الثورة الليبية وحرب المدن الطويلة

الكتائب الامنية والثوار... معارك كر وفر

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: على الرغم ادراك القذافي ان وضعه كرئيس دولة بات في حكم المنتهي، الا انه يصر على تكبيد شعبه المزيد الخسائر في الارواح والاموال، مع استمرار كتائبه الامنية المرتزقة في سفك دماء المنتفضين على سلطته.

حيث تدور في ليبيا معارك كر وفر متواصلة مما قد يمهد الى حرب مدن طويلة الامد، على الرغم من تمتع الكتائب الامنية بتجهيزات وافراد تفوق بكثير قدرة المتطوعين للقتال في صفوف الثوار.

فيما لايزال المجتمع الدولي في موقف المتفرج، في تضارب عقيم للمواقف لم تسفر سجالاته المستمرة عن اي دعم ملموس لرفع الحيف عما يتعرض له الابرياء، خصوصا مع معارضة بعض دول مجلس الامن حتى الان فرض حظر جوي يقيد من عمليات الابادة التي ترتكبها قوات القذافي.

حرب مدن طويلة

فليس من المرجح أن ينتهي الصراع الدائر في ليبيا عما قريب لكن أي انتصار للزعيم معمر القذافي سيجعل أعداءه يتراجعون الى عدد محدود من المعاقل داخل المدن ليعيدوا اطلاق ثورتهم في اطار حرب مدن طاحنة.

وما زال من غير المرجح أن تحقق القوات الحكومية انتصارا حاسما بالمعنى العسكري التقليدي في رأي الكثيرين لكنه لم يعد مستبعدا. ومع تفوق قوات القذافي من حيث المدفعية الثقيلة فانها استعادت الزخم فيما يبدو في الصراع الذي تشهده البلاد منذ ثلاثة أسابيع.

واذا ظل زمام المبادرة في يد قوات القذافي فانها ربما تجتاز الجهود الدولية الحذرة التي تهدف الى وقفه. وينظر بعض محللين الى أن هزيمة قوات المعارضة حتى في معاقلها الشرقية لم تعد في نطاق المستحيل.

لكن محللين يقولون ان النصر العسكري التقليدي لن يعيد للقذافي السيطرة الكاملة على كل أرجاء ليبيا كما كان الحال خلال سنوات حكمه المستمرة منذ 41 سنة حتى الان. وربما يكون هذا الوضع قد انتهى للابد. بحسب رويترز.

وبدلا من ذلك فان مدنا شرقية مثل بنغازي التي تمثل المركز التقليدي لمعارضة حكم القذافي من المرجح أن تقاوم السيطرة الكاملة للحكومة.

في هذه المنطقة ستتمكن قوات معارضة مسلحة من التمركز في المدن وحشد التأييد من السكان الذين روعهم القمع الشديد للقوات الحكومية للمحتجين المدنيين. كما أن هذه القوات ربما تستفيد من الخبرة العسكرية الاجنبية.

كما أن قادة مقاتلي المعارضة ربما يتمكنون من استغلال الصدوع في المؤسسة الحاكمة التي تشهد العديد من الانشقاقات من ضباط الجيش وزعماء القبائل ومن مسؤولي الدولة السابقين.

كذلك فان العقوبات الدولية ستقيد القذافي والدائرة المقربة منه والتي تهدف الى منعه من الحصول على المال أو السلاح أو السفر الى دول أجنبية.

وقال يزيد صايغ وهو أستاذ في قسم دراسات الحرب بكلية كينجز في لندن "اذا استعاد القذافي السيطرة فسيكون ذلك في ظل انقسامات قبلية واقليمية جديدة."

ومضى يقول "قطاعات كبيرة من السكان لن تكون راغبة في تقديم المعلومات التي سيحتاجها القذافي لمواجهة تمرد مدني. ربما تكون هناك سيطرة فعلية على مبان حكومية رئيسية لكن هذا لا يضاهي وجود سيطرة أمنية حقيقية."

