ثورة الشباب المصري وتحديات حرس مبارك القديم

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: لم يتوقف الشباب الثائر في مصر ولم تنتهي الثورة حتى بعد رحيل مبارك عن السلطة، بل مازالت بعض الخيام منصوبة في ميدان الحرية والهتافات التي ازدادت حرارتها في سبيل قضية اكبر من مجرد رحيل شخص.

ان مصر بعد التغيير تبحث عن هويتها الجديدة وترغب في السير صوب الحرية والعدل والمساواة ولن تقبل بأقل من هذا مهما حاول سراق الثورات الالتفاف حول منجزات وطموحات هؤلاء الشباب ووعدوهم بوعود واهية، وقد اثبت الشباب حنكة سياسية ممتازة عن طريق رفضهم لكل المقترحات والحلول التي طرحت ولا تناسب مع ما ارادوا تحقيقه.

ان الشعوب الواعية تستطيع تغيير كل شيء في الدولة وهذا ما يفعله الشعب المصري الان فهو يغير الحكام والوزراء ويطالب بمحاكمة المفسدين وطرد من بقي منهم في مناصب مهمة، والكل يعلم ان الايام القادمة تحمل الكثير وسوف يصل الشعب المصري بسفينته الى بر الامان وينعم بالحرية التي طالما انتظرها طويلاً.

تهديد الثورة

حيث يريد حكام مصر العسكريون اجراء انتخابات خلال ستة اشهر ولكن الناشطين السياسيين الذين اطاحوا بحسني مبارك يخشون ان تشكل فلول نظامه والوقت الضيق المتاح قبل اجراء الانتخابات خطرا على ثورة لم تكتمل، ومازالت مصر يحكمها اشخاص عينوا في نظام حكم تقول المعارضة انه بحاجة الى اصلاح كامل.

والمجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي سلمه مبارك السلطة في 11 فبراير شباط ملتزم بالاشراف على انتخابات ديمقراطية ويبدو حريصا على التخلي عن دوره في الحكم لسلطة مدنية، ولكن المجلس يبدو ايضا مترددا في القيام بأكثر من ذلك على صعيد الاصلاحات ويريد ان يترك اي تغييرات اخرى للحكومة التي ستتولى خلال الاشهر المقبلة، والوقت الضيق بالنسبة للانتخابات مصدر قلق لكثيرين ممن يعتزمون ترشيح انفسهم، وقال عمرو حمزاوي مدير الابحاث في مركز كارنيجي الشرق الاوسط الذي يتخذ من بيروت مقرا له ان هناك مخاوف مشروعة بالنسبة للثورة نابعة من هؤلاء الذين يحاولون التربص بها والذين لديهم مصلحة في اخفاقها.

ووصف حمزاوي تهديدا من هؤلاء الذين تجمعوا حول الرئيس السابق في شرم الشيخ او هؤلاء الذين تورطوا في النظام المستبد الفاسد الذي اقامه خلال العقود الماضية، ورحبت المعارضة بخطوات الجيش تجاه اجراء انتخابات، ولكن الطريق السريع الذي رسمه على هذا المسار يسبب قلقا للمصريين الذين يقولون ان هناك حاجة لمزيد من الوقت كي تتعافى الحياة السياسية من عقود الاضطهاد، وتلائم الانتخابات السريعة الساسة المرتبطين بالحزب الوطني الديمقراطي الذي يتزعمه مبارك والذين نجوا من حملة على الفساد تستهدف شخصيات بارزة من عهده.

ويعبيء هؤلاء الاشخاص انفسهم بالفعل من اجل الانتخابات البرلمانية التي قال الجيش انه يأمل باجرائها خلال ستة اشهر، والاخوان المسلمين هم الجماعة الوحيدة الاخرى ذات الجذور العميقة التي تتلاءم مصالحها مع اجراء انتخابات سريعة، ويمكن كجماعة اسلامية محنكة ان تكون مستعدة للانتخابات خلال اسابيع على الرغم من انها لن تسعى الى الحصول على اغلبية او الترشح للرئاسة. بحسب رويترز.

وقال محمد البرادعي وهو شخصية بارزة في حركة المعارضة المصرية التي تجمعت للاطاحة بمبارك ان لديه كثيرا من التحفظات على الفترة الانتقالية في مصر والانتقال من دولة دكتاتورية الى دولة حرة مستقلة، واردف قائلا ان المصريين بحاجة الى وقت لتشكيل احزاب سياسية وللاتصال بالناس وان هذا لا يمكن ان يحدث خلال ستة اشهر، واضاف ان اخرين يقولون ان فترة الستة اشهر عادلة لانها قصيرة بشكل متساو على الجميع.

