العراق... احتجاجات تؤجل وحكومة تمهل

 

شبكة النبأ: لا تزال العاصمة العراقية وفي الجمعة على الثالثة على التوالي تشهد تظاهرات احتجاجية على ظاهرة تفضي الفساد في المؤسسات الحكومية، بعد رفض المالكي الاستقالة التي يطالب بها المحتجين.

فيما شهدت التظاهرات انحسار ملحوظ باعداد المشاركين، خصوصا بعد المهلة التي طالب بها رئيس الوزراء العراقي المحددة بثلاث اشهر متوعدا بتحسن ملحوظ خلال الفترة القادمة.

وشكلت التظاهرات وان كانت محدودة العدد ضغط شديد على الحكومة العراقية وبمختلف مفاصلها، بعد ان ايدت المرجعيات الدينية مطالب المحتجين.

الا ان ذلك لم يقي من حدوث خروقات حقوقية اثناء التظاهرات بعد ان قامت القوات الامنية بقمع واعتقال بعض المشاركين في الاحتجاجات مما اثار موجة استياء وتنديد دولية.

امريكا تتوقع المزيد

فقد قال مسؤول أمريكي كبير ان العراق سيشهد مزيدا من الاحتجاجات مع مطالبة المواطنين بخضوع المسؤولين للمحاسبة لكن الولايات المتحدة لا تعتقد أنها تستهدف الاطاحة بالحكومة الائتلافية الهشة.

وقال مايكل كوربن نائب مساعد وزيرة الخارجية لشؤون العراق في مركز للبحوث في واشنطن "الناس يحتجون لا لتغيير النظام وانما للمطالبة بالخدمات ومكافحة الفساد وتحسين استجابة الحكومة لمطالبهم."

واضاف كوربن "علينا ان نراقب ما تفعله الحكومة وهي تتحرك الى الامام لكن علينا أيضا أن نراقب ما يفعله المحتجون. لكن من حيث الاساس سترون استمرارا للاحتجاجات في العراق وخصوصا مع مجيء شهور الصيف وحاجة الناس للكهرباء."

ولاحظ كوربن أن بعض الاحتجاجات التي وقعت في الاونة الاخيرة شابها العنف مع قيام قوات الامن العراقية بتفريق المتظاهرين الذين استلهموا الاضطرابات السياسية في مناطق اخرى في العالم العربي للمطالبة بالوظائف والكهرباء والمياه والخدمات الاساسية الاخرى وللتنديد بفساد المسؤولين.

وخلافا للبلدان التي طالب المحتجون فيها بالاطاحة بحكامهم المستبدين منذ فترة طويلة شهد العراق الاطاحة بحاكمه المستبد قبل ثمانية أعوام خلال غزو قادته الولايات المتحدة.

ولكن على الرغم من امتلاك العراقيين القدرة على انتخاب زعمائهم فان الجمهور لا يزال غير راض على نطاق واسع عن النظام السياسي الذي أبقى شخصيات تتمتع بقاعدة عرقية أو طائفية متشبثين بالمناصب لكنهم لم يفلحوا الى الان في استعادة الخدمات الاساسية.

وفي الشهر الماضي منح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي ضمن حصوله على ولاية ثانية أواخر العام الماضي وزراءه 100 يوم لتسريع الاصلاحات أو الاقالة من مناصبهم. ويرأس المالكي حكومة ائتلافية.

وأضاف أن الولايات المتحدة ستسعى لمساعدة المسؤولين العراقيين لتحسين الخدمات الاساسية مشيرا الى أن بعض حالات الاحتجاجات تتعلق أساسا بالقضايا المحلية.

وتمضي الولايات المتحدة قدما لاتمام انسحاب قواتها من العراق هذا العام بتكليف المدنيين بمسؤولية العلاقات مع منتج رئيسي للنفط. بحسب رويترز.

ويقول مسؤولون أمريكيون ان قدرا كبيرا من الوجود الامريكي سيكون مطلوبا مع هذا لمدة تتراوح بين ثلاثة وخمسة أعوام لاغراض سياسية واقتصادية وأمنية مثل مساعدة العراق على اضفاء طابع محترف على شرطته وتكثيف عمليات مكافحة القاعدة.

