رموها برأس نوري المالكي وأخفوا رؤوسهم

حيدر محمد الوائلي

قيل : (ليس من الضروري أن يكون كلامي مقبولاً، وإنما أن يكون كلامي صادقاً)

نعم... فلا يقبل الجميع الكلام رغم صدقه ومنطقه (وأكثرهم للحق كارهون)، فالناس أهواء ومذاهب وأفكار وإرضاء الناس غاية لا تدرك، ولكن الحمد لله الذي رضاه وهو خير من الناس جميعاً غاية يمكن إدراكها وهو من رزقنا نعمة العقل التي بها نفكر لننال به ذلك الرضا...

ولكن في السياسة والفكر فمن الصعب إرضاء الله والناس معاً...!!

لماذا كل هفوة وكل خطأ وكل فساد وكل خرق وكل زلة تحصل في العراق اليوم يتم تحميل مسؤوليتها لشخص واحد ومعروف ومميز (أبو نظارة) نوري كامل المالكي...

وأنا أحمله المسؤولية أيضاً حول ما يحصل ولكن الفرق هنا إنني احمله بعض المسؤولية أحياناً، ولا أحمله وحده المسؤولية، وأحياناً لا يتحمل المسؤولية على الأطلاق...

قد نحمله مسؤوليته وضرورة الحزم في قراراته كرئيس للوزراء، وضرورة الاجتهاد والجد في معالجة الأخطاء، وقد نحمله جميعاً وبشكل رئيسي مسؤولية فساد بعض المنتمين لحزبه (حزب الدعوة) وفساد بعض المنتمين لكتلته (دولة القانون) وكثير منهم مشترك في مجالس المحافظات ومنهم محافظين وفيهم غير المهنيين والفاسدين والمرتشين والمتقاعسين والمغفلين ممن يغطون على المفسدين مثلما فيهم الجيد والنزيه والكفوء...

ولكن حاله وحزبه وكتلته بذلك كحال الجميع من المشتركين في العملية السياسية (المحاصصاتية) من الذين أنتخبهم الشعب... فبعضهم فاسدون (منتخبون) !!

ويلام الشعب الذي انتخب هؤلاء الفاسدين المتقاعسين المغفلين ومنهم الغائبين عن جلسات البرلمان بشكل مستمر، ومنهم الغائب الحاضر الجالس في البرلمان كجلستنا نحن في المقاهي والمجالس، ونرى هذا البرلماني (وما أكثر أمثاله) يتابع مداخلات برلمانيين كما نتابعها نحن على شاشة التلفزيون، والعتاب لمن إنتخبهم وأوصلهم لكراسيهم...

في المظاهرات التي حصلت في عموم أنحاء العراق من شماله وجنوبه ووسطه لمناهضة الفساد وخرجوا بالآلاف، ومن الملايين ممن أذعن لتحذيرات وجود مندسين ومخابرات دول وبقايا نظام صدام ممن يريدون أن يركبوا موجة المظاهرات السائدة فجلس غالبية الشعب تحسباً من مكر أولئك وهؤلاء...

كانت المظاهرات كما هو مطلب كل الشعب وهو المطالبة بالحقوق العامة والخدمات والتعيينات ومحاربة الفساد المستشري ومطالب أخرى مشروعة.

ولكن يجب الالتفات هنا لنقطة مهمة قد حصلت ومرت مرور الكرام على بعض الكرام واللئام معاً... فقد قام رئيس الوزراء نوري المالكي وتحقيقاً لمطالب المتظاهرين ولمطالب من احترموا التحذيرات من وجود مندسين وكانت مطالبهم كمطالب المتظاهرين أيضاً... قام بتغييرات في المناطق التي فازت فيها كتلته بمناصب المحافظين فأقال محافظ البصرة ومحافظ بابل المنتميين لكتلته ومحافظ ذي قار الذي توجد هنالك تسريبات حول إقالته أيضاً وهم جميعاً منتمين لكتلة المالكي (كتلة دولة القانون)...

وبنفس الوقت أذعن المحافظين المقالين لرأي رئيس كتلتهم وتركوا مناصبهم ليتنازع عليها من جديد مجلس المحافظة ليحاصصوها ويحوسموها فيما بينهم...!!

لم يعلق أحد حول هذا الموضوع وباركه القليل وسكت عنه الكثير، وفي نفس اليوم والوقت والساعة ولدى إحتدام المواجهات في محافظة نينوى وسقوط قتلى وجرحى وسط المتظاهرين المطالبين بتغيير محافظ نينوى (أثيل النجيفي) طالب المالكي (أثيل النجيفي) بأن يتنحى عن منصبه كما فعل بعض المحافظين، تلبية لمطالب المتظاهرين.

فجاء الجواب من رئيس البرلمان العراقي (أسامة النجيفي) التابع لكتلة (العراقية) بأن دعوة المالكي باطلة ومسيسة وأن المتظاهرين أشاعوا الفوضى والعنف وأن أخوه المحافظ (أثيل النجيفي) باق بمنصبه...

