الأهلية، أما مصر فقد حققت نسب مرتفعة من النمو في الفترة الماضية، ولكنها فشلت في نقل ثمار هذا النمو للشرائح الشعبية الدنيا والفقراء، ما انعكس سوءا في توزيع الثورة."

وتابع "لبنان كان فيه أعلى معدل نمو في آخر ثلاثة عقود، ولكن النمو بدأ يتباطأ قليلاً، وهناك مؤشرات على تزايد الفقر والبطالة، ونحن نعمل على دراسات سننشرها قريباً تؤكد هذا الأمر، خاصة وأن لبنان يواجه مشكلة مركبة تتمثل في تدفق آلاف الخريجين الجامعيين سنوياً إلى سوق العمل غير القادر على استيعابهم، وفي الوقت عينه انسداد آفاق الهجرة أمامهم إلى الدول التي كانوا يقصدونا سابقاً والتي هي بدورها تعاني مشاكل اقتصادية وبطالة، ومن جانب آخر يعود إلى لبنان الآلاف من المهاجرين الذين فقدوا وظائفهم في الخارج، وهذا يبرر تزايد البطالة."

وأردف حمدان بالقول "في سوريا أزمة بطالة كبيرة، وكذلك بالعراق الذي وجد نفسه بعد سقوط نظام صدام وما تبعه من سنوات شهدت هدر الكثير من الأموال والطاقات بحاجة لإعادة بناء كامل بنيته التحتية، وهناك بعض التقدم الاقتصادي في العراق، ولكن ظاهرة الفقر ما زالت قوية."

بالنسبة للخليج، رأى حمدان أن الأوضاع جيدة، شرط ثبات أسعار النفط عند مستوياتها وابتعاد شبح الأزمات السياسية التي قد تفجيرها ضربات أمريكية أو إسرائيلية على إيران، وإن كان قد لفت إلى وجود "تفاوت في أداء الدول، فالكويت تعرضت لأزمات وتراجع اقتصادي، أما دبي فكانت المتضرر الأكبر، والأمل أن تبقى مدعومة من جارتها أبوظبي، وهذا من سيحصل على أرض الواقع."

وبالنسبة للسعودية، وهي الدول الخليجية الأكبر من حيث السكان، وكذلك الأكثر ثراء، قال حمدان "المشكلة أن الثروة تتمركز بيد أقلية، ونلاحظ أن الطبقة الوسطى السعودية تشبه من حيث أوضاعها المعيشة الطبقات المماثلة في سائر الدول العربية، ولديها حاجات كبيرة ومتطلبات عديدة"، ولفت حمدان إلى مشكلة ما وصفه بـ"مشكلة الفوارق المناطقية في المملكة،" واعتبر أن هذا ما يدفع العاهل السعودي، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لإعداد مشاريع تنموية لهذه المناطق لأهداف سياسية وأمنية، لأن الفقر في نهاية المطاف يشكل بؤرة مثالية لنمو الإرهاب.

البحث العلمي

من جهته دعا خبير أكاديمي دولي الدول العربية الى زيادة انفاقها في مجال البحث العلمي ومواصلة تركيزها على التدريب المهني للنهوض بالقطاع التعليمي العربي، ووفقاً للتقرير الأخير لهيئة اليونيكسو عن البحث العلمي والذي خصص له فصل كامل عن الوضع التعليمي في العالم العربي، انخفض مستوى الإنفاق الحكومي على البحث العلمي عن المستويات الوسطية العالمية في العقود الأربعة الأخيرة.

وأشار التقرير الى أن الأنظمة التعليمية العربية اخفقت في تخريج باحثين ليعملوا في مجالات الطب والعناية الصحية والطاقة والمياه والبنية التحتية وغيرها من الحقول التي تحتاج الى كفاءات هؤلاء الباحثين، وأشار التقرير الى أن مصر على سبيل المثال قد أنفقت ما لا يزيد عن 0،23 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي على البحث العلمي في حين وصل انفاق تونس الى 1 بالمائة، كما أفاد التقرير أن قطر تعتزم زيادة ميزانيتها في مجال البحث العلمي لتصل الى 2،8 بالمائة من ناتجها الإجمالي في السنوات الخمسة القادمة.