وقال كورين ان العمل على نقل السلطة يمضي قدما لكنه حذر من أن تحركات الجمهوريين في الكونجرس لخفض تمويل وزارة الخارجية قد يعقد الاستراتيجية الامريكية.

وأضاف "شيء واحد تعلمناه على مدى ثمانية أعوام في العراق هو أنكم لا تستطيعون معالجة الامور في العراق بتكلفة رخيصة."

مزار اسبوعي للمتظاهرين

من جانب آخر شعارات المتظاهرين لم تدع الى اسقاط النظام كما هو الحال في عدد من الدول العربية لكنها دعت الى اصلاح النظام.

الشعارات كانت تدعو الى تحسين الخدمات وتوفير فرص عمل لاعداد غفيرة من العاطلين جلهم من الشباب وتنتقد بيروقراطية الدولة وتقاعسها عن توفير فرص العيش الكريمة رغم ان ميزانية العراق تفوق ميزانيات العديد من الدول المجاورة مجتمعة. واقر مجلس النواب قبل ايام ميزانية العام الحالي والتي تجاوز حجمها 80 مليار دولار.

شارك في الاحتجاجات فئات مختلفة من شباب ومسنين ونساء ورجال. ورفع احد المتظاهرين لافتة كتب عليها "اين حقي من النفط" فيما رفع اخر لافتة قال فيها "اين المساواة يا من احتكرتم السلطة". وكانت بين العبارات الاخرى "نعم لوحدة العراق ولا للتقسيم" و"حظر التجوال وقطع الطرقات باطل" و"تكميم الافواه باطل" و"رحيلكم هو الحل" و"رحيل الاحتلال اولى خطى الخلاص".

ووسط المتظاهرين وقف نديم يحيى الذي يبلغ من العمر 53 عاما ويعمل سائق سيارة أجرة وهو يحمل يحمل صورة لابنه سعد ولافتة مكتوب عليها "اين مصير المفقودين في معركة ام الكراسي" في انتقاد للكتل السياسية التي ادت خلافاتها الى تاخير تشكيل الحكومة لتسعة أشهر بعد الانتخابات البرلمانية.

قال يحيى ان ابنه اختطف من منزله في ديسمبر كانون الاول من العام 2007 وهو لا يعرف مصيره الى الان. بحسب رويترز.

وأضاف بشيء من الغضب والمرارة والالم وبنبرة حادة "كل هؤلاء الرموز السياسية يجب ان يحاكموا لانهم هم السبب في اختطاف ابني... لولا خلافاتهم لما حصل في العراق ما حصل."

وقال حسين عبد الله (25 عاما) "نطالب باجتثاث الفساد ومحاربة المفسدين" فيما قال عامر حسن (50 عاما) وهو موظف حكومي انه اخرج من منزله في منطقة حي العدل غرب بغداد في العام 2006 بسبب العنف الطائفي الذي اجتاح العراق في تلك الفترة وحين عاد اليه وجد انه قد لحقت به اضرار كبيرة. وقال انه يطالب الحكومة بتعويض كل من اخرج من منزله بسبب العنف الطائفي.

وقال "اخرجت من بيتي بالقوة في العام 2006 وعندما عدت اليه بعد سنتين وجدته خربا.. الحكومة وعدت بتعويضنا ولحد الان لم يحدث شيء."

وقال عدنان حسين (60 عاما) وهو اجير يومي "المسؤولية امانة وحماية المفسدين خيانة لهذه الامانة. هذه الرسالة ارسلها الى رئيس الحكومة وكل من يعمل معه."

ووسط المتظاهرين وقف عباس اللامي وزوجته كفاح الخزعلي الطاعنة بالسن والتي لم تتمكن من الوقوف طويلا فجلست على الرصيف. حمل الاثنان صورة لابنيهما هشام وحمدي اللذين قالا انهما قتلا في العام 2006 في حي الدورة جنوبي بغداد في ذورة الاقتتال الطائفي.

وقالت كفاح "الارهاب وحكومة الارهاب هم اللي قتلوا اولادي" فيما قال زوجها انه اقام دعوة ضد كل كبار المسؤولين الذي حكموا العراق في العام 2006.

وقال "هؤلاء هم المجرمون الحقيقيون لانهم هم الذين قادوا القتل ضد كل شباب العراق من السنة والشيعة والاكراد."