ورددت تصريحاته اراء اخرين ومن بينهم حزب الوسط المشكل حديثا والذي دعا الى سنة او اكثر من الحكم الانتقالي قبل اجراء انتخابات، ويقول دبلوماسيون في القاهرة انه على عكس عام 1952 عندما شهدت مصر ثورة قادها الجيش يبدو الجيش غير راغب في البقاء في السلطة، وهو يود العودة الى دوره القديم في الدفاع في الوقت الذي يحرس فيه المكاسب الاقتصادية التي تم تحقيقها على مدى سنوات ويبدو غير مستريح في الحكم.

وهذا هو السبب في تحركه بسرعة في الاصلاحات اللازمة من اجل الانتخابات، ومازال الجيش يتمتع باحترام كبير لالتزامه العلني بالوفاء بطموحات المصريين الذين ثاروا ضد مبارك في الوقت الذي يتواصل فيه مع الناس من خلال وسائل الاعلام بما في ذلك صفحة على الفيسبوك.

وكشف النقاب عن اصلاحات دستورية تهدف الى فتح الحياة السياسية وستطرح على الناس في استفتاء خلال اسابيع، ولكن دبلوماسيا غربيا قال ان المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يرأسه المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع لفترة طويلة في عهد مبارك محجم على ما يبدو عن القيام باكثر من مجرد الحد الادنى من الاصلاحات، وقال الدبلوماسي"نعتقد انهم يتطلعون للقيام باقل ما يمكن على صعيد القرارات، وهم يعرفون انه يتعين عليهم اجراء تعديلات دستورية وانتخابات حرة ونزيهة. وهذا في حقيقة الامر كل ما لتزموا به"، وقد تفسر هذه العقلية السبب في ان احمد شفيق رئيس الوزراء الذي عينه مبارك في الاسابيع الاخيرة من حكمه مازال في السلطة، وربما تفسر ايضا سبب عدم اشارة الجيش حتى الان الي اي نية للقيام باصلاح كبير في قوة الشرطة التي ساعدت سمعتها في ارتكاب اعمال وحشية على اشعال الانتفاضة.

من جهة اخرى تصاعدت الاحتجاجات المطالبة بحل "جهاز مباحث أمن الدولة" في مصر، حيث تعرضت عدة مقار تابعة للجهاز الأمني لاشتعال النار بها، فيما اقتحم مئات المحتجين مقار أخرى، في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الداخلية أنها بصدد "إعادة هيكلة" جهاز أمن الدولة، ففي القاهرة قام آلاف المحتجين باقتحام مقر أمن الدولة في حي "مدينة نصر"، فيما صدت القوات المسلحة محاولة لاقتحام مبنى تابع لنفس الجهاز بمدينة الإسكندرية، والتي جاءت بعد ساعات من قيام مئات المتظاهرين باقتحام نفس المقر في وقت سابق، وأفادت مصادر أمنية بأن مقر مباحث أمن الدولة في محافظة "6 أكتوبر" تعرض للحريق، مما أسفر عن سقوط سبعة جرحى على الأقل، بينهم عدد من أفراد الشرطة، بحسب ما نقل عن شهود عيان.

وأفاد الشهود بأنهم شاهدوا بعض الضباط يحرقون وثائق داخل المقر، الذي احترق أحد طوابقه، بينما قالت الشرطة إن المواطنين أشعلوا النار في المبنى، وقالت المصادر الأمنية إن حريقاً هائلاً شب في مبنى أمن الدولة بمدينة "مرسى مطروح" الساحلية بعد أن قامت مجموعات كبيرة من الأهالي بالتظاهر أمام المبنى، بهدف محاصرته وإخلائه بالقوة من الضباط والجنود، والإفراج عن جميع المعتقلين المحتجزين بداخله. بحسب السي ان ان.