وقال جراهام كاندي وهو خبير عسكري في شركة (ديليجنس) للاستشارات الامنية وشؤون المخابرات انه ليس هناك نقص في السلاح والعتاد في الشرق.

لذلك فان المراكز المدنية في المنطقة ستكون ملاذا لمجموعة من المقاتلين من ذوي الاصرار الذين سيستندون الى التأييد من السكان المحليين.

وقال كاندي وهو ضابط سابق في الجيش البريطاني له خبرة طويلة في حرب العصابات بأفغانستان "كل شيء مطلوب متوفر لحملة مستمرة من المعارضة المسلحة ضد القذافي في حالة سعيه لاستعادة السلطة."

ويقول خبراء عسكريون ان حرب المدن ضد سلطة حكم متشبثة بسدة الحكم تتطلب وجود مناطق امنة حيث يمكن للمقاتلين التعافي واعادة التسلح والتخطيط. ومن أمثلة تلك الاماكن الجبال أو الاراضي التي يسيطر عليها المعارضون أو المناطق النائية أو دولة مجاورة صديقة أو مدن كبيرة.

وتفتقر ليبيا التي يعادل حجمها مرتين ونصف المرة حجم فرنسا الى الجبال كما أن الكثير من مناطقها النائية ربما ينتهي بها الحال في أيدي مجموعات ذات انتماءات غير واضحة.

وقال شاشانك جوشي وهو زميل مساعد في المعهد الملكي للدراسات الدفاعية ان المدن الواقعة في الشرق هي الاماكن الاكثر ترجيحا كي تكون معاقل لفلول قوات المعارضة في حالة هزيمتها. وتابع قوله "أعتقد أننا سنشهد بقاء الشمال الشرقي معقلا للمعارضة."

وأشار الى أن مدينة الزاوية الواقعة في شمال غرب البلاد والتي استعادها الجيش بعد أيام فقط من هجمات عنيفة مثال للمقاومة الضارية التي يمكن أن تبديها قوات المعارضة.

لكن محللين يرون أن قوات المعارضة عليها أن تكثف جهودها اذا كان لها أن تجتاز المزيد من الضراوة المماثلة.

كما يقول المحللون ان قادة قوات المعارضة يفتقرون فيما يبدو الى استراتيجية متفق عليها وقيادة موحدة وهي نقاط ضعف بالغة لا تعوضها الحماسة الواضحة التي يبديها المقاتلون.

وقال نعمان بن عثمان الذي حارب القذافي باعتباره زعيما للجماعة المقاتلة الليبية في التسعينات ان على المقاتلين تشكيل شبكات سرية وعلى عجل من قواعد في الريف والمدن بشرق البلاد.

وأضاف بن عثمان أنه في حالة استعادة القذافي السيطرة على البلدات الشرقية فسيكون من الضروري توفر شبكة من مخابيء الاسلحة وامدادات الغذاء والماء والوقود لتمكين قوات المعارضة من البقاء. ويعمل بن عثمان حاليا خبيرا في مكافحة التشدد لدى مركز (كويليام) البريطاني للابحاث.

وأردف قائلا "انهم يحتاجون بشكل عاجل الى اعادة تنظيم الصفوف في الشرق وهم يفتقرون الى الخبرة والتي ستكون مشكلة. لكن اذا تمكنوا من بناء تلك القواعد فيمكنهم شن حرب دون خطوط أمامية وسيتسببون في جحيم مقيم لقوات القذافي."

قوات القذافي الافضل تجهيزا

كما رأى مسؤولون في الاستخبارات الاميركية ان القوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي الافضل تجهيزا من الثوار استعادت زمام المبادرة على ما يبدو ولا سيما بفضل قواتها الجوية الكبيرة.

وقال مدير الاستخبارات العسكرية الجنرال رونالد بورجس خلال جلسة استماع امام لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ "في البداية كانت قوة الزخم عند الجانب الاخر، وقد بدأ ذلك في التغير .. وصلنا الى نقطة توازن وقد تكون زمام المبادرة في يد النظام".