واضاف وهو يهتف باعلى صوته فيما تبعه اخرون في ترديد الهتاف "هذا الوطن ما نبيعه .. اخوان سنة وشيعة" في اشارة الى توحدهم ونبذ الطائفية.

وقال جواد كاظم وهو ضابط متقاعد يبلغ من العمر 70 سنة انه جاء ليطالب بتعديل قانون التقاعد العسكري بما يسمح بزيادة معاشه هو واقرانه.

وقال "هل يكفي راتب متقاعد قدره 250 الف دينار (ما يقارب 200 دولار) لاعالة شخص لديه ثمانية اطفال وخدم بلده اكثر من 20 سنة."

اما شعارات المتظاهرين فكانت اكثر قسوة مما كتب على اللافتات. ورددت مجموعة من المتظاهرين شعارات تعكس حالة اليأس والقنوط التي اصابت الشارع العراقي وعدم الثقة بوعود المسؤولين مثل "الخاين شعبه انكص ايده" و" اهنا (نحن) اهل النفط عطالة بطالة (بدون عمل") و"اللي ياكل حقنا ندوس عليه" و"يا حيتان ما تدرون بالجوعان" و"هاي جمعة وبعد جمعة والفاسد لازم نطلعه" مما يعكس اصرارا على مواصلة التظاهر حتى الاستجابة للمطالب ومحاربة الفاسدين.

ولم يخل المشهد من الوجود الكثيف لقوات الامن التي كادت اعدادها تضاهي اعداد المتظاهرين. فعلى مقربة من ساحة التحرير وفي شارع الرشيد وفي الشوارع الفرعية القريبة من ساحة التحرير اصطفت اعداد كبيرة جدا من سيارات الهمفي التابعة للجيش العراقي والعربات المزودة بخراطيم المياه فيما وقف العشرات من قوات مكافحة الارهاب على اهبة الاستعداد للتدخل.

ورفض العديد من ضباط الجيش والشرطة الحديث لكن ضابطا بالجيش برتبة مقدم كان يقف حوله العديد من الجنود المدججين بالسلاح قال "نحن هنا لحماية المتظاهرين ليس الا."

ولدى سؤاله عن سبب نشر هذه الاعداد الكبيرة من القوات الامنية قال " انت تعرف وضعنا.. يجب ان نكون حذرين."

وليس ببعيد عن ساحة التحرير كانت ساحة البيع في الباب الشرقي تعج بالحركة لباعة يعرضون منتجاتهم على الارصفة ومتبضعين يبحثون عن مبتغاهم غير ابهين بالمظاهرات التي تجري على مقربة شديدة منهم.

وقال محمد قادر (35 عاما) وهو يقف مع عدد من الشبان يتفحصون اقراصا مدمجة (سي.دي) لمجموعة حديثة من الافلام ان الامر لم يعد يعنيه.

وقال وهو يشير الى المتظاهرين باصبعه "انا كنت هناك في الجمعتين الماضيتين. هتفنا وصرخنا وتظاهرنا.. وماذا حدث بعد ذلك.."

واضاف "هذه الشعارات المكتوبة التي يرددها المتظاهرون هي نفس الطلبات اللي كل الشعب العراقي ينادي بها منذ ثماني سنوات. لا شيء جديد فيها. لكنهم (السياسيين) يصرون على عدم الاستماع."

واضاف وهو يشيح بوجهه بعيدا "القناعة التي توصلت لها انه لا فائدة سواء تظاهرنا ام لم نتظاهر. انا ابحث عن شيء ينسيني همومي. والافلام ربما تنسيني همومي."

ومضى يقول "بالمناسبة هذا ليس رأيي فقط.. هذا رأي الاف غيري."

وكان رئيس الحكومة نوري المالكي قد امهل حكومته في السابع والعشرين من الشهر الماضي 100 يوم للعمل على تلبية مطالب المتظاهرين ووضع خطط عمل لتحسين مستوى الخدمات وتوفير فرص عمل ومكافحة الفساد. وهدد المالكي بطرد الوزير الذي لا يستجيب لهذه الدعوات.

لكن يبدو ان وعود المالكي لم تجد اذانا صاغية او انها لم تعد قادرة على اعطاء العراقيين بارقة أمل جديدة.