كما شهدت محافظة قنا، في صعيد مصر، وقفة احتجاجية، شارك فيها العشرات من شباب "ثورة 25 يناير"، على مقربة من مقر مديرية الأمن وجهاز مباحث أمن الدولة، للمطالبة بحل الجهاز، فيما فرضت الأجهزة الأمنية طوقاً أمنياً على كافة الطرق المؤدية إلى مقر الجهاز، وفي الشرقية شمال شرقي القاهرة، تظاهر العشرات أمام مقر أمن الدولة بمدينة "الزقازيق"، يحملون لافتات تطالب بحل الجهاز، وسط أنباء أفادت بأن عدداً من المواطنين لاحظ تصاعد دخان كثيف من داخل المقر، فقاموا بالتجمع أمام المبنى، وأبلغوا القوات المسلحة، خشية أن يكون الحريق متعمداً من جانب ضباط الجهاز.

وفي منطقة "الرمل" بالإسكندرية، قام عدد من أفراد القوات المسلحة بإخلاء مبنى جهاز مباحث أمن الدولة، في وقت مبكر من الصباح بعدما احتشد مئات المحتجين أمام المبنى، وحاولوا إعادة اقتحام المبنى، "رغبةً منهم في الانتقام من أفراد الجهاز"، وتعرضت عدة مقار لجهاز أمن الدولة لهجمات من جانب عشرات المحتجين، من بينها مقر الجهاز بالإسكندرية، والذي يخضع لحراسة القوات المسلحة منذ بدء "ثورة" 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، وقام المتظاهرون بإشعال النار وتحطيم عدد من سيارات الشرطة.

على الصعيد نفسه، نفى مصدر أمني "رفيع المستوى"، ما تردد مؤخراً عن صدور قرار من وزير الداخلية، اللواء محمود وجدي، بتجميد نشاط جهاز أمن الدولة، بعد الغضب الشعبي المتزايد ضد الجهاز الأمني، ونقلت مصادر رسمية عن المصدر الأمني قوله إن وزارة الداخلية تقوم حالياً بدراسة عاجلة لإعادة هيكلة الجهاز، وتحديد اختصاصاته وأهدافه، وآليات العمل بداخله، وفقاً لما شهدته البلاد من متغيرات خلال المرحلة الماضية.

وأكد المصدر نفسه أن "إعادة هيكلة الجهاز تستهدف إحداث تغيير جذري في الأهداف والسياسات والاختصاصات، بما يحقق المساهمة في تحقيق الأمن القومي، للحفاظ على سلامة الشعب، والتأكيد على ضمانات المساواة بين جميع المواطنين."

في سياق متصل نفى مصدر عسكري مسؤول ما أذاعته بعض المواقع الإلكترونية من قيام القوات المسلحة بإعلان حالة التعبئة العامة في مصر، وكانت تلك المواقع قد ذكرت أن "القوات المسلحة قامت بإرسال رسائل نصية عبر الهاتف، للشباب في سن التجنيد، بتسليم أنفسهم إلى الجيش، تنفيذاً لهذه التعبئة."

المعارضة تخشى الاسلاميين

من جهة اخرى فقد حانت الفرصة أخيرا للعلمانيين المصريين الذين تعرضوا للقمع طوال سنوات لدخول ساحة العمل السياسي لكنهم يخشون أن تكتسحهم جماعة الاخوان المسلمين المنظمة جيدا وبقايا الحزب الوطني الديمقراطي الذي يرأسه الرئيس السابق حسني مبارك.

ويشكل النشطاء الذين اتحدوا لاسقاط مبارك أحزابا سياسية جديدة قائلين انهم قلقون بشأن احتمال أن تسفر الانتخابات المتوقع عقدها في يونيو حزيران عن وصول الاخوان المسلمين أو الحزب الوطني الى الحكم، ووعد المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي تولى أمر البلاد بعد سقوط مبارك في 11 فبراير شباط عقب احتجاجات استمرت 18 يوما وهزت الشرق الاوسط باجراء استفتاء على تعديلات دستورية تمهيدا لانتخابات منتصف العام.

لكن بعض السياسيين يعتقدون أن الجدول الزمني المقرر سريع بدرجة لا تسمح بتكوين الاحزاب السياسية وتقرير الاستراتيجيات والسياسات بالنسبة للسياسيين غير المنظمين بعد في أحزاب سياسية، وقال المحلل السياسي نبيل عبد الفتاح الباحث في مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ان الحركات السياسية الجديدة تمثل محاولات لمنع خطر سرقة السلطة خلال الفترة الانتقالية من جانب بقايا النظام القديم أو رجال الاعمال أو الاخوان المسلمين، واضاف أن هؤلاء هم الوحيدون القادرون على تمويل الحملات الانتخابية نظرا لقصر الفترة الانتقالية، وتتجه عدة أحزاب سياسية جديدة للتسجيل الى جانب التجمعات القديمة بمجرد اقرار التعديلات القانونية قبل الانتخابات التي يأمل المصريون أن تأتي بالديمقراطية، وقالت الناشطة والسياسية المعارضة جميلة اسماعيل انها انضمت الى حركتين سياسيتين جديدتين سوف تعلنان قريبا وانها تعتزم تشكيل حزب سياسي. بحسب رويترز.