من جهته قال جيمس كلابر مدير المخابرات الوطنية التي ينسق عمل وكالات الاستخبارات الاميركية ال16 وميزانيتها الاجمالية البالغة 80 مليار دولار "مع الوقت اعتقد ان النظام سيتغلب". وقال ان على المتمردين ان "يتوقعوا اياما صعبة".

واستعادت القوات الموالية للقذافي الخميس السيطرة على مدينة الزاوية غرب طرابلس واعلن التلفزيون الليبي "تطهير" مدينة راس لانوف (شرق) من الثوار، مؤكدا ان القوات الليبية تتقدم حاليا باتجاه بنغازي، اهم مدن شرق ليبيا ومعقل المعارضة.

وقال كلابر ان العقيد معمر القذافي الحاكم منذ 42 عاما بنى جيشه عبر تزويده بافضل المعدات وزود الوحدات التي ضمن ولاءها له، بافضل تدريب. بحسب فرانس برس.

ولدى القذافي كتيبتان خاصتان هما الكتيبتان 32 و9 وهما "مسلحتان تسليحا ثقيلا باسلحة روسية ودفاعات مضادة للطيران والمدفعية والدبابات والعربات الآلية".

وفي حين يدرس المجتمع الدولي فرض حظر جوي على ليبيا، قال مسؤول الاستخبارات ان الدفاعات الجوية الليبية "كبيرة".

واعلن كلابر امام لجنة الدفاع التابعة لمجلس الشيوخ ان "البنى التحتية للدفاعات الجوية الليبية مع اجهزة الرادارات والصواريخ المضادة للطائرات تعتبر كبيرة وهي الاكبر في الشرق الاوسط بعد مصر".

وبحسب الاستخبارات الاميركية تمتلك ليبيا "تجهيزات عدة" روسية الصنع "من نوعية جيدة" بعضها اصبح بايدي المعارضة.

وذكر كلابر ان طرابلس تملك قرابة 31 موقعا مضادا للطائرات ورادارات مخصصة للمراقبة وحماية الساحل الليبي حيث يتركز 80 الى 85% من سكان البلاد.

واضاف ان لدى القوات الليبية "عدد كبير جدا من قاذفات الصواريخ المحمولة"، موضحا ان الاستخبارات الاميركية "قلقة جدا" من احتمال سقوطها "في ايد غير موثوقة". وفي المقابل، لا يوجد سوى عدد صغير من الطائرات الليبية يمكن تشغيله.

وقال جيمس كلابر ان القذافي لا يمكنه ان يعتمد سوى على ما بين "75 الى 80 طائرة" ثلثها من طائرات النقل، وثلث من المروحيات والباقي مقاتلات. وكان قائد قوات المارينز الجنرال جيمس آموس قال ان الطيران الليبي يمثل "تهديدا متواضعا".

ويرى محللون ان فرض حظر جوي لن يمنع تحليق المروحيات وقيامها بشن هجمات، في حين تصعب ملاحقتها. وقال كلابر ان الضربات الجوية لم توقع حتى الان "عددا كبيرا من الضحايا".

واضاف ان وكالات الاستخبارات الاميركية تعتقد ان العقيد القذافي لا يعتزم باي حال التخلي عن السلطة، و"يبدو انه باق".

وقال انه في حال عدم تمكن اي من الطرفين من التغلب على الاخر، سيؤدي ذلك الى تقسيم البلاد فيسيطر القذافي على طرابلس والثوار على بنغازي، او ان يؤدي الى ظهور "صومال جديدة" حيث لا توجد دولة تحكم البلاد.

اوباما قلق

من جهته قال الرئيس الاميركي باراك اوباما انه يشعر ب"القلق" بشأن قدرة الزعيم الليبي معمر القذافي على التمسك بالسلطة في ليبيا، مؤكدا انه يجب الاستمرار في ممارسة الضغط على نظام العقيد الليبي.

