غضب واحتقان في شرق السعودية.. لماذا؟

علي ال غراش

بلا شك ثمة احتقان وغضب لدى الشعب الخليجي والسعودي، وهناك مطالب وطموحات في عموم السعودية وليس فقط في المنطقة الشرقية، والدليل على ذلك صدور العديد من البيانات الوطنية المطالبة بالإصلاح الجذري ومنها الدعوة لإقامة مملكة دستورية قد تبناها أفراد من العائلة الحاكمة كالأمير طلال بن عبدالعزيز، وتفاعل معها عدد كبير من الشخصيات الرفيعة والمشهورة على مستوى السعودية من جميع الشرائح والأطياف والمناطق والقبائل والمذاهب والتيارات. ونتوقع أن تقوم الجهات المسؤولة في الوطن بالإسراع في عملية الإصلاح والاستجابة للمطالب الشعبية التي هي أفضل علاج للاحتقان. هل يوجد احتقان وغضب لدى سكان الشرقية بالسعودية، وما هي أسباب ذلك؟

أولا: نبارك للأحرار في الوطن الغالي إطلاق سراح الداعية الحقوقي الشيخ توفيق العامر، بعد أسبوع من الاعتقال ومطالبة الشارع عبر التظاهر للإفراج عنه في 4 مارس، عملية الإفراج أفرحت السعوديين كافة وبالخصوص أهالي الشرقية، وهذه خطوة صحيحة على الدرب لتحقيق مطالب الشارع أملين الإفراج السريع عن بقية المعتقلين في الوطن ومعالجة الملفات المتأزمة.

ثانيا: ان اعتقال الداعية الحقوقي الشيخ العامر ثم اعتقال عدد من الكتاب والنشطاء والمحتجين المسالمين، عملية لا تتناسب أبدا مع أجواء المنطقة وما تشهده من ثورات ومظاهرات شعبية وإصلاحات سياسية في كافة الدول، لاسيما ان الشارع السعودي ينتظر صدور قرارات إصلاحية سياسية، وقد صاحب هذا الاعتقال المفاجئ اهتمام إعلامي دولي وكانت له نتائج عكسية على الجانب الاقتصادي العالمي والمحلي إذ أدى إلى ارتفاع أسعار النفط وهبوط حاد في سوق الأسهم خوفا من التداعيات. وقد شكلت عمليات الاعتقال صدمة قوية وزاد من حجم الاحتقان والغضب لدى أهل المنطقة الذين يترقبون مبادرة حكومية لإنهاء كل الملفات التي تؤدي إلى حالة الاحتقان والتأزيم منها:

 المطالبة باصلاحات سياسية شاملة والإفراج عن معتقلي الرأي والسياسة، المساواة في الفرص الوظيفية وتقليد المناصب العليا، السماح بحرية التعبير والعبادة والمعتقد وبناء مساجد أو غيرها في مدن الشرقية وفي أي مكان في الوطن لجميع المذاهب!.

وهذه المطالب ما كانت تحدث لو كانت القوانين تسمح لأي مواطن أن يعبر عن رأيه وان يمارس معتقده أو يبني مسجدا أو يؤسس مؤسسة للمجتمع المدني، أو أن يطالب بمحاسبة مسؤول ما أو غيرها.

 والمستغرب في قضية الشيخ العامر ان اعتقاله يأتي بسبب طرحه مطلب الحكومة الدستورية، لا سيما إن هذا المطلب أصبح عاما وشعبيا والكل يتحدث عنه وهناك شخصيات معروفة تحدثت حوله في وسائل إعلامية على الفضاء بدون تحفظ ولم تتعرض للاعتقال!.

ثالثا: إن الغضب والاحتقان في شارع الشرقية ليس وليد الساعة بل يعود لسنوات طويلة لتراكم قضايا وقرارات عديدة، فأهل المنطقة يؤكدون ان هناك تضييق في الأحساء بممارسة حرية العبادة وتم اعتقال العشرات شيوخ وشباب وأطفال لذلك السبب، وهناك منع لسكان حاضرة الدمام من بناء المساجد وممارسة حرية المعتقد بل وعدم وجود مكان لدفن موتاهم في الدمام وتم اعتقال وسجن العشرات، وهناك مطالب ومعتقلين من أهل القطيف؛ ويشيرون إلى ان المنطقة الشرقية الجاذبة لكل من يبحث عن عمل، فبعض أهل المنطقة لا يجدون فرص وظيفية مناسبة لهم، والمناصب العليا تكون لمن هم من خارج المنطقة، كما ان اغلب أهل الشرقية لا يملكون أراضي سكنية في منطقتهم التي تخضع معظمها لأعمال شركة ارامكو لصناعة النفط، وأراضي تمنح بالعلاقات!

 وهناك مطالب أخرى تتعلق بالحقوق الوطنية قد تم إيصالها لقيادة الوطن. ان عدم حل هذه القضايا بلا شك يزيد من حجم الاحتقان والغضب وعلى المسؤولين المبادرة بحلها بشفافية.

 منْ يقف خلف إثارة الغضب والاحتقان والتأجيج في المنطقة الشرقية والسعودية بشكل عام؟ هل مخابرات خارجية كالتقرير الذي نشر مسبقا، أم بعض الجهات الداخلية في المنطقة بعدم العمل على حل ملفات قضايا الحقوق الوطنية التي تراكمت لدرجة الانفجار، أم أطراف متشددة طائفية في الداخل تعمل لإساءة العلاقة بين المواطنين أهل الشرقية والحكومة لتحقيق أهدافها؟

المواطنون في السعودية يقفون مع مشروع الإصلاحات الشاملة في الوطن بقيادة خادم الحرمين الشريفين لإصلاحات سياسية واجتماعية وتنموية تواكب طموح المواطنين، ومعالجة الملفات التي تسبب الاحتقان، وندعو الجهات المسؤولة في الوطن لتغليب لغة الحكمة والحوار، وعدم اللجوء للعنف، وان تبادر بالإفراج عن المعتقلين السياسيين والرأي، كالناشط الحقوقي مخلف الشمري والكاتب حسين العلق والكاتب حسين اليوسف وغيرهم. والإسراع بعملية الإصلاح السياسي بما يواكب المرحلة والتغيرات ومعالجة كافة الملفات المتأزمة، وندعو المواطنين إلى دعم خيار الإصلاحات التي تخدم كافة المواطنين في الوطن والبعد عن المطالب الشخصية والبسيطة وعن أعمال العنف. فالوطن أمانة في أعناق الجميع وعاش الوطن.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 13/آذار/2011 - 7/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م