وقالت انها تعتقد أن جماعات المعارضة يجب أن تكون كلها في الفترة المقبلة ائتلافا واحدا كبيرا يكون قادرا على شغل مقاعد في الانتخابات المقبلة ومنع أعضاء الحزب الوطني أو الاخوان المسلمين من الانفراد بالسلطة، وقالت جميلة التي خسرت أمام مرشح من الحزب الوطني في انتخابات عام 2010 التي تصفها بأنها غير نزيهة ان المعارضة لديها مخاوف من أن يهب أعضاء قدامى في الحزب ويستولوا على السلطة سواء من خلال الحزب القديم أو من خلال تشكيل حزب جديد.

وبعد عشرات السنين من القمع في عهد مبارك برزت جماعة الاخوان المسلمين كأفضل الجماعات السياسية ننظيم، وبينما يرتبط الحزب الوطني بحكم مبارك فان رجال الاعمال والاعيان المحليين الذين تتكون منهم صفوفه الوسطى لا يزال لهم وجود على المستوى المحلي والمال والخبرة الانتخابية اللازمة للعودة الى الساحة السياسية.

وهناك خشية في المجتمع الدولي من أن يكون الاطار الزمني المحدد من قبل القوات المسلحة قصيرا للغاية، وقال وزير خارجية النرويج يوناس جار ستوير في القاهرة "أسمع عن طموح لعقد انتخابات سريعة حتى يمكن للارادة الشعبية أن تعبر عن نفسها ومن الناحية الاخرى أسمع أنه من أجل القيام بذلك على الوجه الصحيح نحتاج الى وقت وأعتقد أن هذه معضلة يجب أن تنال بحثا حقيقي، وقالت انها تعتزم خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة.

خطوات ديمقراطية

من جهة اخرى قالت مصادر في الجيش المصري ان الجيش حدد يوم 19 مارس اذار موعدا للتصويت على تعديل دستوري توطئة لاجراء انتخابات في يونيو حزيران تعقبها انتخابات رئاسية

وأبدى المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير البلاد منذ الاطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك في 11 فبراير شباط التزامه بالاسراع بفتح صفحة جديدة في تاريخ مصر الحديث، وأضاف مصدر في الجيش ردا على سؤال بشأن تصريحات الشبان الذين التقوا بأعضاء في المجلس الاسبوع الماضي وكشفوا النقاب عن موعد 19 مارس "الاطار الزمني الذي أعلنه الشبان هو جدول زمني أولي لاحداث مهمة خلال الشهور المقبلة."

وقال الشبان الاعضاء في ائتلاف شباب ثورة مصر ان الانتخابات البرلمانية ستجرى في يونيو حزيران وستجرى انتخابات الرئاسة بعدها بستة أسابيع، وقال المصدر ان الجيش الذي تعهد بحماية الثورة من "الثورة المضادة" بعد مخاوف من أن يحاول المقربون من مبارك احكام قبضتهم على السلطة يمكن أن يجري مزيدا من التعديلات الوزارية في وقت لاحق هذا الاسبوع بعدما أجرى تعديلا قبل ايام.

وهناك تكهنات متزايدة في الدوائر السياسية بأن رئيس الوزراء أحمد شفيق ربما يستقيل. وكان مبارك قد عين شفيق في اخر أيام رئاسته للبلاد، وخرج احتجاج في ميدان التحرير يدعو لاقالته.

ودعت جماعة الاخوان المسلمين وحركات الشباب وغيرها من الجماعات السياسية الى عزل الحكومة المؤقتة التي ما زالت فيها الحقائب الوزارية الرئيسية وهي الدفاع والخارجية والداخلية والعدل بأيدي شخصيات عينها مبارك. بحسب رويترز.