واضاف "انا قلق جيال ذلك. القذافي يملك مخازن للاسلحة، ولديه ليس فقط بعض القوات التي لا تزال موالية له، ولكن توجد كذلك تقارير بانه يوظف مرتزقة".

وتابع "علينا ان نواصل ممارسة الضغط"، مضيفا ان على العالم ان يحاول "تغيير التوازن" عسكريا في ليبيا وكذلك في اوساط المقربين من القذافي.

الا ان اوباما لم يكشف عن ما اذا كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها فكروا في تسليح قوات المعارضة الليبية.

وشدد ان العالم عليه "واجب" منع حدوث مجزرة ضد المدنيين في ليبيا مماثلة للمجازر التي وقعت في البوسنة ورواندا.

واكد اوباما ان "الولايات المتحدة والمجتمع الدولي عليهما واجب القيام بكل ما يقدرون عليه للحيلولة دون تكرار ما حدث في البلقان في التسعينات وما حدث في رواندا".

واضاف ان وقف عمليات قتل المدنيين هي احد الاسباب التي دفعت الغرب الى القيام بمراقبة جوية متواصلة فوق ليبيا.

وقال ان الولايات المتحدة استشارت دولا عربية وافريقية لقياس مقدار دعمها لفرض حظر جوي على ليبيا.

واعلن ان الولايات المتحدة قررت انه "من المناسب تعيين" مبعوث يتعامل مع المعارضة الليبية ويساعدها على تحقيق اهدافها. واوضح "قررنا انه من المناسب بالنسبة لنا تعيين ممثل تكون مهمته المحددة التفاعل مع المعارضة تحديد الطرق التي نستطيع من خلالها تقديم" مزيد من المساعدة لهم.

كما قال الرئيس الامريكي ان الولايات المتحدة وحلفاءها يضيقون الخناق حول الزعيم الليبي معمر القذافي الا ان معارضين مسلحين في ليبيا يقولون ان انتفاضتهم التي مضى عليها ثلاثة اسابيع قد تبوء بالفشل دون تنفيذ منطقة حظر جوي.

وقال اوباما "بصفة عامة نضيق الخناق ببطء حول القذافي. تزداد عزلته الدولية تدريجيا. لم نستبعد اي خيارات من على الطاولة."

وذكر اجتماع لقادة الاتحاد الاوروبي في بروكسل انهم سيدرسون جميع الخيارات لحمل القذافي على التنحي.

الا ان قادة الاتحاد الاوروبي السبعة والعشرين في بروكسل لم يصلوا الى حد تأييد غارات جوية او منطقة حظر طيران او اي وسائل اخرى مدعومة عسكريا لتحقيق هدفهم. وتقول المعارضة الليبية ان حملتها ستفشل دون فرض منطقة حظر طيران. وتجنب قادة الاتحاد مبادرة بريطانية فرنسية لاستصدار قرار من مجلس الامن يسمح بفرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا.

كما لم يؤيدوا دعوة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بأن ينتهجوا نهج بلاده بالاعتراف بالمعارضين الذين يقاتلون للاطاحة بالقذافي وكذلك دعوته لضربات جوية "دفاعية" ضد قوات القذافي اذا استخدمت اسلحة كيميائية او طائرات حربية ضد المدنيين. وعلقت ليبيا العلاقات الدبلوماسية مع فرنسا.

وعبر اوباما الذي يقول منتقدوه انه يتحرك ببطء شديد في مؤتمر صحفي عن اعتقاده بان العقوبات الدولية وحظر السلاح والاجراءات الاخرى التي طبقت بالفعل حققت نتيجة ولكنه أضاف أن منطقة حظر الطيران تظل بديلا.

وعقب كلمته اعلنت وزارة الخزانة الامريكية انها وسعت من عقوبات تجميد للاصول لتشمل زوجته واربعة من ابنائه واربعة مسؤولين كبارا في حكومته.

وعلى الصعيد الدبلوماسي أعلن الاتحاد الافريقي في وقت متأخر من مساء أمس أن زعماء جنوب افريقيا وأوغندا وموريتانيا والكونجو ومالي سيشكلون لجنة للسفر الى ليبيا قريبا للمساعدة في انهاء العنف هناك.