والأخوة لبعض كما يقولون، فمن شجب دعوة رئيس الوزراء لإقالة (أثيل النجيفي) ليس (أثيلاً) بل أخوه (أسامة) رغم أن منصبه في الجمهورية العراقية (رئيس مجلس النواب العراقي) وليس (رئيس أسرة ال النجيفي في العراق) !!

ليس المحافظ صاحب الشأن بل أخوه رئيس البرلمان العراقي التابع للقائمة العراقية، من ندد بالمطالبين بإقالة محافظ نينوى...

بربكم أي الموقفين أجمل وأفضل...

كلنا يعرف أن البرلمان مذاهب وأحزاب (وكل حزب بما لديهم فرحون) فمتى رأيتم حزب وتجمع ينقد بعضه بعضاً... أو يصرخ بأفعال خاطئة يفعلها زملاء في الحزب والتيار وإنما يتم غض الطرف عنها ولكن ذات الأخطاء ونفسها وأحياناً أهون منها بكثير ولكن من يرتكبها ليس من حزب وتيار البرلماني فتراه يصرخ بها وينادي ويتداخل وينصح ويعقد مؤتمرات صحفية ليبينها على الملأ !!

هل نوري المالكي يتحمل ذلك أيضاً !!

من قول للنبي محمد (ص) في وصف المؤمنين وأنه لا يكمل الأيمان إلا بتكامل تلك الصفات ومنها :

(لا يقبل الباطل من صديقه، ولا يرد الحق من عدوه)

وبالنسبة عن توزيع الحقائب الوزارية (محاصصة حزبية) لا (محاصصة كفاءة على الأقل)، فكل كتلة وحزب وتيار تضع أسماء وتجبر رئيس الوزراء على الاختيار منها، طبعاً ليس للمالكي سوى الاختيار من هذا وذاك رغم وجود من هو أصلح منهما بكثير جداً ولكن لو عشرة أمثال المالكي يجتمعون سوية لا يستطيعون إقناع رؤوس كتل أصابها الجمود وفلا حكومة إلا بالرضا بوزراء مرشحين من كتلة وحزب وتيار برلماني.

هل نوري المالكي يتحمل ذلك أيضاً !!

متى ما أختار رئيس الوزراء في العراق وزراءه بنفسه وبإرادته (كما يحصل في الديمقراطية الصحيحة)، فسيتم محاسبته حساباً عسيراً لدى تقصيره وتقصير وزراءه، ولكن بهذا الشكل المزري الذي هي عليه اليوم من (محاصصة) الوزارات العراقية، فأخرسوا جميعكم يا برلمانيين ويا كتل ويا أحزاب برلمانية فالخطأ فيكم جميعاً ولوموا أنفسكم أولاً ولا تنافقوا...

وماذا لو تدخل المالكي وفضح فساد وزير أو مسئول وقام بإقالته، ألا تقوم كتلة هذا الوزير والمسئول بشن الحروب على المالكي أم تؤيده رغم وضوح فساد ذلك الوزير والمسؤول... أترك الجواب لكم فأنتم تعرفونهم !!

وما هذا الهجوم الذي يشنه بين الفترة والأخرى نائب رئيس الوزراء التابع للقائمة العراقية (صالح المطلك) فيشنع على رئيسه ويتهمه وهو نائبه !!

 أما أنت نائبه وأما أن لا تشترك وتكون معارض...

ولماذا تم تغييب دور المعارضة في البرلمان والكل يريد حصة من (عائدات الدولة والحكومة) وليس المشاركة لأداء خدمة...

طبعاً لو حصل إنجاز للحكومة تسارعوا وادعوا أنهم طرف رئيسي فيه، وما إن يحصل تقصير في العمل وفساد من نفس الحكومة التي أدعوا أنهم طرف رئيسي فيها فإذا بهم يتملصون من المسئولية...

لا بل ويتهمونها (عينك عينك) بأنها المسئولة عن الفساد وسوء الخدمات والبطالة، ورئيس الوزراء المالكي الذي طلب ميزانية تعزيزية (كبيرة) لتحسين واقع الكهرباء والقضاء على مشكلتها نهائياً فجوبهت دعواه بالرفض من البرلمان العراقي الذي رفض الفكرة ولم يصرف الأموال التعزيزية...

ربما تحولت فيما بعد لمنح وسفرات وإيفادات وأثاث مكتبي...

وماذا عن إولئك الشركاء في العملية السياسية ولكن لدى حصول مظاهرة أو مطالبة بإصلاح فتراهم يخفون رؤوسهم وراء مطالب الجماهير المشروعة بمحاربة الفساد والبطالة وحقوقهم بالعدالة والخدمات وغيرها...