ولم تعد الحياة في العاصمة المصرية الى طبيعتها بعد حيث نصب المحتجون خياما جديدة في ميدان التحرير عصب الثورة على مبارك. وما زالت المدارس مغلقة وكذا البورصة التي كان من المفترض أن تفتح أبوابها لكن تم تأجيل ذلك، وقال مستثمرون ان من المؤكد أن تهوي أسعار الاسهم بمجرد استئناف التعاملات مما يزيد من الخسائر التي تكبدتها استثماراتهم، واكد أحد المستثمرين "اذا فتحتم البورصة غدا فستكون هناك مذبحة."

ولقيت الخطوات التي يقوم بها الجيش صوب الديمقراطية ترحيبا دوليا ولكن لقيت معارضة في الداخل، ويريد المجلس الاعلى للقوات المسلحة عودة الاوضاع في مصر الى طبيعتها في أقرب وقت ممكن، ولكن المنهج السريع الذي وضعه العسكر يتسبب في مخاوف لدى بعض المصريين الذين يقولون ان هناك حاجة لمزيد من الوقت كي تنشط الحياة السياسية بعد عقود من القمع، فاجراء الانتخابات بسرعة يناسب الساسة المرتبطين بالحزب الوطني الديمقراطي الذين نجوا من حملة ضد الفساد استهدفت الشخصيات البارزة في عهد مبارك.

وقد بدأ رجال الاعمال والساسة الذين كانوا مرتبطين بالحزب الوطني بالفعل في الاعداد للانتخابات التشريعية بينما ما زالت جماعات سياسية تنتظر المجلس الاعلى لرفع القيود التي حالت دون تشكيل الاحزاب في عهد مبارك، ولا يتلاءم هذا الموعد أيضا الا مع جماعة الاخوان المسلمين، فبمقدور الجماعة أن تكون مستعدة للانتخابات خلال أسابيع لكونها جماعة متمرسة، وقد اعلنت الجماعة من قبل انها لا تسعى للحصول على أغلبية في البرلمان ولا لكرسي الرئاسة.

وقال وزير الخارجية النرويجي يوناس جار ستوير في القاهرة "انكم بحاجة للوقت والضغط على الوقت من شأنه أن يفسد فرصة ديمقراطية حقيقية للجماعات الجديدة ويصب في مصلحة الجماعات التي لديها بالفعل قدرات تنظيمية وربما يكون هذا تحديا للسمات الديمقراطية لهذه الانتخابات."

ويقول دبلوماسيون في القاهرة انه بخلاف ما حدث عام 1952 حينما شهدت مصر ثورة قادها الجيش بدا أن الجيش غير راغب في البقاء في السلطة، فهو يود العودة الى دوره القديم المتمثل في الدفاع مع التمتع بمزايا اقتصادية نالها على مر السنين ويبدو أنه غير مرتاح لدوره في الحكم.

وفي قضية أثارت قلق المستثمرين في مصر توصلت لجنة قضائية الى أن بيع أراضي الدولة لشركة بالم هيلز للتعمير ثاني أكبر شركة للتطوير العقاري مدرجة في البورصة غير قانوني وأبرم بأسعار متدنية أكثر من اللازم وينبغي الغاؤه.

وبالاضافة الى الانتخابات يتركز الحديث في القاهرة أيضا على مصير مبارك الموجود في منتجع شرم الشيخ، وفرض النائب العام في مصر حظرا على سفر مبارك، ونشرت تقارير نفاها مسؤول في المجلس العسكري بأنه حاول الفرار الى السعودية، وطبق الحظر على مبارك وأسرته بينما يجري التحقيق في بلاغات بشأن ثروتهم.

من جهة اخرى قال الجيش انه اعتقل ثلاثة الاف شخص منذ بدء الاحتجاجات في 25 يناير كانون الثاني وان التحقيقات جارية. وقال ان المقبوض عليهم ليسوا من المحتجين جميعا وان من بينهم مرتكبو اعمال نهب، وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش ومقرها نيويورك انها تحمل الحكومة المصرية التي يقودها الجيش المسؤولية عن جميع المعتقلين ودعت "للافراج عمن القي القبض عليهم بشكل تعسفي اثناء الاحتجاجات المناهضة للحكومة."

وقالت المنظمة في بيان لها صدر مؤخرً "جمع مراقبو حقوق الانسان في مصر ومجموعتان من نشطاء الانترنت اسماء عشرات من الاشخاص تردد انهم مفقودون منذ 28 يناير 2011 حين تولى الجيش مسؤولية الامن"، وتابع البيان "يستطيع الجيش التحرك بسرعة للافراح عن المعتقلين او توجيه تهمة محددة ومحاسبة المسؤولين عن سوء معاملة المقبوض عليهم"، وقال المجلس الاعلى للقوات المسلحة الحريص على تهدئة التوترات بسبب قضية الاعتقالات انه بدأ في الافراج عن سجناء سياسيين في الاسابيع الاخيرة.