وأضاف "جرى تشكيل لجنة خاصة... للتواصل مع كل الاطراف في ليبيا وتسهيل اجراء حوار شامل بينها جميعا والتواصل مع أعضاء الاتحاد الافريقي... من أجل التوصل لحل سريع للازمة في ليبيا."

تسليح المعارضة

في سياق متصل قال وليام هيج وزير الخارجية البريطاني ان على القوى الدولية التفكير في تسليح المعارضة الليبية والقيام بتحرك سريع لمنع قوات معمر القذافي من القضاء على العصيان المسلح.

وصرح هيج بأن نجاح القذافي في سحق المعارضة والاستمرار في السلطة سيكون كابوسا للشعب الليبي وانه تلوح في الافق "لحظة اتخاذ قرار" بشأن تدخل دولي له معنى.

وتضغط بريطانيا وفرنسا من أجل فرض منطقة حظر جوي لحماية الليبيين من الضربات الجوية التي تشنها القوات التابعة للقذافي.

وكتب مالكولم ريفكيند وهو من حزب هيج المحافظ وشغل من قبل منصب وزير الخارجية والدفاع في صحيفة تايمز البريطانية انه حان الوقت لان يسلح الغرب المعارضة في ليبيا.

وقال هيج في حديث مع راديو 4 في هيئة الاذاعة البريطانية ان فرض حظر دولي للسلاح على ليبيا هو عقبة أمام تسليح المعارضة.

واستطرد "هذا هو الموضوع الذي يجب مناقشته مع شركائنا الدوليين وهذه المناقشات جارية بالفعل." ويحضر وزير الخارجية البريطاني اجتماعا لوزراء خارجية دول مجموعة الثماني يعقد في العاصمة الفرنسية باريس يوم الاثنين لبحث الخيارات المتاحة فيما يتعلق بليبيا بعد ان تراجعت فيما يبدو جهود المعارضة المسلحة للاطاحة بحكم القذافي المستمر منذ أربعة عقود. بحسب رويترز.

وقال هيج "اذا تمكن القذافي من الهيمنة على اجزاء كبيرة من البلاد فسيكون هذا كابوسا طويلا للشعب الليبي وستكون دولة منبوذة لبعض الوقت."

الحظر الجوي

من جانبها قالت الجامعة العربية انها دعت مجلس الامن الدولي التابع للامم المتحدة لفرض منطقة لحظر الطيران فوق ليبيا في قرار سيوفر تأييدا اقليميا قال حلف شمال الاطلسي انه مطلوب لاي اجراء عسكري.

وكانت الجامعة العربية علقت عضوية ليبيا بسبب تعاملها مع الانتفاضة الشعبية ضد حكم الزعيم الليبي معمر القذافي وقالت ان الجرائم الخطيرة والانتهاكات الكبيرة التي ارتكبتها حكومته ضد شعبه جردتها من الشرعية.

وقالت الجامعة العربية أيضا انها قررت فتح قنوات اتصال وتعاون مع المجلس المعارض في ليبيا والذي مقره بنغازي والذي يسيطر على معظم انحاء الشرق الليبي في انتفاضة شعبية تستهدف انهاء حكم القذافي المستمر منذ 41 عاما.

وقال عمرو موسى الامين العام للجامعة العربية ان الاتصالات مع المجلس الوطني الليبي ستتضمن التعامل معه والاعتراف به.

واضاف موسى "الجامعة العربية تطلب من مجلس الامن فرض منطقة حظر جوي حماية لليبيين والقاطنين من رعايا الدول العربية والبلاد الاخرى." ودعت الجامعة الى اقامة مناطق امنة في المناطق التي تواجه القصف.

ولم يتحدث موسى عن اذا ما كان اي من الدول العربية التي اجتمعت في جلسة طارئة مستعدة للمشاركة في حظر الطيران الذي قالت الجامعة انه يجب ان يرفع بمجرد انتهاء الازمة.