قال احمد هادي (43 عاما) ويعمل اجيرا يوميا ان المالكي "وعد بمئة يوم وانا اعطيه 100 يوم اخرى. وانا اقسم ان لا المالكي ولا الحكومة سيوفرون حلولا."

التنديد بالفساد

فيما رفع المجتمعون في ساحة التحرير في ظل نصب الحرية اعلاما عراقية ولافتات كبيرة كتب عليها "نطالب باقالة محافظ بغداد" و"الشعب يريد توفير الخدمات".

كما اطلقوا هتافات عدة بينها "نفط الشعب للشعب وليس للحرامية" و"حظر التجول باطل وهدر الاموال باطل وراتب مليار باطل". يشار الى ان السلطات لم تقرر فرض حظر التجول في بغداد خلافا للتظاهرات السابقة. وحلقت مروحيات تابعة للجيش العراقي فوق المتظاهرين.

وقال عبد الكريم الحبيب، وهو اب لخمسة وموظف سابق في وزارة النقل، "اطالب بعودة المفصولين السياسيين الذين ظلموا ابان النظام السابق وما يزال الظلم لاحقا بهم حتى الان".

اما فؤاد الراوي الموظف المفصول من السكك الحديد، قال ان "اوامر رسمية قررت اعادتنا، لكن اسبابا طائفية تحول دون ذلك".

كما اكد محمد فارس ان راتبه "التقاعدي يبلغ 225 الف دينار (190 دولار) بعد خدمة 25 عاما، فهل يعقل هذا؟ لقد خدمنا البلد (...) ونكافأ بهذا الشكل".

وقالت ليلى صالح ياسين (43 عاما) وهي ام لاربعة اطفال "اطالب بحقوق العراقيين والراتب التقاعدي وتحسين الخدمات والكهرباء والظروف المعيشية (...) انا مسؤولة عن اربعة اطفال واعالة اخي المتخلف عقليا عبر بيع امور بسيطة على قارعة الطريق".

يذكر ان حوالى 500 شخص تجمعوا الاثنين الماضي في المكان ذاته تعبيرا عن "ندمهم" للمشاركة في الانتخابات التشريعية، كما تظاهر حوالى الفي شخص الجمعة الماضي ايضا رغم فرض حظر التجول. بحسب فرانس برس.

وتاتي التظاهرات تلبية لدعوة اطلقتها مجموعات من الشبان عبر موقع الفيسبوك على غرار ما يحدث في العديد من دول العالم العربي.

وتخللت تظاهرات 25 شباط/فبراير الماضي في مدن العراق اعمال عنف ادت الى مقتل 16 شخصا واصابة حوالى 130 اخرين بجروح.

اكراد العراق

من جانب آخر حاول محتج اضرام النار في نفسه في اقليم كردستان العراقي الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي يوم الجمعة حيث احتشد متظاهرون في ميدان للمطالبة باسقاط الادارة الاقليمية.

وقالت ناسك قدير المتحدثة باسم المحتجين في مدينة السليمانية الكردية ان أحد المتظاهرين سكب الكيروسين على نفسه وحاول اضرام النار لكن متظاهرين أخرين انقذوه ولم يتعرض لحروق كبيرة.

وكانت لمثل هذه التصرفات دلالات خطيرة في شمال افريقيا والشرق الاوسط منذ قام بائع خضروات تونسي باحراق نفسه في ديسمبر كانون الاول ليثير انتفاضة في البلاد امتدت الى مصر وليبيا والبحرين ودول اخرى.

وتجمع عدة الالاف من الاشخاص في السليمانية وهتفوا من أجل الاطاحة بزعيم الاقليم مسعود البرزاني وحملوا صورا لمحتجين قتلوا في الاسابيع الاخيرة.

وقالت قدير "لم تكن هناك استجابة من الحكومة. نحن هنا لتغيير النظام المستبد وانهاء الفساد في كردستان...الناس يشعرون بالفساد ويريدون وظائف وعدالة وخدمات."

والغضب الشعبي في الاقليم الكردي موجه ضد حكومة اقليمية تتمتع بحكم ذاتي شبه كامل وهيمن عليها منذ عقود حزبان سياسيان تحول جيشاهما اللذان كان يشنان حرب عصابات في السابق الى قوات أمنية.