وقال اللواء اسماعيل عتمان مدير ادارة الشؤون المعنوية في القوات المسلحة في مؤتمر صحفي في مطلع الاسبوع ان القوات المسلحة لم ولن تستخدم العنف ضد المتظاهرين او المواطنين مؤكدا ان الجيش يدعم الثورة ويحميه، وتابع ان التحقيقات جرت مع ثلاثة الاف شخص حتى الان وان البعض حوكم وصدرت ضده احكام بسبب تدمير مبان حكومية وماكينات صرف الي وترويع المواطنين، والغاء قانون الطواريء مطلب رئيسي للمحتجين الذين اطاحوا بمبارك بعد 18 يوما من الاحتجاجات ويساندهم في الضغط من اجل انهاء العمل به رجال دولة من بينهم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون.

وساندت جماعة الاخوان المسلمين التي تنظر اليها واشنطن بريبة والتي كانت ضحية لقانون الطواريء وجماعات سياسية اخرى الغاء حالة الطواريء، واحتجزت السلطات المصرية 500 من اعضاء الجماعة من بينهم العديد من قياداتها والمتحدث باسمها في الايام السابقة على بدء الاحتجاجات الحاشدة.بحسب رويترز.

ويعد القانون الى حد كبير احد سبل تضييق الخناق على الحياة السياسية في مصر حيث كان يلقى القبض على ساسة واعضاء في جماعات المعارضة بموجب قانون الطورايء،وفي الاونة الاخيرة تراجعت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون عن دعوة واشنطن السابقة لانهاء العمل بقانون الطواريء في مصر على الفور وقالت ان تحديد الوقت متروك للمصرييين، وقال الجيش انه سينهي حالة الطوراريء حين يعود الاستقرار للبلاد بعد اسابيع من الاضطراب، ولا يزال عدد كبير من العاملين في القطاع العام مضربين عن العمل بسبب الاجور وظروف العمل بينما بدات الشرطة تعود للشوارع بعد انسحابها في 28 يناير كانون الثاني وسط اشتباكات مع محتجين.

في سياق متصل اكد المتحدثون في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر "مصر تتغير" الذي تنظمه مكتبة الاسكندرية ان الثورة لم تستكمل اهدافها وعليها "الاستمرار حتى تسقط باقي رموز النظام"، وافتتح المؤتمر الذي يشارك فيه عشرات المثقفين المصريين بوقفة حداد لمدة دقيقة على شهداء الثورة. واكد بعدها مدير مكتبة الاسكندرية اسماعيل سراج الدين ان "الشباب فجروا ثورة لم يشهدها التاريخ من قبل واثبتوا امكانية الانتصار بالتظاهر السلمي مع حماية منجزات الوطن".

واعتبر سراج الدين ان "الشباب قادرون على تولي المناصب القيادية في الفترة المقبلة مع امكانية الاستعانة بخبرات المثقفين والمفكرين. ودور المثقفين في المرحلة المقبلة يجب ان يكون في مساندة الشباب".

واكد احد مؤسسي حركة "كفاية" احمد بهاء الدين شعبان في كلمته ان "الثورة المصرية غير مكتملة، فبعد سقوط رأس النظام يجب اسقاط بعض الرموز المرتبطة به"، واوضح ان ثقته "بالشباب لاحدود لها وهم قادرون على اتمام التغيير المطلوب في المرحلة المقبلة مع ضرورة الحذر من الانزلاق في تيار تصفية الحسابات في هذه المرحلة مع عدم تجاهل المفسدين او التسامع مع المجرمين وان تتم ملاحقتهم ومحاسبتهم قانونيا".

ورأى شعبان ان "الفترة الانتقالية التي تعيشها مصر الان لا يمكن بالضرورة ان تحقق حياة ديمقراطية حقيقية ولذلك يجب استغلال هذا الوقت لبلورة حركات جديدة وبناء الاحزاب حتى لا يتم الاعتماد على بناء ديمقراطي متعجل خصوصا وان مصر لديها فرصة تاريخية في امكانية ان تبدأ تجربة تعددية دون اقصاء او عزل لاي طرف".