وكان موقف الجامعة قويا نسبيا اذا ما قورن بمواقفها المعتادة كمنظمة غارقة في الانقسامات كما عكس الموقف سنوات من العلاقات المتوترة بين القذافي ودول من بينها السعودية ومصر.

وقررت جامعة الدول العربية "فتح جميع قنوات الحوار" مع المجلس الوطني الانتقالي الليبي من أجل مناقشة دعم الشعب الليبي وحمايته.

وتطالب المعارضة المسلحة في ليبيا بفرض حظر طيران على ليبيا لحماية المدنيين من القصف الجوي الذي تقوم به قوات القذافي الجوية.

وقال مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني لقناة العربية ان فرض الحظر يجب ان يكون اساس قرار الامم المتحدة الذي سيصون الدماء. وقدم عبد الجليل شكره لوزراء الخارجية العرب وللجامعة العربية. بحسب رويترز.

وقال وزير خارجية عمان ان قرار الجامعة العربية بدعوة مجلس الامن لفرض منطقة لحظر الطيران فوق ليبيا كان بموافقة جميع الاعضاء الذين حضروا اجتماع القاهرة يوم السبت.

وكان الوزير يوسف بن علوي بن عبد الله الذي رأس الاجتماع يتحدث في مؤتمر صحفي. وقال موسى لاحقا ان دولتين فقط ابدتا "تحفظات جزئية" لكنه لم يعلن اسمي الدولتين. وكانت دول الخليج قد ايدت بقوة فرض منطقة حظر طيران قائلة ان القذافي فقد شرعيته.

ووافق قادة الاتحاد الاوروبي يوم الجمعة على نظر كافة الخيارات لمحاولة اجبار القذافي على التنحي لكنهم لم يتخذوا قرار فرض الحظر الجوي او توجيه ضربات جوية او غيرها من العمليات العسكرية.

وقال سيف الاسلام القذافي احد ابناء الزعيم الليبي لمؤيديه في طرابلس هذا الاسبوع ان العرب "لا شيء". وقال "طز في العرب وفي الجامعة العربية."

استعادة المدن من ايدي مقاتلي المعارضة

ميدانيا، سيطرت القوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي على بلدة البريقة النفطية الاستراتيجية وأجبرت قوات المعارضة المسلحة على التقهقر تحت وطأة القصف العنيف بينما يدرس العالم فرض منطقة حظر جوي.

وتضيق خسارة البريقة ومصفاتها النفطية من امكانيات حصول قوات المعارضة على الوقود بعد خسارتهم لبلدة راس لانوف بشكل كامل يوم الاحد قبل استعادتها اليوم، وهي بلدة نفطية أخرى على بعد نحو 100 كيلومتر الى الغرب على طول الطريق الساحلي حيث تقع أغلب المدن الليبية المهمة. وتدنت معنويات مقاتلي المعارضة المسلحة بعد هزيمتهم.

وقال نبيل تيجوري وهو من المقاتلين الذي دمر مدفعه الرشاش أثناء القتال "لم تعد هناك انتفاضة... كنا في راس لانوف ذلك اليوم ثم البريقة.. سيصلون الى بنغازي بعد غد."

وذكر مصدر بالجيش الليبي على شاشات التلفزيون الرسمي يوم الاحد ان القوات الحكومية طهرت البريقة من "العصابات المسلحة". قبل ان يعاود الثوار استعادتها الاثنين.

وتقع البريقة على مسافة 220 كيلومترا الى الجنوب من بنغازي معقل المعارضة المسلحة ولا يفصلها عن أكبر مدن الشرق سوى بلدة اجدابيا. ومن اجدابيا هناك طرق تقود الى بنغازي وطبرق بالقرب من الحدود المصرية.

وتمنح الطبيعة الصحراوية المنبسطة القوات الحكومية ميزة هائلة مع سيادتها الجوية واحتفاظها بالتفوق في اعداد الدبابات على قوات المعارضة التي لا تملك غير الحماس وبعض الاسلحة الخفيفة. وتمنح المدن والبلدات وحدها الغطاء اللازم للمقاتلين المعارضين وتعطيهم افضلية جزئية.

