الزكاريط... قرية سكانها نصف أحياء

ذئاب وخنازير مفترسة... والجفاف يتربص بالأهالي

عدسة وتحقيق: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: لم يدر في خلد شيخ عشيرة الزكاريط  الحاج عبد العزيز أن أحوال قريته ستؤول بها الأمور من سيء إلى أسوء،  بعد أن تقطعت بهم السبل في الحصول على رعاية من الحكومة المحلية في كربلاء، وتنكرت البادية لهم بهذا الشكل بالرغم من عشرة والفه تمتد الى بداية استيطانهم لها منذ عقود.

فإلى الغرب من مدينة كربلاء بمسافة 40 كيلو متر تقبع قرية الزكاريط التي استوطنت من بعض القبائل البدوية في عهد الرئيس العراقي الراحل عبد الكريم قاسم، مطلع عقد الستينات القرن المنصرم.

وبحسب كلام الشيخ عبد العزيز النجم تم إنشاء القرية برعاية الدولة بهدف توطين البدو الرحل، بعد ان تم تهيئة الظروف الملائمة لذلك حيث يقول الشيخ عبد العزيز، "قامت الدولة في ذلك العهد بحفر الآبار بالإضافة إلى مد أنبوب للماء من مركز قضاء كربلاء للسكان، وتوفير الطاقة الكهربائية".

ويضيف عبد العزيز، "كما تم إنشاء العديد من المرافق الحيوية، حيث تم إنشاء مركز صحي عين له كادر متخصص، بالإضافة إلى مدرسة".

ويسترسل الشيخ والحسرة في ثنايا كلماته، "الآن نحن نفتقر إلى معظم الخدمات الرئيسية لديمومة الحياة في القرية.

وينوه الشيخ إلى افتقار القرية إلى طبيب يلجئ إليه السكان في الحالات الاضطرارية فيقول، في بداية حرب إيران والعراق تم تجنيد طبيب القرية، والتحق الى الخدمة ومنذ ذلك الوقت بقي المستوصف بدون كادر، إلى أن تم تحويله إلى مركز للشرطة في الوقت الحالي بعد الانفلات الأمني الذي شهده العراق.

وتضم قرية الزكاريط خمسة آلاف نسمة موزعين على ثلاثة مئة وخمسين منزلا، اغلب السكان يتصلون بصلات القرابة، حيث يتقاسم أبناء عشيرتي الزكاريط والشريفات القرية، التي تقع القرية على مشارف الطريق الواصل بين قضاء مركز كربلاء وقضاء عين التمر، فيما تتوزع منازل المواطنين بين بيوت طينية وأخرى من الخيام البدوية المعروفة ببيت الشعر.

ويمتهن اغلب سكان القرية تربية الأغنام بالإضافة إلى الزراعة التي باتت بحكم المنعدمة بسبب شح مياه الأمطار ومياه السقي. فيما انخرط بعض شباب القرية في قوات شرطة حماية الحدود.

إهمال الدولة وغضب الطبيعة

أما أبو غنام وهو رجل سبعيني بدت آثار السنوات الطويلة محفورة على ملامح وجهه العجوز عرب عن حزنه الشديد لما تمر به "مضارب قريته"، بعد أن كانت حتى عهد قريب حسب قوله تتغنى بالحياة والطبيعة الأخاذة، فيقول ابو غنام، "تعاقبت علينا سنوات الجفاف بشكل غير مسبوق مما تسبب بهلاك قطعاننا من الإبل والأغنام، فهذه السنة العاشرة على التوالي التي يشهد فيها العراق انحسار كبير للأمطار".

ويضيف، "حتى بحيرة الرزازة التي كنا مستفيدين من أسماكها باتت صحراء قاحلة، كانت تربطنا بمحافظة الرمادي مائيا، أما الآن فقد شق من خلالها طريق بري إلى هناك".

وعن منحة الحكومة العراقية لمربي الأغنام أكد ابو غنام عن عدم استلامه لتلك المعنونات منذ إطلاقها، معللا ذلك بسبب فساد والمحسوبية في توزيع الأعلاف الحكومية.

إلى ذلك اشتكى صالح سليمان وهو من سكان القرية أيضا من ظهور بعض الحيوانات المفترسة، التي تسببت لهم بخسائر مادية وهواجس مقلقه بصورة مستمرة، فيقول، "نعاني من الذئاب والخنازير البرية المفترسة إلى جانب بعض الأفاعي الكبيرة التي تهاجم الإنسان والحيوان على حد سواء".

ويضيف سليمان، "باتت تلك الحيوانات جريئة جدا بسبب الجفاف على ما اعتقد وندرة المياه، حيث باتت تترصد قطعان الأغنام قرب منازلنا، فيما باتت الخنازير تفتك بكل ما تواجهه في الليل". ويتابع، "كانت حتى عهد قريب لا تتجرأ على الاقتراب من حدود الشوارع الرئيسية".

ويستذكر حادثة وقعت قبل فترة حيث هاجم خنزير إحدى النساء عندما حاولت طرده من حظيرة الدجاج التي تملكها، فيؤكد، لولا العناية الإلهية لأصبحت تلك المرأة في خبر كان". ويختتم حديثه، "بتنا لا نأمن على أنفسنا من هجمات تلك الحيوانات الغريبة".

مصدر للشبهات وتهم بالإرهاب

من جانب آخر أعرب احد سكان القرية عن امتعاضه من ممارسات الأجهزة الأمنية إزاءهم، فقال، "نعاني من الانتهاكات المستمرة لحقوقنا الإنسانية والوطنية باستمرار من قبل الأجهزة الأمنية، خصوصا بعد أن بات شباب القرية مصدر للشبهة بعد أن وقعت بعض الأعمال الإرهابية خلال السنوات الأخيرة".

وتابع، "كان صيد الطيور مصدر مهم للرزق خصوصا في فترات الجفاف، حيث تعج البادية بمختلف أنواع الطيور، منها ما يصلح للأكل، وأخرى نصطادها لغرض البيع والاتجار، نظرا لارتفاع أثمانها وندرتها، مثل الصقور".

واضاف، "الآن نحن ممنوعون من الصيد، فيما يباح لبعض الوافدين من خارج العراق وخصوصا من الدول الخليج كدولة قطر والإمارات العربية الصيد بحرية مطلقة، وهم يجوبون البادية بحماية الأجهزة الأمنية ذاتها".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 13/آذار/2011 - 7/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م