ودعا عضو المجلس الاعلى لنقابة المهندسين خالد داود الى "صياغة دستور يتخلص من مساوئ النظام القديم الذي همش بعض السلطات خصوصا القضائية والتشريعية وان يكون الدستور مدنيا بالكامل وعلى التيار الاسلامي ان يتعامل مع الواقع الجديد بانفتاح وشفافية وقبول الاخر والتخلص من الجمود الايديولوجي وعدم السعي للهيمنة على الواقع السياسي".

وحذر من "الجهات التي تحاول سرقة الثورة واجهاضها خصوصا وان مصر مؤهلة الان لصنع شرق اوسط جديد". بحسب فرانس برس.

وشدد داود على ضرورة "تفكيك جهاز الامن واعادة صياغة ثقافته لتكون الشرطة فعلا في خدمة الشعب وليس حماية النظام الى جانب ضرورة تغيير الوزارة الحالية لانها لاتصلح لقيادة المرحلة الانتقالية كونها امتداد للنظام السابق".

من جهته اكد رئيس مركز الجمهورية للدراسات والابحاث الامنية اللواء سامح سيف اليزل على "اهمية وجود جهاز شرطي في مصر رغم فقدان الثقة بين الشعب والشرطة. وجب ان تعود الشرطة لعملها لكن بشكل جديد واسلوب تعامل مختلف مع المواطنين مع تقليل عدد أفراد الامن المركزي الذي يصل الى مليون و200 الف فرد".

وشدد على "ضرورة اقتصار دور مباحث امن الدولة على الحصول على المعلومات لتأمين الوطن فقط واعتقد ان هناك تغيرات جذرية ستحصل في جهاز مباحث امن الدولة قريبا"، واوضح اليزل ان "ثورة 25 كانون الثاني/يناير ثورة تغيير ثوري عن طريق قيام مجموعة طوعية باتخاذ قرار استراتيجي لتغيير النظام عبر تغيرات ثورية هي الافضل تاريخيا على صعيد تاريخ العالم"

واعتبر اليزل ان "الجيش كان شريكا في الثورة وليس مراقبا حيث ان تدخله ساعد على تقليل نسبة الضحايا بشكل كبير ودوره لن يتعدى المرحلة الانتقالية"، وطالب الصحافي احمد الجمال "بضرورة الالتفات للعوامل الاقليمية والدولية المحيطة بمصر وبحث المدى الذي وصل اليه الاختراق الإسرائيلي للشؤون المصرية في ظل حكم النظام السابق وفي ضوء التصريحات الإسرائيلية الداعمة له"، واعاد الجمال التأكيد على "اهمية وضع ضوابط للمرحلة الانتقالية وتطهير القوى والاحزاب السياسية القائمة وبناء وجدان اجتماعي له ابعاد ثقافية وفكرية وضوابط لخدمة الوطن الى جانب ضرورة احياء ذكرى العشرات من المصريين الذين كافحوا من اجل الديمقراطية".

أموال مبارك

الى ذلك طلب النائب العام المصري تجميد أرصدة الرئيس السابق حسني مبارك وعائلته في الخارج في أول بادرة على أن الجيش الذي تسلم السلطة من مبارك هذا الشهر سيخضعه للمحاسبة، وقال النائب العام عبد المجيد محمود في بيان أنه قام "بمخاطبة وزير الخارجية ليطلب بالطرق الدبلوماسية من الدول الاجنبية تجميد الحسابات والارصدة الخاصة بكل من محمد حسني مبارك الرئيس السابق وزوجته سوزان ثابت ونجله علاء مبارك وزوجته هايدي راسخ ونجله جمال مبارك وزوجته خديجة الجمال، كما إن ممثلا قانونيا لمبارك نفى تقارير اعلامية قالت ان الرئيس السابق جمع ثروة طائلة أثناء رئاسته للبلاد، وأضاف الممثل القانوني أن مبارك قدم اخر اقرار للذمة المالية للجهات القضائية المعنية وفقا للقانون. بحسب رويترز.

ومنذ أن أجبرت احتجاجات شعبية عارمة مبارك على التنحي في 11 من فبراير شباط أفادت تقارير اعلامية بأن ثروة الرئيس السابق قد تصل الى مليارات الدولارات. ويطالب بعض المحتجين المعارضين لمبارك بمساءلته عن تبديد ثروات البلاد، وكان سفير وقاض سابقان ومحاميان تقدموا الى النائب العام بأربعة بلاغات ضد مبارك وزوجته وابنيه وزوجتيهما جاء فيها ان صحفا أجنبية وخاصة الجارديان البريطانية قدرت ثروات مبارك وزوجته وابنيه بسبعين مليار دولار وأنها تشمل عقارات وأصولا فى بنوك ومؤسسات استثمارية أمريكية وسويسرية وبريطانية.