وقال المقاتل مسعود بوصير عند البوابة الغربية للبلدة " خرج من البريقة. انه في الطريق.. ربما يكون أمامه نصف ساعة. صواريخه ستصل الينا هنا."

وربما سبقت القوات الحكومية في زحفها الدبلوماسية العالمية المتعثرة في امكانية وكيفية اتخاذ قرار بفرض منطقة حظر طيران.

وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش "القذافي وقواته الامنية يقمعون بوحشية كل المعارضين في طرابلس بما في ذلك الاحتجاجات السلمية بالقوة الغاشمة والاعتقالات العشوائية والاختفاء القسري."

وفي الوقت نفسه وبعد سحقها للمعارضة في الزاوية التي تقع الى الغرب من طرابلس عادت قوات ودبابات القوات الحكومية الى مصراتة ثالث اكبر المدن الليبية وجيب المعارضة الوحيد البعيد عن الشرق. وقالت قوات المعارضة ان التمرد في صفوف القوات الحكومية عطل تقدمها لليوم الثاني.

وقال محمد وهو من مقاتلي المعارضة المسلحة بالهاتف لرويترز يوم الاحد " منذ الصباح الباكر يقاتلون (قوات الامن) بعضهم البعض. نسمع صوت القتال."

وأضاف "هذا الانقسام بينهم جاءنا من عند الله. حين اعتقدنا أن النهاية قادمة حدث هذا. الان نحن ننتظر لنرى ما سيحدث."

ولم يتسن التحقق من صحة الانباء بحدوث تمرد لان السلطات الليبية تمنع دخول الصحفيين للمدينة في حين قال مسؤول حكومي ان هذه الانباء غير صحيحة ومجرد شائعات.

وقال موسى ابراهيم المتحدث باسم الحكومة في تصريحات من طرابلس ان الجيش يحاصر وسط مصراتة وان قواته في المدينة. وأضاف ان زعماء القبائل يتفاوضون مع المسلحين لاقناعهم بالاستسلام.

وأضاف أن هناك مجموعة من مقاتلي تنظيم القاعدة يصرون على البقاء. وتابع أن السيناريو سيكون على غرار ما حدث في الزاوية اذ ان بعض الناس سيستسلمون والبعض سيختفون ومن ثم تتقلص أعدادهم. وأضاف ان زعماء القبائل يجرون محادثات معهم وأن الحكومة ستتعامل مع من يتبقون بطريقة مناسبة.

واستغرقت القوات الحكومية المدعومة بالدبابات والطائرات اسبوعا من الهجمات المتكررة للقضاء على الانتفاضة في الزاوية وهي بلدة أصغر كثيرا على بعد 50 كيلومترا الى الغرب من طرابلس.

وفي حين لا يعرف العدد الاجمالي للقتلى في الزاوية فان مناطق كثيرة من البلدة تعرضت للدمار حيث تظهر على الابنية المحيطة بالميدان الرئيسي اثار قذائف الدبابات والصواريخ. وسوت قوات القذافي بالارض مقابر دفن فيها مقاتلون من المعارضة.

وبعد توقف القتال في الزاوية يوم الجمعة سئل جندي هناك عن مصير المعارضين فأشار ضاحكا الى رقبته اشارة تفيد بأنهم ذبحوا.

اجهاض احتجاجات في طرابلس قبل أن تبدأ

على صعيد متصل قال رجل ليبي نقلا عن شاهدي عيان ان قوات الامن الليبية استخدمت الغاز المسيل للدموع وأطلقت النار في الهواء لتفريق المصلين قرب مسجد في العاصمة طرابلس قبل أن ينظموا احتجاجا ضد الزعيم الليبي معمر القذافي.

ولم يكن ممكنا التحقق من التقارير بشأن ما يحدث في حي تاجوراء بالعاصمة نظرا لمنع الصحفيين الاجانب من العمل بالمنطقة ولم يرد نشطاء محليون مناهضون للقذافي على اتصالات هاتفية.