وقال التقرير بأن على الرغم من تواجد جامعات عريقة في العالم العربي اضافة الى تاريخ العلوم عند العرب المفعم بالإنجازات، فإن هنالك 373 باحث علمي لكل مليون شخص في الوطن العربي في الوقت الحالي مقابل المعدل العالمي الذي يصل الى 1،081 باحث لكل مليون شخص واللذين يتضمنون علماء عرب قاطنين في العالم الغربي، وشدد التقرير بأن هذه المؤشرات يجب أن تشكل حافزاً قوياً للدول العربية لزيادة استثمارتها في مجالات تعزيز وصولها الى مقومات اقتصاد المعرفة الحديث.

وقال "مارك أندروز"، المدير الإقليمي لشركة Edexcel في الشرق الأوسط وشمال افريقيا "لا يمكن النهوض بالقطاع التعليمي العربي دون إيلاء مسألة البحث العلمي العناية اللازمة من حيث الدعم المالي. كما يلعب التدريب المهني دوراً محورياً في الوصول الى اقتصاد المعرفة الحديث، وعلى الحكومات العربية أن تزيد انفاقها ودعمها للأنظمة التعليمية على اختلاف مراحلها لتعزيز التنمية الإقتصادية والإجتماعية لهذه الدول"، وأضاف "أندروز" "يلعب التدريب المهني دوراً كبيراً في توفير مقومات البحث العلمي في العالم العربي. ونقدم في Edexcel شهادات ودبلوم في العلوم التطبيقية الإنسانية والكيميائية والتي تساعد على تعزيز البحث العلمي بشكل ملحوظ.

وتعمل هاتين الشهادتين والتي تعادل سنوات جامعية على مساعدة الطلاب على الإنخراط في أعمال تطبيقية خاصة بالعلوم الإنسانية والكيميائية"، وتعد شهادات HND وHNC شهادات تطبيقية والتي تم تطويرها من قبل Edexcel بعد استشارات موسعة مع العديد من الشركات الاحترافية لضمان تلبيتها لإحتياجات السوق. وعلى سبيل المثال، توفر شهادات الدبلوم  HND  في العلوم الكيميائية التطبيقية أحدث الممارسات العملية في مجالات البحث المختبري.

وبفضل جودتها العالية، يتم قبول هذه الشهادات في عدد كبير من الجامعات في العالم كمعادلة رسمية لسنة واحدة أو سنتين جامعتين ضمن المرحلة الجامعية، وتعد مثلاً شهادة HND معادلة لسنتين جامعتين، بينما تعادل HNC سنة جامعية واحدة، وأفاد التقرير بأن البطالة في قطاع البحوث والتطوير في العالم العربي عالية جداً ولا سيما ضمن الباحثات النساء واللواتي يشكلن 35 بالمائة من الباحثين في العالم العربي، وتقوم شركة Edexcel بتقريب المسافات بين الجامعات العربية ومتطلبات سوق العمل من خلال توفيرها لأفضل مساقات وشهادات التدريب المهني المعتمدة في العالم. وتوفر الشركة شهادات مهنية مصاحبة للعملية التعليمية التقليدية لتكامل العلوم النظرية، وتستهدف هذه الشهادات تعزيز مهارات وقدرات المتقدمين لها وتطوير مؤهلاتهم لتلائم احتياجات سوق العمل، مما يعزز من قدراتهم التنافسية على الصعيد العالمي.

وتمتلك Edexcel التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها مكاتب رئيسية في كافة أنحاء العالم والتي تشمل دبي وهي تتبع شركة Pearson التي تعد عملاق شركات توفير خدمات التعليم في العالم، وتوفر الشركة شهادات تأهيلية اكاديمية ومهنية اضافة الى خدمات الاختبارات لآلاف المدارس والكليات والشركات والمؤسسات في العالم وتستقطب الشركة اكثر من 4 مليون طالب في مساقاتها الدراسية والمهنية.

وتعمل Edexcel في منطقة الخليج  مع العديد من مؤسسات القطاعين العام والخاص المعنية بأمور التعليم والتدريب والتي تشمل المعهد الوطني للتعليم المهني ومعهد التنمية المهنية ومعهد الشارقة للتكنولوجيا في الإمارات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 15/آذار/2011 - 9/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م