وقال المبلغون إن مبارك وأفراد أسرته "جمعوا تلك الاموال في بلد يئن من الفقر ويقع أكثر من نصف شعبه تحت خط الفقر ويسكن الملايين من أبنائه في القبور."

وأصبح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اول زعيم اجنبي يزور مصر ما بعد مبارك ودعا الى انهاء قوانين الطوارئ ورفض التحدث مع جماعة الاخوان المسلمين، وقالت جماعة الاخوان المسلمين انها قررت تشكيل حزب سياسي سيكون احدى هيئاتها وان اي تعديل وزاري في مصر يجب ان يستبعد الحرس القديم المرتبط بمبارك، ودعا نشطاء مدافعون عن الديمقراطية على الانترنت الى خروج مظاهرة مليونية للمطالبة باقالة الحكومة المؤقتة قائلين انها تضم الكثير من الوجوه القديمة.

وتهدف المسيرة الى حشد مليون شخص لمواصلة الضغط على الادارة التي يقودها الجيش في تكرار لمظاهرات حاشدة أجبرت مبارك على التنحي، ودفعت الانتفاضة في مصر وفي بلدان أخرى بالمنطقة الحكومات الغربية الى اعادة النظر في سياساتها المؤيدة للحكام الشموليين لكنها أثارت مخاوف بشأن النهوض المحتمل لجماعات إسلامية تحل محلهم، وقال مسؤولون بريطانيون إن كاميرون لن يتحدث مع الاخوان المسلمين التي تنظر اليها واشنطن بارتياب وهي أكبر الجماعات السياسية وافضلها تنظيما في مصر.

وسيلتقي كاميرون بجماعات معارضة أقل تنظيما من جماعة الاخوان المسلمين ويقول مسؤولون بريطانيون ان ذلك يهدف للتأكيد على أن الاسلاميين ليسوا البديل الوحيد لمبارك، وقال كاميرون "بيننا علاقات تجارية مهمة للغاية نريد توسيعه، وبيننا علاقات أمنية مهمة للغاية لا سيما في مكافحة الارهاب المتطرف نحن بحاجة لتقويتها وزيادتها."

وقال مسؤول بريطاني إن كاميرون سيحث على انهاء قانون الطواريء المعمول به طوال حكم مبارك الذي استمر لثلاثين عاما واستخدم في كبح المعارضين. وكان الغاء العمل بقانون الطواريء من بين المطالب الرئيسية للمحتجين، وجاء وصول كاميرون في اعقاب زيارة وكيل وزارة الخارجية الامريكية للشؤون السياسية وليام بيرنز الذي وصل في وقت سابق، ووصف بيرنز العلاقات بين واشنطن والقاهرة بأنها قوية وقال ان الولايات المتحدة ستساند "الانتقال الى الديمقراطية."

وتابع "وعلى الطريق سنواصل التشجيع على اتخاذ خطوات محددة لبناء الثقة للحفاظ على القوة الدافعة للانتقال من خلال الاعداد بحرص للانتخابات والافراج عن مزيد من المعتقلين والغاء العمل بقانون الطوارئ، وقالت بعثة الاتحاد الاوروبي في القاهرة نقلا عن وزير المالية المصري ان مصر قالت انها تود ان تلغي دول الاتحاد الاوروبي ديونها المستحقة لدى الحكومة المصرية لكنها لم تقدم طلبا رسميا بذلك، ولم يرد تأكيد رسمي للنب، واجتمع كاميرون مع المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يحكم مصر حاليا وعرض مساعدة بريطانيا في انتقال مصر الى الحكم المدني، وحضر الاجتماع الفريق سامي عنان رئيس هيئة اركان القوات المسلحة واعضاء اخرون في المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي وعد بالديمقراطية وانتخابات حرة خلال ستة اشهر، وقال كاميرون للصحفيين "اعتقد أنها فرصة جيدة للتحدث لهؤلاء الذين يديرون مصر حاليا للتأكد من أنه انتقال حقيقي من الحكم العسكري الى الحكم المدني."

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 15/آذار/2011 - 9/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م