وفي العاصمة الاقليمية اربيل قاد محتجون سياراتهم عبر شوراع المدينة وهم يطلقون ابواقها ويلوحون بالاعلامم. وخطب البرزاني في مسيرة للحزبين الحاكمين بالاقليم قائلا "لا يمكنكم أن تحققوا التغيير بطريق غير قانوني...المعارضة تمثل الاقلية ونحن كسلطات نمثل أغلبية الشعب."

المطلك: المالكي يجب ان يستقيل

من جهته قال نائب رئيس الوزراء العراقي صالح المطلك ان رئيس الحكومة نوري المالكي هو من يجب ان يستقيل خلال المئة يوم التي حددها لحكومته اذا ثبت انه غير قادر على ادارة حكومته بالشكل الذي يستجيب لمطالب المتظاهرين.

ووصف المطلك في مقابلة مع رويترز يوم الاربعاء مطالب المتظاهرين بانها مقبولة لكنه قال "اذا كان المالكي غير قادر على ادارة حكومته خلال هذه الثلاثة اشهر بالشكل الذي يلبي طموحات الناس انا اعتقد انه هو من يجب ان يستقيل."

وأضاف "على المالكي ان يقوم باتخاذ اجراءات بعد مهلة المئة يوم التي حددها لنفسه ولحكومته. اذا كان الوزراء غير قادرين على ادارة وزاراتهم يجب تسليم المسؤولية الى وزراء اخرين."

وكان المطلك قد انتخب نائبا لرئيس الوزراء العراقي لشؤون الخدمات غداة تشكيل الحكومة العراقية في ديسمبر كانون الاول اثر صفقة سياسية بين الكتل البرلمانية اسفرت عن اختيار المالكي رئيسا للحكومة. وقال المطلك وهو من كتلة العراقية العلمانية التي تحظى بتاييد الاقلية السنية انه حتى الان لا يتمتع باي صلاحيات لاداء عمله كنائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات.

وفي محاولة لان ينأى بنفسه بعيدا عن دائرة المسؤولية التي وضعها المالكي لحكومته قال المطلك "هذه التظاهرات ليست ضد الحكومة الحالية بل هي ضد تراكمات للفساد الاداري والمالي وتردي الخدمات وبناء البلد بشكل غير سليم لثماني سنوات."

وحذر المطلك من عدم الاستجابة لمطالب المتظاهرين وهو ما قد يؤدي الى استمرار المظاهرات وقال "أقول الى اين ستأخذ هذه المظاهرات البلد؟"

وأضاف "نحن امام مستقبل غير واضح للبلد وامام احتمالات عديدة .. لذلك اتمنى من الحكومة وعلى السياسيين في الحكومة ان يبدأوا باصلاحات حقيقية قبل ان ينفجر الوضع ويصبح من الصعب السيطرة عليه."

وكان تحالف القائمة العراقية والذي يعتبر المطلك احد ابرز قادته قد فاز بالانتخابات البرلمانية التي جرت في مارس اذار من العام الماضي بعد حصوله على واحد وتسعين مقعدا في البرلمان لكنه لم يتمكن من تشكيل ائتلاف كبير لتشكيل الحكومة. لكن تحالف العراقية لا يمتلك المقاعد الكافية للاطاحة برئيس الحكومة حيث يبلغ مجموع مقاعد البرلمان 325 مقعدا.

وتعكس تصريحات المطلك استمرار الفجوة بين القائمة العراقية التي صوت لها بقوة السنة العرب وبين المالكي وتحالفه الشيعي. وساهم التقارب بين تحالف القائمة العراقية وتحالف المالكي في ديسمبر في انهاء حالة الشلل التي ضربت العراق بعد الانتخابات البرلمانية والتي استمرت ما يقرب من تسعة اشهر.

وبموجب الاتفاق تم تشكيل حكومة ضمت كل الفرقاء السياسيين وهو ما مهد لتشكيل حكومة سميت حكومة الشراكة الوطنية.

لكن المطلك شكا من عدم وجود شراكة حقيقية في ادارة الحكم وقال "اقول لك بصراحة اننا لحد اليوم مشاركون ولسنا شركاء في الحكم والسبب هو ان قسما من الاطراف الاساسية في العملية السياسية لديه شهية للحكم والسلطة اكثر من شهيته لبناء دولة."

وأضاف "هذا الموضوع يجعل من الصعب علينا القول اننا فعلا في حكومة شراكة حقيقية."