وشهدت الاسابيع الماضية اشتباكات عنيفة عقب صلاة الجمعة في تاجوراء مما جعلها مركزا للمعارضة لحكم القذافي الذي بدأ قبل 41 عاما في المدينة التي يسيطر عليها أنصاره.

لكن رجلا ليبيا من تاجوراء يعيش في الخارج حاليا قال انه اتصل هاتفيا باثنين من السكان ذكرا له أن الاحتجاجات أخمدت هذه المرة قبل أن تبدأ.

واضاف الرجل الذي طلب عدم الكشف عن اسمه خشية تعرض أسرته في طرابلس للانتقام "كان نحو 300 شخص يصلون داخل المسجد. أطلق رجال ميليشيا الغاز المسيل للدموع والرصاص في الهواء لتخويفهم."

وتابع قوله "كان هناك كثير من الغاز المسيل للدموع. جرى الجميع. حاولوا منع الاحتجاجات ونجحوا." بحسب رويترز.

واذا صحت الرواية فهي تظهر أن القذافي تمكن من تعزيز قبضته على العاصمة وقمع المعارضة في مؤشر اخر على أن قوة الدفع في الصراع مع المعارضة المسلحة يتحول لصالحه.

وقال أحد سكان طرابلس قاد سيارته بالمدينة عقب صلاة الجمعة بفترة وجيزة انه لم تكن هناك أي علامة على وجود اضطرابات.

وقال انه كانت هناك أربع أو خمس حافلات صغيرة للشرطة في الميدان الرئيسي في تاجوراء قرب المسجد بينما حلقت طائرة هليكوبتر فوق المنطقة. وساد الهدوء أيضا حي فشلوم المجاور الذي شهد الشهر الماضي اضطرابات.

وقال الساكن انه كان هناك بضع مئات من أنصار القذافي في مسيرة في الساحة الخضراء في وسط المدينة.

وفي وقت سابق اليوم تحدثت تقارير غير مؤكدة عن اعتقال أشخاص للاشتباه في مشاركتهم بالاحتجاجات أو تحدثهم الى وسائل الاعلام الاجنبية وذلك بهدف اجهاض أي احتجاجات عقب صلاة الجمعة.

ووصف مسؤولون ليبيون المحتجين في تاجوراء بأنهم شبان يقذفون بالحجارة ليست لهم أي مظالم سياسية شرعية. ومنع أغلب الصحفيين الاجانب المقيمين في طرابلس من العمل في تاجوراء يوم الجمعة.

وأمر ضابط شرطة صحفيا غادر الفندق الذي يقيم به مجموعة من الصحفيين الاجانب بالخروج من سيارة أجرة وقال له ان من غير المسموح به التوجه الى أي مكان بدون اشراف رسمي.

واقتربت مجموعة من الرجال في زي رسمي من عدد من الصحفيين الاجانب الذين تمكنوا من الوصول الى المسجد في تاجوراء قبل صلاة الجمعة وأبلغوهم بأنهم غير مسموح لهم بالوجود هناك وأعيدوا الى فندقهم في حافلات.

وقال مسؤول حكومي مكلف بمرافقة الصحفيين الاجانب ان وجود وسائل الاعلام من شأنه أن يحرض على العنف.

وقال "اذا ذهب الصحفيون الى هناك فسيقوم (المحتجون) باضطرابات. سيهتفون ويقذفون بالحجارة اذا شاهدوا صحفيين. لا يوجد احتجاج هناك اليوم. انهم مجرد فتية يلقون الحجارة."

وحث التلفزيون الحكومي الليبيين في شرق البلاد الذي تسيطر عليه المعارضة على عدم الذهاب الى صلاة الجمعة في ساحات عامة وأماكن مفتوحة بسبب ما قال انه تهديد لسلامتهم من مرتزقة وعصابات اجرامية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 15/آذار/2011 - 9/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م