يخفون رؤوسهم ويطالبون من طرف خفي بإقالة هذا وذاك وأحياناً يصرحون بذلك علانية وينسون أنفسهم أقصد (يتناسون) أنهم طرف رئيسي في الحكومة والبرلمان والرئاسة ومجالس المحافظات التي يدعون أنهم يحاربون الفساد واللامسئولية فيها.

فلماذا لا تصلحون أنفسكم أولاً، وتوجهون كتلكم وكلٍ منهم له منصب ولجنة داخل البرلمان... فأصلحوهم !!

وكل حزب وتيار وكتلة له لجنة يرأسها أو هو عضواً فيها في مجالس المحافظات، فأصلحوهم!!

وكل كتلة لها وزير ووزارات العراق حطمت الرقم القياسي فحتى الصين ذات التعداد السكاني الذي تجاوز المليار نسمة لا يوجد فيها عدد وزارات العراق !! ومن أقر ذلك العدد من الوزارات، وأقترحها، وخطط لها، أليس الكتل السياسية جميعاً !! وساهمت بذلك بهدر أموال طائلة للدولة ومنافع إجتماعية خيالية (تصوروا مجلس رئاسة العراق الذي يديره ثلاث أشخاص فقط له منافع إجتماعية تتجاوز ميزانية محافظة السماوة العراقية والبالغ تعدادها أكثر من (500,000) خمسمائة الف نسمة !!

ثلاثة يقبضون منافع إجتماعية بما يعادل حقوق 500,000 إنسان !! وهؤلاء هم (كردي) رئيس جمهورية ونائب رئيس (شيعي) وأخر (سني)، وتخيلوا لو تمت الموافقة على نائب رئيس رابع كما هو مطروح... فكم ستعادل منافع أربع أشخاص ربما ميزانية محافظتين هذه المرة !!

من سكت عن هذا وشرعه ووافق عليه... ؟!!

أليس البرلمان وأعضاءه وبعضهم من الغائبين عن الجلسات بعشرات العشرات ولا يوجد من يحاسبهم ورغم ذلك يقبضون رواتب خيالية ومنافع أكثر خيالاً شرعوها لأنفسهم ونسوا شعبهم...

نعم هم أقروا قوانين تحصنهم وتحميهم وتنفعهم بأيام وساعات قلائل (كقانون تقاعدهم لا تقاعدنا )، وأما قوانين الاستثمار والنفط والغاز وقانون حماية الصحفيين وقوانين توزيع رواتب الخريجين وقوانين إستنزاف الميزانية لتنفيذ مشاريع إنفجارية لتطوير المدن والنهوض بالخدمات، فكل ذلك لا يوجد من يثيره ومن يشرعه ويصادق عليه لا بالساعات ولا بالأيام ولا بالشهور ولا حتى بالسنين !!

وبعدها يخرجون ليغطون على فسادهم وتقاعسهم ويحملون الحكومة وجهة معينة المسؤولية...

لا تنسون تلك الجهات السياسية (ولم يكن يومها لهم منصب حكومي ولا رسمي ولا رئاسي) فهم مجرد مرشحين انتخابات فقط قبل الانتخابات الأخيرة، ونراهم يجوبون مكاتب حكام العرب الذين بدأوا يتساقطون الواحد تلو الأخر...

تلك الجهات السياسية التي طالما سافروا للقاء الحكام العرب وأمراء الخليج (لا حفظهم الله) ومن تلك الأماكن يشنعون على سياسيي العراق وأحزابه، وبطبيعة الحال فحكام العرب وأمراء وملوك الخليج يعشقون الحرية ويحبون الديمقراطية جداً جداً، ولكثر ما يعشقوها فقد حرموا كل مواطن عربي وخليجي منها طوال سنين حياة الرئيس والملك والأمير وأوصى بها من بعده !!

لذلك حاربوها في العراق عن طريق بعض المرشحين العراقيين للانتخابات بعدما بائت مخابراتهم وإعلامهم وإرهابيهم وفتاوى رجال دينهم وسياسييهم ورؤوس أموالهم من خلق حرب أهلية في العراق ومن خلق فتنة سنية شيعية ومن جعل الشعب لا يشارك بالانتخابات...

لا تنسون تلك الجهات التي ياما تمسحت وقبلت وتوددت وجلست جلسة الخروف الوديع قرب الراعي من سياسيين عراقيين قبل الانتخابات الأخيرة الذين ذهبوا لحكام العرب وملوك الخليج ولم يكلفوا أنفسهم عناء السفر للمحافظات العراقية المرشحين فيها...!!

ولكن وما إن سقطت تلك الأنظمة العربية الظالمة بثورات شعوبها التي لا زالت نيرانها متقدة... أسمعهم يباركون تلك الثورات ضد الأنظمة التي كانوا يتملقون لها !!

كلكم مشتركون بهذا الفساد، وإذا إنهار يوماً فسينهر على رؤوسكم جميعاً، لا على رأس رئيس الوزراء المالكي وحده، بل لعله يسلم وأنتم تحرقون.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 13/آذار/2011 - 7/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م