وهدد المطلك بلجوء العراقية الى الانسحاب من الحكومة وقال "نحن جاهزون للخروج من الحكومة في اي وقت لكننا نخشى ان يؤدي هذا الى تدهور البلد."

ومضى يقول "اذا لم تحصل حكومة شراكة حقيقية في البلد مبنية على اساس مصالحة وطنية شاملة وعلى اساس استعادة الكفاءات لبناء البلد وطي صفحات الماضي فانا اعتقد ان البلد مقبل على الكثير من الاحتمالات السيئة من ضمنها التقسيم...وهذا الذي نتمنى ان لا يحصل."

مطالب غير مشروعة

الى ذلك ذكر رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي انه ليس كل مطالب المتظاهرين العراقيين مشروعة لاننا وجدنا من يطالب بنسف العملية السياسية والغاء الانتخابات.

وقال المالكي، خلال اجتماعه اليوم بعدد من روؤساء العشائر في الموصل: "بعد الإستماع إلى مطالب المتظاهرين وجدنا فيها ما هو حقيقي ومشروع وعلى الوزراء والمحافظين ومجالس المحافظات تلبيتها ولكن في نفس الوقت هناك مطالب غير مشروعة لأننا وجدنا من يطالب بنسف العملية السياسية وإلغاء الإنتخابات والدستور لذا فإن إستغلال مطالب الناس الحقيقية لتحقيق تلك الأغراض شيء مرفوض".

وأضاف أن "الدولة إلتزمت بحماية المتظاهرين بموجب الدستور كما هي ملتزمة بحماية الأموال والممتلكات العامة وفقا للدستور أيضا وقد تعاملت الحكومة مع التظاهرات بشكل حضاري وديموقراطي ودستوري اما بعض الإختراقات الجزئية التي حدثت فسيجري التحقيق بها". بحسب الوكالة الالمانية للانباء.

وذكر المالكي أن "تحمل المسؤولية يقع على عاتق الجميع وعلينا ألا نكتفي بما حققناه في العملية السياسية وتشكيل حكومة الشراكة الوطنية وأن الإشتراك في المسؤولية يجب أن يكون في بناء الدولة والعمل التنفيذي والبرلمان ومن غير الصحيح التقاطع والإستفادة من جهد الدولة في مواجهة الدولة لصالح الطائفة أوالعشيرة أو الحزب أو الشخص".

فيما صرح عضو التحالف الوطني صاحب الاغلبية في البرلمان العراقي النائب ابراهيم الجعفري انه اذا اراد الشعب العراقي تغيير الحكومة او البرلمان فنحن معه وان التظاهرات التي شهدها العراق اخيرا كانت صفحة حقيقية للديمقراطية .

وقال الجعفري، في كلمة امام البرلمان العراقي التي خصصت اليوم لمتابعة الاحداث التي رافقت المظاهرات الحاشدة التي شهدها العراق في الاسبوعين الماضيين: "الاسبوعان الماضيان شهدا ظاهرة صحية وهو اننا نسمع اصوات شعبنا في ارجاء العراق ، ان التظاهرات كانت تتميز بطلب تغيير في النظام وليس تغيير النظام لان الوضع في العراق يختلف عما يجري في عدد من الدول وجمهورنا يعي جيدا من خلال شعاراته وتشخيصه لحالات الفساد ويتحدث بالمصلحة الوطنية وانا شخصيا لم ار من خلال شاشات التلفزيون شيئا اسمه تغيير النظام وانا لا ادافع عن احد بل ادافع عن كل احد".

مسلحون يهاجمون محطة اذاعة

في سياق متصل قال مسؤولون ان مسلحين أغاروا على محطة اذاعة خاصة في المنطقة الكردية في العراق وأغلقوا أجهزة البث التي تحث على الاحتجاج ضد الحكومة الكردية.

وقال مدير الاذاعة ومسؤول أمني ان الهجوم الذي وقع على محطة الصوت الكردي قبل الفجر في مدينة كلار جنوبي السليمانية بشمال العراق نفذه مسلحون مجهولون اقتحموا مبنى المحطة وحطموا المعدات ونهبوها.

وتبث محطة الصوت الكردي التي يملكها صحفيان كرديان برامج تشجع الناس على التظاهر وتدعو لاصلاحات سياسية في المنطقة الكردية مستلهمة انتفاضات شعبية في مختلف أنحاء العالم العربي.

وقال جازا محمد مدير المحطة لرويترز "أحمل الحكومة مسؤولية الهجوم. يريدون أن يقمعوا الحريات الشخصية في كردستان."

وأكد مسؤول أمني رفيع في كلار أن مسلحين مجهولين هاجموا المحطة الاذاعية ولكن لم يتسن له اعطاء مزيد من التفاصيل. بحسب رويترز.

وهذا ثاني هجوم يشنه مجهولون على وسيلة اعلام في المنطقة الكردية في أقل من شهر. وكان مسلحون قد أغاروا في 20 فبراير شباط على محطة تلفزيون في السليمانية وأضرموا فيها النيران مسكتين بذلك بث تقارير عن الاحتجاجات.

وكانت الاحتجاجات في السليمانية وغيرها من المدن في المنطقة الكردية شبه المستقلة حدثا يوميا على مدى الاسابيع الماضية حيث احتج المئات ضد الفساد ودعوا لاصلاح سياسي.

وفي الشهر الماضي اشتبك محتجون مع قوات الامن حينما حاولوا مهاجمة مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يقوده مسعود البرزاني.

وبخلاف الاحتجاجات الشعبية في الدول الاخرى في المنطقة لم تدع الاحتجاجات العراقية عموما الى اسقاط الحكومة المنتخبة التي باشرت مهامها قبل شهرين بعد شهور من المفاوضات بين الفصائل السياسية. وطالبت الاحتجاجات بمزيد من فرص العمل وخدمات عامة أفضل وعزل المسؤولين المحليين واجراء اصلاحات.

التدخل امريكي في ليبيا

من جهة اخرى حث رجل الدين الشيعي المناهض للولايات المتحدة مقتدى الصدر العراقيين على الاحتجاج على أي تدخل عسكري امريكي محتمل في ليبيا قائلا انها نصبت القذافي وتريد الان التخلص منه.

واتهم الصدر الولايات المتحدة والدول الغربية بزرع عملاء في الدول العربية ودعم انظمة حكم دكتاتورية ثم التدخل باسم الديمقراطية زاعمة انها تحرر العرب مستشهدا في ذلك بالاطاحة بالرئيس العراقي السابق صدام حسين.

وقال الصدر في بيان "ما عادت تنطلي علينا الخدع الامريكية الوقحة فكنا ولا زلنا نقف ضد اي تدخل من دولة الشر امريكا بشؤون الدول."

واضاف في البيان الذي صدر فى موقع يستخدمه التيار الصدري "أتمنى من الشعوب العربية ولا سيما في العراق ابداء رفضها لذلك عبر المظاهرات السلمية ولاسيما في يوم الجمعة (القادمة) لكي لا تكون الشعوب مقصرة امام الله جل وعلى."

وقالت الولايات المتحدة انها تنقل سفنا وطائرات الى مواقع قرب ليبيا. وعبرت سفينتا انزال امريكيتان قناة السويس الى البحر المتوسط.

وينظر الى نقل سفن وطائرات امريكية الى مواقع اقرب الى ليبيا على انه عرض رمزي للقوة لان الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي لم يبديا حماسا للقيام بتدخل عسكري مباشر في ليبيا.

وشهد العراق موجة احتجاجات تأثرا بالانتفاضات الشعبية في دول عربية اخرى اما في ليبيا فتحولت الاحتجاجات الى تمرد على حكم الزعيم الليبي معمر القذافي.

ودعا المتظاهرون في العراق الى تنحي بعض الساسة المحليين وشكوا من نقص الكهرباء والوظائف وحصص الغذاء ولم يطالبوا باقالة الحكومة الاتحادية التي لم تتول السلطة الا قبل شهرين.

وقال الصدر "ان جميع الشعوب وعلى راسها الشعب الليبي يرفض التدخل في شؤونهم سواء بذلك التدخل السياسي او العسكري او غيره."

وكان الصدر دعا انصاره الشهر الماضي الى امهال الحكومة العراقية ستة اشهر كي تعمل على الاستجابة لمطالبهم لكنه قال انه سيؤيد التظاهر السلمي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 13/آذار/2011 - 7/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م